قانون اتحادي رقم 28
صادر بتاريخ 19/11/2005 م.
الموافق فيه 17 شوال 1426 هـ.
في شأن الاحوال الشخصية
معدل بموجب
المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/8/2019م
والمرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م
والمرسوم بقانون اتحادي رقم 29 تاريخ 27/09/2020م
والمرسوم بقانون اتحادي رقم 52 تاريخ 02/10/2023م
نحن خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة،
بعد الاطلاع على الدستور،
وعلى القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 1972م. بشأن اختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973م. في شأن المحكمة الاتحادية العليا والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978م. في شأن انشاء محاكم اتحادية ونقل اختصاصات الهيئات القضائية المحلية في بعض الامارات اليها والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1978م. بتنظيم حالات واجراءات الطعن بالنقض امام المحكمة الاتحادية العليا والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983م. في شأن السلطة القضائية الاتحادية والقوانين المعدلة له،
وعلى قانون العقوبات الصادر بالقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987م.،
وعلى قانون المعاملات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985م. والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون الاتحادي رقم 22 لسنة 1991م. في شأن الكاتب العدل والقوانين المعدلة له،
وعلى قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1992م.،
وعلى قانون الاجراءات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992م.،
وعلى القانون الاتحادي رقم 21 لسنة 1997م. في شأن تحديد المهر في عقد الزواج ومصاريفه،
وبناء على ما عرضه وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف، وموافقة مجلس الوزراء، وتصديق المجلس الاعلى للاتحاد،
أصدرنا القانون الآتي
احكام عامة
المادة الأولى – نطاق سريان احكام هذا القانون*
استبدل نص المادة الأولى بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 29 تاريخ 27/09/2020م، وأصبح على الوجه التالي:
1- تسري احكام هذا القانون على جميع الوقائع التي حدثت بعد سريان أحكامه، ويسري بأثر رجعي على إشهادات الطلاق ودعاوى الطلاق التي لم يصدر بها حكم بات.
2- تسري احكام هذا القانون على مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ما لم يكن لغير المسلمين منهم احكام خاصة بطائفتهم وملتهم.
3- تسري احكام هذا القانون على غير المواطنين، ما لم يتمسك أحدهم بتطبيق قانونه، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المواد (12)، و(13)، و(14)، و(15)، و(16)، و(17)، و(27)، و(28) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1985.
المادة 2 - التفسير والتأويل*
1- يرجع في فهم النصوص التشريعية في هذا القانون، وتفسيرها، وتأويلها، الى اصول الفقه الاسلامي وقواعده.
2- تطبق نصوص هذا القانون على جميع المسائل التي تناولتها في لفظها أو فحواها، ويرجع في تفسيرها واستكمال احكامها الى المذهب الفقهي الذي اخذت منه.
3- واذا لم يوجد نص في هذا القانون يحكم بمقتضى المشهور من مذهب مالك ثم مذهب احمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب ابي حنيفة.
المادة 3 - اعتماد الحساب القمري*
يعتمد الحساب القمري في المدد الواردة في هذا القانون، ما لم ينص على خلاف ذلك.
المادة 4 - الاحكام المطبقة*
تطبق فيما لم يرد بشأن اجراءاته نص في هذا القانون، احكام قانون الاجراءات المدنية، وقانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية.
اختصاص المحاكم
المادة 5 - المحاكم المختصة بالدعاوى المرفوعة على المواطنين والاجانب المقيمين*
تختص محاكم الدولة بنظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الاحوال الشخصية التي ترفع على المواطنين، والاجانب الذين لهم موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
المادة 6 - المحاكم المختصة بالدعاوى المرفوعة على الاجانب غير المقيمين*
تختص محاكم الدولة بنظر الدعاوى المتعلقة بالاحوال الشخصية التي ترفع على الاجنبي الذي ليس له موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة، وذلك في الاحوال الآتية
1- اذا كانت الدعوى معارضة في عقد زواج يراد ابرامه في الدولة.
2- اذا كانت الدعوى متعلقة بطلب فسخ عقود الزواج، أو بطلانها، أو بالطلاق، أو بالتطليق، وكانت الدعوى مرفوعة من زوجة مواطنة، أو زوجة فقدت جنسية الدولة، متى كانت أي منهما لها موطن أو محل اقامة في الدولة، أو كانت مرفوعة من زوجة لها موطن أو محل اقامة في الدولة، على زوجها الذي كان له موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل، متى كان الزوج قد هجر زوجته، وجعل موطنه أو محل اقامته أو محل عمله في الخارج، أو كان قد ابعد من الدولة.
3- اذا كانت الدعوى متعلقة بطلب نفقة للابوين، أو الزوجة، أو القاصر، متى كان لهم موطن أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
4- اذا كانت الدعوى بشأن نسب صغير له موطن أو محل اقامة في الدولة، أو كانت متعلقة بمسألة من مسائل الولاية على النفس أو المال، متى كان للقاصر أو المطلوب الحجر عليه موطن أو محل اقامة في الدولة، أو كان بها آخر موطن أو محل اقامة أو محل عمل للغائب.
5- اذا كانت الدعوى متعلقة بمسألة من مسائل الاحوال الشخصية، وكان المدعي مواطناً، أو كان اجنبياً له موطن أو محل اقامة، أو محل عمل بالدولة، وذلك اذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل اقامة معروف في الخارج، أو كان القانون الوطني هو الواجب التطبيق في الدولة.
6- اذا تعدد المدعى عليهم وكان لاحدهم موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
7- اذا كان له موطن مختار في الدولة.
المادة 7 - الاختصاص المكاني لمحاكم الدولة وفقاً لاحكام المادة 6*
في الاحوال التي ينعقد فيها الاختصاص لمحاكم الدولة طبقاً لاحكام المادة (6) من هذا القانون، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي أو محل اقامته أو محل عمله، والا كان الاختصاص لمحكمة العاصمة.
المادة 8 - المحكمة الجزئية الابتدائية وقاضي التوثيقات*
1- تختص المحكمة الجزئية الابتدائية المشكلة من قاض فرد، في الفصل في مسائل الاحوال الشخصية.
2- يختص قاضي التوثيقات بتوثيق الاشهادات التي تصدرها المحكمة.
ويصدر وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف لائحة باجراءات الاشهادات وتوثيقها.
المادة 9 - الاختصاص المكاني لمحاكم الدولة*
1- تختص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، أو محل اقامته، أو محل عمله واذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن احدهم، أو محل اقامته، أو محل عمله.
2- تختص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل المدعي أو المدعى عليه، أو مسكن الزوجية، بنظر الدعاوى المرفوعة من الاولاد، أو الزوجة، أو الوالدين، أو الحاضنة، حسب الاحوال في المسائل الآتية
أ. النفقات، والاجور، وما في حكمها.
ب. الحضانة، والرؤية، والمسائل المتعلقة بهما.
ج. المهر، والجهاز والهدايا، وما في حكمها.
د. التطليق، والخلع، والابراء، والفسخ، والفرقة بين الزوجين، بجميع انواعها.
3- تختص المحكمة التي يقع في دائرتها آخر موطن أو محل اقامة أو محل عمل المتوفي في الدولة، بتحقيق اثبات الوراثة، والوصايا، وتصفية التركات، فإن لم يكن للمتوفي موطن أو محل اقامة أو محل عمل في الدولة، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها احد اعيان التركة.
4- يتحدد الاختصاص المحلي في مسائل الولاية على النحو الآتي
أ. في مسائل الولاية بموطن أو محل اقامة الولي أو القاصر، وفي مسائل الوصاية بآخر موطن أو محل اقامة للمتوفي أو القاصر.
ب. في مسائل الحجر، بموطن أو محل اقامة المطلوب الحجر عليه.
ج. في مسائل الغيبه بآخر موطن أو محل اقامة أو محل عمل للغائب.
د. اذا لم يكن لأحد من المذكورين في الفقرات (أ، ب، ج) موطن أو محل اقامة في الدولة، ينعقد الاختصاص للمحكمة الكائن في دائرتها موطن الطالب أو محل اقامته، أو المحكمة التي يوجد في دائرتها مال الشخص المطلوب حمايته.
هـ. على المحكمة التي اصدرت حكماً بالحجر أو امرت بسلب الولاية أو وقفها ان تحيل الدعوى الى المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن أو محل اقامة القاصر لتعيين من يشرف عليه ولياً كان أو وصياً، اذ تغير موطن أو محل اقامة القاصر أو المحجور عليه.
5- اذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل اقامة أو محل عمل في الدولة، ولم يتيسر تعيين المحكمة المختصة بموجب الاحكام المتقدمة في الفقرات السابقة، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي أو محل اقامته أو محل عمله، والا كان الاختصاص لمحكمة العاصمة.
المادة 10 - حالات وجوب الحصول على اذن المحكمة أو موافقتها*
1- في الحالات التي يوجب فيها القانون الحصول على اذن المحكمة أو موافقتها أو تطلب القانون رفع الامر الى القاضي، يقدم الطلب الى المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أو محل اقامة الطالب، وذلك بموجب امر على عريضة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
2- لكل ذي مصلحة التظلم من هذا الامر خلال اسبوع من تاريخ اعلانه به، وتصدر المحكمة حكمها في التظلم بتأييده، أو تعديله، أو الغائه، ويكون هذا الحكم قابلاً للطعن بطرق الطعن المقررة في القانون.
3- يكون طلب تعيين القيم بامر على عريضة، وتعلن النيابة والورثة المحتملون بالطلب.
المادة 11 - شرط وقف اجراء التنفيذ*
لا يترتب على الاشكال في تنفيذ الاحكام، أو القرارات المستعجلة والوقتية، أو المحاضر المحررة أو الموثقة، أو محاضر الصلح المصادق عليها المتعلقة بالنفقة أو الحضانة، أو استئنافها وقف اجراءات التنفيذ، ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.
المادة 12 - تحديد الخصومة في حالة المطالبة بالحكم بفقد الشخص*
توجه الخصومة في حالة المطالبة بالحكم بفقد الشخص، للورثة المحتملين للمفقود ووكيله، أو من عين وكيلاً عنه، والى النيابة العامة.
المادة 13 - مبدأ تصدي محكمة النقض للفصل في الحكم المنقوض*
اذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه كله أو بعضه، وجب عليها ان تتصدى للفصل في الموضوع.
ويستثنى من حكم الفقرة السابقة
1- اذا كان الحكم المطعون فيه قد الغي لبطلانه، وكان هذا البطلان راجعاً لسبب يتصل باعلان صحيفة الدعوى، فإن المحكمة تقضي مع البطلان باعادة الدعوى الى محكمة اول درجة لنظرها بعد اعلان الخصوم، على ان يعتبر رفع الطعن في حكم الاعلان بالطلبات المعروضة في الدعوى.
2- اذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم الاختصاص، أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى، أو بتأييد الحكم المستأنف في هاتين المسألتين وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه، وجب عليها ان تحيل الدعوى الى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه، ما لم تر نظرها امام دائرة مشكلة من قضاة آخرين، أو تحيلها الى المحكمة المختصة لتقضي فيها من جديد وتلتزم المحكمة المحال اليها الدعوى بحكم النقض في المسألة التي فصل فيها، ما لم يكن الطعن للمرة الثانية، فعلى محكمة النقض اذا نقضت الحكم المطعون فيه ان تتصدى للفصل في الموضوع.
المادة 14 - الاجراءات القانونية للاعلان عن الشخص المدعى عليه*
1- يعلن شخص المدعى عليه أو المراد اعلانه بصورة الاعلان، في موطنه، أو محل اقامته، أو محل عمله، أو الموطن المختار، أو اينما وجد، فاذا تعذر اعلانه جاز للمحكمة اعلانه بالفاكس، أو البريد الالكتروني، أو البريد المسجل بعلم الوصول، أو ما يقوم مقامها.
2- اذا لم يجد القائم بالاعلان شخص المطلوب في موطنه، أو محل اقامته، كان عليه ان يسلم صورة الاعلان الى أي من الساكنين معه من زوج، أو اقارب، أو اصهار، واذا لم يجد المطلوب اعلانه في محل عمله، كان عليه ان يسلم الاعلان لرئيسه في العمل، أو لمن يقرر انه من القائمين على ادارته، وفي جميع الاحوال لا تسلم صورة الاعلان الا الى شخص يدل ظاهره انه اتم الثامنة عشرة من عمره، وليس له أو لمن يمثله مصلحة ظاهرة تتعارض مع مصلحة المعلن اليه.
3- اذا لم يجد القائم بالاعلان من يصح تسليم الصورة اليه، أو امتنع من وجده من المذكورين فيها، عن التوقيع على الاصل بالتسليم، أو عن تسلم الصورة بعد التحقق من شخصيته أو كان المكان مغلقاً، وجب عليه ان يسلمها في اليوم ذاته لمسؤول مركز الشرطة، أو من يقوم مقامه، الذي يقع في دائرته موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل المعلن اليه حسب الاحوال، وعليه خلال اربع وعشرين ساعة من تسليم الصورة لمركز الشرطة، ان يوجه الى المعلن اليه في موطنه، أو محل اقامته، أو محل عمله أو موطنه المختار كتاباً مسجلاً بالبريد يعلمه ان الصورة سلمت لمركز الشرطة.
4- يجوز للمحكمة استثناء من الفقرة السابقة، ان تامر بتعليق صورة من الاعلان على لوحة الاعلانات، وعلى باب المكان الذي يقيم فيه المراد اعلانه أو على باب آخر مكان اقام فيه، أو بنشره في صحيفتين يوميتين، تصدران في الدولة أو في الخارج، باللغة العربية أو اللغة الاجنبية، حسب الاحوال، اذا اقتضى الامر ذلك.
5- اذا تحققت المحكمة انه ليس للمطلوب اعلانه، موطن أو محل اقامة، أو محل عمل، أو فاكس، أو بريد الكتروني أو عنوان بريدي، فتعلنه بالنشر في صحيفتين يوميتين تصدران في الدولة أو خارجها، باللغة العربية، أو اللغة الاجنبية حسب الاحوال، ويعتبر تاريخ النشر تاريخاً لاجراء الاعلان.
6- ما يتعلق بالاشخاص الذين لهم موطن، أو اقامة، أو محل عمل، معلوم في الخارج، فتسلم صورة الاعلان الى وكيل وزارة العدل، لتعلن اليهم بالطرق الدبلوماسية، أو يتم اعلانهم عن طريق البريد المسجل بعلم الوصول.
7- يعتبر الاعلان منتجاً لآثاره من وقت تبليغ الصورة، أو من تاريخ ارسال الفاكس أو البريد الالكتروني، أو من تاريخ وصول البريد المسجل بعلم الوصول أو من تاريخ النشر وفقاً للاحكام السابقة.
المادة 15 - اعلان الحكم للشخص المحكوم عليه وميعاد الطعن*
1- يعلن الحكم لشخص المحكوم عليه، أو في موطنه، أو في محل عمله، أو في محل اقامته، فإن تعذر يعلن بالطرق المقررة في المادة (14) من هذا القانون بناء على امر المحكمة التي اصدرت الحكم، وبعد طلب المحكوم له.
2- يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من اليوم التالي لتاريخ صدوره اذا كان حضورياً، ومن تاريخ اليوم التالي لاعلان المحكوم عليه اذا كان بمثابة الحضوري.
3- ميعاد الطعن بالاستئناف والنقض ثلاثون يوماً لكل منهما.
4- يتعين على المحكوم له بالتطليق أو التفريق، أو الفسخ، أو بطلان العقد، أو الحكم بموت المفقود، ان يعلن الحكم للمحكوم عليه أو من صدر الحكم في مواجهته، اذا كان بمثابة الحضوري حتى تسري المواعيد في شأنه.
المادة 16 - شروط قبول الدعوى امام المحكمة وحالات الصلح*
1- لا تقبل الدعوى امام المحكمة في مسائل الاحوال الشخصية، الا بعد عرضها على لجنة التوجيه الاسري، ويستثنى من ذلك، مسائل الوصية والارث وما في حكمها، والدعاوى المستعجلة والوقتية، والاوامر المستعجلة والوقتية في النفقة والحضانة والوصاية والدعاوى التي لا يتصور الصلح بشأنها كدعاوى اثبات الزواج والطلاق.
2- اذا تم الصلح بين الاطراف امام لجنة التوجيه الاسري، اثبت هذا الصلح في محضر، يوقع عليه الاطراف، وعضو اللجنة المختص، ويعتمد هذا المحضر من القاضي المختص، ويكون له قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن الا اذا خالف احكام هذا القانون.
3- يصدر وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف اللائحة التنفيذية المنظمة لعمل لجنة التوجيه الاسري.
الكتاب الاول
الزواج
الباب الاول
الخطبة
المادة 17 - مفهوم الخطبة*
1- الخطبة طلب التزوج والوعد به ولا يعد ذلك نكاحاً.
2- تمنع خطبة المرأة المحرّمة ولو كان التحريم مؤقتاً، ويجوز التعريض بخطبة معتدة الوفاة.
المادة 18 - العدول عن الخطبة وآثاره*
1- لكل من الطرفين العدول عن الخطبة، واذا ترتب ضرر من عدول احد الطرفين عن الخطبة بغير مقتض كان للطرف الآخر المطالبة بالتعويض عما اصابه من ضرر، ويأخذ المسبب للعدول حكم العادل.
2- اذا عدل احد الطرفين عن الخطبة أو مات يسترد المهر الذي اداه عيناً أو قيمته يوم القبض ان تعذر رده عيناً.
3- اذا اشترت المخطوبة بمقدار مهرها أو ببعضه جهازاً ثم عدل الخاطب فلها الخيار بين اعادة المهر أو تسليم ما يساويه من الجهاز وقت الشراء.
4- يعتبر من المهر الهدايا التي جرى العرف باعتبارها منه.
5- اذا عدل احد الطرفين عن الخطبة وليس ثمة شرط أو عرف، فإن كان بغير مقتض فلا حق له في استرداد شيء مما اهداه للآخر، وللآخر استرداد ما اهداه.
6- ان كان العدول بمقتض فله ان يسترد ما اهداه ان كان قائماً أو قيمته يوم القبض ان كان هالكاً أو مستهلكاً وليس للآخر ان يسترد.
7- اذا انتهت الخطبة بعدول من الطرفين استرد كل منهما ما اهداه للآخر ان كان قائماً.
8- اذا انتهت الخطبة بالوفاة، أو بسبب لا يد لأحد الطرفين فيه، أو بعارض حال دون الزواج، فلا يسترد شيء من الهدايا.
الباب الثاني
الاحكام العامة للزواج
المادة 19 - تعريف الزواج*
الزواج عقد يفيد حل استمتاع احد الزوجين بالآخر شرعاً، غايته الاحصان وانشاء اسرة مستقرة برعاية الزوج، على اسس تكفل لهما تحمل اعبائها بمودة ورحمة.
المادة 20 - اثار الاخلال بشروط عقد الزواج*
1- الازواج عند شروطهم الا شرطاً احل حراماً أو حرم حلالاً.
2- اذا اشترط في عقد الزواج شرط ينافي اصله بطل العقد.
3- اذا اشترط فيه شرط لا ينافي اصله ولكن ينافي مقتضاه أو كان محرماً شرعاً بطل الشرط وصح العقد.
4- اذا اشترط فيه شرط لا ينافي اصله ولا مقتضاه وليس محرماً شرعاً صح الشرط ووجب الوفاء به، واذا اخل به من شرط عليه كان لمن شرط له طلب فسخ الزواج سواء اكان من جانب الزوجة ام من جانب الزوج ويعفي الزوج من نفقة العدة ان كان الاخلال من جانب الزوجة.
5- اذا اشترط احد الزوجين في الآخر وصفاً معيناً فتبين خلافه كان للمشترط طلب فسخ الزواج.
6- لا يعتد عند الانكار بأي شرط الا اذا نص عليه كتابة في عقد الزواج الموثق.
7- يسقط حق الفسخ باسقاط صاحبه أو رضائه بالمخالفة صراحة أو ضمناً، ويعتبر في حكم الرضا الضمني مرور سنة على وقوع المخالفة مع العلم بها، وكذا بالطلاق البائن.
المادة 21 - شروط الزواج*
1- يشترط في لزوم الزواج ان يكون الرجل كفؤاً للمرأة وقت العقد فقط، ولكل من المرأة ووليها الحق في طلب الفسخ عن فوات الكفاءة، ولا يؤثر في العقد زوال الكفاءة بعده.
2- اذا كان الخاطبان غير متناسبين سناً بأن كانت سن الخاطب ضعف سن المخطوبة أو اكثر، فلا يعقد الزواج الا بموافقة الخاطبين وعلمهما وبعد اذن القاضي، وللقاضي ان لا يأذن به ما لم تكن مصلحة في هذا الزواج.
المادة 22 - العبرة في الكفاءة*
العبرة في الكفاءة بصلاح الزوج ديناً، ويعتبر العرف في تحديد الكفاءة في غير الدين.
المادة 23 - حق الاعتراض على عدم الكفاءة*
1- الكفاءة حق لكل من المرأة ووليها الكامل الاهلية.
2- ليس للابعد من الاولياء حق الاعتراض على عدم الكفاءة الا عند عدم الاقرب أو نقص اهليته.
المادة 24 - شروط حق الزوجة ووليها طلب فسخ العقد لعدم كفاءة الرجل*
اذا ادعى الرجل الكفاءة أو اصطنع ما يوهم بها أو اشترطت الكفاءة في العقد، ثم ظهر بعد ذلك انه غير كفء كان لكل من الزوجة ووليها حق طلب الفسخ.
المادة 25 - سقوط حق الزوجة في طلب الفسخ لعدم الكفاءة*
يسقط الحق في طلب الفسخ لعدم الكفاءة اذا حملت الزوجة أو انقضت سنة بعد العلم بالزواج، أو بسبق الرضا ممن له طلب الفسخ.
المادة 26 - انتفاء حق الولي في الفسخ لنقصان المهر عن مهر المثل*
ليس للولي طلب الفسخ لنقصان المهر عن مهر المثل.
المادة 27 - اجراءات توثيق عقد الزواج رسمياً*
1- يوثق الزواج رسمياً، ويجوز اعتباراً لواقع معين اثبات الزواج بالبينة الشرعية.
2- يشترط لاجراء عقد الزواج تقديم تقرير من لجنة طبية مختصة يشكلها وزير الصحة، يفيد الخلو من الامراض التي نص هذا القانون على طلب التفريق بسببها.
3- يتم توثيق عقد الزواج من المأذونين، ويصدر وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف اللائحة الخاصة بهم.
المادة 28 - شروط زواج المجنون أو المعتوه*
1- لا يعقد الولي زواج المجنون أو المعتوه أو من في حكمهما الا بإذن القاضي وبعد توافر الشروط الآتية
أ- قبول الطرف الآخر التزوج منه بعد اطلاعه على حالته.
ب- كون مرضه لا ينتقل منه الى نسله.
ج- كون زواجه فيه مصلحة له.
2- ويتم التثبت من الشرطين (ب) و(ج) بتقرير لجنة من ذوي الاختصاص، يشكلها وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف بالتنسيق مع وزير الصحة.
المادة 29 - زواج السفيه البالغ سن الرشد*
لمن بلغ من الذكور سن الرشد سفيهاً أو طرأ عليه السفه ان يزوج نفسه ولولي المال الاعتراض على ما زاد على مهر المثل، ويستثنى من ذلك اسقاط الحقوق المالية المترتبة على الزواج.
المادة 30 - اهلية الزواج بالعقل والبلوغ*
استبدل نص المادة 30 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وأصبح على الوجه التالي:
1- تكتمل أهلية الزواج بالعقل والبلوغ وسن البلوغ تمام الثامنة عشرة من العمر لمن لم يبلغ شرعاً قبل ذلك.
2- لا يتزوج من بلغ شرعاً ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره، إلا وفق الضوابط التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من وزير العدل.
3- إذا طلب من أكمل الثامنة عشرة من عمره الزواج وامتنع وليه عن تزويجه جاز له رفع الأمر الى القاضي.
4- يحدد القاضي مدة لحضور الولي بعد إعلانه يبين خلالها أقواله، فإن لم يحضر أصلا او كان اعتراضه غير سائغ زوجه القاضي.
المادة 31 - الاهلية المكتسبة بالزواج*
يكتسب من تزوج وفق احكام المادة 30 من هذا القانون الاهلية في كل ماله علاقة بالزواج وآثاره، ويستثنى من ذلك اسقاط الحقوق المالية المترتبة على الزواج.
المادة 32 - تحديد الولي في الزواج*
الولي في الزواج هو الاب ثم العاصب بنفسه على ترتيب الارث ابنًا ثم اخًا ثم عمًا، فاذا استوى وليان في القرب فأيهما تولى الزواج بشروطه جاز، ويتعين من اذنت له المخطوبة.
المادة 33 - الشروط الواجب توافرها في الولي*
يشترط في الولي ان يكون ذكرًا، عاقلا، بالغًا، غير محرم بحج أو عمرة، مسلمًا ان كانت الولاية على مسلم.
المادة 34 - انتقال الولاية في حال غياب الولي الاقرب*
اذا غاب الولي الاقرب غيبة منقطعة، أو جهل مكانه، أو لم يتمكن من الاتصال به، انتقلت الولاية لمن يليه بإذن من القاضي وفي حالة العضل تنتقل الى القاضي.
المادة 35 - اعتماد القاضي ولياً لمن لا ولي له*
القاضي ولي من لا ولي له.
المادة 36 - منع تزويج القاضي من الولي أو اصوله أو فروعه*
ليس للقاضي ان يزوج من له الولاية عليه من نفسه ولا من اصله ولا من فرعه.
المادة 37 - التوكيل في عقد الزواج وحدوده*
يجوز التوكيل في عقد الزواج.
2- ليس للوكيل ان يزوج موكلته من نفسه الا اذا نص على ذلك في الوكالة.
3- اذا جاوز الوكيل في الزواج حدود وكالته كان العقد موقوفًا.
الباب الثالث
الاركان والشروط
المادة 38 - اركان عقد الزواج*
اركان عقد الزواج
1- العاقدان (الزوج والولي).
2- المحل
3- الايجاب والقبول.
الفصل الاول
الزوجان
المادة 39 - دور ولي المرأة البالغة في عقد الزواج*
يتولى ولي المرأة البالغة عقد زواجها برضاها، ويوقعها المأذون على العقد.
ويبطل العقد بغير ولي، فإن دخل بها فُرِّق بينهما، ويثبت نسب المولود.
المادة 40 - شرط انعقاد الزواج*
يشترط لانعقاد الزواج الا تكون المرأة محرمة على الرجل تحريمًا دائمًا أو مؤقتًا.
الفصل الثاني
صيغة العقد
المادة 41 - شروط الايجاب والقبول في عقد الزواج*
يشترط في الايجاب والقبول
1- ان يكونا بلفظ التزويج أو الانكاح.
2- ان يكونا منجزين غير دالين على التوقيت، فلا ينعقد الزواج المعلق على شرط غير متحقق، ولا الزواج المضاف الى المستقبل، ولا زواج المتعة، ولا الزواج المؤقت.
3- موافقة القبول للايجاب صراحة أو ضمنًا مع بقاء العاقدين على اهليتهما الى حين اتمام العقد.
4- اتحاد مجلس العقد بين الحاضرين بالمشافهة وحصول القبول فور الايجاب، وبين الغائبين بحصول القبول في مجلس تلاوة الكتاب امام الشهود أو اسماعهم مضمونه أو تبليغ الرسول ولا يعتبر القبول متراخياً عن الايجاب اذا لم يفصل بينهما ما يدل على الاعراض.
5- بقاء الايجاب صحيحاً الى حين صدور القبول، ويكون للموجب حق الرجوع قبل صدوره.
6- سماع كل من المتعاقدين الحاضرين كلام الآخر ومعرفته ان المقصود به الزواج وان لم يفهم معاني الالفاظ.
وفي حال العجز عن النطق، تقوم الكتابة مقامه، فإن تعذرت فبالاشارة المفهومة.
الفصل الثالث
المحرمات
الفرع الاول
المحرمات على التأبيد
المادة 42 - محرمات الزواج بسبب القرابة*
يحرم على الشخص بسبب القرابة التزوج من
1- اصله وان علا.
2- فرعه وان نزل.
3- فروع احد الابوين أو كليهما وان نزلوا.
4- الطبقة الاولى من فروع احد اجداده أو جداته.
المادة 43 - محرمات الزواج بسبب المصاهرة*
يحرم على الشخص بسبب المصاهرة التزوج
1- ممن كان زوج احد اصوله وان علوا، أو زوج احد فروعه وان نزلوا.
2- اصول زوجه وان علوا.
3- فروع زوجته التي دخل بها وان نزلن.
المادة 44 - محرمات الزنا*
يحرم على الشخص فرعه من الزنا وان نزل وابنته المنفية بلعان.
المادة 45 - محرمات الزواج بعد اللعان*
يحرم على الرجل التزوج بمن لاعنها بعد تمام اللعان.
المادة 46 - محرمات الرضاع*
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب أو المصاهرة الا ما استثنى شرعاً، وذلك بشرطين
1- ان يقع الرضاع في العامين الاولين.
2- ان يبلغ الرضاع خمس رضعات متفرقات.
الفرع الثاني
المحرمات على التأقيت
المادة 47 - محرمات الزواج المؤقتة*
المحرمات بصورة مؤقتة
1- الجمع ولو في العدة بين امرأتين لو فرضت أي منهما ذكراً لامتنع عليه التزوج بالاخرى.
2- الجمع بين اكثر من اربع نسوة.
3- زوجة الغير.
4- معتدة الغير.
5- البائنة بينونة كبرى، فلا يصح لمطلقها ان يتزوجها الا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها فعلاً في زواج صحيح.
6- المحرمة بحج أو عمرة.
7- المرأة غير المسلمة ما لم تكن كتابية.
8- زواج المسلمة بغير مسلم.
الفصل الرابع
شروط العقد
المادة 48 - شروط صحة الزواج*
1- يشترط لصحة الزواج حضور شاهدين رجلين بالغين عاقلين سامعين كلام المتعاقدين، فاهمين ان المقصود به الزواج.
2- يشترط اسلام الشاهدين، ويكتفي عند الضرورة بشهادة كتابين في زواج المسلم بالكتابية.
الفصل الخامس
المهر
المادة 49 - تعريف المهر*
المهر هو ما يقدمه الزوج من مال متقوم بقصد الزواج ولا حد لأقله، ويخضع اكثره لقانون تحديد المهور.
المادة 50 - حق التصرف بالمهر*
المهر ملك للمرأة، تتصرف فيه كيف شاءت، ولا يعتد باي شرط مخالف.
المادة 51 - المهر ومهر المثل*
1- اذا سمي في العقد مهر تسمية صحيحة وجب للمرأة ذلك المسمى.
2- اذا لم يسم لها في العقد مهر أو سمي تسمية غير صحيحة أو نفي اصلاً وجب لها مهر المثل.
المادة 52 - حالات تعجيل المهر أو تأجيله*
1- يجوز تعجيل المهر أو تأجيله كلاً أو بعضاً حين العقد.
2- يجب المهر بالعقد الصحيح، ويتأكد كله بالدخول، أو الخلوة الصحيحة، أو الوفاة، ويحل المؤجل منه بالوفاة أو البينونة.
3- تستحق المطلقة قبل الدخول نصف المهر ان كان مسمى، والا حكم لها القاضي بمتعة لا تجاوز نصف مهر المثل.
المادة 53 - حق الزوجة في قبض المهر*
1- يحق للزوجة الامتناع عن الدخول حتى يدفع لها حال مهرها.
2- اذا رضيت الزوجة بالدخول قبل ان تقبض مهرها من الزوج فهو دين في ذمته.
الفصل السادس
الحقوق المشتركة
المادة 54 - حقوق وواجبات الزوجين*
الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين
1- حل استمتاع كل من الزوجين بالزوج الآخر فيما اباحه الشرع.
2- المساكنة الشرعية.
3- حسن المعاشرة، وتبادل الاحترام والعطف، والمحافظة على خير الاسرة.
4- العناية بالاولاد وتربيتهم بما يكفل تنشأتهم تنشئة صالحة.
المادة 55 - حقوق الزوجة على زوجها*
حقوق الزوجة على زوجها
1- النفقة.
2- عدم منعها من اكمال تعليمها.
3- عدم منعها من زيارة اصولها وفروعها واخوتها واستزارتهم بالمعروف.
4- عدم التعرض لاموالها الخاصة.
5- عدم الاضرار بها مادياً أو معنوياً.
6- العدل بينها وبين بقية الزوجات ان كان للزوج اكثر من زوجة.
المادة 56 - حقوق الزوج على زوجته*
استبدل نص المادة 56 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وبموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م وأصبح على الوجه التالي:
للزوج على زوجته حقوق منها:
1- الإشراف على البيت والحفاظ على موجوداته.
2- إرضاع أولاده منها إلا إذا كان هناك مانع.
الباب الرابع
انواع الزواج
المادة 57 - توصيف الزواج*
الزواج صحيح أو غير صحيح، وغير الصحيح يشمل الفاسد والباطل.
المادة 58 - الزواج الصحيح واثره*
1- الزواج الصحيح ما توفرت اركانه وشروطه وانتفت موانعه.
2- تترتب على الزواج الصحيح آثاره منذ انعقاده.
المادة 59 - الزواج الفاسد واثره*
1- الزواج الفاسد ما اختلت بعض شروطه.
2- لا يترتب على الزواج الفاسد أي اثر قبل الدخول.
المادة 60 - الاثار المترتبة على الزواج الفاسد*
يترتب على الزواج الفاسد بعد الدخول الآثار الآتية
1- الاقل من المهر المسمى ومهر المثل.
2- ثبوت النسب.
3- حرمة المصاهرة.
4- العدة.
5- النفقة ما دامت المرأة جاهلة فساد العقد.
المادة 61 - الزواج الباطل واثره*
1- الزواج الباطل ما اختل ركن من اركانه.
2- لا يترتب على الزواج الباطل أي اثر ما لم ينص هذا القانون على خلاف ذلك.
الباب الخامس
آثار الزواج
احكام عامة
المادة 62 - استقلال ذمة الزوجين المالية ووجوب التسوية في الهبة بين الاولاد والزوجات*
1- المرأة الراشدة حرة في التصرف في اموالها، ولا يجوز للزوج التصرف في اموالها دون رضاها، فلكل منهما ذمة مالية مستقلة. فاذا شارك احدهما الآخر في تنمية مال أو بناء مسكن ونحوه كان له الرجوع على الآخر بنصيبه فيه عند الطلاق أو الوفاة.
2- تجب التسوية في الهبة وما في حكمها بين الاولاد وبين الزوجات ما لم تكن مصلحة يقدرها القاضي، فإن لم يسو، سوى القاضي بينهم واخرجها من التركة.
الفصل الاول
النفقة
المادة 63 - تحديد النفقة وحدودها*
1- تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن والتطبيب والخدمة للزوجة ان كانت ممن تخدم في اهلها وما تقتضيه العشرة الزوجية بالمعروف.
2- يراعى في تقدير النفقة سعة المنفق وحال المنفق عليه والوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً، على الا تقل عن حد الكفاية.
3- تكفي شهادة الاستكشاف (المعاينة) في القضاء بالنفقات بأنواعها واجرة الحضانة والمسكن والشروط التي يتوقف عليها القضاء بشيء مما ذكر.
المادة 64 - كيفية زيادة النفقة أو نقصانها*
1- يجوز زيادة النفقة وانقاصها تبعًا لتغير الاحوال.
2- لا تسمع دعوى الزيادة أو النقصان قبل مضي سنة على فرض النفقة الا في الاحوال الاستثنائية.
3- تحسب زيادة النفقة أو نقصانها من تاريخ المطالبة القضائية.
المادة 65 - امتياز النفقة المستمرة على سائر الديون*
للنفقة المستمرة امتياز على سائر الديون.
الفرع الاول
نفقة الزوجية
المادة 66 - وجوب النفقة للزوجة*
تجب النفقة للزوجة على زوجها بالعقد الصحيح اذا سلمت نفسها اليه ولو حكماً.
المادة 67 - تحديد بدء استحقاق النفقة للزوجة وكيفية اسقاطها*
تعتبر نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع عن الانفاق مع وجوبه ديناً على الزوج بلا توقف على القضاء أو التراضي، ولا تسقط الا بالاداء أو الابراء.
ولا تسمع الدعوى بها عن مدة سابقة تزيد على ثلاث سنوات من تاريخ رفع الدعوى ما لم تكن مفروضة بالتراضي.
المادة 68 - قرار القاضي نفقة مؤقتة للزوجة معجلة التنفيذ*
للقاضي ان يقرر بناء على طلب من الزوجة نفقة مؤقتة لها، ويكون قراره مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
المادة 69 - حالات النفقة والسكنى للمعتدة من طلاق رجعي أو بائن*
تجب النفقة والسكنى للمعتدة من طلاق رجعي، والمعتدة من طلاق بائن وهي حامل، كما يجب للمعتدة من طلاق بائن وهي غير حامل للسكنى فقط.
المادة 70 - النفقة والسكنى لمعتدة الوفاة*
لا نفقة لمعتدة الوفاة وتستحق السكنى في بيت الزوجية مدة العدة.
المادة 71 - حالات اسقاط نفقة الزوجة*
استبدل نص المادة 71 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وبموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م وأصبح على الوجه التالي:
تسقط نفقة الزوجة في الأحوال الآتية:
1- إذا منعت نفسها من الزوج دون عذر شرعي.
2- إذا هجرت مسكن الزوجية دون عذر شرعي.
3- إذا منعت الزوج من الدخول إلى بيت الزوجية دون عذر شرعي.
4- إذا صدر حكم أو قرار من المحكمة مقيد لحريتها في غير حق للزوج وجاري تنفيذه.
5- إذا أخلت بالتزاماتها الزوجية التي ينص عليها القانون.
المادة 72 - حالات غير محسوبة اخلالاً بالالتزامات الزوجية*
استبدل نص المادة 72 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وبموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م وأصبح على الوجه التالي:
لا يعتبر خروج الزوجين من البيت أو للعمل وفقاً للقانون أو الشرع أو العرف أو مقتضى الضرورة إخلالاً بالالتزامات الزوجية وعلى القاضي مراعاة مصلحة الأسرة في كل ذلك.
المادة 73 - انقضاء الالتزام بنفقة الزوجة*
ينقضي الالتزام بنفقة الزوجة
1- بالاداء.
