Page 16 - مجلة الدراسات القضائية
P. 16

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫وع�ل�ى ذل��ك ف����إن الم��رك��ز ال�ق�ان�وني‬                   ‫حقيقتها تدابير �إ�صلاح وتقويم الجاني‬
                                   ‫للمجتمع يتغير بتغير المراكز القانونية‬                         ‫داخ�ل إ�ط��ار ال�سيا�سة الجنائية العلمية‬
                                   ‫للجاني والمجني عليه‪ ،‬ألن ال�ت�وازن فيما‬                       ‫للدفاع الاجتماعي �ضد الإجرام(‪ )1‬وين�أى‬
                                   ‫بينهما يج�سد للمجتمع مركزه القانوني‬                           ‫هذا البع�ض من الفقه عن فكرة التجريم‬
                                   ‫دون التو�سع في التجريم وممار�سة تحريك‬                         ‫وال�ع�ق�اب بمعناها التقليدي ال�ذي كانت‬
                                   ‫الدعوى الجزائية لتحقيق �سلطة الدولة‬                           ‫تقوم على أ��سا�س إ�ن�زال أ�ق�صى العقـوبات‬
                                   ‫في العقاب بمعناه التقليدي ال�ه�ادف �إلى‬                       ‫على ج�ـسد الج�اني‪ ،‬في وق�ت كانت تترك‬
                                   ‫الإي�ل�ام‪ ،‬ذل�ك �أن ه�ذه ال�سلطة أ��صبحت‬                      ‫بع�ض القوانين تحديد العقوبة للقا�ضي‬
                                   ‫ت�سعى �إلى تحقيق �أه�داف اجتماعية من‬                          ‫ال���ذي ي�ب�ت�ك�ر م��ن ال�ع�ق�وب�ات م��ا ي��راه‬
                                   ‫خ�الل إ���ص�الح الم�ج�رم وه�و م�ا يتحقق به‬                    ‫يتنا�سب والمفاهيم التقليدية كرادع لمرتكب‬
                                   ‫حماية الج�اني ب�إ�صلاحه نتيجة تعاون‬
                                   ‫ك�اف�ة الج�ه�ات لم�ك�اف�ح�ة ا إلج���رام‪ ،‬بحيث‬                                     ‫الجريمة (‪.)2‬‬
                                   ‫ي�ت�ح�ق�ق ه��ذا ال��ت��وازن ب���ص�ورة مج��ردة‬                 ‫وت�ضمنت بع�ض ال�ق�وان�ني عقوبات‬
                                                                                                 ‫باتت طي الن�سيان عندما ن�صت على �أن‬
                                   ‫العود على ارتكاب الجرائم الخلقية ويقول " ففي‬                  ‫هناك عقوبة أ�طلق عليها العقم الجنائي‪/‬‬
                                   ‫�سنة ‪ 1935 ،1934‬تم تنفيذ عقوبة التعقيم على ‪996‬‬                ‫ال�ت�ع�ق�ي�م وه��ي ع�ق�وب�ة تم���س ال�ك�رام�ة‬
                                   ‫�شخ�صاً في أ�لمانيا‪ ،‬كذلك ت�ضمن قانون العقوبات‬                ‫وال�رج�ول�ة لم�ا فيها م�ن امتهان ل إلن�سان‬
                                   ‫ال�سويدي والدنمركي ن�صو�صاً في ه�ذا المعنى إ�لى‬               ‫إ�ذ تقوم على فكرة ا�ستئ�صال خلايا من‬
                                   ‫أ�ن ي�ق�ول " ل�ق�د ق���ض�ت مح�ك�م�ة ج�ن�اي�ات جنيف‬            ‫ج�سم الإن�سان ذات �صلة بال�شهوة والغريزة‬
                                   ‫�سوي�سرا في دي�سمبر ‪ 1949‬في ق�ضية المدعو كوربر‬
                                   ‫وال�ذي لم يكن قد تج�اوز ال�سابعة والع�شرين من‬                                       ‫الجن�سية(‪)3‬‬
                                   ‫العمر بتعقيمه لإدانته بارتكاب ت�سع ع�شره جريمة‬
                                                                                                 ‫‪-1‬د‪ .‬محمد �سعيد نمور‪ ،‬وقف تنفيذ العقوبة‪ ،‬بحث‬
                                                                 ‫خلقيه"‪.‬‬                         ‫من�شور‪ ،‬مجلة م ؤ�ته للبحوث والدرا�سات‪ ،‬جامعة‬
                                   ‫وي�ق�ول " و أ�ث�ن�اء ان�ع�ق�اد الم� ؤ�تم�ر ال��دولي لقانون‬    ‫م��ؤت�ه‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬العدد ال�ث�اني‪ ،‬كانون ا ألول‬
                                   ‫العقوبات بمدينة ‪ Liege‬ببلجيكا في أ�ك�ت�وب�ر ‪1949‬‬
                                   ‫اقترح إ�عطاء البلجيكيين الموافقة على تطبيق عقوبة‬                                            ‫‪� 88‬ص‪.9‬‬
                                   ‫التعقيم على الذين ينغم�سون في ال�شهوة البهيمية‪،‬‬               ‫‪-2‬د‪ .‬محمد وريكات‪ .‬أ��صول علمي ا إلج�رام والعقاب‬
                                   ‫�إلا �أن الم��ؤتم�ر �أج�م�ع على رف�ض ه�ذا الاق�ت�راح لم�ا في‬  ‫دار وائل للن�شر الطبعة الأولى �سنة ‪� 2009‬ص ‪.263‬‬
                                   ‫التعقيم م�ن اع�ت�داء على الكرامة ا إلن�سانية والح�ق‬           ‫‪-3‬د‪ .‬أ�بو اليزيد علي المتيت‪ ،‬مرجع �سابق �ص‪ ،30‬وجاء‬
                                   ‫في المحافظة على �سلامة الج�سم ولما يترتب عليه من‬              ‫فيما �أورده بم�ق�ال�ه �أن�ه م�ن�ذ ع�ام ‪ 1907‬وق�وان�ني‬
                                                                                                 ‫الولايات المتحدة تن�ص على تعقيم بع�ض المجرمين‬
                                                              ‫�أ�ضرار ج�سيمه"‪.‬‬                   ‫كما �أمرت قوانين �ألمانيا النازية بالتعقيم في حالات‬

‫‪25‬‬

         ‫الدكتور محمود الكيلاني‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21