طعن رقم 434 و 448 لسنة 28 القضائية لسنة 2007
هيئة المحكمة: الرئيس منير توفيق صالح والمستشاران:مصطفى جمال الدين محمد وعبدالله امين عصر.
1- شروط اكتساب الحكم الصادر في الدعوى الجزائية الحجية في الدعوى المدنية.
2- عدم صحة الحكم القاضي بالتعويض عن الاصابات اللاحقة بالمتضرر من حادث السير خلافاً لحجية الحكم الجزائي الصادر بهذا الخصوص.
3- اعتبار حجية الاحكام في المسائل المدنية مقتصرة على اطراف الخصومة.
4- سلطة محكمة الموضوع في تقدير الادلة في الدعوى لاسيما التقارير الطبية كونها من عناصر الاثبات في الدعوى.
5- عدم الزام محكمة الموضوع بإجابة طلب الخصم احالة المتضرر الى لجنة طبية في حال ايجادها في اوراق الدعوى الادلة الكافية لتكوين عقيدتها.
6- سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض المناسب للضرر في حال عدم وجود معايير محددة قانوناً.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 292)
7- صحة الحكم القاضي بالتعويض عن الاضرار الجسدية والمعنوية اللاحقة بالمتضرر نتيجة حادث السير استناداً تقرير الطبيب الشرعي والتقارير الطبية الصادرة عن المستشفيات.

قانون اتحادي رقم 5: بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (مادة 293)
(1) قانون "تفسيره". حكم "حجيته" "تسبيب غير معيب".
- للحكم الصادر في الدعوى الجزائية جحيته في الدعوى المدنية. في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. متى كان فصلها لازما. مؤدى ذلك. وجوب التزام المحاكم المدنية في بحث الحقوق المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجزائي السابق له.
- مثال لتسبيب معيب للحكم بالتعويض خلافا لحجية حكم صادر في الدعوى الجزائية.
(2) حكم "حجيته".
حجيته الأحكام في المسائل المدنية. قصرها على ما كان طرفا فيها حقيقة أو حكما.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية". تعويض. ضرر.
- تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها التقارير الطبية. حق لمحكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابة طلب الخصم بإحالة المصاب إلى لجنة طبية أو مناقشة معد التقرير الطبي. متى وجد في أوراق الدعوى والتقارير المقدمة فيها ما يكفي لتكوينه عقيدتها.
- تقدير التعويض الجابر للضرر. موضوعي. طالما لا يوجد نص في القانون أو الاتفاق يلزمها باتباع معايير معينة ما دام قضاؤها سائغا.
1- لما كان مفاد نص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية والمادة 50 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر فى الدعوى الجزائية يكون له حجية فى الدعوى المدنية كلما قد فصل فصلاً لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجزائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لايكون حكمها مخالفاً للحكم الجزائى السابق له. وكان الثابت من الحكم الجزائى البات 183/2004 عجمان أن النيابة العامة قد نسبت إلى قائد السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية أنه قد تسبب خطأ فى إصابة المطعون ضده الأول، ولم تنسب هذه التهمة إلى قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة وإنما نسبت إليه جنحة عدم إعطاء أولوية المرور للسيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية، وقد أدين قائد هذه السيارة عن تهمة الإصابة الخطأ دون قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة ومن ثم يكون هذا الحكم قد فصل فصلا لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، وهو ما كان يتعين معه على المحكمة المدنية أن تلتزم هذه الأمور فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكن الحكم الابتدائى الصادر فى دعوى التعويض المرفوعة من المطعون ضده الأول لم يتقيد بذلك وقضى بإلزام المدعى عليهما – الطاعنة والمطعون ضدها الثانية – بأن يؤديا للمدعى تعويضاً مقداره 700.000 درهم – تتحمل الطاعنة نسبة 80% منه أى مبلغ 560000 درهم والمطعون ضدها الثانية الباقى – على سند من مسئولية قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة عن تهمة الإصابة الخطأ خلافاً لحجية الحكم الصادر فى الدعوى الجزائية، وإذ طلبت الأخيرة صراحة فى ختام مذكرة أسباب استئنافها رفض الدعوى فيما جاوز مبلغ 000 200 درهم من المبلغ المحكوم به، فإن هذه المحكمة تتقيد بهذا الطلب بصرف النظر عما ساقته الطاعنة من أسانيد حول نفى مسئوليتها عن الحادث ومن ثم يكون الحكم الابتدائى قد صار باتاً فى حدود المبلغ المشار إليه الذى ارتضته الطاعنه، وإذ لم يلزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 560000 درهم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
