طعن رقم 294 لسنة 29 القضائية لسنة 2002
هيئة المحكمة: الرئيس عمر بخيت العوض والمستشاران مصباح مصطفى أحمد وأحمد مصطفى أبشر.
1- عدم تقيد المحكمة بما هو مدون في التحقيق الابتدائي أو في محاضر الاستدلالات إلا عند نص القانون على خلاف ذلك.
2- اعتبار أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية مصدره قناعة القاضي الشخصية المكونة لديه.
3- اعتبار أنه مجرد وجود المتسللين الاثنين مع المتهم في السيارة غير دال بشكل قاطع على انه أدخلهما إلى الدولة وبخاصة أنهما نفيا علم السائق بأنهما متسللان.
4- وجوب تفسير الشك دائما لمصلحة المتهم عند عدم كفاية الدليل والقضاء تاليا بالبراءة للشك.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
(1) محكمة الموضوع "سلطتها". إثبات "تقدير الأدلة". تسلل. أمن دولة.
لا تلتزم المحكمة الأخذ بما هو مدون في محاضر الاستدلال أو محاضر التحقيق الابتدائي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. حسب القاضي أن يحكم في الدعوى وفق القناعة التي تكونت لديه. إنكار المتهم في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة أن يكون قد أدخل المتسللين وإنما كان يركب السيارة الأجرة متوجهاً إلى دبي حينما استوقفها المتسللان وركبا فيها بعد اتفاقهما مع السائق على الأجرة وقد أيده المتسللان في أقواله في تحقيقات النيابة مما يلقي بظلال كثيفة من الشك على اقتراف المتهم تهمة إدخال المتسللين إلى الدولة – يوجب الحكم ببراءته منها. المواد 208 و209 و211 إجراءات جزائية.
(2) اختصاص. محكمة عليا. تسلل. جوازات وإقامة.
الجرائم المسندة إلى المتهم بدخوله البلاد دون جواز سفر رسمي واستعماله محررا صحيحا يخص غيره مخالفاً أحكام القانون 6/1973 المعدل – تخرج عن اختصاص المحكمة العليا التي خصها القانون بنظر الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 32 و34 منه بما يوجب القضاء بعدم اختصاصها بنظرها وإحالة القضية بشأنها إلى النيابة العامة لتجري شئونها فيها.
1- إن مؤدى نص المادة 208 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35/92 أن المحكمة لا تتقيد بما هو مدون في التحقيق الابتدائي أو في محاضر الاستدلالات إلا إذا وجد في القانون نص على خلاف ذلك، ومؤدى نص المادة 209 من ذات القانون أن القاضي يحكم الدعوى حسب القناعة التي تكونت لديه ... وإنه على ضوء ما سلف بيانه فإن المتهم غلام ...... ينكر في مراحل التحقيق والمحاكمة أن يكون قد أدخل المتسللين: نظير ..... وعبدالله ..... من الجنسية الباكستانية إلى الدولة وأعرب عن يقينه بين يدي المحكمة أنه برئ من هذه التهمة، وكان قد أفاد بأنه كان يركب في سيارة أجرة في طريقه إلى دبي فاستوقفها المتسللان وركبا فيها بعد أن اتفقا مع سائقها على أن يوصلهما إلى دبي مقابل خمسين درهماً عن كل منهما. بل إن المتسلل عبدالله ...... يؤيده وينفي في محضر الاستدلال وتحقيقات النيابة أن يكون المتهم قد أدخله إلى الدولة، ويفيد بأنه التقى به صدفة بسيارة الأجرة التي استوقفها هو ورفيقه وركبا فيها لإيصالهما إلى دبي بعد أن اتفقا مع السائق على أن يكون مقدار الأجرة خمسين درهماً عن كل منهما. كما أن المتسلل نظير ..... يقرّ في محضر الاستدلال بأنه