2- بالابراء.
3- بوفاة احد الزوجين ما لم يكن قد صدر بها حكم قضائي.
المادة 74 - تهيئة الزوج المسكن الملائم*
على الزوج ان يهيئ لزوجته في محل اقامته مسكناً ملائماً يتناسب وحالتيهما.
المادة 75 - مسكن الزوجين ومراعاة مصلحة الأسرة في حال الخلاف*
استبدل نص المادة 75 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وأصبح على الوجه التالي:
يسكن الزوجان في مسكن الزوجية إلا إذا اشترط في العقد خلاف ذلك، وعلى القاضي مراعاة مصلحة الأسرة في حال الخلاف بين الزوجين.
المادة 76 - شروط اسكان اهل الزوج واولاده من غير زوجة واسكان اولاد الزوجة من غير زوجها في المنزل الزوجي*
1- يحق للزوج ان يسكن مع زوجته في بيت الزوجية ابويه واولاده من غيرها متى كان مكلفاً بالانفاق عليهم، بشرط ان لا يلحقها ضرر من ذلك.
2- لا يحق للزوجة ان تسكن معها في بيت الزوجية اولادها من غيره الا اذا لم يكن لهم حاضن غيرها، أو يتضررون من مفارقتها، أو رضي الزوج بذلك صراحة أو ضمناً، ويحق له العدول متى لحقه ضرر من ذلك.
المادة 77 - كيفية اسكان ضرة مع زوجة*
لا يحق للزوج ان يسكن مع زوجته ضرة لها في مسكن واحد، الا اذا رضيت بذلك، ويحق لها العدول متى لحقها ضرر من ذلك.
الفرع الثاني
نفقة القرابة
المادة 78 - حالات وجوب نفقة الولد على ابيه*
1- نفقة الولد الصغير الذي لا مال له على ابيه، حتى تتزوج الفتاة، ويصل الفتى الى الحد الذي يتكسب فيه امثاله، ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح معتاد.
2- نفقة الولد الكبير العاجز عن الكسب لعاهة أو غيرها على ابيه، اذا لم يكن له مال يمكن الانفاق منه.
3- تعود نفقة الانثى على ابيها اذا طلقت أو مات عنها زوجها ما لم يكن لها مال أو من تجب عليه نفقتها غيره.
4- اذا كان مال الولد لا يفي بنفقته، الزم ابوه بما يكملها ضمن الشروط السابقة.
المادة 79 - تكاليف ارضاع الولد على الاب*
تجب على الاب تكاليف ارضاع ولده اذا تعذر على الام ارضاعه ويعتبر ذلك من قبيل النفقة.
المادة 80 - كيفية توجب نفقة الولد على امه*
تجب نفقة الولد على امه الموسرة اذا فقد الاب ولا مال له، أو عجز عن الانفاق، ولها الرجوع على الاب بما انفقت اذا ايسر وكان الانفاق بإذنه أو اذن القاضي.
المادة 81 - حالات الزام الولد الموسر نفقة والديه*
1- يجب على الولد الموسر، ذكراً أو انثى، كبيراً أو صغيراً نفقة والديه اذا لم يكن لهما مال يمكن الانفاق منه.
2- اذا كان مال الوالدين لا يفي بالنفقة، الزم الاولاد الموسرون بما يكملها.
المادة 82 - كيفية توزيع نفقة الابوين والاولاد*
1- توزع نفقة الابوين على اولادهما بحسب يسر كل واحد منهم.
2- اذا انفق احد الاولاد على ابويه رضاء فلا رجوع له على اخوته.
3- اذا كان الانفاق بعد الحكم عليهم بالنفقة، فله ان يرجع على كل واحد منهم وفق الحكم، ان انفق عليهم بنية الرجوع.
المادة 83 - ضم الوالدين المستحقين للنفقة الى عائلة الولد*
اذا كان كسب الولد لا يزيد عن حاجته، وحاجة زوجته واولاده، الزم بضم والديه المستحقين للنفقة الى عائلته.
المادة 84 - كيفية استحقاق النفقة على من يحق لهم الارث من الاقارب*
تجب نفقة كل مستحق لها على من يرثه من اقاربه الموسرين بحسب ترتيبهم وحصصهم الارثية، فان كان الوارث معسراً تفرض على من يليه في الارث وذلك مع مراعاة احكام المادتين 80 و81 من هذا القانون.
المادة 85 - حالة تعدد المستحقين للنفقة*
اذا تعدد المستحقون للنفقة، ولم يستطع من وجبت عليه النفقة، الانفاق عليهم جميعاً، تقدم نفقة الزوجة ثم نفقة الاولاد، ثم نفقة الابوين، ثم نفقة الاقارب.
المادة 86 - اثر المطالبة القضائية في امور النفقة*
1- تفرض نفقة الاقارب غير الاولاد اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية.
2- لا تسمع الدعوى بالمطالبة بنفقة الاولاد على ابيهم عن مدة سابقة تزيد على سنة من تاريخ المطالبة القضائية.
الفرع الثالث
نفقة من لا منفق عليه
المادة 87 - واجب الدولة لمن لا منفق عليه*
تتكفل الدولة بنفقة من لا منفق عليه.
المادة 88 - نفقة اللقيط مجهول الابوين*
تكون نفقة اللقيط مجهول الابوين من ماله ان وجد له مال فاذا لم يوجد ولم يتبرع احد بالانفاق عليه كانت نفقته على الدولة.
الفصل الثاني
النسب
المادة 89 - اثبات النسب*
يثبت النسب بالفراش، أو بالاقرار، أو بالبينة، أو بالطرق العلمية اذا ثبت الفراش.
المادة 90 - طرق اثبات نسب الولد*
1- الولد للفراش اذا مضى على عقد الزواج الصحيح اقل مدة الحمل، ولم يثبت عدم امكان التلاقي بين الزوجين.
2- يثبت نسب المولود في الوطء بشبهة اذا ولد لاقل مدة الحمل من تاريخ الوطء.
3- يثبت نسب كل مولود الى امه بمجرد ثبوت الولادة.
4- اذا ثبت النسب شرعاً فلا تسمع الدعوى بنفيه.
المادة 91 - تحديد مدة الحمل*
اقل مدة الحمل، مائة وثمانون يوماً، واكثره ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً، ما لم تقرر لجنة طبية مشكلة لهذا الغرض خلاف ذلك.
المادة 92 - شروط الاقرار بالبنوة لاثبات النسب*
1- الاقرار بالبنوة ولو في مرض الموت يثبت به النسب ما لم يكن المقر له من الزنا، وذلك بالشروط الآتية
أ- ان يكون المقر له مجهول النسب.
ب- ان يكون المقر بالغاً عاقلاً مختاراً.
جـ- ان يكون فارق السن بين المقر وبين المقر له يحتمل صدق الاقرار.
د- ان يصدق المقر له البالغ العاقل المقر.
2- الاستلحاق اقرار بالبنوة صادر عن اب لمقر له ليس من الزنا، ولا يصح استلحاق الجد.
المادة 93 - اثبات النسب اذا كان المقر امرأة متزوجة أو معتدة*
اذا كان المقر امرأة متزوجة أو معتدة، فلا يثبت نسب الولد من زوجها الا اذا صدقها أو اقامت البينة على ذلك.
المادة 94 - اثبات اقرار مجهول النسب*
اقرار مجهول النسب بالابوة أو الامومة يثبت به النسب اذا صدقه المقر عليه أو قامت البينة على ذلك متى كان فارق السن يحتمل ذلك.
المادة 95 - الاقرار بالنسب في غير البنوة والابوة والامومة*
الاقرار بالنسب في غير البنوة والابوة والامومة لا يسري على غير المقر الا بتصديقه أو اقامة البينة.
المادة 96 - اللعان*
اللعان لا يكون الا امام المحكمة ويتم وفق القواعد المقررة شرعاً.
1- الفرقة باللعان فرقة مؤبدة.
المادة 97 - نفي النسب باللعان*
1- للرجل ان ينفي عنه نسب الولد باللعان خلال سبعة ايام من تاريخ العلم بالولادة شريطة الا يكون قد اعترف بأبوته له صراحة أو ضمناً، وتقدم دعوى اللعان خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العلم بالولادة.
2- اذا كان اللعان لنفي النسب وحكم القاضي به انتفى النسب.
3- اذا حلف الزوج ايمان اللعان وامتنعت الزوجة عنها أو امتنعت عن الحضور أو غابت وتعذر ابلاغها حكم القاضي بنفي النسب.
4- يثبت نسب الولد المنفي باللعان بعد الحكم بنفيه اذا اكذب الرجل نفسه.
5- للمحكمة الاستعانة بالطرق العلمية لنفي النسب بشرط الا يكون قد تم ثبوته قبل ذلك.
الكتاب الثاني
فرق الزواج
احكام عامة
المادة 98 - اسباب فسخ عقد الزواج أو الفرقة بين الزوجين ودور المحكمة في الاصلاح*
1- يفسخ عقد الزواج اذا اشتمل على مانع يتنافى ومقتضياته، أو طرأ عليه ما يمنع استمراره شرعاً.
2- تقع الفرقة بين الزوجين بالطلاق أو الفسخ أو الوفاة.
3- على المحكمة ان تحاول قبل ايقاع الفرقة بين الزوجين اصلاح ذات البين.
4- اذا تزوجت المطلقة بآخر انهدم بالدخول طلقات الزوج السابق.
الباب الاول
الطلاق
المادة 99 - تعريف الطلاق ووقوعه*
1- الطلاق حل عقد الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة له شرعاً.
2- يقع الطلاق باللفظ أو بالكتابة، وعند العجز عنهما فبالاشارة المفهومة.
المادة 100 - الجهة الصادر عنها الطلاق وإجراءات توثيقه واثباته*
استبدل نص المادة 100 بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م وأصبح على الوجه التالي:
يقع الطلاق من الزوج أو وكيله بوكالة خاصة، أو من الزوجة أو وكيلها بوكالة خاصة وفق ما تم الاتفاق عليه في عقد الزواج، ويجب توثيقه وفق الإجراءات المتبعة في المحكمة.
ويثبت الطلاق أمام القاضي بشهادة شاهدين، أو بالإقرار، ويصدر القاضي حكمه بعد التحقق من توفر أي من هذين الأمرين.
ويسند الطلاق إلى تاريخ الإقرار، ما لم يثبت للمحكمة تاريخ سابق، ويرجع فيما يترتب على الطلاق بالإقرار إلى القواعد الشرعية.
المادة 101 - شروط المطلق واثر فقدانه العقل*
1- يشترط في المطلق العقل والاختيار.
2- يقع طلاق فاقد العقل بمحرم اختياراً.
المادة 102 - حالات وقوع الطلاق على الزوجة*
لا يقع الطلاق على الزوجة الا اذا كانت في زواج صحيح وغير معتدة.
المادة 103 - شروط صحة وقوع الطلاق*
1- لا يقع الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه الا اذا قصد به الطلاق.
2- لا يقع الطلاق بالحنث بيمين الطلاق أو الحرام الا اذا قصد به الطلاق.
3- لا يقع بالطلاق المتكرر أو المقترن بالعدد لفظاً أو كتابة أو اشارة الا طلقة واحدة.
4- لا يقع الطلاق المضاف الى المستقبل.
المادة 104 - انواع الطلاق ومآثره*
الطلاق نوعان رجعي وبائن
1- الطلاق الرجعي لا ينهي عقد الزواج الا بانقضاء العدة.
2- الطلاق البائن ينهي عقد الزواج حين وقوعه، وهو نوعان
أ- الطلاق البائن بينونة صغرى لا تحل المطلقة بعده لمطلقها الا بعقد وصداق جديدين.
ب- الطلاق البائن بينونة كبرى لا تحل المطلقة بعده لمطلقها الا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها فعلاً في زواج صحيح.
المادة 105 - توصيف الطلاق الرجعي*
كل طلاق يقع رجعياً الا الطلاق المكمل للثلاث، والطلاق قبل الدخول، وما ورد النص على بينونته.
المادة 106 - كيفية وقوع الطلاق*
ألغي نص المادة 106 بموجب المادة 2 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م.
المادة 107 - تحديد النفقة والحضانة بعد الطلاق*
يصدر القاضي المختص بعد وقوع الطلاق بناء على طلب ذوي الشأن امراً بتحديد نفقة المرأة اثناء عدتها، ونفقة الاولاد ومن له حق الحضانة وزيارة المحضون، ويعتبر هذا الامر مشمولاً بالنفاد المعجل بقوة القانون، وللمتضرر الطعن في هذا الامر بطرق الطعن المقررة قانوناً.
المادة 108 - شروط ارجاع الزوج مطلقته رجعياً في العدة*
للزوج ان يرجع مطلقته رجعياً ما دامت في العدة ولا يسقط هذا الحق بالتنازل عنه، فاذا انتهت عدتها جاز لها ان تعود اليه بعقد جديد دون اذن وليها ان امتنع عن تزويجها له، بشرط ان يكون زواجها الاول منه قد تم برضا الولي أو بامر المحكمة.
المادة 109 - كيفية وقوع الرجعة وتوثيقها*
1- تقع الرجعة باللفظ، أو بالكتابة، وعند العجز عنهما فبالاشارة المفهومة، كما تقع بالفعل مع النية.
2- توثق الرجعة ويجب اعلام الزوجة بها خلال فترة العدة.
الباب الثاني
الخلع
المادة 110 - تعريف الخلع*
1- الخلع عقد بين الزوجين يتراضيان فيه على انهاء عقد الزواج بعوض تبذله الزوجة أو غيرها.
2- يصح في مسمى بدل الخلع ما تصح تسميته في المهر، ولا يصح التراضي على اسقاط نفقة الاولاد أو حضانتهم.
3- اذا لم يصح البدل في الخلع وقع الخلع واستحق الزوج المهر.
4- الخلع فسخ.
5- استثناء من احكام البند (1) من هذه المادة، اذا كان الرفض من جانب الزوج تعنتاً، وخيف الا يقيما حدود الله، حكم القاضي بالمخالعة مقابل بدل مناسب.
المادة 111 - شروط صحة البدل في الخلع*
يشترط لصحة البدل في الخلع اهلية باذل العوض، واهلية الزوج لايقاع الطلاق.
الباب الثالث
التفريق بحكم القاضي
الفصل الاول
التفريق للعلل
المادة 112 - حق فسخ الزواج أو سقوطه بالعلة*
1- اذا وجد احد الزوجين في الآخر علة مستحكمة من العلل المنفرة أو المضرة، كالجنون والبرص والجذام، أو التي تمنع حصول المتعة الجنسية كالعنّة والقرن ونحوهما، جاز له ان يطلب فسخ الزواج، سواء اكانت تلك العلة موجودة قبل العقد ام حدثت بعده.
2- ويسقط حقه في الفسخ اذا علم بالعلة قبل العقد أو رضي بها بعده صراحة أو دلالة.
3- على ان حق الزوجة في طلب الفسخ للعلة المانعة من المتعة الجنسية لا يسقط بحال.
4- تنظر المحكمة دعوى فسخ الزواج للعلل الجنسية في جلسة سرية.
المادة 113 - العلل غير القابلة للزوال*
اذا كانت العلل المذكورة في المادة 112 من هذا القانون غير قابلة للزوال تفسخ المحكمة الزواج في الحال دون امهال.
وان كان زوالها ممكناً تؤجل المحكمة القضية مدة مناسبة لا تجاوز سنة، فاذا لم تزل العلة خلالها واصر طالب الفسخ، فسخت المحكمة الزواج.
المادة 114 - حالات طلب التفريق*
لكل من الزوجين حق طلب التفريق في الحالات الآتية
1- اذا حصل تغرير من الزوج الآخر أو بعلمه ادى الى ابرام عقد الزواج، ويعتبر السكوت عمداً عن واقعة تغريراً، اذا ثبت ان من غرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة.
2- اذا ثبت بتقرير طبي عقم الآخر، بعد زواج دام خمس سنوات، وبعد العلاج الطبي، وبشرط عدم وجود اولاد لطالب الفسخ، وان لا يجاوز عمره اربعين سنة.
3- اذا حكم على الآخر بجريمة الزنا وما في حكمها.
4- اذا ثبت اصابة الآخر بمرض معد يخشى منه الهلاك كالايدز، وما في حكمه، فإن خشي انتقاله للزوج الآخر، أو نسلهما، وجب على القاضي التفريق بينهما.
المادة 115 - مهام اللجنة الطبية في معرفة العيوب*
1- يستعان بلجنة طبية مختصة في معرفة العيوب التي يطلب التفريق من اجلها.
2- التفريق في هذا الفصل فسخ.
الفصل الثاني
التفريق لعدم اداء المهر الحال
المادة 116 - حالات الحكم بالفرقة*
1- يحكم للزوجة غير المدخول بها بالفرقة لعدم اداء الزوج مهرها الحال في الحالتين الآتيتين
أ- اذا لم يكن للزوج مال ظاهر يؤخذ منه المهر.
ب- اذا كان الزوج ظاهر العسر أو مجهول الحال وانتهى الاجل الذي حدده القاضي لاداء مهرها الحال ولم يؤده.
2- لا يحكم للزوجة بعد الدخول بالفرقة لعدم اداء مهرها الحال، ويبقى ديناً في ذمة الزوج.
الفصل الثالث
التفريق للضرر والشقاق
المادة 117 - دور لجنة التوفيق الاسري لمنع التطليق*
1- لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما ولا يسقط حق أي منهما في ذلك، ما لم يثبت تصالحهما.
2- تتولى لجنة التوجيه الاسري وفقاً للمادة 16 من هذا القانون الاصلاح بين الزوجين، فان عجزت عنه عرض القاضي الصلح عليهما، فإن تعذر وثبت الضرر حكم بالتطليق.
المادة 118 - تعيين حكمين وتحديد المهل للاصلاح أو الشقاق*
استبدل نص المادة 118 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وأصبح على الوجه التالي:
1- إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإن استمر الشقاق بين الزوجين فللمتضرر منهما ان يرفع دعوى جديدة، فإن تعذر على لجنة التوجيه الأسري والقاضي الإصلاح بينهما عين القاضي بحكم حكمين من أهليهما إن أمكن بعد ان يكلف كلاً من الزوجين تسمية حكم من أهله قدر الإمكان في الجلسة التالية على الأكثر، وإلا عين من يتوسم فيه الخبرة والقدرة على الإصلاح إذا تقاعس أحد الزوجين على تسمية حكمه، او تخلف عن حضور هذه الجلسة، ويكون هذا الحكم غير قابل للطعن فيه.
2- ويجب ان يشمل حكم تعيين الحكمين على تاريخ بدء المهمة وانتهائها على ان لا تجاوز مدة تسعين يوم، ويجوز مدها بقرار من المحكمة، وتعلن المحكمة الحكمين والخصوم بحكم تعيين الحكمين وعليها تحليف كل من الحكمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل وأمانة.
المادة 119 - تحديد مهمة الحكمين*
على الحكمين تقصي اسباب الشقاق وبذل الجهد للاصلاح بين الزوجين، ولا يؤثر في سير عمل الحكمين، امتناع احد الزوجين عن حضور جلسة التحكيم متى تم اعلانه بالجلسة المحددة، أو الجلسات اللاحقة، ان حصل انقطاع بينهما.
المادة 120 - قرارات الحكمين بعد تعذّر الصلح بين الزوجين*
استبدل نص المادة 120 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وبموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 تاريخ 25/08/2020م وأصبح على الوجه التالي:
1- إذا عجز الحكمان عن الإصلاح، فعلى المحكمة أن تعرض توصية الحكمين على الزوجين وتدعوهما للصلح قبل إصدار الحكم بالتفريق بينهما، فإذا تصالح الزوجان بعد توصية الحكمين بالتفريق بينهما وقبل صدور الحكم، فعلى المحكمة إثبات ذلك الصلح.
2- إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة كلها من جانب الزوج، والزوجة هي طالبة التفريق، أو كان كل منهما طالباً، أوصى الحكمان بالتفريق بطلقة بائنة وبدل مناسب يدفعه الزوج دون مساس بشيء من حقوق الزوجية المترتبة على الزواج أو الطلاق.
3- إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة كلها من جانب الزوجة، والزوج هو طالب التفريق أو كان كل منهما طالبا أوصى الحكمان بالتفريق نظير بدل مناسب يقدرانه تدفعه الزوجة ما لم يتمسك الزوج بها، وتراعي المحكمة في ذلك مصلحة الأسرة.
4- إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة مشتركة، أوصى الحكمان بالتفريق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة.
5- إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وجهل الحال فلم يعرف المسيء منهما، فإن كان الزوج هو طالب التفريق اقترح الحكمان رفض دعواه، وإن كانت الزوجة هي الطالبة أو كان كل منهما طالباً التفريق يكون الحكمين بالخيار فيما يريانه مناسباً لحال الأسرة والأولاد في التفريق بينهما دون بدل، أو رفض التفريق بينهما.
المادة 121 - اجراءات القاضي بناء على توصية الحكمين*
استبدل نص المادة 121 بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 تاريخ 29/08/2019م. وأصبح على الوجه التالي:
1- يقدم الحكمان الى القاضي توصيتهما المسببة والمتضمنة مدى إساءة كل من الزوجين او أحدهما الى الآخر.
2- مع مراعاة احكام البند (1) من المادة (120) من هذا القانون، يحكم القاضي بمقتضى توصية الحكمين إن اتفقا، فإن اختلف الحكمان عين القاضي غيرهما، او ضم إليهما حكماً ثالثاً يرجح احد الرأيين، وتحلّف المحكمة الحكم الجديد او المرجح اليمين بأن يقوم بمهمته بعدل وأمانة.
3- على القاضي تعديل توصية الحكمين فيما خالف احكام هذا القانون.
المادة 122 - اثبات الضرر في دعوى التطليق*
في دعوى التطليق للاضرار يثبت الضرر بطرق الاثبات الشرعية، وبالاحكام القضائية الصادرة على احد الزوجين.
وتقبل الشهادة بالتسامع اذا فسر الشاهد أو فهم من كلامه اشتهار الضرر في محيط حياة الزوجين حسبما تقرره المحكمة.
ولا تقبل الشهادة بالتسامع على نفي الضرر.
وتقبل شهادة الشاهد ذكراً كان أو انثى عدا الاصل للفرع أو الفرع للاصل متى توافرت في الشاهد شروط الشهادة شرعاً.
المادة 123 - شروط التفريق خلعاً*
اذا طلبت الزوجة الطلاق قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة، واودعت ما قبضته من مهر وما اخذته من هدايا، وما انفقه الزوج من اجل الزواج، وامتنع الزوج عن ذلك، وعجز القاضي عن الاصلاح، حكم بالتفريق خلعاً.
الفصل الرابع
التفريق لعدم الإنفاق
المادة 124 - شروط التفريق لامتناع الزوج عن الانفاق*
1- اذا امتنع الزوج الحاضر عن الانفاق على زوجته، ولم يكن له مال ظاهر يمكن التنفيذ فيه بالنفقة الواجبة، في مدة قريبة، جاز لزوجته طلب التفريق.
2- فإن ادعى انه معسر ولم يثبت اعساره طلق عليه القاضي في الحال وكذلك ان لم يدع انه موسر أو معسر أو ادعى انه موسر واصر على عدم الانفاق، وان ثبت اعساره امهله القاضي مدة لا تزيد على شهر، فإن لم ينفق طلق عليه القاضي.
المادة 125 - الحكم بالنفقة أو الطلق للزوج الغائب في مكان معلوم أو مجهول*
1- اذا كان الزوج غائباً في مكان معلوم
فإن كان له مال ظاهر نفذ عليه الحكم بالنفقة في ماله.
وان لم يكن له مال ظاهر اعذره القاضي وامهله مدة لا تزيد على شهر مضافاً اليها مواعيد المسافة المقررة، فإن لم ينفق ولم يحضر النفقة طلق عليه القاضي بعد مضي المدة.
2- ان كان غائباً في مكان مجهول، أو لا يسهل الوصول اليه، أو كان مفقوداً وثبت ايضاً انه لا مال له يمكن اخذ النفقة منه، طلق عليه القاضي.
المادة 126 - وقاية الزوج للتطليق*
للزوج ان يتوقى التطليق بتقديم ما يثبت يساره وقدرته على النفقة، وفي هذه الحالة يمهله القاضي المدة المقررة في المادة 125 من هذا القانون.
المادة 127 - شروط رجعة الزوج الصحيحة*
للزوج ان يراجع زوجته في العدة اذا ثبت يساره، واستعد للانفاق بدفعه النفقة المعتادة والا كانت الرجعة غير صحيحة.
المادة 128 - شروط الطلاق البائن لعدم الانفاق*
اذا تكرر رفع الدعوى لعدم الانفاق اكثر من مرتين وثبت للمحكمة في كل منهما عدم الانفاق وطلبت الزوجة التطليق لعدم الانفاق طلقها القاضي عليه بائناً.
الفصل الخامس
التفريق للغيبة والفقد
المادة 129 - شروط حق الزوجة طلب التطليق من الزوج المعروف موطنه*
للزوجة طلب التطليق بسبب غياب زوجها المعروف موطنه أو محل اقامته ولو كان له مال يمكن استيفاء النفقة منه، ولا يحكم لها بذلك الا بعد انذاره إما بالاقامة مع زوجته أو نقلها اليه أو طلاقها، على ان يمهل لاجل لا يزيد على سنة.
المادة 130 - شروط التطليق من الزوج المفقود*
لزوجة المفقود والذي لا يعرف محل اقامته طلب التطليق، ولا يحكم لها بذلك الا بعد التحري والبحث عنه ومضي سنة من تاريخ رفع الدعوى.
الفصل السادس
التفريق للحبس
المادة 131 - شروط التطليق بسبب الحبس*
1- لزوجة المحبوس المحكوم عليه بحكم بات بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر ان تطلب من المحكمة بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائناً ولو كان له مال تستطيع الانفاق منه.
2- اذا كانت الزوجة محبوسة ايضاً فخرجت هي دونه جاز لها طلب التفريق بعد مضي سنة على خروجها بذات الشروط الواردة في البند 1 من هذه المادة.
3- في الحالتين السابقتين يشترط للحكم للزوجة الا يخرج الزوج من السجن اثناء نظر الدعوى أو الا يبقى من مدة حبسه اقل من ستة اشهر.
الفصل السابع
التفريق للايلاء والظهار
المادة 132 - حلف الزوج على عدم مباشرة زوجته*
للزوجة طلب التطليق اذا حلف زوجها على عدم مباشرتها مدة اربعة اشهر فأكثر ما لم يفي قبل انقضاء الاشهر الاربعة، ويكون الطلاق بائناً.
المادة 133 - التطليق للظهار*
للزوجة طلب التطليق للظهار.
المادة 134 - طلب التكفير عن الظهار*
ينذر القاضي الزوج بالتكفير عن الظهار خلال اربعة اشهر من تاريخ اليمين، فإن امتنع لغير عذر حكم القاضي بالتطليق طلقة بائنة.
المادة 135 - قرار القاضي اثناء النظر في دعوى التطليق*
على القاضي اثناء النظر في دعوى التطليق، ان يقرر ما يراه ضرورياً من اجراءات وقتية لضمان نفقة الزوجة والاولاد وما يتعلق بحضانتهم وزيارتهم بناء على طلب أي منهما.
الباب الرابع
آثار الفرقة
الفصل الاول
العدة
المادة 136 - تعريف العدة*
العدة مدة تربص تقضيها الزوجة وجوباً دون زواج إثر الفرقة.
المادة 137 - توقيت بدء العدة*
1- تبتدئ العدة منذ وقوع الفرقة.
2- تبتدئ العدة في حالة الوطء بشبهة من آخر وطء.
3- تبتدئ العدة في الزواج من تاريخ المتاركة أو تفريق القاضي أو موت الرجل.
4- تبتدئ العدة في حالة القضاء بالتطليق، أو التفريق، أو الفسخ، أو بطلان العقد، أو الحكم بموت المفقود من حين صيرورة الحكم باتاً.
المادة 138 - انقضاء العدة*
1- تعتد المتوفى عنها زوجها في زواج صحيح ولو قبل الدخول اربعة اشهر وعشرة ايام ما لم تكن حاملاً.
2- تنقضي عدة الحامل بوضع حملها أو سقوطه.
3- تعتد المدخول بها في عقد باطل أو بشبهة اذا توفي عنها الرجل عدة الطلاق براءة للرحم.
المادة 139 - عدة المطلقة*
1- لا عدة على المطلقة قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة.
2- عدة المطلقة غير الحامل
أ- ثلاثة اطهار لذوات الحيض وتصدق بانقضائها في المدة الممكنة.
ب- ثلاثة اشهر لمن لم تحض اصلاً أو بلغت سن اليأس وانقطع حيضها فإن رأت الحيض قبل انقضائها استأنفت العدة بثلاثة اطهار.
ج- ثلاثة اشهر لممتدة الدم إن لم تكن لها عادة معروفة، فإن كانت لها عادة تذكرها اتبعتها في حساب العدة.
د- اقل الاجلين من ثلاثة اطهار أو سنة لا حيض فيها لمن انقطع حيضها قبل سن اليأس.
المادة 140 - استحقاق الزوجة لمتعة غير نفقة العدة*
اذا طلق الزوج زوجته المدخول بها في زواج صحيح بارادته المنفردة ومن غير طلب منها استحقت متعة غير نفقة العدة بحسب حال الزوج وبما لا يجاوز نفقة سنة لامثالها، ويجوز للقاضي تقسيطها حسب يسار الزوج واعساره، ويراعى في تقديرها ما اصاب المرأة من ضرر.
المادة 141 - وفاة الزوج اثناء عدة الطلاق الرجعي أو البائن*
1- اذا توفي الزوج وكانت المرأة في عدة الطلاق الرجعي تنتقل الى عدة الوفاة ولا يحسب ما مضى.
2- اذا توفي الزوج والمرأة في عدة الطلاق البائن أو الفسخ فانها تكملها ولا تلتزم بعدة الوفاة الا اذا كان الطلاق في مرض الموت فتعتد بأبعد الاجلين.
الفصل الثاني
الحضانة
المادة 142 - تعريف الحضانة*
الحضانة حفظ الولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس.
المادة 143 - شروط عامة بالحاضن*
يشترط في الحاضن
1- العقل.
2- البلوغ راشداً.
3- الامانة.
4- القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته.
5- السلامة من الامراض المعدية الخطيرة.
6- الا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض.
المادة 144 - شروط خاصة بالحاضنة أو الحاضن*
يشترط في الحاضن زيادة على الشروط المذكورة في المادة السابقة
1- اذا كانت امرأة:
أ- ان تكون خالية من زوج اجنبي عن المحضون دخل بها، الا اذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون.
ب- ان تتحد مع المحضون في الدين، مع مراعاة حكم المادة 145 من هذا القانون.
3- اذا كان رجلاً:
أ- ان يكون عنده من يصلح للحضانة من النساء.
ب- ان يكون ذا رحم محرم للمحضون ان كان انثى.
ج- ان يتحد مع المحضون في الدين.
المادة 145 - حضانة الام لمحضون من غير دينها*
اذا كانت الحاضنة اماً وهي على غير دين المحضون سقطت حضانتها الا اذا قدر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون على الا تزيد مدة حضانتها له على اتمامه خمس سنوات ذكراً كان أو انثى.
المادة 146 - الترتيب المتبع لتثبيت حضانة الطفل*
1- يثبت حق حضانة الطفل للام ثم للمحارم من النساء مقدماً فيه من يدلي بالام على من يدلي بالاب ومعتبراً فيه الاقرب من الجهتين وذلك باستثناء الاب على الترتيب التالي، على ان يراعي القاضي عند البت في ذلك مصلحة المحضون.
أ- الام.
ب- الاب.
ج- ام الام وان علت.
د- ام الاب وان علت.
هـ- الاخوات بتقديم الشقيقة ثم الاخت لام، ثم الاخت لأب.
و- بنت الاخت الشقيقة.
ز- بنت الاخت لأم.
ح- الخالات بالترتيب المتقدم في الاخوات.
ط- بنت الأخت لأب.
ي- بنات الأخ بالترتيب المتقدم في الأخوات.
ك- العمات بالترتيب المذكور.
ل- خالات الأم بالترتيب المذكور.
م- خالات الأب بالترتيب المذكور.
ن- عمات الأم بالترتيب المذكور.
س- عمات الأب بالترتيب المذكور.
2- اذا لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء أو لم يكن منهن اهل للحضانة انتقل الحق في الحضانة الى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق في الارث مع مراعاة تقديم الجد الصحيح على الاخوة.
3- فإن لم يوجد احد من هؤلاء انتقل الحق في الحضانة الى محارم الطفل من الرجال غير العصبات على الترتيب الآتي.
الجد لأم، ثم الأخ لأم، ثم ابن الأخ لأم، ثم العم لأم، ثم الأخوال بتقديم الخال الشقيق فالخال لأب فالخال لأم.
4- اذا رفض الحضانة من يستحقها من النساء أو الرجال انتقل الحق الى من يليه ويبلغه القاضي بذلك فإن رفض أو لم يبد رأيه خلال خمسة عشر يوماً انتقل الحق الى من يليه ايضاً.
5- في جميع الاحوال لا يستحق الحضانة عند اختلاف الجنس من ليس من محارم الطفل ذكراً كان أو انثى.
6- للأم حضانة اولادها عند النزاع على الحضانة، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون.
7- لكل من الام والأب طلب ضم الأولاد له اذا كان بينهما نزاع وخرجت الأم من مسكن الزوجية ولو كانت الزوجية قائمة بينهما، ويفصل القاضي في الطلب اعتباراً بمصلحة الاولاد.
المادة 147 - دور القاضي في اختيار الحاضن*
اذا لم يوجد الابوان، ولم يقبل الحضانة مستحق لها، يختار القاضي من يراه صالحاً من اقارب المحضون أو غيرهم أو احدى المؤسسات المؤهلة لهذا الغرض.
المادة 148 - واجبات الاب أو غيره من اولياء المحضون والحق في الولاية التعليمية تحقيقا لمصلحته*
استبدل نص المادة 148 بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 52 تاريخ 02/10/2023م ، وأصبح على الوجه التالي :
1- يجب على الأب أو غيره من أولياء المحضون النظر في شؤونه وتأديبه وتوجيهه وتعليمه.
2- يجب على من يلزم بنفقة المحضون أجرة مسكن حاضنة إلا إذا كانت الحاضنة تملك مسكناً تقيم فيه أو مخصصاً لسكناها.
3- لا تستحق الحاضنة أجرة حضانة إذا كانت زوجة لأب المحضون أو معتدة تستحق في عدتها نفقة منه.
4- استثناءً من البند (1) من هذه المادة، يكون للأم الحاضنة الولاية التعليمية على المحضون، وبما يحقق مصلحة المحضون.
5- عند الخلاف على ما يحقق المصلحة المحضون، يرفع أي من ذوي الشأن الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة، ليصدر قراره بأمر على عريضة مراعياً مدى يسار الولي، وذلك دون مساس بحق الأم الحاضنة في الولاية التعليمية.
6- إذا اقتضت مصلحة المحضون نقل الولاية التعليمية من الأم الحاضنة إلى الأب أو غيره ممن تثبت له الولاية على المحضون، جاز لأي منهم أن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة، ليصدر أمراً على عريضة بمن تكون له الولاية التعليمية على المحضون.
7- إذا كانت حضانة المحضون للمحارم من النساء غير الأم، وكانت الولاية لغير الأب، يجوز للحاضنة وفقاً لما تتطلبه مصلحة المحضون، أن ترفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة، ليصدر أمراً على عريضة بمن تكون له الولاية التعليمية على المحضون.
8- لا تُخل أحكام هذه المادة بواجب النفقة المقررة للمحضون بموجب هذا القانون.
المادة 149 - شروط سفر المحضون مع الحاضن*
لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة الا بموافقة ولي النفس خطياً، واذا امتنع الولي عن ذلك يرفع الامر الى القاضي.
المادة 150 - شروط سفر الام بولدها أو نقله من بيت الزوجية*
1- ليس للأم حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي ان تسافر بولدها أو تنقله من بيت الزوجية الا بإذن ابيه الخطي.
2- يجوز للأم بعد البينونة ان تنتقل به الى بلد آخر في الدولة اذا لم يكن في هذا النقل اخلال بتربية الصغير ولم يكن مضارة للأب وكان لا يكلفه في النقلة لمطالعة احوال المحضون مشقة أو نفقة غير عاديتين.
المادة 151 - شروط سفر الولد مع الحاضنة غير الام أو الولي واسقاط حضانة الام*
1- اذا كانت الحاضنة غير الام فليس لها ان تسافر بالولد الا بإذن خطي من وليه.
2- ليس للولي اباً كان أو غيره ان يسافر بالولد في مدة الحضانة الا بإذن خطي ممن تحضنه.
3- لا يجوز اسقاط حضانة الام المبانة لمجرد انتقال الاب الى غير البلد المقيمة فيه الحاضنة الا اذا كانت النقلة بقصد الاستقرار ولم تكن مضارة للام وكانت المسافة بين البلدين تحول دون رؤية المحضون والعودة في اليوم نفسه بوسائل النقل العادية.
المادة 152 - اسباب سقوط حق الحاضن*
يسقط حق الحاضن في الحضانة في الحالات الآتية
1- اذا اختل احد الشروط المذكورة في المادتين 143 و144.
2- اذا استوطن الحاضن بلداً يعسر معه على ولي المحضون القيام بواجباته.
3- اذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة ستة اشهر من غير عذر.
4- اذا سكنت الحاضنة الجديدة مع من سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني.
المادة 153 - عودة الحضانة لمن سقطت عنه*
تعود الحضانة لمن سقطت عنه متى زال سبب سقوطها.
المادة 154 - اجراءات رؤية المحضون وتسليمه وزيارته*
1- اذا كان المحضون في حضانة احد الابوين فيحق للآخر زيارته واستزارته واستصحابه حسبما يقرر القاضي على ان يحدد المكان والزمان والمكلف باحضار المحضون.
2- اذا كان احد ابوي المحضون متوفي أو غائباً يحق لاقارب المحضون المحارم زيارته حسبما يقرر القاضي.
3- اذا كان المحضون لدى غير ابويه يعين القاضي مستحق الزيارة من اقاربه المحارم.
4- ينفذ الحكم جبراً اذا امتنع عن تنفيذه من عنده المحضون.
