Page 24 - مجلة الدراسات القضائية
P. 24

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫�شيء �آخر على جري العادة ويقال لفاعله‬                         ‫فكرة الم�س ؤ�ولية وفكرة العلاقة ال�سببية‬
                                   ‫مت�سبب"(‪)5‬؛ فالت�سبب تج�ب العلة بينه‬                          ‫ب�ني الفعل وال���ض�رر‪ ،‬ويقيم نظرية على‬
                                   ‫وبي�ن الح�ك�م لأن�ه لا ب�د للحكم م�ن علة‬                      ‫�أ�سا�س الت�ضمينات وهي م�شروعة لجلب‬
                                   ‫م ؤ�ثرة في مو�ضوع له(‪ .)6‬الت�سبب له أ�ق�سام‬                   ‫ما فات من م�صالح‪ ،‬وتختلف عن الزواجر‬
                                   ‫بح�سب �إ�ضافة العلة إ�ليه وعدم إ��ضافتها‬                      ‫وه�ي م���ش�روع�ة ل��درء الم�ف�ا��س�د؛ فحرمة‬
                                   ‫�إليه‪ ،‬ف�أما ما ت�ضاف العلة �إليه كال�سوق‬                     ‫الإن���س�ان والم��ال تكفي‪ ،‬في نظر ال�شريعة‬
                                   ‫ل�ل�داب�ة‪ ،‬الم���ض�اف إ�ل�ي�ه ال�ع�ل�ة وط� ؤ�ه�ا �أي‬          ‫الإ��س�الم�ي�ة‪ ،‬لإل��زام ال�ف�اع�ل (الم�ب�ا��ش�ر أ�و‬
                                   ‫الدابة نف�سها �أو لا‪ ،‬فال�سوق �سبب ولي�س‬
                                   ‫بعلة للتلف‪ ،‬لأن ال�سوق و�ضع ل�سير الدابة‬                        ‫المت�سبب) بجبر ال�ضرر دون �شروط(‪.)1‬‬
                                   ‫للمنفعة المتعلقة ب�ه ولم يرتبط بالتلف‬
                                   ‫و إ�نم�ا هو الطريق للو�صول �إليه‪ ،‬والعلة‬                      ‫من أ�جل ذلك‪ ،‬لا ي�ترشط الفقه ا إل�سلامي‬
                                   ‫للتلف ه�و وطء ال�داب�ة ب�ق�وائ�م�ه�ا ذل�ك‬                     ‫في جبر ال�ضرر قيام الخط أ�‪ ،‬فهو لا ينظر‬
                                   ‫المال �أو النف�س وي�ضاف الفعل إ�لى المت�سبب‬                   ‫�إلى ال�ف�ع�ل ك�ون�ه مح��ظ��وراً ل�ذات�ه لكي‬
                                   ‫(مالك دابة) ألن فيه معنى العلة �أو يقال‬                       ‫ي�ضمن الفاعل ال�ضرر‪ ،‬و�إنم�ا ينظر �إليه‬
                                   ‫ت�ضاف العلة �إلى ال�سبب(‪� .)7‬أم�ا �إذا كانت‬                   ‫باعتباره علة في ال�ضرر‪ ،‬ف� إ�ذا ك�ان كذلك‬
                                   ‫العلة موجودة في ال�ضرر في�ضاف ال�ضمان‬                         ‫فهو مبا�شر و�إذا أ�ف���ض�ى الفعل �إلى علة‬
                                   ‫إ�لى المبا�شر لأن علة ال�ضرر لذاته‪ ،‬ويترتب‬                    ‫ال�ضرر كان ت�سبباً(‪ .)2‬وتعني المبا�شرة " َمن‬
                                   ‫ع�ل�ى ذل�ك إ�ذا اج�ت�م�ع الم�ب�ا��ش�ر والمت�سبب‬               ‫يلي الأم�ر بنف�سه"(‪� )3‬أو ه�ي "ما ح�صل‬
                                   ‫ي���ض�اف ال�ف�ع�ل �إلى ا ألول ألن��ه ه�و علة‬                  ‫الهلاك به من غير تو�سط"(‪ .)4‬والت�سبب‬
                                   ‫ال�ضرر إ�لا �إذا كانت علته �ضعيفة في ال�ضرر‬                   ‫هو "�إحداث أ�ثر في �شيء يف�ضي �إلى تلف‬
                                   ‫أ�و ك�ان المبا�شر مبهماً‪ ،‬ي�ضاف الفعل �إلى‬
                                   ‫المت�سبب‪ ،‬فلو عثر �شخ�ٌص في حجر في بئر‬                        ‫‪-1‬راجع ابن محمد بن غانم محمد البغدادي‪ :‬مجمع‬
                                   ‫لم ُيعرف وا�ضعه فوقع ه�ذا ال�شخ�ص في‬                          ‫ال�ضمانات‪ ،‬دار ال�سلام للطباعة والن�شر والتوزيع‬
                                   ‫البئر‪ ،‬فال�ضمان على حافر البئر لجهالة‬                         ‫وال�ترج�م�ة‪ ،‬ال�ق�اه�رة‪ ،‬المجلد الأول‪ ،‬ط‪،1999 ،1‬‬
                                                                                                 ‫��ص‪ .318‬محمد �أحمد �سراج‪� :‬ضمان ال�ع�دوان في‬
                                          ‫‪ -5‬المادة (‪ )888‬من مجلة ا ألحكام العدلية‪.‬‬              ‫الفقه الإ�سلامي‪ -‬درا�سة منهجية مقارنة ب�أحكام‬
                                         ‫‪ -6‬ابن أ�مير الحاج‪ ،‬المرجع ال�سابق جـ‪� 3‬ص‪.3‬‬             ‫الم���س� ؤ�ول�ي�ة التق�صيرية في ال�ق�ان�ون‪ ،‬دار الثقافة‬
                                   ‫‪-7‬اب�ن أ�م�ي�ر الح��اج‪ ،‬الم�رج�ع ال���س�اب�ق ج�ـ‪�� 3‬ص‪ 3‬وم�ا‬
                                                                                                       ‫للن�شر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪� ،1991 ،‬ص‪.323‬‬
                                                                   ‫بعدها‪.‬‬                        ‫‪-2‬راجع ابن أ�مير الحاج محمد بن محمد‪ :‬التقرير‬
                                                                                                 ‫والتخيير‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ب�ريوت ‪ ،1983‬جـ‪3‬‬

                                                                                                                                ‫�ص‪.9-3‬‬
                                                                                                     ‫‪� -3‬سليم ر�ستم باز‪� :‬شرح المجلة‪ ،‬جـ‪� 3‬ص‪.60-59‬‬

                                                                                                                  ‫‪ -4‬القرافي‪ :‬الفروق‪ ،‬جـ‪� 4‬ص‪.7‬‬

‫‪23‬‬

         ‫ا أل�ستاذ الدكتور‪ /‬نوري حمد خاطر‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29