متسلل وبأن المتهم لم يقبض منه ومن رفيقه أي مبالغ مالية وينكر في تحقيقات النيابة أن يكون المتهم قد أدخله إلى الدولة، ويفيد بأنه تعرف عليه في السيارة التي أوقفاها ليستقلاها هو ورفيقه عبد الله إلى دبي مقابل خمسين درهماً لكل منهما وبذلك يكون قد رجع عن أقواله في محضر الاستدلال بشأن المتهم وهو رجوع تركن إليه المحكمة بعد أن اتفقت هذه الأقوال مع أقوال رفيقه عبدالله في محضر الاستدلال وتحقيقات النيابة ومع أقوال المتهم فيها وأمام المحكمة. وإن وكيل النيابة قرر بتاريخ 11/5/2001 دعوة سائق سيارة الأجرة بدلالة الشرطة إلا أنه لم يظهر وقد أشار الرقيب المحقق أحمد ........ إلى أنه علم من الشرطة أن السائق هو من المصادر السرية وكان المتهم قد ذكر في محضر الاستدلال بأنه أثناء السير سمع السائق يتكلم في الهاتـف المتحرك ويقول (عندي اثنان) ولدى الوصول إلى دوار الهيلي أوقفتهم دورية التحريات وقبضت عليهم. هذا وإن الشاهد الرقيب المحقق أحمد ....... أورد في شهادته أمام وكيل النيابة بأن المتهم ذكر أنه كان متسللاً وليس في هذه الشهادة أي دلالة على أن المتهم هو الذي أدخل المتسللين الاثنين إلى الدولة وتمحورت شهادته حول بطاقة مستخدم التي وجدت مع المتهم وكيفية الحصول عليها وإعطائه في محضر الاستدلال الاسم المدون فيها بأنه اسمه وهو ما يتصل بالتهم الأخرى المسندة إليه. وكان مجرد وجـود المتسللين الاثنين مع المتهم في السيارة - وعلى ضوء ما سلف بيانه- لا يدل دلالة قاطعة على أنه أدخلهما إلى الدولة وبخاصة وأنهما قد نفيا أن يكون قد علم أنهما متسللان وأن يكون قد قبض منهما أي مبلغ من المال. وكان يقرأ من خلال هذا كله أن هناك شكاً يلقي بظلاله على اقتراف المتهم تهمة إدخال المتسللين الاثنين إلى الدولة والشك يفسر دوماً لمصلحة المتهم الأمر الذي يجعل الأدلة غير كافية بحقه على اقترافها ويتعين الحكم ببراءته منها بحكم المادتين 209 ، 211 من قانون الإجراءات الجزائية.
2- لما كانت التهم الأخرى عدا الأولى فإن المادة 42 من القانون رقم 6/73 المعدل بالقانون رقم 13/96 قد خصت المحكمة الاتحادية العليا بنظر الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 32، 34 من هذا القانون مما يقتضي الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة لاتخاذ شئونها فيها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم ........ لأنه بتاريخ 28/2/2001 بدائرة العين:
1/ أدخل عدد اثنين أجانب من الجنسية الباكستانية إلى البلاد بالمخالفة لأحكام قانون دخول وإقامة الأجانب.
2/ دخل البلاد دون أن يكون لديه جواز سفر أو وثيقة سفر صالحتين أو تأشيرة أو إذن دخول أو تصريح إقامة يسمح له بالدخول.
3/ دخل البلاد من غير الأماكن المحددة بقرار وزير الداخلية ودون إتباع القواعد والنظم المقررة.
4/ استعمل محرراً رسمياً صحيحاً صادراً باسم غيره هي بطاقة المستخدم وذلك بأن عرضها على رجال الشرطة على النحو المبين بالأوراق.
لذلك طالبت النيابة بمعاقبة المتهم بالمواد 216/6، 218، 222/2 من قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1987 والمواد 1، 2، 3/1، 31، 32 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1996 في شأن دخول وإقامة الأجانب.
