صادر بتاريخ 19/02/2019
هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/شهاب عبدالرحمن الحمادي - رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: عبدالله بوبكر السيري و صبري شمس الدين محمد.
1- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقييم الحجج المعروضة والموازنة بينها وتقدير تقارير الخبراء.
2- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بتحديد نسبة الإنجاز في المقاولة ب 65,85% استناداً للتقرير الصادر عن مدير الإدارة الهندسية ببلدية الشارقة إلى لجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين التي زارت الموقع وحددت واقع الأعمال المنجزة في النسبة المذكورة بعد تحديد نسبة الإنجاز لكل بند من بنود الأعمال وحصول المعاينة بوجود كل من المالك والمقاول والإستشاري مؤسساً على تحصيل سائغ.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 880)
3- وجوب بناء الحكم على أسباب واضحة جلية وذلك بتمحيص المحكمة لأدلة والمستندات المقدمة إليها وموازاة بعضها بالبعض الآخر والترجيح بينها.

قرار مجلس الوزراء رقم 57: في شأن اللائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 بشأن قانون الإجراءات المدنية (مادة 51)
4- اعتبار أخذ قضاء الحكم بتقرير الخبير دون ترتيب أسبابه النتيجة التي إنتهى إليها التقرير بحيث لا يصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم مشوباً الحكم بالعيب.

قرار مجلس الوزراء رقم 57: في شأن اللائحة التنظيمية للقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 بشأن قانون الإجراءات المدنية (مادة 51)
5- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بترتيب غرامة تأخير على المالك بالاستناد إلى تقرير لجنة الخبرة المنتدبة بأمر منه بالرغم من إفادة الخبرة بعدم وجود مدة التنفيذ التعاقدية في الواقع الفعلي نظراً لتغيير طريقة تمويل المشروع الامر الذي من شأنه نفي فرض غرامة تأخيرية تعاقدية مشوباً بالتناقض في تسبيب الحكم.
6- اعتبار المقاول ملزماً بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة عند قيامه بإنجاز كل الأعمال المكلف بها لا عند عدم تنفيذه أعمال المقاولة المكلف بها أو تنفيذها جزئياً.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 880)
1) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ". اثبات " خبره ". حكم " تسبيب سائغ ". نقض " ما لا يقبل من أسباب".
- تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقييم الحجج المعروضة والموازنة بينها وتقدير تقارير الخبراء. موضوعي. مادام سائغاً.
- مثال لتسبيب سائغ للأخذ بتقرير الخبرة.
2) حكم " بيانات التسبيب " تسبيب معيب ". اثبات " خبره ". محكمة الموضوع " ما تلتزم به ". نقض " ما لا يقبل من أسباب".
- وجوب أن يكون الحكم مبنيا على أسباب واضحة يحمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة محصت الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه عن بصر وبصيره.
- أخذ المحكمة بتقرير الخبير المقدم في الدعوى في مسألة معينة وأحالت إليه في أسباب حكمها. وكانت لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الخبير بما لا يصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم. فإن حكمها يكون معيبا.
- مثال لتسبيب معيب.
3) عقد " عقد مقاولة ". التزام. مقاولة. غرامة " الغرامة التأخيرية ". حكم " تسبيب معيب".
- مناط التزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاول. أن يكون المقاول قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكن تأخر عن تسليمها في الميعاد المحدد له. فلا مجال لإلزامه بغرامة التأخير.
- لا يلتزم المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلا أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر.
- مثال لتسبيب معيب.
