الطعن رقم 684 لسنة 2023 أحوال شخصية
صادر بتاريخ 02/10/2023
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/فلاح شايع الهاجري " رئيس الدائرة " وعضوية السادة القضاة/جمعة إبراهيم محمد العتيبي والطيب عبد الغفور عبد الوهاب.
1- شروط أسباب الطعن المرفوع من النائب العام لمصلحة القانون.
2- شروط تحقق الخطأ القانوني في قضاء الحكم المطعون فيه.
3- اعتبار الطعن المقدم من النائب العام قد حاز أوضاعه الشكلية بإقامته خلال سنة من صدور الحكم المطعون فيه بسبب الادعاء بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله.
4- ماهية الطلاق.
5- أشكال وقوع الطلاق.
6- ماهية اللفظ الصريح و اللفظ الكنائي في الطلاق.
7- وقوع الطلاق من الزوج أو من وكيله.
8- إشتراط وقوع الطلاق على الزوجة كونها في زواج صحيح وغير معتدة.
9- أنواع الطلاق.
10- شرط إنهاء عقد الزواج بموجب الطلاق الرجعي.
11- تحديد وقت إنهاء الطلاق البائن لعقد الزواج وأنواعه.
12- وقوع كل طلاق رجعياً بإستثناء الطلاق المكمل للثلاث والطلاق قبل الدخول وما ورد النص على بينونته.
13- وقوع الطلاق بتصريح من الزوج وبتوثيق القاضي وفي حال وقوعه خلافاً لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت للمحكمة تاريخٌ سابق.
14- أثر تطليق الرجل زوجته طلاقاً بائنا أو رجعيا في تاريخ متقدم على إقراره الحالي دون وجود بينة تشهد بوقوع الطلاق في التاريخ السابق على وقت استئناف الزوجة عدتها.
15- عدم اعتبار الإقرار اللاحق لحساب العدة من التاريخ السابق ولو صادقت المرأة الرجل على ذلك دفعا لما قد يكون من التواطؤ على إسقاط العدة.
16- تحديد المحررات الرسمية ونطاق حجيتها.
17- اعتبار الإقرار حجة على المقر ومن غير الجائز الرجوع عنه بصدوره من المقر غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة وغير محجور عليه.
18- اعتبار العدة من آثار الفرقة.
19- ماهية العدة في القضاء الشرعي والفقه الإسلامي.
20- عدم جواز اسقاط العدة أو الغائها وهي معلومة من الدين بالضرورة ومحددة في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ولا سلطة لأحد في التدخل فيها.
21- غاية العدة.
22- حالات سريان العدة
23- تحديد مدة اعتداد المتوفى عنها زوجها في زواج صحيح ولو قبل الدخول.
24- حالات إنقضاء عدة الحامل.
25- لا عدة على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة.
26- تحديد مدة عدة المطلقة غير الحامل.
27- اعتبار الطلاق حق الزوج.
28- سبب إحصاء العدة للزوجة بعد الفرقة من زوجها.
29 احتساب الأقراء عند العدة بالأطهار.
30- ماهية الاقرار.
31- سلطة محكمة الموضوع في تفسير الإقرار وتكييفه ولها التأكد من صحة الإقرار وعدم صدوره معيباً بعيبٍ من عيوب الإرادة والتأكد من أهلية المقر وصدقه.
32- شروط صحة الاقرار.
33- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بإسناد تواريخ الطلاق إلى التاريخ الذي ذكره المطعون ضده خلاف الحقيقة والواقع مع انعدام الدليل ومع البينة العكسية من الزوجة واعتماداً على الإقرار الباطل من المطعون ضده وبالمخالفة لنص المادة 106 من قانون الأحوال الشخصية مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وإهدار أدلة الإثبات الشرعية والقانونية وتقريره بإثبات الطلاق الكاذب الوهمي.
(1) طعن "الطعن لمصلحة القانون من النائب العام".
- الطعن المرفوع من النائب العام. أسبابه وشروطه. م 176 ق 42 لسنة 2022.
(2- 10) فرق الزواج "الطلاق: تعريفه ووقوعه وجهة صدوره وحالاته وأنواعه وتوصيفه وكيفية وقوع الرجعة وتوثيقها" "أثار الفرقة: العدة: توقيت بدئها وكيفية إحصائها". إثبات "طرق الإثبات: المحررات الرسمية والإقرار".
(2) الطلاق هو إنهاء عقد الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة له شرعاً. وقوعه من الزوج أو من وكيله باللفظ أو بالكتابة وبالإشارة المفهومة عند العجز عنهما على الزوجة غير المعتدة. اللفظ الصريح واللفظ الكنائي. ماهيتهما.
