Page 133 - مجلة الدراسات القضائية
P. 133

‫و ُيفتر�ض أ�ن ُيكرر حب�س المدين المُماطل‬                                        ‫المل�اءة‪ ،‬وه�ذا مما ُق� ًدم فيه الغالب‪ ،‬وهو‬                    ‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬
‫الملئ حتى يفي بالدين أ�و ي أ�تي بمن ي�ؤدي‬                                       ‫التك�سب‪ ،‬على الأ�صل‪ ،‬وهو عدم الملك ألن‬
‫عنه‪ ،‬أ�م�ا مظنون المل�اءة ف�ال يخرج منه‬
‫إ�لا �إذا ث�ب�ت ع�دم�ه‪� ،‬أم��ا مج�ه�ول الح�ال‬                                      ‫ا إلن�سان يولد فقيرا أ�ي لا ملك له(((‪.‬‬
‫فيخرج من الحب�س إ�ذا ثبت عدمه أ�و طال‬
‫حب�سه باجتهاد الحـاكم‪ -‬القا�ضي‪ ،-‬لأن‬                                            ‫ويثبت الم�ط�ل ب ُمطالبة ال�دائ�ن بدينه‬
‫طول حب�سه ينزل منزلة البينة ال�شاهدة‬                                            ‫لح�دي�ث ال�ن�ب�ي عليه ال���ص�الة وال���س�الم‪:‬‬
‫بعدمه‪ .‬ويختلف طول الحب�س باختلاف‬                                                ‫«مطل الغني ظ�ل�م»(((‪ ،‬وبالطلب يتحقق‬
‫ق�در ال�دي�ن قلة وكث�رة‪ ،‬وح�ال ال�شخ�ص‬                                          ‫الم�ط�ل‪ .‬ف���إذا الم�دي�ن الغني م�اط�ل ُي�صبح‬
                                                                                ‫ظ�الم�ا‪ ،‬وال�ظ�الم ُي�ح�ب���س(((‪ .‬وق��ول أ�ئ�م�ة‬
                     ‫قــوة و�ضعفا‪.‬‬                                              ‫ال�ف�ق�ه ب�ح�ب���س الم�دي�ن المُ�م�اط�ل ُم�ستند‬
                                                                                ‫�إلى ُحجية الم�صالح المُر�سلة والتي ُتعتبر‬
‫في حين يرى بع�ض الفقهاء عدم جواز‬                                                ‫أ��صل من �أ��ص�ول الت�شريع الإ��س�الم�ي(((‪.‬‬
‫حب�س المدين‪ ،‬فقد روي أ�ن الخليفة عمر‬                                            ‫وهكذا؛ �إذا أ�ب�ى المدين دفع ما عليه‪ُ ،‬رفع‬
‫ب�ن عبد العزيز ك�ان لا يحب�س الم�دي�ن في‬                                        ‫�أم�ره للقا�ضي ف��إذا ثبت له أ�ن�ه ق�ادر على‬
‫ال�دي�ن‪ .‬وك��ان ي�ق�ول‪ :‬ي�ذه�ب في�سعى في‬                                        ‫ال�وف�اء و أ�ب��ى‪ ،‬حب�سه ح�ت�ى ي�ف�ي بالدين‬
‫دينه خير من �أن ُيحب�س‪ ،‬و�إنم�ا حقوقهم‬                                          ‫لح�دي�ث ع�م�ر ب�ن ال�ثري�د ع�ن �أب�ي�ه‪« :‬ل ُّي‬
‫في موا�ضعها التي و�ضعوها فيها �صادفت‬                                            ‫ال�واج�د ظلم ُي�ح�ل عر�ضه وع�ق�وب�ت�ه»(((‪.‬‬

