طعن رقم 157 لسنة 30 القضائية لسنة 2002
هيئة المحكمة: الرئيس عمر بخيت العوض والمستشاران مصباح حلبي وأحمد أبشر.
1- إصدار القاضي حكمه في الدعوى حسب القناعة المتكونة لديه وفقا للمادة 209 إجراءات جزائية.
2- وجوب الحكم ببراءة المتهم في حال عدم ثبوت الواقعة أو عدم المعاقبة عليها في القانون.
3- الاشتباه بجواز سفر شخص من الجنسية العراقية وثبوت وجود تغييرات به وفق تقرير المختبر الجنائي وإدلاء القنصل العراقي بشهادته إضافة الى إفادة سفارة العراق الى النيابة العامة بصحة التغييرات الحاصلة في جواز السفر وبمعرفة السلطات العراقية وذلك بسبب الأوضاع الأمنية في العراق هو كاف للحكم ببراءة المتهم من جرم التزوير.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
أمن دولة. جوازات وإقامة. تزوير.
الاشتباه بجواز سفر شخص من الجنسية العراقية وثبوت وجود تغييرات به وفق تقرير المختبر الجنائي إلا أن شهادة القنصل العراقي وما أفادت به سفارة العراق في كتابيها إلى النيابة العامة وإدارة الجوازات والجنسية من أن الجواز صحيح وأن التغييرات الواقعة به تمت بشكل صحيح بمعرفة السلطات العراقية بسبب الحصار المفروض واضطرارها إلى طبع الجوازات محلياً وما يصاحب البدء في ذلك من أخطاء- كافٍ للحكم براءة المتهم من تهمة التزوير لعدم كفاية الأدلة عملاً بالمادتين 209 و211 إجراءات جزائية.
إن مؤدى نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35/92 أن القاضي يحكم في الدعوى حسب القناعة التي تكونت لديه، كما أن مؤدى نص المادة 211 من ذات القانون أنه إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها تحكم المحكمة ببراءة المتهم... وكانت الأدلة غير كافية بحق المتهم حول ارتكابه التهم المسندة إليه لأنه ينكر هذه التهم في مراحل التحقيق والمحاكمة ويفيد بأن الجواز المضبوط هو جوازه والصورة المثبتة عليه هي صورته وهو جواز صحيح استصدره من دائرة الجوازات في بلده بغداد، ولأن الكتب الصادرة عن السفارة وشهادة القنصل فيها أمام المحكمة السالف بيانها تؤيد المتهم وتنطق بأن جوازه صحيح وصادر عن السلطة المختصة في العراق ولا يغير من صحته وجود بعض الأخطاء والتغييرات فيه؛ لأن ذلك يرجع إلى ظروف الحصار التي تعيشها دولة العراق، ولأنه ليس في الأوراق ما يمنع السلطة العراقية من منح جواز سفر للمتهم بدليل تلك الكتب التي تتالت من سفارتها في دولة الإمارات التي تؤكد صحة هذا الجواز، ولو كان هناك مانع من منحه جواز سفر لما أصدرت الدولة ممثلة بسفارتها هذه الكتب لتثبت صحة صدور الجواز عنها ونسبته إلى حائزه المتهم، وهو ما أكده القنصل أمام المحكمة حين شهد بعد أدائه القسم بأن جواز السفر الخاص بالمتهم هو جواز صحيح صادر من الجهات المختصة في العراق وأن البيانات الموجودة فيه صحيحة والصورة المثبتة عليه هي صورة المتهم. ولأنه فضلاً عن ذلك فإن وجود تغييرات قررها تقرير المختبر الجنائي بأبوظبي ليست أكثر من أثر- هو وجود هذه التغييرات- بعد أن استبان أن المؤثر- وهو السلطة مصدرة الجواز- قد أقرت بوقوع هذه التغييرات من قبلها واصفاً الجواز بأنه جواز صحيح في البيانات التي اشتمل عليها، وبذلك لم يعد المتهم مسؤولاً عما ورد في هذا الجواز الذي استعمله دخولاً إلى الدولة أو