Page 134 - مجلة الدراسات القضائية
P. 134

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫تج�اه�ل�ه‪( .‬ب)‪� -‬أن حب�س الم�دي�ن و�سيله‬                         ‫ولقوله �صلى الله عليه و�سلم ل ُغرماء مــن‬
                                   ‫لتعطيله ع�ن ال���س�داد دون ف�ائ�دة‪ ،‬وه�ذا‬                        ‫ك�ثر دي�ن�ه‪« :‬خ�ذوا م�ا وج�دتم ولي�س لكم‬
                                   ‫ب��دوره اع�ت�ب�ار اق�ت���ص�ادي م�ه�م‪( .‬ج)‪ -‬أ�ن‬                   ‫�إلا ذل�ك»(((‪� .‬إ ْذ عدم ا�ستطاعة المدين على‬
                                   ‫حب�س المدين �أو تعذيبه فيه �إهدار لأدميته‬                        ‫الوفاء بالدين تجعل الحب�س غير مجُ ديا‪،‬‬
                                                                                                    ‫فالحب�س لي�س غاية في ذاته بل هو و�سيلة‬
                                     ‫ويتنافى مع الكرامة الذاتية ل إلن�سان‪.‬‬
                                                                                                               ‫إلجبار المدين على الوفاء‪.‬‬
                                   ‫(‪ )2‬الاتجاه الثاني‪ :‬جواز حب�س المدين‬
                                   ‫كو�سيلة إلجباره على التنفيذ‪ :‬وذلك طالما‬                          ‫ثانيا‪ :‬موقف الفقه المُعا�صر من حب�س‬
                                   ‫امتنع عن ال�سداد رغم ثبوت ُقدرته المالية‪.‬‬
                                                                                                    ‫المدين كو�سيلة للتنفيذ‪ :‬يوجد اتجاهان في‬
                                       ‫وي�ستند هذا الاتجاه على ما يلي(((‪:‬‬                           ‫هذا ال�صدد‪ .‬يذهب الأول منهما إ�لى عدم‬
                                                                                                    ‫ج�واز حب�س المدين كو�سيلة إلجباره على‬
                                   ‫( أ�) أ�ن حب�س المدين المُماطل �أداة فعالة‬                       ‫التنفيذ‪ ،‬أ�ما الاتجاه الثاني فيرى العك�س‪.‬‬
                                   ‫لت�شجيع المُ�ع�ام�الت الاق�ت���ص�ادي�ة‪( .‬ب)‬
                                   ‫أ�ن ال���ش�خ���ص ال��ذي لا ي����ؤدي دي�ن�ه قد‬                         ‫ولكل منهما ما ي�سوقه من حجج‪.‬‬
                                   ‫أ�ه�در كرامته بنف�سه‪ ،‬وم�ن ثم فلا محل‬
                                   ‫لاح�ت�رام��ه م��ن ال��غ�ي�ر‪( .‬ج) أ�ن ب�ع���ض‬                     ‫(‪ )1‬الاتج�اه ا ألول‪ :‬ع�دم ج�واز حب�س‬
                                   ‫الت�شريعات الحديثة؛ الغربية والعربية‪،‬‬                            ‫الم�دي�ن كو�سيلة لإج�ب�اره ع�ل�ى التنفيذ‪:‬‬
                                   ‫تجُ ��ي��ز الح��ب�����س ل�ت�ن�ف�ي�ذ الال��ت��زام��ات‬             ‫حتى ول�و ك�ان ق�ادرا على ال�دف�ع وامتنع‪،‬‬
