Page 130 - مجلة الدراسات القضائية
P. 130

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫الاتج��اه ال��ث��اني‪ -:‬ي��رى ح�ل الان�ت�ف�اع‬                                           ‫الحيوان طاهر ًا فمات ؛ �أو حي ًا فقطع منه ف إ�ن‬
                                                                                                                          ‫الجزء المقطوع ميتة ‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء في‬
                                   ‫بالميتة((( ‪ ،‬وقد ا�ستدلوا على ما ذهبوا إ�ليه‬                                           ‫حكم الانتفاع بالميتة في زراع�ة الأع�ضاء �إلى‬
                                   ‫بقوله تعالى } َوالهَّ ُ َج َع َل َل ُك ْم ِم ْن ُب ُيو ِت ُك ْم‬
                                   ‫�َس َك ًنا َو َج َع َل َل ُك ْم ِم ْن ُج ُلو ِد ا َْ أل ْن� َع�ا ِم ُب ُيو ًتا‬                                      ‫اتجاهين ‪-:‬‬
                                   ‫َت�ْس َت ِخ ُّفو َن َها َي� ْو َم َظ ْع ِن ُك ْم َو َي� ْو َم �إِ َقا َم ِت ُك ْم‬
                                   ‫َو ِم� ْن َ أ� ْ�ص َوا ِف َها َو َأ� ْو َب�ا ِر َه�ا َو َ�أ�ْش َعا ِر َها �أَ َثا ًثا‬  ‫الاتج��اه ا ألول‪ -:‬ي�رى حرمة الانتفاع‬
                                   ‫َو َم� َت�ا ًع�ا �إِلىَ ِح��ي�� ٍن{(((‪ ،‬ح�ي�ث أ�ب��اح الله‬
                                   ‫�سبحانه ما ذكر من الأنعام دون ف�صل بين‬                                                 ‫بالميتة التي أ��صلها طاهر أ�و غيرها(((‪ ،‬وقد‬
                                                                                                                          ‫ا�ستدل ه�ذا الفريق لم�ا ذه�ب �إل�ي�ه بعموم‬
                                                       ‫المذكى والميتة‪.‬‬                                                    ‫قوله تعالى } ُح� ِّر َم� ْت َعلَ ْي ُك ُم المْ َ� ْي� َت� ُة{(((‪،‬‬
                                                                                                                          ‫والميتة تحوي الدم واللحم والعظم‪ ،‬فيكون‬
                                   ‫ودل�ي�ل الم�ع�ق�ول‪� :‬أن ع�ل�ة ال�ت�ن�ج���س من‬
                                   ‫اللحم والج�ل�د ات�صال ال�دم وال�رط�وب�ات‬                                                             ‫ذلك من قبيل المحرم ‪.‬‬
                                                                                                                          ‫ك�م�ا ا��س�ت�دل�وا م�ن ال���س�ن�ة ب�ح�دي�ث "لا‬
                                           ‫وهو غير موجود في العظم(((‪.‬‬                                                     ‫تنتفعوا م�ن الميتة ب� إ�ه�اب ولا ع�صب"(((‪،‬‬
                                                                                                                          ‫ودلال���ة الح�دي�ث وا��ض�ح�ة في ال�ت�ح�ريم‬
                                   ‫ر أ�ي ال�ب�اح�ث‪ -:‬يت�رج�ح ال �ق �ول ال �ذي‬
                                   ‫يرى ج�واز الانتفاع بالميتة الطاهرة عند‬                                                                     ‫لأجزاء الميتة‪.‬‬
                                   ‫الحاجة �إليها ؛ وال�ضرورة الداعية لذلك‬
                                   ‫لعموم �أدلة التداوي ‪ ،‬مع أ�ن الدليل الذي‬                                               ‫نقل ا ألع�ضاء من الحيوانات �إلى الإن�سان ‪ ،‬بحث‬
                                   ‫ا�ستدلوا ب�ه لا يعطي ه�ذا المعنى‪ ،‬فا آلية‬                                              ‫من�شور بمجلة البحوث القانونية والاقت�صادية‬
                                   ‫دلت على جواز الانتفاع بالأ�صواف والأوبار‬                                               ‫وال�شرعية ‪ ،‬جامعة المن�صورة العدد ‪ 37‬ابريل ‪2005‬م‬
                                   ‫وا أل�شعار من ا ألن�ع�ام‪ ،‬وه�ذا �صحيح لكنه‬
                                   ‫لي�س محل� ًا ل�ل�ن�زاع‪ ،‬ألن ال�شعر وال�وب�ر‬                                                                          ‫�ص‪. 117‬‬
                                   ‫وال�صوف ي�ؤخذ من الحيوان حياً وكذلك‬                                                    ‫‪-1‬اب�ن ق�دام�ة ‪ .‬المغني ‪ 13/4‬ط‪ .‬دار الكتاب العربي‬
                                   ‫ميتاً ولم يعار�ض فيه �أح�د‪ ،‬لكن الم�س أ�لة‬
                                   ‫ه�ن�ا تتعلق ب�الج�ل�د وال�ع�ظ�م والأع���ض�اء‪،‬‬                                                                         ‫للن�شر ‪.‬‬
                                   ‫وا آلي��ة ال�ت�ي ا��س�ت�دل ب�ه�ا ال�ف�ري�ق الأول‬                                                        ‫‪� -2‬سورة المائدة ‪ :‬من الآية ‪. 3‬‬
                                   ‫ع�ام�ة‪ ،‬وق�د ورد تخ�صي�ص ل�ه�ذا العموم‬                                                 ‫‪ -3‬أ�بو داود ‪ 214/6‬كتاب اللبا�س ن باب من روى �أنه لا‬
                                                                                                                          ‫ينتفع من الميتة ‪ ،‬رق�م الحديث ‪ ، 4128‬الترمذي‬
                                   ‫‪ -4‬الكا�ساني ‪ -‬البدائع ‪ 142/5‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪.‬‬                                    ‫‪� 222/4‬أب�واب اللبا�س ‪ ،‬باب ما جاء في جلود الميتة‬
                                                    ‫‪� -5‬سورة النحل ‪� :‬آية رقم ‪. 80‬‬                                        ‫إ�ذا دبغت ‪ ،‬والحديث عن عبدالله بن عكيم قال �أبو‬
                                                                                                                          ‫عي�سى ك ولي�س العمل على ه�ذا عند �أكث�ر �أه�ل‬
                                           ‫‪ -6‬د‪ /‬عبدالمطلب حمدان ‪.‬ال�سابق �ص‪. 74‬‬                                          ‫العلم ‪ ،‬الن�سائي ‪ 175/7‬باب ما يدبغ به جلود الميتة‬
                                                                                                                          ‫ن رقم الحديث ‪ ، 4249‬ابن ماجه ‪ 1194/4‬باب من‬
                                                                                                                                      ‫قال ك لا ينتفع من الميتة ب إ�هاب ‪.‬‬

‫‪129‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬رم�ضان عبدالله ال�صاوي‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135