Page 20 - مجلة الدراسات القضائية
P. 20
معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية ث�ان�ي� ًا :ع�وام�ل م�الئ�م�ة الج��زاء ب�ه في ��ص�ورة ال�ع�ق�وب�ة ،إ�ذ ب�ع�د �أن م�رت
كبديل لتحريك دعوى الحق العام: العقوبة بمراحل ارتبطت في أ�ولها ب�صلة
ب�ني الإي�ل�ام والفعل الج�رم�ي م�ن خلال
ه�ن�اك ع�وام�ل م�ت�ع�ددة ي�ك�ون �أح�ده�ا ما تقرره العائلة بحق مرتكب الجريمة
في غ�ال�ب ا ألح�ي�ان �سبباً في ح�ف�ظ �أوراق �ضد أ�ح�د أ�ف��راد ذات العائلة ،وك�ذل�ك ما
الدعوى الجزائية وعدم ملاحقة مرتكب ت�ق�رره الع�يرشة �أو القبيلة� ،أو حتى ما
الج�ريم�ة ،إ�م�ا بوقفها إ�ذا ك�ان�ت النيابة لح�ق ال�ع�ق�وب�ة م�ن ت�ط�ور �أ��س�ه�م ب�ه دور
ب�ا��ش�رت �إج��راءات��ه��ا ب�ت�ح�ري�ك ال�دع�وى الكني�سة الغربية المبنى على �أن العقوبة
الج�زائ�ي�ة ،و أ�م��ا ب�ع�دم تح�ري�ك ال�دع�وى ج�زاء ع�ادل ي�ري�د ب�ه الإل��ه ال�ع�ادل محو
أ���س�ا��س�اً ،و أ�م��ا ب�وق�ف إ�ج���راءات المحاكمة الخطيئة وتطهير نف�س الج�اني وتمهيد
إ�ذا ك�ان�ت �أح�ي�ل�ت إ�لى المحكمة� ،أو بوقف الطريق أ�مامه للتوبة ،وهذا التطور محل
تنفيذ العقوبة ك أ�ثر قانوني للجريمة لا الفكر الم�سيحي القديم المبني على القول
تطبق في ك�ل م�ره ترتكب فيها الجريمة ب�ضرورة الت�ضحية بالجاني إ�ر�ضاء لآلهة
في مادياتها ،على �أن�ه ينبغي لإعمال هذا
الأث��ر ال�ق�ان�وني ت�واف�ر ع�ن�ا��ص�ر �أخ��رى، ت�شبع الق�سوة رغباتها.
أ�همها �شخ�صية المجرم و�أهليته الجنائية وبقى الأم�ر على ه�ذا النحو إ�لى أ�ن
وخطورته الإجرامية ،واحتمالات اتخاذ قامت الثورة الفرن�سية ف�أخذت العقوبة
�إج��راءات ت�داب�ير اح�رتازي�ة في مواجهته تتجه اتجاها مختلفاً عما كانت عليه في
بهدف �إزال�ة حاله ا إلج�رام لديه وت�أهيله ال���س�اب�ق ع�ل�ى ن�ح�و لح�ق ب�ه�ا ت�ط�ور �أب�رز
اجتماعيا ب�دل ًا من العقوبة الهادفة إ�لى �أهمية الإقل�ال من مقدار الإيل�ام الذي
الزجر وا إليلام كقاعدة(.)2 تنطوي عليه (.)1
وال�ت�وزي�ع الطبعة ا ألولى �� 1998ص ،236وراج�ع �-1أنظر في تطور العقوبة د .محمود نجيب ح�سني،
د.م�أمون �سلامه� ،أ�صول علم ا إلجرام والعقاب ،دار المرجع ال�سابق �ص ،43ويرى �أن هناك معالم لتطور
العقوبة أ��شار �إليها بالقول �أن الت�شريعات القديمة
الفكر العربي ،الطبعة ا ألولى �1975ص .305 اعترفت بعقوبات قا�سيه كالعقوبات البدنية و أ�نه
-2د .م� أ�م�ون �سلامه ،الخ�ط�ورة الإج�رام�ي�ة و إ�ج�رام قد اختلف نطاق عقوبة الإع�دام لي�شمل عدداً �أقل
ال�ع�ن�ف ،دون ن�ا��ش�ر ط �� 85ص ،38وي�ق�ول ب�ه�ذا من الجرائم و�أنه أ��صبح للعقوبة دور ي�سعى الم�شرع
الخ���ص�و��ص "�إن وق�اي�ة المجتمع م�ن الج�ريم�ة لا بمنا�سبته إ�لى �إ�صلاح وت أ�هيل المجرم لا تعذيبه أ�و
تقف فقط عند الإيلام الذي يعانيه المحكوم عليه، التنكيل به ،و�أنظر بذات المعنى محمد �شلا�ش وعلي
و إ�نما تلك الوقاية تتطلب �إزالة العوامل التي تمنع طوالبه ،علم ا إلج�رام والعقاب ،دار الم�يرسة للن�شر
المحكوم عليه من العودة �إلى الجريمة بعد انق�ضاء=
29
الدكتور محمود الكيلاني