Page 14 - مجلة الدراسات القضائية
P. 14

‫معهد التدريب والدرا�سات الق�ضائية‬  ‫و ُك� ّر��س�ت ه�ذه الأف�ك�ار في ع�صر النه�ضة‬                                    ‫ملخ�ص‬
                                   ‫وخ�ا��ص�ة ب�ع�د ال�ث�ورة ال�ف�رن���س�ي�ة‪ ،‬ا ألم��ر‬
                                   ‫الذي قاد إ�لى �صدور ت�شريعات مجردة عن‬                  ‫ي�غ�ل�ب ع�ل�ى ق��ان��ون الم��ع��ام�ل�ات الم�دن�ي�ة‬
                                   ‫الق ّيم ال�سماوية وق ّيم أ�خلاقية مر ّدها �إلى‬         ‫ا إلم�ارات�ي رق�م ( ‪ ) 5‬ل�سنة ‪ 1985‬النزعة‬
                                   ‫ال�شرائع ال�سماوية(‪ .)1‬و�أ�صبحت القاعدة‬                ‫المو�ضوعية‪ .‬ويعزى تم�سكه بها إ�لى تبنيه‬
                                   ‫ال�ق�ان�ون�ي�ة مج���رد ن���ص�و��ص ت�ف�تر��ض‬            ‫ق�واع�د ال�ف�ق�ه ا إل��سل�ام�ي في الم�ع�ام�الت‬
                                   ‫وقائعاً معينة وت�ضع الن�صو�ص المنا�سبة‬                 ‫المدنية في ن�صو�صه التف�صيلية‪ ،‬ويتجلى‬
                                   ‫ل�ه�ا وت���ض�ع ج��زاءات مختلفة لمخالفتها‪،‬‬              ‫ذل�ك وا��ض�ح�ا في ال�ع�ق�د وال�ف�ع�ل ال���ض�ار؛‬
                                   ‫دون �أن ت�ك�ون م�رت�ب�ط�ة ب�واق�ع الإن���س�ان‬          ‫فقد تبنى ن�صو�صا مقتب�سة ومنقحة من‬
                                   ‫ح�ت�م�اً؛ ف�ال�ق�ول ك�ل خ�ط� أ� ي�سبب ��ض�رراً‬         ‫مجلة ا ألحكام العدلية العثمانية‪ .‬وت�سعى‬
                                   ‫للغير يلتزم فاعله ب�ال�ت�ع�وي���ض(‪)2‬؛ ن�ص‬              ‫هذه الدرا�سة إ�لى بيان مدى ت أ�ثر قانون‬
                                   ‫ق�ان�وني اف�تر��ض�ه الم���ش� ِّرع‪ ،‬وب�ع�د تطبيقه‬       ‫الم�ع�امل�ات الم�دن�ي�ة الإم��ارات��ي ب�ال�ن�زع�ة‬
                                   ‫ظ�ه�رت م�شاكل ج� ّم�ة؛ �أول�ه�ا كيف يثبت‬               ‫المو�ضوعية للفقه ا إل�سلامي في نظريتي‬
                                   ‫خط أ� الفاعل من خلال �سلوكه‪ ،‬و�إذا عجز‬
                                   ‫الم�ضرور ف إ�نه يخ�سر التعوي�ض‪ ،‬و إ�ذا كان‬                           ‫العقد والفعل ال�ضار‪.‬‬
                                   ‫الفاعل غير مم ِّيز لا ُي�س أ�ل‪ ،‬فمن أ�ين يجد‬
                                   ‫الم���ض�رور التعوي�ض لج�بر ��ض�رره‪ .‬وبعد‬                                      ‫مقدمـــة ‪:‬‬
                                   ‫ال�ث�ورة ال�صناعية واخ�ت�راع ا آلل�ة �أ�صبح‬
                                                                                          ‫‪ -1‬ر ّد َد أ�ن���ص�ار ال�ق�ان�ون الو�ضعي مقولة‬
                                   ‫‪-1‬يذهب �أن�صار المذهب الطبيعي �إلى �أن العقل لوحده‬    ‫أ� َّن ف�صل القاعدة القانونية عن ال�شرائع‬
                                   ‫هو الذي يحكم ا إلن�سان‪ ،‬راجع ذلك في فكر �أن�صار‬        ‫ال�سماوية يقود �إلى تحقيق مبادئ �سامية‬
                                   ‫القانون الطبيعي عند عبد الحي حجازي‪ ،‬المدخل‬             ‫وليدة الطبيعة الإن�سانية ينبغي التم�سك‬
                                   ‫ل�دار��س�ة ال�ع�ل�وم القانونية (‪ )1‬ال�ق�ان�ون‪ ،‬جامعة‬   ‫بها لتحقيق الم�ساواة والعدالة والحرية‪،‬‬
                                   ‫الكويت‪ ،‬الكويت ‪ ،1972‬فقرة (‪� )124- 121‬ص ‪181‬‬            ‫أل َّن ال���ش�رائ�ع ال���س�م�اوي�ة لا ت�ستقيم مع‬
                                                                                          ‫مبد أ� الم�ساواة بين �أف�راد المجتمع وترتبط‬
                                                                   ‫‪.183 -‬‬                 ‫بعقائد كل �شخ�ص و�إيمانه‪ ،‬وهذا يختلف‬
                                   ‫‪-2‬تن�ص الم�ادة (‪ )1382‬من القانون الم�دني الفرن�سي‬     ‫من �شخ�ٍص �إلى �آخر ولا يجوز ل إلن�سان �أن‬
                                   ‫على �أنه "كل فعل‪� ،‬أياً كان‪ ،‬ي�سبب �ضرراً للغير‪ ،‬يلزم‬  ‫يخ�ضع إ�لى قوة ق�سرية خارجة عن �إرادته‬
                                   ‫َمن وقع ال�ضرر بخطئه بتعوي�ضه"‪ .‬وق�ضت المادة‬           ‫وقناعاته ال�شخ�صية‪ .‬فطبيعة الإن�سان‬
                                   ‫(‪ )1383‬ب�أنه "يكون ا إلن�سان م�س ؤ�ول ًا عن ال�ضرر‬     ‫تتطلب حماية حريته‪ ،‬دون قيد �أو �شرط‬
                                   ‫الذي يحدثه لي�س بفعله فقط‪ ،‬بل �أي�ضاً ب�إهماله‬         ‫مرتبط بعقيد ٍة �سماوية أ�و بق ّيم �أخلاقية‬
                                   ‫وعدم تب�صره"‪ .‬راجع نف�س الاتجاه المادة (‪ )194‬من‬
                                                                                                             ‫�سالبة للحرية‪.‬‬
                                                      ‫القانون المدني الم�صري‪.‬‬

‫‪13‬‬

         ‫الأ�ستاذ الدكتور‪ /‬نوري حمد خاطر‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19