1- لما كان من المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقييم الحجج المعروضة، والموازنة بينها، وتقدير تقارير الخبراء باعتبارها عنصراً من عناصر الإثبات، تعود لمحكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمله.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طرفي التداعي ارتبطا بعقد مقاولة بناء مؤرخ 16-2-2013 ليقوم المقاول – الطاعنة- بتنفيذ وإنشاء وصيانة مشروع للمالك - المطعون ضده – ضمناه الثمن الإجمالي للمشروع وجميع الدفعات وكيفية أدائها ومدة التنفيذ والتزامات وحقوق كل منهما وغرامة التأخير وسحب الأعمال من المقاول وفسخ العقد، ومن أن الخلافات الناشئة بينهما تسوى عن طريق الإستشاري المشرف، وفي حالة عدم التراضي يكون قرار السادة بلدية الشارقة حصراً قراراً نهائيا وملزما للطرفين، وكان الثابت أن المقاول لم ينجز كل الأعمال المكلف بها، ونشأ نزاع بين الطرفين حول للجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين بالمجلس البلدي لإمارة الشارقة التي أذنت لصاحب العمل بالتعاقد مع مقاول آخر لاستكمال المشروع، وثار خلاف حول نسبة الأعمال المنجزة التي تأرجحت بين 71,45% طبقا لتقدير الإستشاري حتى تاريخ 28-5-2015 و70% طبقا لما ورد بكتاب الإستشاري إلى لجنة التحكيم والمؤرخ في 3-9-2016 و60% طبقا للتقرير المؤرخ في 20-8-2018 والمقدم إلى المالك من الفنى الهندسي للإستشارات الهندسية والتي يتمسك بها المالك، وطالب المقاول بنسبة أعمال منجزة قدرها 81,22% استناداً إلى نسبة المبالغ المدفوعة، وكانت الخبرة الثلاثية قد انتقلت إلى موقع العمل لمعاينة ما تم من مبان، إلا أنه تبين لها أن الأعمال بالمشروع شبه منتهية إذ أن المالك تعاقد مع مقاول آخر لاستكمال المشروع، وقد كان الحكم المطعون فيه بعد اضطلاع الخبرة المنتدبة من طرفه بأمر التكليف وتحقيق الدعوى عن بصر وبصيرة على ضوء المستندات المطروحة، شاطرها الرأي فيما انتهت إليه من تحديد نسبة الإنجاز في 65,85% استناداً للتقرير الفني المؤرخ في 20-9-2016 والصادر عن مدير الإدارة الهندسية ببلدية الشارقة إلى لجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين والذي يفيد أنه تم تشكيل لجنة فنية لمعاينة المشروع، والتي قامت بزيارة الموقع وحددت واقع الأعمال المنجزة في النسبة المذكورة بعد تحديد نسبة الإنجاز لكل بند من بنود الأعمال، وبأن المعاينة تمت بصفة تواجهية إذ تمت بوجود كل من المالك والمقاول والإستشاري، وكان ما انتهى إليه بهذا الخصوص مؤسساً على تحصيل سائغ طالما أنه اتفق على أن قرار بلدية الشارقة حصرا قرار نهائي ملزم للطرفين، وكان ما احتج به من طرف المقاول لم يقنع الخبرة الفنية للأخذ به، مما يؤول معه النعي إلى جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحى خليقا بالرفض.
