الدعوى رقم 2 لسنة 17 دستورية لسنة 1990
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي: محمد محمود الباجوري، وعضوية السادة القضاة: أحمد سلطان ومحمد عبدالخالق البغدادي والحسيني الكناني وعمر بخيت العوض.
1- إلزام السلطة التشريعية بالشريعة الاسلامية كمصدر أساسي للتشريع.
2- تحديد أنواع العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية.
3- اعتبار الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين مقصورة على الجرائم والعقوبات التعزيرية دون جرائم الحدود والقصاص والدية التي تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية.
4- اعتبار جريمة مواقعة الأنثى بالإكراه الواردة في نص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 جريمة تعزيرية لا حدية في أركانها وشروطها وطرق إثباتها وغير مخالفة لأحكام الشريعة الاسلامية.
5- لا محل لطلب محكمة الاستئناف بحث دستورية صدر المادة354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 لعدم اعتبار المته حدثاً لتجاوزه عمر الثمانية عشر عاماً وتكون المصلحة كشرط لقبول الطلب منتفية في خصوصه.
دعوى "المصلحة والصفة فيها". دستور "دستورية القوانين". شريعة إسلامية. عقوبة "نوعها". "عقوبة حدية". "عقوبة تعزيرية". قانون "دستور نصوصه". طلب "ما يقبل من الطلبات وما لا يقبل منها".
- عدم قبول بحث دستورية صدر المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 لانتفاء المصلحة. أساس ذلك؟
- دستورية نص المادة 63 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمتعلق بسريان قانون الأحداث على من أتم السابعة ولم يتم ثماني عشرة سنة. أساس ذلك؟
- دستورية نص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بشأن تطبيق عقوبة الإعدام على مرتكب جريمة مواقعة الأنثى بالإكراه. عدا ما قضي بعدم قبول الطلب بالنسبة له من نص هذه المادة لانتفاء المصلحة فيه. أساس ذلك؟
إن ما نص عليه دستور دولة الإمارات العربية المتحدة في مادته السابعة من أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع إنما هو مبدأ أساسي تلتزم به السلطة التشريعية عندما تريد إصدار تشريع ما، وذلك بأن يكون هذا التشريع مستقى بصورة رئيسية من الشريعة الإسلامية باعتبار أن دين الدولة الإسلام، وحرصاً من المشرع على أن يأتي التشريع مستمداً من أحكام الشريعة الإسلامية أو متفقاً مع هذه الأحكام نص في المادة 75 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 على أن هذه المحكمة في معرض ممارستها لاختصاصها بالفصل في الأمور التي ذكرتها المادة 33 من هذا القانون ومنها بحث دستورية القوانين الاتحادية .... في الاتحاد المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو ما تؤكده المادة الثامنة من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 في شأن إنشاء المحاكم الاتحادية من أن المحاكم الاتحادية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الاتحادية وغيرها من القوانين المعمول بها .... وكانت العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: عقوبات الحدود وهي عقوبات مقدرة حقاً لله تعالى وهي تتمير بأن لها حداً معيناً واضحاً لا يجوز الزيادة عليه أو الانتقاص منه كجريمة الزاني المحصن فإن العقوبة هي الرجم إذا استكملت الجريمة أركانها وتم إثباتها على الوجه المطلوب شرعاً، ولم تكن هناك شبهة تسقط الحد.
والنوع الثاني: عقوبات القصاص والدية: وهي عقوبات مقدرة حقاً للأفراد وهي ذات حد واحد شأنها في ذلك شأن الحدود إلا أن للمجنى عليه فيها العفو متى ما شاء فإذا عفا سقطت العقوبة وهو ما يميزها عن عقوبات الحدود.
