Page 89 - مجلة الدراسات القضائية
P. 89

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫في بع�ض ال�دول ق�د اعتبرها م�ن النظام‬                               ‫المطلب الرابع‪:‬‬
                                   ‫ال�ع�ام لا ي�ج�وز الات�ف�اق ع�ل�ى مخالفتها‪،‬‬                    ‫الحق في الحرية ال�شخ�صية‬
                                   ‫بحيث لا يجوز التنازل عنها و أ�ب�ط�ل كل‬
                                   ‫ات�ف�اق م�ن ��ش��أن�ه الان�ت�ق�ا��ص ب���ص�ورة أ�و‬          ‫�إن الح��ري��ة ال���ش�خ���ص�ي�ة لل� إ�ن���س�ان‬
                                   ‫ب�أخرى من هذه الحرية‪ ،‬ومثال ذلك‪ ،‬ما‬                        ‫ب��اع��ت��ب��اره ك��ائ��ن ح���ي ق���د ت�ن�اول�ت�ه�ا‬
                                   ‫ن�صت عليه الم�ذك�رة ا إلي�ضاحية للقانون‬                    ‫الت�شريعات المختلفة‪ ،‬د�ستورية ك�ان�ت أ�م‬
                                   ‫المدني الم�صري (لا يجوز ل�شخ�ص �أن ينزل‬                    ‫ع�ادي�ة ب�اع�ت�ب�اره�ا م�ن الح�ق�وق ال�ت�ي لا‬
                                   ‫ع�ن ح�ري�ت�ه‪ ،‬ولا �أن ي�ق�ي�ده�ا �إلا ب�ال�ق�در‬            ‫يمكن تجاوزها أ�و الذهول عنها‪ ،‬و�أولتها‬
                                   ‫الذي لا يتعار�ض مع النظام العام والآداب‬                    ‫الاهتمام البالغ ‪،‬و�أن اعتبارها كذلك كحق‬
                                   ‫العامة‪ ،‬فلي�س له أ�ن يلتزم التزاما أ�بدياً‪،‬‬                ‫د�ستوري كما ذهبت المحكمة الد�ستورية‬
                                   ‫ولا أ�ن يقيد حريته في العمل‪ ،‬ك�أن يتعهد‬                    ‫ال�ع�ل�ي�ا في ج�م�ه�وري�ة م���ص�ر ال�ع�رب�ي�ة في‬
                                   ‫ب�ألا يبا�شر مهنة معينة طوال حياته)‪(((.‬‬                    ‫حكم لها بهذا ال�ش�أن (الحرية ال�شخ�صية‬
                                   ‫ومن هنا كان لا بد للحرية ال�شخ�صية أ�ن‬                     ‫كحق د�ستوري ‪ -‬أ��صل يهيمن على الحياة‬
                                   ‫تج�د حماية لها في الد�ساتير باعتبارها‬                      ‫بكل أ�قطارها لا ق�وام لها بدونها ‪� ،‬إذ هي‬
                                   ‫حق طبيعي ل إلن�سان بحيث تكون م�صونة‬                        ‫محورها وق�اع�دة بنيانها‪ ،‬وي�ن�درج تحتها‬
                                   ‫لا تمُ �س �إلا في حالة التلب�س وما عدا ذلك‬                 ‫ب�ال���ض�رورة تلك الح�ق�وق ال�ت�ي لا تكتمل‬
                                   ‫لا يجوز القب�ض على أ�ح�د �أو تفتي�شه أ�و‬                   ‫الحرية ال�شخ�صية في غيبتها ‪ ...‬و أ�ن ثمة‬
                                   ‫حب�سه أ�و تقييد حريته ب�أي قيد �إلا وفقاً‬                  ‫مناطق من الحياة الخا�صة لكل فرد تمثل‬
                                                                                              ‫أ�غواراً لا يجوز النفاذ �إليها‪ ،‬وينبغي دوماً‬
                                                     ‫لأحكام القانون‪.‬‬                          ‫‪ -‬ولاع�ت�ب�ار م���ش�روع ‪�-‬أل َا يقتحمها �أح�د‬
                                                                                              ‫�ضماناً ل�سريتها و�صوناً لحرمتها ودفعاً‬
                                   ‫وب�ا��س�ت�ع�را��ض ال�ق�واع�د ال�د��س�ت�وري�ة‬               ‫لمحاولة التل�ص�ص عليها أ�و اختلا�س بع�ض‬
                                   ‫ل�ل�د��س�ت�ور الإم���ارات���ي نج��ده ق��د أ�ولى‬
                                   ‫لهذه الحرية ال�شخ�صية العناية التامة‪،‬‬                                           ‫جوانبها)‪(((.‬‬
                                   ‫وق�د أ�ك��د عليها وذل��ك م�ن خل�ال بع�ض‬
                                   ‫ال�ن���ص�و��ص‪ ،‬وم�ن�ه�ا الم���ادة ‪( 26‬الح�ري�ة‬             ‫ومن مظاهر حماية الحرية ال�شخ�صية‬
                                   ‫ال�شخ�صية م�ك�ف�ول�ة لج�م�ي�ع الم�واط�ن�ني‪،‬‬                ‫�ضد نف�س ال�شخ�ص ذاته‪� ،‬أن الم�شرع المدني‬

                                   ‫‪-2‬د‪ .‬ن�ـ�ـ�ـ�واف كنعـــان‪ ،‬حقـــوق الإن���س�ان‪ ،‬مــرجــع‬  ‫‪-1‬حك��م المحكم��ة الد�س��تورية العليا الم�ص��رية‪ ،‬ق�ض��ية‬
                                                             ‫�سابق‪�،‬ص‪.254‬‬                     ‫رق��م ‪ ،105‬ال�س��نة ‪ ،12‬ق�ض��ائية د�س��تورية‪ ،‬تاري��خ‬

                                                                                                       ‫‪ ،1994/2/12‬الجزء الخام�س‪� ،‬ص‪.104‬‬

‫‪87‬‬

         ‫الدكتور‪ /‬محمد عبدالله أ�حمد ال�شوابكة‬
   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94