                 ‫عدما أ�و ملاءة(((‪.‬‬                                             ‫‪-1‬راجع‪ :‬المُذكرة الإي�ضاحية لم�شروع قانون الإجراءات �أمام‬
                                                                                              ‫المحاكم المدنية‪� ،‬ص ‪ 243‬وما بعدها‪.‬‬
‫�أم��ا الم�دي�ن المُ�ع���س�ر فل�ا خ�ل�اف على‬
‫عدم جواز حب�سه إ�عمالا ل آلية الكريمة‪:‬‬                                          ‫‪�-2‬أخرجه البخاري‪ ،‬ج ‪� ،8‬ص ‪ ،2125 -66‬وم�سلم‪ ،‬ج ‪� ،8‬ص‬
‫َ}�ِإ ْن َكا َن ُذو ُع�ْس َر ٍة َف َن ِظ َر ٌة ِإ�لىَ َم ْي�َس َر ٍة َو َأ� ْن‬                                  ‫‪.2924 -205‬‬
‫َت�َص َّد ُقوا َخ�ْيرْ ٌ َل ُك ْم إِ� ْن ُك ْن ُت ْم َت ْعلَ ُمو َن{(((‪،‬‬
                                                                                ‫‪-3‬كما ورد أ�ن الخليفة عمر بن الخطاب �أت�اه رج�ل فقال‬
                         ‫‪� ،36‬ص ‪.1726 –379‬‬                                      ‫ل�ه ي�ا أ�مي�ر الم� ؤ�م�ن�ني‪ :‬أ�ج��رني‪ .‬ف�ق�ال‪ :‬مم؟‪ .‬ق�ال‪ :‬من‬
‫‪ُ�-6‬أنظر‪ :‬المدونة الكبرى ل إلمام مالك بني أ�ن�س ا أل�صبحي‪،‬‬                     ‫دين‪ .‬قال عمر ر�ضي الله عنه‪ :‬ال�سجن‪� ،‬أُنظر‪ :‬المب�سوط‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،5‬ج ‪ ،12‬دار �صادر ب�ريوت‪� ،‬ص ‪ -205‬ولم ُيجز‬                              ‫ل�شم�س الدين ال�سرخ�سي‪ ،‬الطبعة الأولي‪ ،‬ج ‪� ،20‬ص‬
‫الإم�ام ال�شافعي وا إلم��ام �أح�م�د حب�س الم�دي�ن ول�و كان‬                      ‫‪ -88‬بدائع ال�صنائع‪ ،‬للكا�ساني‪ ،‬ج ‪ ،7‬ط ‪ ،1974‬لبنان‪،‬‬
‫مو�سرا‪ ،‬أ�ُن�ظ�ر‪ :‬نيل ا ألوط�ار �شرح ُمنتقى ا ألح�ب�ار من‬
‫�أحاديث �سيد الأحبار‪ ،‬لمحمد بن علي ال�شوكاني‪ ،‬قا�ضي‬                                                               ‫�ص ‪.173‬‬
                                                                                ‫‪-4‬يقول ابن ر�شد‪« :‬و�إنما �صار الكل إ�لى القول بالحب�س في‬
                    ‫ُق�ضاة اليمن‪ ،‬ج ‪� ،5‬ص ‪.240‬‬                                  ‫الديون و�إن لم يرد في ذلك �أثر �صحيح لأنه �أمر �ضروري‬
                    ‫‪� -7‬سورة البقرة‪� ،‬آية رقم‪.280 :‬‬                             ‫لا�ستيفاء الحقوق و�صيانة أ�م�وال النا�س وه�و المُ�سمى‬
                                                                                ‫بالم�صلحة المُر�سلة»‪ُ ،‬أ�نظر‪ :‬بداية المُجتهد‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪.246‬‬
                                                                                ‫‪�-5‬سنن �أبي داود‪ ،‬ج ‪� ،10‬ص ‪ ،3144-32‬والن�سائي‪ ،‬ج ‪� ،14‬ص‬
                                                                                ‫‪ ،4610 –298‬وابن ماجه‪ ،‬ج ‪� ،7‬ص ‪ ،2418-271‬و أ�حمد‪ ،‬ج‬

                                                                              ‫‪138‬‬

‫حب�س المدين في النظام القانوني ا إلماراتي ( درا�سة فى �ضوء قانون ا إلجراءات المدنية والميثاق العربي لحقوق ا إلن�سان )‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138