Page 46 - مجلة الدراسات القضائية
P. 46

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫بدا ذلك وا�ضحاً في تقييد �سلطة النيابة‬                      ‫حول ما إ�ذا كانت الم�صلحة المحمية جنائياً‬
                                   ‫في رف�ع ال�دع�وى وا��س�ت�م�رار متابعتها �أو‬                 ‫تتوقف على توافر المركز القانوني وفقاً‬
                                   ‫�سحبها وال�ت�ق�ري�ر ب���أن لا وج��ه لإق�ام�ة‬                ‫ل�ك�اف�ة ال���ش�روط ال�ت�ي يتطلبها ال�ق�ان�ون‬
                                   ‫الدعوى با إل�ضافة �إلى أ��سباب انق�ضائها‬                    ‫التجاري‪ ،‬أ�م يكفي توافر ال�شروط التي‬
                                   ‫ب�ال�ت�ن�ازل �أو ال�ت���ص�ال�ح‪ ،‬وك�ذل�ك عندما‬
                                   ‫ظهـرت درا�ـسات حـول مقترحات الجريمة‬                           ‫تقيم هذا المركز من حيث الظاهر(‪. )1‬‬
                                   ‫وتحديد مدلولها وخ�صائ�صها و أ�ثرها في‬                       ‫لذلك ن�رى �أن ا ألنم�اط الج�دي�دة في‬
                                                                                               ‫التجريم والعقاب تقوم على أ��سا�س من‬
                                            ‫الم�صالح العامة والخا�صة(‪.)2‬‬                       ‫مقاربتها لل�ضرورة الاجتماعية وتنا�سبها‬
                                   ‫وبخ�صو�صالم�شرعا ألردنيفاتجهنحو‬                             ‫م�ع ه��ذه ال���ض�رورة وت�ن�ا��س�ب ��ض�م�ان�ات‬
                                   ‫التخفيف من الو�صف الجرمي للفعل تارة‬                         ‫الح�ق�وق والح�ري�ات م�ع ف�ك�رة ال�ت�ج�ريم‬
                                   ‫وتخفيف العقوبة تارة �أخ�رى‪ ،‬وفي �أحيان‬
                                   ‫�أخ�رى كان يق�ضي بتخفيف العقوبة �إلى‬                                                ‫والعقاب‪.‬‬
                                   ‫حدها الأدن�ى‪ ،‬ولعل غايته في ذل�ك كانت‬                       ‫وي�ت��أك�د ت�وج�ه الم���ش�رع ل�دى الكثير‬
                                   ‫حماية الحقوق بدفع الاعتداءات من جهة‬                         ‫م�ن ال��دول ن�ح�و ا ألخ��ذ ب��الأنم��اط غير‬
                                   ‫ورعاية الحقوق الإن�سانية لمرتكب الفعل‬                       ‫التقليدية في ال�ت�ج�ريم وال�ع�ق�اب عندما‬
                                   ‫من جهـة �أخـرى‪ ،‬بحـيث يقوم توازن �سليم‬                      ‫ن��ح��ى م�ع�ظ�م�ه�ا ن��ح��و ال�ت�خ�ف�ي�ف م�ن‬
                                   ‫لا يطغى فيه ال�ن�ظ�ام العقابي بقواعده‬                       ‫العقوبات في حالة الم�صالحة والتنازل عن‬
                                   ‫ال�شديدة على الحقوق الإن�سانية لتهدرها‬                      ‫الدعوى و أ��سباب انق�ضاء الدعوى‪ ،‬حيث‬
                                   ‫ب���ش�ك�ل ي�خ�ت�ل ف�ي�ه ال�ك�ث�ير م�ن ال�ق�واع�د‬
                                   ‫الأ��س�ا��س�ي�ة لل��إن���س�ان ال�ت�ي ت��ن��ادي بها‬          ‫‪-1‬ي�شار هنا �إلى الأزمة الاقت�صادية العالمية في الظهور‬
                                                                                               ‫أ�وائل عام ‪ 2008‬والتي ت�ضرر منها الاقت�صاد العالمي‬
                                   ‫‪ -2‬أ�نظر د‪� .‬أحمد فتحي �سرور‪ ،‬الحماية الد�ستورية‬           ‫برمته ب�سبب تجاوزات واعتداءات ماليه وم�صرفيه‬
                                   ‫للحقوق والح�ري�ات الم�رج�ع ال�سابق ط‪� 2000‬ص‬                 ‫واقت�صاديه‪ ،‬وي�شار كذلك �إلى الأزم�ة الاقت�صادية‬
                                   ‫‪ 479‬وناق�ش في الباب الثالث من م ؤ�لفه مو�ضوع‬                ‫التي لحقت باليونان والتي تت�ضرر بمنا�سبتها دول‬
                                   ‫التجريم وال�ع�ق�اب في �إط�ار ال�ت�وازن ب�ني الحقوق‬          ‫ال�سوق ا ألورب�ي�ة الم�شتركة وهو ما �أدى إ�لى تعاون‬
                                   ‫والح��ري��ات والم���ص�ل�ح�ة ال�ع�ام�ة‪ .‬ول���ذات الم� ؤ�ل�ف‬  ‫دولي للخروج من هاتين الأزمتين الاقت�صاديتين‪.‬‬
                                   ‫الم���ش�ك�الت الم�ع�ا��ص�رة لل�سيا�سة الج�ن�ائ�ي�ة مطبعة‬    ‫و�أنظر في الجريمة الدولية د‪ .‬عبد الرحيم �صدقي‪،‬‬
                                   ‫جامعة القاهرة ط ‪� 83‬ص ‪ ، 2‬وي�رى أ�ن ال�سيا�سة‬               ‫ال�ق�ان�ون ال��دولي الج�ن�ائ�ي م�ط�اب�ع ال�ه�ي�ئ�ة الم�صرية‬
                                   ‫الجزائية تمتاز ب أ�نها متطورة و�سيا�سيه ون�سبيه‬
                                                                                                             ‫العامة ط‪ 1‬عام‪� 1986‬ص ‪ 49‬وقارن‬
                                                                  ‫وغائية‪.‬‬
                                                                                               ‫‪H. Lauterracht: the law of nation and‬‬
                                                                                               ‫‪the punishment of war crimes, British‬‬
                                                                                               ‫‪year book of international lak London‬‬
                                                                                               ‫‪1944. p1-15‬‬

‫‪55‬‬

         ‫الدكتور محمود الكيلاني‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51