Page 18 - مجلة الدراسات القضائية
P. 18

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬                    ‫يكتنف الم�ستهلك‪.‬‬                 ‫من التزاماته ففي هذه الحالة‪ ,‬ف�إن ر�ضاء‬
                                                                                      ‫الم�ستهلك الذي يعتبر قوام العقد‪ ,‬يعتبر‬
                                             ‫المطلب الأول‬
                                      ‫اختلال في �أداءات طرفي عقد‬                                  ‫ر�ضاء لم ي�صادف محله‪.‬‬

                                          ‫الا�ستهلاك وحقوقهما‬                         ‫ف�ر��ض�اء الم���س�ت�ه�ل�ك ق��د ان���ص�ب ع�ل�ى‬
                                                                                      ‫مجموعة م�ن ال���ش�روط التعاقدية التي‬
                                   ‫وف� ًق�ا لم��وروث��ات ال�ن�ظ�ري�ة ال�ت�ق�ل�ي�دي�ة‬  ‫اعتقد أ�نها تجعله في مركز قانوني مت�ساو‬
                                   ‫ومبادئ حرية ا إلرادة و�سلطانها‪ ,‬ف إ�ن �إرادة‬       ‫مع المهني‪� .‬إذا إ�ن العقد بما يت�ضمنه من‬
                                   ‫الإن�سان حرة بطبيعتها‪ ,‬ومن ثم‪ ,‬ف إ�ن جل‬            ‫��ش�روط ت�ع�اق�دي�ة‪ ,‬حي�ن ي�ت�م ال�ترا��ض�ي‬
                                   ‫الالتزامات التي ين�شئها المتعاقدين على‬             ‫والاتفاق عليه‪ ,‬يتحقق فيه تواز ًنا يرت�ضيه‬
                                   ‫وجه �صحيح‪ ,‬تقوم مقام القانون بالن�سبة‬              ‫ال�ط�رف�ان في الح�ق�وق والال�ت�زام�ات من‬
                                   ‫للملتزمين ب�ه�ا‪ ,‬ألن�ه�ا ت�ك�ون م�ع�برة عن‬         ‫وج�ه�ة ن�ظ�ر ك�ل منهما‪ ,‬ووف� ًق�ا لم�ا يحقق‬
                                   ‫إ�رادة المتعاقدين‪ .‬وما دامت �إرادة ا إلن�سان‬       ‫م�صالحه‪ ,‬بحيث إ�ن وجود �شروط تعاقدية‬
                                   ‫ح�رة‪ ,‬ف� إ�ن م�ا ترتبه م�ن ال�ت�زام�ات تكون‬        ‫تخل بذلك التوازن يثير ال�شك حول مدى‬
                                   ‫ب��دوره��ا ع��ادل��ة‪ ,‬ولا يم�ك�ن ل�ل�ق�ا��ض�ي‬
                                   ‫تعديلها �أو إ�لغا ؤ�ها �إلا ب��إرادة المتعاقدين‬           ‫ر�ضاء الم�ستهلك بتلك ال�شروط‪.‬‬
                                   ‫�أو في الح�الات التي ين�ص عليها القانون‪,‬‬
                                   ‫وبالتالي‪ ,‬يمتنع على القا�ضي التدخل في‬              ‫وق�د يكون م�رد موافقة الم�ستهلك على‬
                                   ‫العقود التي ي�شوبها اختلاف في التوازن‬              ‫ال�ع�ق�د ب�رم�ت�ه بم�ا يت�ضمنه م�ن ��ش�روط‬
                                   ‫ال�ت�ع�اق�دي‪ ,‬عندما ت�ك�ون �إرادة الأط�راف‬         ‫ت�ع�اق�دي�ة مج�ح�ف�ة ل��ه‪ ,‬ه�و �أن ال�ظ�روف‬
                                                                                      ‫والملاب�سات التي اكتنفت إ�برام التعاقد لم‬
                                                 ‫غير م�شوبة ب�أي عيب‪.‬‬                 ‫ت�سمح للم�ستهلك با�ستجلاء حقيقة تلك‬
                                                                                      ‫ال�شروط أ�و أ�ن هناك بع�ض ال�ضعف اكتنف‬
                                   ‫غ�ير أ�ن التقيد بم�ب�د�أ �سلطان ا إلرادة‬           ‫�إرادة الم�ستهلك‪ ,‬وهو ما �أعاقه عن معرفة‬
                                   ‫ي���ص�ب�ح غي�ر م�ق�ب�ول وب�خ�ا��ص�ة في ح�ال�ة‬      ‫�آث���ار ت�ل�ك ال���ش�روط‪ .‬وع�ل�ى ه��ذا ��س�وف‬
                                   ‫عدم التوازن العقدي‪ ,‬فلا ُيحتج ب�أن مبد أ�‬          ‫ن�ت�ن�اول ب�واع�ث ت�دخ�ل ال�ق���ض�اء لحماية‬
                                   ‫�سلطان ا إلرادة يقت�ضي ع�دم التدخل في‬              ‫الم�ستهلك‪ ,‬خلال المطلبين ا آلتيين‪ :‬المطلب‬
                                   ‫�إرادات المتعاقدين التي ظهرت وتبلورت‬               ‫الأول نعر�ض فيه ل�لاخ�ت�لال في أ�داءات‬
                                   ‫في �صورة عقد؛ إ�ذ يجب على الق�ضاء أ�ن‬              ‫ط�رفي عقد الا�ستهلاك وحقوقهما‪ ,‬وفي‬
                                   ‫يتدخل للتخفيف م�ن الال�ت�زام�ات التي‬               ‫المطلب الثاني‪ ,‬نتطرق إ�لى ال�ضعف الذي‬

‫‪17‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد محمد �سادات‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23