الطعن رقم 1141 لسنة 2022
صادر بتاريخ 04/04/2023
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبد الرحمن الحمادي "رئيس الدائرة" وعضوية السادة القضاة/البشير بن الهادي زيتون وعبد الله بو بكر السيري.
1- وجوب بناء الحكم على أسباب واضحة تحمل الدليل على بحث المحكمة النزاع المطروح أمامها وأنها محصت الأدلة المقدمة إليها.
2- سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود دون رقابة عليها من محكمة النقض، فإن شرط الا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها.
3- اعتبار الحكم المطعون فيه مشوبا بالفساد في الاستدلال لعدم سلوك محكمة الموضوع ضوابط تفسير العقود بالخروج عن المعنى الظاهر لعبارات العقد وانتهاؤها إلى عدم جواز تمسك المستأنفة بالدفع بعدم قبول الدعوى لتنازلها عن شرط التحكيم في العقد وذلك عن طريق تأويل عبارات العقد وافتراضه رغم أن عباراته في مجموعها تشير إلى أن النية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين هو اللجوء للتحكيم.
(1- 3) تحكيم "الدفع أمام القضاء العادي بعدم القبول لوجود شرط التحكيم". حكم "تسبيب الحكم: كيفية تسبيب الحكم: الفساد في الاستدلال". محكمة "محكمة الموضوع: سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود".
(1) الحكم. وجوب بناؤه على أسباب واضحة تحمل الدليل على بحث المحكمة النزاع المطروح أمامها وأنها محصت الأدلة المقدمة إليها وأن ما استخلصته يؤدي إلى ما انتهت إليه.
(2) سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود دون مراقبة محكمة النقض مشروطة بعدم الخروج عن ما تحمله عبارات النص. انطواء الحكم على عيب يمس سلامة الاستنباط. فساد.
(3) مثال لفساد الحكم في الاستدلال لعدم سلوك محكمة الموضوع ضوابط تفسير العقود بالخروج عن المعنى الظاهر لعبارات العقد وانتهاؤها إلى عدم جواز تمسك المستأنفة بالدفع بعدم قبول الدعوى لتنازلها عن شرط التحكيم في العقد وذلك عن طريق تأويل عبارات العقد وافتراضه على الرغم من أن عباراته في مجموعها تشير إلى أن النية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين هو اللجوء للتحكيم.
(4) طرق الطعن في الأحكام" النقض: أثر صلاح الطعن للفصل فيه".
- صلاح الموضوع للفصل فيه. أثره التصدي. م 184 ق الإجراءات المدنية.
1- المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن الأحكام يجب أن تكون مبنية على أسباب واضحة جلية كافية تحمل الدليل على أن المحكمة بحثت النزاع المطروح أمامها بحثا دقيقا، وأنها محصت الأدلة التي قدمت إليها توصلا إلى ما ترى أنه الواقع في الدعوى، وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قد قام الدليل الذي يتطلبه القانون فيها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
2- المقرر أنه لئن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، فإن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها، وأن انطواء حكمها على عيب يمس سلامة الاستنباط يعتبر فساداً في الاستدلال.
3- لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لما قضى بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية لتفصل فيها من جديد، أقام قضاءه بسرد محتوى البند 22 من اتفاقية 19/11/2019 المبرمة بين طرفي التداعي في فقراته الأربع، والمعنون بالقانون الحاكم والاختصاص القضائي، وعلق عليه بأن الأخيرة مقروءة مع بعضها البعض تثبت أن للمستأنفة وحدها اختيار طريق التقاضي سواء كان الطريق العادي أم الاستثنائي، وأن المستأنف ضدها قد تنازلت مقدما عن حقها في الدفع بعدم الاختصاص إذا ما سلكت المستأنفة الطريق العادي دون الطريق الاستثنائي، وترتيبا على ذلك وإنفاذا لإرادة المتعاقدين، فإنه لا يجوز للمستأنف ضدها الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم مادامت قد تنازلت عنه بعبارة صريحة، وأن الحكم المستأنف بقبوله الدفع بعدم القبول يكون قد أهمل النص التعاقدي وحاد عن تطبيق قانون المتعاقدين وحجب نفسه عن بحث موضوع النزاع مما يقتضي إلغاءه وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها عملا بالمادة 166 من قانون الإجراءات المدنية، والحال أن الحكم المطعون فيه عمم وأجمل في تسبيبه وصولا للنتيجة التي انتهى إليها، ذلك أنه لم يوضح بما فيه الكفاية ما يتجلى منه الدلالة على الاختيار الممنوح للمطعون ضدها من بين فقرات البند 22 من الاتفاقية المحتكم إليها، إذ لا يمكن تحقيق الاختيار لصالحها عن طريق التأويل، بل لا بد من التقصي عليه وتبيانه من مصدره من العقد، كما أن التنازل عن شرط التحكيم الذي قرره الحكم