(3) الطلاق نوعان. رجعي وبائن. ماهيتهما. وقوعه يكون بتصريح من الزوج وتوثيق من القاضي. إثباته خلافاً لذلك بالبينة أو الإقرار. تاريخ وقوعه يسند إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت تاريخ أسبق.
(4)
(5) المحررات الرسمية. ماهيتها. حجيتها على الكل بما دون فيها ما لم يتبين تزويرها.
(6) الإقرار. حجة على المقر لا يقبل منه الرجوع فيه. شرط ذلك.
(7) العِدّةُ. من أثار الفرقة. ماهيتها. إحصاء من الزوجة لمُدة تتربصٍ فيها وتقضيها وجوباً دون زواج إثر الفرقة والطلاق حتى ينقضي ما بقيَ من آثار الزواج أو شبهة الزواج. إسقاطها أو إلغائها. غير جائز. علة ذلك. لكونها من النظام العام في الإسلام ومعلومة من الدين بالضرورة. غايتها معلومة. تاريخ بدايتها ومدتها. ماهيتهما. أساس ذلك.
(8) إحصاء العدة. موكول للزوجة بعد الفرقة ويقبل قولها دون يمين وأن الأقراء عند المعتدة محسوب بالأطهار. علة ذلك وأساسه.
(9) الإقرار. اعتراف من المقر بحق عليه لأخر على سبيل الجزم واليقين. أصل ذلك من القرآن والسنة. لمحكمة الموضوع التأكد من أهلية المقر وصحة الإقرار وعدم صدوره معيباً بعيب من عيوب الرضا وتفسيره وتكيفه قضائياً أو غير قضائي بسيطاً أو موصوفاً أو مركباً صريحاً أو ضمنياً.
(10) تمسك الزوجة المدعى عليها بإنكار قيام الزوج المطعون ضده بتطليقها في السنوات المدعي بها وتقديمها قرينة على ذلك هي الدعوى المقامة منها ضد المطعون ضده والتي طلبت فيها منه حسن العشرة وتجديد الإقامة ونفقة زوجية ونفقة الولد والتي صادق المطعون ضده على الزوجية فيها ولم يذكر تصرفه بتطليقها سابقاً وتم عقد الصلح بينهما على ذلك. دفاع جوهري. عدم التزام الحكم المطعون فيه الأثر القانوني لأدلة الإثبات الشرعية والقانونية المقدمة من الزوجة وإقرار الزوج وتجاهله للدفاع الجوهري وإغفال بحثه واعتماداً على الإقرار الباطل من المطعون ضده. قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وإهدار لأدلة الإثبات الشرعية والقانونية وخطأ في فهم الواقع جره إلى مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية مما يوجب نقضه بشأن تاريخ إسناد تاريخ الطلاق.
(11) نقض " آثر نقض الحكم في مسائل الأحوال الشخصية ".
- نقض الحكم كله أو بعضه في مسائل الأحوال الشخصية. أثره. تصدي المحكمة لموضوع الدعوى. أساس ذلك؟
1- المقرر أن مفاد نص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية أنه يجب أن تكون أسباب الطعن المرفوع من النائب العام لمصلحة القانون متضمنة ما يعد تعييباً للحكم المطعون فيه بمخالفة القانون أو خطأ تطبيقه أو تأويله وهو الخطأ القانوني الذي قد يرد صراحة أو ضمناً في أسباب الحكم مرتبطاً بمنطوقه بحيث يكون قضاؤه مؤسساً على هذا العيب ويتحقق الخطأ القانوني إذا كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على خلاف نص قانوني أو بني على قاعدة قانونية خاطئة، وإذ كان ذلك وكان النائب العام قد أقام طعنه خلال سنة من صدور الحكم المطعون فيه بسبب الادعاء بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم يكون الطعن المقدم من النائب العام قد حاز أوضاعه الشكلية.
2- المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وقانون الأحوال الشخصية أن الطلاق هو إنهاء عقد الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة له شرعا وأنه يقع باللفظ أو بالكتابة وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة، واللفظ الصريح في الطلاق هو الذي لا يحتمل غير الطلاق فإنه يقع فيه الطلاق من غير حاجة إلى النية أما اللفظ الكنائي فهو الذي يحتمل إرادة الطلاق وغيره فلا يقع فيه الطلاق إلا بالنية وهو مذهب السادة المالكية والسادة الشافعية، ويقع الطلاق من الزوج أو من وكيله، ولا يقع الطلاق على الزوجة إلا إذا كانت في زواج صحيح وغير معتدة.