2- لما كان ذلك وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حجية الأحكام فى المسائل المدنية لاتكون إلا بين من كان طرفاً فيها حقيقة أو حكماً،
3- لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومنها التقارير الطبية باعتبارها من عناصر الإثبات فى الدعوى، وهى غير ملزمة قانوناً بإجابة طلب الخصم إحالة المصاب إلى لجنة طبية أو مناقشة معد التقرير الطبى متى وجدت فى الأوراق والتقارير الطبية المقدمة فى الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها، ولها سلطة تقدير التعويض الجابر للضرر طالما أنه لا يوجد نص فى القانون أو الاتفاق يلزمها باتباع معايير معينة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق بما يكفى لحمله. وإذ كان الثابت بالأوراق أن الحكم الجزائى البات 183/2004 عجمان قد أدان سائق السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة لتسببه خطأ فى إصابة المطعون ضده الأول بأن قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد الأقصى المسموح به على الطريق فصدم السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية، ولم يقض بإدانة سائق السيارة الأخيرة عن إصابة المذكور والذى لم ترفع به الدعوى الجزائية قبله. وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى إلزام الطاعنة بتعويض المطعون ضده الأول بما يتناسب والخطأ الذى ارتكبه سائق السيارة المؤمنة لديها بموجب ماللحكم الجزائى من حجية وبما له من سلطة تقدير الأدلة ومن بينها تقرير السيد الطبيب الشرعي – الذى انتهي إلى أنه المطعون ضده أصيب من جراء الحادث بكسور فى الضلوع أرقام 2، 5، 6، 8، 9، 10 وبكسر منخسف بعظم الجمجمة وكدمات نزفية متعددة منتشرة بنصفى المخ وبجذع المخ... نتج عنها معاناته من تعثر فى الكلام وضعف فى التركيز والقوى العضلية والقدرة على التوازن بنسبة عجز كلى مستديم 100%، بعد أن استعان الطبيب الشرعي بالتقارير الطبية الصادرة من عدة مستشفيات والتى ثبت منها خضوع المصاب للأشعة المقطعية على المخ عدة مرات، وخلص إلى نفى أن تكون إصابات الأخير نتيجة حالة مرضية قديمة بالمخ، واستبعد الحكم المطعون فيه حجية الحكم الصادر فى الدعوى المدنية 6/2005 مدنى كلى عجمان لاختلاف أطرافها عن الدعوى الماثلة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يقبل من الطاعنة التمسك بانتفاء مسئوليتها عن الحادث وبالتالى يضحى النعى برمته على غير أساس.
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده الأول فى الطعن 434/28 ق أقام الدعوى 53/2004 مدنى كلى عجمان على الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية فيه – الطاعنة فى الطعن 448/28 ق – بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامم والتكافل بأن يؤديـا له مبلغ 000 4000 درهم تعويضاً عما لحقه من أضرار وذلك من جراء إصابته بكسر فى الجهة اليمنى من الرأس أدى إلى شلل فى النصف الأيمن من الجسم فضلاً عن كسور فى الضلوع... أدت إلى التهاب فى الرئة. ذلك نتيجة الخطأ المشترك لقائدى السيارة التى كان يستقلها والمؤمن عليها لدى المطعون ضدها والسيارة التى صدمتها والمؤمن عليها لدى الطاعنة، وهو ما أدين السائقين جزائياً بحكم بات، ويقدر التعويض عن الأضرار المادية التى لحقت به بمبلغ 000 300 درهم والتعويض عن الأضرار الأدبية بمبلغ 1.000.000 درهم بما جملته المبلغ المطالب به، ومن ثم كانت الدعوى. ومحكمة أول درجة ندبت السيد الطبيب الشرعي لبيان إصابات المطعون ضده الأول – المدعى – ونسبة العجز لدية، وبعد أن قدم تقريره قضت فى 28/1/2006 " بإلزام المدعى عليهما بالتضامن أن يؤديا للمدعى تعويضاً مقداره 000 700 درهم... وبرفض الدعوى فيما زاد عن ذلك.. " إستأنفت الطاعنة والمطعون ضدها الثانية هذا الحكم بالاستئنافين 25، 28/2006 عجمان على التوالى. ومحكمة الاستئناف قضت فى 26/9/2006 " بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام شركة البحيرة الوطنية للتأمين – الطاعنة – بأن تدفع للمستأنف ضده الأول سالف الذكر مبلغ 560000 درهم وإلزام شركة الفجيرة الوطنية للتأمين بأن تدفع للمستأنف ضده الاول مبلغ 000 140 درهم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك " فكان الطعنان.