2- لما كان من المقرر أن الحكم يجب أن يكون مبنيا على أسباب واضحة جلية، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان يحمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد محصت الأدلة والمستندات المقدمة إليها وموازاة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه بما ينبيء عن بحث ودراسة أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة حتى تتوافر الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه، فإذا أخذت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى في مسألة معينة وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه، وكانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث لا يصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم، فإن حكمها يكون معيبا.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لما قضى بترتيب غرامة تأخير على المالك قدرها 31,547 درهم استند في ذلك إلى تقرير لجنة الخبرة المنتدبة بأمر منه، هاته الخبرة التي أبرزت أن طبيعة التعاقد قد تغيرت من نظام التمويل الكلي للعقد إلى نظام التمويل المرحلي، ولم يقم بنك دبي الإسلامي الممول بتمويل المشروع على دفعة واحدة كما هو المعتاد في مثل هذه المشاريع، مما أدي إلى تغيير نظام النمط التعاقدي لعقد المقاولة المبرم بتاريخ 16-2-2013 من عقد رئيسي تم الإتفاق عليه إلى عقود متعددة مستقلة حتمها نظام التمويل المرحلي لعروض الأسعار المقدمة مما أثر سلبا على مدة تنفيذ العقد، وأوضحت أن محصلة أسباب التأخير هي نظام التمويل المتبع، وتأخر المالك في تحديد مقاول التكييف وتقديم المخططات التنفيذية المتعلقة بهذا البند وذلك تفاديا لأي تأخير بأعمال المشروع، والتي رأت الخبرة في هذا التأخير أن يؤدي إلى تأخر اعتماد المخططات الخاصة بالحمل الكهربائي وبالتالي تأخر التمديدات الكهربائية، وكذلك تأخر تحديد أماكن فتحات التكييف، وتأخر المالك أيضا في القيام بالأعمال المنوطة به من أعمال الجبس والديكور واعتماد الصبغ الخارجي والموافقة على عينية الألومنيوم، ونسبت الخبرة للمقاول سوء مصنعية في أعمال البلاستير وعدم التزامه بالمدد الزمنية التي تعهد بها أمام لجنة التحكيم بالمجلس البلدي للشارقة، ومسؤوليته عن تأخير إنجاز أعمال قيمتها 441,288 درهم، ورتبت على ذلك فرض غرامة تأخيرية يومية احتسبتها على أساس نسبة وتناسب من قيمة التعاقد وقيمة غرامات التأخير التعاقدية، وهو ما أخذ به الحكم المطعون فيه وعول عليه في قضائه، وكانت الخبرة قد أردفت بأنها ترى أن مدة التنفيذ التعاقدية لم تعد موجودة في الواقع الفعلي نظراً لتغيير طريقة تمويل المشروع وبالتالي تغيير مدة تنفيذ المشروع، وأن التمويل جاء على شكل عروض أسعار منفصلة ( أي أوامر عمل مستقلة أو عقود متعددة مستقلة )، وأن كا ما تم المحافظة عليه من التعاقد الأصلي هو القيمة التعاقدية للمشروع، بحيث إن اثبات أن مدة التنفيذ التعاقدية لم تعد موجودة في الواقع الفعلي للسبب الذي أشارت إليه الخبرة ينفي فرض غرامة تأخيرية تعاقدية مما يشكل تناقضا في تسبيب الحكم الذي أحال إليها بحيث تتماحى أسبابه ويهدم بعضها البعض ويضحى الحكم بدون سبب يحمله، وهو ما يوجب نقضه بهذا الخصوص.
3- لما كان من المقرر أن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون المقاول قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها، ولكنه إذا تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عند الميعاد المحدد له، فلا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلا أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لما قضى بإلزام المقاول بغرامة تأخيرية قدرها 31,547 درهم مخصومة من مستحقاته لصالح صاحب العمل يكون قد تنكب الصواب، الأمر الذي يتعين معه إلغاءه في هذا الخصوص وتعديل الحكم المستأنف على ضوء ذلك.
