Page 79 - مجلة الدراسات القضائية
P. 79

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫وقول الخلفاء والفقهاء‪ (((.‬فالإ�سلام كان‬                                         ‫م�ت�ح�رك ب�ط�ب�ي�ع�ت�ه‪ (((.‬وم�ع�ن�ى ذل��ك‪� ،‬أن‬
                                   ‫ال�سباق في إ�ق�رار حرية التنقل للب�شرية‬                                         ‫ل�ل إ�ن���س�ان مم�ار��س�ة ح�ري�ت�ه في الان�ت�ق�ال‬
                                   ‫ج�م�ع�اء دون م���ص�ادرة �أو ق�ي�د �أو تع�سف‬                                     ‫من مكان إ�لى �آخ�ر‪ ،‬واختيار محل إ�قامته‬
                                   ‫�سواء ألداء واجب ديني‪ ،‬أ�و لطلب الرزق‪،‬‬                                          ‫وحريته في الذهاب والعودة‪ ،‬وبعدم جواز‬
                                   ‫أ�و ل�ط�ل�ب ال�ع�ل�م‪ ،‬و أ�د ٌل ع�ل�ى ذل�ك قوله‬                                  ‫اعتقاله‪ ،‬أ�و حب�سه‪� ،‬أو خطفه‪� ،‬أو نفيه إ�لا‬
                                   ‫�سبحانه وت�ع�الى‪َ }:‬ف� إِ�ذا ُق ِ�ض َي ِت ال َّ�صلا ُة‬                          ‫وف�ق�اً ل�ل�ق�ان�ون‪ ،‬وح�ري�ت�ه في الخ��روج من‬
                                   ‫َفا ْن َت�ِش ُروا فيِ ا أل ْر��ِ�ض َوا ْب� َت� ُغ�وا ِم� ْن َف ْ�ض ِل‬           ‫البلاد والعودة إ�ليها دون تقييد �أو حرمانه‬
                                   ‫الهَّ ِ َوا ْذ ُك ُروا الهَّ َ َك ِثي ًرا َل َع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحو َن{‪(((.‬‬  ‫أ�و منعه م�ن ال�سفر �إلا وف�ق ال�ق�ان�ون‪(((.‬‬
                                   ‫وقوله عز من قال‪ُ } :‬ه َو ال ِذي َج َع َل َل ُك ُم‬                               ‫ألن حرية التنقل من الحريات الأ�سا�سية‬
                                   ‫ا أل ْر��َض َذ ُل�و ًال َفا ْم�ُشوا فيِ َم َنا ِك ِب َها َو ُك ُلوا‬             ‫ل�ل إ�ن���س�ان‪ ،‬وب�دون�ه�ا م�ن غ�ري الم�م�ك�ن �أن‬
                                   ‫ِم ْن ِر ْز ِق ِه َو�إليه ال ُّن�ُشو ُر{‪ (((.‬هكذا ا إل�سلام‬                     ‫يم��ار���س ا إلن�����س��ان ح�ري�ت�ه ال���ش�خ���ص�ي�ة‪،‬‬
                                   ‫يقرر حرية التنقل في حدود الحق والعدل‬                                            ‫باعتبار أ�ن حرية التنقل من الم�سائل ذات‬
                                                                                                                   ‫الأهمية الق�صوى في حياة ا إلن�سانية كما‬
                                             ‫والخير وفي �أو�ضح معانيها ‪.‬‬                                           ‫مر معنا والتي ت�سمح للفرد بالتنقل من‬
                                                                                                                   ‫مكان إ�لى آ�خر وفق ما ي�شاء داخل وخارج‬
                                   ‫�أم�ا في المعايير الدولية‪ ،‬نجد ا إلع�لان‬                                        ‫بلده دون عائق �أو قيد إ�لا وفق ال�ضوابط‬
                                   ‫العالمي لحقوق الإن�سان ين�ص في الم�ادة ‪13‬‬                                       ‫المجتمعية والقانونية واقت�ضا َء للم�صالح‬
                                   ‫م�ن�ه ع�ل�ى �أن��ه‪( :‬ل�ك�ل ف�رد ح�ق في حرية‬
                                   ‫ال�ت�ن�ق�ل وفي اخ�ت�ي�ار مح�ل �إق�ام�ت�ه داخ�ل‬                                                           ‫العامة‪.‬‬
                                   ‫ح�دود الدولة ‪ ،‬ولكل فرد حق مغادرة أ�ي‬
                                   ‫بلد ‪ ،‬بما في ذلك بلده ‪ ،‬وفي العودة لبلده‪).‬‬                                      ‫فهذا ا إل��س�لام الحنيف لم يقيد حرية‬
                                   ‫ك�م�ا ج��اءت الم��ادة ‪ 12‬م�ن ال�ع�ه�د ال�دولي‬                                   ‫ال�ت�ن�ق�ل‪� ،‬إلا أ�ن ت�ق�ري�ر ه�ذه الح�ري�ة قد‬
                                   ‫الخا�ص بالحقوق المدنية وال�سيا�سية على‬                                          ‫ورد في ال�ق�ر آ�ن ال�ك�ريم وال���س�ن�ة النبوية‬
                                   ‫�أن�ه‪( :‬لكل ف�رد يوجد على نحو قانوني‬
                                   ‫داخل إ�قليم دولة ما حق حرية التنقل فيه‬                                          ‫‪-1‬د‪.‬نواف كنعان‪ ،‬حقوق ا إلن�سان في ا إل�سلام والمواثيق‬
                                                                                                                   ‫ال�دول�ي�ة وال�د��س�ات�ري العربية‪ ،‬ط‪� ،1‬إث��راء للن�شر‬
                                   ‫‪-3‬د‪ .‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬نظام الحكم في الإ�سلام‪،‬‬
                                      ‫ط‪ ،2‬م ؤ��س�سة الر�سالة‪ ،‬بيروت‪� ،1988 ،‬ص‪.209‬‬                                           ‫والتوزيع‪،‬عمان‪-‬الاردن‪� ،2008،‬ص‪.42‬‬
                                                    ‫‪ -4‬الآية ‪ 10‬من �سورة الجمعة‪.‬‬                                   ‫‪-2‬د‪ .‬ح�سام أ�حمد محمد ه�ن�داوي‪ ،‬القانون ال�دولي‬
                                                      ‫‪-5‬ا آلية ‪ 15‬من �سورة الملك‪.‬‬                                  ‫ال�ع�ام وحماية الح�ري�ات ال�شخ�صية‪ ،‬دار النه�ضة‬

                                                                                                                                 ‫العربية ‪ ،‬القاهرة‪� ،1992 ،‬ص‪.6‬‬

‫‪77‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد عبدالله �أحمد ال�شوابكة‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84