أولاً - الطعن 434/28 ق" المرفوع من شركة البحيرة الوطنية للتأمين":
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال إذ استند فى قضائه بإلزامها بمبلغ 000 560 درهم تعويضاً عما لحق المطعون ضده الأول من أضرار إلى أن نسبة مساهمة قائد السيارة المؤمن عليها لديها فى الحادث 80% رغم أن الثابت من الحكم الجزائى البات الصادر فى الدعوى 183/2004 مرور عجمان أنه لم يتهم أو يحكم بإدانته عن التسبب فى إصابة المذكور وخلت الأوراق من ثمة دليل على ذلك، وأن الذى أدين عن التسبب فى احداثها هو قائد السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية، ولاينال من ذلك إدانة قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة عن تهمة عدم إعطاء أو لوية المرور للسيارة الأخرى لأن هذه الإدانة لاتحوز حجية فى إثبات مسئوليته عن الفعل المؤدى إلى الضرر. وقد التفت الحكم عن دفاعها بطلب ندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي لإعادة فحص المطعون ضده الأول ومناقشة الطبيب معد التقرير حول استحالة أن تكون إصابات المذكور ناجمة عن الحادث وأنها ترجع إلى مرضه التراكمى منذ أكثر من عشر سنوات خاصة وأنه طاعن فى السن، وحدد الحكم نسبة اصاباته بـ 100% دون بيان نسبة كل اصابة على حده بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله فيما جاوز مبلغ 000 200 درهم من المبلغ المحكوم به كتعويض على الطاعنة ومقداره 560000 درهم، ذلك أنه وإن كان مفاد نص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية والمادة 50 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر فى الدعوى الجزائية يكون له حجية فى الدعوى المدنية كلما قد فصل فصلاً لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجزائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لايكون حكمها مخالفاً للحكم الجزائى السابق له.
وكان الثابت من الحكم الجزائى البات 183/2004 عجمان أن النيابة العامة قد نسبت إلى قائد السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية أنه قد تسبب خطأ فى إصابة المطعون ضده الأول، ولم تنسب هذه التهمة إلى قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة وإنما نسبت إليه جنحة عدم إعطاء أولوية المرور للسيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية، وقد أدين قائد هذه السيارة عن تهمة الإصابة الخطأ دون قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة ومن ثم يكون هذا الحكم قد فصل فصلا لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، وهو ما كان يتعين معه على المحكمة المدنية أن تلتزم هذه الأمور فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكن الحكم الابتدائى الصادر فى دعوى التعويض المرفوعه من المطعون ضده الأول لم يتقيد بذلك وقضى بإلزام المدعى عليهما – الطاعنة والمطعون ضدها الثانية – بأن يؤديا للمدعى تعويضاً مقداره 000 700 درهم – تتحمل الطاعنة نسبة 80% منه أى مبلغ 560000 درهم والمطعون ضدها الثانية الباقى – على سند من مسئولية قائد السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة عن تهمة الإصابة الخطأ خلافاً لحجية الحكم الصادر فى الدعوى الجزائية، وإذ طلبت الأخيرة صراحة فى ختام مذكرة أسباب إستئنافها رفض الدعوى فيما جاوز مبلغ 000 200 درهم من المبلغ المحكوم به، فإن هذه المحكمة تتقيد بهذا الطلب بصرف النظر عما ساقته الطاعنة من أسانيد حول نفى مسئوليتها عن الحادث ومن ثم يكون الحكم الابتدائى قد صار باتاً فى حدود المبلغ المشار إليه الذى ارتضته الطاعنه، وإذ لم يلزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على إلزام الطاعنه بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 560000 درهم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه جزئيا فى هذا الخصوص ورفضه الطعن فيما عدا ذلك.