المحكمــــة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الدعوى، تتحصل في أن المدعي – المطعون ضده - أقام الدعوى رقم 19 لسنة 2017 مدني كلي الشارقة بطلب ندب خبير لتصفية حساب بينه كصاحب عمل والمدعى عليها - الطاعنة- كمقاولة، وقال بيانا لدعواه أنه بتاريخ 16-12-2013 تم الإتفاق بين طرفي الخصومة على عقد مقاولة لبناء فيلا وأعمال الصيانة لصالحه، وأن المقاولة أخلت بالتزاماتها التعاقدية فكانت الدعوى، وبتاريخ 6-2-2017 قضت محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى، ونفاذا لهذا القضاء أنجز الخبير المأمورية المنوطة به، وتقدم المدعي بصحيفة تعديل دعواه متضمنة إدخال خصم جديد في الدعوى –...........- ابتغاء الحكم على المقاولة والمدخل في الدعوى بالتضامم بأدائهما له مبلغ 277,200 درهم، وبتاريخ 18-6-2017 قضت المحكمة بهيئة مغايرة بإعادة المأمورية لذات الخبير للرد على الإعتراضات وبحث الإلتزامات التعاقدية التي حكمت تصرفات وحقوق الطرفين حتى انتهاء التعاقد، وأفرغ الخبير تحقيقه في تقرير كان محط تعقيب من طرفي الخصومة، وبتاريخ 27-8-2017 قضت محكمة الشارقة الإبتدائية الإتحادية بإلزام المدعى عليها بأدائها للمدعي مبلغ 241,462 درهم ورفض ما عدا ذلك من طلبات، ورفض الدعوى بالنسبة للخصم المدخل، فطعن على هذا الحكم المدعي بالإستئناف 1408 لسنة 2017 والمدعى عليها بالإستئناف رقم 1414 لسنة 2017، وبعد تداولهما وضمهما لبعضهما لإصدار حكم واحد بشأنهما، ونظراً لاعتراضهما على الخبرة المنتدبة ابتدائيا، قضت محكمة ثاني درجة بتاريخ 20-12-2017 بندب لجنة خبرة ثلاثية – خبير هندسي وخبير حسابي وخبير مصرفي تخصص تمويل إسلامي – ليس من بينهم الخبير السابق ندبه أمام محكمة أول درجة، ونفاذا لهذا القضاء أنجزت اللجنة المهمة المنوطة بها وفقا لقرار الندب، وطالب صاحب العمل بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المستأنف ضدهما بأدائهما له مبلغ 1,827,859 درهم مع الفائدة بنسبة 9%، وطالبت المقاولة برفض الدعوى، وبتاريخ 26-7-2018 قضت محكمة استئناف الشارقة الإتحادية في موضوع الإستئناف رقم 1408 لسنة 2017 بتعديل الحكم المستأنف ليكون إلزام المستأنف ضدها الأولى بأن تؤدي للمستأنف مبلغ 400,384 درهم، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وفي موضوع الإستئناف رقم 1414 لسنة 2017 برفضه.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الملزمة بالأداء، فطعنت عليه بالنقض بالطعن الماثل، وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة، ارتأت المحكمة جدارته للنظر في جلسة، فقد تم نظره على النحو الوارد في محاضر الجلسات، وحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.
حيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة في السبب الأول والفرع الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة التطبيق الصحيح للقانون: ذلك أن الخبراء اتفقوا على أن نظام التعاقد بين طرفي الدعوى قد تغير، فبعد أن كان بنظام تمويل العقد إجمالا تم تغييره إلى نظام التمويل المرحلي بحيث لا يتم صرف الدفعة من البنك الممول إلا بعد تمام إنجاز عرض العمل المقدم وتوقيع المالك والإستشاري، وأنه تم صرف تسعة مبالغ للطاعنة بإجمالي مبلغ 1,908,848 درهم والتي تشكل ما نسبته 81,2%، وأن تقرير اللجنة الثلاثية الذي قرر أن نسبة الأعمال تساوي فقط 65,85% لا أساس له إذ التفتت عن إقرار كل أطراف التعامل المعنية بصرف الدفعة وارتكن هو الآخر إلى تقرير استشاري يتناقض مع هو ثابت بالأوراق، دون أن تبين اللجنة سبب ما قامت به، وأن الحكم الذي تبنى هذه الدراسة التي تخالف الواقع يستوجب النقض.