Page 32 - مجلة الدراسات القضائية
P. 32

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬            ‫المبحث الثاني‬                               ‫وللتمييز بين ال�ضعف المعرفي وال�ضعف‬
                                    ‫توجهات الق�ضاء في تكري�س حماية‬                       ‫الاق�ت���ص�ادي �آث���ار ت�ن�ع�ك���س ع�ل�ى ح�م�اي�ة‬
                                   ‫الم�ستهلك من خلال �سوابقها الق�ضائية‬                  ‫الم���س�ت�ه�ل�ك‪ ,‬ف�ف�ي ال���ض�ع�ف الم�ع�رفي تتقرر‬
                                                                                         ‫الح�م�اي�ة للم�ستهلك في م�رح�ل�ة تكوين‬
                                   ‫�سبق و أ�ن ذك�رن�ا أ�ن ال�ن�ظ�ام ال�ق�ان�وني‬          ‫العقد‪ ,‬حيث تن�صب على ال�ر��ض�اء ال�ذي‬
                                   ‫الأنج�ل�و��س�ك���س�وني يت�سم ب�اع�ت�م�اده على‬         ‫قد لا يكون ر�ضا ًء �سلي ًما ب�سبب الجهل �أو‬
                                   ‫ال���س�واب�ق ال�ق���ض�ائ�ي�ة في خ�ل�ق ال�ق�اع�دة‬      ‫ع�دم الم�ع�رف�ة‪ ,‬فالحماية تتمثل في كفالة‬
                                   ‫ال�ق�ان�ون�ي�ة‪ ,‬إ�ذ يم�ك�ن �أن ي�ط�ل�ق ع�ل�ى‬          ‫و��س�ائ�ل ت�دع�م ر��ض�اء ال�ط�رف ال�ضعيف‬
                                   ‫ال�سوابق الق�ضائية أ�نها تمثل �أداة لإن�شاء‬           ‫بحيث ي�ك�ون ر��ض�ا ؤ�ه م�ستني ًرا‪ ,‬ك��أن يتم‬
                                   ‫ال�ق�ان�ون في �سياق الأح�ك�ام الق�ضائية(‪.)2‬‬           ‫ف�ر��ض ال�ت�زام ع�ل�ى الم�ه�ن�ي ب��الإع�ل�ام أ�و‬
                                   ‫ف�ف�ي م�رح�ل�ة زم�ن�ي�ة ل�ي���س�ت ب�ال�ب�ع�ي�دة‪,‬‬      ‫الترخي�ص للم�ستهلك بالعدول عن العقد‬
                                   ‫كانت ال�سوابق الق�ضائية التي ت�صدرها‬
                                   ‫المحاكم ت��أت�ي في مرتبة ت�سبق الت�شريع‪,‬‬                                   ‫بعد إ�برامه‪.‬‬
                                   ‫من حيث إ�ن�شائها للقواعد والأحكام التي‬
                                   ‫تنطبق على الوقائع الم�ستقبلة‪ .‬كما كانت‬                ‫أ�م���ا ال���ض�ع�ف الاق��ت�����ص��ادي‪ ,‬ف�ت�ت�ق�رر‬
                                   ‫كل محكمة ت�صدر حكمها في ن�زاع معين‪,‬‬                   ‫الحماية منه في مرحلة تنفيذ العقد‪ ,‬حيث‬
                                   ‫كانت المحاكم الأدنى منها درجة تلتزم بما‬               ‫تن�صب على م�ضمون العقد وتف�سيره‪.‬‬
                                   ‫أ��صدرته تلك المحكمة ا ألعلى‪ ,‬وف ًقا لمبد�أ‬           ‫ف�ذل�ك ال���ض�ع�ف لا يتعلق ب�ج�ه�ل أ�و قلة‬
                                                                                         ‫خ�ب�رة و�إنم���ا ب�اخ�ت�لال م��وازي��ن ال�ق�وى‬
                                          ‫التدرج في ال�سوابق الق�ضائية(‪.)3‬‬               ‫الاقت�صادية بين طرفي العقد ب�سبب النفوذ‬
                                                                                         ‫الاقت�صادي الذي يتمتع به المهني ويمكنه‬
                                   ‫وبالنظر إ�لى ق�ضاء �إح�دى ال�دول التي‬                 ‫من فر�ض �شرو ًطا جائرة على الم�ستهلك‬
                                   ‫ت��أخ�ذ ب�ال�ن�ظ�ام ا ألنج�ل�و��س�ك���س�وني وه�و‬      ‫ال�ذي يقبلها ب�داف�ع الح�اج�ة‪ ,‬والحماية‬
                                   ‫الق�ضاء الانج�ل�ي�زي‪ ,‬نج�د �أن�ه م�ن خلال‬             ‫هنا تتمثل في �إع�ف�اء الم�ستهلك م�ن تلك‬
                                   ‫تجميع ال�ع�دي�د م�ن الأح�ك�ام الق�ضائية‬               ‫ال�شروط أ�و تعديلها للحد من التزاماته‬

                                   ‫كلية الح�ق�وق‪ ,‬جامعة العلوم التطبيقية‪ ,‬مملكة‬            ‫بما ي�سمح ب�إعادة التوازن إ�لى العقد(‪.)1‬‬
                                              ‫البحرين‪� 4-3 ,‬أكتوبر ‪� ,2012‬ص ‪.2‬‬
                                                                                         ‫‪-1‬د‪ .‬محمد ح�سين عبد ال�ع�ال‪ ,‬ت�ف�اوت الح�م�اي�ة‬
                                   ‫‪2- " Case law refers to the creation and refinement‬‬  ‫ال�ق�ان�ون�ي�ة ل�ل�ع�اق�د ال�ضعيف ب�ني ع�ق�ود الإذع��ان‬
                                     ‫‪of law in the course of judicial decisions".‬‬        ‫وع��ق��ود الا��س�ت�هل�اك‪ ,‬ب�ح�ث م�ق�دم إ�لى م� ؤ�تم�ر‬
                                     ‫‪G. Slapper and D. Kelly, The English legal‬‬          ‫حماية الم�ستهلك في القانون وال�شريعة الإ�سلامية‪,‬‬
                                     ‫‪system, Sixth edition, Cavendish publishing‬‬
                                     ‫‪limited, UK, 2003, p. 68.‬‬

                                   ‫‪3- T. von Mehren & P. L. Murray, op. cit, p.7 et s.‬‬

‫‪31‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد محمد �سادات‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37