Page 68 - مجلة الدراسات القضائية
P. 68

‫التي تمثل في المدينة الحديثة ال�ضمانات‬                        ‫لدى الفقهاء والفلا�سفة على مر ا ألزمان‬                        ‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬
‫ال�ضرورية لل�سعادة الفردية‪� ،‬أي القدرة‬                        ‫وربم���ا ك���ان ذل���ك م���رده الاخ��ت�ل�اف��ات‬
‫على تعبير الإن���س�ان ع�ن نف�سه واختيار‬                       ‫الفكرية‪ ،‬أ�و ربم�ا اخ�ت�لاف ا ألزم�ن�ة التي‬
‫الفرد لطريقة حياته الخا�صة ب�دون �أي‬                          ‫ظهرت فيها ‪ .‬فمنهم من يرى في الحرية‪،‬‬
                                                              ‫الاخ�ت�ي�ار‪� ،‬أو الت�صريح‪ ،‬أ�و الإب�اح�ة التي‬
           ‫تحريمات تفر�ض عليه(((‪.‬‬                             ‫يعترف بها القانون ل�ل�أف�راد كافة‪ ،‬فهي‬
                                                              ‫�إن�ع�دام الق�سر ال�ذي يعانيه ال�ف�رد داخ�ل‬
‫في ح�ي�ن ي��رى ( أ�ن���دري���ه ه��وري��و) أ�ن‬
‫الح�ري�ة ع�ب�ارة ع�ن �سلطة‪ ،‬ولكن قبل أ�ن‬                                       ‫ذاته أ�و خارجها‪(((.‬‬
‫ت�ك�ون �سلطة ع�ل�ى الآخ�ري�ن �أن�ه�ا �سلطة‬
‫على ال�ذات‪� ،‬إن الإن�سان ح� ًر لأن�ه بف�ضل‬                    ‫ومن الفقهاء الغربيين نجد �أن الحرية‬
‫ع�ق�ل�ه ��س�ي�د ن��ف�����س��ه‪ (((.‬وي���رى ال�ف�ق�ي�ه‬          ‫لدى (�ستيوارت مل) تعني �إطلاق العنان‬
‫( أ�و���س�ت�ن) ب�� أ�ن الح�ري�ة في ا أل��ص�ل �أن لا‬           ‫للنا�س ليحققوا خيرهم بالطريقة التي‬
‫يكون ا إلن���س�ان ع�ب�داً‪� ،‬أي أ�ن تكون هناك‬                  ‫ي�رون�ه�ا ط�الم�ا ك�ان�وا لا ي�ح�اول�ون حرمان‬
‫�ضمانة قانونية لل�شخ�ص ‪ ،‬ولا يزال هذا‬                         ‫ال�غي�ر م��ن م���ص�الح�ه�م أ�و لاي�ع�رق�ل�ون‬
‫هو معناها ا أل�سا�سي‪ ،‬وهكذا كان في الفقه‬                      ‫جهودهم لتحقيق تلك الم�صالح‪ .‬ويعتقد‬
‫الإ��س�لام�ي‪ (((.‬أ�م�ا العميد (ليون ديجي)‬                     ‫(�ستيوارت مل) أ�ن كل من يعي�ش في كنف‬
‫فالحرية ل�دي�ه ه�ي واج�ب�ة ألن�ه�ا وظيفة‬                      ‫المجتمع ويتمتع بحمايته ي�صبح مديناً له‬
‫ي�ل�زم ك�ل ع���ض�و في ال�ه�ي�ئ�ة الاج�ت�م�اع�ي�ة‬              ‫نظير ه�ذه ال�ف�ائ�دة‪ ،‬و أ�ن طبيعة الحياة‬
‫القيام بها‪ ،‬إ�ذ يفر�ض على كل واحد ب�سبب‬                       ‫في الم�ج�ت�م�ع تح�ت�م ع�ل�ى ك�ل ف�رد ان يتبع‬
‫ك�ون�ه كائناً اجتماعياً �أن يلتزم بتطوير‬                      ‫في �سلوكه م�ع الآخ�ري�ن نهجاً م�ع�ي�ن�اً‪(((.‬‬
‫ن�شاطه الم��ادي‪ ،‬وال�ف�ك�ري‪ ،‬والاخ�لاق�ي في‬                   ‫أ�ما (هارولد لا�سكي) فيرى‪ :‬أ�نها انعدام‬
                                                              ‫أ�ي قيود على تلك ال�ظ�روف الاجتماعية‬
       ‫الميدان الذي يجد نف�سه فيه‪(((.‬‬
                                                              ‫‪-1‬د‪ .‬أ�حمد �صادق الجيزاني‪ ،‬علاقة الحرية بالقانون‬
      ‫‪ -3‬اجلال احمد خطاب‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.27‬‬                   ‫وتج�ل�ي�ات�ه�ا في م���س�ت�ع�م�رة ع���دن‪ ،‬مج�ل�ة ال�ع�ل�وم‬
‫‪ -4‬أ�ن�دري�ه ه�وري�و‪ ،‬ال�ق�ان�ون ال�د��س�ت�وري والم�ؤ�س�سات‬  ‫الاج�ت�م�اع�ي�ة والإن���س�ان�ي�ة‪ ،‬ج�ام�ع�ة ع��دن‪ ،‬مجلد‪3‬‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬ترجمة علي مقلد و�آخرون‪،‬ج‪ ،1‬الاهلية‬
                                                                        ‫العدد ‪ ،5‬يونيو‪2000‬م‪� .‬ص‪.133-117‬‬
         ‫للن�شروالتوزيع‪،‬بيروت‪�،1974،‬ص‪.174‬‬                     ‫‪-2‬اج��ل��ال اح��م��د خ��ط��اب‪ ،‬الح��ري��ة ال���س�ي�ا��س�ي�ة‬
‫‪ -5‬أ�و��س�تن‪��،‬س�ي�ا��س�ة الح�ك�م‪،‬ت�رج�م�ة د‪ -‬ح���س�ن علي‬    ‫والاج�ت�م�اع�ي�ة‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعة الا��س�ك�ن�دري�ة‪،1972،‬‬
‫ذنون‪،‬ج‪ ،2‬المكتبة الاهلية‪،‬بغداد‪�،1966،‬ص‪.145-144‬‬
‫‪-6‬ال�ع�م�ي�د ل�ي�ون دي�ج�ي‪ ،‬درو���س في ال�ق�ان�ون ال�ع�ام‪،‬‬                                ‫�ص‪.15-11‬‬

                                                                                                  ‫‪66‬‬

                                                              ‫الحرية ال�شخ�صية و�ضماناتها في الد�ستور ا إلماراتي‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73