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقييم الحجج المعروضة، والموازنة بينها، وتقدير تقارير الخبراء باعتبارها عنصراً من عناصر الإثبات، تعود لمحكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمله.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طرفي التداعي ارتبطا بعقد مقاولة بناء مؤرخ 16-2-2013 ليقوم المقاول – الطاعنة- بتنفيذ وإنشاء وصيانة مشروع للمالك - المطعون ضده – ضمناه الثمن الإجمالي للمشروع وجميع الدفعات وكيفية أدائها ومدة التنفيذ والتزامات وحقوق كل منهما وغرامة التأخير وسحب الأعمال من المقاول وفسخ العقد، ومن أن الخلافات الناشئة بينهما تسوى عن طريق الإستشاري المشرف، وفي حالة عدم التراضي يكون قرار السادة بلدية الشارقة حصراً قراراً نهائيا وملزما للطرفين، وكان الثابت أن المقاول لم ينجز كل الأعمال المكلف بها، ونشأ نزاع بين الطرفين حول للجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين بالمجلس البلدي لإمارة الشارقة التي أذنت لصاحب العمل بالتعاقد مع مقاول آخر لاستكمال المشروع، وثار خلاف حول نسبة الأعمال المنجزة التي تأرجحت بين 71,45% طبقا لتقدير الإستشاري حتى تاريخ 28-5-2015 و70% طبقا لما ورد بكتاب الإستشاري إلى لجنة التحكيم والمؤرخ في 3-9-2016 و60% طبقا للتقرير المؤرخ في 20-8-2018 والمقدم إلى المالك من الفنى الهندسي للإستشارات الهندسية والتي يتمسك بها المالك، وطالب المقاول بنسبة أعمال منجزة قدرها 81,22% استناداً إلى نسبة المبالغ المدفوعة، وكانت الخبرة الثلاثية قد انتقلت إلى موقع العمل لمعاينة ما تم من مبان، إلا أنه تبين لها أن الأعمال بالمشروع شبه منتهية إذ أن المالك تعاقد مع مقاول آخر لاستكمال المشروع، وقد كان الحكم المطعون فيه بعد اضطلاع الخبرة المنتدبة من طرفه بأمر التكليف وتحقيق الدعوى عن بصر وبصيرة على ضوء المستندات المطروحة، شاطرها الرأي فيما انتهت إليه من تحديد نسبة الإنجاز في 65,85% استناداً للتقرير الفني المؤرخ في 20-9-2016 والصادر عن مدير الإدارة الهندسية ببلدية الشارقة إلى لجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين والذي يفيد أنه تم تشكيل لجنة فنية لمعاينة المشروع، والتي قامت بزيارة الموقع وحددت واقع الأعمال المنجزة في النسبة المذكورة بعد تحديد نسبة الإنجاز لكل بند من بنود الأعمال، وبأن المعاينة تمت بصفة تواجهية إذ تمت بوجود كل من المالك والمقاول والإستشاري، وكان ما انتهى إليه بهذا الخصوص مؤسساً على تحصيل سائغ طالما أنه اتفق على أن قرار بلدية الشارقة حصرا قرار نهائي ملزم للطرفين، وكان ما احتج به من طرف المقاول لم يقنع الخبرة الفنية للأخذ به، مما يؤول معه النعي إلى جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويضحى خليقا بالرفض.
