Page 23 - مجلة الدراسات القضائية
P. 23

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫وح�ق�ي�ق�ة الأم���ر ه��و �أن دور ال�دول�ة‬             ‫الأف��راد في الم�ج�ت�م�ع‪( ،‬ب�غ���ض ال�ن�ظ�ر عن‬
                                   ‫ي� أ�خ�ذ ح�ي�زاً ك�ب�رياً في اقت�صاديات بلدان‬         ‫مقدار م�ساهمة الفرد في كلفتها)‪ .‬ولعدم‬
                                   ‫ال�ع�الم المختلفة رغ�م اخ�ت�الف مذاهبها‬               ‫ال�ق�درة على تج�زئ�ة مثل ه�ذا ال�ن�وع من‬
                                   ‫الاق�ت���ص�ادي�ة‪ .‬ول�و بحثنا دور ال�دول�ة في‬          ‫الخ���دم���ات(‪ )18‬وب�ي�ع�ه�ا في ال���س�وق بم�ا‬
                                   ‫�أم�ريك�ا مثل ًا لوجدنا �أن�ه�ا وبعد الح�رب‬           ‫يتنا�سب وح�اج�ات ا ألف�راد لها‪ ،‬ل�ذا يكون‬
                                   ‫العالمية الثانية �أخ�ذت تلعب دوراً يتو�سع‬             ‫نظام ال�سوق‪ )19(:‬عاجزاً عن تحديد �سعر‬
                                   ‫يوماً بعد ي�وم‪ ،‬وق�د ازداد ه�ذا ال�دور بعد‬            ‫لمثل ه�ذه الخ�دم�ات في ال���س�وق‪ .‬وبالتالي‬
                                   ‫ا ألزم�ة المالية العالمية ا ألخ�ط�ر في العالم‬         ‫عاجزاً عن إ��شباع هذا النوع من الحاجات‬
                                   ‫وهي أ�زمة ‪ ،1929‬ويمكن معاينة هذا الدور‬                ‫ا إلن�سانية ل�ل أ�ف�راد في المجتمع‪ .‬ولحاجة‬
                                   ‫من خ�الل برنامج الإ��ص�الح الاقت�صادي‬                 ‫المجتمع لإ�شباع مثل هذه الحاجات‪� ،‬إذن‪..‬‬
                                   ‫الذي أ�طلقة الرئي�س ا ألمريكي فرانلكين‬                ‫لابد من التفكير في �أن تتبنى جهة ما في‬
                                   ‫روزف�ل�ت (‪ ،)Le New Deal‬م�ن أ�ج�ل‬                     ‫المجتمع مهمة تقديمها ور�صد التمويل‬
                                   ‫�إن�ق�اذ الاقت�صاد الأم�ري�ك�ي‪ .‬إ�ذ راف�ق هذا‬         ‫الل�ازم للقيام ب�ه�ا‪ ،‬مم�ا دف�ع ب�ال�دول�ة �أن‬
                                   ‫ال�ربن�ام�ج ع�دة ق�وان�ني �ساعدت ال�سلطة‬              ‫تتدخل وت�أخذ على عاتقها مهمة تقديم‬
                                   ‫المركزية على تو�سيع �سلطاتها مما جعلها‬                ‫هذه الخدمات ال�ضرورية إل�شباع حاجات‬
                                   ‫ق�ادرة على تنظيم ا ألع�م�ال الاقت�صادية‬               ‫المجتمع‪ ،‬ولكن الكتاب الر أ��سماليون أ�مثال‬
                                                                                         ‫آ�دم �سميث‪ ،‬تخوفوا من تدخل الدولة‪ .‬وقد‬
                                          ‫وتوزيع المنافع الاجتماعية‪)21( .‬‬                ‫أ�ك�د هذا الكاتب على‪ ":‬أ�ن إ�عطاء الدولة‬
                                                                                         ‫دوراً �أكبر مما يجب يحول دون تحقيق �أي‬
                                   ‫وحين نتابع قرارات ال�سلطة الت�شريعية‬                  ‫تقدم‪ ،‬لأنه ي�ضر بالحوافز الفردية ويقتل‬
                                   ‫ا ألمريكية نرى‪ ،‬مدى تدخل الدولة عن‬                    ‫روح المبادرة ال ًخلاقة‪ ،‬وي�شيع روح التواكل‬
                                   ‫طريق القوانين التي ت�صدرها ولأ�سباب‬
                                   ‫مخ�ت�ل�ف�ة ك�� أ�ن ت�ك�ون لأ��س�ب�اب ��ص�ح�ي�ة أ�و‬              ‫والاعتماد على الغير"‪)20( .‬‬
                                   ‫ح�م�اي�ة ال�ب�ي�ئ�ة أ�و اق�ت���ص�ادي�ة أ�و أ�م�ن�ي�ة‬
                                   ‫وغيرها‪ .‬إ�ذن لا يمكننا ح�صر دور الدولة‬                ‫ل��ذا ف�ق�د ت�ن�وع دور ال��دور م��ن‪ :‬دول�ة‬
                                    ‫في نطاق اقت�صادي محدد في ذلك البلد‪.‬‬                  ‫حار�سة إ�لى متدخلة‪ ،‬وم�ن ث�م إ�لى دول�ة‬
                                                                                         ‫منتجة ودول��ة رف�اه�ي�ة ك�م�ا ت�شير �أغ�ل�ب‬
                                   ‫وحقيقة التدخل الحكومي الوا�سع في‬
                                   ‫العملية الاقت�صادية هي عملية إ�جبارية‬                              ‫الدرا�سات الاقت�صادية‪.‬‬

‫الدكتور أ�حمد ال ُجبير ‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28