5- يصدر وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف لائحة تحدد اجراءات رؤية المحضون وتسليمه وزيارته، على الا تكون في مراكز الشرطة أو السجون.
المادة 155 - تعدد اصحاب الحق في الحضانة*
اذا تعدد اصحاب الحق في الحضانة وكانوا في درجة واحدة اختار القاضي الاصلح للولد.
المادة 156 - انتهاء أو استمرار صلاحية حضانة النساء*
1- تنتهي صلاحية حضانة النساء ببلوغ الذكر احدى عشرة سنة والانثى ثلاث عشرة سنة، ما لم تر المحكمة مد هذه السن لمصلحة المحضون وذلك الى ان يبلغ الذكر أو تتزوج الانثى.
2- تستمر حضانة النساء اذا كان المحضون معتوهاً أو مريضاً مرضاً مقعداً، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك.
المادة 157 - حق الاحتفاظ بجواز سفر المضمون وباقي اوراقه الثبوتية*
استبدل نص المادة 157 بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 52 تاريخ 02/10/2023م ، وأصبح على الوجه التالي :
1- دون الإخلال بأحكام المادة (149) من هذا القانون، للولي الاحتفاظ بجواز سفر المحضون إلا في حالة السفر فيسلم للحاضنة.
2- للقاضي أن يأمر بإبقاء جواز السفر في يد الحاضنة إذا رأى تعنتاً من الولي في تسليمه للحاضنة وقت الحاجة.
3- للحاضنة الاحتفاظ بأصل شهادة الميلاد وأية وثائق أخرى ثبوتية تخص المحضون أو بصورة منها مصدقة ولها الاحتفاظ بالبطاقة الشخصية للمحضون.
4- لكل من بلغ (18) ثمانية عشر عاماً ميلادية دون أن يعترضه عارض من عوارض الأهلية، ذكراً كان أو أنثى، أن يحتفظ بجواز سفره وأي وثائق ثبوتية أخرى خاصة به، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك.
المادة 158 - تنفيذ الاحكام المتعلقة بالاحوال الشخصية*
تنفذ الاحكام الصادرة بضم الصغير وحفظه وتسليمه لأمين والتفريق بين الزوجين ونحو ذلك مما يتعلق بالاحوال الشخصية جبراً ولو ادى ذلك الى استعمال القوة ودخول المنازل، ويتبع مندوب التنفيذ في هذه الحالة التعليمات التي تعطى له من قاضي التنفيذ بالمحكمة الكائن بدائرتها المحل الذي يحصل فيه التنفيذ، ويعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الامر ذلك.
ولا يجوز تنفيذ الحكم الصادر على الزوجة بالمتابعة جبراً.
الكتاب الثالث: الاهلية والولاية
الباب الاول
الاهلية
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 159 - اهلية التعاقد*
كل شخص اهل للتعاقد ما لم تسلب اهليته أو يحد منها بحكم القانون.
المادة 160 - تعريف القاصر*
يعتبر في حكم القاصر
1- الجنين.
2- المجنون والمعتوه والسفيه.
3- المفقود والغائب.
المادة 161 - تعريف فاقد الاهلية*
يعتبر فاقد الاهلية
1- الصغير غير المميز.
2- المجنون والمعتوه.
المادة 162 - تعريف ناقص الاهلية*
يعتبر ناقص الاهلية
1- الصغير المميز.
2- السفيه.
المادة 163 - تولي شؤون القاصر*
يتولى شؤون القاصر من يمثله، ويدعى حسب الحال ولياً أو وصياً (ويشمل الوصي المختار ووصي القاضي) أو قيماً.
الفصل الثاني
احكام الصغير
المادة 164 - تعريف الصغير المميز وغير المميز*
الصغير مميز أو غير مميز.
والصغير غير المميز وفق احكام هذا القانون هو من لم يتم السابعة من عمره.
والصغير المميز هو من اتم السابعة من عمره.
المادة 165 - صحة أو بطلان التصرفات القولية للصغير المميز وغير المميز*
مع عدم الاخلال بحكم المادتين 30 و31 من هذا القانون، تكون
1- تصرفات الصغير غير المميز القولية باطلة بطلاناً مطلقاً.
2- تصرفات الصغير المميز القولية المالية صحيحة متى كانت نافعة له نفعاً محضاً، وباطلة متى كانت ضارة به ضرراً محضاً.
3- تصرفات الصغير المميز القولية المالية المترددة بين النفع والضرر موقوفة على الاجازة.
المادة 166 - ادارة اموال القاصر الذي اتم الثامنة عشرة من عمره*
1- للولي ان يأذن للقاصر الذي اتم الثامنة عشرة سنة في تسلم امواله كلها أو بعضها لادارتها.
2- يجوز للمحكمة بعد سماع اقوال الوصي ان تأذن للقاصر الذي اتم الثامنة عشرة سنة في تسلم امواله كلها أو بعضها لادارتها.
المادة 167 - التصرفات الداخلة بالاذن للصغير المأذون له*
الصغير المأذون له في التصرفات الداخلة تحت الاذن كالبالغ سن الرشد.
المادة 168 - امتناع الوصي من الاذن للصغير المميز البالغ الثامنة عشرة من عمره*
اذا اتم الصغير المميز الثامنة عشرة من عمره وآنس من نفسه القدرة على حسن التصرف وامتنع الوصي من الاذن له في ادارة جزء من امواله يرفع الامر الى القاضي.
المادة 169 - واجب المأذون له تجاه القاضي*
يجب على المأذون له من قبل الوصي ان يقدم للقاضي حساباً دورياً عن تصرفاته.
المادة 170 - الغاء الاذن أو تقييده*
للقاضي وللوصي الغاء الاذن أو تقييده اذا اقتضت مصلحة الصغير ذلك.
الفصل الثالث
الرشد
المادة 171 - شروط الاهلية الكاملة*
كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الاهلية لمباشرة حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون.
المادة 172 - تحديد بلوغ سن الرشد*
يبلغ الشخص سن الرشد اذا اتم احدى وعشرين سنة قمرية.
المادة 173 - حق القاصر في محاسبة الوصي*
للقاصر بعد رشده محاسبة الوصي عن تصرفاته خلال فترة الوصاية.
الفصل الرابع
عوارض الاهلية
المادة 174 - اسباب نزع الاهلية*
عوارض الاهلية
1- الجنون والمجنون هو فاقد العقل بصورة مطبقة أو متقطعة ويلحق به العته.
2- السفه والسفيه هو المبذر لماله فيما لا فائدة فيه.
3- مرض الموت هو المرض الذي يعجز فيه الانسان عن متابعة اعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة فإن امتد مرضه سنة أو اكثر وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كتصرفات الصحيح.
4- يعتبر في حكم مرض الموت الحالات التي يحيط بالانسان فيها خطر الموت ويغلب في امثالها الهلاك ولو لم يكن مريضاً.
المادة 175 - اثار تصرفات المجنون والسفيه*
1- تصرفات المجنون المالية حال افاقته صحيحة، وباطلة بعد الحجر عليه.
2- تطبق على تصرفات السفيه الصادرة بعد الحجر عليه، الاحكام المتعلقة بتصرفات الصغير المميز.
3- تصرفات السفيه قبل الحجر عليه صحيحة ما لم تكن نتيجة استغلال أو تواطؤ.
المادة 176 - احكام تصرفات المريض مرض الموت*
يرجع في احكام تصرفات المريض مرض الموت وما في حكمه لاحكام الفقه الاسلامي وفق ما نصت عليه المادة 2 من هذا القانون.
المادة 177 - رفع الحجر على المحجور*
للمحجور عليه الحق في اقامة الدعوى بنفسه لرفع الحجر عنه.
الباب الثاني
الولاية
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 178 - تعريف الولاية على النفس والولاية على المال*
1- الولاية ولاية على النفس، وولاية على المال.
أ- الولاية على النفس
هي العناية بكل ما له علاقة بشخص القاصر والاشراف عليه وحفظه وتربيته وتعليمه وتوجيه حياته واعداده اعداداً صالحاً، ويدخل في ذلك الموافقة على تزويجه.
ب- الولاية على المال
1- هي العناية بكل ما له علاقة بمال القاصر وحفظه وادارته واستثماره.
2- يدخل في الولاية الوصاية والقوامة والوكالة القضائية.
المادة 179 - الخاضعون للولاية على النفس*
مع مراعاة الاحكام المتعلقة بزواج الانثى والواردة في المادة 39 من هذا القانون، يخضع للولاية على النفس الصغير الى ان يتم سن البلوغ راشداً، كما يخضع لها البالغ المجنون أو المعتوه.
الفصل الثاني
شروط الولي
المادة 180 - مواصفات الولي وولي النفس*
1- يشترط في الولي ان يكون بالغاً عاقلاً راشداً اميناً قادراً على القيام بمقتضيات الولاية.
2- يشترط في ولي النفس ان يكون اميناً على نفس القاصر قادراً على تدبير شؤونه متحداً معه في الدين.
الفصل الثالث
الولاية على النفس
المادة 181 - كيفية اسناد الولاية على النفس*
1- الولاية على النفس للأب، ثم للعاصب بنفسه على ترتيب الارث.
2- عند تعدد المستحقين في درجة واحدة وقوة قرابة واحدة واستوائهم في الرشد فالولاية لأكبرهم، وان اختلفوا في الرشد اختارت المحكمة اصلحهم للولاية.
3- ان لم يوجد مستحق عينت المحكمة ولياً على النفس من اقارب القاصر ان وجد فيهم صالح للولاية والا فمن غيرهم.
الفصل الرابع
سلب الولاية على النفس
المادة 182 - شروط سلب الولاية عن ولي النفس*
تسلب الولاية وجوباً عن ولي النفس في الحالات الآتية
1- اذا اختل فيه بعض شرائط الولاية المنصوص عليها في هذا القانون.
2- اذا ارتكب الولي مع المولى عليه أو مع غيره جريمة الاغتصاب أو هتك العرض أو قاده في طريق الدعارة أو ما في حكمها.
3- اذا صدر على الولي حكم بات في جناية أو جنحة عمدية اوقعها هو أو غيره على نفس المولى عليه أو ما دونها.
4- اذا حكم على الولي بعقوبة مقيدة للحرية مدة تزيد على سنة.
المادة 183 - احوال سلب الولاية عن النفس كلياً أو جزئياً دائماً أو مؤقتاً*
1- يجوز سلب الولاية عن ولي النفس كلياً أو جزئياً دائماً أو مؤقتاً في الاحوال الآتية:
أ- اذا حكم على الولي بعقوبة مقيدة للحرية مدة سنة فأقل.
ب- اذا اصبح المولى عليه عرضة للخطر الجسيم في سلامته أو صحته أو عرضه أو اخلاقه أو تعليمه بسبب سوء معاملة الولي له، أو سوء القدوة نتيجة لاشتهار الولي بفساد السيرة أو الادمان على المسكرات أو المخدرات، أو بسبب عدم العناية.
ولا يشترط في هذه الحالة ان يصدر حكم بعقوبة على الولي بسبب شيء مما ذكر.
2- يجوز للمحكمة بدلاً من سلب الولاية في الاحوال المتقدمة ان تعهد بالقاصر الى احدى المؤسسات الاجتماعية المتخصصة مع استمرار ولاية الولي.
المادة 184 - اجازة المحكمة في حالات المادتين (182) و(183)*
في الحالات المذكورة في المادتين 182 و183 من هذا القانون يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب سلطة التحقيق ان تعهد مؤقتاًً بالقاصر الى شخص مؤتمن أو الى احدى المؤسسات الاجتماعية المتخصصة حتى يبت في موضوع الولاية.
المادة 185 - سلب ولاية الولي عن جميع من هم تحت ولايته*
اذا سلبت ولاية الولي عن بعض من تحت ولايته وجب سلبها عن باقيهم.
المادة 186 - انتقال الولاية لمن تراه المحكمة اهلاً*
اذا قضت المحكمة على ولي النفس بسلب ولايته أو الحد منها أو وقفها انتقلت الولاية الى من يليه في الترتيب ان كان اهلاً.
فأن ابى أو كان غير اهل جاز للمحكمة ان تعهد بالولاية الى من تراه اهلاً ولو لم يكن قريباً للقاصر أو ان تعهد بهذه الولاية الى احدى المؤسسات الاجتماعية المتخصصة.
المادة 187 - رد الولاية لولي النفس*
في غير الحالات التي تسلب فيها الولاية وجوباً يجوز للمحكمة ان ترد لولي النفس ولايته التي كانت سلبتها عنه جزئياً أو كلياً بناء على طلبه وبشرط ان تكون قد مضت ستة اشهر على زوال سبب سلبها.
الفصل الخامس
الولاية على المال
المادة 188 - اختيار ولي المال*
الولاية على المال للأب وحده ثم لوصيه إن وجد ثم للجد الصحيح ثم لوصيه ان وجد ثم للقاضي، ولا يجوز لأحد منهم التخلي عن ولايته الا بإذن المحكمة.
المادة 189 - الولاية واموال التبرع للقاصر*
لا يدخل في الولاية ما يؤول للقاصر من مال بطريق التبرع اذا اشترط المتبرع
ذلك.
المادة 190 - بطلان التصرف بحال القاصر*
لا يجوز اقراض مال القاصر أو التبرع به أو بمنافعه فإن وقع التصرف بشيء من ذلك كان باطلاً وموجباً للمسؤولية والضمان.
المادة 191 - التصرف بعقار القاصر*
لا يجوز للولي ان يتصرف في عقار القاصر تصرفاً ناقلاً لملكيته أو منشئاً عليه حقاً عينياً الا بإذن المحكمة، ويكون ذلك لضرورة أو مصلحة ظاهرة تقدرها المحكمة.
المادة 192 - الاقتراض لمصلحة القاصر*
لا يجوز للولي الاقتراض لمصلحة القاصر الا بإذن المحكمة وبما لا يخالف احكام الشريعة الاسلامية.
المادة 193 - تأجير عقار القاصر*
لا يجوز للولي بغير اذن المحكمة تأجير عقار القاصر لمدة تمتد الى ما بعد سنة من بلوغه راشداً.
المادة 194 - شرط استمرار الولي في تجارة آلت للقاصر*
لا يجوز للولي ان يستمر في تجارة آلت للقاصر الا بإذن المحكمة وفي حدود هذا الإذن.
المادة 195 - شرط قبول هبة أو وصية للقاصر*
لا يجوز للولي ان يقبل هبة أو وصية للقاصر محملة بالتزامات الا بإذن المحكمة.
المادة 196 - واجبات الولي ايداع قلم المحكمة قائمة بموجودات القاصر*
1- على الولي ان يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول اليه وان يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء الولاية أو من ايلولة هذا المال الى القاصر.
2- يجوز للمحكمة اعتبار عدم تقديم هذه القائمة أو التأخر في تقديمها تعريضاً لمال القاصر للخطر.
المادة 197 - شروط الانفاق من مال القاصر*
للولي بإذن من المحكمة ان ينفق على نفسه من مال القاصر اذا كانت نفقته واجبة عليه وان ينفق منه على من تجب على القاصر نفقته.
الفصل السادس
سلب الولاية على المال
المادة 198 - سلب الولاية بسبب سوء التصرف*
اذا اصبحت اموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو لأي سبب آخر فعلى المحكمة ان تسلب ولايته أو تحد منها.
المادة 199 - وقف الولاية*
تحكم المحكمة بوقف الولاية اذا اعتبر الولي غائباً أو حبس تنفيذاً لحكم بعقوبة مقيدة للحرية مدة سنة فاقل.
المادة 200 - آثار الحكم بسلب الولاية على نفس القاصر*
يترتب على الحكم بسلب الولاية على نفس القاصر، سقوطها أو وقفها بالنسبة الى المال.
المادة 201 - كيفية اعادة الولاية المسلوبة*
اذا سلبت الولاية أو حد منها أو وقفت فلا تعود الا بحكم من المحكمة بعد التثبت من زوال الاسباب التي دعت الى سلبها أو الحد منها أو وقفها.
المادة 202 - شرط قبول طلب استرداد الولاية*
لا يقبل طلب استرداد الولاية الذي سبق رفضه الا بعد انقضاء سنة من تاريخ الحكم البات بالرفض.
الفصل السابع
تصرفات الاب والجد
المادة 203 - حدود ولاية الاب على اموال ولده القاصر*
تكون الولاية للاب على اموال ولده القاصر حفظاً، وادارة، واستثماراً.
المادة 204 - سبب شمول ولاية الاب اولاد ابنه القاصرين*
تشمل ولاية الاب اولاد ابنه القاصرين اذا كان ابوهم محجوراً عليه.
المادة 205 - حدود حرية تصرف الاب في السداد*
تحمل تصرفات الاب على السداد وخصوصاً في الحالات الآتية:
1- التعاقد باسم ولده والتصرف في امواله.
2- القيام بالتجارة لحساب ولده، ولا يستمر في ذلك الا في حالة النفع الظاهر.
3- قبول التبرعات المشروعة لصالح ولده، اذا كانت خالية من التزامات ضارة.
4- الانفاق من مال ولده على من وجب لهم النفقة عليه.
المادة 206 - تصرفات الاب الموقوفة على اذن المحكمة*
تكون تصرفات الاب موقوفة على اذن المحكمة في الحالات الآتية
1- اذا اشترى ملك ولده لنفسه أو لزوجته أو سائر اولاده.
2- اذا باع ملكه أو ملك زوجته أو سائر اولاده لولده.
3- اذا باع ملك ولده ليستثمر ثمنه لنفسه.
المادة 207 - مسؤولية الاب لسوء تصرفه والحاق الضرر لولده*
1- تبطل تصرفات الاب اذا ثبت سوء تصرفه، وعدم وجود مصلحة فيه للقاصر.
2- يعتبر الاب مسؤولاً في ماله عن الخطأ الجسيم الذي نتج عنه ضرر لولده.
المادة 208 - سلب ولاية الاب أو الحد منها*
تسلب ولاية الاب أو يحد منها اذا ثبت للقاضي ان اموال القاصر اصبحت نتيجة تصرف ابيه في خطر.
المادة 209 - الاحكام المقررة لولاية الجد*
تسري على الجد الاحكام المقررة للاب في هذا الباب.
الفصل الثامن
انتهاء الولاية
المادة 210 - انتهاء الولاية على القاصر ببلوغه سن الرشد*
تنتهي الولاية ببلوغ القاصر راشداً ما لم تحكم المحكمة باستمرار الولاية عليه.
المادة 211 - عودة الولاية بعد انتهائها*
اذا انتهت الولاية على شخص فلا تعود الا اذا قام به سبب من اسباب الحجر.
المادة 212 - رد اموال القاصر عند انتهاء الولاية*
على الولي أو ورثته رد اموال القاصر اليه عند انتهاء الولاية وذلك عن طريق المحكمة المختصة.
الفصل التاسع
الوصي
المادة 213 - حالات تعيين وعدول وثبوت الوصي*
1- يجوز للأب ان يعين وصياً مختاراً على ولده القاصر أو الحمل المستكن وعلى القاصرين من اولاد ابنه المحجور عليه، ويجوز ذلك ايضاً للمتبرع في الحالة المنصوص عليها في المادة 189 وتعرض الوصاية على المحكمة لتثبيتها.
2- يجوز لكل من الاب أو المتبرع في أي وقت ان يعدل عن هذا الاختيار.
3- يشترط ان يثبت الاختيار أو العدول بورقة رسمية أو عرفية.
4- اذا لم يكن للقاصر أو الحمل المستكن وصي مختار أو جد صحيح تعين المحكمة وصياً.
5- لا يتصرف الوصي في مال الحمل المستكن الى ان يولد حياً وعليه تسليمه لوليه الشرعي.
المادة 214 - تعيين القاضي وصياً خاصاً أو مؤقتاً*
يعين القاضي وصياً خاصاً أو مؤقتاً كلما اقتضت مصلحة القاصر ذلك.
المادة 215 - مواصفات الوصي وشروط تعيينه*
يشترط في الوصي سواء اكان وصياً مختاراً ام وصي القاضي ان يكون عدلاً كفوءاً اميناً ذا اهلية كاملة، متحداً في الدين مع الموصى عليه قادراً على القيام بمقتضيات الوصاية، ولا يجوز بوجه خاص ان يعين وصياً
1- من قرر الاب قبل وفاته حرمانه من التعيين متى بني هذا الحرمان على اسباب قوية ترى المحكمة بعد تحقيقها انها تبرر ذلك ويثبت الحرمان بورقة رسمية أو عرفية.
2- من كان بينه هو أو احد اصوله أو فروعه أو زوجه وبين القاصر نزاع قضائي أو من كان بينه وبين القاصر أو عائلته عداوة اذا كان يخشى من ذلك كله على مصلحة القاصر.
3- المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة من الجرائم المخلة بالآداب أو الماسة بالشرف أو النزاهة ومع ذلك اذا انقضت مدة تزيد على خمس سنوات جاز عند الضرر التجاوز عن هذا الشرط.
4- من ليس له وسيلة مشروعة للعيش.
5- من سبق ان سلبت ولايته أو عزل عن الوصاية على قاصر آخر.
المادة 216 - تقيد الوصي بوثيقة الايصاء*
يتقيد الوصي بالشروط والمهام المسندة اليه بوثيقة الايصاء، ما لم تكن مخالفة للقانون.
المادة 217 - طبيعة الوصي*
يجوز ان يكون الوصي ذكراً أو انثى، شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً، منفرداً أو متعدداً، مستقلاً أو معه مشرف.
المادة 218 - حق التصرف لدى تعدد الاوصياء*
1- في حال تعدد الاوصياء لا يجوز لاحدهم الانفراد بالتصرف الا اذا كان الموصي قد حدد اختصاصاً لكل منهم، فإن كانت الوصاية لعدد من الاوصياء مجتمعين فلا يجوز لأحدهم التصرف الا بموافقة الآخرين، ومع ذلك يجوز لكل من الاوصياء اتخاذ الاجراءات الضرورية أو المستعجلة أو المتمحضة لنفع القاصر أو التصرف فيما يخشى عليه التلف من التأخير أو التصرف فيما لا اختلاف فيه كرد الودائع الثابتة للقاصر.
2- عند الاختلاف بين الاوصياء يرفع الامر الى المحكمة.
المادة 219 - تخلّي الوصي عن الوصية*
تلزم الوصية بقبولها صراحة أو دلالة ولا يحق للوصي التخلي عنها اذا قبلها صراحة أو دلالة الا عن طريق المحكمة المختصة.
المادة 220 - مسؤولية الاب المشرف مراقبة اعمال الوصي*
اذا عين الاب مشرفاً لمراقبة اعمال الوصي، فعلى المشرف ان يقوم بما يحقق ذلك وفق ما تقتضيه مصلحة القاصر ويكون مسؤولاً امام المحكمة.
المادة 221 - تطبيق شروط الوصي على المشرف*
يشترط في المشرف ما يشترط في الوصي.
المادة 222 - سريان الاحكام المنوطة بالوصي على المشرف*
1- يسري على المشرف فيما يتعلق بتعيينه وعزله وقبول استقالته واجره عن اعماله ومسئوليته عن تقصيره ما يسري من احكام على الوصي.
2- تقرر المحكمة انتهاء الاشراف اذا زالت دواعيه.
المادة 223 - واجب الوصي ادارة اموال القاصر*
يجب على الوصي ادارة اموال القاصر وحفظها واستثمارها، وعليه ان يبذل في ذلك من العناية ما يبذل في مثل ذلك.
المادة 224 - رقابة المحكمة على تصرفات الوصي*
تخضع تصرفات الوصي الى رقابة المحكمة، ويلزم بتقديم حسابات دورية اليها عن تصرفاته في ادارة اموال القاصر ومن في حكمه.
المادة 225 - الاعمال المتوجب لها اذن المحكمة*
لا يجوز للوصي القيام بالاعمال التالية الا بإذن من المحكمة.
1- التصرف في اموال القاصر بالبيع أو الشراء أو المقايضة أو الشركة أو الرهن أو أي نوع آخر من انواع التصرفات الناقلة للملكية أو المرتبة لحق عيني.
2- التصرف في السندات والاسهم أو حصص منها، وكذا في المنقول غير اليسير أو الذي لا يخشى تلفه ما لم تكن قيمته ضئيلة.
3- تحويل ديون القاصر أو قبول الحوالة عليه اذا كان مديناً.
4- استثمار اموال القاصر لحسابه.
5- اقتراض اموال لمصلحة القاصر.
6- تأجير عقار القاصر.
7- قبول التبرعات المقيدة بشرط أو رفضها.
8- الانفاق من مال القاصر على من تجب عليه نفقته الا اذا كانت النفقة مقضياً بها بحكم واجب النفاذ.
9- الوفاء بالالتزامات الحالة التي تكون على التركة أو على القاصر.
10- الاقرار بحق على القاصر.
11- الصلح والتحكيم.
12- رفع الدعوى اذا لم يكن في تأخير رفعها ضرر على القاصر أو ضياع حق له.
13- التنازل عن الدعوى وعدم استعماله لطرق الطعن المقررة قانوناً.
14- بيع أو تأجير اموال القاصر لنفسه أو لزوجه أو لأحد اصولهما أو فروعهما أو لمن يكون الوصي نائباً عنه.
15- ما يصرف في تزويج القاصر من مهر ونحوه حسب الانظمة المرعية.
16- تعليم القاصر اذا احتاج للنفقة.
17- الانفاق اللازم لمباشرة القاصر مهنة معينة.
المادة 226 - منع أي عملية بيع أو شراء أو استئجار بين القاصر والجهة المكلفة بشؤونه*
تمنع الجهة المكلفة بشؤون القاصرين أو أي مسؤول مختص فيها من شراء أو استئجار شيء لنفسه أو لزوجه أو لاحد اصولهما أو فروعهما مما يملكه القاصر، كما يمنع ان يبيع له شيئاً مما يملكه هو أو زوجه أو احد اصولهما أو فروعهما.
المادة 227 - حالات تعيين اجر للوصاية*
تكون الوصاية بغير اجر الا اذا رأت المحكمة بناء على طلب الوصي ان تعين له اجراً أو ان تمنحه مكافأة عن عمل معين أو حدد له الموصي اجراً مقبولاً عرفاً.
الفصل العاشر
انتهاء الوصاية
المادة 228 - انتهاء مهمة الوصي*
تنتهي مهمة الوصي في الحالات الآتية
وفاته أو فقده لأهليته أو نقصانها.
2- ثبوت فقدانه أو غيبته.
3- قبول طلبه بالتخلي عن مهمته أو عزله.
4- تعذر قيامه بواجبات الوصاية.
5- ترشيد القاصر أو بلوغه راشداً.
6- رفع الحجر عن المحجور عليه.
7- استرداد ابي القاصر اهليته.
8- وفاة القاصر أو المحجور عليه.
9- انتهاء العمل الذي اقيم الوصي لمباشرته أو المدة التي اقت لها تعيينه.
المادة 229 - حالات استمرار الوصاية بعد البلوغ*
اذا بلغ الصبي مجنوناً أو غير مأمون على امواله وجب على الوصي ابلاغ المحكمة للنظر في استمرار الوصاية عليه بعد بلوغه.
المادة 230 - الحكم بعزل الوصي*
يحكم بعزل الوصي
1- اذا قام به سبب من اسباب عدم الصلاحية للوصاية، ولو كان هذا السبب قائماً وقت تعيينه.
2- اذا اساء الادارة أو اهمل فيها أو اصبح في بقائه خطورة على مصلحة القاصر.
المادة 231 - واجبات الوصي عند انتهاء مهمته*
1- على الوصي عند انتهاء مهمته تسليم اموال القاصر وكل ما يتعلق بها من حسابات ووثائق الى من يعنيه الامر، تحت اشراف المحكمة، خلال مدة اقصاها ثلاثون يوماً من انتهاء مهمته. وعليه ان يودع قلم كتاب المحكمة المختصة في الميعاد المذكور صورة من الحساب ومحضر تسليم الاموال، على ان تراعي المحكمة احكام المسؤولية الجزائية عند الاقتضاء.
2- يقع باطلاً كل تعهد أو ابراء أو مخالصة يحصل عليها الوصي من القاصر الذي بلغ سن الرشد خلال سنة من تاريخ تصديق المحكمة على الحساب.
المادة 232 - وجوب اخبار المحكمة فور وفاة الوصي أو الحجر عليه أو غيابه*
اذا توفي الوصي أو حجر عليه أو اعتبر غائباً وجب على ورثته أو من ينوب عنه أو من يضع يده على المال حسب الاحوال اخبار المحكمة بذلك فوراً لاتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية حقوق القاصر مع تسليم اموال القاصر وتقديم الحساب الخاص بها.
الباب الثالث
الغائب والمفقود
المادة 233 - تعريف الغائب والمفقود*
1- الغائب هو الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل اقامته.
2- المفقود هو الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته.
المادة 234 - تعيين وكيل قضائي للغائب أو للمفقود*
اذا لم يكن للغائب أو المفقود وكيل يعين له وكيل قضائي لادارة امواله.
المادة 235 - احصاء اموال الغائب أو المفقود*
تحصى اموال الغائب، أو المفقود، عند تعيين وكيل قضائي عنه وتدار وفق ادارة اموال القاصر.
المادة 236 - حالات انتهاء الفقد*
ينتهي الفقد
1- اذا تحققت حياة المفقود أو وفاته.
2- اذا حكم باعتبار المفقود ميتاً
المادة 237 - شروط اعلان القاضي وفاة المفقود وتوزيع امواله*
1- على القاضي في جميع الاحوال ان يبحث عن المفقود، بكل الوسائل، للوصول الى معرفة ما اذا كان حياً أو ميتاً قبل ان يحكم بوفاته.
2- يحكم القاضي بموت المفقود اذا قام دليل على وفاته.
3- للقاضي ان يحكم بموت المفقود في احوال يغلب فيها هلاكه، اذا مضت سنة على اعلان فقده بناء على طلب ذوي الشأن، أو اذا مضت اربع سنوات في الاحوال العادية.
4- لا توزع اموال المفقود الذي حكم بموته الا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ اعلان فقده.
المادة 238 - التاريخ المعتمد لوفاة المفقود*
يعتبر يوم صدور الحكم بموت المفقود تاريخاً لوفاته.
المادة 239 - ظهور المفقود حياً بعد اعلان وفاته*
اذا حكم باعتبار المفقود ميتاً، ثم ظهر حياً
1- عادت زوجته اليه في الاحوال الآتية
أ- اذا لم يدخل بها زوجها الثاني في نكاح صحيح.
ب- اذا كان زوجها الثاني يعلم بحياة زوجها الاول.
ج- اذا تزوجها الثاني اثناء العدة.
2- رجع على ورثته بتركته عدا ما هلك منها.
الكتاب الرابع : الوصية
الباب الاول
احكام عامة
المادة 240 - صرف الوصية في التركة*
الوصية تصرف في التركة مضاف الى ما بعد موت الموصي.
المادة 241 - انواع الوصية*
تقع الوصية مطلقة، أو مضافة، أو معلقة على شرط صحيح أو مقيدة به.
المادة 242 - الشرط المنافي مقاصد الشرعية هو باطل*
اذا اقترنت الوصية بشرط ينافي المقاصد الشرعية، أو احكام هذا القانون، فالشرط باطل والوصية صحيحة.
المادة 243 - تنفيذ الوصية*
تنفذ الوصية في حدود ثلث تركة الموصي، بعد اداء الحقوق المتعلقة بها، وتصح فيما زاد على الثلث في حدود حصة من اجازها من الورثة الراشدين.
المادة 244 - سريان احكام الوصية في مرض الموت*
كل تصرف يصدر في مرض الموت بقصد التبرع أو المحاباة، تسري عليه احكام الوصية اياً كانت التسمية التي تعطى له.
الباب الثاني
اركان الوصية وشروطها
الفصل الاول
الاركان
المادة 245 - تحديد اركان الوصية*
اركان الوصية الصيغة والموصي والموصى له والموصى به.
المادة 246 - كيفية انعقاد الوصية*
تنعقد الوصية بالعبارة، أو بالكتابة، فإذا كان الموصي عاجزاًُ عنهما فبالاشارة المفهومة.
المادة 247 - انكار دعوى الوصية أو الرجوع عنها*
لا تسمع عند الانكار دعوى الوصية أو الرجوع عنها الا بطرق الاثبات المقررة شرعاً.
المادة 248 - صحة الوصية وتعديلها أو الرجوع عنها*
1- تصح الوصية ممن له اهلية التبرع ولو صدرت في مرض الموت، مع مراعاة احكام المادتين 174 و176 هذا القانون.
2- تصح الوصية من المحجور عليه لسفه أو غفلة بالقربات بإذن المحكمة.
3- للموصي تعديل الوصية أو الرجوع عنها كلاً أو بعضاً.
4- يعتبر تفويت الموصي للمال المعين الذي اوصى به رجوعاُ منه عن الوصية.
المادة 249 - الوصية وتملك الموصى به*
تصح الوصية لمن يصح تملكه للموصى به ولو مع اختلاف الدين.
المادة 250 - جواز الوصية لوارث في حالتين*
استبدل نص المادة 250 بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 52 تاريخ 02/10/2023م ، وأصبح على الوجه التالي :
مع مراعاة المادة (243) من القانون لا تجوز الوصية لوارث إلا في الحالتين الآتيتين:
1- إذا أجازها الباقون من الورثة الراشدين، فتنفذ في حصة من أجازها.
2- إذا اقتضتها مصلحة راجحة تُقرها المحكمة، فتنفذ الوصية ولو لم يجزها باقي الورثة.
الفصل الثاني
شروط صحة الوصية
المادة 251 - اسناد الوصية*
1- تصح الوصية لشخص معين، حي أو حمل مستكن.
2- تصح الوصية لفئة محصورة أو غير محصورة.
3- تصح الوصية لوجوه البر الجائزة شرعاً.
المادة 252 - شروط قبول الوصية*
1- يشترط في الوصية لشخص معين، قبوله لها بعد وفاة الموصي، أو حال حياته واستمراره على قبولها بعد وفاته.
2- اذا كان الموصى له جنيناً أو قاصراً، أو محجوراً عليه، فلمن له الولاية على ماله قبول الوصية، وله ردها بعد اذن القاضي.
3- لا تحتاج الوصية لشخص غير معين الى قبول ولا ترد برد احد.
4- يكون القبول عن الجهات، والمؤسسات، والمنشآت ممن يمثلها قانوناً، وله الرد بعد موافقة القاضي.
المادة 253 - توقيت البدء بسريان الوصية*
1- لا يشترط قبول الوصية فور وفاة الموصي.
2- يعتبر سكوت الموصى له بعد علمه بالوصية مدة ثلاثين يوماً قبولاً لها.
فإن كانت الوصية محملة بالتزام فتمتد المدة الى خمسين يوماً وذلك ما لم يكن هناك مانع معتبر من رده.
المادة 254 - رد الوصية*
للموصى له كامل الاهلية رد الوصية كلاً أو بعضاً.
المادة 255 - سبب انتقال الوصية الى ورثة الموصى له*
اذا مات الموصى له بعد وفاة الموصي من دون ان يصدر عنه قبول ولا رد، انتقلت الوصية الى ورثة الموصى له ما لم تكن محملة بالتزامات.
المادة 256 - شروط تملك الموصى له وانتقال ارث المتوفي من الموصى لهم*
1- يملك الموصى له المعين الموصى به من تاريخ وفاة الموصي بشرط القبول.
2- يقوم وارث من مات من الموصى لهم قبل القسمة مقامه.
3- يقسم الموصى به بالتساوي اذا تعدد الموصى لهم ما لم يشترط الموصي التفاوت.
4- ينفرد الحي من التوائم بالموصى به للحمل، اذا وضعت المرأة احدهم ميتاً.
المادة 257 - شمول الوصية وتحديد الفئة غير المعينة*
1- تشمل الوصية لفئة غير قابلة للحصر استقبالاً، الموجود منهم يوم وفاة الموصي ومن سيوجد.
2- ينحصر عدد الفئة غير المعينة بموت سائر آبائهم، أو اليأس من انجاب من بقي منهم حياً.
3- اذا حصل اليأس من وجود أي واحد من الموصى لهم، رجع الموصى به ميراثاً.
المادة 258 - تغيير حصص الانتفاع بالولادة أو الوفاة*
ينتفع الموجودون من الفئة غير المعينة بالموصى به، وتتغير حصص الانتفاع كلما وقعت ولادة أو وفاة.
وتقسم غلة الموصى به لغير المعينين الذين لا يمكن حصرهم على الموجود منهم.
المادة 259 - بيع الموصى به لغير المعين*
يباع الموصى به لغير المعين اذا خيف عليه الضياع أو نقصان القيمة، ويشترى بثمنه ما ينتفع به الموصى لهم.
المادة 260 - صرف الوصية وغلة الموصى به*
1- تصرف الوصية لوجوه البر الجائزة شرعاً على مصالحها.
2- تصرف غلة الموصى به للمؤسسات المنتظرة لاقرب مجانس لها الى حين وجودها.
المادة 261 - شروط الموصى به*
يشترط في الموصى به ان يكون ملكاً للموصي، ومحله مشروعاً.
المادة 262 - الموصى به الشائع والمعين*
1- يكون الموصى به شائعاً أو معيناً.
2- يشمل الموصى به الشائع جميع اموال الموصي الحاضرة والمستقبلة.
المادة 263 - تنفيذ الوصية بحصة شائعة*
تنفذ الوصية بحصة شائعة اذا كان ذلك في حدود ثلث التركة.
المادة 264 - تحديد الموصى به المعين لشخص أو لشخصين*
1- يكون الموصى به المعين عقاراً، أو منقولاً، مثلياً أو قيمياً، عيناً، أو منفعة، أو انتفاعاً بعقار أو منقول لمدة معينة أو غير معينة.
2- من اوصى بشيء معين لشخص، ثم اوصى به لآخر قسم بينهما بالتساوي ما لم يثبت انه قصد بذلك العدول عن الوصية للاول.
الفصل الثالث
الوصية بالمنافع والاقراض
المادة 265 - حدود وشروط الانتفاع بالمال المعين الموصى به*
1- اذا كانت قيمة المال المعين، الموصى بمنفعته أو الانتفاع به، اقل من ثلث التركة، سلمت العين للموصى له لينتفع بها حسب الوصية.
2- اذا كانت قيمة المال المعين، الموصى بمنفعته أو الانتفاع به، وكان بدل الانتفاع للمدة المحددة اكثر من ثلث التركة، خير الورثة بين اجازة الوصية، وبين اعطاء الموصى له ما يعادل ثلث التركة.