3- المقرر - في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وقانون الأحوال الشخصية – أن الطلاق نوعان رجعي وبائن، والطلاق الرجعي لا ينهي عقد الزواج إلا بانقضاء العدة، والطلاق البائن ينهي عقد الزواج حين وقوعه، وهو نوعان الطلاق البائن بينونة صغرى ولا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعقد وصداق جديدين والطلاق البائن بينونة كبرى ولا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها فعلاً في زواج صحيح ، وكل طلاق يقع رجعيًا إلا الطلاق المكمل للثلاث، والطلاق قبل الدخول، وما ورد النص على بينونته، ويقع الطلاق بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت للمحكمة تاريخٌ سابق.
4- كما أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً بائنا أو رجعيا في تاريخ متقدم على إقراره الحالي دون أن تكون هناك بينة تشهد بوقوع الطلاق في التاريخ السابق فإن الزوجة تستأنف عدتها من وقت إقراره اللاحق وذلك لكون المدة حقاً لله فيجب التثبت في شأنها ولا يكفي الإقرار اللاحق لحساب العدة من التاريخ السابق ولو صادقت المرأة الرجل على ذلك دفعا لما قد يكون من التواطؤ على إسقاط العدة التي هي لحفظ الأنساب وهو أمر يتعلق بحق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في شرح الزرقاني لخليل جع (ص 208 و209) وإن أقر صحیح بطلاق بائن أو رجعي متقدم من وقت إقراره في سفر أو حضر ولا بينة لديه استأنفت المدة من وقت إقراره فيصدق في الطلاق لا في إسناده للوقت السابق ولو صدقته المرأة لما فيه من إسقاط حق الله سبحانه وتعالى وهو العدة، ومثل ذلك جاء في الشرح الصغير للدردير (ج) 2ص 683 والشرح الكبير (ج) 2 ص 477، والأصل بقاء ما كان على ما كان وما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه.
5- المقرر قانونا أن المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، والمحرر الرسمي حجة على الكل بما دوّن فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويره بالطرق المقررة قانونا.
6- المقرر أن الإقرار حجة على المقر ولا يقبل منه الرجوع فيه طالما صدر من المقر طائعا مختارا غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة ، ولم يكن التصرف من محجور عليه.
7- المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء أن من آثار الفرقة العدة، والعدة في القضاء الشرعي والفقه الإسلامي هي الإحصاء وهي مُدة تربصٍ تقضيها الزوجة وجوباً دون زواج إثر الفرقة والطلاق حتى ينقضي ما بقيَ من آثار الزواج أو شبهة الزواج كالوطء بشبهة ، والعدة هي من النظام العام في الإسلام فلا يملك أحد إسقاطها أو إلغاءها ألبتة وهي معلومة من الدين بالضرورة ومحددة في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ولا سلطة لأحد في التدخل فيها حتى ينقضي ما بقي من آثار الزواج ، وغايتها معلومة ومن ذلك تهيئة الفرصة لإعادة بناء بيت الزوجية الذي انهار بالطلاق الرجعي وصيانة الأنساب وحرصاً عليها من التداخل وبراءة الرحم، وإظهار قداسة الحياة الزوجية في العدة بسبب الوفاة، وتبتدئ العدة منذ وقوع الفرقة والطلاق أو المخالعة أو التطليق بعد الدخول أو الفسخ بعد الدخول أو المتاركة بعد الوطء بشبهة ، وتبتدئ العدة في حالة الوطء بشبهة من آخر وطء. كما تبتدئ العدة في الزواج من تاريخ المتاركة أو تفريق القاضي أو موت الرجل حقيقةً أو حكماً بصدور حكم القاضي بموت المفقود وصيرورته باتاً، كما تبتدئ العدة في حالة القضاء بالتطليق، أو التفريق، أو الفسخ، أو بطلان العقد أو الحكم بموت المفقود من حين صيرورة الحكم باتًا ، وتعتد المتوفى عنها زوجها في زواج صحيح ولو قبل الدخول أربعة أشهر وعشرة أيام ما لم تكن حاملاً، وتنقضي عدة الحامل بوضع حملها أو سقوطه، وتعتد المدخول بها في عقد باطل أو بشبهة إذا توفي عنها الرجل عدة الطلاق براءة للرحم، ولا عدة على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة، وعدة المطلقة غير الحامل ثلاثة أطهار لذوات الحيض (وتصدق بانقضائها في المدة الممكنة( والعدة ثلاثة أشهر لمن لم تحض أصلاً أو بلغت سن اليأس وانقطع حيضها فإن رأت الحيض قبل انقضائها استأنفت العدة بثلاثة أطهار، وثلاثة أشهر لممتدة الدم إن لم تكن لها عادة معروفة، فإن كانت لها عادة تذكرها أتبعتها في حساب العدة، وأقل الأجلين من ثلاثة أطهار أو سنة لا حيض فيها لمن انقطع حيضها قبل سن اليأس، قال سبحانه وتعالى عز من قائل جل جلاله في محكم التنزيل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(، وقد أكد الأئمة الأربعة يرحمهم الله أن هذا أمر من اللّه سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت، والمراد بالأقراء الأطهار، قال سبحانه وتعالى عز من قائل وهو الحكيم في أمره وشرعه وقدره (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). صدق اللهُ العظيم، وقد روى ابن ماجه وحسنه الألباني في سنن ابن ماجه [1/672 برقم 2081] عن ابن عباس رضي الله عنهما هم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق ."ومعنى ذلك أن الطلاق حق الزوج.