والنوع الثالث: التعازير وهي العقوبات التي تواجه سائر الجرائم الأخرى غير المعاقب عليها بالحد أو القصاص أو الدية أو تواجه هذه الجرائم ذاتها عند امتناع توقيع عقوبة الحد أو القصاص عند قيام سبب أو عذر شرعي، مع درء الحدود بالشبهات إذا لم يكن هناك دليل شرعي آخر على ثبوت الجريمة الحدية أو جرائم القصاص أو الدية ولم يكن من شأن ذلك تلك الشبهة تبرئة المتهم فإنها وإن أسقطت الحد الشرعي إلا أنها لا تمنع من توقيع عقوبة تعزيرية عليه – إذا رأى ولي الأمر باعتباره صاحب الولاية العامة – أن المصلحة العامة تقتضي أن يقرر مقدماً التعزير الذي يراه مناسباً لكل جريمة فيطبقه القاضي دفعاً للمعاصي وصيانة للمجتمع وهو ما سارت على نهجه المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بالنص على أنه:"تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وأن تحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى. لما كان ذلك وكان النص في المادة 63 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 على أنه "تسري في شأن من أتم السابعة ولم يتم ثماني عشرة سنة ألأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين"، وما استبدل به القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 1976 في شأن الأحداث الجانحين والمشردين في المادة السابعة منه العقوبة المقررة في أي قانون جزائي أو قانون آخر بالتدابير المنصوص عليها في المادة الخامسة عشرة منه إذا لم يبلغ الحدث وقت الجريمة السادسة عشرة من عمره، وما تجوزت فيه المادة الثامنة منه للقاضي اتخاذ ما يراه من تلك التدابير بدلاً من العقوبات المقررة إذا تجاوز الحدث هذه السن فإن المقصود بذلك كله كمبدأ عام هو قصر الأحكام المنصوص عليها في قاون الأحداث الجانحين والمشردين على الجرائم والعقوبات التعزيرية دون جرائم الحدود والقصاص والدية التي تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا تعتد إلا بالبلوغ الشرعي ومن أدلة ثبوته للأنثى رؤية دم الحيض، كما أن مؤدى نص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 على أنه: "مع عدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة الأنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائماً إذا كان عمر المجنى عليه أقل من أربعة عشر عاماً وقت ارتكاب الجريمة"، إن جريمة مواقعة الأنثى بالإكراه على التفصيل الوارد بتلك المادة هي جريمة تعزيرية لا حدية في أركانها وشروطها وطرق إثباتها عن جريمة الزنا وهي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي خولت ولي الأمر في أن يضع لها وللشروع فيها عقوبة مغلظة مراعاة للصالح العام وردعاً لمن يقترف هذا الفعل سواء أكان محصناً أو غير محصن، وذلكز إذا ما توافرت شروط وأركان تطبيقها والأدلة القانونية على ثبوتها في حقه، وهو لا يكون إلا ذكراً، وبالتالي فلا محل لطلب محكمة الاستئناف بحث دستورية صدر تلك المادة المتعلق "بعدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين" باعتبار أن المتهم الأول بالغ جاوز عمره الثمانية عشر عاماً فلا يعد حدثاً وتكون المصلحة كشرط لقبول الطلب منتفية في خصوصه، مما يتعين لهذا القضاء بعدم قبوله.
المحكمــة
حيث إن محكمة استئناف الشارقة الاتحادية أصدرت قرارها في 12/3/1989 في الاستئنافات 171، 173، 176 لسنة 1988 س – قسم الشرعي جزاء عن الحكم الشرعي الابتدائي الصادر في 21/11/1988 رقم 3943 لسنة 1988 جزاء الشارقة بتسطير كتاب إلى المحكمة الاتحادية العليا بناء على الفقرة الرابعة من المادة 33 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 في شأن المحكمة الاتحادية العليا وذلك لبحث دستورية نص المادتين 63، 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 حينما يتعلق الأمر بجريمة حدية بالنسبة لمن هو دون الثامنة عشرة من عمره مع تعليق نظر الاستئنافات إلى الجلسة التي حددتها، وجاء بكتابها بذات التاريخ تفصيلاً لهذا الطلب انه يصدر التطبيق الشرعي والقانوني في الاستئنافات المشار إليها والمقرر توحديها لوحدة الموضوع والأطراف بالنسبة للمتهمة المستأنفة والمستأنف عليها ........ المولودة بتاريخ 2/7/1973 والبالغة حد البلوغ الشرعي بالحيض حسب إقرارها القضائي منذ أكثر من سنتين، وإن المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 تنص في شطرها الأول على أن تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وجاء في شطرها الأخير بحصر نطاق تطبيق الأحكام الواردة في قانون العقوبات وفي القوانين العقابية الأخرى على الجرائم والعقوبات التعزيرية فقط وأوجب نص المادتين 63، 354 من قانون العقوبات ضرورة مراعاة الأحكام الواردة في قانون الأحداث الجانحين والمشردين دون أن تراعي جرائم الحدود والقصاص والدية حينما تتوافر شروطها الشرعية، ومن ثم فإنها تتقدم بهذا الطلب لبحث دستورية ما أشارت إليه المادتان ذواتا الرقمين 63، 354 من قانون العقوبات من ضرورة مراعاة الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين حينما يتعلق الأمر بجريمة حدية تصدر ممن هو دون الثامنة عشرة من العمر.