3- اذا كانت الوصية بالمنفعة مدى حياة الموصى له، قدرت الوصية بقيمة العين.
4- تصح الوصية باقراض الموصى له قدراً معلوماً من المال ولا تنفذ فيما زاد من هذا المقدار على ثلث التركة الا باجازة الورثة.
المادة 266 - حقوق الموصى له بمنفعة مال معين*
للموصى له بمنفعة مال معين، ان يستعمله، أو يستغله، ولو على خلاف الحالة المبينة في الوصية بشرط عدم الاضرار بالعين.
الفصل الرابع
الوصية بمثل نصيب وارث
المادة 267 - الوصية بمثل نصيب وارث معين*
اذا كانت الوصية بمثل نصيب وارث معين من ورثة الموصي، استحق الموصى له قدر نصيب هذا الوارث زائداً على الفريضة.
المادة 268 - الوصية بنصيب وارث غير معين*
اذا كانت الوصية بنصيب وارث غير معين من ورثة الموصي أو بمثل نصيبه استحق الموصى له نصيب احدهم زائداً على الفريضة إن كان الورثة متساوين في الميراث وقدر نصيب اقلهم ميراثاً زائداً على الفريضة ان كانوا متفاضلين.
المادة 269 - استحقاق الموصى له بمثل نصيب الوارث نصيبه*
يستحق الموصى له بمثل نصيب الوارث نصيبه، ذكراً أو انثى في حدود الثلث وما زاد على الثلث ينفذ في حصة من اجازه من الورثة الراشدين.
الفصل الخامس
بطلان الوصية
المادة 270 - حالات ابطال الوصية*
تبطل الوصية في الحالات الآتية
1- رجوع الموصي عن وصيته صراحة أو دلالة.
2- وفاة الموصى له حال حياة الموصي.
3- رد الموصى له الوصية حال حياة الموصي أو بعد وفاته.
4- قتل الموصى له الموصي سواء اكان الموصي له فاعلاً اصلياً ام شريكاً، ام متسبباً، شريطة ان يكون عند ارتكابه الفعل عاقلاً، بالغاً حد المسؤولية الجزائية، وسواء وقع القتل قبل الوصية أو بعدها.
5- هلاك الموصى به المعين أو استحقاقه من قبل الغير.
6- ارتداد الموصي أو الموصى له عن الاسلام ما لم يرجع اليه.
المادة 271 - اثر اكتساب الموصى له صفة الوارث للموصي*
اكتساب الموصى له صفة الوارث للموصي يجعل استحقاقه معلقاً على اجازة سائر الورثة.
الفصل السادس
الوصية الواجبة
المادة 272 - نسب وشروط الوصية الواجبة وحالات الحرم منها*
1- من توفى ولو حكماً وله اولاد ابن أو بنت وقد مات ذلك الابن أو تلك البنت قبله أو معه وجب لاحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشرائط الآتية
أ- الوصية الواجبة لهؤلاء الاحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه ابوهم عن اصله المتوفي على فرض موت ابيهم اثر وفاة اصله المذكور على الا يجاوز ذلك ثلث التركة.
ب- لا يستحق هؤلاء الاحفاد وصية ان كانوا وارثين لاصل أبيهم جداً كان أو جدة. أو كان قد اوصى لهم أو اعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقونه بهذه الوصية الواجبة، فإن اوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته وان اوصى بأكثر كان الزائد وصية اختيارية، وان اوصى لبعضهم فقط وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه.
ج- تكون هذه الوصية لاولاد الابن واولاد البنت وان نزلوا واحداً كانوا أو اكثر للذكر مثل حظ الانثيين. يحجب فيها كل اصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب اصله فقط.
2- الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة.
3- يحرم القاتل والمرتد من استحقاق الوصية الواجبة وفق احكام هذا القانون في الوصية.
الفصل السابع
تزاحم الوصايا
المادة 273 - تقسيم الحصص على الموصى لهم عند تزاحم الوصايا*
اذا ضاق الثلث عن استيفاء الوصايا المتساوية رتبة، ولم يجز الورثة الراشدون ما زاد على الثلث، يقسم على الموصى لهم قسمة غرماء، فاذا كانت احداها بشيء معين تقع المحاصة بقيمته، فيأخذ مستحقها حصته من المعين، ويأخذ غيره حصته من سائر الثلث.
الكتاب الخامس: التركات والمواريث
الباب الاول
التركات
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 274 - تعريف التركة*
التركة ما يتركه المتوفي من اموال وحقوق مالية.
المادة 275 - ترتيب الحقوق المتعلقة بالتركة*
تتعلق بالتركة حقوق، مقدم بعضها على بعض، حسب الترتيب الآتي
1- نفقات تجهيز المتوفي بالمعروف.
2- قضاء ديون المتوفى سواء كانت حقاً لله أو للعباد.
3- تنفيذ الوصايا.
4- توزيع الباقي من التركة على الورثة.
المادة 276 - الية تحقيق الوفاة والورثة واصدار شهادة حصر الارث*
تحقيق الوفاة والوراثة
1- على طالب تحقيق الوفاة والوراثة، ان يقدم طلباً بذلك الى المحكمة المختصة يشتمل على بيان تاريخ الوفاة وآخر موطن للمتوفي، واسماء الورثة وموطنهم، والموصى لهم وموطنهم، وكل منقولات وعقارات التركة.
2- يعلن قلم الكتاب الورثة والموصى لهم للحضور امام المحكمة في الميعاد الذي يحدده لذلك، ويحقق القاضي بشهادة من يثق به، وله ان يضيف اليه التحريات الادارية حسبما يراه.
3- يكون تحقيق الوفاة والوراثة حجة، ما لم يصدر حكم بخلافه أو تقرر المحكمة المختصة وقف حجيته، وتصدر المحكمة اشهاداً بحصر الورثة، وبيان نصيب كل منهم في ارثه الشرعي.
المادة 277 - تعيين وصي لتصفية التركة*
اجراءات تصفية التركة
1- اذا لم يعين المورث وصيا لتركته جاز لاحد اصحاب الشأن ان يطلب من القاضي تعيين وصي يجمع الورثة على اختياره من بينهم أو من غيرهم فاذا لم يجمع الورثة على اختيار احد تولى القاضي اختياره بعد سماع اقوالهم.
2- يراعى تطبيق احكام القوانين الخاصة اذا كان من بين الورثة حمل مستكن أو عديم الاهلية أو ناقصها أو غائب.
المادة 278 - تثبيت وصي التركة المعين من قبل المورث*
اذا عين المورث وصياً للتركة وجب على القاضي بناء على طلب احد اصحاب الشأن تثبيت هذا التعيين وللوصي ان يتنحى عن ذلك.
المادة 279 - شروط عزل الوصي وتعيين غيره*
للقاضي بناء على طلب احد ذوي الشأن أو النيابة العامة أو دون طلب عزل الوصي وتعيين غيره متى ثبت ما يبرره.
المادة 280 - سجل خاص باوصياء التركة المعينين من قبل المورّث*
1- على المحكمة ان تقيد في سجل خاص الاوامر الصادرة بتعيين اوصياء التركة أو تثبيتهم اذا عينهم المورث أو عزلهم أو تنازلهم.
2- يكون لهذا القيد اثره بالنسبة لمن يتعامل من الغير مع الورثة بشأن عقارات التركة.
المادة 281 - اجراءات تصفية التركة*
1- يتسلم وصي التركة اموالها بعد تعيينه ويقوم بتصفيتها برقابة القاضي وله ان يطلب اجراً يقدره القاضي.
2- تتحمل التركة نفقات التصفية ويكون لهذه النفقات امتياز المصروفات القضائية.
المادة 282 - اجراءات القاضي للمحافظة على التركة حتى اتمام تصفيتها*
على القاضي ان يتخذ عند الاقتضاء جميع ما يلزم للمحافظة على التركة وله ان يامر بايداع النقود والاوراق المالية والاشياء ذات القيمة خزينة المحكمة الكائنة في دائرتها اموال التركة كلها أو جلها حتى تتم التصفية.
المادة 283 - النفقات المسموح صرفها من التركة قبل تصفيتها*
على وصي التركة ان يصرف من مال التركة
1- نفقات تجهيز الميت.
2- نفقة كافية بالقدر المقبول من هذا المال الى الوارث المحتاج حتى تنتهي التصفية وذلك بعد استصدار امر من المحكمة بصرفها على ان تحسم النفقة التي يأخذها كل وارث من نصيبه في التركة.
3- يفصل القاضي في كل نزاع يتعلق بهذا الخصوص.
المادة 284 - توقف الاجراءات على التركة وضد المورث*
1- لا يجوز للدائنين من وقت تعيين وصي التركة ان يتخذوا أي اجراء على التركة ولا الاستمرار في أي اجراء اتخذوه الا في مواجهة وصي التركة.
2- توقف جميع الاجراءات التي اتخذت ضد المورث حتى تتم تسوية جميع ديون التركة متى طلب احد ذوي الشأن ذلك.
المادة 285 - شروط التصرف في مال التركة*
لا يجوز للوارث قبل ان يتسلم اشهاداً ببيان نصيبه في صافي التركة ان يتصرف في مال التركة، ولا يجوز له ان يستأدي ما للتركة من ديون أو ان يجعل ديناً عليه قصاصاً بدين عليها.
المادة 286 - مسؤولية وصي التركة في المحافظة على اموالها*
1- على وصي التركة ان يتخذ جميع الاجراءات للمحافظة على اموالها وان يقوم بما يلزم من اعمال الادارة وان ينوب عن التركة في الدعاوى وان يستوفي ما لها من ديون.
2- يكون وصي التركة مسئولاً مسئولية الوكيل المأجور حتى اذا لم يكن مأجوراً وللمحكمة ان تطالبه بتقديم حساب عن ادارته في مواعيد محددة.
المادة 287 - دعوة وصي التركة لدائنيها ومدينيها وسبل تبليغهم*
1- على وصي التركة ان يوجه لدائنيها ومدينيها دعوة بتقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون خلال شهرين من تاريخ نشر هذا التكليف.
2- يجب ان يلصق التكليف على لوحة المحكمة الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث والمحكمة التي تقع في دائرتها اعيان التركة كلها أو جلها وان ينشر في احدى الصحف اليومية.
المادة 288 - ميعاد ايداع المحكمة قائمة جرد للتركة*
على وصي التركة ان يودع المحكمة التي صدر منها قرار تعيينه خلال ثلاثة اشهر من تاريخ التعيين قائمة جرد بما للتركة وما عليها وتقدير قيمة هذه الاموال وعليه اخطار ذوي الشأن بهذا الايداع بكتاب بعلم الوصول.
ويجوز له ان يطلب من المحكمة مد هذا الميعاد اذا وجد ما يبرر ذلك.
المادة 289 - استعانة الوصي بخبير لتقدير اموال التركة*
لوصي التركة ان يستعين في تقدير اموال التركة وجردها بخبير وان يثبت ما تكشف عنه اوراق المورث وما يصل الى علمه عنها وعلى الورثة ان يبلغوه بكل ما يعرفونه من ديون التركة وحقوقها.
المادة 290 - تطبيق عقوبة خيانة الامانة في حالة الغش*
يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات لخيانة الامانة كل من استولى غشاً على شيء من مال التركة ولو كان وارثاً.
المادة 291 - المحكمة هي الحل عند حصول منازعة في صحة الجرد*
كل منازعة في صحة الجرد ترفع بدعوى امام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ايداع قائمة الجرد.
الفصل الثاني
تسوية ديون التركة
المادة 292 - ايفاء الديون المتنازع وغير المتنازع عليها*
1- بعد انقضاء الميعاد المحدد للمنازعة في قائمة الجرد يقوم وصي التركة بعد استئذان المحكمة بوفاء الديون التي لم يقم في شأنها نزاع.
2- اما الديون المتنازع فيها فتسوى بعد الفصل في صحتها بحكم بات.
المادة 293 - توقف تسوية ديون التركة في حالة الافلاس أو احتماله*
على وصي التركة في حالة افلاس التركة أو احتمال افلاسها ان يوقف تسوية أي دين ولو لم يقم في شأنه نزاع حتى يفصل نهائياً في جميع المنازعات المتعلقة بديون التركة.
المادة 294 - ايفاء ديون التركة وعند الضرورة بيع منقولاتها وعقاراتها بالمزاد*
1- يقوم وصي التركة بوفاء ديونها مما يحصله من حقوقها وما تشتمل عليه من نقود ومن ثمن ما فيها من منقول فان لم يف فمن ثمن ما فيها من عقار.
2- تباع منقولات التركة وعقاراتها بالمزاد وطبقاً للاجراءات والمواعيد المنصوص عليها في البيوع الجبرية من قانون الاجراءات المدنية الا اذا اتفق الورثة على طريقة اخرى فاذا كانت التركة مفلسة فانه يجب موافقة جميع الدائنين على الطريقة التي اتفق عليها الورثة وللورثة في جميع الاحوال حق دخول المزاد.
المادة 295- حل الديون المضمونة وغير المضمونة بتأمين عيني*
تحل الديون غير المضمونة بتأمين عيني بوفاة المورث وللقاضي بناء على طلب جميع الورثة ان يحكم بحلول الدين المضمون بتأمين عيني وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن.
المادة 296 - حق الوريث تسديد ديونه قبل حلول الاجل*
يجوز لكل وارث بعد توزيع الديون المؤجلة المضمونة بتأمين عيني ان يدفع القدر الذي اختص به قبل حلول الاجل.
المادة 297 - استيفاء الديون غير المثبتة تكون من الورثة فقط*
لا يجوز للدائنين الذين لم يستوفوا حقوقهم لعدم ثبوتها في قائمة الجرد ولم تكن لهم تأمينات على اموال التركة ان يرجعوا على من كسب بحسن نية حقاً عينياً على تلك الاموال ولهم الرجوع على الورثة في حدود ما عاد عليهم من التركة.
المادة 298 - تنفيذ وصايا المورث بعد تسوية الديون*
يتولى وصي التركة بعد تسوية ديونها تنفيذ وصايا المورث وغيرها من التكاليف.
الفصل الثالث
تسليم اموال التركة وقسمتها
المادة 299 - توزيع بقايا التركة بعد تنفيذ التزاماتها*
بعد تنفيذ التزامات التركة يؤول ما بقي من اموالها الى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي.
المادة 300 - تسليم اموال التركة الى الورثة*
1- يسلم وصي التركة الى الورثة ما آل اليهم من اموالها.
2- ويجوز للورثة بمجرد انقضاء الميعاد المحدد للمنازعات المتعلقة بجرد التركة المطالبة باستلام الاشياء والنقود التي لا تستلزمها التصفية أو بعضها وذلك بصفة مؤقتة مقابل تقديم كفالة أو بدونها.
المادة 301 - تسليم الوارث نصيبه من الارث مفرزاً أو ابقائها في الشيوع*
لكل وارث ان يطلب من وصي التركة ان يسلمه نصيبه في الارث مفرزاً الا اذا كان هذا الوارث ملزماً بالبقاء في الشيوع بناء على اتفاق أو نص في القانون.
المادة 302 - اجراءات قسمة التركة*
1- يجوز قسمة التركة غير المستغرقة بالدين قبل الوفاء بالديون التي عليها، على ان يخصص جزء من التركة مقابل اداء ديون التركة بما فيها المضمونة بتأمين عيني.
2- اذا كان طلب القسمة مقبولاً يقوم وصي التركة باجراء القسمة على الا تصبح هذه القسمة نهائية الا بعد موافقة جميع الورثة.
3- على وصي التركة اذا لم ينعقد اجماعهم على القسمة ان يطلب من المحكمة اجراءها وفقاً لاحكام القانون وتحسم نفقات دعوى القسمة من انصبة الورثة.
المادة 303 - القواعد السارية على قسمة التركة*
تسري على قسمة التركة القواعد المقررة في القسمة كما تسري عليها احكام المواد الآتية.
المادة 304 - حالات تخصيص وحدة اقتصادية من اموال التركة*
اذا كان بين اموال التركة ما يستغل زراعياً أو صناعياً أو تجارياً ويعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ولم يتفق الورثة على استمرار العمل فيها ولم يتعلق بها حق الغير وجب تخصيصه بكامله لمن يطلبه من الورثة اذا كان اقدرهم على الاضطلاع به بشرط تحديد قيمته وحسمها من نصيبه في التركة فاذا تساوت قدرة الورثة على الاضطلاع به خصص لمن يعطي من بينهم اعلى قيمة بحيث لا تقل عن ثمن المثل.
المادة 305 - ضمان دين التخصيص لباقي الورثة*
اذا اختص احد الورثة عند قسمة التركة بدين لها فإن باقي الورثة لا يضمنون الدين اذا افلس بعد القسمة الا اذا اتفق على غير ذلك.
المادة 306 - قسمة اعيان التركة على ورثة الموصي*
تصح الوصية بقسمة اعيان التركة على ورثة الموصي بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قدر نصيبه وتأخذ حكم الوصية لوارث.
المادة 307 - اجازة الرجوع في القسمة المضافة الى ما بعد الموت*
يجوز الرجوع في القسمة المضافة الى ما بعد الموت وتصبح لازمة بوفاة الموصي.
المادة 308 - شيوع الاموال غير المشمولة في القسمة لصالح الورثة*
اذا لم تشمل القسمة جميع اموال المورث وقت وفاته فان الاموال التي لم تدخل في القسمة تؤول شائعة الى الورثة طبقاً لقواعد الميراث.
المادة 309 - شيوع حصة الوريث المتوفي قبل وفاة المورث*
اذا مات قبل وفاة المورث واحد أو اكثر من الورثة المحتملين الذين دخلوا في القسمة فان الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب من مات تؤول شائعة الى باقي الورثة طبقاً لقواعد الميراث وذلك مع عدم الاخلال باحكام الوصية الواجبة.
المادة 310 - احكام القسمة المضافة الى ما بعد الموت*
تسري في القسمة المضافة الى ما بعد الموت احكام القسمة عامة ما عدا احكام الغبن.
المادة 311 - تدخل المحكمة بناء لطلب أي وارث عند عدم موافقة الدائنين على القسمة*
اذا لم تشمل القسمة ديون التركة أو شملتها ولكن لم يوافق الدائنون على هذه القسمة جاز لأي وارث عند عدم الاتفاق مع الدائنين ان يطلب من المحكمة اجراء القسمة وتسوية الديون على ان تراعى بقدر الامكان القسمة التي اوصى بها المورث والاعتبارات التي بنيت عليها.
الفصل الرابع
احكام التركات التي لم تصف
المادة 312 - مصير التركات التي لم تصف*
اذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً للاحكام السابقة جاز لدائني التركة العاديين ان ينفذوا بحقوقهم أو بما اوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير اذا وقعوا عليها حجزاً لقاء ديونهم قبل تسجيل التصرفات.
الباب الثاني
المواريث
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 313 - تعريف الارث*
الارث انتقال حتمي لاموال وحقوق مالية، بوفاة مالكها، لمن استحقها.
المادة 314 - اركان الارث*
اركان الارث
1- المورث.
2- الوارث.
3- الميراث.
المادة 315 - تحديد اسباب الارث*
اسباب الارث الزوجية، والقرابة.
المادة 316 - شروط استحقاق الارث*
يشترط لاستحقاق الارث موت المورث حقيقة أو حكماً، وحياة وارثه حين موته حقيقة أو تقديراً، والعلم بجهة الارث.
المادة 317 - موانع الارث*
من موانع الارث قتل المورث عمداً سواء اكان القاتل فاعلاً اصلياً ام شريكاً ام متسبباً، ويشترط ان يكون القتل بلا حق ولا عذر وان يكون القاتل عاقلاً بالغاً.
المادة 318 - منع الارث باختلاف الدين*
لا توارث مع اختلاف الدين.
المادة 319 - اثر الوفاة في التوارث*
اذا مات اثنان أو اكثر، وكان بينهم توارث، ولم يعرف ايهم مات اولاً فلا استحقاق لاحدهم في تركة الآخر.
المادة 320 - شروط حق الارث*
يكون الارث بالفرض، ثم بالتعصيب، أو بهما معاً، ثم بالرحم.
الفصل الثاني
الفروض واصحابها
المادة 321 - تعريف الفرض وتحديده واصحابه*
1- الفرض حصة مقدرة للوارث في التركة.
2- الفروض هي النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، وثلث الباقي.
3- اصحاب الفروض الابوان، الزوجان، الجد لأب وإن علا، الجدة التي تدلي بوارث، البنات، بنات الابن وإن نزل، الاخوات مطلقاً، الأخ لأم.
المادة 322 - تحديد اصحاب النصف*
اصحاب النصف
1- الزوج بشرط عدم الفرع الوارث للزوجة.
2- البنت شرط انفرادها عن الولد، ذكراً كان أو انثى.
3- بنت الابن وان نزل بشرط انفرادها عن الولد، وعن ولد ابن مساو لها أو اعلى منها.
4- الاخت الشقيقة، ان لم يكن ثمة شقيق، ولا شقيقة اخرى، ولا فرع وارث للمتوفي، ولا اب، ولا جد لأب.
5- الاخت لأب، اذا انفردت ولم يكن ثمة اخ لأب، ولا شقيق، ولا شقيقة، ولا فرع وارث للمتوفي، ولا أب، ولا جد لأب.
المادة 323 - تحديد اصحاب الربع*
اصحاب الربع
1- الزوج عند وجود الفرع الوارث للزوجة.
2- الزوجة ولو تعددت اذا لم يكن للزوج فرع وارث.
المادة 324 - تحديد اصحاب الثمن*
اصحاب الثمن
الزوجة ولو تعددت عند وجود الفرع الوارث للزوج.
المادة 325 - تحديد اصحاب الثلثين*
اصحاب الثلثين
1- البنتان فأكثر اذا لم يكن ثمة ابن للمتوفي.
2- بنتا الابن فأكثر وان نزل ابوهما اذا لم يكن ثمة ولد صلبي للمتوفي، ولا ابن ابن في درجتهما، ولا ولد ابن اعلا منهما.
3- الشقيقتان فأكثر اذا لم يكن ثمة شقيق، ولا فرع وارث للمتوفي ولا اب ولا جد لأب.
4- الاختان لأب فأكثر اذا لم يكن ثمة اخ لاب، ولا شقيق، ولا شقيقة، ولا فرع وارث للمتوفي، ولا أب ولا جد لأب.
المادة 326 - تحديد اصحاب الثلث*
اصحاب الثلث
1- الام عند عدم وجود فرع وارث للمتوفي، وعدم وجود اثنين فأكثر من الاخوة والاخوات مطلقاً، ما لم ينحصر ميراثها مع احد الزوجين والاب فتستحق حينئذ ثلث الباقي.
2- الاثنان فأكثر من اولاد الام عند عدم وجود فرع وارث للمتوفي، ولا اب ولا جد لأب، ويقسم الثلث بينهم بالتساوي للذكر مثل الانثى.
3- الجد لأب اذا كان معه الاخوة الاشقاء، أو لأب أو هما معاً اكثر من اخوين، أو ما يعادلهما من الاخوات، ولم يكن ثمة وارث بالفرض.
المادة 327 - تحديد اصحاب السدس*
اصحاب السدس
1- الأب مع الفرع الوارث.
2- الجد لأب في الحالات الآتية
أ- اذا كان معه فرع وارث للمتوفي.
ب- اذا كان معه وارثون بالفرض، ونقص نصيبه عن السدس، أو ثلث الباقي، أو لم يفضل عنهم شيء.
ج- اذا كان معه صاحب فرض، واكثر من اخوين، أو ما يعادلهما من الاخوات، اشقاء أو لأب، وكان السدس خيراً له من ثلث الباقي.
3- الأم مع الفرع الوارث، أو مع اثنين فأكثر من الاخوة والاخوات مطلقاً.
4- الجدة الصحيحة وان علت، واحدة كانت أو اكثر، بشرط عدم وجود حاجب لها.
5- بنت الابن واحدة فأكثر، وان نزل ابوها، مع البنت الصلبية الواحدة، أو مع بنت ابن واحدة اعلى منها درجة، اذا لم يكن ثمة ابن، ولا ابن ابن اعلى منها، ولا في درجتها.
6- الاخت لأب، واحدة كانت أو اكثر، مع الشقيقة الواحدة، اذا لم يكن ثمة فرع وارث للمتوفي، ولا أب، ولا جد لأب، ولا شقيق، ولا أخ لأب.
7- الواحد من الاخوة لأم ذكراً كان أو انثى، عند عدم وجود فرع وارث للمتوفي، ولا أب، ولا جد لأب، وذلك مع مراعاة احكام المادة 347 من هذا القانون.
المادة 328 - تحديد اصحاب ثلث الباقي*
اصحاب ثلث الباقي
1- الام مع احد الزوجين والاب، اذا لم يكن ثمة فرع وارث للمتوفي ولا اثنان فأكثر من الاخوة أو الاخوات مطلقاً.
2- الجد لأب، اذا كان معه ذو فرض، وأكثر من اخوين، أو ما يعادلهما من الاخوات اشقاء أو لأب، وكان ثلث الباقي خيراً له من السدس.
الفصل الثالث
العصبات
المادة 329 - تعريف العصبة وانواعه*
1- التعصيب استحقاق غير محدد في التركة.
2- العصبة انواع ثلاثة
أ- عصبة بالنفس.
ب- عصبة بالغير.
ج- عصبة مع الغير.
المادة 330 - ترتيب جهات العصبة بالنفس*
العصبة بالنفس اربع جهات مقدم بعضها على بعض حسب الترتيب الآتي
1- البنوة وتشمل الابناء، وابناء الابن وان نزل.
2- الابوة وتشمل الاب والجد لأب وان علا.
3- الاخوة وتشمل الاخوة الاشقاء، أو لأب، وبنيهم وان نزلوا.
4- العمومة وتشمل اعمام المتوفي لأبوين أو لأب، واعمام ابيه، واعمام الجد لأب وان علا اشقاء أو لأب، وابناء الاعمام اشقاء أو لأب وان نزلوا.
المادة 331 - مقدار استحقاق العاصب بالنفس للتركة*
يستحق العاصب بالنفس التركة اذا لم يوجد احد من ذوي الفروض، ويستحق ما بقي منها ان وجد، ولا شيء له ان استغرقت الفروض التركة.
المادة 332 - تحديد الافضلية في التعصيب*
1- يقدم في التعصيب الاولى جهة حسب الترتيب الوارد في المادة 330 من هذا القانون، ثم الاقرب درجة الى المتوفي عند اتحاد الجهة، ثم الاقوى قرابة عند التساوي في الدرجة.
2- يشترك العصبات في استحقاق حصتهم من الارث عند اتحادهم في الجهة، وتساويهم في الدرجة والقوة.
المادة 333 - توريث الجد بالتعصيب*
اذا اجتمع الجد لأب، مع الاخوة اشقاء أو لأب، أو معهما ذكوراً، أو اناثاً، أو مختلطين، سواء اكان معهم ذو فرض ام لا، فيرث الجد بالتعصيب على اعتبار انه اخ آخر للمتوفي، ما لم يكن السدس أو ثلث الباقي خيراً له مع مراعاة حكم المادة 346 من هذا القانون.
المادة 334 - تحديد العصبة بالغير*
1- العصبة بالغير
أ- البنت فأكثر، مع الابن فأكثر.
ب- بنت الابن وان نزل، واحدة فأكثر، مع ابن الابن فأكثر، سواء كان في درجتها، أو انزل منها، ان احتاجت اليه، ويحجبها اذا كان اعلى منها.
ج- الاخت الشقيقة فأكثر، مع الاخ الشقيق فأكثر.
د- الاخت لأب فأكثر، مع الاخ لاب فأكثر.
2- يكون الارث في هذه الاحوال للذكر مثل حظ الانثيين.
المادة 335 - تحديد العصبة مع الغير*
العصبة مع الغير الاخت الشقيقة، أو لأب، واحدة أو اكثر، مع البنت، أو بنت الابن، واحدة فأكثر، وهي في هذه الحالة كالأخ في استحقاق الباقي، وفي حجب باقي العصبات.
الفصل الرابع
الوارثون بالفرض والتعصيب
المادة 336 - تحديد الوارثون بالفرض والتعصيب*
الوارثون بالفرض والتعصيب
1- الاب أو الجد لأب، مع البنت، أو بنت الابن، وان نزل ابوها.
2- الزوج، اذا كان ابن عم للمتوفاة يأخذ نصيبه فرضاً، وما استحقه ببنوة العمومة تعصيباً.
3- الاخ لأم، واحداً أو اكثر، اذا كان ابن عم للمتوفي يأخذ نصيبه فرضاً، وما استحقه ببنوة العمومة تعصيباً.
الفصل الخامس
الحجب والحرمان
المادة 337 - تعريف الحجب وانواعه*
1- الحجب حرمان وارث من كل الميراث، أو بعضه لوجود وارث آخر احق به منه.
2- الحجب نوعان حجب حرمان، وحجب نقصان.
3- المحجوب من الارث قد يحجب غيره.
4- الممنوع من الارث لا يحجب غيره.
المادة 338 - حجوب الجد والجدة*
1- يحجب الجد الصحيح بالاب، وبكل جد عاصب ادلى به.
2- تحجب الجدة القريبة الجدة البعيدة، الا اذا كانت القربى من جهة الاب فلا تحجب البعدى من جهة الام، وتحجب الام الجدة الصحيحة مطلقاً، كما يحجب الاب الجدة لأب، ويحجب الجد الصحيح الجدة إذا كانت اصلاً له.
المادة 339 - حجوب اولاد الام*
يحجب اولاد الام بكل من الاب والجد الصحيح وان علا، والولد وولد الابن وان نزل.
المادة 340 - حجوب بنت الابن*
يحجب كل من الابن وابن الابن وان نزل، بنت الابن التي تكون انزل منه درجة، ويحجبها ايضاً بنتان أو بنتا ابن اعلى منها درجة ما لم يكن معها من يعصبها.
المادة 341 - حجوب الاخوة والاخوات لابوين*
يحجب كل من الاب والابن وابن الابن وان نزل الاخوة والاخوات لأبوين.
المادة 342 - حجوب الاخت لاب*
يحجب كل من الاب والابن وابن الابن وان نزل الاخت لأب، كما يحجبها الاخ لأبوين والاخت لأبوين اذا كانت عصبة مع غيرها طبقاً لحكم المادة 335، من هذا القانون والاختان لأبوين اذا لم يوجد اخ لأب، كما يحجب الاخوة لأب كل من الأب والابن وابن الابن وان نزل والاخ الشقيق والاخت الشقيقة اذا كانت عصبة مع الغير.
الفصل السادس
الرد والعول
المادة 343 - تعريف الرد*
الرد زيادة في انصبة ذوي الفروض بنسبة فروضهم، اذا زاد اصل المسألة على مجموع سهامها.
المادة 344 - شروط الرد*
اذا لم تستغرق الفروض التركة ولم توجد عصبة من النسب رد الباقي على غير الزوجين من اصحاب الفروض بنسبة فروضهم، ويرد باقي التركة الى احد الزوجين اذا لم يوجد عصبة من النسب أو احد اصحاب الفروض النسبية أو احد ذوي الارحام.
المادة 345 - تعريف العول*
1- العول نقص في انصبة ذوي الفروض بنسبة فروضهم، اذا زادت السهام على اصل المسألة.
2- يعتبر ما عالت اليه المسألة اصلاً تقسم التركة بحسبه.
الفصل السابع
مسائل خاصة
الفرع الاول
الاكدرية
المادة 346 - التوريث في الاكدرية*
يعصب الجد الاخت الشقيقة أو لأب، ولا ترث معه بالفرض الا في الاكدرية، وهي زوج، وأم، وجد، واخت شقيقة أو لأب.
للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، ويفرض للأخت النصف يضم الى سدس الجد ويقسم المجموع بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.
الفرع الثاني
المشتركة
المادة 347 - التوريث في المشتركة*
يرث الاخ الشقيق بالتعصيب، الا في المشتركة وهي زوج، وام أو جدة، وعدد من الاخوة لأم، واخ شقيق أو اشقاء.
للزوج النصف، وللأم أو الجدة السدس، ويقسم الثلث بين الاخوة لأم والاخوة الاشقاء للذكر مثل حظ الانثى.
الفرع الثالث
المالكية وشبهها
المادة 348 - الحجوب في مسألة المالكية وشبهها*
لا يحجب الجد الاخ الشقيق أو لأب، الا في مسألة المالكية وشبهها
المالكية زوج، وام وجد، واخوة لأم، واخ لأب، للزوج النصف وللأم السدس وللجد الباقي بالتعصيب.
شبه المالكية زوج، وام، وجد واخوة لأم، واخ شقيق، للزوج النصف، وللام السدس، وللجد الباقي بالتعصيب.
الفصل الثامن
ميراث ذوي الارحام
المادة 349 - تعريف الاصناف الاربعة لذوي الارحام*
ذوو الارحام اربعة اصناف
الصنف الاول
اولاد البنات وان نزلوا، واولاد بنات الابن وان نزل.
الصنف الثاني
الاجداد الرحميون وان علوا، والجدات الرحميات وان علون.
الصنف الثالث
1- ابناء الاخوة لأم، واولادهم وان نزلوا.
2- اولاد الاخوات مطلقاً وان نزلوا.
3- بنات الاخوة مطلقاً، واولادهن وان نزلوا.
4- بنات ابناء الاخوة مطلقاً، وإن نزلن، واولادهن وان نزلوا.
الصنف الرابع
يشمل ست طوائف
1- اعمام المتوفي لأم، وعماته مطلقاً واخواله وخالاته مطلقاً.
2- اولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وان نزلوا، وبنات اعمام الميت لأبوين أو لأب، وبنات ابنائهم وان نزلوا، واولاد من ذكرن وان نزلوا.
3- اعمام ابي المتوفي لأم، وعمات واخوال وخالات ابيه مطلقاً (قرابة الاب)، واعمام وعمات واخوال وخالات ام المتوفي مطلقاً (قرابة الام).
4- اولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وان نزلوا، وبنات اعمام ابي المتوفي لأبوين أو لأحدهما، وبنات ابنائهم وان نزلوا، واولاد من ذكروا وان نزلوا.
5- اعمام ابي ابي المتوفي لأم، واعمام ام ابيه، وعمات ابوي ابيه، واخوالهما، وخالاتهما مطلقاً (قرابة الاب) واعمام ابوي ام المتوفي، وعماتها، واخوالهما، وخالاتهما مطلقاً (قرابة الام).
6- اولاد من ذكروا في الفقرة السابقة وان نزلوا، وبنات اعمام ابي ابي المتوفي لأبوين أو لأحدهما، وبنات ابنائهم وان نزلوا، واولاد من ذكروا وان نزلوا.
المادة 350 - تحديد الاولى بالميراث في الاصناف الثلاثة الاولى من ذوي الرحم*
1- الصنف الاول من ذوي الارحام اولاهم بالميراث اقربهم درجة الى المتوفي، فاذا تساووا في الدرجة فولد صاحب الفرض اولى من ولد ذوي الرحم، واذا كانوا جميعاً اولاد صاحب فرض أو لم يكن فيهم ولد صاحب فرض اشتركوا في الارث.
2- الصنف الثاني من ذوي الارحام, اولاهم بالميراث اقربهم درجة الى المتوفي، فإذا تساووا في الدرجة، قدم من كان يدلي بصاحب فرض، واذا تساووا في الدرجة، وليس فيهم من يدلي بصاحب فرض، أو كانوا كلهم يدلون بصاحب فرض، فإن كانوا جميعاً من جهة الاب أو من جهة الام، اشتركوا في الارث، وان اختلفت جهاتهم، فالثلثان لقرابة الاب، والثلث لقرابة الام.
3- الصنف الثالث من ذوي الارحام، اولاهم بالميراث اقربهم درجة الى المتوفي، فاذا تساووا في الدرجة، وكان بعضهم ولد وارث وبعضهم ولد ذي رحم، قدم الاول على الثاني، والا قدم اقواهم قرابة للمتوفي، فمن كان اصله لأبوين فهو اولى ممن كان اصله لاحدهما، ومن كان اصله لأب فهو اولى ممن كان اصله لأم، فإن اتحدوا في الدرجة، وقوة القرابة، اشتركوا في الارث.
المادة 351 - تحديد الاولى بالميراث في الصنف الرابع من ذوي الرحم*
1- اذا انفرد في الطائفة الاولى من طوائف الصنف الرابع المبينة بالمادة 349 من هذا القانون قرابة الاب، وهم اعمام المتوفي لأم، وعماته مطلقاً، أو قرابة الام، وهم اخوال المتوفي، وخالاته مطلقاً قدم اقواهم قرابة، فمن كان لأبوين فهو اولى ممن كان لاحدهما، ومن كان لأب فهو اولى ممن كان لأم، وان تساووا في قوة القرابة اشتركوا في الارث، وعند اجتماع الفريقين، يكون الثلثان لقرابة الاب، والثلث لقرابة الام، ويقسم نصيب كل فريق على النحو المتقدم.
وتطبق احكام الفقرة السابقة على الطائفتين الثالثة والخامسة.
2- يقدم في الطائفة الثانية الاقرب منهم درجة على الابعد، ولو كان من غير جهة قرابته، وعند التساوي، واتحاد جهة القرابة، يقدم الاقوى ان كانوا جميعاً اولاد عاصب، أو اولاد ذي رحم، فاذا كانوا مختلفين، قدم ولد العاصب على ولد ذي الرحم، وعند اختلاف جهة القرابة يكون الثلثان لقرابة الاب، والثلث لقرابة الام، فما ناله كل فريق يقسم بينهم بالطريقة المتقدمة.
وتطبق احكام الفقرة السابقة على الطائفتين الرابعة والسادسة.
3- لا اعتبار لتعدد جهات القرابة في وارث من ذوي الارحام الا عند اختلاف الجانب.
المادة 352 - نسب توريث الذكر والانثى من ذوي الارحام*
يكون للذكر مثل حظ الانثيين في توريث ذوي الارحام باستثناء اولاد الاخوة من الام فيكون ميراثهم بالسوية بين الذكر والانثى.
الفصل التاسع
الارث بالتقدير
المادة 353 - الارث الموقوف للمفقود*
يوقف للمفقود من تركة مورثه نصيبه فيها على تقدير حياته، فان ظهر حياً اخذه، وان حكم بموته رد نصيبه الى من يستحقه من ورثته وقت الحكم.