8- المقرر شرعا أن الشارع قد وكل إحصاء العدة للزوجة بعد الفرقة من زوجها لأنها هي الأدرى بحالها وائتمنها على ذلك حيث قال تعالى في محكم كتابه "وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" وكان ذلك ما ذهب إليه المذهب المالكي المعمول به في الدولة، فقد جاء في تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : ويقبل قول المرأة أنها انقضت عدتها ولا يمين عليها إذا كان الزمن ممكنا وإن كان خلاف عادتها كما قال القاضي أبو بكر محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي في تحفة الحكام :-
ومن يطلق طلقة رجعية ثم أراد العودَ للزوجية
فالقول للزوجة واليمين على انقضاء عدة تبين
كما أورد في الشرح أنه إذ كان الطلاق رجعيا واختلفا في انقضاء العدة فالقول للزوجة مع يمينها وذلك على ما درج عليه الناظم والمشهور أنها تصدق بغير يمين إذا أمكن خروجها، كما أن من المقرر في المذهب المالكي الذي عليه العمل في الدولة أن الأقراء عند العدة تحسب بالأطهار وقد دل على ذلك مفهوم المادة 139/1 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي ومذكرته الإيضاحية حيث أوضحت أن مفهوم القرء هو الطهر وليس الحيض.
9- المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والقانون على السواء أن الإقرار هو الاعتراف بالمدّعى بهِ، وهو اعتراف المقر بحقٍ عليه لآخر في صيغةٍ تفيد ثبوت الحق المقرر به على سبيل الجزم واليقين وإخبار الإنسان عن حقٍ عليه لآخر عملاً بقول الله سبحانه وتعالى عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم: (قل الحقّ ولو على نفسك) وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم: (قل الحقَّ وإن كان مرّاً) مع سلطة محكمة الموضوع في تفسير الإقرار وتكييفه سواء كان إقراراً قضائياً أو إقراراً غير قضائي ولها التأكد من صحة الإقرار وعدم صدوره معيباً بعيبٍ من عيوب الإرادة والتأكد من أهلية المقر وصدقه وعدم تعمده وتحريه الكذب وذلك أن الإقرار يجب أن يصدر من شخص مكلف يعي مرمى إقراره وإلزام نفسه بهِ طالما لم يكن أثره متعدياً إلى الغير، وكان خالياً من عيوب الإرادة، وسواء كان الإقرار بسيطاً أو موصوفاً أو مركباً ، صريحاً أو ضمنياً وباعتبار أن تقدير الإقرار متروك للمحكمة.
