Page 94 - مجلة الدراسات القضائية
P. 94

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫�أن قطع الجزء من نف�سه �إنما هو اعتداء‬             ‫الفريق لمــا ذه�ب إ�ليه بقوله تعالى } َو َال‬
                                   ‫على النف�س قد يف�ضي �إلى الهلاك وفاعله‬             ‫ُت ْل ُقوا ِب� َأ� ْي� ِدي� ُك� ْم ِ�إلىَ ال� َّت� ْه� ُل� َك� ِة{((( ووجهة‬
                                   ‫معاقب بالعذاب ال�شديد في نار جهنم مما‬              ‫ال�دلال�ة م�ن الآي��ة �أن في ق�ط�ع ج�زء من‬
                                                                                      ‫أ�ج��زاء النف�س تعري�ض النف�س للتهلكة‬
                                               ‫يدل على النهي عن ذلك‬
                                                                                            ‫وهو منهي عنه فلا يجوز فعله ‪.‬‬
                                   ‫وي�ستدل لهم م�ن المعقول ب��أن اقتطاع‬
                                   ‫الج�زء من نف�س ا إلن�سان ربم�ا ي��ؤدي إ�لى‬         ‫أ�دلة المجيزين ‪ -:‬ا ألدلة التي عول عليها‬
                                                                                      ‫الفقهاء لجواز انتفاع ال�شخ�ص ب أ�ع�ضائه‬
                                                  ‫الهلاك لا العلاج(((‪.‬‬                ‫أ�ن ر�سول الله أ�عاد عين قتادة بن النعمان‬
                                                                                      ‫فكانت �أح�سن عينيه و أ�ح َّدهما ب�صراً‪ ،‬وهي‬
                                   ‫ر أ�ي ال�ب�اح�ث‪ -:‬ي�رى ال�ب�اح�ث ترجيح‬             ‫و�إن كانت معجزة �إلا �أن المعجزة لا تقع �إلا‬
                                   ‫ق�ول ال�شافعية ع�ل�ى ق�ول الج�م�ه�ور لأن‬           ‫بما هو جائز �شرعاً ‪ ،‬و أ�ي�ضاً ِف ْعل ر�سول الله‬
                                   ‫تكييف الم�س�ألة لي�س على �أن�ه إ�زال�ة �ضرر‬
                                   ‫ب���ض�رر‪ ،‬ب�ل دف�ع ال���ض�رر الأك�ب�ر بارتكاب‬               ‫‪ ‬وفعله جزء من �سنته(((‪.‬‬
                                   ‫الأخ��ف ‪ ،‬وي��رد ع�ل�ى �أدل��ة الج�م�ه�ور ب��أن‬
                                   ‫الدليل الذي ذكروه في الآية عليهم ولي�س‬             ‫وكما هو وا�ضح من الحادثة المذكورة �أن‬
                                   ‫لهم‪ ،‬لأن إ�لقاء النف�س يقيناً �إلى التهلكة‬         ‫نف�س الع�ضو تم إ�عادته �إلى مو�ضعه وهو‬
                                   ‫هو تركها دون القيام بعمل ي�ساعدها على‬
                                   ‫الخ�روج من دائ�رة التهلكة‪ ،‬حتى و إ�ن كان‬                    ‫ما ي�سمى بالغر�س الذاتي(((‪.‬‬
                                   ‫العمل غير م�شروع‪ ،‬ألن غير الم�شروع عند‬
                                   ‫الح�اج�ة وال���ض�رورة يباح لأجلها‪ ،‬ويقدر‬           ‫�أم��ا المانعون ف�ق�د ا��س�ت�دل�وا م�ن ال�سنة‬
                                   ‫بقدرها ‪ ،‬و إ�ق�دام ال�شخ�ص على �أخذ جزء‬
                                   ‫م�ن ن�ف���س�ه لإب��ق��اء ح�ي�ات�ه ف�ي�ه اح�ت�م�ال‬  ‫بم�ا روي ع�ن أ�ب�ي ه�ري�رة ر��ض�ي الله عنه‬
                                   ‫ال�ن�ج�اة واح�ت�م�ال ال�ه�لاك‪ ،‬ب�خ�لاف ترك‬         ‫أ�ن�ه ق�ال‪ :‬قال ر�سول الله ‪": ‬من قتل‬
                                   ‫الأخ��ذ ف�ه�و يقيناً �إلى ال�ه�لاك‪ ،‬ف�ا ألخ�ذ‬
                                   ‫بم�ظ�ن�ون ال�ن�ج�اة ف�ي�ه �أولى م�ن الأخ��ذ‬        ‫نف�سه بحديدة فحديدته في يده يتوج�أ بها‬
                                   ‫بالمتيقن الهلاك فيه ‪ ،‬و�أم�ا دليل ال�سنة‬           ‫في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها‬
                                                                                      ‫أ�بداً((("‪ ،‬ووج�ه�ة ال�دلال�ة م�ن الحديث‬
                                   ‫الإن���س�ان نف�سه ‪ 103/1‬رق�م الح�دي�ث ‪ 109‬ط‪ .‬دار‬
                                         ‫إ�حياء التراث العربي بيروت ‪ ،‬دون تاريخ ‪.‬‬     ‫وحده ‪ .‬ابن حزم ‪ .‬المحلى با آلثار ‪ 65/6‬م�س أ�لة رقم‬
                                                                                      ‫‪ 994‬ط‪ .‬دار الفكر بيروت ‪ 426/7 ،‬م�س أ�لة رقم ‪1025‬‬
                                   ‫‪-5‬ابن قدامة ‪ .‬المغني ‪ 79/11‬ط‪ .‬دار الكتاب العربي‬
                                                      ‫للن�شر والتوزيع ‪1981‬م ‪.‬‬                           ‫ط‪ .‬دار التراث القاهرة ‪.‬‬
                                                                                                     ‫‪� -1‬سورة البقرة ‪ :‬من الآية ‪. 195‬‬
                                                                                      ‫‪-2‬د‪ /‬م�صطفى بن حمزة بحوث فقهية �ص‪ ، 319‬ط‪.‬‬

                                                                                                       ‫دار ابن حزم‪ ،‬أ�ولى ‪2010‬م ‪.‬‬
                                                                                                         ‫‪ -3‬المرجع ال�سابق �ص‪. 116‬‬

                                                                                      ‫‪-4‬م�سلم ‪ .‬ك�ت�اب ا إليم��ان ‪ ،‬ب�اب غ�ل�ظ تح�ريم قتل‬

‫‪93‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬رم�ضان عبدالله ال�صاوي‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99