المادة 354 - الارث الموقوف للحمل*
يوقف للحمل من تركة مورثه اوفر النصيبين لذكرين أو انثيين على تقدير ان الحمل توأم، ويعطى باقي الورثة اقل النصيبين، ويسوى توزيع التركة حسب الانصبة الشرعية بعد الوضع.
المادة 355 - نقصان أو زيادة الارث الموقوف للحمل*
اذا نقص الموقوف للحمل عما يستحقه يرجع بالباقي على من دخلت الزيادة في نصيبه من الورثة، واذا زاد الموقوف للحمل عما يستحقه رد الزائد على من يستحقه من الورثة.
الفصل العاشر
التخارج
المادة 356 - تعريف التخارج وسبل تطبيقه*
1- التخارج هو اتفاق الورثة على ترك بعضهم نصيبه المعلوم لديه من التركة لبعضهم الآخر مقابل شيء معلوم.
2- اذا تخارج احد الورثة مع آخر منهم استحق نصيبه وحل محله في التركة.
3- اذا تخارج احد الورثة مع باقيهم فإن كان المدفوع له من التركة، طرحت سهام المتخارج من اصل المسألة، وبقيت سهام الباقين على حالها، وإن كان المدفوع له من مالهم ولم ينص في عقد التخارج على طريقة قسمة نصيب المتخارج، قسم عليهم بنسبة ما دفعه كل منهم، فإن لم يعرف المدفوع من كل منهم قسم نصيبه عليهم بالتساوي.
الفصل الحادي عشر
مسائل متنوعة
المادة 357 - الاقرار بالنسب على النفس وعلى الغير*
1- اذا اقر المتوفي في حال حياته بالنسب على نفسه فلا يتعدى اقراره الى الورثة ما لم يستوف الاقرار شروط صحته.
2- واذا اقر بنسب على غيره لم يثبت وفقاً للمادة 93 من هذا القانون، ولم يرجع عن اقراره، استحق المقر له تركة المقر ما لم يكن ثمة وارث له.
3- اذا اقر بعض الورثة لآخر، بالنسب على مورثهم، شارك المقر له المقر في استحقاقه من الميراث دون سواه ما لم يكن محجوباً به.
المادة 358 - ارث ولد الزنى واللعان*
يرث ولد الزنى من امه وقرابتها، وترثه امه وقرابتها، وكذلك ولد اللعان.
المادة 359 - نصيب الخنثى المشكل*
للخنثى المشكل، نصف النصيبين على تقدير الذكورة والانوثة.
المادة 360 - مصير تركة من لا وارث له*
تركة من لا وارث له تكون وقفاً خيرياً باسمه للفقراء والمساكين وطلبة العلم بنظارة الهيئة العامة للاوقاف.
المادة 361 - بطلان اثر التحايل على احكام الميراث*
يعتبر باطلاً كل تحايل على احكام الميراث بالبيع أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من التصرفات.
احكام ختامية
المادة 362 - الغاء الاحكام المخالفة أو المتعارضة*
يلغى كل حكم يخالف أو يتعارض مع احكام هذا القانون.
المادة 363 - النشر في الجريدة الرسمية*
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ نشره.
صدر عنا في قصر الرئاسة بأبوظبي
بتاريخ 17 شوال 1426 هـ.
الموافق 19 نوفمبر 2005م.
خليفة بن زايد آل نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
نشر هذا القانون الاتحادي في عدد الجريدة الرسمية رقم 439 ص 9 .

TempFile000.gif
المذكرة الايضاحية للقانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005م. في شأن الأحوال الشخصية
باسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبدالله الذي ارسله رحمة للناس بشيراً ونذيراًُ، وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
" يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيباً ".
" يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليكم خبير".
وبعد، فقد قضت السنة الالهية بضرورة اجتماع الذكور بالاناث حفظاً للنوع المدة التي شاء الله تعالى ان يعيشها ذلك النوع، وقد يوجد النسل، وبه يستمر بقاء النوع بأي اجتماع كان، ولكن البقاء على الوجه الاكمل الخالي من التظالم وضياع الحقوق والانساب لا يكون الا على النحو الذي شرعه الله لاستقرار العلاقة بين الجنسين، وقيام اسرة متماسكة تتعهد الاولاد وتحفظهم وتسعى في كل ما فيه الخير لهم بقدر المستطاع.
من اجل ذلك شرع الله الزواج ووضع له نظاماً لتكوينه وشروطه وما به يحفظ النسل ويربى احسن التربية على وجه يكفل للعالم سعادته ويوفر عليه راحته ويقيه ما لا يحصى من المضار.
وقد حض الشارع على الزواج ورغب فيه وجعله من آياته وامتن علينا به. قال الله تعالى: "ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة" وروى البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه ان نفراً من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا اتزوج، وقال بعضهم اصلي ولا انام، وقال بعضهم اصوم ولا افطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال "ما بال اقوام قالوا كذا وكذا لكني اصوم وافطر واصلي وانام واتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" وروى ابو داود والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "الا اخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، اذا نظر اليها سرته، واذا غاب عنها حفظته، واذا امرها اطاعته" ورواه الترمذي من طريق آخر رجاله ثقات، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن ماجه والحاكم: "لم ير للمتحابين مثل الزواج" وروى اصحاب السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أي مضعف لشهوته.
وقد جعل الفقهاء للزواج احوالاً، فجعلوه فرضاً عند التوقان وتيقن الوقوع في الزنى ان لم يتزوج، بشرط ان يكون مالكاً المهر والنفقة، وسنة مؤكدة حال الاعتدال فيأثم بتركه ويثاب ان نوى تحصيناً وولداً، ومكروهاً اذا خاف الجور، فإن تيقنه، كان حراماً، لأن الزواج إنما شرع لتحصين النفس وبقاء النسل وتحصيل الثواب، وهو بالجور يرتكب المحرمات فتعدم المصلحة التي من اجلها شرع الزواج لرجحان هذه المفاسد.
من اجل ذلك ولئلا تختلف المشارب وتتعدد المذاهب في المسألة الواحدة، فقد توجهت ارادة ولي الامر لاعداد قانون للاحوال الشخصية يكون مرجعاً في العلاقات الاسرية من ناحية، ومحدداً للحقوق والواجبات، ومنهجاً تتبعه المحاكم عند الفصل في المنازعات من ناحية اخرى.
هذا وقد مر قانون الاحوال الشخصية لدولة الامارات العربية المتحدة بعدة مراحل في طور اعداده، فكانت اول نسخة لمشروع القانون في سنة 1978م.، حيث اعدتها اللجنة العليا للتشريعات الاسلامية التي شكلت بموجب توجيهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله واسكنه فسيح جناته – حيث صدر بناء على هذه التوجيهات قرار من مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 1978م. بتشكيل لجنة عليا لمراجعة التشريعات وتقنينها، وكان من بين نتاج هذه اللجنة مشروع قانون الاحوال الشخصية.
وظل الامر على ما هو عليه الى ان اعدت اللجنة الفنية المختصة بمجلس وزراء العدل العرب مشروع قانون موحد للاحوال الشخصية، والذي اكتمل بناؤه في عام 1985م.، غير انه لم ير النور كما حدث للمشروع السابق الذي اعدته اللجنة العليا للتشريعات الاسلامية.
ثم بدأ الامر يأخذ منحى جديداً بتشكيل مجلس التعاون الخليجي، حيث انبثق منه مجلس وزراء العدل بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكان من بين ما قام به هذا المجلس تشكيل لجنة فنية لمراجعة واعداد مشروع قانون موحد للاحوال الشخصية لدول مجلس التعاون، وفعلاً استكملت اللجنة اعداد ومراجعة مشروع القانون استناداً الى مشروع القانون العربي الموحد وما صدر من تقنينات للاحوال الشخصية في دول المجلس وبعض الدول العربية، حيث صدر المشروع في صيغة قانون موحد لدول مجلس التعاون وسمي وثيقة مسقط للاحوال الشخصية واعتمد من المجلس الاعلى لحكام دول المجلس كقانون موحد لمدة خمس سنوات، ثم جددت قبل عام هذه المدة خمس سنوات اخرى بهدف ادخال ما يطرأ لدى المجلس من تعديلات في ضوء ما يستجد.
وفي عام 1997م. شكلت في دولة الامارات العربية المتحدة لجنة ضمت العديد من اهل العلم والمستشارين لاعداد مشروع قانون للاحوال الشخصية بدولة الامارات العربية المتحدة، استناداً الى وثيقة مسقط للاحوال الشخصية، وتم بالفعل اعداد مشروع القانون غير انه لم ير النور كسابقه من المشاريع.
وبتاريخ 6 رمضان 1423 هـ. الموافق 11/11/2002م. صدر قرار معالي وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف رقم 669 لسنة 2002م. بتشكيل لجنة فنية لمراجعة مشروع قانون للاحوال الشخصية برئاسة الاستاذ الدكتور احمد عبيد الكبيسي، وعضوية كل من: الاستاذ الدكتور عبد الرحمن الصابوني، والاستاذ الدكتور محمد الزحيلي، والاستاذ الدكتور خليفة بابكر الحسن، والاستاذ الدكتور محمد عباس السامراني، والاستاذ الدكتور محمود السرطاوي، والدكتور محمد عبد الرحيم سلطان العلماء، والمستشار الدكتور حسن احمد علي عبد الغفار الحمادي، والمستشار الدكتور عبد العزيز مصطفى الخالد – (عضواً ومقرراً)، وقد باشرت اللجنة اعمالها مستندة الى:
1- وثيقة مسقط للاحوال الشخصية.
2- مشروع قانون الاحوال الشخصية الذي اعدته اللجنة العليا لمراجعة التشريعات وتقنينها.
3- مشروع قانون الاحوال الشخصية الذي اعدته اللجنة المشكلة عام 1997م.
4- ما صدر من قوانين الاحوال الشخصية في الدول العربية.
5- التوجيهات العليا الصادرة بشأن اعداد مشروع قانون يجمع بين مذاهب الفقهاء الاربعة مع اختيار الايسر والاصلح من هذه الاقوال.
وقد باشرت اللجنة اجتماعاتها، وتم اعداد مشروع القانون وفق المنهج الذي رسمته اللجنة في بداية اجتماعاتها بحيث يتم اختيار رأي الجمهور في كل مسألة مع مراعاة الايسر والاصلح للناس في اطار الفقه الاسلامي الصحيح، ولم يخرج عن ذلك سوى عدد قليل من المسائل تم فيها الرجوع الى ولي الامر في تقرير ما يرى اعتماده من هذه الآراء، باعتبار ان رأيه فيما فيه خلاف يرفع الخلاف، وكان من ابرز هذه المسائل:
- الطلاق الثلاث بلفظ واحد والطلاق المتكرر.
- يمين الطلاق.
- الطلاق المعلق على شرط.
- الوصية الواجبة.
- سن البلوغ.
- ترتيب الحواضن.
وقد استكمل القانون بناءه فجاء في 363 مادة متضمناً العديد من الاحكام التي لم يسبق تناولها في أي قانون من قوانين الاحوال الشخصية المعروفة ومن ذلك:
1- سريان القانون بأثر رجعي على النحو الذي حددته المادة 1 منه.
2- انشاء لجنة التوجيه الاسري وتحديد اختصاصاتها بقرار من الوزير.
3- تيسير اجراءات رفع الدعوى والاعلان ولائحة الاشهادات والتوثيقات وتنظيم قواعد الطعن.
4- حالات التعويض عند فسخ الخطبة.
5- شرط الخلو من امراض معينة لاجراء عقد النكاح وتشكيل لجنة لهذا الغرض.
6- خضوع اكثر المهر لقواعد تحديد المهر المنصوص عليها في القانون الخاص بذلك.
7- التسوية بين الزوجات والاولاد في الهبات.
8- نفقة اللقيط الذي لا منفق عليه.
9- زيادة اكثر مدة الحمل بثبوته بناء على تقرير لجنة فنية مختصة ولو زادت المدة على سنة.
10- عدم حصر العيوب المضرة.
11- التفريق للعقم والتغرير والمرض المعدي، والاستعانة بلجنة طبية مختصة بشأن العيوب.
12- اجابة القاضي لطلب المرأة الخلع قبل الدخول.
13- تقرير النفقة الوقتية للزوجة والاولاد.
14- عدم نفاذ حكم الطلاق الا بعد صيرورة الحكم باتاً.
15- اعطاء القاضي صلاحية اختيار الحاضن إن لم يوجد الابوان ولا مستحق للحضانة يطلبها.
16- تنظيم احكام السفر الذي يسقط الحضانة.
17- تنظيم احكام رؤية المحضون.
18- حفظ جواز سفر المحضون.
19- اسباب جديدة لسلب الولاية على القاصر.
20- ايداع القاصر في مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
21- صرف الوصية على وجوه البر لاقرب مجانس لها.
22- اجراءات تحقيق الوفاة والوراثة وتصفية التركة.
23- نصوص اجرائية في شأن التركات والمواريث.
24- تركة من لا وارث له تكون وقفاً باسمه تحت نظارة هيئة الاوقاف.
25- التحايل على احكام الميراث باطل.
بالاضافة الى بعض الاحكام الاخرى التي وردت عرضاً عند تنظيم احكام القانون.
وحرصاً على تحري الحق والصواب، فقد تمت مخاطبة الجهات ذات العلاقة في الدولة والتي زاد عددها على عشرين، لاستطلاع رأيها في الاحكام الواردة في القانون وعكفت اللجنة على دراسة ما ورد اليها من ملاحظات، وتم تعديل بعض الاحكام تبعاً لذلك، حتى خرج القانون في صورة تراعي مصالح الناس وتيسر امورهم وفق هدي الدين الاسلامي الحنيف.
وتتميماً للفائدة وتحديداً للمرجعية الفقهية التي نصت عليها المادة 2 من القانون، فقد قامت لجنة صياغة واعداد مشروع القانون باعداد مذكرة ايضاحية تحدد المرجعية الفقهية للاحكام الواردة في القانون، والتي نضعها بين ايديكم من خلال هذا السفر المبارك.
والله نسأل ان يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه تعالى ويسدد الخطأ لما فيه الخير والصلاح.
لجنة اعداد وصياغة قانون الاحوال الشخصية
احكام عامة
المادة الأولى
من المقرر شرعاً، ان احكام التشريع لا تسري الا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وانه لا يترتب عليها اثر فيما وقع قبلها، مما مفاده انه لا رجعية للتشريع الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات، أو حوادث، أو وقائع، اذ يحكم ذلك التشريع الذي كان معمولاً به وقت وقوعها، وذلك اعمالاً لقاعدة عدم رجعية القانون. بيد ان ذلك لا ينتقص من سريان احكام التشريع الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو حوادث، ولو كانت مستندة الى علاقات سابقة عليه، اعمالاً للأثر المباشر للتشريع.
هذا، وقد اخذ المشرع الاماراتي في المادة الاولى في فقرتها الاولى من قانون الاحوال الشخصية بهذه القاعدة التشريعية، فنص على سريان احكام هذا القانون على جميع الوقائع التي حدثت بعد سريان احكامه.
- لكن المشرع – وقد وضع امامه الاسرة باعتبارها الدعامة الاولى في بناء المجتمع المسلم – رأى ان يجعل لبعض احكامه رجعية على الوقائع التي حدثت قبل سريانه، وخاصة في مسألة الطلاق من الثلاث، الذي عدها المشرع طلقة واحدة، والطلاق المعلق على شرط، أو المضاف الى المستقبل، فنص المشرع في المادة الاولى في فقرتها الاولى من قانون الاحوال الشخصية على سريانه بأثر رجعي على اشهادات الطلاق، ودعاوى الطلاق التي لم يصدر بها حكم بات.
وهذا التدبير الاستصلاحي يدخل في سلطة ولي الامر شرعاً، اذ يصرح فقهاء الشريعة بأن ولي الامر اذا اقر بمباح لمصلحة تقتضيه يصبح واجباً، فكيف اذا امر ولي الامر بما يتوقف عليه صلاح الاسرة، واستقامتها، وتمكين المطلقين من العودة الى زوجاتهم، واعتبار الطلاق الثلاث طلقة واحدة، أو عدم وقوع الطلاق المعلق على شرط، أو المضاف الى المستقبل.
كما ان قانون الاحوال الشخصية في فقرته الثانية من المادة الاولى، نص على سريانه على جميع مواطني دولة الامارات العربية المتحدة أي انه اخذ بمبدأ شخصية القانون، فيطبق القانون على المواطنين المنتمين اليها سواء اكانوا موجودين على اقليمها ام كانوا موجودين خارج الاقليم، غير انه استثنى غير المسلمين من المواطنين، فلم يجعل هذا القانون سارياً عليهم اذا كانت لهم قوانين في الدولة قد صدرت تتعلق بطائفته وملتهم، والا كان القانون الواجب التطبيق هو هذا القانون.
وقد اخذ المشرع في الفقرة الثانية من المادة الاولى من قانون الاحوال الشخصية، بمبدأ اقليمية، قانون الاحوال الشخصية، وانه يسري على غير المواطنين المقيمين في الدولة، ما لم يتمسك الخصم بتطبيق قانونه الاجنبي، فهنا عليه اثبات القانون الاجنبي، وتقديمه الى المحكمة، اذ المقرر، ان القانون الاجنبي لا يعدو ان يكون مجرد واقعة مادية، يجب على المتمسك به اقامة الدليل عليه.
مع مراعاة احكام الشريعة الاسلامية القطعية، أو النظام العام أو الآداب العامة للدولة.
المادة 2
ترسم هذه المادة في فقرتها الاولى للقاضي منهجاً واضحاً في بيان النصوص التشريعية، وكيفية تفسيرها وتأويلها، وانه يتعين على القاضي الرجوع الى اصول الفقه الاسلامي وقواعده في ذلك.
اما الفقرة الثانية، فانها ترسم نطاق سريان هذه النصوص، فتقضي بسريان نصوص التشريع على جميع المسائل التي ينسحب عليها حكمه، سواء استنبط هذا الحكم من منطوق النص ام من مفهومه، الذي يتم الكشف عنه بطرق تفسير الدلالات المقررة في اصول الفقه الاسلامي.
على ان المشرع اوجب على القاضي الرجوع الى المذهب الفقهي – وهو المصدر التاريخي – في تفسير النص التشريعي، وفي استكمال احكامه اذا كان هناك بعض النقص التشريعي في حكم المسألة، والمقصود بذلك ان يتسق النسق التشريعي للنص القانوني، فيكون متكاملاً في صياغته التشريعية، اذا كان هناك نقص في الحكم الفقهي للمسألة.
اما اذا كان القانون لم يتعرض لحكم المسألة كلية، فإن القانون اوجب في فقرته الثالثة من المادة الثانية الرجوع الى المشهور من مذهب الامام مالك ثم إن لم يجد القاضي نصاً في المسألة في مشهور مذهب رجع الى نصوص الامام احمد، ثم مذهب الامام الشافعي، ثم مذهب الامام أبي حنيفة.
المادة 3 - المذكرة الايضاحية
اعتمد المشرع في حساب المدد بالنسبة لقانون الاحوال الشخصية، الحساب القمري، كحساب العدة وما في حكمها والاهلية، ما لم ينص صراحة على اعتماده الحساب الشمسي.
المادة 4
يقرر المشرع وجوب الرجوع الى احكام قانون الاجراءات المدنية، وقانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية، فيما لم يرد بشأن اجراءاته نص في هذا القانون.
المادة 5
عالجت المواد من الخامسة الى السابعة من قانون الاحوال الشخصية الاتحادي حدود ولاية القضاء الاماراتي، وهي ما اصطلح عليه بالاختصاص الوطني أو الدولي، وقد صيغت هذه المادة من القانون بشكل اوسع، وجعلت الاختصاص الوطني معقوداً لمحاكم الدولة بدعاوى مسائل الاحوال الشخصية التي ترفع على مواطني الدولة ولو لم يكن لهم موطن أو محل اقامة أو محل عمل بالدولة، والاجانب الذين لهم موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
والموطن هو ما قصد الشخص الاستقرار فيه عادة والاقامة، ويسمى الموطن الاصلي، والموطن يشمل الوطن العام، ويشمل الوطن الخاص كموطن الاعمال، والموطن التجاري. اما محل الاقامة: فهو ما اصطلح عليه عند الفقهاء محل الوجود، وهو ما خرج اليه بنية الاقامة فيه مدة من الزمن، على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة، ويسمى موطن السكن.
اما محل العمل، فهو المكان الذي يعمل فيه الشخص، ويكون تابعاً فيه لغيره في مهمته أو طبيعته (انظر المواد 81، 82، 83، 84 من قانون المعاملات المدنية).
المادة 7
عالجت المادة السادسة حالات ينعقد فيها الاختصاص القضائي لمحاكم الدولة في مسائل الاحوال الشخصية – وكان قانون الاجراءات المدنية قاصراً عن علاج حالات منها – على الرغم من ان المدعى عليه الاجنبي ليس له موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
الحالة الاولى: اذا كانت الدعوى معارضة في عقد زواج يراد ابرامه في الدولة.
الحالة الثانية: اذا كانت الدعوى متعلقة بطلب فسخ عقد الزواج، أو بطلانه، أو بالطلاق أو بالتطليق:
أ- وكانت مرفوعة من زوجة مواطنة أو زوجة منحت جنسية الدولة، متى كان لأي منهما لها موطن أو محل اقامة في الدولة.
ب- أو كانت مرفوعة من زوجة لها موطن أو محل اقامة في الدولة على زوجها الذي كان له موطن أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة، متى كان الزوج قد هجر زوجته، وجعل موطنه أو محل اقامته أو محل عمله في الخارج، أو كان قد ابعد من الدولة.
الحالة الثالثة: اذا كانت الدعوى متعلقة بنفقة للابوين، أو الزوجة، أو القاصر، متى كان لهم موطن أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
الحالة الرابعة: اذا كانت الدعوى بشأن نسب صغير، له موطن أو محل اقامة في الدولة، أو كانت متعلقة بمسألة من مسائل الولاية على النفس أو المال، متى كان للقاصر أو المطلوب الحجر عليه، موطن أو محل اقامة في الدولة، أو كان بها آخر موطن أو محل اقامة أو محل عمل للغايب.
الحالة الخامسة: اذا كانت الدعوى متعلقة بمسألة من مسائل الاحوال الشخصية، وكان المدعي مواطناً، أو كان اجنبياً له موطن أو محل اقامة، أو محل عمل بالدولة، وذلك اذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل اقامة معروف في الخارج، أو كان القانون الوطني هو الواجب التطبيق في الدولة.
الحالة السادسة: اذا تعدد المدعى عليهم، وكان لأحدهم موطن أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة.
الحالة السابعة: اذا كان له موطن مختار في الدولة.
وهناك حالات اخرى نص عليها قانون الاجراءات المدنية، لم يشأ القانون تكرارها، مثل حالة ما اذا كانت الدعوى متعلقة بإرث لمواطن أو تركة فتحت فيها أو بأموال في الدولة.
وقد نص القانون على انه في الحالات التي ينعقد فيها الاختصاص لمحاكم الدولة طبقاً للمادة 6 من هذا القانون، يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي أو محل اقامته أو محل عمله، فإن تعذر ذلك، كان الاختصاص لمحكمة العاصمة وهي ابو ظبي.
المادة 8
حددت هذه المادة اختصاص المحكمة الابتدائية الدائرة الجزئية المشكلة من قاض فرد، في الفصل في جميع مسائل الاحوال الشخصية، وذلك لرغبة منه في سرعة الفصل في دعاوى الاحوال الشخصية، وان القاضي الفرد اقدر على ان يحاور الخصوم في الدعاوى المتعلقة بالزواج والطلاق، وما اليها.
كما حددت الفقرة الثانية منها، اختصاص قاضي التوثيقات لتوثيق الاشهادات التي تصدرها المحكمة، على ان يصدر وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف لائحة باجراءات الاشهادات وتوثيقها.
المادة 9
القاعدة العامة في قانون الاحوال الشخصية، ان الاختصاص لنظر الدعاوى يقع للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، أو محل اقامته أو محل عمله، وانه اذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن احدهم، أو محل اقامته، أو محل عمله.
لكن المشرع الاتحادي توسع توسعاً كبيراً بالنسبة لاختصاص المحكمة محلياً في الحالات الآتية:
الحالة الاولى: اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أو محل اقامة أو محل عمل المدعي أو المدعى عليه، أو مسكن الزوجية، لنظر الدعاوى المرفوعة من الاولاد أو الزوجة، أو الوالدين، أو الحاضنة:
أ- دعاوى النفقات والاجور، وما في حكمها.
ب- دعاوى الحضانة والرؤية، والمسائل المتعلقة بها.
ج- دعاوى المهر، والجهاز والهدايا وما في حكمها.
د- دعاوى التطليق والخلع، الابراء، والفسخ، والفرقة بين الزوجين بجميع انواعها.
الحالة الثانية: اختصاص المحكمة المحلي بمسائل الولاية:
أ- في مسائل الولاية بموطن أو محل اقامة الولي أو القاصر. وفي مسائل الوصاية بآخر موطن أو محل اقامة للمتوفي أو القاصر.
ب- في مسائل الحجر بموطن أو محل اقامة المطلوب الحجر عليه.
ج- في مسائل الغيبة بآخر موطن أو محل اقامة أو محل عمله للغائب.
وقد نص المشرع، على انه اذا لم يكن لأحد من المذكورين في الفقرات (أ، ب، ج) موطن أو محل اقامة في الدولة، يعقد الاختصاص للمحكمة الكائن في دائرتها موطن الطالب أو محل اقامته، أو المحكمة التي يوجد في دائرتها مال الشخص المطلوب حمايته.
وقد اوجب المشرع على المحكمة التي اصدرت حكمها بالحجر، أو امرت بسلب الولاية، أو وقفها، انه تحيل الدعوى على المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن أو محل اقامة القاصر، ليتعين من يشرف عليه ولياً كان أو وصياً، اذ يعتبر موطن أو محل اقامة القاصر، أو المحجور عليه، وذلك لأن المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن أو محل اقامة القاصر، اقدر على تعيين من يشرف عليه، ويراقبه.
وقد رأى المشرع ان يسند الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعي أو محل اقامته، أو محل عمله، اذا لم يكن للمدعى عليه موطن أو محل اقامة، أو محل عمل في الدولة، والا كان الاختصاص لمحكمة العاصمة وهي ابوظبي.
المادة 10
الاصل في الطلب القضائي، ان يكون عن طريق الدعوى بالاجراءات التي رسمها قانون الاجراءات المدنية، لكن المشرع رغبة منه في تقليل الاجراءات وسرعتها وسريتها في بعض مسائل الاحوال الشخصية، اجاز تقديمها بامر على عريضة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وذلك في الحالات الآتية:
الحالة الاولى: اذا كان القانون يوجب الحصول على اذن المحكمة أو موافقتها.
الحالة الثانية: اذا تطلب القانون رفع الامر الى القاضي.
الحالة الثالثة: تعيين القيم.
وقد نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على انه يجوز لكل ذي مصلحة، ان يتظلم من الامر خلال اسبوع من تاريخ اعلانه به، وقد اوجب القانون على المحكمة ان تصدر حكمها في التظلم بتأييده، أو تعديله، أو الغائه، ويكون هذا الحكم القضائي الصادر في التظلم قابلاً للطعن بطرق الطعن المقررة في قانون الاجراءات المدنية.
وقد استحدث المشرع حكماً جديداً في تعيين قيم، اذا اجاز للطالب ان يطلب تعيين قيم بامر على عريضة، ويجب على المحكمة ان تعلن النيابة والورثة المحتملين بذلك.
المادة 11
القاعدة الاجرائية في قانون الاجراءات المدنية، ان الاشكال الاول يوقف تنفيذ السندات التنفيذية، وحرصاً من المشرع الاتحادي في مسائل النفقة أو الحضانة على الاسرة، لم يرتب على الاشكال في تنفيذ الاحكام، أو القرارات المستعجلة والوقتية، أو المحاضر المحررة أو الموثقة، أو محاضر الصلح المصادق عليها المتعلقة بالنفقة أو الحضانة، أو استئنافها، وقف اجراءات التنفيذ ما لم تقرر المحكمة عكس ذلك.
اذ ان المحكوم عليه في مسائل النفقة أو الحضانة كان غالباً ما يستشكل في السندات التنفيذية نكاية بالزوجة أو الاولاد أو الحضانة أو الوالدين، مما يوقف تنفيذ هذه السندات التنفيذية، فرؤي عكس هذا الحكم ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.
المادة 12
استحدث القانون حكماً جديداً في دعاوى المطالبة بالحكم بفقد الشخص بأن توجه الخصومة مجتمعة الى:
1- الورثة المحتملين.
2- وكيله، أو عين وكيلاً عنه.
3- الى النيابة العامة.
وقد قصد بذلك الا يكون هناك تواطؤ من الورثة في رفع الدعاوى للمطالبة بالحكم بفقد مورثهم.
المادة 13
الاصل العام ان محكمة النقض اذا نقضت الحكم الطعين، تعين عليها ان تحيل الدعوى على المحكمة التي اصدرت الحكم الطعين لتفصل فيه.
لكن رأى المشرع في هذا القانون تعديل الاحكام الخاصة لتصدي محكمة النقض للموضوع، مراعاة لمسائل الاحوال الشخصية التي لا تحتمل التأخير في الفصل فيها، مثل النفقات أو الحضانة، أو دعاوى التطليق للضرر، وذلك اقتصاداً للاجراءات، وتعجيلاً للبت في النزاع.
فأوجب على المحكمة التصدي للفصل في الموضوع، سواء اكان نقض الحكم لمخالفته للشرع أو الخطأ في تفسيره أو تأويله، أو لمخالفة الثابت في الاوراق، أو بطلان في الحكم أو الاجراءات في الحكم، وسواء اكان النقض كلياً أو جزئياً.
لكن المشرع استثنى من تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع كلياً أو جزئياً حالتين، وجب عليها ان تقضي مع النقض الاحالة:
الحالة الاولى: اذا كان الحكم الطعين قد الغته المحكمة لبطلان يتصل باعلان صحيفة الدعوى، وجب على محكمة النقض الاحالة على محكمة اول درجة لنظرها بعد اعلان الخصوم، على ان يعتبر رفع الطعن في حكم الاعلان في الطلبات المعروضة في الدعوى.
الحالة الثانية:اذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون الذي قضى بعدم الاختصاص، أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى، أو بتأييد الحكم المستأنف في هاتين المسألتين، فإن المشرع اوجب على محكمة النقض الاحالة على المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه، أو على دائرة اخرى، أو المحكمة المختصة للفصل فيها مرة ثانية، مع التزام المحكمة المحال عليها بحكم النقض.
وقد اوجب القانون مع ذلك على محكمة النقض، ان تفصل في الموضوع، اذا كان الطعن للمرة الثانية في جميع الاحوال.
المادة 14
استحدث القانون احكاماً جديدة فيما يتعلق بالاعلان في قضايا الاحوال الشخصية، ومنها الاعلان بالوسائل الحديثة كالبراق، أو البريد الالكتروني، أو البريد المسجل، أو ما يقوم مقامها، كما اوجب على المحضر التحقق من شخصية المعلن اليه.
فقد نص المشرع على المعلن، ان يسلم الصورة الى شخص المدعى عليه أو المراد اعلانه في موطنه أو محل اقامته، أو محل عمله، أو الموطن المختار، أو اينما وجد، وقد اجاز القانون للمحكمة عند تعذر ذلك اعلان المدعى عليه أو الشخص المراد اعلانه، بالبراق، أو البريد الالكتروني، أو البريد المسجل بعلم الوصول، أو ما يقوم مقامها، وقد ترك القانون تقدير ذلك للمحكمة.
فإن لم يجد القائم بالاعلان شخص المطلوب في موطنه العام، أو محل اقامته، كان عليه ان يسلم صورة الاعلان، الى أي من الساكنين معه من زوج، أو اقارب، أو اصهار، واذا لم يجد المطلوب اعلانه في محل عمله، كان عليه ان يسلم الاعلان لرئيسه في العمل، أو لمن يقرر انه من القائمين على ادارته، شرط ان يكون مستلم الاعلان قد اتم الثامنة عشرة من عمره، وليس له أو من يمثله مصلحة ظاهرة تتعارض مع مصلحة المعلن اليه.
وقد استحدث القانون حكماً جديد في الاعلان، وذلك اذا لم يجد المعلن من يصح تسليم الصورة اليه، أو امتنع من وجده من المذكورين فيها عن التوقيع على الاصل بالتسليم، أو تم تسلم الصورة بعد التحقق من شخصه أو كان المكان مغلقاً، وجب عليه ان يسلمها في اليوم ذاته لمسئول مركز الشرطة، أو من يقوم مقامه، الذي تقع في دائرته موطن، أو محل اقامة، أو محل عمله المعلن اليه حسب الاحوال، وعليه خلال اربع وعشرين ساعة من تسليم الصورة لمركز الشرطة، ان يوجه الى المعلن اليه في موطنه، أو محل اقامته أو محل عمله أو موطنه المختار، كتاباً مسجلاً بالبريد يعلمه ان الصورة قد سلمت لمركز الشرطة.
لكن القانون اجاز للمحكمة استثناء من حكم الفقرة الثالثة من المادة 14 ان تامر بتعليق صورة من الاعلانات على لوحة الاعلانات، وعلى المكان الذي يقيم فيه المراد اعلانه أو على باب آخر مكان اقام فيه، أو بنشره في صحيفتين يوميتين تصدران في الدولة أو الخارج باللغة العربية أو اللغة الاجنبية حسب الاحوال، اذا اقتضى الامر ذلك.
وقد نص القانون في فقرته الخامسة من ذات المادة، على انه اذا تحققت المحكمة وتحرت انه ليس للمعلن اليه، موطن، أو محل اقامة، أو محل عمل، أو فاكس، أو بريد الكتروني، أو عنوان بريدي، فتعلنه بالنشر في صحيفتين يوميتين تصدران في الدولة أو خارجها باللغة العربية أو اللغة الاجنبية حسب الاحوال، ويعتبر تاريخ النشر تاريخاً لاجراء الاعلان.
كما استحدث حكماً بالنسبة للاشخاص الذين لهم موطن، أو اقامة أو محل عمل معلوم في الخارج، فأوجب تسليم صورة الاعلان الى وكيل وزارة العدل، لتعلن اليهم بالطرق الدبلوماسية، أو باعلانهم عن طريق البريد المسجل بعلم الوصول.
وقد اعتبر القانون ان الاعلان منتجاً لآثاره من وقت تبليغ الصورة، أو من تاريخ ارسال الفاكس أو البريد الالكتروني، أو من تاريخ وصول البريد المسجل بعلم الوصول أو من تاريخ النشر وفقاً لاحكام المادة 14 من هذا القانون.
المادة 15
نصت هذه المادة على قواعد اعلان الحكم القضائي، وسريان ميعاد الطعن، ومدته.
فقد اوجبت اعلان الحكم القضائي لشخص المحكوم عليه، أو في موطنه، أو محل عمله أو في محل اقامته، فإن تعذر يعلن بالطرق المقررة في المادة 14 من هذا القانون بناء على امر المحكمة التي اصدرت الحكم، وبعد طلب المحكوم له.
كما استحدث حكماً جديداً بالنسبة لميعاد الطعن بالاستئناف أو النقض، فنص على ان ميعاد الطعن يبدأ في الحكم من اليوم التالي لتاريخ صدوره اذا كان حضورياً، ومن تاريخ اليوم التالي لاعلان المحكوم عليه اذا كان بمثابة الحضوري.
كما حدد ميعاد الطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض، بثلاثين يوماً لكل منهما.
وكما اوجب المشرع على المحكوم له بالتطليق أو التفريق أو الفسخ، أو بطلان العقد، أو الحكم بموت المفقود، اعلان الحكم للمحكوم عليه، أو من صدر الحكم في مواجهته اذا كان بمثابة الحضوري حتى تسري المواعيد في شأن المحكوم عليه.
المادة 16
مراعاة للاسرة، وحفاظاً على تماسكها، وصيانة لاسرار البيوت، اوجب القانون عرض الدعاوى في مسائل الاحوال الشخصية على لجنة التوجيه الاسري، وقد نص على عدم قبول الدعوى الا بعد عرضها على اللجنة.
واستثنت هذه المادة في فقرتها الاولى مسائل الوصية أو الارث وما في حكمهما، والدعاوى المستعجلة والوقتية، والاوامر المستعجلة والوقتية في النفقة والحضانة والوصاية، والدعاوى التي لا يتصور بشأنها الصلح كدعاوى اثبات الزواج والطلاق، فلم تخضعها للمبدأ العام المقرر فيها والخاص بالتوجيه الاسري.
وحدد القانون ما ينبغي على لجنة التوجيه الاسري فعله من اثبات الصلح ان تم بين الخصوم، في محضر، وتوقيعه من الخصوم، وعضو اللجنة المختص، واعتماده من القاضي المختص.
ومنح لهذا المحضر قوة السند التنفيذي، ولم يجز الطعن فيه الا اذا خالف احكام هذا القانون.
واختتمت المادة احكامها بوجوب اصدار لائحة تنفيذية منظمة لعمل لجان التوجيه الاسري.
الكتاب الاول
الزواج
الباب الاول
الخطبة
المادة 17
بدأ القانون بتعريف للخطبة – بكسر الخاء – بأنها طلب التزوج والوعد به فهي اذا تمهيد لعقد الزواج، ذلك العقد الخطير الاثر، الطويل الامد.
والخطبة وقراءة الفاتحة، وتبادل الهدايا، ليست الا تمهيداً للزواج، ولا تلزم به حتى ولو اقترنت بدفع المهر أو جزء منه، الامر الذي يجعل من حق كل من الخاطبين العدول عن الخطبة، وسيأتي في المادة 18 بيان ما يترتب على العدول عنها ان حصل ذلك.
ولما كانت الخطبة وسيلة لغاية هي الزواج، فقد ابيحت خطبة المرأة الصالحة لأن تكون زوجة في الحال، اما اذا كانت الغاية – أي الزواج – ممنوعة لسبب ما، فأن الوسيلة – أي الخطبة – تكون ممنوعة ايضاً أي محرمة وغير جائزة، فالمراد بالمنع اذا ما يشمل الحظر الشرعي الذي يعم الحرمة وكراهة التحريم، وكلاهما يوجب الاثم والمسؤولية امام الله، ولذا نصت المادة هذه على:
أ- منع خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤبدة بسبب من اسباب التحريم على التأييد الواردة في المواد 42 – 46 من هذا القانون.
