Page 169 - مجلة الدراسات القضائية
P. 169

‫معهد التدريب الق�ضائي‬  ‫التع�صب القومي �أو الديني �أن ن�ؤكد �أن‬                    ‫ا�شد الحر�ص على التم�سك بها‪.‬‬
                       ‫ال�ع�رب الم�سلمين ه�م الأم��ة الأولى التي‬
                       ‫رف�ع�ت الم�ب�ادئ الأخل�اق�ي�ة إ�لى م�ستوى‬           ‫ودور ال�دي�ن ا إل��س�الم�ي وب�شكل ع�ام في‬
                       ‫ال�ق�واع�د ال���ش�رع�ي�ة ا إلل�زام�ي�ة في مج�ال‬     ‫تربية ا ألف�راد وتحديداً أ��صحاب المهن‪ ،‬لا‬
                       ‫معاملة ال�شعوب ا ألخ�رى‪� ,‬سواء كان ذلك‬              ‫يقل �ش�أناً عنه في تربية الجماعات والأمم‪،‬‬
                       ‫في حالة ال�سلم �أو الحرب‪ .‬وهذه القواعد‬              ‫بل و إ�قامة الح�ضارات‪� ،‬إلى التقدم المادي‬
                       ‫ا ألخلاقية ظلت نبرا�ساً يهدي الم�سلمين في‬           ‫ال�ذي قد يحجب م ؤ�قتاً مظاهر ال�ضعف‬
                                                                           ‫والان��ح��ط��اط الخ�ل�ق�ي‪ ،‬ب��ل إ�ن أ���س�ا��س‬
                               ‫�سلوكهم وعلى مر الع�صور‪(((.‬‬                 ‫الح���ض�ارات كلها ه�و ا إلن���س�ان‪ ،‬منه يبد�أ‬
                                                                           ‫التقدم والت�شييد والاكت�شافات العلمية‪،‬‬
                       ‫وع�ل�ي�ن�ا �أن ن�ب�ادر �إلى رف��ع ال�ت�ن�اق���ض‬     ‫فلا تغني العلوم والثقافات عن التربية‬
                       ‫ال�ذي ق�د يتبادر �إلى ال�ذه�ن ب�ني مفهوم‬            ‫وال�ت�ه�ذي�ب ال�دي�ن�ي ألن ال�ع�ل�م ��س�الح ذو‬
                       ‫اخ�الق�ي�ات الم���س�ت���ش�ار ال�ق�ان�وني وك�ون�ه�ا‬  ‫حدين‪ ،‬ي�صلح للبناء والهدم أ�ي�ضاً‪ ،‬ولابد‬
                       ‫تحتكم إ�لى قواعد ُمنظمة �أم ِقيم؟ وبما �أن‬          ‫ل�ه م�ن رق�ي�ب �أخل�اق�ي ع�ن�د ا�ستخدامه‬
                       ‫مهنة الم�ست�شار القانوني تعتبر من المهن‬             ‫لكي يوجه �إلى خير الإن�سانية‪ ،‬لا لدمارها‬
                       ‫الم�ستقلة ويعتبر مفهومها ب�شكل أ��سا�سي‬             ‫ون�شر ال�شر والف�ساد في ربوع ا ألر�ض‪ ،‬وهذا‬
                       ‫ر�سالة وفن رفيع‪ ،‬كان لا بد من تنظيمها‬
                       ‫في قواعد ُمنظمة حتى لا يعر�ضها التدخل‬                       ‫الرقيب هو العقيدة والإيمان‪.‬‬
                       ‫لع�شوائية و�أداء غير منظم‪ ،‬ولذلك وجب‬
                       ‫تنظيمها وو�ضعها في ق�ال�ب م�رن منظم‬                 ‫و إ�ذا ان�ت�ق�ل�ن�ا إ�لى الح���ض�ارة ال�ع�رب�ي�ة‬
                       ‫لها‪ ،‬وهذا التنظيم يحفظها أ�كثر وي�صون‬               ‫الإ��س�الم�ي�ة نج�د �أن ا ألخ�ل�اق الح�م�ي�دة‬
                       ‫بنيانها‪ ،‬ويجعلها تقوم بدورها وغر�ضها‬                ‫كانت ن�ربا��س�اً يتقيد ب�ه الخلفاء وال�ق�ادة‬
                                                                           ‫ال���ع���رب الم�����س��ل��م��ون في ت�ع�ام�ل�ه�م م�ع‬
                           ‫ور�سالتها ب�شكل أ�و�ضح ك أ�داة للدفاع‪.‬‬          ‫ا آلخرين‪ ,‬حيث �شكلت مبادئ (الف�ضيلة)‬
                                                                           ‫و(ال�ع�دال�ة) و(ال�وف�اء بالعهد) الثالوث‬
                       ‫ولما كانت هذه المهنة ت�شاركية مع ال�سلطة‬            ‫الم�ق�د��س في ت���ص�رف�ات ال�ع�رب الم�سلمين‬
                       ‫ال�ق���ض�ائ�ي�ة في تح�ق�ي�ق ال�ع�دال�ة وت� أ�ك�ي�د‬  ‫بين بع�ضهم البع�ض أ�و في علاقاتهم مع‬
                                                                           ‫ال�شعوب الأخ�رى‪� ,‬سواء كان ذلك في زمن‬
                       ‫‪-1‬الن�ص الأ�صلي بالفرن�سية �ضمن مقال للدكتور‬       ‫ال�سلم‪� ,‬أو في زمن الحرب‪ .‬ولي�س من قبيل‬
                                         ‫ادمون رباط يحمل عنوان‬

                        ‫‪La Theorie du Droit International musulman,‬‬
                       ‫‪Revue Egyptienne du Droit International.‬‬

‫‪177‬‬

         ‫الدكتور ‪� /‬شادي عدنان ال�شديفات‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174