10- لما كان ذلك وكانت الزوجة المدعى عليها تقدمت بجوابها على الدعوى وأنكرت قيام الزوج المطعون ضده بتطليقها في السنوات 2013 و2015 و2018 وقدمت لذلك قرينة الدعوى المقامة منها ضد المطعون ضده رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية الشارقة والتي تطلب فيها منه حسن العشرة وتجديد الإقامة ونفقة زوجية مع نفقة الولد يامن وأنه بذات جلسة 18/4/2019 صادق المطعون ضده على الزوجية ولم يذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وأبرما لذلك عقد صلح ومن سعى لنقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، وطلبت تقديم بينتها الشرعية، لما كان ذلك وكان من المقرر قانوناً أن الطلاق يقع بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت للمحكمة تاريخٌ سابق وهو ما لم يكن في هذه الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه لم يلتزم بالأثر القانوني لأدلة الإثبات الشرعية والقانونية المقدمة في الدعوى ومنها الأدلة الكتابية والقرائن وإقرار المطعون ضده في الدعوى رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية الشارقة بجلسة 18/4/2019 بالزوجية وعدم ذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وتأكيده أمام المحكمة أن المستأنفة ما زالت زوجته حتى تاريخ جلسة 18/4/2019 وحجية هذا الحكم، ولا عبرة بالتوهم، والثابت بالبرهان كالثابت بالعيان، والمرء ملزم بإقراره، وباعتبار أن الواقعة المادية والقانونية المتمثلة في بقاء الزوجية حتى تاريخ 18/4/2019 وأن علاقة الزوجية مستمرة مع المطعون ضده بموجب أدلة الإثبات الشرعية، واليقين لا يزول بالشك، مع عدم البينة من المطعون ضده لتاريخ إسناده للطلاق للوقت السابق الذي ذكره الحكم المطعون فيه، وذلك أن الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته، إلا أن الحكم المطعون فيه قد تجاهل هذا الدفاع الجوهري وأغفل بحثه وتمحيصه بالقدر اللازم وأسند تواريخ الطلاق إلى التاريخ الذي ذكره المطعون ضده خلاف الحقيقة والواقع مع انعدام الدليل ومع البينة العكسية من الزوجة واعتماداً على الإقرار الباطل من المطعون ضده، وبالمخالفة لنص المادة 106 من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على أن الطلاق يقع بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار مما شاب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وإهدار أدلة الإثبات الشرعية والقانونية وتقريره بإثبات الطلاق الكاذب الوهمي، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع وتقدير الأدلة والذي جره إلى مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والقانون مما يوجب نقضه بشأن تاريخ إسناد تاريخ الطلاق.
11- المقرر بنص المادة الثالثة عشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 أنه إذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه كله أو بعضه وجب عليها أن تتصدى للموضوع. ونظرا لما تقدم.
المحكمة
حيث أن وقائع الدعوى تتلخص في أن المدعي المطعون ضده رفع دعواه الابتدائية ملتمساً الحكم له بإثبات الطلاق الواقع منه على زوجته في السنوات 2013 و2015 و2017 و2018.
تقدمت الزوجة المدعى عليها بجوابها على الدعوى وأنكرت أن يكون الزوج المطعون ضده طلقها، وقررت أن هذه الدعوى كيدية الهدف منها إسقاط النفقة المحكوم بها في الدعوى رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية ...... وتمسكت بالأدلة الشرعية وشهادة الشهود والأقارب والأرحام والجيران الذين يشهدون أنها والمطعون ضده يسكنون في بيت واحد حياة الأزواج مع عدم صحة ادعاء الزوج المطعون ضده بأنه طلقها سابقاً وقدمت لذلك قرينة الدعوى المقامة منها ضد المطعون ضده رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية ..... والتي تطلب فيها منه حسن العشرة وتجديد الإقامة ونفقة زوجية مع نفقة الولد ....... وأنه بذات جلسة 18/4/2019 صادق المطعون ضده على الزوجية ولم يذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وأبرما لذلك عقد صلح، وأنها مستمرة في تنفيذ السند التنفيذي المتمثل في الحكم بعدم طردها من البيت بسبب المطعون ضده وصدرت ضده الإجراءات التنفيذية وأنه بدأ يتهرب من التنفيذ ومن ذلك الادعاء بالطلاق الكاذب سابقاً.
وبجلسة 5/1/2023 حكمت المحكمة الابتدائية بإثبات الطلقة الرجعية الأولى في 29/8/2013 وصحة الرجعة وإثبات الطلقة الثانية البائنة بينونة صغرى في 5/2015 وعدم المراجعة بعدها، وعدم وقوع الطلقة الثالثة في 1/6/2018 والطلقة الرابعة في المحكمة بجلسة 26/12/2022.
طعنت الزوجة في هذا الحكم بالاستئناف. وبجلسة 16/3/2023 حكمت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف على سند أن المدعى عليه الزوج المطعون ضده أقر بأنه طلقها في سنتي 2013 و2015.
وبتاريخ 26/6/2023 تقدم النائب العام بالطعن لمصلحة القانون على سند أن الزوجة المدعى عليها تقدمت بجوابها على الدعوى وأنكرت قيام الزوج المطعون ضده بتطليقها في السنوات 2013 و2015 و2018 وقدمت لذلك قرينة الدعوى المقامة منها ضد المطعون ضده رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية الشارقة والتي تطلب فيها منه حسن العشرة وتجديد الإقامة ونفقة زوجية مع نفقة الولد ....... وأنه بذات جلسة 18/4/2019 صادق المطعون ضده على الزوجية ولم يذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وأبرما لذلك عقد صلح، وطلبت تقديم بينتها الشرعية، إلا أن الحكم المطعون فيه قد تجاهل هذا الدفاع الجوهري وأغفل بحثه وتمحيصه بالقدر اللازم وأسند تواريخ الطلاق إلى التاريخ الذي ذكره المطعون ضده مع انعدام الدليل وبالمخالفة لنص المادة 106 من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على أن الإقرار بالطلاق يسند إلى تاريخ الإقرار، وإذ عرض الطعن في غرفة المشورة فرأت الهيئة أنه جدير بالنظر.