خروجاً منها اعتقادا منه أنه جواز صحيح صادر عن جهة رسمية مسؤولة ومختصة قي دولته الأمر الذي يجعل الأدلة غير كافية لإدانته بالتهم المسندة إليه، مما يتعين معه إعلان براءته منها، ولما كانت الدولة ممثلة بسفارتها في دولة الإمارات العربية المتحدة قد صرحت بوقوع أخطاء في جواز سفر المتهم صادرة عنها وأعربت عن استعدادها لمنحه جوازاً جديداً، فإن المحكمة ترى مصادرة الجواز المضبوط لما شابه من أخطاء أقرت بها السفارة العراقية في هذه الدولة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم ......... لأنه في يوم 31/7/2002 بدائرة أبوظبي:
1- شارك بطريق المساعدة آخرين حسني النية المدعو/ زهير ........ وموظف بإدارة الجنسية والإقامة بأبوظبي في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو طلب إذن الدخول للزيارة والذي صدر بناءً عليه إذن الزيارة رقم (1000300) بأن حرف الحقيقة فيه حال تحريره بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي الادعاء بامتلاكه لجواز سفر صحيح قدم صورته لهما فصدر بموجبه الإذن فتمت الجريمة بناء على تلك المشاركة وكان ذلك بقصد التهرب من أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب على النحو المبين بتقرير المختبر الجنائي والتحقيقات.
2- شارك بطريق المساعدة آخرين حسني النية المدعو/ زهير ......... وموظفين بإدارة الجنسية والإقامة وإدارة الطب الوقائي بأبوظبي في تـزوير محرر رسمي هو طلب الإقامة والذي صدرت بناء عليه قسيمة الإقامة رقم (1012007049306) بأن حرف الحقيقة فيه حال تحريره بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي الادعاء أمامهم بصحة جواز سفره وقدمه لهم فصدرت بموجبه قسيمة الإقامة المذكورة فتمت الجريمة بناء على تلك المشاركة وكان ذلك بقصد التهرب من أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب على النحو المبين بتقرير المختبر الجنائي والتحقيقات
3- استعمل محرراً رسمياً مزوراً هو جواز السفر العراقي رقم (019421) وذلك بأن قدمه للسلطات المختصة مع علمه بتزويره وذلك بقصد التهرب من أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب.
4- استعمل محرراً رسمياً مزوراً هو (إذن الزيارة) سالف البيان فيما زور من أجله وذلك بأن قدمه للجهات المختصة بالدولة مع علمه بتزويره.
5- استعمل المحرر الرسمي المزور (قسيمة الإقامة) سالفة البيان فيما زورت من أجله بأن قدمها للسلطات المختصة أثناء الخروج والدخول مع علمه بتزويرها.
6- دخل البلاد بصورة غير مشروعة بأن دخلها بمستندات لا تجيز له بذلك على النحو المبين بالأوراق.
7- أعطى بياناً كاذباً للسلطات المختصة بمطار أبوظبي الدولي هو الادعاء بملكيته لجواز سفر صحيح وذلك بقصد التهرب من أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب.
8- خالف أحكام قانون دخول وإقامة الأجانب بأن غادر البلاد بمستندات لا تجيز له ذلك .
لذلك - طالبت النيابة بمعاقبة المتهم حسب المواد 82، 121 216/1 -7، 218، 222/1 من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 1، 2/1، 3/1، 31، 33، 34، 35، 36 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 المعدل بالقانون الاتحادي رقم 13/1996 في شأن دخول وإقامة الأجانب.