ثانياً - الطعن 448/28 ق " شركة الفجيرة الوطنية للتأمين":
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال إذ استند فى قضائه بإلزامها بمبلغ 140000 درهم تعويضاً للمطعون ضده الأول إلى أن نسبة مساهمة قائد السيارة المؤمن عليها لديها 20% رغم أن المتسبب فى الحادث هو قائد السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية – على ما هو ثابت بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 6/2005 مدنى كلى عجمان المؤيد استئنافيا عن نفس الحادث – إذ خرج بسيارته من شارع فرعى إلى شارع رئيسى دون التأكد من خلو الطريق فصدم السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة وهو السبب المباشر للحادث وأنه وإن كان قائد السيارة الأخيره قد أدين عن السرعة الزائدة إلا أنه غير مسئول عن الحادث عملا بالمادة 297 من قانون المعاملات المدنية، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف حجية الحكم الصادر فى الدعوى 6/2005 مدنى كلى عجمان الذى نفى مسئولية قائد السيارة المؤمن عليها لديها عملا بالمادة 284 من ذات القانون، والتفت الحكم عن دفاعها بندب لجنة من الطب الشرعى لبيان حالة المصاب، الذى كان يعانى من مرض الضمور الدماغى قبل الحادث، ولم يخضع للاشعة المقطعية عند فحصه بمعرفة الطب الشرعي بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن من المقرر أن الحكم الصادر فى الدعوى الجزائية تكون له حجية فى الدعوى المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجزائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها فى بحث الدعوى المدنية المتصلة بها لكى لايكون حكمها مخالفاً للحكم الجزائى السابق له.
لما كان ذلك وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حجية الأحكام فى المسائل المدنية لاتكون إلا بين من كان طرفاً فيها حقيقة أو حكماً،
وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومنها التقارير الطبية باعتبارها من عناصر الإثبات فى الدعوى،
وهى غير ملزمة قانوناً بإجابة طلب الخصم إحالة المصاب إلى لجنة طبية أو مناقشة معد التقرير الطبى متى وجدت فى الأوراق والتقارير الطبية المقدمة فى الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها،
ولها سلطة تقدير التعويض الجابر للضرر طالما أنه لا يوجد نص فى القانون أو الاتفاق يلزمها باتباع معايير معينة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق بما يكفى لحمله.
وإذ كان الثابت بالأوراق أن الحكم الجزائى البات 183/2004 عجمان قد أدان سائق السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة لتسببه خطأ فى إصابة المطعون ضده الأول بأن قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد الأقصى المسموح به على الطريق فصدم السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية، ولم يقض بإدانة سائق السيارة الأخيرة عن إصابة المذكور والذى لم ترفع به الدعوى الجزائية قبله. وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى إلزام الطاعنة بتعويض المطعون ضده الأول بما يتناسب والخطأ الذى ارتكبه سائق السيارة المؤمنة لديها بموجب ماللحكم الجزائى من حجية وبما له من سلطة تقدير الأدلة ومن بينها تقرير السيد الطبيب الشرعي – الذى انتهي إلى أنه المطعون ضده أصيب من جراء الحادث بكسور فى الضلوع أرقام 2، 5، 6، 8، 9، 10 وبكسر منخسف بعظم الجمجمة وكدمات نزفية متعددة منتشرة بنصفى المخ وبجذع المخ... نتج عنها معاناته من تعثر فى الكلام وضعف فى التركيز والقوى العضلية والقدره على التوازن بنسبة عجز كلى مستديم 100%، بعد أن استعان الطبيب الشرعي بالتقارير الطبية الصادرة من عدة مستشفيات والتى ثبت منها خضوع المصاب للأشعة المقطعية على المخ عدة مرات، وخلص إلى نفى أن تكون اصابات الأخير نتيجة حالة مرضية قديمة بالمخ، واستبعد الحكم المطعون فيه حجية الحكم الصادر فى الدعوى المدنية 6/2005 مدنى كلى عجمان لاختلاف أطرافها عن الدعوى الماثلة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يقبل من الطاعنة التمسك بانتفاء مسؤوليتها عن الحادث وبالتالى يضحى النعى برمته على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

* * *