المحكمة،
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
حيث إن الواقعة تتلخص في أنه بتاريخ 3/3/2001 سئل إمام ......... في محضر الاستدلال فأجاب بأنه في مساء يوم 28/2/2001 كان وحده في موقف السيارات بالسوق فركب سيارة أجرة وتوجه إلى مطار دبي لاستقبال ابن عمه غلام ......... مقابل مائة وخمسين درهماً على أن يوصله وحده وأن لا يتوقف لأحد ولكن عند الوصول إلى دوار المربعة رأى شخصين من الجنسية الباكستانية لا يعرفهما قبلاً وأشارا على السائق بالوقف فتوقف وطلبا منه إيصالهما إلى إمارة دبي فاتفق معهما على مبلغ 50 درهماً لكل منهما وأثناء السير سمع السائق يتكلم في الهاتف المتحرك ويقول (عندي اثنان) ولدى الوصول إلى دوار الهيلي أوقفتهم دورية التحريات وقبض عليهم وبأنه لا يعرف سبب توقف السائق لهذين الشخصين اللذين علم بأنهما متسللان بعد القبض عليهما وبأن مبلغ 2155 درهماً الذي وجد معه قد دفعه له كفيله على ......... عن رواتب متأخرة منذ أربعة أيام وبأنه دخل الدولة منذ سنتين متسللاً ويقيم بولاية البريمي ويعمل في سوق المواشي بالعين وبأنه لا علاقة له بالشخصين اللذين سميا له: نظير ..... وعبدالله ...... وبأنه ادعى أن اسمه إمام ....... بناءً على بطاقة العمل رقم 902481 التي أبرزها للدلالة على هويته مع أن اسمه الحقيقي هو غلام ..... المعروف باسم عباس وأنه عندما وجد البطاقة في منطقة الهيلي قبل حوالي سبعة أشهر رأى أن الصورة التي عليها هي لشخص يشبهه تماماً فاحتفظ بها إثباتهاً لهويته وبأنه أعطى رقم هاتفه باسم عباس إلى نظير .... وعبدالله .... بناءً على طلبهما في سيارة الأجرة لكي يبحثا له عن عمل دون أن يخبرهما بأنه متسلل ونفى أن يكون قد أدخل متسللين إلى الدولة واعترف بأنه أدلى ببيانات كاذبة وأقام في الدولة بصورة غير مشروعة ثم سئل نظير .... فأجاب بأنه في مساء يوم 28/2/2001 قبض عليه أثناء توجهه بسيارة أجرة إلى دبي هو والمدعو عبدالله والمدعو عباس الذي يسكن معه لعدم وجود ما يثبت هويَّتهم ثم قال: (لا أعراف مكان سكنه –عباس- ولا أستطيع الدلالة عليه حيث إني حضرت للدولة منذ سبعة أيام فقط) ثم قال (أعرفه منذ حوالي ثمانية أيام حيث إنه عند وصولي إلى شواطئ سلطنة عمان استقبلنا شخص باكتساني الجنسية لا أعرف اسمه ومشينا لمدة يوم واحد على الأقدام وطلب منا الجلوس في الجبال وبعد مرور ساعة من الانتظار وكان هو معنا حضرت سيارة بيك آب كبيرة الحجم ... لا أعرف نوعها واسم سائقها ولم أره حيث ركبنا في الخلف وتحركت السيارة لمدة ساعة وبعدها وصلنا إلى منزل لا أعرف مكانه ونزلنا فيه وبعدها غادر سائق المركبة والشخص الآخر وفي صباح اليوم التالي حضر المدعو عباس وسألنا عما إذا كنا نرغب بالذهاب إلى دبي واتفق معنا على إعطائه مبلغ عشرين ألف روبية باكستانية عن كل شخص .... ثم ذكر –بناءً على الأسئلة التي وجهت له- بأن منزل المدعو عباس في البريمي ولكنه لا يعرف المكان ولم