لا يفترض، بل يجب إقامة الدليل عليه واستخلاصه من واقع صيغ العقد بما هو أوفى بمقصود عاقديه وبما تحتمله عبارات المحرر دون خروج فيه عن المعنى الظاهر له، ويكون له مفهوم ضيق، والعقود التي يثور الشك حول مدلولها لا تصلح أساساً لاستنتاج التنازل منها، الأمر الذي لم يظهر معه من تسبيب المحكمة أنها سلكت ضوابط التفسير، بحيث اعتدت بشقي الفقرة الثالثة من البند 22 لصرف مزية الاختيار والتنازل عن شرط التحكيم لصالح المطعون ضدها، دون تبيان دلالتهما بكل وضوح نفيا لكل جهالة، وذلك بتفسير الاتفاقية بما تفيده عباراتها في مجموعها، وتدليل تفسير الفقرة المأخوذ بها من سياق عبارات العقد بأكمله، وإيراد الاعتبارات التي أدت إلى ما انتهت إليه من تفسير بتوضيح الظروف والملابسات المحيطة بواقعة الدعوى التي استهدت بها في تفسيرها، وما سبق تحرير الاتفاقية أو ما عاصرها وطبيعة المعاملة وما أحاط بها وفقا للعرف الجاري، والتي لا تسعفها فيما جنحت إليه، علما أن ما سبق الفقرة المعول عليها من الاتفاقية، أخضعت الأخيرة وجميع الالتزامات غير التعاقدية والمسائل الأخرى الناشئة عنها أو فيما يتعلق بها تفسر وفقا لقوانين .....، وذلك في الفقرة الأولى من البند 22، كما أن القانون المطبق على العلاقة قبل إبرام الاتفاقية هو قانون ..........، وذلك في الفقرة الثانية من البند 22، وما لحقها رتبة في كتابة البند 22 في فقرته الرابعة، نصت على وجوب إحالة أي نزاع يتعلق بالاتفاقية للبت فيها نهائيا بواسطة التحكيم بموجب قواعد التحكيم لدى محكمة لندن للتحكيم الدولي، وأي نزاع متعلق بأي منتج متداول في بورصة لندن للمعادن إحالته إلى قسم التحكيم لدى بورصة لندن للمعادن، وهو ما يفرز من خلال عبارات الاتفاقية في مجموعها أن حقيقة الواقع في التكييف والنية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين هو اللجوء للتحكيم الذي أوردته بصراحة الفقرة الرابعة من البند 22 والتي نسخت الفقرة الثالثة من ذات البند المعتنقة من الحكم، الأمر الذي استبان معه لهذه المحكمة أن الحكم المستأنف الذي التزم التفسير المذكور جاء محرزا على جميع مقومات تأييده، ويكون الحكم المطعون فيه الذي ألغاه مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه مما ارتأت معه المحكمة التصدي للفصل فيه عملاً بأحكام المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية.
المحكمة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعية - المطعون ضدها - أقامت الدعوى رقم 3082 لسنة 2022 بطلب إلزام المدعى عليها - الطاعنة - بأدائها لها مبلغ 369,229,92 دولار أمريكي أو ما يعاد له بالدرهم الإماراتي مع الفائدة القانونية بنسبة 12%، وقالت شرحا لدعواها إنها بتاريخ 19/11/2019 أبرمت اتفاقية العميل مع المدعى عليها، وبمقتضاها قامت بالعديد من التداولات ببورصة ........، ونفذت كافة الأوامر الصادرة عن المدعى عليها على حسابها، وأنه نتيجة تلك التداولات المأمور بها من المدعى عليها ترصد بذمتها مبلغ المطالبة والذي رفضت سداده، وجددت إنذارها لها منوهة بمخالفتها لأحكام البنود 11,5/1، 16/1، 18 طالبة سدادها ما بذمتها، ولما ظل الإنذار بدون جدوى كانت الدعوى، وبعد تداولها دفعت المدعى عليها في اجتماع إدارة الدعوى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وبتاريخ 15/6/2022 قضت محكمة ........ الاتحادية الابتدائية بعدم قبول الدعوى، فطعنت عليه المدعية بالاستئناف رقم 982 لسنة 2022، وبعد تداوله قضت محكمة استئناف ....... الاتحادية بتاريخ 31/8/2022 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها من جديد.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المستأنف ضدها، فطعنت عليه بالنقض بالطعن الماثل، وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة ارتأت المحكمة جدارته للنظر في جلسة، فقد تم نظره على النحو الوارد في محاضر الجلسات، وحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق: ذلك أنه في تفسيره لمقتضيات البند 22 من العقد المبرم بين الطرفين وصولا للنتيجة التي انتهى إليها، جزّء نصوص العقد وحَرَفَها مُخرِجاً إياها عن مدلولها الظاهر، لأن البند22/3 في فقرتيه تعلق بإجراءات التقاضي وليس بالمنازعات الموضوعية، وأنها جاءت سابقة عن البند 22/4 والمتعلق بالتحكيم المنصوص عليه صراحة والذي جب ما قبله، فضلا عن أن الاتفاقية في البند 1، 2، 22 تفيد أن النزاع لا يخضع للقضاء العادي، كما أن عبارات العقد بأكملها لا تحتمل ما انتهى إليه الحكم الذي جاء معيبا بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن الأحكام يجب أن تكون مبنية على أسباب واضحة جلية كافية تحمل الدليل على أن المحكمة بحثت النزاع المطروح أمامها بحثا دقيقا، وأنها محصت الأدلة التي قدمت إليها توصلا إلى ما ترى أنه الواقع في الدعوى، وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قد قام الدليل الذي يتطلبه القانون فيها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، كما أنه من المقرر أنه لئن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض، فإن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها، وأن انطواء حكمها على عيب يمس سلامة الاستنباط يعتبر فساداً في الاستدلال.