وحيث إن من المقرر بنص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية أن "1- للنائب العام أن يطعن بطريق النقض أو التمييز من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من وزير العدل أو رئيس الجهة القضائية المحلية حسب الأحوال، مرفقاً به أسباب الطعن، وذلك في الأحكام الانتهائية أيا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك في الأحوال الآتية: أ- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. ب- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن أو رفعوا طعناً فيها قضي بعدم قبوله. 2- يرفع النائب العام الطعن بصحيفة يوقعها خلال سنة من تاريخ صدور الحكم وتنظر المحكمة الطعن في غرفة مشورة بغير دعوه الخصوم ويفيد هذا الطعن الخصوم"، بما لازمه أنه يجب أن تكون أسباب الطعن المرفوع من النائب العام لمصلحة القانون متضمنة ما يعد تعييباً للحكم المطعون فيه بمخالفة القانون أو خطأ تطبيقه أو تأويله وهو الخطأ القانوني الذي قد يرد صراحة أو ضمناً في أسباب الحكم مرتبطاً بمنطوقه بحيث يكون قضاؤه مؤسساً على هذا العيب
ويتحقق الخطأ القانوني إذا كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على خلاف نص قانوني أو بني على قاعدة قانونية خاطئة،
وإذ كان ذلك وكان النائب العام قد أقام طعنه خلال سنة من صدور الحكم المطعون فيه بسبب الادعاء بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم يكون الطعن المقدم من النائب العام قد حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن نعي النائب العام سالف الذكر سديد وذلك
أن من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وقانون الأحوال الشخصية أن الطلاق هو إنهاء عقد الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة له شرعا
وأنه يقع باللفظ أو بالكتابة وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة،
واللفظ الصريح في الطلاق هو الذي لا يحتمل غير الطلاق فإنه يقع فيه الطلاق من غير حاجة إلى النية أما اللفظ الكنائي فهو الذي يحتمل إرادة الطلاق وغيره فلا يقع فيه الطلاق إلا بالنية وهو مذهب السادة المالكية والسادة الشافعية،
ويقع الطلاق من الزوج أو من وكيله،
ولا يقع الطلاق على الزوجة إلا إذا كانت في زواج صحيح وغير معتدة،
والطلاق نوعان رجعي وبائن،
والطلاق الرجعي لا ينهي عقد الزواج إلا بانقضاء العدة،
والطلاق البائن ينهي عقد الزواج حين وقوعه، وهو نوعان الطلاق البائن بينونة صغرى ولا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعقد وصداق جديدين والطلاق البائن بينونة كبرى ولا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها فعلاً في زواج صحيح ،
وكل طلاق يقع رجعيًا إلا الطلاق المكمل للثلاث، والطلاق قبل الدخول، وما ورد النص على بينونته،
ويقع الطلاق بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت للمحكمة تاريخٌ سابق،
كما أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً بائنا أو رجعيا في تاريخ متقدم على إقراره الحالي دون أن تكون هناك بينة تشهد بوقوع الطلاق في التاريخ السابق فإن الزوجة تستأنف عدتها من وقت إقراره اللاحق وذلك لكون المدة حقاً لله فيجب التثبت في شأنها
ولا يكفي الإقرار اللاحق لحساب العدة من التاريخ السابق ولو صادقت المرأة الرجل على ذلك دفعا لما قد يكون من التواطؤ على إسقاط العدة التي هي لحفظ الأنساب وهو أمر يتعلق بحق من حقوق الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في شرح الزرقاني لخليل جع (ص 208 و209) وإن أقر صحیح بطلاق بائن أو رجعي متقدم من وقت إقراره في سفر أو حضر ولا بينة لديه استأنفت المدة من وقت إقراره فيصدق في الطلاق لا في إسناده للوقت السابق ولو صدقته المرأة لما فيه من إسقاط حق الله سبحانه وتعالى وهو العدة، ومثل ذلك جاء في الشرح الصغير للدردير (ج) 2ص 683 والشرح الكبير (ج) 2 ص 477، والأصل بقاء ما كان على ما كان وما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه، كما أن من المقرر قانونا أن المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، والمحرر الرسمي حجة على الكل بما دوّن فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويره بالطرق المقررة قانونا،