يكن أحد في المنزل عند الوصول وأن المدعو عباس حضر في صباح اليوم التالي وأن المقابل هو عشرون ألف روبية وقد تم دفع المبلغ إلى الشخص الذي أحضرهما من عمان وقد سألهما المدعو عباس عن دفعهما المبلغ فأجاباه بالإيجاب وأن المدعو عباس لم يستلم منهما أي مبالغ مالية وأنه هو الذي كان يحضر لهما المأكل والمشرب خلال إقامتهما في منزله وهو الذي أعطاهما رقم هاتفه المتحرك وساعدهما في الدخول إلى الدولة، ثم سئل عبدالله ...... فأجاب بأنه أثناء ذهابه بالسيارة مع المدهو نظير وشخص ثالث لا يعرف اسمه إلى دبي للبحث عن عمل أوقفتهم دورية الشرطة في منطقة الهيلي وقبضت عليهم لعدم وجود ما يثبت هوياتهم وبأنه حضر سويا مع نظير بحراً إلى جبال مسقط ثم إلى البريمي وجلسا في منزل فيها وبأنه وهو في عمان قابله شخص فسأله عن أي شخص يستطيع مساعدته في الحصول على عمل فأعطاه رقم هاتف عباس الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه أي شيء ولم يتصل به وأن الصدفة هي التي جمعته به في السيارة وبأن المقابل الذي دفعه للذهاب إلى دبي هو 50 درهماً للشخص الواحد وبأنه في داخل إيران أخذ منه شخص اسمه نور محمد مبلغ 18.000 روبية باكستانية لمساعدته في التسلل إلى الدولة.
ثم أحيلوا إلى وكيل النيابة حيث استجوب نظير .... فأفاد بأنه دخل الدولة متسللاً ومساء يوم 28/2/2001 أراد هو وزميله عبدالله التوجه من البريمي إلى دبي فاستوقفا سيارة أجرة وجدا فيها شخصاً والمدعو عباس وطلبا منهما أن يوصلاهما إلى دبي وأخذ السائق من كل منهما 50 درهماً وتعرف على عباس فأعطاهما رقم هاتفه لكي يخدمهما في المستقبل وفي الطريق استوقفهم رجال الشرطة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشرطة وبأنه لا يعرف سائق السيارة الذي لا يعلم أنه ورفيقه متسللان كما أن عباس لا يعلم ذلك وليس لديه أي علاقة وتعرف عليه في سيارة الأجرة وأجاب – بناءً على أسئلة وكيل النيابة- بأنه لم يقل للشرطة بأنه كان على علاقة بالمدعو عباس وبأنه كان يعلم أنه ورفيقه متسللان وأحضر لهما سيارة الأجرة لنقلهما إلى دبي، ثم قال (ولكن الشرطة قاموا بضربي) وبأنه لا صحة لقوله في الشرطة بأنه تعرف على المدعو عباس في سلطنة عمان كما لا صحة لما جاء بأقواله في الشرطة عندما واجهوه بأقوال المدعو عباس بأن أقواله هي الصحيحة، ثم استجوب عبدالله حاجي ...... فأفاد بأنه دخل الدولة متسللاً وبتاريخ 28/2/2001 كان في منطقة البريمي هو ونظير .... وأرادا الاتجاه إلى دبي فاستوقفا سيارة أجرة ركبا فيها وتعرف على المدعو عباس في السيارة وفي الطريق استوقفتهما الشرطة وقبضوا عليهما وبأنه لم يتعرف على سائق السيارة الذي لا يعلم أنه ورفيقه متسللان ولا صحة لقول نظير بالشرطة من أن المتهم غلام ... هو الذي ساعده وأحضره إلى ولاية البريمي ثم إلى العين، ثم استجوب المتهم غلام ... فأفاد بأنه يعترف بدخوله الدولة متسللاً قادماً من إيران إلى عجمان قبل