المحكمة،
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
حيث إن الواقعة تتلخص في أن المتهم مازن ..... من الجنسية العراقية مقيم في الدولة ويعمل طبيباً في مستشفى ........... وبتاريخ 10/2/2002 وأثناء سفره إلى فرنسا ضبط في مطار الدوحة الدولي للاشتباه بجواز سفره وأعيد إلى مطار أبو ظبي الدولي وبناء على كتاب رئيس قسم الجوازات في هذا المطار رقم 2/50/208 تاريخ 2/4/2002 سئل المتهم في محضر الاستدلال، فأجاب بأن جواز السفر العراقي المضبوط بحوزته يعود له كما تعود له الصورة المثبتة عليه وبأنه استخرجه من جوازات بغداد بتاريخ 16/4/2000 وسافر به إلى فرنسا وقطر والأردن وبأنه لا يعلم بوجود تلاعب في الأرقام المدونة في صحف الجواز وقد استلمه بهذه الهيئة وكان معه شخص آخر سهل له إجراءات استخراجه من جوازات بغداد وقد دفع رسوم استخراجه، ثم أحيل إلى نيابة الجنسية والإقامة حيث استجوب فأفاد بأنه ليس في جواز سفره تزوير ولا علم له بأي تزوير فيه وحصل عليه من إدارة الجوازات في بغداد وأنه يقيم في الدولة منذ سنتين، وأعيد استجوابه في نيابة أمن الدولة حيث أفاد بأنه اشتكى على الخطوط القطرية لاسترداد ثمن تذكرة سفر لم يستطع استخدامها نظراً لقيام هذه الخطوط في مطار الدوحة الدولي بمنعه من ركوب الطائرة المتوجهة إلى باريس وأعيد إلى مطار أبوظبي الدولي، وبعد شهرين من تقديم الشكوى استدعي من قبل شرطة مطار أبوظبي الدولي، وبأن جواز السفر المضبوط يعود له شخصياً وكذلك الصورة المثبتة عليه وأن مصدره دائرة جوازات بغداد العراق وأن تاريخ صدوره عام ألفين ودخل به دولة الإمارات وصدرت له إقامة سارية المفعول على الهيئة العامة للرعاية الصحية لإمارة أبوظبي وسافر به إلى عدة دول أخرى وبأنه ليس له علم بتزوير الجواز الذي استلمه من دائرة الجوازات ببغداد على نفس الهيئة، وقد أخبره قنصل دولته بأنه حدثت أخطاء مطبعية نظراً لظروف الحصار التي تطلبت طبع الجوازات داخل العراق بما يجعلها تجربة جديدة على البلد، كما أخبره بوجود أخطاء مطبعية بجوازات سفر لأشخاص آخرين، وبتدارك الموضوع بإصدار طبعة جديدة لجوازات السفر العراقية لئلا نقع في تلك الأخطاء المطبعية وأكد له القنصل صحة جواز سفره الصادر من بغداد وتعهد بمسئوليته عن صحة ما ذكر له، وقد أعلن لا حقاً بحضور القنصل إلى النيابة العامة وإطلاعه شخصياً على جواز السفر وتأكد من صحته، وبأنه سلم جواز سفره لإدارة المستشفى في يوم وصوله في 18/11/2000 ثم استرجعه ليسافر به إلى فرنسا عبر الخطوط القطرية وتوقف بالدوحة ثلاثة أيام، وفي 8/2/2002 وأثناء توجهه إلى الطائرة استوقفه رجل أمن الخطوط القطرية وأخذ الجواز بغرض تصويره حسبما أخبره وتأخر في تسليمه له إلى أن غادرت الطائرة المتجهة إلى باريس، وفهم بأن شركة الخطوط القطرية لا ترغب في إكماله الرحلة فأعيد إلى دولة الإمارات، وفي مطار أبو ظبي الدولي استقبلته موظفة الخطوط القطرية وسلمت الجواز إلى سلطة مطار أبو ظبي التي سمحت له