وحيث إنه تبين من الإطلاع على الأوراق أن النيابة العامة بإمارة الشارقة أقامت الدعوى الجنائية رقم 3943 لسنة 1988 جزاء ضد كل من المتهمين ........... لأنهم في تاريخ سابق على 30/9/1988 بإمارة الشارقة:
المتهم الأول والثاني’: ارتكبا معاً فاحشة الزنا وذلك بأن قام المتهم الأول بمواقعة المتهمة الثانية برضاها بعد أن مكنته من نفسها على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق.
المتهم الأول أيضاً: حاز صورة وشريط كاست يحتويان على مناظر وعبارات مخلة بالآداب على النحو المبين بالأوراق.
المتهمة الثانية والثالث: ارتكبا معاً فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء علناً وذلك بأن توجدا في مكان عام وتبادلا القبلات بصورة تخدش عاطفة الحياء لدى عامة الناس.
وأحالت النيابة العامة المتهين الثلاثة إلى محكمة الشارقة الشرعية لمعاقبتهم عما أسند إليهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والمادتين 358/1، 362 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987ـ وبتاريخ 21/11/1988 أصدرت محكمة أول درجة حكمها الوجاهي بجلد المتهم الأول سبعين جلدة وحبسه مدة أربعة أشهر مع احتساب مدة التوقيف له وذلك عن تهمة المواقعة غير المشروعة، وجلده خمس عشرة جلدة عن تهمة الألفاظ الفاضحة بشريط التسجيل ومصادرة الشريط والصورة وإتلافها، وبجلد المتهمة الثانية أربعين جلدة تعزيراً عن تهمة المواقعة وجلدها عشرين جلدة عن تهمة الأفعال المخلة بالحياء وبجلد المتهم الثالث أربعين جلدة تعزيراً عن تهمة الأفعال المخلة بالحياء، وبنت قضاءها على سند من اعتراف المتهم الأول البالغ تفصيلاً أمام النيابة العامة بإيلاج قضيبه في فرج المتهمة الثانية، وبعدوله عن إقراره هذا بالجلسة وإنكاره مواقعته لها وهذا الاحتمال في صدق الإنكار أو الكذب فيه أو في الإقرار يورث الشبهة التي تسقط الحد إلا أنها لا تفلته من العقوبة تعزيراً، كما أنه يجب تعزيره بالنسبة لما جاء بشريط التسجيل من ألفاظ غرامية فاضحة تعد معصية، وأدانت المتهمة الثانية استناداً إلى اعترافها بمواقعة المتهم الأول لها، وإن ادعت بأنها غلبها على نفسها ثم غلبته بدفعها له ومقاومتها إياه، إلا أن ثبوت ذلك ليس يقيناً حتى تسقط عنها المساءلة الجنائية إذ أن ثبوت الإكراه الظن شبهة تدرأ عنا الحد ولا تسقط عنها العقوبة، وبإقرارها هي والمتهم الثالث بتبادل القبلات فإذ فعلهما يكون معصية توجب التعزير، والتفت الحكم عما جاء بتقرير الطبيب الشرعي بأن المتهمة الثانية ما زالت بكراً باعتباره من الأمور التي لا يجوز للرجال الإطلاع عليها شرعاً وإن كان موضوع بقاء البكارة يعتبر شبهة في حق المشهود عليها بالزنا وأن الحكم يعرض عن البحث في ذلك باعتبار أن الواقعة لم تثبت بشهادة الشهود.