ب- منع خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤقتة بسبب من اسباب التحريم الواردة في المادة 47 من هذا القانون، ما دام سبب التحريم قائماً، وتزول حرمة الخطبة بزوال سبب تحريم الزواج من تلك المرأة.
ويشمل ذلك منع خطبة المرأة المخطوبة للغير ما دامت الخطبة قائمة بينهما، وذلك لورود النهي عنه بصريح الاحاديث الصحيحة، ومنها ما اخرجه الشيخان من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يخطب الرجل على خطبة اخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)) رواه البخاري.
والحكمة ظاهرة في ذلك؛ لما ينشأ عن الخطبة في هذه الحالة من العداوة والبغضاء بين الخاطبين.
وقد اتفق الفقهاء على التأثيم الديني، في الزواج من مخطوبة الغير، ولكن هل يعتبر عقد الزواج على مخطوبة الغير صحيحاً اذا استوفى اركانه وشروطه ام لا؟
قال بالأول: جمهور الفقهاء، والاثم الديني لا اثر له في صحة العقد.
وفي فقه المالكية ثلاثة اقوال في هذه المسألة:
1- فسخ العقد مطلقاً سواء تم الدخول ام لم يتم.
2- عدم الفسخ مطلقاً، بنى بها ام لا.
3- الفسخ ان لم يبن بها، لا إن بنى بها، وهو القول المشهور عندهم.
والفسخ هنا، هل هو على سبيل الوجوب؟ بمعنى انه اذا رفعت الحادثة لحاكم وثبت عنده العقد بعد الركون ببينة أو اقرار وجب عليه فسخه، ام على سبيل الاستحباب؟؛ اكثر فقهاء المالكية على ان الفسخ على سبيل الاستحباب.
وهذا كله ما لم يحكم الحاكم بصحة العقد، وعند عدم مسامحة الخاطب الاول فإن سامحه، أو حكم حاكم بصحة العقد فلا فسخ مطلقاً.
والتقيّد بكون الخطبة قائمة بينهما، يعني انها قد وافقت على خطبتها من الرجل السابق، اما اذا رفضت خطبة الخاطب الاول، فيجوز بالاجماع خطبتها من قبل خاطب آخر.
واذا ترددت بين القبول والرفض؛ بأن لم ترد على الخاطب الاول باجابة أو رد أو بعبارة اخرى: لم تركن الى الخاطب الاول، فالاكثرون من الفقهاء على جواز الخطبة الثانية؛ قال الطحاوي: "ومن خطب امرأة فلم تركن الى خطبته اياها لم يكن على غيره بأس في خطبتها، وانما يكره له خطبتها بعد خطبة غيره اياها اذا كانت ركنت الى الخاطب الاول"، ومعلوم ان الكراهة متى اطلقت انصرفت الى كراهة التحريم وهي الى الحرمة اقرب.
واستدلوا لذلك بفعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عند ما خطب فاطمة بنت قيس رضي الله عنها لأسامة بن زيد رضي الله عنهما مع اخبارها اياه بخطبة معاوية وابي جهم رضي الله عنهما لها (رواه مسلم).
وذهب بعض الفقهاء الى عدم تجويز خطبتها للثاني في هذه الحالة، وهو قول عند الشافعية.
وكما تحرم خطبة الرجل على خطبة اخيه، تحرم ايضاً خطبة المرأة على خطبة المرأة؛ لاتحاد العلة بالمضارة والايذاء، فاذا تقدمت امرأة الى خطبة رجل فخطبته لا يجوز لامرأة اخرى ان تتقدم اليه ايضاً فتخطبه، هذا اذا ابدى الرجل رغبته في الاولى، وفي انه لا يرغب الا في زوجة واحدة.
بقي ما اذا اذن الخاطب الاول للخاطب الثاني في خطبة تلك المرأة المخطوبة له، فهل يجوز لغير المأذون له ان يتقدم لخطبتها؟
قال الفقهاء: يجوز للغير ان يتقدم لخطبتها ايضاً؛ اذ ان الاول قد اسقط حقه.
وقد اتفق الفقهاء على جواز خطبة معتدة الوفاة تعريضاً لا تصريحاً؛ لقوله تعالى: ﴿ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء﴾ (سورة البقرة: من الآية 235).
وظاهر من الآية، انها للمتوفي عنها زوجها، اذ انها جاءت عقب قوله تعالى: ﴿والذين يتوقون منكم ويذرون ازواجاً..﴾ (سورة البقرة: من الآية: 234).
والفرق بين التصريح والتعريض، ان التصريح ان يذكر لفظ يدل على ارادة الخطبة من غير احتمال لسواها، اما التعريض فهو ذكر الفاظ تحتمل الخطبة وغيرها كقول الخاطب: اني اتمنى ان اوفق بزوجة صالحة، أو قول ولي الفتاة المعتدة من وفاة، لشاب ما: انت حريّ ان تزوج لو خطبت، ومثلك يرغب فيه.
واجاز الامام الشافعي كذلك التعريض بخطبة المعتدة من طلاق بائن بينونة كبرى ومنع التصريح بخطبتها موافقاً الجمهور.
اما معتدة الطلاق البائن بينونة صغرى فالتعريض بخطبتها لغير زوجها السابق غير جائز لدى جمهور الفقهاء.
واختلفت الرواية لدى الشافعية في جواز التعريض دون التصريح.
هذا وقد روعي في صياغة هذه المادة الحرص على استقرار الاسرة مع دفع الاذى والمضارة فجاءت موجزة جامعة وفق ما ذهب اليه جمهور الفقهاء من تأثيم خطبة المخطوبة شرعاً وجواز التعريض بخطبة معتدة الوفاة.
المادة 18
قررت هذه المادة بفقرتها الاولى، انه يحق لكل من الخاطبين، العدول عن الخطبة، وهذا يفيد ان الخطبة ليس عقداً، حتى لو تم التفاهم بين الرجل والمرأة على الزواج، والبسها الخاتم، أو قرئت الفاتحة، وما الى ذلك، فإنه لا يعتبر شيء من ذلك كله عقداً للزواج يبيح لهما ان يختلطا اختلاط الازواج، ولكل منهما العدول عن الخطبة، وعن الزواج من اصله، لأن الامر لا يعدو ان يكون وعداً بالزواج.
واذا لم يكن في الخطبة قوة الالزام لأحد الطرفين ولا لكليهما، فلكل منهما ان يرجع عنها، وان رجع فهو مستعمل لخالص حقه، ومن المصلحة ان يكون لكل من الطرفين قبل ابرام العقد بصورته الشرعية، الحرية التامة؛ لانه عقد الحياة، فمن المصلحة التروي والنظر فيه من جميع الوجوه، حتى اذا انجز بالايجاب والقبول الشرعيين، كان برضاء خالص صحيح كامل، لم تشبه شائبة.
كما نصت هذه الفقرة على انه اذا ترتب على العدول عن الخطبة ضرر – وهذا يشمل الضرر المادي والمعنوي – تحمّل المتسبب فيه تعسفاً التعويض عنه، والاصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه مالك في الموطأ.
وقد تتعرض المخطوبة لبعض الشائعات بسبب العدول، وقد تنفق المخطوبة واهلها نفقات تقتضيها الاعراف والعادات، مما يتوجب معه في حالة العدول عن الخطبة ازالة هذا الضرر ممن تسبب به، وكذا الحال فيما اذا عدلت المخطوبة عن الخطبة واصاب الخاطب ضرر معنوي أو مادي.
وممن ذهب الى القول بالتعويض من متأخري الفقهاء الشيخ محمود شلتوت رحمه الله.
ومن المبادئ المسلّم بها اليوم مبدأ (اساءة استعمال الحق)، وقد سبق فقهاء الاسلام في تقرير هذه النظرية سبقاً كبيراً، وقررها فقهاء الحنفية في كثير من فروع الفقه، وخاصة في مسائل الولاية على القاصر والوكالة واحياء الموات، وحقوق العلو، والجوار، وقال بها الامام مالك في مسائل كثيرة منشورة في فقهه مبنية كلها على مبدأ التسبب في الضرر.
فللقاضي، تقرير التعويض عن العدول، بشرط التحقق من حصول الضرر المادي، أو المعنوي، والتحقق ايضاً عمن كان السبب في حصوله.
وقررت الفقرة الثانية من هذه المادة ان ما يقدمه الخاطب على سبيل المهر، له الحق في استرداده حال العدول عن الخطبة، عينه – إن كان قائماً – وبدله مثلاً أو قيمته يوم القبض – إن كان هالكاً أو مستهلكاً -؛ لأن المرأة لاحق لها في المهر، الا اذا تم عقد الزواج بايجاب وقبول شرعيين، باتفاق الفقهاء، وفقاً لما سيأتي في هذا القانون.
وقررت الفقرة الثالثة من هذه المادة انه اذا اشترت المرأة بالمهر جهازاً أو ببعض المهر ثم عدل الخاطب، كان لها الخيار بين رد المهر نقداً، أو تسليم ما يساويه من الجهاز وقت الشراء، وهذا ما تقتضيه مبادئ عدالة الاسلام، وعليه جرى عرف الناس.
ولأن شراء المخطوبة الجهاز بالمهر أو بقسم منه، إنما وقع بتسليط من الخاطب، فإذا عدل عن الخطبة كان عليه احتمال الضرر الذي قد ينشأ عن عدوله.
والضرر هنا، هو الفرق بين قيمة تلك الاشياء المشتراة بحالتها الحاضرة لو اريد بيعها، وبين السعر الذي اشتريت به فعلاً، اما اذا كان العدول من جانبها فعليها رد المهر عينه أو بدله.
وقررت الفقرة الرابعة من هذه المادة ان ما جرى العرف باعتباره من المهر يجري عليه حكم المهر في جميع الاحوال؛ حالة العدول عن الخطبة، وحالة ما بعد العقد وبعد الدخول أو الخلوة، ومثله البارز: الهدية المعروفة باسم "الذهبة" في عرف الامارات، أو "الشبكة" في عرف مصر، أو "البيان" في عرف ليبيا؛ فالذهبة أو الشبكة أو البيان في عصرنا الحاضر من اهم وادل ما تتناوله مفاوضات الزواج، وقد تكون بالنسبة لقيمتها هي المهر الحقيقي أو تمثل جانباً كبيراً منه.
قال الزرقاني في شرح مختصر خليل: (اما ما يهدى عرقاً في العقد أو قبله فكالصداق، واما ما يشترط اهداؤه فيتفق على القضاء به).
وقررت الفقرة الخامسة من هذه المادة أن من عدل عن الخطبة يرد هدية الآخر بعينها إن كانت قائمة، ويرد مثلها إن كانت من المثليات – لو هلكت أو استهلكت – كما يرد قيمتها يوم القبض إن كانت من القيميات.
وذهب المالكية الى انه للخاطب ان يرجع عليها، بما اهداه اليها، اذا كان المانع من قبلها؛ لأن الذي اعطى لأجله لم يتم، فإن كان المانع منه فلا رجوع له.
وذلك كله مالم يوجد عرف يقضي بغير ذلك، اذ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
وكذلك اختار الرافعي من الشافعية انه إن كان العدول من المخطوبة أو اوليائها، رجع الخاطب بما اهداه لها؛ لأنه لم يهد الا بناء على ان يتزوجها، فإن كان العدول منه فلا رجوع له.
وذهب الحنابلة – وهو اختيار ابن تيمية الى ان الهدية لو كانت قبل العقد، وقد وعدوه بالزواج، ولم يفوا فزوجوا غيره رجع بالهدية.
على ان هذه الفقرة اثبتت حق الطرف الآخر في استرداد ما اهداه؛ اذ العدول لم يكن بسبب منه، وكان من الطرف الآخر بغير مقتض لذلك.
وقررت الفقرة السادسة من هذه المادة ان العدول عن الخطبة من احد الطرفين لو كان بمقتضى ففي هذه الحالة يسترد ما اهداه عيناً أو بدلاً، وذلك كله مالم يوجد عرف يقضي بغير ذلك، اذ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً – كما ذكرنا آنفاً – وليس للطرف الآخر المتسبب في العدول ان يسترد ما اهداه؛ لأن الخطبة عدل عنها بسبب منه.
وقررت الفقرة السابعة من هذه المادة ان العدول عن الخطبة ان كان الطرفين فلكل منهما حق استرداد الهدايا.
وقررت الفقرة الثامنة من هذه المادة انه اذا انتهت الخطبة بالوفاة أو بسبب لا يد لأحد الطرفين فيه، أو بعارض حال دون الزواج، فلا يسترد شيء من الهدايا؛ لأن عدم اتمام الزواج بسبب الوفاة مثلاً، أو الجنون، أو الوقوع في الاسر، وما الى ذلك؛ مما ليس لأحد الطرفين يد فيه. ومصدر هذا الحكم فقه الامام احمد.
قال ابن تيمية" إن اتفقوا – أي الخاطب والمرأة ووليها – على النكاح، من غير ان يتم العقد، فأعطى – أي الخاطب – اياها لأجل ذلك شيئاً من غير الصداق فماتت قبل العقد، ليس له استرجاع ما اعطاهم.
وقد علل البهوتي هذا الحكم بأن عدم التمام ليس من جهتهم، وعلى قياس ذلك لو مات الخاطب فلا رجوع لورثته على المخطوبة أو اوليائها بشيء.
الباب الثاني
الاحكام العامة للزواج
المادة 19
استلهم القانون في تعريف الزواج ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: ﴿ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾ (سورة الروم: من الآية 52)، وقوله تعالى: ﴿والله جعل لكم من انفسكم ازواجاً وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة﴾ (سورة النحل: من الآية 72).
وراعى ما اشارت اليه الآية الكريمة ﴿وللرجال عليهن درجة﴾ (سورة البقرة: من الآية 228) أي درجة القوامة والرعاية بعد قوله تعالى ﴿ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف﴾ (سورة البقرة: من الآية 228).
كما استهدف الاشارة الى ما ورد في السنة النبوية من ان الزواج سبيل الاعفاف والاحصان وتكاثر الامة، ولأن الغاية من الزواج ليست مقصورة على استحلال المتعة الجنسية، الملحوظة ايضاً من قبل الشارع الحكيم في تشريع الزواج، اذ اناط الله به مهمة اساسية في هذه الحياة، لاستدامة النوع على اساس الاسرة المستقرة التي هي الخلية الاجتماعية الاولى، وتأسيس الحياة فيها على السكينة والمودة والتراحم.
وقد نصت المادة على قيد "يحل شرعاً" لدفع يتوهم من اضفاء وصف الزواج على غير ذلك.
وعقد الزواج عقد لا بد فيه من الرضا التام الذي يدل عليه الايجاب والقبول، والعلنية تفريقاً بينه وبين الاتفاق على الخطيئة التي تتم في الخفاء، مقصود به الاستمرار، ولذا لم يصح فيه التوقيت، والقيام به عمل يتقرب به المسلم من ربه، ويحتفى به عادة احتفاء خاصاً لا يوجد في العقود الاخرى.
ويبدأ عقده بخطبة – بضم الخاء – مسنونة، تتضمن شكراً لله على ما انعم به على الزوجين من التوفيق لحياة زوجية فاضلة، وتذكّر الزوجين بمسؤوليتهما المباشرة امام الله تعالى، وان على كل منهما ان يراقب الله سبحانه في تصرفاته مع الآخر، وانه عماد الاسرة الثابتة التي تلتقي فيها الحقوق والواجبات بتقديس ديني، يشعر الشخص معه بأن الزواج رابطة مقدسة تعلوا بها انسانيته، فهو علاقة روحية نفسية تليق برقي الانسان، وتسمو به عن درجة الحيوانية التي تكون فيها العلاقة بين الانثى والذكر هي الغريزة البهيمية فقط.
والزواج في الحالة العادية للانسان القادر على اعبائه المادية والمعنوية، ولا يخشى على نفسه الوقوع في الحرام اذا لم يتزوج، مسنون يحسن فعله ولا يأثم بتركه، وقد يكون الزواج في حق البعض واجباً، وقد يكون في حق البعض الآخر مكروهاً أو حراماً.
وقال الظاهرية: انه فرض في الاحوال العادية للمكلف القادر على اعبائه.
وقال الشافعية: إنه مباح في الاحوال العادية.
ولقد روعي في نص هذه المادة الاشارة الى دور الزوجة في مشاركة زوجها، حمل اعباء الاسرة بمودة ورحمة؛ اذ ان الحديث النبوي الشريف قد جعلها راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.
فللمرأة دورها في بناء الاسرة وهي متكاملة مع زوجها في حمل اعبائها، وفي هذا تكريم لها وتنويه بمكانتها، في ذلك المحضن للانسانية الغضة.
المادة 20
الاصل في العقود، ان يباشرها المتعاقدان لتحقيق مصلحة لهما؛ إما نوعية وهي: ما يترتب عادة على العقود من نوع واحد، كملك المبيع في عقد البيع، وملك المنفعة في عقد الاجارة.
وإما شخصية وهي: ما تتطلبها المصلحة الشخصية للعاقد، وتيسير المنافع العائدة له.
وقد اختلفت الاجتهادات الفقهية في مدى حرية المتعاقدين في اشتراط تلك الشروط الخاصة أو الشخصية، فوقف الحنفية والشافعية وجمهور المالكية موقف التضييق؛ عملاً بالحديث الشريف: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)) رواه البخاري.
وفتح الحنابلة ومعهم بعض فقهاء المذاهب الاخرى، المجال واسعاً امام المتعاقدين، لاشتراط ما يشاؤون ضمن النظام العام للشريعة؛ عملاً بالحديث الشريف ايضاً: (( المسلمون عند شروطهم، الا شرطاً احلّ حراماً أو حرّم حلالاً)) رواه الترمذي.
وكل مذهب من المذاهب الفقهية يسير في المشارطات في عقد الزواج، وفق مبادئه العامة في الاشتراط في العقود، مع شيء من التفصيل.
وقد ازدادت في هذا العصر حاجة الناس الى المشارطة في عقد الزواج وفق مبادئه العامة في الاشتراط في العقود، مع شيء من التفصيل.
وقد ازدادت في هذا العصر حاجة الناس إلى المشارطة في عقد الزواج؛ نتيجة لاتساع مجال الحرية الفردية، ورغبة كل انسان في حماية نفسه ومصالحه، وتأمين حياته وفقاً لظروفه الخاصة، وكثيراً ما يقترن الزواج بعهود ووعود من الزوجين أو من يمثلهما؛ لولاها ما اقدم احدهما على الزواج ثم لا توفى العهود ولا تنجز الوعود فينشأ الشقاق وتسوء العشرة، وقد كثرت الحوادث التي يسيء فيها احد الزوجين معاملة الآخر.
وقد لوحظ في صياغة هذه المادة ما في مذهب الامام احمد بن حنبل رضي الله عنه، من رحابة صدر بقبول المشارطات في عقد الزواج، ضمن قواعد توائم بين المصلحة العامة وبين المصلحة الخاصة، ولا تنافي نظام العقد ولا مقتضاه، ولم يجمع على تحرمها، ولا على فسادها في المذاهب الفقهية الاخرى، فأخذ عنها القانون احكام الشروط، تيسيراً للحياة الزوجية الهادئة.
وقد جاءت الفقرة الاولى من هذه المادة بمبدأ عام: هو ان الازواج – مما يشمل الرجل والمرأة – عند شروطهم، أي ملزمون بالوفاء بها، الا شرطاً حرّم حلالاً أو احلّ حراماً؛ كما لو اشترط احدهما على الآخر ان يقوم بارتكاب جريمة أو عمل محرّم شرعاً، أو مخالف لمبدأ ديني؛ فهذا الشرط لغو وباطل ولا يبطل به العقد، كما لو شرطت عليه ان يقتل انساناً، أو يشرب الخمر، أو يكون اولادهما تبعاً في الدين لأمهم الكتابية، أو ان تتكسب هي من عمل غير مشروع.
ونصت الفقرة الثانية من المادة نفسها على ان الشرط الذي ينافي اصل العقد يبطل به العقد وذلك مثل: ان يتزوجها الى مدة معلومة أو مجهولة، أو على ان يطلّقها في وقت معلوم أو مجهول، أو على شرط ان لا يقربها، أو اذا جاء رأس السنة، أو اذا رضيت امها، أو اذا رضي فلان.
ونصت الفقرة الثالثة من المادة نفسها على ان الشرط الذي لا ينافي اصل العقد ولكن ينافي غاية الزواج أو مقاصده أو يكون مجمعاً على تحريمه يكون باطلاً مع بقاء العقد صحيحاً، مثل: ان يشترط احدهما الخيار في الزواج، ابداً أو مدة ولو مجهولة، أو يشترط الزوج عدم المهر أو النفقة، أو تشترط الزوجة الا يسافر معها اذا ارادت الانتقال، أو يسكن بها حيث يشاء ابوها، أو يشاء غيره من قريب أو اجنبي، أو يشترط احدهما عدم ميراث الآخر منه، أو شرط اتخاذ التدابير المانعة للحمل؛ فهذه شروط باطلة؛ لأنها تنافي مقتضى العقد وتتضمن اسقاط حقوق تجب بالعقد فلم تصح، اما العقد فيصح؛ لأن هذه الشروط تعود الى معنى زائد في العقد لا ينافي اصله.
ومن امثلة المحرم: اشتراط عدم ولاية الاب على اولاده، أو عدم ثبوت نسبهم منه، أو تبعيتهم في الدين لغير المسلم من الابوين، أو اشتراط احدهما على الآخر الاستمرار في عمل غير مشروع.
ونصت الفقرة الرابعة من المادة نفسها على ان الشروط الاخرى التي لا ينافي اصل العقد ولا مقتضاه ولا غايته ولا مقاصده، وليس فيها ما يحل حراماً أو يحرّم حلالاً يكون صحيحاً ويجب الوفاء به، ولصاحبه حق الفسخ اذا اخل به المشروط عليه، وذلك مثل: ان يشترط الزوج على الزوجة ان تسافر معه الى بلده، أو تشترط الزوجة على الزوج ان لا يخرجها من دارها، أو من بلدها، أو عدم اسكانها في محلة معينة، ونحو ذلك من الشروط التي فيها منفعة مقصودة لاحدهما ولا تنافي غاية الزواج ومقاصده.
ونصت الفقرة الخامسة من المادة نفسها على التسوية بين الزوج والزوجة في حق الفسخ عند فوات الصفة التي اشترطت بالعقد، أي صفة كانت، مثل: ان تكون الزوجة شابة أو الزوج طبيباً، اخذا بما يقتضيه مذهب احمد وقواعده وما قرره القاضي ابو يعلى، واختاره ابن تيمية وتلميذه ابن القيّم.
وقطعاً للمنازعات أو الكذب في ادعاء شيء من هذه الشروط أو اثباتها، جاءت الفقرة السادسة من هذه المادة صريحة في انه لا يعتد عند الانكار بأي شرط الا اذا نص عليه كتابة في عقد الزواج؛ فلا عبرة اذا ًلما يجري الحديث حوله اثناء الخطبة مما لم يرد عليه نص في العقد، ولا لما يبذله احد الزوجين للآخر من وعود بعد انبرام عقد الزواج، وإن كان الوفاء بالوعد امراً تحض عليه الاخلاق الفاضلة، وتامر به الشريعة.
ومستند ذلك ما في مذهب الامام احمد بن حنبل الذي اقتبست منه احكام هذه المادة من انه لا اعتبار لشيء من ذلك ولو رضي به الآخر.
وقد روعي في هذه المادة ما يقضي به التطور الاجتماعي والزمني، وتتحقق به المصلحة، ضمن نطاق الشريعة الغراء التي امرت بالوفاء بالعقود والعهود، وما ورد في السنة الصحيحة من ان احق الشروط بالوفاء ما تعلّق بالنكاح وذلك فيما ورد في الصحيحين من قول الرسوم الكريم صلى الله عليه وسلم: ((إن أحقّ الشروط ان توفوا به ما استحللتم به النساء)).
وما ورد من قضاء الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيمن شرط لها زوجها دارها؛ بمنعه من اخراجها وفقاً لما شرطه على نفسه، قائلاً له عندما ناقشه ذلك الرجل: (مقاطع الحقوق عند الشروط، ولك ما اشترطت).
وفي زاد المعاد لابن القيّم: أن الذي يقتضيه مذهب احمد وقواعده، انه لا فرق بين اشتراطه واشتراطها، بل اثبات الخيار لها اذا فات ما اشترطته اولى؛ لأنها لا تتمكن من المفارقة بالطلاق، فاذا جاز له الفسخ مع تمكنه من الفراق بغيره، فلأن يجوز لها الفسخ مع عدم تمكنها اولى، وقد اختار ذلك ابن تيمية، واخذه عن القاضي ابي يعلى وغيره.
ونصت الفقرة السابعة من المادة نفسها على سقوط حق الفسخ باسقاط صاحبه أو رضائه بالمخالفة صراحة أو ضمناً؛ لأن حق الفسخ إنما اثبت حفظاً لحقوقه وحماية له من الاخلال بما تعاقد عليه؛ فإذا اسقطه أو رضي بالمخالفة فقد تنازل عن المطالبة به، واعتبرت الفقرة مرور سنة على المخالفة مع العلم بها رضاً ضمنياً بالمخالفة، واما سقوط حق الفسخ بالطلاق البائن فظاهر؛ اذ لا فائدة في بقاء هذا الحق مع زوال ما تعلق به.
المادة 21
الكفاءة في اللغة المساواة، والكفء النظير، ومنه قوله تعال: ﴿ولم يكن له كفؤاً احد﴾ (سورة الاخلاص: الآية: 4)، وفي الحديث: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم وهم يد على من سواهم)) اخرجه البيهقي.
وفي اصطلاح الفقهاء: هي المساواة بين الزوجين في امور مادية واجتماعية بحيث تتحقق السعادة الزوجية بينهما.
ويراد بالكفاءة في الزواج، ان لا يكون الزوج دون الزوجة بحيث تتعيّر به هي أو اولياؤها.
وتحديد عناصر الكفاءة مما يختلف باختلاف الامكنة والازمنة، ولكل عصر مقاييس للتكافؤ بين الزوجين، أو بين الزوج وعائلة الزوجة، قد تختلف قليلاً أو كثيراً من عصر الى عصر.
ومن المقرر ان كفاءة الرجل بالنسبة للمرأة انما ينظر اليها وقت العقد، فلا يؤثر زوالها بعده، لما في اعتبارها على سبيل البقاء من الحرج، ولا سيما بعد الدخول والولادة.
والكفاءة حق لكل من المرأة والولي كما سيأتي في الفقرة الاولى من المادة 23 من هذا القانون، وبناء عليه فلكل منهما ان يطلب فسخ العقد اذا تبين انتفاؤها حين ابرامه؛ لأن المقصود بحق طلب الفسخ لعدم الكفاءة هو حماية سمعة الاسرة، واذا اسقط احدهما حقه لم يؤثر ذلك في حق الآخر.
ونظراً الى ان التفاوت الفاحش في السن بين الزوجين كان موضع استهجان قديماً وحديثاً، بحيث لا تقوم به حياة زوجية سوية – في الاغلب الاعم -، ويقصد به غالباً تحقق رغبة احد الطرفين في الاستفادة بمال الطرف الآخر أو جاهه، وحدا ذلك بالامام الروياني من فقهاء الشافعية الى الذهاب الى القول بأن المسن ليس كفؤًا للشابة.
وحذر فقهاء الحنابلة من هذا الزواج؛ لأنه ربما حمل الفتاة على فعل ما لا ينبغي.
وينصح الحنفية الآباء بعدم تزويج بناتهم الشابات للكبار في السن.
واعتبار الضعف في العمر جدير بالاخذ به؛ اذ ينشأ عنه غالبًا بونًا شاسعًا في التفكير والرغبة والقدرة على الحياة الزوجية، وتحقيق رغبات الآخر.
وبناء على ما سبق فقد قرر القانون عدم اجراء عقود مثل هذه الزيجات بين من تتفاوت اعمارهم بنسبة الضعف أو اكثر الا بعد علم كلا الطرفين بواقع الآخر وموافقته على ذلك، وبعد اخذ إذن من القاضي حيث يقدر المصلحة في ذلك الزواج من عدمه، وجعل له القانون حق عدم الاذن ان لم ير مصلحة ظاهرة في ذلك.
المادة 22
نصت المادة على اعتبار الدين في الكفاءة وعرف البلد في غير الدين، وفي تصريح المادة بعنصر الدين – مع ان للدين اعتباراً في الكفاءة في عرف الناس.
ابراز لهذا العنصر في الكفاءة بصورة واضحة؛ فإن اول ما تعتبر فيه الكفاءة هو صلاح الرجل في دينه، ويكفي فيه ظاهر العدالة، فلا تتزوج عفيفة بفاجر مستهتر.
وفيما عدا الدين يرجع الى العرف الذي يحدد ما تتعير به الزوجة واولياؤها وهذا يختلف باختلاف انظار الناس زمانًا ومكانًا.
واعتبار الدين وحده هو رأي جمع كبير من الصحابة والتابعين والمجتهدين منهم عمر، وابن مسعود، وعمر بن عبدالعزيز، وايدهم البخاري رحمه الله في صحيحه.
وتحكيم العرف في مناط الكفاءة واضح في اتجاهات الفقهاء.
قال الكمال بن الهمام: (إن تفصيل ما تعتبر فيه الكفاءة ينظر فيه الى عرف الناس فيما يحفرونه، ويتعيرون به).
وجاء في المغني لابن قدامة: اذا اطلقت الكفاءة وجب حملها على المتعارف.
وقد اخذ القانون بمذهب الجمهور في عناصر الكفاءة.
المادة 23
ما دامت الكفاءة حقًا لكل من المرأة ووليها الكامل الاهلية؛ فإذا اسقط احدهما حقه لم يؤثر ذلك في حق الآخر.
وعدم الاقرب كما ورد في الفقرة 2 من هذه المادة يراد به ما يشمل عدم وجوده اصلاً، أو غيابه بحيث لا تمكن مشاورته.
وحق الاعتراض على عدم الكفاءة يثبت للولي ولو جاوزت المرأة سن الرشد؛ لأن المقصود به حماية سمعة الاسرة، لا حماية الحقوق المالية للمرأة.
وقد اخذ القانون بمذهب المالكية والشافعية في ان حق الكفاءة للولي الاقرب.
المادة 24
اخذ القانون بما اتفق عليه الفقهاء من انه لو اخبر الزوج الزوجة أو وليها بكفاءته، أو نسب نفسه الى غير نسبه الحقيقي، أو قال انه يشغل وظيفة كذا، ثم تبين كذبه كان لكل من الزوجة ووليها حق الفسخ ورفع الامر الى القضاء.
فلو رضيت الزوجة به؛ لم يسقط حق الولي في ذلك، وكان له حق طلب الفسخ والتفريق، ولو رضي به ولم ترض الزوجة؛ لم يسقط حقها وكان لها حق الفسخ؛ لأن حق الكفاءة – كما قدمنا – يثبت لكل من المرأة والولي على حدة، فاذا اسقط احدهما حقه لم يسقط حق الآخر باسقاطه.
والمشهور عند المالكية انه تم العقد ولم يكن الزوج كفؤًا للزوجة؛ كان العقد صحيحًا، وثبت للمرأة أو لوليها حق الاعتراض عليه وطلب فسخه.
المادة 25
اخذ القانون برأي الحنفية بسقوط طلب الفسخ بالرضا وبحمل الزوجة واضاف الى ذلك انقضاء سنة بعد العلم بالزواج بما يدل على الرضا.
وبما ان الزوجة اذا حملت اصبح في فسخ النكاح لنقص الكفاءة ضرر سيلحق بالوليد اثره، مما يجعل الابقاء على الزواج خيرًا من فسخه.
والحق بهما حالة سبق الرضا ممن له طلب الفسخ؛ لأن من رضي فقد اسقط حقه، والساقط لا يعود. وهو مما لا خلاف فيه عند اهل العلم.
المادة 26
ارتفاعًا بمكانة الزواج عن المساومات المالية؛ لم تعط هذه المادة الولي حق الاعتراض على نقص المهر اذا كان الزوج كفؤًا للمرأة، وهذا هو قول صاحبي ابي حنيفة ومالك والشافعي والحنابلة.
المادة 27
لما كان عقد الزواج عقدًا عظيم الخطر، بالغ الاثر، تتعلق به حرمات، وتنشأ عنه تبعات، وتترتب عليه آثار هامة مادية ومعنوية؛ فإنه يجب الاحتياط في اثباته أو في تثبيته وتسجيله، ولا بد من قواعد ونصوص تحمل الناس على الدقة والنظام في هذا الامر الخطير.
لذلك بدأت هذه المادة في فقرتها الاولى ببيان القاعدة التي هي الاصل، واخذت بعين الاعتبار ما هو قائم بحكم الواقع.
فقررت انه يجوز اثبات وقائع الزواج التي تمت لم توثق بالتصادق على قيام الزوجية مع توافر الشروط المطلوبة لصحة الزواج وانتفاء الموانع.
واذ ورد التوجيه في القرآن الكريم على توثيق المداينات بين الناس بالكتابة، وان يكتب بينهم كاتب بالعدل في قوله تعالى: ﴿يا ايها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل﴾ (سورة البقرة: من الآية 282)؛ فإن توثيق عقد الزواج بحجة رسمية واسناد كتابية يكون من باب اولى.
وتفادياً لما قد ينشأ من خلافات أو ينتج من امراض بسبب الجينات الوراثية أو يكتشف من انواع الامراض المعدية أو الخطيرة أو المانعة من استقرار الحياة الزوجية، أو العوامل المسببة لامراض وعلل في الاجيال القادمة، والتي يجوز لاحد الطرفين طلب التفريق بسببها أو يجب؛ فقد اشترطت الفقرة الثانية من المادة ضرورة اجراء فحص سابق لاجراء عقد الزواج، وعلق اجراء عقد الزواج بضرورة توافر شهادة تبين خلو الطرفين من تلك العيوب والامراض، ومنعًا للتلاعب في الشهادات فقد اسندت هذه الفقرة امر اصدار شهادات الخلو من تلك الامراض الى لجنة طبية مختصة يشكلها وزير الصحة.
وان ما اتجه اليه القانون من عدم اجراء العقد دون الحصول على تلك الشهادة مناطها مصلحة الامة واجيالها، ولا يمكن القول بجواز الاجراء دون التوثيق؛ اذ لا يتحقق حينئذ الحكمة التي من اجلها طلب هذه الشهادة.
وفي الفقرة الثالثة من هذه المادة انيطت توثيق عقود الزواج الى المأذونين الشرعيين المعتمدين لدى المحاكم؛ توزيعًا للاعمال وتنظيمًا لها، وتخفيفًا لما ينشأ من احالة تلك المعاملات الى المحاكم، واوكلت الى وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف امر اصدار لائحة خاصة بالمأذونين تنظم اعمالهم وتحدد صلاحياتهم وتوضح مسؤولياتهم.
المادة 28
نص الشافعية على انه: لا يزوج مجنون، ولا مختل صغير مطلقًا، وكذلك لا يزوج مختل كبير، الا لحاجة مثل توقع شفائه.
وفي فقه الامام احمد: يرى ابوبكر الخلال انه ليس للأب تزويج البالغ المعتوه بحال، ويرى القاضي ابو يعلى: جواز تزويج المعتوه الكبير عند الحاجة كالشافعي اما المجنونة فيرى انه لا يزوجها الا الحاكم.
اما ابن حزم فيرى ان المجنون والمجنونة الكبيرين لا يزوجهما احد لا اب ولا غيره.
والمراد بالولي الوارد ذكره في هذه المادة هو ولي الزواج المنصوص على تعريفه في المادة 32 من هذا القانون، وهذه الولاية غير ولاية المال.
وقد صيغت المادة بحيث جمعت بين اقوال الجمهور من فقهاء الشافعية والمالكية والحنفية مع ملاحظة المصلحة الاجتماعية، ومصلحة طرفي العقد، فجاءت فقراتها الثلاث مبينة الشروط التي لا بد من توافرها كي يأذن القاضي بزواج.
المجنون أو المعتوه، كما بيًنت كيفية التثبت من تحقق الشرطين الاخيرين، وهما كون مرضه لا ينتقل منه الى نسله وكون زواجه فيه مصلحة له.
ونظرًا للحاجة الى التثبت من تحقيق الشرطين الواردين في (ب) و(ج) من الفقرة الاولى، فقد نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على ضرورة تشكيل لجنة مختصة يضم عددًا من ذوي الاختصاص في الموضوع، واسند امر التشكيل الى وزير العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف وذلك بالتنسيق مع وزير الصحة لكون الامر يشمل جانبين: الاول اجتماعي، والآخر طبي.
المادة 29
يعد من بلغ سن الرشد سفيهًا أو طرأ عليه السفه كامل الاهلية بالنسبة للزواج، فيصح زواجه وينفذ عقده؛ اذ لا حجر عليه في الزواج وانما في التصرفات المالية، ولذلك جعل لولي المال الحق في الاعتراض على ما زاد من مهر المثل؛ لأن الزيادة في المهر يشترط فيه الرشد وعدم الحجر لسفه أو غفة.
وقد اخذ القانون برأي الحنفية والحنابلة.
المادة 30
نص القانون على ان اهلية الزواج تكون العقل والبلوغ، واكمال الثامنة عشرة من العمر، هو بلوغ للفتى أو الفتاة – ما لم يبلغ قبل ذلك وقد اخذ القانون برأي الحنفية والمالكية.
وتجنبًا لما قد يقدم عليه من بلغ في سن مبكر باحدى علامات البلوغ مثل الاحتلام أو غير ذلك دون تمام الثامنة عشرة من الزواج دون العلم بمسؤوليات الزواج وما تترتب عليه من آثار جسيمة وخطيرة؛ فإن القانون لم يجز لمن حاله كذلك الاقدام على الزواج دون الحصول على موافقة القاضي، وقرر انه ليس للقاضي ان يأذن بالزواج في مثل هذه الحالات الا بعد التثبت والتحقق من وجود مصلحة تقتضي الزواج.
ونظرًا للحاجة التي قد تطرأ لمن اكمل الثامنة عشرة من عمره في الزواج فأن القانون قرر في الفقرة الثالثة من هذه المادة انه اذا طلب من اكمل هذه السن الزواج، فإن من حق القاضي الذي يقدر الظروف، ويرعى المصالح، ان يأذن به، طالما تبين له النضج الجسمي لدى الفتى أو الفتاة، بعد موافقة الولي، مراعاة لما اعتاده كثير من الناس في الارياف من المسارعة في تزويج ابنائهم وبناتهم، بعد البلوغ والنضج الجسمي.