كما أن الإقرار حجة على المقر ولا يقبل منه الرجوع فيه طالما صدر من المقر طائعا مختارا غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة ، ولم يكن التصرف من محجور عليه،
كما أن من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء أن من آثار الفرقة العدة،
والعدة في القضاء الشرعي والفقه الإسلامي هي الإحصاء وهي مُدة تربصٍ تقضيها الزوجة وجوباً دون زواج إثر الفرقة والطلاق حتى ينقضي ما بقيَ من آثار الزواج أو شبهة الزواج كالوطء بشبهة ،
والعدة هي من النظام العام في الإسلام فلا يملك أحد إسقاطها أو إلغاءها ألبتة وهي معلومة من الدين بالضرورة ومحددة في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ولا سلطة لأحد في التدخل فيها حتى ينقضي ما بقي من آثار الزواج ،
وغايتها معلومة ومن ذلك تهيئة الفرصة لإعادة بناء بيت الزوجية الذي انهار بالطلاق الرجعي وصيانة الأنساب وحرصاً عليها من التداخل وبراءة الرحم ، وإظهار قداسة الحياة الزوجية في العدة بسبب الوفاة،
وتبتدئ العدة منذ وقوع الفرقة والطلاق أو المخالعة أو التطليق بعد الدخول أو الفسخ بعد الدخول أو المتاركة بعد الوطء بشبهة ، وتبتدئ العدة في حالة الوطء بشبهة من آخر وطء. كما تبتدئ العدة في الزواج من تاريخ المتاركة أو تفريق القاضي أو موت الرجل حقيقةً أو حكماً بصدور حكم القاضي بموت المفقود وصيرورته باتاً، كما تبتدئ العدة في حالة القضاء بالتطليق، أو التفريق، أو الفسخ، أو بطلان العقد أو الحكم بموت المفقود من حين صيرورة الحكم باتًا ،
وتعتد المتوفى عنها زوجها في زواج صحيح ولو قبل الدخول أربعة أشهر وعشرة أيام ما لم تكن حاملاً،
وتنقضي عدة الحامل بوضع حملها أو سقوطه، وتعتد المدخول بها في عقد باطل أو بشبهة إذا توفي عنها الرجل عدة الطلاق براءة للرحم،
ولا عدة على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة،
وعدة المطلقة غير الحامل ثلاثة أطهار لذوات الحيض (وتصدق بانقضائها في المدة الممكنة( والعدة ثلاثة أشهر لمن لم تحض أصلاً أو بلغت سن اليأس وانقطع حيضها فإن رأت الحيض قبل انقضائها استأنفت العدة بثلاثة أطهار، وثلاثة أشهر لممتدة الدم إن لم تكن لها عادة معروفة، فإن كانت لها عادة تذكرها أتبعتها في حساب العدة، وأقل الأجلين من ثلاثة أطهار أو سنة لا حيض فيها لمن انقطع حيضها قبل سن اليأس، قال سبحانه وتعالى عز من قائل جل جلاله في محكم التنزيل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(، وقد أكد الأئمة الأربعة يرحمهم الله أن هذا أمر من اللّه سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء ثم تتزوج إن شاءت، والمراد بالأقراء الأطهار، قال سبحانه وتعالى عز من قائل وهو الحكيم في أمره وشرعه وقدره (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). صدق اللهُ العظيم، وقد روى ابن ماجه وحسنه الألباني في سنن ابن ماجه [1/672 برقم 2081] عن ابن عباس رضي الله عنهما هم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق ." ومعنى ذلك أن الطلاق حق الزوج،
كما أن من المقرر شرعا أن الشارع قد وكل إحصاء العدة للزوجة بعد الفرقة من زوجها لأنها هي الأدرى بحالها وائتمنها على ذلك حيث قال تعالى في محكم كتابه "وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" وكان ذلك ما ذهب إليه المذهب المالكي المعمول به في الدولة، فقد جاء في تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : ويقبل قول المرأة أنها انقضت عدتها ولا يمين عليها إذا كان الزمن ممكنا وإن كان خلاف عادتها كما قال القاضي أبو بكر محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي في تحفة الحكام :-
ومن يطلق طلقة رجعية ثم أراد العودَ للزوجية
فالقول للزوجة واليمين على انقضاء عدة تبين
كما أورد في الشرح أنه إذ كان الطلاق رجعيا واختلفا في انقضاء العدة فالقول للزوجة مع يمينها وذلك على ما درج عليه الناظم والمشهور أنها تصدق بغير يمين إذا أمكن خروجها، كما أن من المقرر في المذهب المالكي الذي عليه العمل في الدولة أن الأقراء عند العدة تحسب بالأطهار وقد دل على ذلك مفهوم المادة 139/1 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي ومذكرته الإيضاحية حيث أوضحت أن مفهوم القرء هو الطهر وليس الحيض،