بمغادرة المطار، وذهب إلى بيته وفي اليوم التالي قدم شكوى لمكتب الخطوط القطرية ثم غادر الدولة بجواز سفره من مطار أبو ظبي الدولي على طيران الخليج متوجهاً إلى باريس ثم عاد إلى الدولة في 22/2/2002 وبقي فيها يزاول عمله لحين استدعائه من قبل ضابط الجوازات في مطار أبو ظبي الدولي في 30/3/2002، ومنذ ذلك التاريخ حجز جواز سفره وبأنه لا علم له بوجود تلاعب في هذا الجواز. ولدى إرساله إلى المختبر الجنائي بأبوظبي جاءت النتيجة (1/ نزع الصفحة الأصلية الحاملة للرقم (1، 2) الثابت بها بيانات وصورة حامل الجواز الأصلي وإضافة بدلاً منها الصفحة الحالية المزورة المثبت بها البيانات والصورة الفوتوغرافية الحالية 2/ نزع الصفحات الأصلية (9، 10، 11، 12، 13، 14، 17، 18، 19، 20) وإضافة بدلاً منها صفحات أخرى تعود لجواز سفر آخر تعرض أرقامها للمحو الجزئي والتعديل) وقد ورد للنيابة كتاب صادر عن سفارة جمهورية العراق في أبوظبي بتاريخ 30/4/2000 وموجه إلى مديرية الجوازات العامة- النيابة العامة جاء فيه (نؤيد لكم بأن جواز السفر العراقي الرقم 019421 والصادر في بغداد بتاريخ 16/4/2000 باسم المواطن العراقي مازن ..... هو جواز صادر من الجهات العراقية الرسمية وبشكل صحيح) اتبعته بكتاب ثان إلى وزارة الخارجية مؤرخ 1/5/2002 جاء فيه (... تود السفارة أن تؤكد أن جواز السفر العائد للمواطن العراقي صحيح وغير مزور وصادر عن الجهات العراقية الرسمية المختصة....) اتبعته بكتاب ثالث مؤرخ 6/5/2002 موجه إلى النائب العام جاء فيه (نود إعلامكم أن جواز السفر العراقي الرقم (019421) الصادر في بغداد بتاريـخ 16/4/2000 جواز صحيح وصادر عن الحكومة العراقية) أتبعه بكتاب رابع مـؤرخ 9/7/2002 موجه إلى وزارة الخارجية جواباً على كتابها رقم 3072 تاريخ 29/6/2002 جاء فيه (إن جمهورية العراق كانت تقوم بإصدار جوازات سفر مواطنيها خارج العراق (إنكلترا وسويسرا) وبعد الحصار عام 1990 وامتناع تلك الدول عن طبع جوازات سفر للعراق اضطرت الحكومة العراقية على إصدار جوازات سفر لمواطنيها محلياً وكانت تجربة وطنية حديثة على المطابع العراقية رافقتها بعض النواقص والملابسات المشابهة لما حصل للمواطن العراقي مازن ...... وتعرض الكثير من مواطنينا إلى إشكاليات في المطارات والمعابر الحدودية العالمية مما حدا بحكومة العراق إلى إصدار قانون جديد لمعالجة مثل هذه الحالات وإصدار جوازات سفر جديدة ذات طبعة جيدة متجاوزة النواقص التي رافقت الطبعات السابقة، وإن جواز السفر الرقم 19421. والصادر بتاريخ 16/4/2000 من مديرية الجوازات العامة في بغداد صدر بشكل أصولي باسم المواطن مازن ...... وهو من الطبعات القديمة والتي تتضمن بعض النواقص المنوه عنها أعلاه عليه، فإن ما ورد بتقرير المختبر الجنائي 1433/م/2002 فرع فحص المستندات وبالفقرات (1، 2، 3) هي من ضمن النواقص التي رافقت الطبعات القديمة وأن السفارة على استعداد لصرف جواز سفر جديد للمواطن مازن ..... وفقاً للقانون ...)