استأنف المحكوم عليه الأول الحكم بالاستئناف رقم 176 لسنة 1988 أمام محكمة الشارقة الاتحادية الاستئنافية، واستأنفته المحكوم عليها الثانية بالاستئناف رقم 171 لسنة 1988 واستأنفته النيابة العامة بالاستئناف رقم 173 لسنة 1988 ضد المتهمين الثلاثة على سند من أن الحكم المستأنف قد انتهى إلى درء الحد الشرعي المقرر لجريمة الزنا والتي لا تجادل هي فيها وإن لولي الأمر أن يضع من العقوبات التعزيرية ما يراه مناسباً في سبيل تكوين الجماعة الصالحة ومن ثم يصبح لزاماً على المحكمة التقيد بنطاق تلك التعازير دون حاجة إلى الاجتهاد بتقرير عقوبات لم يضعها ولي الأمر، وأن الفعل المسند إلى المحكوم عليهما الأولين لا يعدو أن يكون جريمة هتك عرض حدد لها ولي الأمر عقوبة تعزيرية في المادة 356 من قانون العقوبات فضلاً عن أن سن المتهمة الثانية لم يتجاوز السادسة عشر وبالتالي فإن العقوبات عن الأفعال التي أدينت بها تكون محكومة بمواد قانون الأحداث وطلبت النيابة إلغاء العقوبات المقضي بها والحكم وفقاً للقانون وطلب المتهم الأول إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءته مما أسند إليه لانتفاء جريمة الزنا أو قيام الدليل الشرعي عليها، وهو ما يؤكده تقرير الطبيب الشرعي من سلامة غشاء البكارة وانتفاء حصول الإيلاج في الفرج وهو تقرير صادر من الجهة الفنية الرسمية ذات الاختصاص في هذا الشأن ولانتفاء وجود طبيبة شرعية متخصصة وبأن الواقعة لا تشكل جريمة أخرى بعد أن عادت المتهمة وقررت بجلسة 21/11/1988 بأنها لا تعلم إن كان المتهم الأول قد أتاها من الداخل أو الخارج، ودفع بعدم قبول استئناف النيابة العامة شكلاً للتقرير به بعد الميعاد في 14/12/1988 وقد أصدرت محكمة الاستئناف قرارها سالف الذكر، وبعد تحضير الطلب أيدت النيابة العامة الرأي بترك الأمر لتقدير المحكمة.
وحيث إن ما نص عليه دستور دولة الإمارات العربية المتحدة في مادته السابعة من أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع إنما هو مبدأ أساسي تلتزم به السلطة التشريعية عندما تريد إصدار تشريع ما، وذلك بأن يكون هذا التشريع مستقى بصورة رئيسية من الشريعة الإسلامية باعتبار أن دين الدولة الإسلام، وحرصاً من المشرع على أن يأتي التشريع مستمداً من أحكام الشريعة الإسلامية أو متفقاً مع هذه الأحكام نص في المادة 75 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 على أن هذه المحكمة في معرض ممارستها لاختصاصها بالفصل في الأمور التي ذكرتها المادة 33 من هذا القانون ومنها بحث دستورية القوانين الاتحادية .... في الاتحاد المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو ما تؤكده المادة الثامنة من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 في شأن إنشاء المحاكم الاتحادية من أن المحاكم الاتحادية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية والقواتنين الاتحادية وغيرها من القوانين المعمول بها ....
وكانت العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: عقوبات الحدود وهي عقوبات مقدرة حقاً لله تعالى وهي تتمير بأن لها حداً معيناً واضحاً لا يجوز الزيادة عليه أو الانتقاص منه كجريمة الزاني المحصن فإن العقوبة هي الرجم إذا استكملت الجريمة أركانها وتم إثباتها على الوجه المطلوب شرعاً، ولم تكن هناك شبهة تسقط الحد.