كما أن من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والقانون على السواء أن الإقرار هو الاعتراف بالمدّعى بهِ، وهو اعتراف المقر بحقٍ عليه لآخر في صيغةٍ تفيد ثبوت الحق المقرر به على سبيل الجزم واليقين وإخبار الإنسان عن حقٍ عليه لآخر عملاً بقول الله سبحانه وتعالى عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم: (قل الحقّ ولو على نفسك) وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم: (قل الحقَّ وإن كان مرّاً) مع سلطة محكمة الموضوع في تفسير الإقرار وتكييفه سواء كان إقراراً قضائياً أو إقراراً غير قضائي ولها التأكد من صحة الإقرار وعدم صدوره معيباً بعيبٍ من عيوب الإرادة والتأكد من أهلية المقر وصدقه وعدم تعمده وتحريه الكذب
وذلك أن الإقرار يجب أن يصدر من شخص مكلف يعي مرمى إقراره وإلزام نفسه بهِ طالما لم يكن أثره متعدياً إلى الغير، وكان خالياً من عيوب الإرادة، وسواء كان الإقرار بسيطاً أو موصوفاً أو مركباً ، صريحاً أو ضمنياً وباعتبار أن تقدير الإقرار متروك للمحكمة،
لما كان ذلك وكانت الزوجة المدعى عليها تقدمت بجوابها على الدعوى وأنكرت قيام الزوج المطعون ضده بتطليقها في السنوات 2013 و2015 و2018 وقدمت لذلك قرينة الدعوى المقامة منها ضد المطعون ضده رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية الشارقة والتي تطلب فيها منه حسن العشرة وتجديد الإقامة ونفقة زوجية مع نفقة الولد ....... وأنه بذات جلسة 18/4/2019 صادق المطعون ضده على الزوجية ولم يذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وأبرما لذلك عقد صلح ومن سعى لنقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، وطلبت تقديم بينتها الشرعية، لما كان ذلك وكان من المقرر قانوناً أن الطلاق يقع بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار ما لم يثبت للمحكمة تاريخٌ سابق وهو ما لم يكن في هذه الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه لم يلتزم بالأثر القانوني لأدلة الإثبات الشرعية والقانونية المقدمة في الدعوى ومنها الأدلة الكتابية والقرائن وإقرار المطعون ضده في الدعوى رقم 231 لسنة 2019 أحوال شخصية الشارقة بجلسة 18/4/2019 بالزوجية وعدم ذكر تصرفه بتطليق الزوجة سابقاً وتأكيده أمام المحكمة أن المستأنفة ما زالت زوجته حتى تاريخ جلسة 18/4/2019 وحجية هذا الحكم، ولا عبرة بالتوهم، والثابت بالبرهان كالثابت بالعيان، والمرء ملزم بإقراره، وباعتبار أن الواقعة المادية والقانونية المتمثلة في بقاء الزوجية حتى تاريخ 18/4/2019 وأن علاقة الزوجية مستمرة مع المطعون ضده بموجب أدلة الإثبات الشرعية، واليقين لا يزول بالشك، مع عدم البينة من المطعون ضده لتاريخ إسناده للطلاق للوقت السابق الذي ذكره الحكم المطعون فيه، وذلك أن الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته، إلا أن الحكم المطعون فيه قد تجاهل هذا الدفاع الجوهري وأغفل بحثه وتمحيصه بالقدر اللازم وأسند تواريخ الطلاق إلى التاريخ الذي ذكره المطعون ضده خلاف الحقيقة والواقع مع انعدام الدليل ومع البينة العكسية من الزوجة واعتماداً على الإقرار الباطل من المطعون ضده، وبالمخالفة لنص المادة 106 من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على أن الطلاق يقع بتصريح من الزوج ويوثقه القاضي وكل طلاق يقع خلافا لذلك يثبت أمام المحكمة بالبينة أو الإقرار ويسند تاريخ الطلاق إلى تاريخ الإقرار مما شاب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وإهدار أدلة الإثبات الشرعية والقانونية وتقريره بإثبات الطلاق الكاذب الوهمي، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع وتقدير الأدلة والذي جره إلى مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والقانون مما يوجب نقضه بشأن تاريخ إسناد تاريخ الطلاق.
وحيث إن من المقرر بنص المادة الثالثة عشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 أنه إذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه كله أو بعضه وجب عليها أن تتصدى للموضوع. ونظرا لما تقدم.

* * *