ولكن الواقع يشهد ان هنالك حالات يقف فيها الولي موقفًا سلبيًا، من تزويج من تحت ولايته دون ان يقدر الظروف حق قدرها، فيمتنع عن الادلاء برايه مطلقًا أو يتذرع بما لا طائل تحته، وقد نهت الشريعة الاسلامية عن العضل، وهنا اجاز القانون في الفقرة الثالثة من هذه المادة لمن هذا حاله ان يرفع امره الى القاضي لينظر في امره.
وقرر القانون في الفقرة الرابعة من هذه المادة ان على القاضي ان يطلب من الولي الحضور الى مجلس القضاء ليبين وجهة نظره وسبب امتناعه من تزويج من هو تحت ولايته ويمهله مدة معينة، فإذا لم يحضر خلال تلك المدة بعد التأكد من اعلانه، أو حضر ولم يكن المبررات التي يستند اليها في المنع سائغًا ومقبولاً فإن اذن القاضي وحده بالزواج يكون كافيًا في هذه الحالة.
المادة 31
تقرر هذه المادة اهلية التقاضي لكل من تزوج وفقًا للمادة 30 من كل ما له علاقة بالزوجية أو عقد الزواج أو اثر من آثاره كالاولاد والخصومات في قضايا الاحوال الشخصية.
وحيث ان سن الرشد المعتبر في التصرفات المالية واحد وعشرون سنة؛ وبما ان اسقاط الحقوق المالية المترتبة على الزواج من التصرفات المالية، لذلك لا يملك من اذن له القاضي بالزواج – ولم يبلغ سن الرشد – التصرفات المالية التي يشترط فيها بلوغ سن الرشد.
المادة 32
الولاية يراد بها: القدرة على انشاء العقد نافذًا، وحينئذ تكون على قسمين:
أ- قاصرة، فتكون قريبة من معنى الاهلية.
ب- متعدية، وهي المقصود في هذه المادة.
ويعرفها الفقهاء بأنها: "تنفيذ القول على الغير والاشراف على شؤونه" (ينظر: البحر الرائق: 3/117)، والمراد بالغير هنا: القاصر ومن في حكمه، كالمجنون، والمعتوه، والسفيه، كما يشمل لفظ الغير في موضوع الزواج: البالغة العاقلة، بكرًا كانت أو ثيبًا.
ويسمى من اعطته الشريعة هذ الحق وليًّا.
والشريعة الاسلامية تعتبر المجتمع وحدة متماسكة، والزواج امر له اثره وخطره في المجتمع، ولذا اقامت الشريعة من يتولاه على سبيل الوجوب في بعض الحالات، وعلى سبيل الندب في بعضها الآخر، تحقيقًا للنفع، ودفعًا للضرر الذي كثيرًا ما ينشأ عن فورة عاطفية عارمة.
والولي في الزواج هو الاب ثم العاصب بنفسه على الترتيب في الارث ابنًا، ثم اخًا، ثم عمًا، وانما قدم الاب على الابن اخذا بمذهب الشافعية والحنابلة؛ لما يتوافر في الاب من وفرة الشفقة وكثرة الخبرة؛ ولان الابن ينفر بطبعه من تزويجها فلا ينظر في مصلحتها.
واذا استوى وليان في القرب فايهما تولى الزواج بشروطه جاز، الا انه لو عينت المخطوبة احدهما فإنه يتعين دون الآخر. وهو رأي المالكية.
المادة 33
بينت هذه المادة شروط الولاية في الزواج، وهي اربعة مطردة مهما كانت المخطوبة، وهي: الذكورة، والبلوغ، والعقل، وعدم الاحرام بحج أو عمرة، والشرط الخامس: ان يكون مسلمًا بالنسبة للمخطوبة المسلمة.
ومناط الولاية هو التعصيب لوفرة الشفقة، وهذه لا يختلف امرها بين العدل وغيره؛ ولأن اشتراط العدالة يؤدي الى الحرج، والعمل في العصور الاسلامية المختلفة على عدم منع الولي غير العدل من تزويج اولاده وبناته، فدل ذلك على عدم اشتراطه العدالة.
المادة 34
اذا غاب الولي الاقرب وحضر الخاطب الكفء الذي لا ينتظر حضوره، فإن هذه المادة تعطي القاضي امر الفصل في قبول ولاية الابعد حين غيبة الولي الاقرب وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية؛ اذ ان القاعدة العامة تجعل القاضي صاحب الشأن في تحقيق مصالح الناس، وفي السعي لرفع الظلم عنهم.
وقد وكل الامر في حالة العضل الى القاضي بولايته العامة ليأذن بالزواج أو لا يأذن به على ضوء ما يظهر له من المصلحة، اخذًا بما نص عليه الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، ورواية عن احمد، من انتقال الولاية حينئذ الى القاضي لا الى الولي الابعد.
المادة 35
الاصل في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم "السلطان ولي من لا ولي له" وعلى هذا جاء نص هذه المادة: القاضي ولي من لا ولي له، أي ان له ولاية عامة، وجدير ان نشير هنا الى ان الولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة، وهي اقوى منها كما يقرر الفقهاء.
المادة 36
وردت هذه المادة تقييدًا لما قد يتوهم من الاطلاق في المادة السابقة، فنصت على انه لا يزوج من له الولاية عليه من نفسه ولا من اصله ولا من فرعه، ابعادًا له عن الشبهات؛ ولأن ذلك محل تهمة، والاليق به الترفع عنها.
المادة 37
نصت هذه المادة على ان للولي توكيل غيره في النكاح ولو كان حاضرًا، وقد وكل الرسول صلى الله عليه وسلم ابا رافع رضي الله عنه في تزويجه ميمونة رضي الله عنها؛ ولأن الوكيل كالأصيل، ومن ملك تصرفًا، كان له ان يتولاه بنفسه، وله ان يوكل فيه غيره.
ولكن يمنع الوكيل من ان يزوج موكلته من نفسه، ما لم ينص على ذلك في الوكالة نفيًا للتهمة؛ ولأن الظاهر من التوكيل انها تريد غيره، وهو رأي الحنفية الشافعية والحنابلة.
وكذلك ينبغي النص صراحة في الوكالة – أي الوكالة التي ينظمها ولي المخطوبة لغيره في اجراء عقدها – اذا كان المزوج بموجبها اصلاً للوكيل أو فرعًا له.
واذا جاوز الوكيل حدود وكالته كان فضوليًا، فيتوقف نفاذ عقده على اجازة الاصيل.
الباب الثالث:
الاركان والشروط
المادة 38
الزواج من العقود الثنائية الطرف، أي التي لا بد فيها من طرفين، وهو كبقية العقود لا بد لوجوده شرعًا من تحقق اركانه، وذلك بتوافر ثلاثة امور:
اولا: العاقدان، وشروطهما توافر اهلية اداء ولو ناقصة؛ فيشترط فيمن يتولى اجراء العقد ان يكون متمتعًا بالصفات التي تسوغ له شرعًا مباشرة العقد فمن ليس بأهلٍ اصلا لممارسة العقود كالمجنون والصغير غير المميز لا ينعقد عقده؛ لأنه ليس له اهلية اداء مطلقًا.
واذا باشر الطفل المميز اجراء عقد الزواج بنفسه كان عقده صحيحًا موقوفًا على اجازة وليه في النكاح؛ لأن له اهلية ادءا ناقصة، فيكون عقده صحيحًا موقوفًا على اجازة وليه، فإن اجازه فلا يحتاج الى اجراء عقد جديد، وهذا القدر متفق عليه، ولا يقوم العقد الا بتوافره في العاقدين.
ثانيًا: المحل، وهو استمتاع كل من الرجل والمرأة بالآخر، والحكم الذي يفيده العقد هو حل استمتاع كل منهما بالآخر، وشرطه عدم قيام مانع يمنع من حل الاستمتاع، سواء كان مؤبدًا أو مؤقتًا.
ثالثًا: الايجاب والقبول، اذ لما كان الاصل في العقود الرضى، ولا يمكن الاطلاع عليه؛ لأن محله القلب، فقد اعتبر الشارع الايجاب والقبول دليلا ظاهرًا عليه، واما اذا عقد الزواج بالاكراه فسخ العقد.
ويقصد بالايجاب: الكلام الذي يصدر اولا من احد العاقدين دالا على رضاه بالعقد.
ويقصد بالقبول: الكلام الذي يصدر من العاقد الثاني دالا على موافقته على ما ابداه الاول، فلا يشترط ان يصدر الايجاب من جانب معين، فاللفظ الذي يصدر من أي من العاقدين اولا يعتبر ايجابًا، والثاني يعتبر قبولا.
الفصل الاول
الزوجان
المادة 39
بينت هذه المادة وجوب مباشرة الولي للعقد وحكمت ببطلان العقد بدونه، عملاً بما ورد في النصوص الواردة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القاضية ببطلان العقد بدون ولي، واخذًا برأي جمهور اهل العلم، درءًا للمفاسد التي قد تترتب على تولي المرأة تزويج نفسها.
ولا يعني اشتراط اذن الولي ومباشرته للنكاح عدم اعتبار رضا البنت، بل لا بد من موافقة الولي ورضا الزوجة وموافقتها، اخذًا اعتبار رضا البكر البالغة والثيّب من باب اولى – فلا يملك احد اجبارها على الزواج، وكذلك الحال بالنسبة للفتى البالغ، حيث يشترط رضاه وقبوله.
وجمهور الفقهاء على ان الثيّب الكبيرة لا بد لصحة عقد زواجها من رضاها بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم (ليس للولي مع الثيب امر)، (رواه ابو داود).
اما علاقة الرضا والموافقة، فهي الافصاح والاعلان عن الرضا بالكلام أو السكوت وفي جميع الاحوال يجب على المأذون ان يوقع الزوجة على العقد.
وحفاظًا على حقوق ما قد ينشأ من مثل هذا الزواج من الاولاد فقد نص القانون على ثبوت نسب المولود حرصًا على اثبات النسب ما امكن.
المادة 40
ان المرأة بالنسبة الى رجل معيّن، قد يكون زواجها منه حلالاً، وقد تكون حرامًا عليه؛ فالنساء بهذا الاعتبار ينقسمن الى محللات ومحرمات، والمحرمات على قسمين ايضًا:
1- محرمات على سبيل التأبيد، وهن اللاتي كان سبب تحريمهن وصفًا غير قابل للزوال كالأمومة والبنوة والخوة والعمومة والمصاهرة والرضاع.
2- محرمات تحريمًا مؤقتًا، تزول الحرمة بزوال سببها، وهن اللاتي كان سبب تحريمهن امرا قابلاً للزوال، كأن تكون المرأة اختًا لزوجته، أو تكون زوجة للغير، أو مشتركة غير ذات دين سماوي وهكذا، فيشترط لصحة انعقاد الزواج، ان لا تكون المرأة محرمة على الرجل، تحريمًا مؤبدًا ولا مؤقتًا، وهذا ما نصت عليه هذه المادة.
المادة 41
لا خلاف بين الفقهاء في انعقاد العقد بلفظي الانكاح والتزويج والجواب عنهما؛ لانهما اللفظان اللذان ورد بهما نص الكتاب في قوله تعالى: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء﴾ (سورة النساء: من الآية: 22)، وقوله تعالى: ﴿فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها﴾ (سورة الاحزاب: من الآية: 37)، وسواء اتفقا من الجانبين ام اختلفا مثل ان يقول: زوجتك ابنتي هذه، فيقول: قبلت هذا النكاح أو هذا الزواج.
واذا قال احدهما: زوجتك بنتي، فقال الآخر: قبلت، لا ينعقد العقد عند جمهور الفقهاء، ولا بد من قوله: هذا النكاح أو هذا التزويج أو ما شابههما من الالفاظ الصريحة في الانكاح والتزويج، وقال بعض الفقهاء بانعقاده بذلك.
وقد اخذ القانون في الفقرة الاولى من هذه المادة بما ذهب اليه جمهور الفقهاء من اشتراط ان يكون الايجاب والقبول بلفظي الانكاح والتزويج فقط.
ولا يختلف الفقهاء في عدم اشتراط كون الفاظ العقد باللغة العربية اذا كان العاقدان أو احدهما لا يحسن التكلم باللغة العربية؛ لأن العبرة في العقود للمعاني، فالمطلوب منهما لفظان يعبران بهما عما في نفسيهما من ارادة ورضا وليس على من لا يحسن العربية ان يتعلم لفظ الزواج أو النكاح ليصح عقده.
اما اذا كان العاقدان يحسنان التكلم بالعربية، أو يقدران على التعبير عن الزواج بالعربية، فمذهب الجمهور انه لا يجب ان يكون بالعربية بل يجوز بكل لغة يمكن التفاهم بها؛ لأن المقصود هو التعبير عن الارادة، وذلك واقع في كل لغة، وذهب بعض القائلين بالجواز الى كراهة التلفظ بغير العربية؛ لأنها لغة القرآن، فالتعبير بالفاظ توافق تعبير القرآن اولى.
ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على وجوب وقوع صيغة العقد منجزة غير معلقة على شرط ولا مضافة الى زمن مستقبل؛ لأن عقد الزواج من عقود التمليكات؛ حيث إن كل واحد من الزوجين يملك الاستمتاع بصاحبه، فلا بد ان تكون صيغته منجزة أي يترتب عليها اثرها في الحال كالبيع، والشارع وضع عقد الزواج ليفيد حكمه في الحال، فلا يصح ان تكون صيغته مضافة الى زمن كتزوجتك اول العام القادم، ومثل هذا العقد لا يصح لا في الحال ولا عند حصول الزمن المضاف اليه، كما لا يصح ان تكون صيغته معلقة على شرط كتزوجتك ان جاء ابوك؛ فحينئذ لا ينعقد سواء اكان وقوع الشرط فيما بعد محققًا ام محتملا ام مستحيلا؛ لأن الاضافة أو التعليق يمنعان ترتب آثاره عليه في الحال، وهذا ينافي المقصود من عقد الزواج، الا اذا كان التعليق على شرط كائن في الماضي لا محالة فيكون تنجيزًا، وان كان يشبه صوريًا التعليق، فيصح العقد وينعقد في الحال مع وجود هذا النوع من التعليق، ومثل الامر الكائن الموجود ما يوجد وقت العقد في مجلسه كما لو علقت المرأة القبول مثلاً على رضا ابيها فقبل ابوها في المجلس.
كما نصت كذلك في هذه الفقرة على ضرورة تأبيد صيغة الطلاق، وبالتالي فلو كانت مؤقتة كالزواج المؤقت أو زواج المتعة فلا يصح عقد الزواج؛ لأن الغاية من الزواج الاشتراك مع الزوجة في حياة زوجية هانئة تثمر نسلاً صالحًا وهذا من شأنه ان يكون عقد الزواج مؤبدًا غير مؤقت، وبذلك جاءت الشريعة الغراء، وقد ذهب جمهور العلماء الى ان التأقيت يبطل عقد الزواج، وذلك في صورتين:
الاول: ان يكون العقد بصيغة "التمتع" كأن يقول: تمتعت بكِ الى شهر كذا، فتقول: قبلت.
الثاني: ان يكون بصيغة الزواج، كأن يقول: تزوجتك الى شهر كذا، فتقول: قبلت.
والاول قد ورد النهي عنه، وقال ببطلانه وتحريمه جماهير العلماء، والثاني كنكاح المتعة حيث المعنى في النكاحين واحد.
ونصت الفقرة الثالثة من المادة على ضرورة موافقة القبول للايجاب من كل وجه صراحة أو ضمنًا؛ لضرورة ذلك في تمام العقود الثنائية الطرف، ومن امثلة الموافقة الضمنية على الايجاب ان يقول الرجل لولي المرأة: تزوجت ابنتك على مهر قدره الف درهم، فيقول الولي: قبلت تزويجك على مهر قدره خمسمائة درهم؛ اذ ان المخالفة الظاهرية بين الايجاب والقبول هي في الحقيقة موافقة ابلغ؛ لأنها مخالفة الى خير بالنسبة للرجل الموجب.
وكذلك لو قال ولي المرأة للرجل: زوجتك ابنتي على مهر قدره الف دينار فقال: قبلت زواجها على مهر قدره عشرة الاف دينار.
وينعقد الزواج في هاتين الصورتين على حسب ما ورد في الايجاب، ما لم يرض الطرف الآخر – ثانية – بما ورد في القبول، وهذا ما عناه الشطر الاول من النص الوارد في هذه الفقرة.
واشترطت الشطر الثاني من هذه الفقرة بقاء طرفي العقد على اهليتهما لحين اتمام العقد؛ اذ فقدان احد الطرفين لاهليته يمنع تمام العقد.
ولا بد في صحة القبول، من ان يتصل بالايجاب ويقترن به – ولو نظريًا – بأن يقع القبول بعد الايجاب فورًا وبصورة مباشرة، ولكن قد يصعب ذلك عمليًا، ولذا وضع الفقهاء للعقد مجلسًا، تعتبر ساعاته وحدة زمنية، فاكتفوا باتحاد هذا المجلس بين الايجاب والقبول، ولو طالت فترة المجلس، فما لم ينقطع، باعراض احدهما أو قيامه مثلاً، يظل المجلس واحدًا.
وعلى هذا قرر فقهاء الحنفية قاعدة "المجلس الواحد يجمع المتفرقات" فما يوجد في آخر المجلس يعتبر كالذي يوجد في اوله من حيث وحدة الزمن.
ولا يضر الفصل بين الايجاب والقبول مهما طال اذا لم يفصل بينهما بكلام اجنبي عن العقد، واذا فصل بينهما بكلام اجنبي أو انقطع المجلس بشيء يدل على الاعراض عن الايجاب، أو بطلت اهلية الموجب قبل القبول ثم صدر القبول بعد ذلك، لم ينعقد العقد حتى يعيد الموجب ايجابه.
وهذا ما اشارت اليه الفقرة الرابعة من هذه المادة.
ومن الملحوظ ان الغائب المخاطب بالايجاب كتابة أو بواسطة رسول، اذا تلا الكتاب أو سمع مقالة الرسول، وليس في المجلس شهود، فتريث مدة معقولة ليلتمس الشهود، أو ليفكر في الامر، ثم اعاد قراءة الرسالة في محضر من الشهود، وقال: قبلت صح العقد.
وكذلك لو اسمع الشهود بعد لأي مقالة الرسول، فقال: قبلت؛ فإن العقد يصح ويعتبر المجلس واحدًا، لاقتران القبول بالايجاب.
واشترطت الفقرة الخامسة من المادة لانعقاد العقد الا يرجع الموجب عن ايجابه قبل قبول الآخر، واجاز للموجب الرجوع ما دام يرتبط بقبول؛ لأن الالتزام لا يتم الا بصدور الايجاب والقبول، فإن صدر القبول بعد رجوع الموجب عن ايجابه لم يصح العقد.
ونصت الفقرة السادسة من المادة على انه لا بد من سماع كل من العاقدين الحاضرين كلام الآخر، في الايجاب والقبول، وان يفهم المقصود منه ولو بالجملة – متى كانا قادرين على الكلام – حتى يتحقق معنى التعاقد، وارتباط الارادتين بالتراضي المتبادل.
والاصل في العقود ان تقع باللسان مشافهة، ويبقى عقد الاخرس هل يصح منه العقد وهو لا يحسن النطق؟
إن مما لا شك فيه ان الشريعة اجازت تصرفاته بالكتابة، فيصح عقد الزواج منه بالمكاتبة اتفاقًا، وهل يصح عقده بالاشارة اذا كان قادرًا على الكتابة؟ الذي اطلقه كثير من الفقهاء ان اشارة الاخرس المفهومة جائزة ولو كان يحسن الكتابة، وذهب بعض فقهاء الشافعية الى انه إن كان يحسن الكتابة لا يقع طلاقه بالاشارة لاندفاع الضرورة بما هو ادل على المراد من الاشارة، وهذا هو ما نص عليه السرخسي: "وإن كان الاخرس لا يكتب وكانت له اشارة تعرف في طلاقه ونكاحه وشرائه وبيعه فهو جائز استحسانًا، وفي القياس لا يقع شيء من ذلك باشارته؛ لأنه لا يتبين باشارته حروف منظومة، ولكن الاستحسان ان يقع، فلو لم تجعل اشارته كعبارة الناطق ادى الى ان يموت جوعًا".
وبهذا اخذ القانون في نهاية هذه المادة، حيث نص على قبول اشارته المفهومة عند عجزه عن الكتابة، واما عند قدرته على الكتابة فلا ينتقل منها الى الاشارة.
الفصل الثالث
المحرمات
الفرع الاول
المحرمات على التأييد
المادة 42
المحرمات تحريمًا مؤبدًا: هنّ اللائي يحرم الزواج بأي منهن ابدًا وفي كل حين؛ لوصف قائم لا يزول ابدًا.
واسباب ذلك الوصف محصورة في ثلاثة اسباب:
محرمات بسبب النسب أي القرابة، ومحرمات بسبب المصاهرة، ومحرمات بسبب الرضاعة.
وعبّرت المادة بالشخص، ليشمل الرجل والمرأة، ذلك انه متى تحقق واحد من هذه الاسباب ثبتت حرمة المرأة على الرجل، وحرمة الرجل على المرأة.
فالمحرمات على الشخص بسبب القرابة اربعة انواع: هي:
1- اصوله وان علون: كالأم، والجدة، سواء اكانت من ناحية الام ام من ناحية الاب، وسواء اكانت جدته مباشرة أو جدة لأحد اصوله مثل: جدة الاب، وجدة الام، وجدة الجد، وجدة الجد مطلقًا.
2- فروعه، وفروع فروعه، وإن نزلن: كالبنت، وبنت الابن، وبنت البنت، وهكذا بنت ابن الابن، وبنت بنت البنت، مهما امتدت سلسلة النسب.
3- فروع احد الابوين أو كليهما وفروع فروعهم: ويدخل في ذلك الاخت، سواء اكانت شقيقة، ام لأب، ام لأم، وبنت الأخ الشقيق، وبنت الأخت الشقيقة، وبنت الأخ لأب، وبنت الأخت لأب، وبنت الأخ لأم، وبنت الأخت لأم، وكذلك فروع هؤلاء وفروع فروعهم مهما كانت درجة النزول.
4- الطبقة الاولى من فروع احد اجداده أو جداته: كعمة الشخص أو خالته، سواء اكانت العمة اختًا شقيقة لأبيه، ام اختًا له من ابيه فقط، ام اختًا له من امه فقط، وكذلك الخالة، أي سواء اكانت اختًا لأمه من ابويها أي شقيقة، ام اختًا لها من ابيها فقط أو من امها فقط.
وكذلك عمة الأب وعمة الأم، وخالة الأب وخالة الأم، وعمة الجد أو الجدة، وخالة الجد أو الجدة، سواء اكان ذلك من ناحية اب الشخص ام من ناحية امه، وهكذا.
ودليل هذه المحرمات جميعًا، قوله تعالى: ﴿ حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت﴾ (سورة النساء: من الآية: 23).
ولفظ الام في اللغة يشمل الجدة، والبنت تشمل الصلبية وغيرها من الفروع، والعمات والخالات تشمل عمات الآباء والاجداد، وعمات الامهات أو الجدات، وكذلك خالات الآباء أو الاجداد، وخالات الامهات أو الجدات.
ومثل هؤلاء جميعًا لو كانوا من الذكور، يحرمون على المرأة سواء بسواء.
اما الطبقة الثانية من فروع احد الاجداد أو الجدات كبنت العم، وبنت العمة، وبنت الخال، وبنت الخالة، وبنت عم الاب أو عم الام، وبنت عمة الاب وبنت عمة الام، وبنت خال الاب، وبنت خال الام، وبنت خالة الاب، وبنت خالة الام، وسائر الطبقات الاخرى فلا يحرمن، ويحل زواج بعضهم من بعض.
المادة 43
ذكرت هذه المادة المحرمات بسبب المصاهرة على التأبيد، وهن اربعة انواع ايضًا، فبالنسبة للرجل يحرم عليه:
1- زوجة الاصل وان علا: سواء أكان الاصل عصبة كالأب وأب الأب، وجد الأب العصبي، وجد جده وهكذا، ام كان من ذوي الارحام، كأب الأم، وأب أم الأب، وأب أم الأم، وهكذا.
وسواء دخل الاصل بتلك الزوجة ام عقد عليها مجرد عقد ولم يدخل بها؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء﴾ (سورة النساء: من الآية: 22).
2- زوجة احد فروعه: وإن نزل الفرع، كزوجة ابنه، وابن ابنه، وابن بنته، مهما نزل الابن أو نزلت البنت، أي سواء أكان الفرع من العصبات أم من ذوي الارحام، وسواء دخل بها الفرع أو لم يدخل، فمجرد العقد كاف في التحريم.
ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ: ﴿وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم﴾ (سورة النساء: من الآية: 23) أي لا زوجة المتبنّى، مما كان معروفًا في الجاهلية، اذ كان التبني شائعًا حتى لمعلوم النسب، فيلحق المتبنّى بمن تبناه ولو كان نسب معروف، فكان يقال مثلاً: زيد بن محمد، مع انه معروف النسب لأبيه الحقيقي حارثة، فهدم الاسلام قاعدة التبني، وقال سبحانه: ﴿ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم﴾ (سورة الاحزاب: من الآية: 5).
3- اصول الزوجة وان علون، سواء دخل بزوجته أو لم يدخل، فمجرد العقد على امرأة ما، يحرم على الزوج امها وسائر جداتها لقوله تعالى: ﴿وامهات نسائكم﴾ (سورة النساء: من الآية: 23).
4- فروع زوجته التي دخل بها دخولاً حقيقيًا، كبنتها وبنت بنتها وبنت ابنها، وهكذا لقوله تعالى: ﴿وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم﴾ (سورة النساء: من الآية: 23).
وقد وضع الفقهاء قاعدة مشهورة في هذا الباب هي: "العقد على البنات يحرم الامهات، والدخول بالامهات يحرم البنات".
وبالنسبة للمرأة يحرم عليها بمجرد عقد زواجها على الرجل؛ اصوله وان علوا، وفروعه وان نزلوا.
المادة 44
لقد وقع الاختلاف بين الفقهاء رحمهم الله، في الدخول الذي يعتبر زنا، هل تثبت به حرمة المصاهرة كالعقد، والدخول بملك اليمين، والوطء بشبهة، ام لا تثبت به حرمة المصاهرة مطلقاً؟
قال الحنفية والحنابلة، وهو القول غير المشهور عند المالكية: تثبت به حرمة المصاهرة كما الحال في النكاح؛ لأن علة التحريم الجزئية وصلة الدم، وهما ثابتان فيثبت معها التحريم.
وقال الشافعي ومالك فيما روي عنه في الموطأ، وما رواه عنه سحنون – وهو القول المشهور عند المالكية – ان حرمة المصاهرة لا تثبت بالزنا؛ لأن اثبات النسب نعمة، ولا تكون بامر قام الدليل عليه انه حرام من غير شبهة ووجب فيه الحد.
ولقد اخذ القانون في هذه المسألة بقول فقهاء الشافعية والمالكية، فيما عدا فروعه من الزنا كبنته من الزنا وفروعها مهما نزلن، فأخذ بما قاله الحنفية والحنابلة؛ لأنها بضعة منه، مخلوقة من مائه، وهذه الناحية لا تختلف بالحل والحرمة، فاشبهت بنته من النكاح الصحيح، كما اشبهت بنته المخلوقة من وطء بشبهة، وتخلّق بعض الاحكام لا ينفي كونها من مائه.
ويؤيد هذا ما ورد في الحديث في ولد امرأة هلال بن امية التي لاعنها؛ لانه لم يكن لديه شهود على زناها مع شريك بن سمحاء، وقد حملت منه: "انظروه – أي ولدها – فإن جاءت به على صفة كذا فهو لشريك بن سمحاء".
قال ابن قدامة رحمه الله: ولا فرق بين علمه بكونها – أي البنت – منه، مثل ان يطأ امرأة في طهر لم يصبها فيه غيره ثم يحفظها حتى تضع، أو يكون ثمة شك في انها منه أو من غيره، كما لو كانت المرأة لا ترد يد لامس، أو مثل ان يشترك جماعة في وطء امرأة، فتأتي بولد لا يعلم هل هو منه أو من غيره؟؛ فإنها تحرم على جميعهم لوجهين:
احدهما: انها بنت موطوءتهم.
والثاني: اننا نعلم انها بنت بعضهم فتحرم على الجميع.
ولا تحل لاحد ممن وطئ امها لأنها في معني ربيبته.
هذا وان التعبير بالشخص في هذه المادة يشمل بنت الزاني وفروعها، كما يشمل ابن الزانية وفروعه، على حد سواء.
ولا يخفي الفرق بين الفروع المخلوقين بسبب الزنا، وبين غير الفروع بالنسبة للتحريم، اذ ان الزواج بالفرع من الزنا فيه من البشاعة ما فيه.
وقد نص القانون في هذه المادة تحريم ابنة الرجل المنفية عنه بلعان؛ قياساً على المخلوقة من زنا؛ لأن علة التحريم الجزئية وصلة الدم، وهما ثابتان فيثبت معها التحريم.
المادة 45
من المقرر شرعًا ان من يرمي امرأة بالزنا من غير اثبات كامل، أي اربعة شهود عدول، يقام عليه حد القذف، وهو ثمانون جلدة، ولا تقل له شهادة ابدًا، واذا طبق هذا على من يرمي زوجته، فسيكون في ذلك حرج شديد.
ولذا شرع اللعان، وهو ان يحلف الرجل اربعة مرات بالله، انه صادق فيما رماها به، ويزيد في الخامسة ان عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين.
ثم تحلف هي اربع مرات انه لمن الكاذبين فيما رماها به، وتزيد في الخامسة ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
فإذا حلف الزوجان على الصورة المذكورة فقد تم اللعان، ويفرق بينهما، ولا تحل له من بعد ذلك ابدًا عند المالكية والشافعية والحنابلة في صحيح المذهب، وهو رأي ابي يوسف، وهذا ما نصت عليه هذه المادة.
وواضح ان سبب التحريم هنا، هو: فقدان الثقة بينهما، ولا يمكن ان يقوم زواج ليس له اساس من الثقة.
المادة 46
بينت هذه المادة القسم الثالث من المحرمات على التأبيد، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؛ لقوله تعالى: ﴿وامهاتكم اللائي اوضعنكم واخواتكم من الرضاعة﴾ (سورة النساء: من الآية: 23).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)) (رواه مسلم في صحيحه: رقم 1447).
قال الامام الفخر الرازي: "إن الله تعالى سمى المرضعة – بكسر الضاد – أما، وسمى المرضعة – بفتح الضاد – اختًا، وبهذا فقد نبه سبحانه وتعالى: على انه اجرى الرضاع مجرى النسب، وذلك لأنه حرم بسبب النسب سبعًا، اثنتان بطريق الولادة، وهما الامهات والبنات، وخمس منها بطريق الاخوة – أي ولو مجازًا – وهن الاخوات والعمات والخالات وبنات الاخ وبنات الاخت، ثم بعد ذلك ذكر احوال الرضاع، واقتصر على ذكر حالة من كل قسم من هذين القسمين فذكر من قسم قرابة الولادة، الامهات، ومن قسم قرابة الاخوة، الاخوات تنبيهًا على ان الحال في باب الرضاع كالحال في باب النسب، ثم اكد عليه الصلاة والسلام هذا البيان بصريح قوله: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))، فصار صريح السنة مطابقاً لمفهوم الآية".
وفي الحديث الصحيح ايضًا: ((الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)) (اخرجه البخاري ومسلم).
وقد اعتبرت الشريعة الاسلامية المرأة التي ارضعت طفلاً أمًا له من الرضاعة، وانزلتها منزلة امه من النسب، كما اعتبر زوج المرضعة الذي هو سبب في ادرار لبنها، أبًا له من الرضاع بمنزلة ابيه من النسب، فيكون الرضيع ابنًا لهما من الرضاعة.
وجعلت الرضاع كالنسب في اثبات الحرمات المؤبدة في النكاح، دون سائر الاحكام الاخرى من حيث النفقة ورد الشهادة وما الى ذلك.
هذا وقد اتفق الفقهاء على ان اللبن الذي نزل من امرأة بسبب وطئها من قبل رجل يعرف اصطلاحًا بـ "لبن الفحل"، ثم اختلفوا في الحكم بالنسبة للتحريم عن طريق ذلك الفحل، فذهب جمهور اهل العلم الى ان لبن الفحل يتعلق به التحريم فيصبح الزوج الذي كان سببًا في نزول اللبن لهذه الطفلة أبًا لها من الرضاعة، وتنتشر الحرمة منه الى آبائه فهم اجداد هذه الطفلة، والى ابنائه من غير المرضعة فهو اخوة هذه الطفلة لأب، والى اخوته فهم اعمام هذه الطفلة، واذا كان الرضيع ذكرًا، كان الزوج أبًا لهذا الطفل، وامهاته هنّ جداته، وبناته من غير المرضعة هن اخواته لأب واخواته هنّ عماته، لأن اللبن من الرجل كما هو من المرأة.
وكذلك نصت هذه المادة على ان المحرمات بسبب المصاهرة يحرمن كما يحرمن القريبات بسبب الرضاع، فكما تحرم زوجة الاب نسبًا، تحرم زوجة الاب رضاعًا، وكما تحرم زوجة الابن نسبًا، تحرم زوجة الابن رضاعًا، وكما تحرم ام الزوجة نسبًا، تحرم ام الزوجة رضاعًا، وكما تحرم بنت الزوجة نسبًا تحرم بنت الزوجة رضاعاً،؛ لشمول الاحاديث المتقدمة كل هذه الاحوال.
والاصناف المتقدمة سواء المحرمات بسبب النسب ام المحرمات بسبب المصاهرة يحرمن رضاعًا، وهذا ما عليه الجمهور، ومنهم الائمة الاربعة واتباعهم.
وقد اخذ القانون برأي الجمهور اخذًا بالاحوط، لأن مسألة حل الفروج أو حلها من المسائل التي ينبغي الاحتياط فيها، ومن المعروف عند جمهور الاصوليين انه اذا تعارض حكمان، احدهما يفيد التحريم، والآخر يفيد الاباحة، يقدم الخبر الذي يفيد التحريم عملا بالاحوط.
وقد اشارت المادة الى ان ثمة بعض الاستثناءات التي لا ينطبق عليها التحريم من قاعدة "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" لانقطاع الصلة الحقيقية بين الطرفين فيها، ولعدم توافر حكمة التحريم بالرضاع فيها، ومنها:
1- لا تحرم عليه اخت الابن أو البنت من الرضاع، وتحرم عليه اخت ابنه او اخت ابنته من النسب؛ لأنها بنته أو ربيبته.
2- لا تحرم عليه ام اخيه أو اخته من الرضاع، وتحرم عليه ام اخيه أو اخته من النسب؛ لانها إما امه أو زوجة ابيه.
3- لا تحرم عليه جدة ابنه أو ابنته من الرضاع، وتحرم عليه جدة ابنه أو ابنته من النسب؛ لانها إما ان تكون امه أو ام زوجته.
4- لا تحرم عليه ام عمه أو عمته من الرضاع، وتحرم عليه ام عمه أو عمته من النسب لانها جدته من جهة الاب.
5- لا تحرم عليه ام خاله أو خالته من الرضاع، وتحرم عليه ام خاله أو خالته من النسب لانها جدته من جهة الام.
ثم نصت المادة على شرطي التحريم بالرضاع:
الاول: ان يكون الرضاع في العامين الاوليين من عمر الرضيع، فلو رضع بعدهما لا تثبت به الحرمة، وهذا هو قول جمهور الفقهاء لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا رضاع إلا ما كان في الحولين)) رواه الترمذي.
وذهب ابو حنيفة الى ان وقت الرضاع المحرم محدد بثلاثين شهراً.
والشرط الثاني: هو ثبوت ان المرأة قد ارضعته خمس رضعات مشبعات متفرقات حسب العرف، بحيث يترك الثدي باختياره وهذا هو مذهب الشافعي واحمد.
والرضعة فعلة من الرضاع، فهي مرة منه، فمتى التقم الثدي فامتص منه، ثم تركه باختياره من غير عارض كان ذلك رضعة واحدة؛ لأن الشرع لم يحدد مقدار الرضعة، فحملت على العرف، والعرف يقدرها بهذا، ولو قطع الطفل الرضاع ليلعب أو لاستراحة ثم عاد عن قريب اعتبرت رضعة واحدة.
وقد اخذ القانون برأي الشافعية والحنابلة فنصت ان الرضاع المحرم هو ما بلغ خمس رضعات متفرقات يكتفي الرضيع في كل واحدة منها بحيث يترك الثدي باختياره.
هذا: وان من حكمة التحريم بسبب الرضاع، ان لبن المرأة المرضع ينبت لحم الرضيع وينشز عظمه، طالما هو في سن الرضاع، وقبل الفطام، فالولد الرضيع يكون جزءًا من المرضع، وتكون بالنسبة اليه كالأم النسبية الوالدة، يرتبط بها برباط الجزئية.
الفرع الثاني
المحرمات على التأقيت
المادة 47
المحرمات بصورة مؤقتة، هن اللاتي يكون سبب التحريم بالنسبة اليهن مؤقتًا، فاذا زال ذلك السبب، زالت الحرمة، وقد عدت هذه المادة الحالات الآتية:
1- الجمع بين المحارم، أي بين امرأتين بينهما علاقة المحرمية بحيث لو فرضت أي منهما ذكرا، حرمت عليه الاخرى.
فلا يصح الجمع بين اختين، ولا بين امرأة وعمتها، أو خالتها، أو بنت اخيها، أو بنت اختها.
اما لو كانت الحرمة تثبت على احد الافتراضين، ولا تثبت على الافتراض الآخر، فإن الجمع بينهما يكون جائزاً عند جمهور الفقهاء.
والاصل في هذه الحالة من التحريم المؤقت، قول الله جل شأنه: ﴿وان تجمعوا بين الاختين﴾ (سورة النساء: من الآية: 23).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا المرأة على ابنة اخيها، ولا ابنة اختها، إنكم إن فعلتم ذلك فطعتم ارحامكم)) (رواه احمد).
وقد انعقد الاجماع على تحريم الجمع بين الاختين، والجمع بين الباقيات من المحارم، ولم يخالف إلا من لا يؤبه لقوله، وهم بعض الخوارج.
