Page 16 - مجلة الدراسات القضائية
P. 16

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫وت�ت���ض�ح �أه�م�ي�ة ال���س�واب�ق ال�ق���ض�ائ�ي�ة‬    ‫الأنج�ل�و��س�ك�وني‪ ,‬دو ًرا ج�ل� ًي�ا في تحقيق‬
                                   ‫ومدى ت�أثيرها في النظم الأنجلو�سك�سونية‬              ‫الحماية للم�ستهلكين‪ ,‬لي�س فقط ب�سبب‬
                                   ‫إ�ذا ما قورنت بالنظام اللاتيني‪ ,‬فالأخير‬              ‫ق�صور الم�شرع في �سن ت�شريعات تنظم حماية‬
                                   ‫لا ي�ق�وم على ن�ظ�ام ال���س�واب�ق الق�ضائية‪,‬‬         ‫الم�ستهلك‪ ,‬ول�ك�ن أ�ي��ً�ض�ا لم�ا للق�ضاء من‬
                                   ‫ف�ال�ق�ان�ون الم��دني والج�ن�ائ�ي‪ ,‬ب�الإ��ض�اف�ة‬     ‫خ�صو�صية في النظام ا ألنجلو�سك�سوني‪ ,‬إ�ذ‬
                                   ‫إ�لى ال�ق�واني�ن الأخ���رى ‪,‬ه��ي ال�ق�وان�ني‬         ‫يعتبر م�صد ًرا من م�صادر القانون بجانب‬
                                   ‫ال�ت�ي تطبقها الم�ح�اك�م ل�شمولهما لكافة‬             ‫الت�شريع‪ ,‬وهو ما أ�عطى للق�ضاة الفر�صة‬
                                   ‫المنازعات التي تعنى بها المحاكم العادية‪.‬‬
                                   ‫وم��ن ث��م‪ ,‬يم�ك�ن ال��ق��ول ب��� أ�ن ال���س�واب�ق‬     ‫في إ��صدار أ�حكام تكون بمثابة القانون‪.‬‬
                                   ‫الق�ضائية لا تعتب ًرا م�صد ًرا للقانون في‬
                                   ‫ال�ن�ظ�ام ال�ق�ان�وني ال�لات�ي�ن�ي ن�ظ� ًرا لعدم‬     ‫والنظام ا ألنجلو�سك�سوني يقوم في جله‬
                                   ‫�إل���زام ال�ق�ا��ض�ي ب�و��ض�ع�ه�م�ا في الاع�ت�ب�ار‬  ‫ع�ل�ى ال���س�واب�ق الق�ضائية‪� ,‬أي �إن �أح�ك�ام‬
                                   ‫ع�ن�د إ����ص��داره ل��ق��راره‪ ,‬إ�ذ ي�ك�ون لمحاكم‬     ‫ال�ق���ض�اء في ق�ضية معينة تعتبر �سابقة‬
                                   ‫الا�ستئناف إ�ل�غ�اء حكم �سابق م�ا دام حاد‬            ‫يلتزم القا�ضي بها‪ ,‬بحيث ينح�صر دوره‬
                                   ‫ع�ن الم�ب�ادئ والأ��س���س ال�ق�ان�ون�ي�ة‪ .‬وعلى‬       ‫ع�ل�ى و��ض�ع الح�ك�م ال���س�اب�ق في الاع�ت�ب�ار‬
                                   ‫ه�ذا‪ ,‬ف� إ�ن القا�ضي في النظام اللاتيني لا‬           ‫بو�صفه جز ًءا من المو�ضوع الذي يمكن �أن‬
                                   ‫يعتبر نف�سه ملز ًما ب�صفة مطلقة بقرارات‬              ‫ي ؤ��س�س عليه ق�راره الح�الي‪ .‬ويكون على‬
                                   ‫المحاكم التي �صدرت في نزاع معين ولو كان‬              ‫ال�ق�ا��ض�ي �أن يف�صل في ال�ن�زاع الم�ع�رو��ض‬
                                                                                        ‫أ�م�ام�ه ب�ذات الطريقة التي ُف�صلت فيها‬
                                         ‫مماثل للنزاع المعرو�ض �أمامه(‪.)3‬‬               ‫الدعوى ال�سابقة‪ ,‬حتى و إ�ن كان في مقدوره‬

                                   ‫ويت أ��س�س القانون الأنجلو�سك�سوني على‬                             ‫تبرير ا إلحادة عنها(‪.)1‬‬
                                   ‫العقل والمنطق‪ ,‬ولكن بدل ًا من �أن تعتمد‬
                                   ‫ق�واع�ده ع�ل�ى ال�ت���ش�ري�ع‪ ,‬ي�ت�ولى الق�ضاء‬        ‫ف�ه�ن�اك ��س�م�ات �أ��س�ا��س�ي�ة في ال���س�واب�ق‬
                                   ‫إ�ع�لان�ه�ا‪ ,‬فالنظام الأنجلو�سك�سوني هو‬              ‫الق�ضائية تتمثل في الاحترام الذي يجب‬
                                   ‫ت�وج�ه ع�ق�لاني يعتمد على منهج خا�ص‬                  ‫أ�ن يتمتع به الحكم كمحكمة عليا‪ ,‬كما أ�ن‬
                                   ‫في ال�ن�ظ�ر ل�ل�واق�ع وال�ق�ان�ون‪ ,‬ي�ن�ب�ع من‬        ‫الحكم يعتبر ا�ست�شار ًيا بالن�سبة للمحاكم‬
                                   ‫ثقافة خا�صة ت ؤ�دى إ�لى �إيجاد لغة قانونية‬           ‫التي تعلوها في ال�درج�ة‪ ,‬و�أي ً�ضا إ�لزامية‬
                                                                                        ‫المحكمة ا ألدن�ى ب�إتباع ما تقرره المحكمة‬
                                      ‫‪United States, second edition, Cambridge‬‬
                                      ‫‪university press, UK, 2007, p. 15 etc.‬‬                                   ‫ا ألعلى(‪.)2‬‬
                                   ‫‪3- R. Cross, op. cit., p. 26-27.‬‬
                                                                                        ‫‪1- R. Cross, Precedent in English law, Clarendon‬‬
                                                                                           ‫‪law series, 1968, p. 18.‬‬

                                                                                        ‫‪2- T. Von Mehren & P. L. Murray, Law in the‬‬

‫‪15‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد محمد �سادات‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21