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لما قضى بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية لتفصل فيها من جديد، أقام قضاءه بسرد محتوى البند 22 من اتفاقية 19/11/2019 المبرمة بين طرفي التداعي في فقراته الأربع، والمعنون بالقانون الحاكم والاختصاص القضائي، وعلق عليه بأن الأخيرة مقروءة مع بعضها البعض تثبت أن للمستأنفة وحدها اختيار طريق التقاضي سواء كان الطريق العادي أم الاستثنائي، وأن المستأنف ضدها قد تنازلت مقدما عن حقها في الدفع بعدم الاختصاص إذا ما سلكت المستأنفة الطريق العادي دون الطريق الاستثنائي، وترتيبا على ذلك وإنفاذا لإرادة المتعاقدين، فإنه لا يجوز للمستأنف ضدها الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم مادامت قد تنازلت عنه بعبارة صريحة، وأن الحكم المستأنف بقبوله الدفع بعدم القبول يكون قد أهمل النص التعاقدي وحاد عن تطبيق قانون المتعاقدين وحجب نفسه عن بحث موضوع النزاع مما يقتضي إلغاءه وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها عملا بالمادة 166 من قانون الإجراءات المدنية، والحال أن الحكم المطعون فيه عمم وأجمل في تسبيبه وصولا للنتيجة التي انتهى إليها، ذلك أنه لم يوضح بما فيه الكفاية ما يتجلى منه الدلالة على الاختيار الممنوح للمطعون ضدها من بين فقرات البند 22 من الاتفاقية المحتكم إليها، إذ لا يمكن تحقيق الاختيار لصالحها عن طريق التأويل، بل لا بد من التقصي عليه وتبيانه من مصدره من العقد، كما أن التنازل عن شرط التحكيم الذي قرره الحكم لا يفترض، بل يجب إقامة الدليل عليه واستخلاصه من واقع صيغ العقد بما هو أوفى بمقصود عاقديه وبما تحتمله عبارات المحرر دون خروج فيه عن المعنى الظاهر له، ويكون له مفهوم ضيق، والعقود التي يثور الشك حول مدلولها لا تصلح أساساً لاستنتاج التنازل منها، الأمر الذي لم يظهر معه من تسبيب المحكمة أنها سلكت ضوابط التفسير، بحيث اعتدت بشقي الفقرة الثالثة من البند 22 لصرف مزية الاختيار والتنازل عن شرط التحكيم لصالح المطعون ضدها، دون تبيان دلالتهما بكل وضوح نفيا لكل جهالة، وذلك بتفسير الاتفاقية بما تفيده عباراتها في مجموعها، وتدليل تفسير الفقرة المأخوذ بها من سياق عبارات العقد بأكمله، وإيراد الاعتبارات التي أدت إلى ما انتهت إليه من تفسير بتوضيح الظروف والملابسات المحيطة بواقعة الدعوى التي استهدت بها في تفسيرها، وما سبق تحرير الاتفاقية أو ما عاصرها وطبيعة المعاملة وما أحاط بها وفقا للعرف الجاري، والتي لا تسعفها فيما جنحت إليه، علما أن ما سبق الفقرة المعول عليها من الاتفاقية، أخضعت الأخيرة وجميع الالتزامات غير التعاقدية والمسائل الأخرى الناشئة عنها أو فيما يتعلق بها تفسر وفقا لقوانين ........، وذلك في الفقرة الأولى من البند 22، كما أن القانون المطبق على العلاقة قبل إبرام الاتفاقية هو قانون .......، وذلك في الفقرة الثانية من البند 22، وما لحقها رتبة في كتابة البند 22 في فقرته الرابعة، نصت على وجوب إحالة أي نزاع يتعلق بالاتفاقية للبت فيها نهائيا بواسطة التحكيم بموجب قواعد التحكيم لدى محكمة لندن للتحكيم الدولي، وأي نزاع متعلق بأي منتج متداول في بورصة ........ إحالته إلى قسم التحكيم لدى ........، وهو ما يفرز من خلال عبارات الاتفاقية في مجموعها أن حقيقة الواقع في التكييف والنية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين هو اللجوء للتحكيم الذي أوردته بصراحة الفقرة الرابعة من البند 22 والتي نسخت الفقرة الثالثة من ذات البند المعتنقة من الحكم، الأمر الذي استبان معه لهذه المحكمة أن الحكم المستأنف الذي التزم التفسير المذكور جاء محرزا على جميع مقومات تأييده، ويكون الحكم المطعون فيه الذي ألغاه مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه مما ارتأت معه المحكمة التصدي للفصل فيه عملاً بأحكام المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية.
ولما تقدم.

* * *