وحيث تنعى الطاعنة في الفرع الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق: ذلك أن الخبرة الثلاثية قررت أن المالك تأخر في إنجاز الأعمال المنوطة به وهو طبعا ما أدى إلى تأخر العمل بشكل عام، كما أنها احتسبت فقط التأخير عن الجزء الذي لم تنفذه الطاعنة حيث قدرت ذلك الجزء في مبلغ 441,288 درهم من قيمة العقد خاصة وأنه لم يعد بالإمكان تطبيق البرنامج الزمني للتنفيذ لتغير طبيعة التعاقد، مما يكون معه إيقاع غرامة التأخير بحدود قيمة العمل الذي لم تنجزه على غير محل، الأمر الذي يستوجب نقض الحكم بهذا الخصوص.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه من المقرر أن الحكم يجب أن يكون مبنيا على أسباب واضحة جلية، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان يحمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد محصت الأدلة والمستندات المقدمة إليها وموازاة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه بما ينبيء عن بحث ودراسة أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة حتى تتوافر الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه،
فإذا أخذت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى في مسألة معينة وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه، وكانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث لا يصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم، فإن حكمها يكون معيبا.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لما قضى بترتيب غرامة تأخير على المالك قدرها 31,547 درهم استند في ذلك إلى تقرير لجنة الخبرة المنتدبة بأمر منه، هاته الخبرة التي أبرزت أن طبيعة التعاقد قد تغيرت من نظام التمويل الكلي للعقد إلى نظام التمويل المرحلي، ولم يقم بنك دبي الإسلامي الممول بتمويل المشروع على دفعة واحدة كما هو المعتاد في مثل هذه المشاريع، مما أدي إلى تغيير نظام النمط التعاقدي لعقد المقاولة المبرم بتاريخ 16-2-2013 من عقد رئيسي تم الإتفاق عليه إلى عقود متعددة مستقلة حتمها نظام التمويل المرحلي لعروض الأسعار المقدمة مما أثر سلبا على مدة تنفيذ العقد، وأوضحت أن محصلة أسباب التأخير هي نظام التمويل المتبع، وتأخر المالك في تحديد مقاول التكييف وتقديم المخططات التنفيذية المتعلقة بهذا البند وذلك تفاديا لأي تأخير بأعمال المشروع، والتي رأت الخبرة في هذا التأخير أن يؤدي إلى تأخر اعتماد المخططات الخاصة بالحمل الكهربائي وبالتالي تأخر التمديدات الكهربائية، وكذلك تأخر تحديد أماكن فتحات التكييف، وتأخر المالك أيضا في القيام بالأعمال المنوطة به من أعمال الجبس والديكور واعتماد الصبغ الخارجي والموافقة على عينية الألومنيوم، ونسبت الخبرة للمقاول سوء مصنعية في أعمال البلاستير وعدم التزامه بالمدد الزمنية التي تعهد بها أمام لجنة التحكيم بالمجلس البلدي للشارقة، ومسؤوليته عن تأخير إنجاز أعمال قيمتها 441,288 درهم، ورتبت على ذلك فرض غرامة تأخيرية يومية احتسبتها على أساس نسبة وتناسب من قيمة التعاقد وقيمة غرامات التأخير التعاقدية، وهو ما أخذ به الحكم المطعون فيه وعول عليه في قضائه، وكانت الخبرة قد أردفت بأنها ترى أن مدة التنفيذ التعاقدية لم تعد موجودة في الواقع الفعلي نظراً لتغيير طريقة تمويل المشروع وبالتالي تغيير مدة تنفيذ المشروع، وأن التمويل جاء على شكل عروض أسعار منفصلة ( أي أوامر عمل مستقلة أو عقود متعددة مستقلة )، وأن كا ما تم المحافظة عليه من التعاقد الأصلي هو القيمة التعاقدية للمشروع، بحيث إن اثبات أن مدة التنفيذ التعاقدية لم تعد موجودة في الواقع الفعلي للسبب الذي أشارت إليه الخبرة ينفي فرض غرامة تأخيرية تعاقدية مما يشكل تناقضا في تسبيب الحكم الذي أحال إليها بحيث تتماحى أسبابه ويهدم بعضها البعض ويضحى الحكم بدون سبب يحمله، وهو ما يوجب نقضه بهذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه عملاً بأحكام المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية الإتحادي.
وحيث إنه تبعا لما نوه إليه سلفا، وطالما أن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون المقاول قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها، ولكنه إذا تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عند الميعاد المحدد له، فلا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلا أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لما قضى بإلزام المقاول بغرامة تأخيرية قدرها 31,547 درهم مخصومة من مستحقاته لصالح صاحب العمل يكون قد تنكب الصواب، الأمر الذي يتعين معه إلغاءه في هذا الخصوص وتعديل الحكم المستأنف على ضوء ذلك.

* * *