Page 15 - مجلة الدراسات القضائية
P. 15

‫الدينية والأخ�الق�ي�ة فكان وقعها قا�سياً‬                ‫الن�ص عاجزاًتماماً عن �إثبات الخط أ� الذي‬              ‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬
        ‫على المجتمعات وعلى الأفراد‪.‬‬                     ‫يقع بفعل ا آللة‪ ،‬خا�صة ما ي�صيب الم�ضرور‬
                                                        ‫العامل‪ ،‬ا ألم�ر الذي دفع الق�ضاء والفقه‬
‫‪ -2‬من أ�جل ذلك يجب الرجوع إ�لى الق ّيم‬                  ‫�إلى البحث عن حلول افترا�ضية للتغلب‬
‫ال�سامية التي حددتها ال�شرائع ال�سماوية‬                 ‫على ق�ساوة الن�ص‪ ،‬فذهبا �إلى افترا�ض‬
‫م�ن خ�الل تهذيب الن�صو�ص القانونية‬                      ‫الخط أ� �أو اللجوء إ�لى نظريات �أخرى مثل‬
‫بمبادئ أ�خلاقية تخاطب العقل الإن�ساني‬                   ‫مبد�أ الغنم بالغرم �أو مبد أ� تحمل التبعة‪.‬‬
‫وت�و��ص�ل�ه إ�لى ق�ن�اع�ة ت��ام��ة ب��اح�ت�رام‬
‫الن�صو�ص وال�ت�ق�ي�د ب�ه�ا ت�ل�ق�ائ�ي�اً(‪ ،)1‬قبل‬        ‫وه��ن��اك أ���س�ئ�ل�ة م�ت�ع�ددة في ت���ش�ري�ع�ات‬
‫التفكير بالجزاء ال�ذي يقع على ا إلن�سان‬                 ‫مختلفة �أخرى مثل الت�شريعات الجزائية‬
                                                        ‫وا إلداري����ة‪ ،‬وت�ت�ف�اق�م الم���ش�ك�ل�ة �أك�ث�ر بعد‬
                    ‫�إذا خالفها(‪.)2‬‬                     ‫ظ��ه��ور ال��ن��ظ��ام ال��رق��م��ي (الح��ا���س��وب‬
                                                        ‫وال�شبكة الرقمية "الانترنت")؛ إ�ذ لم‬
‫و�إذا ك�ان�ت ال�شرائع ال�سماوية‪ ،‬ال�سابقة‬               ‫تعد الن�صو�ص قادرة على مواجهة الم�شاكل‬
‫ل�ل��إ���س�ل�ام‪ ،‬دع��ت إ�لى ت�ه�ذي�ب ال�ن�ف���س‬         ‫التي يواجهها المجتمع نتيجة ا�ستخدامه؛‬
‫وتطهيرها من ال�شر و�سوء النية وغر�س‬                     ‫منها الم�سا�س بالحياة الخا�صة والقر�صنة‬
‫ال�ط�ب�ائ�ع ال���س�ل�ي�م�ة ف�ي�ه�ا؛ م��ن مح�ب� ٍة‬       ‫والجرائم الجنائية الواقعة على الأموال‬
‫و�إح���س�ان وع��دال��ة وت���س�ام�ح وع� ّف�ة �إلى‬        ‫والما�ّسة بال�شرف والأمانة‪ .‬فو�ضع ت�شريع‬
‫ج�ان�ب ا إليم��ان بالخالق وال�ت�وح�ي�د‪ ،‬ف��إ َّن‬        ‫مقتب�س من ت�شريعات �أخرى أ�و افترا�ض‬
‫ال���ش�ري�ع�ة الإ��س�الم�ي�ة �ضمت إ�لى جانب‬             ‫وق�ائ�ع ب�ع�ي�دة ع�ن ال�واق�ع ومج��ردة من‬
‫الإيم��ان ب�الخ�ال�ق وت�وح�ي�ده (ال�ع�ق�ي�دة)‬           ‫الق ّيم ا ألخلاقية ي� ؤ�دي إ�لى م�شاكل ج ّمة‬
‫وت�ه�ذي�ب ال�ن�ف���س ال�ب���ش�ري�ة(‪ ،)3‬تنظيم‬            ‫لم يتوقعها الم�ش ِّرع‪� ،‬أو و�ضع ن�صو�ص تخدم‬
‫وت�ه�ذي�ب ال���س�ل�وك الاج�ت�م�اع�ي ل�ل�ف�رد‬            ‫فئ ًة معين ًة مثل �أ�صحاب ر ؤ�و�س ا ألموال ‪،‬‬
‫والمجتمع‪ ،‬وو�ضعت ق�واع�داً تحكم علاقة‬                   ‫يهدم الق ّيم ال�سامية القانونية من م�ساوا ٍة‬
‫الفرد مع غ�ريه في كل مج�الات التعامل‪،‬‬                   ‫وعدال ٍة وحماية حقوق الغير‪ .‬وقد ظهر‬
‫خا�صة المعاملات المالية‪ .‬فو�ضعت مبادئاً‬                 ‫ذلك جلياً �إث�ر الأزم�ات الاقت�صادية التي‬
                                                        ‫وقعت لوجود ت�شريعات ت�سمح بالم�ضاربة‬
                     ‫‪ -1‬راجع في هذا الاتجاه‪:‬‬            ‫والم�راه�ن�ة والم�ق�ام�رة؛ ��ص�اغ�ه�ا �أ��ص�ح�اب‬
                                                        ‫ر�ؤو���س ا ألم���وال دون ال�ن�ظ�ر إ�لى ال�ق� ّي�م‬
‫‪G. Ripert, la règle morale dans les obligations‬‬
‫‪civiles, L.G.D.J. 4 éd. Paris 1949, no4 p. 8, et ss.‬‬

                   ‫‪ -2‬المرجع ال�سابق ‪no 4, p. 9‬‬
‫‪-3‬قال تعالى في ا آليات (‪ )10 ،9 ،8 ،7‬من �سورة ال�شم�س‬
‫}ونف� ٍس وما �س ّواها‪ ،‬ف أ�لهمها فجورها وتقواها‪ ،‬قد‬

        ‫�أفلح من ز ّكاها‪ ،‬وقد خاب من د�ّساها{‪.‬‬

                                                                                       ‫‪14‬‬

‫ت�أثير القواعد ال�شرعية في النزعة المو�ضوعية لقانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم (‪ )5‬ل�سنة ‪1985‬م في نظرية العقد والفعل ال�ضار‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20