سنتين وعمل حمالاً في سوق المواشي بالعين وفي يوم الواقعة ركب سيارة أجرة من موقف سيارات العين وعند الوصول إلى البريمي استوقفهما شخصان ليركبا فطلب السائق من كل واحد منهما خمسين درهماً وقد أعطاهما رقم الهاتف في السيارة وطلبا منه أن يعملا معه في المواشي وعند الوصول إلى نقطة تفتيش الهير أخذ رجال الشرطة منه البطاقة باسم إمام ..... وقاموا بتدوين هذا الاسم على أنه اسمه وقد سكت ثم اعترف لهم بأنه ليس صاحب البطاقة وبأنه ليس له أي علاقة بالمدعويين نظير وعبدالله ولا صحة لقول نظير في الشرطة بأنه كان يساعدهما في البريمي وبأنه أحضرهما إلى العين وعرض عليهما الذهاب إلى دبي وأنهما هما اللذان طلبا منه رقم الهاتف لأنهما يبحثان عن عمل وبأن صاحب السيارة هو الذي أعطاه البطاقة وأن رجال الشرطة هم الذين دونوا هذا الاسم ولم يقل لهم بأنه هو صاحب البطاقة حتى يخلي سبيله كما لم يقل لهم بأنه وجدها بمنطقة الهيلي وأن صاحبها يشبهه وهو لا يعرف سائق السيارة وأنكر أن يكون قد ساعد متسللين بدخول الدولة واعترف بدخوله البلاد بصورة غير مشروعة ثم استشهد الرقيب أحمد ..... الذي حقق مع المتهم وظفير فشهد بعد أن سمى المتهم أنه عبدالمالك حاجي بأنه عندما سأله في المركز أثناء التحقيق أقر بأنه صاحب البطاقة المضبوطة وعندما استجوبه اعترف له بأنه ليس صاحب هذه البطاقة وأنه دخل الدولة متسللاً ثم أخبره بأنه حصل على البطاقة من الشارع فأخذها لوجود تشابه في الصورة ثم ردد ذلك بعد أن سئل عن علاقته بالمتهم غلام .... ثم أجاب على سؤاله عن صاحب سيارة الأجرة فقال (أنا لا أعرفه وأخبر في الشرطة أنه من مصادرهم السرية) ثم اتهمت النيابة المتهم بإدخاله أجنبيين اثنين من الجنسية الباكستانية إلى البلاد وبدخوله لها دون أن يكون لديه جواز سفر أو وثيقة سفر أو تأشيرة أو إذن دخول أو تصريح إقامة يسمح له بالدخول وبدخوله لها من غير الأماكن المحددة بقرار وزير الداخلة ودون اتباع القواعد والنظم المقررة وباستعماله محرراً رسمياً صحيحاً صادراً باسم غيره هي بطاقة المستخدم بعرضها على رجال الشرطة على النحو المبين بالأوراق. ولدى مثوله بين يدي المحكمة أنكر التهمة الأولى واعترف بالتهمة الثانية والثالثة وقال (أنا دخلت متسللاً ولم أحضر أحداً إلى البلاد وكانت البطاقة في جيبي وعند التفتيش تم ضبطها وإن نظير قال هذا الكلام بعد أن ضربوه في الشرطة) وطلب البراءة من تهمة إدخال متسللين ثم سألته المحكمة (هل لديك إضافة أخرى) فأجاب قائلاً (لا شيء غير أنني متيقن أني برئ من التهمة) ثم حجزت القضية للحكم بجلسة اليوم.
وحيث إن مؤدى نص المادة 208 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35/92 أن المحكمة لا تتقيد بما هو مدون في التحقيق الابتدائي أو في محاضر الاستدلالات إلا إذا وجد في القانون نص على خلاف ذلك،
ومؤدى نص المادة 209 من ذات القانون أن القاضي يحكم الدعوى حسب القناعة التي تكونت لديه ...