                                   ‫الم�دن�ي�ة(((‪( .‬د) �أن إ�ل�غ�اء الحب�س ينطوي‬                     ‫وذلك ا�ستنادا لما يلي(((‪�( :‬أ)‪ -‬أ�ن علاقة‬
                                                                                                    ‫الدائنية هي علاقة بين ذمتين ماليتين‬
                                   ‫‪�-3‬أُنظر‪ :‬أ�‪ .‬د‪ .‬أ�حمد �أبو الوفا‪� ،‬إج�راءات التنفيذ في المواد‬  ‫ول�ي���س ع�الق�ة بي�ن ��ش�خ���ص�ني‪ ،‬وم��ن ثم‬
                                   ‫المدنية والتجارية‪ ،‬الطبعة العا�شرة‪ ،‬هام�ش ‪ 1‬من �ص‬                ‫ف�م�ح�ل الال��ت��زام ه�و م��ال الم�دي�ن ولي�س‬
                                   ‫‪ -13‬ع�زم�ي ع�ب�د ال�ف�ت�اح‪ ،‬ق�واع�د التنفيذ‪�� ،‬ص‪ 20‬وم�ا‬          ‫�شخ�صه‪ ،‬وه��ذا اع�ت�ب�ار ق�ان�وني لا يمكن‬
                                   ‫ب�ع�ده�ا‪ .‬و إ�ن ك�ان ُي���ش�رتط لج�واز الح�ب���س‪ ،‬ف�ضلا عن‬
                                   ‫ي�سار المدين‪ ،‬ا�ستحالة التنفيذ على المال‪ ،‬فكلما كان المال‬        ‫‪-1‬وقوله �صلى الله عليه و�سلم‪« :‬كما لا يحل لغريمك أ�ن‬
                                                                                                    ‫يمطلك وه�و مو�سر‪ ،‬كذلك لا يحل لك �أن تع�سره إ�ذا‬
                                                ‫ظاهرا لا يجوز الالتجاء إ�لى الحب�س‪.‬‬                 ‫علمت أ�نه ُمع�سر»‪ .‬و�إذا لم تجز المُطالبة مع المُع�سر‪ ،‬فلا‬
                                   ‫‪-4‬م�ن الت�شريعات الغربية‪ :‬ال�ق�ان�ون ا أللم��اني‪ ،‬والقانون‬      ‫يجوز حب�سه من باب أ�ولى‪ ،‬أ�ُنظر‪ :‬المُغني‪ ،‬لموفق الدين‬
                                   ‫الإنجليزي‪ .‬ومن الت�شريعات العربية‪ :‬القانون العراقي‪،‬‬              ‫بن قدامه‪ ،‬ج ‪� ،4‬ص ‪ -502‬عبد العزيز عامر‪ ،‬التعزير في‬
                                   ‫(م ‪ 49 -40‬ق‪ .‬التنفيذ)‪ ،‬والقانون البحريني‪-243( ،‬‬
                                   ‫‪� 244‬إجراءات مدنية)‪ ،‬والقانون ال ُعماني‪( ،‬م ‪426 -418‬‬                   ‫ال�شريعة الإ�سلامية‪ ،‬ر�ـسالة‪ ،‬رقم ‪� ،379‬ص‪.351‬‬
                                   ‫إ�ج��راءات م�دن�ي�ة)‪ ،‬وال�ق�ان�ون ال�ك�وي�ت�ي‪( ،‬م ‪296 -292‬‬       ‫‪ -2‬أُ�نظر‪� :‬أ‪ .‬د‪ .‬رمزي �سيف‪ ،‬قواعد تنفيذ ا ألحكام والعقود‬
                                   ‫ُمرافعات )‪ ،‬والقانون ا إلماراتي‪( ،‬م ‪� 328 -324‬إجراءات‬            ‫الر�سمية‪ ،‬الطبعة الثامنة‪� ،‬سنة ‪ ،1969‬رقم ‪� ،6‬ص ‪ 10‬وما‬
                                   ‫مدنية)‪ ،‬والقانون ال�سوري‪( ،‬م ‪ 460‬ق‪� .‬أ�صول المُحاكمات‬
                                                                                                        ‫بعدها– فتحي والي‪ ،‬التنفيذ الجبري‪ ،‬رقم ‪.8 ،4‬‬
                                                                     ‫المدنية)‪.‬‬

‫‪139‬‬

         ‫الدكتور علي تركي و الدكتور وائل علام‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139