Page 112 - مجلة الدراسات القضائية
P. 112

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫المانع‪� ،‬إن الفقهاء من المجيزين والمانعين‬                 ‫ر�أي الباحث‪ -:‬بعد ذك�ر آ�راء الفقهاء‬
                                   ‫بنوا مواقفهم على ق�اع�دة فقهية متفق‬                       ‫و�أدل��ت��ه��م والم�ن�اق���ش�ات ح��ول م��ا أ�م�ك�ن‬
                                   ‫عليها وهي دفع �أعظم ال�ضررين بارتكاب‬                      ‫مناق�شته من الأدلة ؛ وقبل ترجيح �أي من‬
                                   ‫�أخفهما‪ ،‬وا ألخ�ذ ب أ�عظم الم�صلحتين على‬                  ‫ال�ر أ�ي�ني ينبغي هنا أ�ن نبين القدر المتفق‬
                                   ‫ح�ساب ا ألدن�ى منهما‪ ،‬لكن تف�سيرهم لها‬
                                   ‫ه�و ال��ذي اخ�ت�ل�ف ف�اخ�ت�ل�ف�ت م�ع�ه ا ألراء‬                            ‫عليه أ�ول ًا فنقول ‪-:‬‬
                                   ‫والاتجاهات تبعاً لاختلاف التف�سير‪ ،‬حتى‬
                                   ‫وج�دن�ا ال�دل�ي�ل ال�واح�د ي���س�ت�دل ب�ه كلا‬             ‫لا خ�لاف أ�ن التبرع بالدم جائز ‪ ،‬لأنه‬
                                                                                             ‫لي�س ع�ضواً لأن�ه لا ي�رتك مكانه خالياً‬
                                         ‫الفريقين مع اختلاف التوجيه ‪.‬‬                        ‫بعد ال�ت�ربع ب�ه ‪ ،‬ولأن��ه يتجدد ك�ل فترة‬
                                   ‫إ�ن من تكلم من الفقهاء قديماً في هذه‬                      ‫و�أن التبرع به مفيد لج�سم المتبرع �أي�ضاًَ‬
                                   ‫الم�س�ألة تكلم عما هو موجود في ع�صره ؛‬
                                   ‫ومتخيل لديهم فمنع الاعتداء على حرمة‬                                      ‫ومنقذ لحياة الغير‪.‬‬
                                   ‫الج�سد بالأكل أ�و القطع ‪ ،‬ولم يكن يدور‬
                                   ‫بخلد ك�ل منهم م�ا تو�صل إ�ل�ي�ه العلماء‬                   ‫ولا خل�اف �أن ال�ت�ربع بالع�ضو ال�ذي‬
                                   ‫ال�ي�وم في مج��ال ال�ط�ب ‪ ،‬ك�م�ا أ�ن ال�ط�ب‬               ‫تتوقف عليه الحياة في الج�سم ؛ �أو لي�س‬
                                   ‫ك�ان ينظر �إليه على أ�ن�ه علم مظنون(((؛‬                   ‫منه �إلا واح�د؛ لا يجوز قطعاً ألن حياة‬

                                   ‫‪-1‬جاء في الفتاوى الهندية ‪ ":‬اعلم أ�ن ا أل�سباب المزيلة‬           ‫الغير لي�ست ب أ�ولى من حياته‪.‬‬

                                   ‫لل�ضرر تنق�سم إ�لى مقطوع به كالماء المزيل ل�ضرر‬           ‫ولاخ�ل�اف أ�ن ال�ت�ربع ب�ا ألع���ض�اء التي‬
                                                                                             ‫تح�م�ل ال���ص�ف�ات ال��وراث��ي��ة ك�الخ���ص�ي�ة‬
                                   ‫العط�ش ‪ ،‬والخبز المزيل ل�ضرر الجوع ‪ ،‬و إ�لى مظنون‬         ‫والم�ب�ي���ض ويتبعهما الم�ن�ي وال�ب�وي���ض�ة لا‬

                                   ‫كالف�صد والحجامة و��ش�رب الم�سهل و�سائر �أب�واب‬                                ‫يجوز قطعاً‪.‬‬

                                   ‫الطب �أعني معالجة ال�ربودة ب�الح�راراة ومعالجة‬            ‫ولاخ�ل�اف أ�ن ب�ي�ع ا ألع���ض�اء الب�شرية‬
                                                                                             ‫محرم ألنها لي�ست محل ًا للتجارة بالبيع‬
                                   ‫الح���رارة ب��ال�ب�رودة وه��ي ا أل��س�ب�اب ال�ظ�اه�رة في‬  ‫وال���ش�راء‪ ،‬زي�ادة على م�ا فيه م�ن مف�سدة‬
                                                                                             ‫انت�شار الع�صابات المنظمة التي تتخذ من‬
                                   ‫الطب‪ ،‬و إ�لى موهوم كالكي والرقية ‪ ،‬و�أما المقطوع‬          ‫المتاجرة با ألع�ضاء الب�شرية مهنة لها ‪،‬‬
                                                                                             ‫وما تبقى من ا ألع�ضاء محل خلاف بين‬
                                   ‫به فلي�س تركه من التوكل‪ ،‬بل تركه ح�رام ‪ ،‬و أ�م�ا‬          ‫ال�ف�ق�ه�اء؛ وق�ب�ل ذك�ر ال�رتج�ي�ح لاب�د من‬
                                                                                             ‫ذكر توطئة له وهي ‪� -:‬إن الفقهاء تعاملوا‬
                                   ‫الم�وه�وم ف�شرط التوكل تركه إ�ذ ب�ه و�صف ر�سول‬            ‫م�ع ج���س�م ا آلدم��ي ب�ح�ذر ��ش�دي�د فمنهم‬

                                   ‫الله ‪ ‬و�آل�ه المتوكلين ‪ ،‬و أ�م�ا الدرجة المتو�سطة‬

                                   ‫وه�ي المظنونة ك�الم�داواة ب�ا أل��س�ب�اب ال�ظ�اه�رة عند‬
                                   ‫الأط�ب�اء ففعله ل�ي���س م�ن�اق���ض�اً ل�ل�ت�وك�ل بخلاف‬
                                   ‫الم�وه�وم‪ ،‬وت�رك�ه لي�س مح�ظ�وراً بخلاف المقطوع"‬

                                   ‫ب�ل ق�د ي�ك�ون أ�ف���ض�ل في ب�ع���ض الأح���وال وفي حق‬

                                   ‫بع�ض الأ�شخا�ص ‪.‬ال�شيخ نظام وجماعة من علماء‬

‫‪111‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬رم�ضان عبدالله ال�صاوي‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117