وحيث إنه على ضوء ما سلف بيانه فإن المتهم غلام .... ينكر في مراحل التحقيق والمحاكمة أن يكون قد أدخل المتسللين: نظير .... وعبدالله من الجنسية الباكستانية إلى الدولة وأعرب عن يقينه بين يدي المحكمة أنه برئ من هذه التهمة وكان قد أفاد بأنه كان يركب في سيارة أجرة في طريقه إلى دبي فاستوقفها المتسللان وركبا فيها بعد أن اتفقا مع سائقها على أن يوصلهما إلى دبي مقابل خمسين درهماً عن كل منهما.
وحيث إن المتسلل عبدالله .... يؤيده وينفي في محضر الاستدلال وتحقيقات النيابة أن يكون المتهم قد أدخله إلى الدولة ويفيد بأنه التقى به صدقة بسيارة الأجرة التي استوقفها هو ورفيقه وركبا فيها لإيصالهما إلى دبي بعد أن اتفقا مع السائق على أن يكون مقدار الأجرة خمسين درهماً عن كل منهما.
وحيث إن المتسلل نظير ... يقرّ في محضر الاستدلال بأنه متسلل وبأن المتهم لم يقبض منه ومن رفيقه أي مبالغ مالية وينكر في تحقيقات النيابة أن يكون المتهم قد أدخله إلى الدولة ويفيد بأنه تعرف عليه في السيارة التي أوقفاها ليستقلاها هو ورفيقه عبدالله إلى دبي مقابل خمسين درهماً لكل منهما وبذلك يكون قد رجع عن أقواله في محضر الاستدلال بشأن المتهم وهو رجوع تركن إليه المحكمة بعد أن اتفقت هذه الأقوال مع أقوال رفيقه عبدالله في محضر الاستدلال وتحقيقات النيابة ومع أقوال المتهم فيها وأمام المحكمة.
وحيث إن وكيل النيابة قرر بتاريخ 11/5/2001 دعوة سائق سيارة الأجرة بدلالة الشرطة إلا أنه لم يظهر وقد أشار الرقيب المحقق أحمد ..... إلى أنه علم من الشرطة أن السائق هو من المصادر السرية وكان المتهم قد ذكر في محضر الاستدلال بأنه أثناء السير سمع السائق يتكلم في الهاتف المتحرك ويقول (عندي اثنان) ولدى الوصول إلى دوار الهيلي أوقفتهم دورية التحريات وقبضت عليهم.
وحيث إن الشاهد الرقيب المحقق أحمد ..... أورد في شهادته أمام وكيل النيابة بأن المتهم ذكر أنه كان متسللاً وليس في هذه الشهادة أي دلالة على أن المتهم هو الذي أدخل المتسللين الاثنين إلى الدولة وتمحورت شهادته حول بطاقة مستخدم التي وجدت مع المتهم وكيفية الحصول عليها وإعطائه في محضر الاستدلال الاسم المدون فيها بأنه اسمه وهو ما يتصل بالتهم الأخرى المسندة إليه.
وحيث إن مجرد وجود المتسللين الاثنين مع المتهم في السيارة - وعلى ضوء ما سلف بيانه- لا يدل دلالة قاطعة على أنه أدخلهما إلى الدولة وبخاصة وأنهما قد نفيا أن يكون قد علم أنهما متسللان وأن يكون قد قبض منهما أي مبلغ من المال.
وحيث إنه يقرأ من خلال هذا كله أن هناك شكاً يلقي بظلاله على اقتراف المتهم تهمة إدخال المتسللين الاثنين إلى الدولة والشك يفسر دوماً لمصلحة المتهم الأمر الذي يجعل الأدلة غير كافية بحقه على اقترافها ويتعين الحكم ببراءته منها بحكم المادتين 209، 211 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما عن التهم الأخرى - عدا الأولى - المسندة إلى المتهم فإن المادة 42 من القانون رقم 6/73 المعدل بالقانون رقم 13/96 قد خصت المحكمة الاتحادية العليا بنظر الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 32، 34 من هذا القانون مما يقتضي الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة لاتخاذ شئونها فيها.

* * *