Page 17 - مجلة الدراسات القضائية
P. 17

‫ال�ت�ق�ل�ي�دي�ة ال�ت�ي تح�ك�م ال�ت�ع�اق�د ك�م�ب�د أ�‬  ‫تعتمد على المنهج الا�ستقرائي في المعرفة‬                      ‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬
‫��س�ل�ط�ان الإرادة‪ ,‬و�أق��ر ب�ج�ان�ب�ه�ا م�ب�ادئ‬      ‫القانونية و�إعداد القانون حالة بحالة(‪.)1‬‬
‫�أخرى كمقت�ضيات العدالة وح�سن النية‪.‬‬                  ‫والق�ضاة في ذلك ي�شغلون مكانة أ��سا�سية‬
‫وم�ن خ�لال الدرا�سة �سوف نحاول �إلقاء‬                 ‫في �إنتاج القانون‪ ,‬من خ�لال الرجوع إ�لى‬
‫ال���ض�وء ع�ل�ى ه�ذا ال��دور الج�ل�ي للق�ضاء‬          ‫القيم الاجتماعية ال�سائدة في المجتمع(‪.)2‬‬
‫في ظ�ل غ�ي�اب ال�ن���ص�و��ص الت�شريعية أ�و‬
‫ق���ص�وره�ا في تح�ق�ي�ق ح�م�اي�ة الم�ستهلك‪,‬‬           ‫وق��د �أدى اع�ت�م�اد ال�ق���ض�اء في ال�ن�ظ�ام‬
‫وذل��ك م�ن خ�ل�ال م�ب�ح�ث�ني‪ :‬ن�ت�ط�رق في‬             ‫الأنج�ل�و��س�ك���س�وني ع�ل�ى الم�ن�ط�ق وع�ل�ى‬
‫�أولهما �إلى بواعث تدخل الق�ضاء لتقرير‬                ‫ال�رج�وع إ�لى ق�ي�م الم�ج�ت�م�ع‪� ,‬إلى ت�وف�ير‬
‫حماية الم�ستهلك‪ ,‬ونتناول في ثانيهما‪ ,‬دور‬              ‫�سند ق�وي يمكن الم�ستهلك م�ن الاعتماد‬
                                                      ‫ع�ل�ي�ه في م�واج�ه�ة الم�ت�ع�اق�د ا ألخ��ر ال�ذي‬
 ‫ال�سوابق الق�ضائية في حماية الم�ستهلك‪.‬‬               ‫ي�ف�وق�ه في م�رك�زه ال�ق�ان�وني‪ ,‬ال��ذي لم‬
                                                      ‫تتوفر له الحماية الت�شريعية �إم�ا ب�سبب‬
          ‫المبحث ا ألول‬                               ‫غياب التنظيم الت�شريعي أ�و ب�سبب وجود‬
   ‫بواعث تدخل الق�ضاء لحماية‬                          ‫ن�صو�ص ت�شريعية ولكنها لا ت�وف�ر تلك‬
  ‫الم�ستهلك في ظل ق�صور الت�شريعات‬
                                                                              ‫الحماية‪.‬‬
           ‫عن حمايته‬
                                                      ‫وق���د ��س�م�ح�ت ا��س�ت�ق�لال�ي�ة ال�ق���ض�اء‬
‫ع�ن�دم�ا ي�ب�رم الم���س�ت�ه�ل�ك ت�ع�اق� ًدا م�ا‪,‬‬      ‫ا ألنجلو�سك�سوني عن الت�شريع ‪ -‬واعتبار‬
‫ف�الأ��ص�ل �أن��ه ي�ك�ون ق�د ارت���ض�ي ب�ك�ل ما‬       ‫دوره لا ي�ق�ت���ص�ر ع�ل�ى ت�ف���س�ير وتطبيق‬
‫ت�ضمنه العقد م�ن ��ش�روط تعاقدية و أ�ن‬                ‫الت�شريع فح�سب‪ ,‬ب�ل و إ�ن���ش�اءه أ�ي���ض�اً ‪-‬‬
‫إ�رادت����ه ق�د اتج�ه�ت �إلى الال��ت��زام بتلك‬        ‫بحريته في الف�صل في النزاعات التي يكون‬
‫ال���ش�روط‪ .‬وه�و في ذل�ك‪ ,‬يعتقد �أن ذلك‬               ‫�أحد أ�طرافها م�ستهل ًكا دون التقيد بالمبادئ‬
‫الت�صرف يحقق م�صلحته‪ ,‬و أ�ن هذا العقد‬
‫يتحقق فيه التوازن فيما يرتبه من حقوق‬                  ‫‪-1‬د‪� .‬سعيد ال���ص�ادق‪ ,‬الم�ن�ه�ج ال�ق�ان�وني في ال�ولاي�ات‬
‫وال�ت�زام�ات‪ .‬وم�ن ث�م‪� ,‬إذا وج�د في العقد‪,‬‬           ‫الم�ت�ح�دة الأم�ري�ك�ي�ة وج�م�ه�وري�ة م���ص�ر ال�ع�رب�ي�ة‪,‬‬
‫بعد إ�برامه‪� ,‬شروط من �ش�أنها الإجحاف‬                 ‫دار النه�ضة العربية‪ ,‬القاهرة‪� ,1977 ,‬ص ‪ 37‬وما‬
‫بحقوق الم�ستهلك وما يقع على عاتقه من‬
‫التزامات‪ ,‬ب�أن تنق�ص من حقوقه أ�و تزيد‬                                                ‫بعدها‪.‬‬
                                                      ‫‪-2‬د‪ .‬ح�سن عبد الحميد‪ ,‬قاعدة ال�سابقة القانونية‬
                                                      ‫الق�ضائية في النظم القانونية الأنجلو �أمريكية ‪-‬‬
                                                      ‫التطبيق المعا�صر والأ�صول التاريخية‪ ,‬دار النه�ضة‬

                                                                   ‫العربية‪ ,‬القاهرة‪� ,2003 ,‬ص ‪.28‬‬

                                                                                    ‫‪16‬‬

‫دور ال�سوابق الق�ضائية في مواجهة الق�صور الت�شريعي في حماية الم�ستهلك «درا�سة تحليلية في النظام القانوني الأنجلو�سك�سوني»‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22