وبتاريخ 14/7/2002 اتهمت النيابة المتهم مازن...... بأنه شارك بطريق المساعدة آخرين حسنى النية المدعو زهير ...... وموظف بإدارة الجنسية والإقامة بأبوظبي في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو طلب إذن الدخول للزيارة والذي صدر بناء عليه إذن الزيارة رقم (1000300) بأن حرف الحقيقة فيه حال تحريره بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي الادعاء بامتلاكه لجواز سفر صحيح قدم صورته لهما فصدر بموجبه الاذن فتمت الجريمة بناء على تلك المشاركة، وبأنه شارك بطريق المساعدة آخرين حسني النية زهير... وموظفين في إدارة الجنسية والإقامة وإدارة الطب الوقائي بأبوظبي في تزوير محرر رسمي هو طلب الإقامة والذي صدر بناء عليه قسيمة الإقامة رقم (1012007049306) بأن حرف الحقيقة فيه حال تحريره بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي الادعاء أمامهم بصحة جواز سفره وقدمه لهم فصدرت بموجبه قسيمة الإقامة المذكورة فتمت الجريمة بناء على تلك المشاركة، وبأنه استعمل محرراً رسمياً مزوراً هو جواز السفر العراقي رقم (019421) وذلك بأن قدمه للسلطات المختصة مع علمه بتزويره، وبأنه استعمل محرراً رسمياً مزوراً هو (إذن الزيارة) سالف البيان فيما زور من أجله وذلك بأن قدمه للجهات المختصة بالدولة مع علمه بتزويره، وبأنه استعمل المحرر الرسمي المزور (قسيمة الإقامة) سالفة البيان فيما زورت من أجله بأن قدمها للسلطات المختصة أثناء الخروج والدخول مع علمه بتزويرها، وبأنه دخل البلاد بصورة غير مشروعة بأن دخلها بمستندات لا تجيز له ذلك، وبأنه أعطى بياناً كاذباً للسلطات المختصة بمطار أبو ظبي الدولي هو الإدعاء بملكيته لجواز سفر صحيح، وبأنه غادر البلاد بمستندات لا تجيز له ذلك وذلك وفقاً للمواد 121,82، 216/1-7، 218، 222/1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2/1، 3/1، 31، 33، 34، 35، 36 من القانون رقم 6/73 المعدل بالقانون رقم 13/96 في شأن دخول وإقامة الأجانب.
وما أن مثل بين يدي المحكمة حتى أنكر ما اتهم به واستمهل وكيله لإحضار شاهد دفاع وبجلسة 23/9/2002 حضر قنصل العراق في السفارة العراقية بأبوظبي وشهد بعد أدائه اليمين بأن جواز السفر الخاص بالمتهم هو جواز صحيح صادر من الجهات المختصة في العراق وقد أبلغت السفارة الجوازات ووزارة الخارجية والنيابة العامة بكتب رسمية صادرة منها بأن الجواز محل الاتهام هو جواز صحيح وأن البيانات الموجودة فيه صحيحة وكذلك الصورة فهي للمتهم، وأجاب بناء على سؤال عن تقرير المختبر الجنائي بوجود أخطاء في الجواز فقال بأن البلد محاصر وكان طبع الجوازات في السابق في سويسرا وإنكلترا وللظروف الخاصة بدأت طباعتها محلياً بأيدي مواطنين وقد حدثت بعض النواقص بهذه الطبعة التي منها جواز المتهم واستعملتها الجهات المختصة لتسليمها لطالبي الجوازات بالرغم من هذه العيوب، وحالياً تم تجاوز تلك الأخطاء وصدرت جوازات جديدة. ثم قدم وكيل المتهم مذكرة بدفاعه عن موكله أورد فيها بأن ما جاء به تقرير المختبر الجنائي من تغيير ونزع للصفحات الأصلية من جواز السفر موضوع الدعوى وتثبيت صفحات لجواز سفر آخر بدلاً عنها لا يشكل في حد ذاته جريمة تزوير طالما تم ذلك عن طريق وعلم السلطات المختصة التي أصدرته وطالما احتوى جواز السفر على البيانات الصحيحة الخاصة بحامله، إذ العبرة بصحة جواز السفر من عدمه هو بإقرار ومصادقة السلطة التي أصدرته دون اعتبار لأي خطأ أو تغيير يكتشف بعد ذلك طالما أخذت السلطة المختصة في دولة المصدر علماً بوجود هذا الخطأ أو التغيير وبقيت مصرة على صحته وصدوره عنها باعتبارها المرجعية الرسمية في تأييد صحة واقعة من عدمها أو مخالفتها للحقيقة أم لا، كما أنه ليس هناك أي مبرر لكي يقوم المتهم بتزوير جوز السفر الصادر باسمه طالما أنه لا يوجد موانع أو اعتراضات من قبل السلطات العراقية تمنع المتهم من استخراج جواز سفر له لسفره خارج البلاد، وقد شهد القنصل بصحة هذا الجواز وانتهى إلى التماس البراءة لموكله من التهم المنسوبة إليه.
