Page 17 - مجلة الدراسات القضائية
P. 17

‫يختفي لديه ال�سلوك ا إلجرامي يكون في‬                   ‫ب�سقوط العقوبة ب�وف�اة المحكوم عليه أ�و‬                  ‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬
‫حالة ت�صادم م�ستمر مع من يظهر عنده‬                     ‫بالعفو عنه �سواء كان العفو عاماً أ�و خا�صاً‬
‫ذاك ال���س�ل�وك‪ ،‬ل�ذل�ك يبقى أ�م��ر تحقيق‬              ‫أ�و بم�ن�ا��س�ب�ة ��ص�ف�ح ال�ف�ري�ق الم�ت���ض�رر �أو‬
‫ال��ت��وازن ف�ي�م�ا بي�ن الم���ص�ال�ح الم�ت���ض�ارب�ة‬  ‫بتقادم العقوبة �أو برد الاعتبار للجاني(‪)1‬‬
‫التي تمثل �سلوكاً �إج�رام�ي�اً عند البع�ض‬
‫وعك�سه عند البع�ض ا آلخ��ر م�ستحيل ًا‪،‬‬                          ‫المطلب الثاني‬
‫وم�ا ي� ؤ�ي�د ذل�ك ه�و ال�ظ�اه�رة ا إلج�رام�ي�ة‬         ‫تحقيق التوازن فيما بين م�صلحة‬
‫الم�ستمرة في حياة النا�س التي تت�صارع على‬                ‫المجتمع و�ضمانات حق الدفاع‬
‫م�دى الع�صور م�ع م�ن ي�ح�اول ال�سيطرة‬
‫عليها لإن�ه�اء ظ�ه�وره�ا ب�ال�ق���ض�اء عليها‬           ‫الإج�رام م�شكلة من م�شاكل الإن�سان‬
‫�أو ب�ا إلقل�ال م�ن�ه�ا‪ ،‬وت�ع�ددت ال�درا��س�ات‬         ‫على ا ألر���ض‪ ،‬ومج�م�وع م�شاكل الإن�سان‬
‫ل إلن�سان بالنظر إ�ل�ي�ه كمركز للكون �أو‬               ‫ي�ح�م�ل ب�ني ط�ي�ات�ه أ���س�رار ح�ي�ات�ه‪ ،‬فعند‬
‫ب�ان�ت�م�ائ�ه إ�لى الم�ج�م�وع�ة الح�ي�وان�ي�ة‪� ،‬أو‬     ‫الإن�سان �سلوك إ�ج�رام�ي يظهر ويختفي‬
‫بالنظر إ�لى ج�وه�ر ال���س�ل�وك ا إلج�رام�ي‬             ‫تبعاً لموقعه وم�ك�ان�ه في م�رك�زه في الكون‬
                                                       ‫ال��ذي ي�شكل ج��ز�أ م�ن�ه‪ ،‬وع�ل�ي�ه ف�� إ�ن من‬
      ‫وطبيعته من منظور فل�سفي(‪.)2‬‬
‫وترتيباً على ذل�ك ف��إن المعيار ال�ذي‬                  ‫‪-1‬د‪� .‬أحمد فتحي ��س�رور‪ ،‬بدائل ال�دع�وى الجنائية‪،‬‬
‫نقول ب�ه في مو�ضوع التوجه نحو تغيير‬                    ‫بحث من�شور‪ ،‬مجلة القانون والاقت�صاد للبحوث‬
‫ال�ن�م�ط في ال�ت�ج�ريم ي�ق�وم ع�ل�ى مح�اول�ة‬           ‫القانونية والاقت�صادية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ع�دد ‪1‬‬
‫تح�ق�ي�ق ال���ت���وازن ف�ي�م�ا ب�ي�ن الم���ص�ال�ح‬      ‫ل�سنة ‪�� 1983‬ص‪ ،205‬ويقول "جاء الم ؤ�تمر الدولي‬
‫المت�ضاربة‪ ،‬وبالتالي تحقيق التوازن فيما‬                ‫لعلم العقاب �سنة ‪ 1885‬ف��أث�ار ت���س�ا�ؤل ًا ع�ن إ�مكان‬
‫بين ال�سلوك الإجرامي الذي يطفو وبين‬                    ‫�إح�الل بع�ض التدابير المقيدة للحرية كالعمل في‬
‫ال���س�ل�وك الم�ع�ت�دل‪ ،‬ب�ح�ي�ث ي�ت�م م�الئ�م�ة‬        ‫الم ؤ��س�سات العامة بدل ًا من عقوبات الحب�س كما بد أ�‬
‫ا ألو��ض�اع عند ال�ط�رف�ني‪ ،‬وذل�ك بالنظر‬               ‫الهجوم على عقوبات الحب�س الق�يرصة الم�دة منذ‬
‫إ�لى �شخ�ص الج�اني ون�وع الجريمة التي‬                  ‫نهاية القرن التا�سع ع�شر‪ ،‬وج�اء الم��ؤتم�ر ال�دولي‬
‫ارت�ك�ب�ه�ا م��ن ج�ه�ة وب�ي�ن الم�ج�ن�ي ع�ل�ي�ه‬        ‫لعلم ا إلج�رام ل�سنة ‪ 1950‬وقد أ�ر�سى بوجه خا�ص‬
‫واكتفائه بماهية الج�زاء ال�ذي �سي�شهده‬                 ‫م�شكلة العقوبة المقيدة للحرية و��ض�رورة البحث‬
                                                       ‫عن تدابير بديله لها ومن هذه الزاوية بد أ� البحث‬
    ‫‪ -2‬د‪ .‬عبد المنعم العو�ضي‪ ،‬مرجع �سابق �ص‪.122‬‬        ‫في تقييم أ�ه��داف النظام العقابي بعد �أن لوحظ‬
                                                       ‫أ�ن ج�ه�ود الم�ج�ت�م�ع لم�ع�الج�ة الم�ج�رم�ني ك�ان�ت في‬
                                                       ‫أ��سوء تقدير غير �إن�سانيه وفي �أح�سن تقدير غير‬
                                                       ‫فعاله و�أنها في الغالب عقيمة وفي جميع ا ألح�وال‬

                                                                                    ‫م�شو�شة"‪.‬‬

                                                                                        ‫‪26‬‬

                                                       ‫نحو أ�نماط جديدة في بدائل الدعوى الجزائية‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22