والنوع الثاني: عقوبات القصاص والدية: وهي عقوبات مقدرة حقاً للأفراد وهي ذات حد واحد شأنها في ذلك شأن الحدود إلا أن للمجنى عليه فيها العفو متى ما شاء فإذا عفا سقطت العقوبة وهو ما يميزها عن عقوبات الحدود.
والنوع الثالث: التعازير وهي العقوبات التي تواجه سائر الجرائم الأخرى غير المعاقب عليها بالحد أو القصاص أو الدية أو تواجه هذه الجرائم ذاتها عند امتناع توقيع عقوبة الحد أو القصاص عند قيام سبب أو عذر شرعي، مع درء الحدود بالشبهات إذا لم يكن هناك دليل شرعي آخر على ثبوت الجريمة الحدية أو جرائم القصاص أو الدية ولم يكن من شأن ذلك تلك الشبهة تبرئة المتهم فإنها وإن أسقطت الحد الشرعي إلا أنها لا تمنع من توقيع عقوبة تعزيرية عليه – إذا رأى ولي الأمر باعتباره صاحب الولاية العامة – أن المصلحة العامة تقتضي أن يقرر مقدماً التعزير الذي يراه مناسباً لكل جريمة فيطبقه القاضي دفعاً للمعاصي وصيانة للمجتمع وهو ما سارت على نهجه المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بالنص على أنه:"تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية وأن تحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى.
لما كان ذلك وكان النص في المادة 63 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 على أنه "تسري في شأن من أتم السابعة ولم يتم ثماني عشرة سنة ألأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين"، وما استبدل به القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 1976 في شأن الأحداث الجانحين والمشردين في المادة السابعة منه العقوبة المقررة في أي قانون جزائي أو قانون آخر بالتدابير المنصوص عليها في المادة الخامسة عشرة منه إذا لم يبلغ الحدث وقت الجريمة السادسة عشرة من عمره، وما تجوزت فيه المادة الثامنة منه للقاضي اتخاذ ما يراه من تلك التدابير بدلاً من العقوبات المقررة إذا تجاوز الحدث هذه السن فإن المقصود بذلك كله كمبدأ عام هو قصر الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين على الجرائم والعقوبات التعزيرية دون جرائم الحدود والقصاص والدية التي تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية التي لا تعتد إلا بالبلوغ الشرعي ومن أدلة ثبوته للأنثى رؤية دم الحيض،
كما أن مؤدى نص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 على أنه: "مع عدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة الأنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائماً إذا كان عمر المجنى عليه أقل من أربعة عشر عاماً وقت ارتكاب الجريمة"، إن جريمة مواقعة الأنثى بالإكراه على التفصيل الوارد بتلك المادة هي جريمة تعزيرية لا حدية في أركانها وشروطها وطرق إثباتها عن جريمة الزنا وهي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي خولت ولي الأمر في أن يضع لها وللشروع فيها عقوبة مغلظة مراعاة للصالح العام وردعاً لمن يقترف هذا الفعل سواء أكان محصناً أو غير محصن، وذلك إذا ما توافرت شروط وأركان تطبيقها والأدلة القانونية على ثبوتها في حقه، وهو لا يكون إلا ذكراً،
وبالتالي فلا محل لطلب محكمة الاستئناف بحث دستورية صدر تلك المادة المتعلق "بعدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين" باعتبار أن المتهم الأول بالغ جاوز عمره الثمانية عشر عاماً فلا يعد حدثاً وتكون المصلحة كشرط لقبول الطلب منتفية في خصوصه، مما يتعين لهذا القضاء بعدم قبوله.
لـذلـك
حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم قبول الطلب عن دستورية صدر المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 لعبارة "مع عدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث الجانحين والمشردين".
ثانياً: بدستورية نص المادة 63 وباقي نص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 على النحو المبين بأسباب هذا الحكم.

* * *