وحيث إن مؤدى نص المادة 209 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35/92 أن القاضي يحكم في الدعوى حسب القناعة التي تكونت لديه،
كما أن مؤدى نص المادة 211 من ذات القانون أنه إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها تحكم المحكمة ببراءة المتهم...
وحيث إنه على ضوء ما سلف بيانه، فإن الأدلة غير كافية بحق المتهم حول ارتكابه التهم المسندة إليه لأنه ينكر هذه التهم في مراحل التحقيق والمحاكمة ويفيد بأن الجواز المضبوط هو جوازه والصورة المثبتة عليه هي صورته وهو جواز صحيح استصدره من دائرة الجوازات في بلده بغداد، ولأن الكتب الصادرة عن السفارة وشهادة القنصل فيها أمام المحكمة السالف بيانها تؤيد المتهم وتنطق بأن جوازه صحيح وصادر عن السلطة المختصة في العراق ولا يغير من صحته وجود بعض الأخطاء والتغييرات فيه لأن ذلك يرجع إلى ظروف الحصار التي تعيشها دولة العراق، ولأنه ليس في الأوراق ما يمنع السلطة العراقية من منح جواز سفر للمتهم بدليل تلك الكتب التي تتالت من سفارتها في دولة الإمارات التي تؤكد صحة هذا الجواز ولو كان هناك مانع من منحه جواز سفر لما أصدرت الدولة ممثلة بسفارتها هذه الكتب لتثبت صحة صدور الجواز عنها ونسبته إلى حائزه المتهم، وهو ما أكده القنصل أمام المحكمة حين شهد بعد أدائه القسم بأن جواز السفر الخاص بالمتهم هو جواز صحيح صادر من الجهات المختصة في العراق وأن البيانات الموجودة فيه صحيحة والصورة المثبتة عليه هي صورة المتهم. ولأنه فضلاً عن ذلك فإن وجود تغييرات قررها تقرير المختبر الجنائي بأبوظبي ليست أكثر من أثر- هو وجود هذه التغييرات- بعد أن استبان أن المؤثر- وهو السلطة مصدرة الجواز- قد أقرت بوقوع هذه التغييرات من قبلها واصفاً الجواز بأنه جواز صحيح في البيانات التي اشتمل عليها، وبذلك لم يعد المتهم مسؤولاً عما ورد في هذا الجواز الذي استعمله دخولاً إلى الدولة أو خروجاً منها اعتقادا منه أنه جواز صحيح صادر عن جهة رسمية مسؤولة ومختصة في دولته؛ الأمر الذي يجعل الأدلة غير كافية لإدانته بالتهم المسندة إليه مما يتعين معه إعلان براءته منها.
ولما كانت الدولة ممثلة بسفارتها في دولة الإمارات العربية المتحدة قد صرحت بوقوع أخطاء في جواز سفر المتهم صادرة عنها وأعربت عن استعدادها لمنحه جوازاً جديدا،ً فإن المحكمة ترى مصادرة الجواز المضبوط لما شابه من أخطاء أقرت بها السفارة العراقية في هذه الدولة.

* * *