الطعن رقم 86 لسنة 2018 جزائي
صادر بتاريخ 19/2/2018
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي محمد عبدالرحمن الجراح – رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة رانفي محمد إبراهيم وعبدالحق أحمد يمين.
1- سلطة محكمة الموضوع في تكوين قناعتها بثبوت الجريمة من أي دليلٍ مطمئنة إليه.
2- سلطة محكمة الموضوع في تقدير اعتراف المتهم في ايٍّ من مراحل الدعوى في الجرائم التعزيرية بالرغم من عدوله عنه شرط عدم ارتكازها على واقعة دون سند.
3- تعريف جريمة السب وتحديد شروط تحقّقها.

مرسوم بقانون اتحادي رقم 31: بإصدار قانون الجرائم والعقوبات (مادة 426)
4- صحة الحكم القاضي بإدانة المتهمة في جريمة السبّ عبر إرسالها رسالة نصية على هاتف الإذاعة متضمنةً ألفاظاً صريحة دالة على التحقير والحطّ من شخص المذيع المجني عليه.

مرسوم بقانون اتحادي رقم 31: بإصدار قانون الجرائم والعقوبات (مادة 427)
5- عدم جواز الطعن نقضاً في إجراء تام قبل إجراءات المحكمة.
1) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ". جريمة " ثبوتها ". اثبات " اعتراف".
- لمحكمة الموضوع. استمداد قناعتها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له المأخذ الصحيح من الأوراق.
- تحصيل فهم الواقع في الدعوى. وتقدير الاتهام ومنها الاعتراف في أي مرحلة من المتهم ولو عدل عنه في الجرائم التعزيرية. ما دام أقام قضائه على أسباب سائغ.
2) سب. جريمة " أركانها " " شروطها ". حكم " تسبيب سائغ ". نقض " ما لا يقبل من الأسباب".
- السب. معناه. الشتم.
- السب. ماهيته قانوناً؟
- المرجع لتعريف حقيقة السب. اطمئنان القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. لقيامه. كفايته القصد العام .
- الاسناد في السب. صراحة أو بطريق التورية. العبرة. بمدلول الألفاظ.
- مثال.
3) محاكمة " إجراءاتها ". طعن " محله ". قانون " تطبيقه ". حكم " تسبيب سائغ". نقض " ما لا يقبل من الأسباب".
- الإجراءات التي تتم قبل المحاكمة. ليست محلاً للطعن بالنقض.
- للنيابة العامة في مواد الجنح والمخالفات رفعها بناء على الاستدلالات. شرط ذلك. كون الدعوى صالحة. أساس ذلك؟
- مثال.
1- لما كان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع أن تستمد قناعتها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ما لم يقيدها القانون بدليل معين، كما أن لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الاتهام ومنها الاعتراف في أي مرحلة صدر من المتهم ولو رجع عنه في الجرائم التعزيرية ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضا أن السب يعني الشتم بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص أو يخدش شخصه والمرجع في تعريف حقيقة ألفاظ السب بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا يتطلب القانون لقيام الجريمة قصداً خاصاً بل يكفي توفر القصد العام الذي يتحقق بعلم الجاني أن الأمور المتضمنة للسب تحط من قدر الشخص كما أن الإسناد في جريمة السب قد يكون صريحاً أو بطريق التورية والعبرة بمدلول الألفاظ. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنة بجريمة السب المسندة إليها بعد أن أحاط بواقع الدعوى عن بصر وبصيرة أخذا مما اطمأنت إليه المحكمة من اعتراف المتهمة الطاعنة بمحضر جمع الاستدلالات من أنها قامت بسب المجني عليه بألفاظ السباب بقولها " أنت أسوأ مذيع ومريض وخليك إماراتي الاخلاق ومش تربية خدم " كما اعترفت بإرسال ذلك برسالة نصية على هاتف الإذاعة، وأقوال الشاكي، وقد ثبت في يقين المحكمة أن تلك الألفاظ تحمل في طياتها ومضمونها السب والإهانة لمذيع البرنامج (المجني عيله) المكلف بخدمة عامة أثناء تأدية واجبه وانتهى الحكم المطعون فيه صائبا إلى إدانة الطاعنة ومعاقبتها بالحبس ستة أشهر مع إيقاف العقوبة. وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ذلك أن العبارات التي أسندتها الطاعنة للمجني عليه برسالتها النصية بهاتف الإذاعة تحمل ألفاظا صريحة دالة على التحقير والحط من شخص المجني عليه.
3- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أي إجراء يتم قبل إجراءات المحكمة لا يكون محلا للطعن بالنقض فضلا على أن النص بالمادة 118 مكررا (1) من قانون الإجراءات الجزائية يجري على أنه " إذا رأت النيابة العامة في مواد الجنح والمخالفات أن الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة "، ولما كانت الجريمة المسندة للطاعنة في دعوانا هذه من الجنح فإنه لا تثريب على النيابة العامة أن ترفعها للمحكمة دون إجراء تحقيق، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بوجه النعي يكون على غير أساس من الواقع والقانون متعين الرفض.
المحكمة
حيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعنة أنها بتاريخ 18/4/2017 بدائرة عجمان:-
سبت المجني عليه ........ بما يخدش اعتباره بأن وجهت إليه ألفاظ السب المبينة في المحضر أثناء تأدية واجبات وظيفته على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة العامة عقابها طبقا للمادتين 5 و374/1/3 من قانون العقوبات الاتحادي.
وبجلسة 6/11/2017 قضت محكمة أول درجة حضوريا ببراءة المتهمة من التهمة المسندة إليها مع رد الدعوى المدنية المرفوعة من قبل المدعي.
استأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1643/2017 كما استأنف المدعي بالحق المدني بالاستئناف رقم 1685/2017 وبتاريخ 26/12/2017 قضت محكمة استئناف عجمان الاتحادية بقبول الاستئنافين شكلا وفي موضوع استئناف النيابة العامة وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بمعاقبة الطاعنة بالحبس لمدة ستة أشهر عن التهمة المسندة إليها مع وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم، وفي موضوع استئناف المدعي بالحق المدني بعدم قبوله لإقامته من غير ذي صفة.
لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنة فطعنت عليه بالنقض بالطعن الماثل.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والأخلال بحق الدفاع ذلك أنه دانها بالجريمة المسندة إليها دون إجراء أي تحقيق من النيابة العامة وأن الألفاظ التي رددتها الطاعنة في البرنامج مجرد عتاب وقد انتفى القصد الجنائي لديها فهي لم تقصد سب المجني عليه أو إهانته وإنما كان قصدها مجرد نقد للمكالمة الهاتفية التي تنتقد تواجد الوافدين على أرض الدولة وفي عدم إجراء تحقيق من النيابة العامة لا يمكن نسبة أي جرم إلى الطاعنة وأنها لم تقصد بأي حال من الأحوال سب المجني عليه ولم ترد معظم الألفاظ الواردة بعريضة الدعوى على لسانها وأن الألفاظ التي وردت محددة في الرسالة النصية وهي لا تحمل سبابا وأن لفظ مريض أو أسوأ مذيع لم تقصد بها الطاعنة سب المجني عليه وإنما كانت ألفاظها تعبر عن ضيقها من ضيوف المجني عليه بالبرنامج على الوافدين وإذ قضى الحكم بالإدانة دون تمحيص وفحص تلك الألفاظ فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع أن تستمد قناعتها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ما لم يقيدها القانون بدليل معين، كما أن لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الاتهام ومنها الاعتراف في أي مرحلة صدر من المتهم ولو رجع عنه في الجرائم التعزيرية ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضا أن السب يعني الشتم بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص أو يخدش شخصه والمرجع في تعريف حقيقة ألفاظ السب بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا يتطلب القانون لقيام الجريمة قصداً خاصاً بل يكفي توفر القصد العام الذي يتحقق بعلم الجاني أن الأمور المتضمنة للسب تحط من قدر الشخص كما أن الإسناد في جريمة السب قد يكون صريحاً أو بطريق التورية والعبرة بمدلول الألفاظ. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنة بجريمة السب المسندة إليها بعد أن أحاط بواقع الدعوى عن بصر وبصيرة أخذا مما اطمأنت إليه المحكمة من اعتراف المتهمة الطاعنة بمحضر جمع الاستدلالات من أنها قامت بسب المجني عليه بألفاظ السباب بقولها " أنت أسوأ مذيع ومريض وخليك إماراتي الاخلاق ومش تربية خدم " كما اعترفت بإرسال ذلك برسالة نصية على هاتف الإذاعة، وأقوال الشاكي، وقد ثبت في يقين المحكمة أن تلك الألفاظ تحمل في طياتها ومضمونها السب والإهانة لمذيع البرنامج (المجني عيله) المكلف بخدمة عامة أثناء تأدية واجبه وانتهى الحكم المطعون فيه صائبا إلى إدانة الطاعنة ومعاقبتها بالحبس ستة أشهر مع إيقاف العقوبة. وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغا وله أصله الثابت بالأوراق ذلك أن العبارات التي أسندتها الطاعنة للمجني عليه برسالتها النصية بهاتف الإذاعة تحمل ألفاظا صريحة دالة على التحقير والحط من شخص المجني عليه، ولا ينال من ذلك ما دفعت به الطاعنة من أن النيابة العامة لم تجر تحقيقا ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أي إجراء يتم قبل إجراءات المحكمة لا يكون محلا للطعن بالنقض فضلا على أن النص بالمادة 118 مكررا (1) من قانون الإجراءات الجزائية يجري على أنه " إذا رأت النيابة العامة في مواد الجنح والمخالفات أن الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة "، ولما كانت الجريمة المسندة للطاعنة في دعوانا هذه من الجنح فإنه لا تثريب على النيابة العامة أن ترفعها للمحكمة دون إجراء تحقيق، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بوجه النعي يكون على غير أساس من الواقع والقانون متعين الرفض.

* * *