Page 14 - مجلة الدراسات القضائية
P. 14

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫��س�ل�وك ا ألف���راد و�أن���ش�ط�ت�ه�م ب�الم�ت�غ�يرات‬                            ‫مقدمة‪:‬‬
                                   ‫الح��دي��ث��ة‪ ،‬ون�����ش���أت أ�ن�����ش��ط��ة ج��دي��دة‬
                                   ‫و�سلوكيات م�ستحدثة على الت�شريعات‪،‬‬                      ‫ت�ع�ت�بر ح�م�اي�ة الم���س�ت�ه�ل�ك في ال�وق�ت‬
                                   ‫ك��ان ع�ل�ى ال�ق�ان�ون م�واك�ب�ة ال�ت�ط�ور في‬           ‫الح�ا��ض�ر �إح��دى الم���ش�ك�لات الم�ت�ج�ددة في‬
                                   ‫العلاقات القانونية التي ط�ر أ�ت حدي ًثا‪،‬‬                ‫ال�ق�ان�ون المعا�صر وال�ت�ي أ���ص�ب�ح الخ�لاف‬
                                   ‫و�إلا ظ�ه�ر ن��وع م�ن ال�ف�راغ ال�ت���ش�ري�ع�ي‪.‬‬         ‫لا ينتهي حولها؛ �إذا فتحت مجال ًا وا�س ًعا‬
                                   ‫فالتطور ال�سلوكي يجب أ�ن يعقبه تطور‬                     ‫للاجتهاد بغية ف�ض النزاع بين طرفي عقد‬
                                                                                           ‫الا�ستهلاك ‪ -‬المهني والم�ستهلك ‪ -‬للو�صول‬
                                        ‫ت�شريعي ملائم له يتولى تنظيمه‪.‬‬                     ‫�إلى ح��ل��ول م�ر��ض�ي�ة لح�م�اي�ة ال�ط�رف‬
                                                                                           ‫ال�ضعيف‪ .‬فقد �أدت التطورات الاقت�صادية‬
                                   ‫وق��د ُوج��د ذل��ك ال�ن�ق���ص في التنظيم‬                ‫�إلى و�صف المجتمعات الحديثة بالمجتمعات‬
                                   ‫في م��رح��ل��ة م��ا في ال��ن��ظ��ام ال��ق��ان��وني‬      ‫الا��س�ت�ه�لاك�ي�ة‪ ,‬ولا غ��رو �أن ح�ج�م ه�ذه‬
                                   ‫الأنجلو�سك�سوني‪ ,‬قبل �صدور الت�شريعات‬                   ‫التطورات �صاحبه بال�ضرورة زيادة ن�سبة‬
                                   ‫التي تقرر الحماية للم�ستهلك في مواجهة‬                   ‫ا ألخطار والأ�ضرار التي يمكن �أن تقع على‬
                                   ‫الت�سلط المهني وت�غ�ول �سلطاته النا�شئة‬
                                   ‫من تفوق مركزه القانوني والاقت�صادي‬                                             ‫الم�ستهلك‪.‬‬
                                   ‫مقارنة بالم�ستهلك‪ .‬وم�ن هنا‪ ,‬ك�ان ملاذ‬
                                   ‫الم�ستهلك هو اللجوء إ�لى الق�ضاء لطلب‬                   ‫وم�ا م�ن ��ش�ك في أ�ن ح�م�اي�ة الم�ستهلك‬
                                   ‫تلك الحماية في ظل ن�صو�ص ت�شريعية لا‬                    ‫ورع��اي��ت��ه أ���ص�ب�ح�ت ت�� أ�ت��ي في م�ق�دم�ة‬
                                                                                           ‫اه�ت�م�ام�ات كل�ا م�ن الم���ش�رع وال�ق���ض�اء؛‬
                                                ‫ت�سعفه لتحقيق غايته‪.‬‬                       ‫إ�ذ ت�واج�ه الم���س�ت�ه�ل�ك تح�دي�ات ج���س�ام في‬
                                                                                           ‫ك�اف�ة ال�ع�ق�ود ال�ت�ي ي�ن���ض�م إ�ل�ي�ه�ا‪ .‬فهو‬
                                   ‫وق��د ك��ان م�وط�ن ال��ف��راغ ال�ت���ش�ري�ع�ي‬           ‫ال�ط�رف ال��ذي دو ًم��ا ي�ح�ت�اج إ�لى حماية‬
                                   ‫في ال�ن�ظ�ام الأنج�ل�و��س�ك���س�وني في م�س�ألة‬          ‫لكونه ال�ط�رف ا أل��ض�ع�ف في العقود التي‬
                                   ‫حماية الم�ستهلك من ال�شروط التعاقدية‬                    ‫ينخرط فيها إل�شباع حاجاته من ال�سلع‬
                                   ‫الم�ج�ح�ف�ة ال�ت�ي ي�ترت�ب ع�ل�ي�ه�ا ا إلخ�ل�ال‬
                                   ‫بالتوازن العقدي في عقود الا�ستهلاك‪ .‬ولا‬                                       ‫والخدمات‪.‬‬
                                   ‫نق�صد بعدم التوازن العقدي هو التفاوت‬
                                   ‫الاقت�صادي بين أ�ط�راف العقد‪ ,‬فهو �أمر‬                  ‫و إ�ذا ك�ان ال�ق�ان�ون ه�و أ�داة المجتمعات‬
                                   ‫تقت�ضيه طبيعة عقود الا�ستهلاك‪ ,‬فهناك‬                    ‫ل�ت�ن�ظ�ي�م ��س�ل�وك ا ألف����راد ون���ش�اط�ه�م في‬
                                   ‫طرف يحتاج �إلى �إ�شباع حاجاته‪ ,‬وطرف‬                     ‫الم�ج�ت�م�ع‪ ،‬وتنظيم ال�ع�لاق�ات ال�ت�ي تن�ش أ�‬
                                                                                           ‫بين ا ألفراد بع�ضهم البع�ض‪ ،‬ف إ�نه لما ت أ�ثر‬

‫‪13‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد محمد �سادات‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19