وكما يحرم الجمع بين امرأتين بينهما علاقة المحرمين حال قيام زواج الاولى منهما، فإنه يحرم وهي في العدة حتى تنقضي عدتها، سواء كان الطلاق رجعيًا أو بائنًا، وفقًا لما قرره فقهاء الحنفية والحنابلة بالنسبة للطلاق البائن، ولما اجمع الفقهاء بالنسبة للطلاق الرجعي.
2- الزواج من زائدة على اربع، فلا يحل ان يتزوج الخامسة حتى يطلق احدى زوجاته الاربع وتنقضي عدتها.
ودليل تحريم الزيادة على الاربع قوله تبارك وتعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾ (سورة النساء: من الآية: 3).
وقد بينت السنة المطهرة المراد من الآية، واتفق على ذلك الائمة الاربعة وجمهور المسلمين فمن كان له اربع نسوة لا يجوز ان يتزوج خامسة، سواء كن جميعًا معتدات منه، أو كان بعضهن في العصمة، وبعضهن في العدة، حتى تنتهي العدة.
وعدة الطلاق البائن هنا، كعدة الطلاق الرجعي التي لم ينص عليها؛ لأنها من باب اولى، وبهذا ورد التصريح في الفقرة الثانية من هذه المادة.
3- زوجة الغير، فمن كانت زوجة شرعية لرجل، لم يجز لغيره ان يخطبها، ولا ان يتزوجها من باب اولى، فقد قال الله تعالى في معرض بيان المحرمات ﴿والمحصنات من النساء﴾ (سورة النساء: من الآية: 24)، والمراد بالمحصنات هنا ذوات الازواج؛ لأنهن احصن فروجهن بالتزوج سواء كان الزوج مسلمًا ام.
4- معتدة الغير: سواء اكانت معتدة من طلاق ام فسخ ام بسبب وفاة الزوج، فهي من المحرمات حرمة مؤقتة، ومثل العدة من الزواج الصحيح، العدة من زواج فاسد بعد الدخول، أو بعد الدخول بشبهة؛ لكي لا تختلط الانساب؛ ولان حق الغير بالنسبة لمعتدته ما زال قائمًا.
ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله﴾ (سورة البقرة: من الآية: 235) أي لا تعقدوا على المرأة المعتدة حتى تنقضي عدتها، وسميت العدة كتابًا، لأنها مفروضة بكتاب الله، وذكر العزم في النهي مبالغة في النهي عن عقد النكاح؛ لأن العزم على الفعل يتقدمه، فإذا نهى عنه كان عن الفعل انهى.
اما إذا كانت العدة من طلاق رجعي، واراد مطلقها نفسه الرجوع اليها والزواج منها مجددًا، فإنها تحل له بمجرد مراجعته هو وحده، من غير حاجة الى عقد جديد، أو مهر جديد.
واذا كانت معتدة منه بسبب طلاق بائن بينونة صغرى، فإنها تحل له بعقد ومهر جديدين.
والعقد على المعتدة باطل باتفاق الفقهاء جميعًا ولا خلاف في هذا، فإذا عقد عليها فالزواج باطل، ويجب التفريق بينهما فورًا سواءً قبل الدخول ام بعده.
ولا يمنع دخوله بها في العقد الباطل ان يعقد عليها من جديد اذا انتهت عدتها عند جمهور الفقهاء؛ فالعقد على المرأة المعتدة في العدة ودخوله بها سواءً في العدة ام بعدها لا يكون سببًا في تحريمها، فإذا خطبها بعد انتهاء عدتها وعقد عليها صح العقد.
5- المطلقة ثلاثة مرات: وهي المبانة بينونة كبرى، فانها لا تحل لمطلقها على الوجه المذكور الا بعد زواجها من زوج آخر تزوجها بعقد صحيح، ودخل بها فعلا، ثم طلقها أو مات عنها وانقضت عدتها منه.
وذلك لقوله عز وجل: ﴿فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره﴾ (سورة البقرة: من الآية: 230) أي الطلقة الثالثة.
ولا يكفي مجرد النكاح، ثم الطلاق أو الوفاة، كي تحل للاول الذي طلقها ثلاث مرات، بل لا بد من الدخول حقيقة، وان يكون نكاحها من الثاني غير مؤقت، وان تنتهي عدتها من الزوج الجديد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمن ارادت ان ترجع الى مطلقها ثلاثًا، بعد ان تزوجها آخر، وطلقها قبل ان يدخل بها فعلا: ((لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته)) (متفق عليه) وهذا حديث صريح واضح في الدلالة على ان المطلقة ثلاثًا لا تحل لزوجها المطلق الا اذا تزوجت بعده رجلا آخر، ذاق عسيلتها، وذاقت عسيلته، وهذا يعني انه لا بد من الدخول الفعلي ويذوق كل منهما لذة الجماع.
ويشمل حكم المادة الزوجة التي جرى التفريق القضائي بينها وبين زوجها ثلاث مرات، اذا كان التفريق من النوع الذي يعتبر طلاقا لا فسخا، والتعبير بانقضاء عدتها من زوج آخر، يشمل ما اذا كان انحلال زواجها من الزوج الثاني الذي دخل بها، ناشئا عن طلاق، أو تفريق قضائي، أو موت.
وهذا ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة من اشتراط الدخول الحقيقي في الزواج الثاني، ولا يخفي ان ذلك شريطة ان يكون عقد الزواج الثاني صحيحًا، فإن كان العقد فاسدًا لم يحلها الوطء للزوج الاول؛ لقوله تعالى : ﴿حتى تنكح زوجًا غيره﴾ (سورة البقرة: من الآية: 230)، واطلاق النكاح يقتضي النكاح الصحيح، كما يشترط ان يكون الوطء في الفرج، فلو وطئها دون أو في الدبر لم يحلها الوطء للزوج الاول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الحل على ذوق العسيلة منهما، ولا يحصل ذلك الا بالوطء في الفرج، ويشترط عند المالكية والحنابلة ان يكون الوطء حلالا، فإن وطئها في حيض أو نفاس أو اثناء احرام احدهما أو صيام احدهما صوم رمضان، لم تحل للزوج الاول؛ لأنه وطء حرام لحق الله تعالى، فلم يحصل به حل، ولم يشترط الحنفية والشافعية هذا الشرط، فلو وطئها حرامًا حلت الزوجة لزوجها؛ لأنه وطء في زواج صحيح، وقد رجحه ابن قدامة رحمه الله لظاهر قوله تعالى: ﴿حتى تنكح زوجًا غيره﴾ وهذه قد نكحت زوجًا غيره؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته)) وقد وجد هذا، ويشترط ايضاً عند المالكية والحنابلة ان يكون الزواج لم يقصد به تحليل الزوجة للزوج الاول، فإن قصد التحليل لم تحل للاول.
6- المحرمة بحج أو عمرة: فالاحرام بحج أو عمرة، مانع من صحة العقد، عند الائمة الثلاثة، الشافعي واحمد ومالك.
وقد استدل هؤلاء بالحديث الذي رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)) رواه مسلم.
وقد اخذ القانون بقول الجمهور.
7- المرأة التي لا تدين بدين سماوي، وهي التي لا تؤمن بنبي مرسل، ولا تؤمن بكتاب منزل، لا يجوز نكاحها ما دامت على ذلك، وفقًا لصريح نصوص القرآن الكريم، والسنة الصحيحة ودلالاتها، وقد اتفق الفقهاء، على عدم صحة زواج المسلم، ممن لا تدين بدين سماوي، أي دين كان له كتاب منزل في زمن نشأته، وله نبي مبعوث ذكر في القرآن الكريم.
فمن كانت يهودية أو نصرانية، جاز التزوج منها، اما الوثنية أو البوذية فلا يحل نكاحها ما دامت على تلك العقيدة.
ومع هذا فإن الاولى بالمسلم والاجدر الا يتزوج بغير مسلمة.
ولقد كان عمر رضي الله عنه ينهي عن الزواج من الكتابيات الا لغرض هام أو ضرورة.
هذا وان المرتدة عن الاسلام، لا تعتبر ذات دين، ولو انتقلت من الاسلام الى دين كتابي، فلا يصح زواج المسلم من مرتدة، كما لا تتزوج المسلمة مرتدًا.
8- زواج المسلمة بغير المسلم: وقد اتفق الفقهاء على عدم جواز تزويج المسلمة من غير مسلم، سواء اكان مشركا ام كتابيا، والتحريم ثابت بنص القرآن والسنة والاجماع.
الفصل الرابع
شروط العقد
المادة 48
تضمنت هذه المادة اهم شرائط الصحة لعقد الزواج، فلا يكفي الرضا وحده لصحته، بل لا بد من اخراج النكاح عن حدود السرية، حتى لا يلتبس بالزنا وحتى لا تكون علاقة الرجل مع امرأته محل شبهة، أو سوء ظن.
وايضاً، فإن الزواج تنشأ عنه حقوق وواجبات، ولا يمكن ان تثبت هذه الحقوق – حين الجحود – اذا لم يكن العقد معلنًا معروفًا.
ولذلك اتفق على وجوب اعلان النكاح واشهاره، وان اختلفت طرق هذا الاعلان والاشهار، ومنذ ان عرف الناس شريعة الزواج، تعارفوا على اشهاره واعلانه.
ولقد ذهب الائمة الثلاثة: ابو حنيفة والشافعي واحمد الى اشتراط الشهادة لصحة العقد، وان اختلفوا في اوصاف الشهود.
وبرأي الجمهور اخذ القانون في هذه المادة اشتراط الشهادة لصحة العقد.
وقد اجمع الفقهاء على انه: يشترط في الشهود لعقد الزواج البلوغ والعقل والاسلام اذا كان الزوجان مسلمين.
واشترط الجمهور ان يسمع الشاهدان معنى كلام المتعاقدين، وان يفهما المراد منه حتى يتحقق الغرض من الشهادة، وهذا ما اخذ به القانون نظرًا لاهمية عقد الزواج.
واما الذكورة، فقد اشترطها في شاهدي عقد الزواج الشافعي ومالك واحمد في اصح الروايات عنه، بخلاف الشهادة في الاموال التي يكفي فيها رجل وامرأتان؛ لأن النكاح اعظم خطرًا واقل وقوعًا، فلا يلحق بما هو ادنى خطرًا واكثر وجودًا.
ويؤكد هذا القول، ما ورد عن الحسن البصري رحمه الله: "مضت السنة عن رسول الله ان لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق" رواه البيهقي.
وقد صيغت هذه المادة في القانون بحيث جاءت موافقة لما قاله الجمهور في موضوع الشهادة في عقد الزواج.
المادة 49
بينت ما يتعلق بالمهر، وهو من اهم الحقوق المادية للزوجة على زوجها، ومن ابرز الآثار الحقوقية التي تترتب على عقد الزواج، فعرفته بأنه المال الذي يبذله الزوج للمرأة، رمزًا لرغبته الاكيدة في الاقتران بها، في حياة شريفة، توفر الاطمئنان والسعادة لاسرتهما.
وقد جعلته الشريعة الاسلامية واجبًا على الرجل، صيانة للمرأة من ان تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال ليكون مهراً تقدمه للرجل، وانما هو رمز للتكريم وللرغبة في الاقتران بها، ولذا جاء التعبير عنه في القرآن الكريم بأنه نحلة، قال تعالى: ﴿وآتوا النساء صدقاتهن نحلة﴾ (سورة النساء: من الآية: 4).
واشارت المادة الى ان كل ما صح التزامه شرعًا، من مال متقوم او منفعة متقومة بمال، كسكنى دار، او زراعة ارض، او عمل يصح التزامه، كبناء او زراعة او تعليم، فكل ذلك يصح ان يكون مهرًا عند جمهور الفقهاء، والحنفية عندهم تفصيل في المنافع التي تجوز والتي لا تجوز.
واخذ القانون بقول الجمهور من الفقهاء في انه لا حد لاقل المهر؛ لقوله تعالى ﴿ان تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين﴾ (سورة النساء: من الآية 24)، فكلمة ﴿اموالكم﴾ الواردة في الآية يدخل فيها القليل والكثير؛ لأنها مطلقة غير مقيدة.
ولقوله عليه الصلاة والسلام ((التمس لو خاتمًا من حديد) رواه البخاري ومسلم.
وذهب الحنفية الى انه يجب ان لا يقل عن عشرة دراهم، او ما يعادلها، وقال المالكية: لا ينبغي ان يقل عن ربع دينار.
ومع ان الائمة والفقهاء اتفقوا على انه لا حد لاكثره، الا انهم جميعًا كرهوا المغالاة بالمهور؛ لما ينشأ عن ذلك من اخطار اجتماعية تحول دون انتشار الزواج الذي حض عليه الرسوم الكريم صلى الله عليه وسلم، وبيًن ان ((اعظم النساء بركة ايسرهن مؤونة)) اخرجه احمد في المسند.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((خيرهن ايسرهن صداقًا)) رواه ابن حبان في صحيحه.
ولا يخفي ما في اعراض الشباب عن الزواج في الوقت المناسب له بسبب غلاء المهور، من اعظم المفاسد الاجتماعية والاخلاقية.
وتفاديًا لما انتشر وتعاظم امره وضرره، فقد نص القانون في هذه المادة على ان اكثر المهر يخضع للقانون الاتحادي رقم 21 لسنة 1997م. في شأن تحديد المهر في عقد الزواج ومصاريفه، وقد نص في مادته الاولى على انه: "لا يجوز ان يزيد مقدم الصداق في عقد الزواج على عشرين الف درهم، او ان يجاوز مؤخر الصداق ثلاثين الف درهم"، وفي ذلك تشجيع للشباب على الزواج وتخفيف مؤن الزواج عن كاهلهم، وهذا يتطابق مع روح الشريعة ونصوصها المانعة عن المباهاة بالمهور والاسراف والمغالاة فيها.
المادة 50
هذه المادة اكدت ان المهر حق خالص للزوجة، تتصرف فيه كيف شاءت بشروط التصرف.
وهي التي تقبضه بنفسها، أو توكل بقبضه من تشاء، أو يقبضه لها من تأذن له بالقبض ولو ضمنًا، كالأب، والجد العصبي حين فقد الاب.
وقد اخذ القانون برأي الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة في هذه المادة.
وللمرأة ان تهب مهرها لزوجها، بعد قبضه، كما ان من حقها ان تبرئ ذمته منه، كلا أو بعضا قبل قبضه مادامت كاملة الاهلية ومن اهل التبرع، واستوفى الابراء والهبة شروطهما المقررة شرعًا.
ولو شرط عليها الزوج ان تشتري به متاعًا أو اثاثًا لداره، لا يعتد بهذا الشرط.
والواجب على الزوج هو المهر المتفق عليه فقط أو مهر المثل على ما سيأتي بيانه، اما ان يأخذ الولي – ابًا كان أو غيره – شيئًا من الخاطب لنفسه مقابل تزويجه مما يسمى في بعض الاماكن رضوة، أو خلعة، أو نحو ذلك فهو امر ممنوع ومحظور.
المادة 51
المهر نوعان: مهر مسمى، ومهر المثل.
اولاً: المهر المسمى، وهو المهر الذي اتفق الزوجان على تسميته في العقد أو تراضيا على تسميته بعد العقد اذا لم يذكر فيه، وهذا المهر يجب للزوجة بشرطين:
1- ان يكون العقد صحيحًا، فلو كان العقد فاسدًا يجب لها مهر المثل.
2- ان تكون التسمية صحيحة، وذلك بأن يكون مالا متقوما أو منفعة متقومة بمال، وان يكون معلومًا لا جهالة فيه، فاذا كانت التسمية غير صحيحة أي فاسدة يجب لها مهر المثل.
ثانيًا: مهر المثل، وهو مهر امرأة تماثل الزوجة وقت العقد، والمعتبر عند جمهور الفقهاء امرأة تماثل الزوجة في الصفات التي ترغب في نكاحها من اسرة ابي الزوجة، وليس من قوم امها؛ لأن الانسان ينسب الى ابيه لا الى امه، فاذا لم يوجد احد من اسرة ابيها فمن قوم امها وهن ذوو الارحام كأمها وخالتها وجداتها وبنات اخوالها وبنات خالاتها؛ فإذا لم يوجد نساء من قوم ابيها أو امها فمهر امرأة اجنبية تماثلها من بلدها ثم اقرب بلد اليها.
وذهب الامام مالك الى اعتبار مهر المثل بامرأة تماثلها في الصفات من غير نظر الى اقارب الاب أو الارحام.
والمماثلة المعتبرة في السن والجمال والعقل والعفة والبكارة والثيوبة واليسار والفصاحة والعلم والشرف، وكونها ذات ولد أو ليست كذلك.
ودليل فرض مهر المثل عند عدم التسمية، أو وجود تسمية غير صحيحة ما ورد ان عبدالله بن مسعود قضى لامرأة لم يفرض لها زوجها صداقا ولم يدخل بها حتى مات، فقال: لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الاشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق رضي الله عنها بمثل ما قضيت (اخرجه عبد الرزاق في المصنف).
وكذلك الحكم لو تم العقد مع نفي المهر؛ فإن جمهور الفقهاء وإن رأوا جواز العقد مع الاتفاق على عدم تسمية المهر أو على اسقاطه، فإنهم اوجبوا للزوجة مهر المثل، اذا تم الدخول أو حصلت الوفاة.
كما اوجبوا للمطلقة قبل الدخول المتعة، اذا لم يكن لها مهر مسمى، على ما سيأتي بيانه.
المادة 52
نصت هذه المادة في فقرتها الاولى على: ان المهر يمكن ان يكون كله معجلا، كما يمكن ان يكون كله مؤجلا، ويمكن ان يتفق على تعديل بعض وتأجيل البعض الآخر.
واذا قيل: مهر معجل، فيمكن ان يكون مقبوضًا حين العقد، ويمكن ان يؤجل استيفاؤه الى اجل معلوم بعد العقد، أو الى حين المطالبة به.
اما المؤجل فإنه يراد بتأجيله، ان يكون استحقاقه بالوفاة أو البينونة، وليس من حق الزوجة ان تطالب به قبل ذلك، ما لم ينص في العقد على خلاف ذلك.
وان لم يكن ثمة اتفاق على شيء من ذلك، جرى الامر على ما عليه العرف في البلد الذي انشئء فيه العقد؛ اذ ان المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
والفقرة الثانية من هذه المادة، صريحة في ان المهر يجب بالعقد الصحيح، أي انه اثر من آثاره.
اما في العقد الفاسد، فلا يجب ولا يثبت الا بالدخول، وكذا مع وجود الشبهة.
والمهر الذي وجب بالعقد الصحيح يكون قابلاً للسقوط، كله أو بعضه، قبل ان يتأكد بالدخول أو الوفاة اتفاقا، وبالخلوة الصحيحة على خلاف في ذلك، فاذا حصل المؤكد، صار المهر غير قابل للسقوط لأي عارض يحدث من بعد.
1- فالدخول الحقيقي، يؤكد المهر كله، سواء كان مهر المثل إن لم تكن تسمية للمهر حين العقد ام كان مهرًا مسمى، وسواء اكانت التسمية وقت العقد، ام اتفق عليها بعد العقد.
2- والموت يؤكد المهر الثابت ايضًا سواء اكان الذي مات هو الزوج ام الزوجة، وسواء اكان ذلك قبل الدخول ام بعده؛ لأن الموت انهى عقد الزواج، مقررا كل احكامه، طالما لم يوجد قبله ما يسقط بعضه أو كله.
وبالموت استحال وجود المسقط، واضحى المؤجل منه مستحق الاداء، كما يستحق المؤجل بالبينونة بعد التأكد بالدخول.
3- اما الخلوة الصحيحة دون الدخول الحقيقي فقد اختلف العلماء في تأكد وجوب المهر بها على ما يأتي:
قال الحنفية والحنابلة والشافعي في قوله القديم: إنه يجب كامل المهر اذا طلقها بعد الخلوة، وان لم يدخل بها، لقوله تعالى: ﴿وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض﴾ (سورة النساء: من الآية: 21)، وقالوا: المراد بالافضاء الخلوة، دخل بها ام لم يدخل.
واستدلوا كذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ((من كشف خمار امرأة ونظر اليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل بها)) (رواه ابوداود وغيره).
وبما روي عن زرارة بن ابي اوفى قال: ((قضى الخلفاء الراشدون المهديون ان من اغلق بابًا وارخى سترًا فقد وجب المهر ووجبت العدة)) (اخرجه البيهقي).
وقال الشافعي في قوله الجديد وهو رواية عن احمد: الخلوة وحدها لا تؤكد المهر كله، فإن حصل طلاق قبل الدخول الحقيقي فنصف المهر المسمى.
وقد رأى القانون الاخذ برأي الجمهور في وجوب المهر بالخلوة الصحيحة.
اما الطلاق قبل الدخول، فإنه يسقط نصف مجموع المهر المسمى إن كان فو الذي بيده عقدة النكاح ان تعفوا اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير﴾ (سورة البقرة: الآية: 237).
وان لم يكن ثمة مهر مسمى، وحصل الطلاثمة مهر مسمى بلا خلاف بين الفقهاء؛ لقوله عز وجل: ﴿وإن طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا ان يعفون أو يعق قبل الدخول، فإن المطلقة تستحق المتعة فقط، ويقدر ذلك القاضي بما لا يزيد عن نصف مهر المثل؛ لقوله تعالى: ﴿لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين﴾ (سورة البقرة: الآية: 236).
وهذا ما نصت عليه المادة في الفقرة الثالثة.
المادة 53
تشير هذه المادة الى بعض الحقوق المتقابلة في الزواج، فإذا كان من حق الزوج طلب زوجته للزفاف، أو لمتابعته الى مسكن الزوجية، فإن من حق المرأة مطالبته بحال المهر.
فاذا قدم الزوج لزوجته ما اشترط عليه تعجيله بالشرط من المهر، أو ما عرف تعجيله بالعرف، كان على الزوجة اجابة طلب الزوج في الدخول والمساكنة.
فإن لم يقدم لها ما وجب تعجيله، ليس له عليها حق اجابته الى طلبه البناء بها، ومن حقها الامتناع عن متابعته الى مسكن الزوجية، مادامت ذمته مشغولة بحال الصداق.
وهذا ما اشارت اليه الفقرة الاولى من هذه المادة، فان امتنعت عن الانتقال الى بيته، فقد امتنعت بحق شرعي، ويستمر ذلك لها الى ان تسقط حقها في التقديم، فإن سقط ذلك الحق باسقاطها فليس لها ان تمتنع من بعد.
ولكن ان لم يقدم لها معجل الصداق، ثم دخل بها برضاها، فهل لها ان تمتنع بعد ذلك؟، قال الصاحبان ابو يوسف ومحمد رحمهما الله، وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة: ليس لها ذلك، ويبقى المهر في ذمة الزوج كأي دين آخر، من حيث التقادم، الذي يبدأ اعتبارًا من تاريخ انفصام عرى الزوجية، ومن حيث انها تكون في تلك الحالة، اسوة باقي الغرماء، حين عدم كفاية امواله للوفاء بسائر ديونه؛ لأنها برضاها بالدخول قبل قبض حال الصداق، قامت بتنفيذ احكام العقد من جانبها، من كل الوجوه راضية، فكان ذلك علامة اسقاطها حقها في طلب معجل المهر قبل الدخول، فيسقط حقها في الامتناع بعد ذلك، والساقط لا يعود.
وبقولهم اخذ القانون وجاء نص الفقرة الثانية من هذه المادة موافقاً لما قرروه.
الفصل السادس
الحقوق المشتركة
المادة 54
الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين:
الزواج رابطة مقدسة بين الزوج والزوجة، قائمة على المودة والرحمة، والتعاطف والتراحم، والستر والتجمل، والسكن والاستقرار، وامداد المجتمع بالنسل الصالح الكريم.
والشريعة الاسلامية، ترتب على عقد الزواج: حقوقًا للزوجين مشتركة، وحقوقًا للزوجة على زوجها، وحقوقًا للزوج على الزوجة.
وما من شك في ان كل حق يقابله واجب، والتكليف في مقابله تشريف، وتلك هي سنة الكون، وذلك هو منطق العدل، ﴿ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف﴾ (سورة البقرة: من الآية: 228).
والزواج عقد جعل بين الزوجين لحمة، تشبه لحمة النسب أو اقوى، وربط بين اسرتيهما برباط من المصاهرة فصارتا كالاسرة الواحدة.
ولذلك تثبت بينهما حرمة المصاهرة، كما ثبتت بين الاقارب حرمة بالنسب، وثبت التوارث بين الزوجين، كما ثبت بسبب النسب والقرابة والرحم؛ تلك هي شريعة اللطيف الخبير.
ومتى تم عقد الزواج صحيحًا نافذًا، حل ما يقتضيه الطبع الانساني مما كان محرمًا الا بالزواج، وحل لكل منهما ان يستمتع بالآخر على الوجه المأذون به شرعًا، ما لم يوجد مانع شرعي من حيض أو نفاس.
وبالزواج الشرعي احرز كل من الزوجين شطره الآخر، وكمل به وجود كل منهما، واحصن كل منهما الآخر، وبنيا معا عشهما الهادئ ليكونا فيه راعيين للنشئ الكريم، فلا بد اذن من المساكنة الشرعية، وحسن المعاشرة، وتبادل الاحترام والعطف والمحافظة على سعادة الاسرة وخيرها والعناية بالاولاد وتنشئتهم النشأة الصالحة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اكمل المؤمنين ايمانًا احسنهم خلقًا، وخيارهم خيارهم لنسائهم)) رواه احمد والترمذي.
وبدهيّ ان العشرة بالمعروف، والمعاملة بالاحسان، لا تكمل الا باحترام كل منهما لأبوي الآخر والاقربين من ذوي قرباه، ليحصل التعاون، ويسود الوفاق بين الزوجين، في حياتهما الزوجية، فيعيشان في وئام وسلام.
وعلى هذه الاسس صيغت هذه المادة من القانون.
المادة 55
للزوجة على زوجها حقوق مالية أو مادية، وحقوق ادبية أو معنوية.
فالمهر، والنفقة الشاملة للغذاء والدواء والملبس والمسكن وجميع ما به مقومات الحياة بحسب العرف، حق للزوجة، واكمال التعليم من الحقوق التي قررها لها القانون تأسيسًا على قوله صلى الله عليه وسلم "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
وبرّها بأبويها، وصلة ارحامها المحارم، وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف، وطبقًا لما نص عليه الفقهاء من الحقوق المعنوية المقررة لها.
وكذلك حقها في الاحتفاظ باسمها العائلي الذي كان لها قبل الزواج، وفي ادارة اموالها الخاصة والتصرف بها تبعًا لشخصيتها المالية المستقلة.
وعدم الاضرار بزوجته لا ماديًا ولا معنويًا من الامور الذي تجب على الزوج، وهذا ما نصت عليه هذه المادة.
ومما يشمله قول الله تعالى ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ (سورة النساء: من الآية: 18)، فلا يؤذيها بقول أو فعل، ولا يلحق بها ضررًا، ولا يظلمها في شيء، ولا يتعدى ما اباحه له الشرع في سبيل اصلاحها واسعاد الاسرة.
ولعل اهم حقوق الزوجة على زوجها العدل الذي تطيب به النفس، ويرتاح اليه القلب، وتصان معه الحقوق، وقد رأى القانون النص عليه في فقرة خاصة ابرازًا لأهميته.
ويكون العدل من المتزوج بواحدة فقط، ان يعاملها بما يحب ان تعامله به، بحيث لو فعلت به مثل الذي يفعل بها، لقبله منها.
وليتذكر قول الله تعالى: ﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة﴾ (سورة البقرة: من الآية: 228)، وان تلك الدرجة قد حددها الشارع بالطاعة والعشرة بالمعروف، والقرار في بيت الزوجية.
وليستشعر دائمًا وصاة الاسلام بها، اذ يقول صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا)) (رواه البخاري ومسلم، وبقول صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله، وانا خيركم لأهلي)) رواه الترمذي.
اما اذا كان متزوجًا بأكثر من واحدة فالعدل تتشعب نواحيه، اذ يصبح مطالبًا بالعدل معهن جميعًا فلا يظلمهن، ومطالبًا بالعدل بينهن، فلا تنقص واحدة في المعاملة الظاهرة عن الاخرى.
وذلك بأن يسوي بين زوجاته في القسم بينهن في البيات، لا فرق بين قديمة وجديدة، وبكر وثيب، ومسلمة وكتابية، وسواء في ذلك حالة الصحة ام حالة المرض؛ لأن السبب الذي يربطه بكل واحدة منهن هو الزوجية، وهي قدر مشترك عند هؤلاء جميعًا، واذا اتحد سبب العلاقة الشرعية وجبت المساواة فيها، وبذلك تطيب نفوسهن، ولا تحس واحدة منهن بمرارة التفضيل.
اما المساواة بالميل القلبي الذي يجب ان يبقى بين المخلوف وخالقه، فيجب الا يترتب عليه ميل ظاهر لاحداهن.
ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين زوجاته فيعدل ويقول: ((اللهم هذا قسمي فيما املك، فلا تلمني فيما تملك ولا املك)) (رواه ابوداود).
فالمحبة القلبية ليست في مقدور الانسان، ولذا لا يطالب زوج ان يسوي بين زوجاته في هذه الناحية.
فالعدل الواجب بين الزوجات، هو العدل الذي يستطيعه الانسان، وهو العدل في المعاملة، وفي النفقة وفيما يفرضه الشرع من حقوق للزوجة.
وهذا هو العدل الذي جعله الله شرطًا في جواز التعدد، اما العدل الذي لا يستطيعه الانسان، وهو التسوية في المحبة القلبية فهذا لا تناط به احكام.
ويأتي التوجيه الاخلاقي القرآني الكريم في هذا الصدد بقوله سبحانه: ﴿فلا تميلوا كل الميل، فتذروها كالمعلقة﴾ (سورة النساء: من الآية: 129) مشيرًا الى انه اذا لم يقدر الزوج على التسوية في الميل القلبي، فلا يمل ويجنح حتى تكون المرأة كالمعلقة.
المادة 56
لا بد لكل مجموعة مهما قل عدد افرادها ان يكون لواحد منها درجة التوجيه والطاعة، فيما ينبغي ان يطاع فيه، ويكون مسؤولاً عن توجيه شؤونهم الى ما فيه المصلحة والخير لهم.
ومن المعلوم ان الاسرة هي الجماعة الاولى في الحياة الانسانية منذ خلق الله البشر وجعلهم خلائف في الارض ورفع بعضهم فوق بعض درجات.
قال عز من قائل: ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الارض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما اتاكم﴾ (سورة الانعام: من الآية: 165).
واذا كان كل من الزوجين مسؤولاً عن حقوق الآخر، ورعاية كرامته وحفظ غيبته، فإن الشريعة قضت بأن تكون القوامة في الاسرة للرجل، بحكم اختلاطه في المجتمع العام؛ ولأنه اقدر على تغليب حكم العقل وضبط المواقف والعواطف؛ ولأنه يشعر بالمضرة المالية وغيرها ان فسدت الحياة الزوجية أو انقطعت.
وكل الشرائع سواء اكان مدنية ام دينية تجعل للرجل درجة على النساء.
فلا غرابة ان نقرأ في كتاب الاسلام الخالد: قول الله تبارك وتعالى: ﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة﴾ (سورة البقرة: من الآية: 228)، وهي درجة والقوامة على شؤونها.
ونقرأ ايضًا حقوقه عزّ وجلّ: ﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله﴾ (صورة النساء: من الآية: 34).
ومن هنا كان للزوج على زوجته الحقوق التي اشارت اليها هذه المادة بفقراتها الثلاث.
وما من شك في ان بين الرجل والمرأة فوارق جنسية، لاختلاف طبيعتهما، وتكوينهما الجسدي يقتضي توزيع الاعمال بينهما في حيز الاسرة، يقوم كل منهما بما هو ميسر لما خلق له.
ومن مكارم الاخلاق ان يعاون الرجل اهله في الاعمال الداخلية للبيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل (اخرجه البخاري في صحيحه).
ومن مقتضيات مصلحة البيت والاسرة قرار المرأة في بيت الزوجية، وعدم خروجها منه الا بإذن من زوجها أو بمسوغ شرعي، ولا تدخل احدًا بيت زوجها الا بإذن منه، ولا تبيت خارجه عند احد الا بإذنه، الا ان يكون احد ابويها مريضًا وليس له من يتعهده سواها، وهو بحاجة اليها، فلها حينذاك الخروج بغير اذن، والضرورات تقدر بقدرها.
ومن حق الزوج على زوجته، طاعتها له بالمعروف ومعاملتها اياه بالحسنى والمحافظة على ماله وكرامته وعرضه.
قال الحافظ ابن كثير: تطيعه فيما امرها الله به من طاعته، وطاعته ان تكون محسنة لأهله حافظة لماله.
وعن ابي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة: إن امرها اطاعته، وإن نظر اليها سرّته، وإن اقسم عليها ابرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله)) (رواه ابن ماجه).
وله ارشادها وتوجيهها وردها على الصواب اذا اخطأت أو حادث عن الجادة أو نشزت عن الطاعة.
ولم يجعل الشرع امر تأديب الزوجة لغير زوجها؛ ليحفظ نظام الاسرة وليبقى سرها مكتومًا، وهو ادرى من غيره بما يؤثر في اصلاحها وكبح جماحها، فمن النساء من تكفيها الاشارة أو الكلمة العابرة والموعظة الحسنة، ولا يخفى ما للقدوة العملية والاسوة الحسنة من اثر فعال في هذا المجال.
ومنهن من تحتاج الى اللوم والتنبيه الى العيوب ونتائجها، ولكل مقام مقال، ولكل حال نوع من المعاملة، والعاقل من عرف لكل امر علاجه، ولكل داء دواؤه، ومن قال بغير ذلك فقد اجحف وخالف طبيعة الفطرة، وتجاهل مصلحة الاسرة.
وفي الاثر من التوجيه الكريم والهدي النبوي عن حكيم بن معاوية القشيري عن ابيه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة احدنا عليه؟ قال: ((ان تطعمها اذا طعمت وتكسوها اذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر الا في البيت)) (رواه ابو داود) أي لا تقل: قبحك الله، وهذا الحديث الشريف يشير الى الجائز من الهجر وهو الهجر الجميل، والاعراض اليسير، من غير جفوة موحشة، وهو المشار اليه في قوله تبارك وتعالى: ﴿واهجرهم هجرًا جميلاً﴾ (سورة المزمل: من الآية: 10).
ومما جعله الشارع الحكيم حقًا للزوج على زوجته؛ القيام على شؤون البيت ورعايته، والعمل فيه حسب العرف وضمن الدائرة التي تحددها حال الزوج المالية، من يسر أو عسر، ومرتبته الاجتماعية، مع ملاحظة ما ورد في السنة من الآثار الصحاح، ان نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يقمن بخدمة البيت، ونساء الصحابة كن كذلك، حتى ان السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قد ذهبت الى ابيها تشكو اليه ما تلقى في يديها من الرحى.
وقالت اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها: "كنت اخدم الزبير خدمة البيت، وكان له فرس وكنت اسوسه فلم يكن من الخدمة شيء اشد علي من سياسة الفرس كنت احتش لها واقوم عليه واسوسه (رواه مسلم في الصحيح).
ومن اهم حقوقه عليها رعاية اولاده منها وارضاعهم مالم يكن هنالك مانع معتبر يمنعها من ذلك.
وحديث اسماء بنت يزيد رضي الله عنها – المعروفة بخطيبة النساء – خير شاهد على ما ينبغي للزوجة ان تقوم به من حقوق زوجها، وما أعد لها في مقابل ذلك من اجر يعدل ثواب الجمعة والجماعة والحج والجهاد في سبيل الله، اذ قال لها الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم: ((اعلمي واعلمي من وراءك من النساء: ان حسن تبعّل المرأة لزوجها، واتباعها موافقته ومرضاته، يعدل ذلك كله)) أي قيامها بما فيه مرضاته من الامور المشروعة واشرافها على بيته وتربية اولاده وارضاعهم، والمحافظة على ماله يعدل ثواب ما كانت قد ذكرته له مما يقوم به الرجال عادة من قربات خارج المنزل، واعمال صالحات يكتب لهم بسببها الثواب العظيم.
المادة 57
الوصف الشرعي الذي يوصف به عقد الزواج من حيث الاعتداد به وترتيب آثاره عليه بسبب استيفاء اركانه أو شروطه أو عدم ذلك صحيح أو فاسد أو باطل.
فالعقد الباطل غير منعقد باجماع المذاهب الفقهية ولا تترتب عليه آثار العقد الصحيح.
اما العقد الفاسد فإن المذهب الحنفي الذي اسس نظرية الفساد في العقود المالية واعتبرها حالة متوسطة بين البطلان والصحة حيث يعتبر العقد الفاسد في المعاملات منعقدًا واذا تم تنفيذه رضاءً انتج آثاره لكنه يقبل الفسخ بل يجب فسخه حسبة بقوة القضاء إن لم يفسخه المتعاقدان اختيارًا اذا لم يمنع من فسخه مانع.
وساوى بقية الفقهاء ايضًا بين العقد الباطل والعقد الفاسد وقالوا بعدم انعقاده.
وقد اخذ القانون بالقسمة الثلاثية صحيح وغير صحيح، وغير الصحيح فاسد وباطل.
المادة 58
الزواج الصحيح هو ذلك العقد بين الرجل والمرأة الذي تتوفر اركانه وشروطه وتنتفي موانعه ويشمل اللازم وغير اللازم.
والعقد سبب شرعي يثبت الحل وقبله تحريم فإن وجد بأركانه وشروطه نقل العلاقة بين الرجل والمرأة من التحريم الى الحل.
فيترتب عليه الحل بين الزوجين والمهر والعشرة بالمعروف وحقوق الزوجية والنسب ونفيه باللعان ونفقة الزوجة ونفقة العدة للمطلقة والتوارث بين الزوجين وحرمة المصاهرة، ولا ينحل الا بالوفاة أو بالطلاق أو بالفسخ أو بالتفريق القضائي.
واركان العقد كما نص عليها القانون هي العاقدان والمحل والايجاب والقبول، والايجاب والقبول هما الركن الاهم في عقد الزواج.
وشروط الايجاب والقبول:
ان يكونا منجزين غير معلقين ولا مضافين الى مستقبل.
ان يوافق الايجاب القبول صراحة أو ضمنًا.
أن يتحد مجلس العقد.
ان يستمر الايجاب صحيحًا الى ان يصدر القبول.
ان يسمع كل من العاقدين كلام الآخر.
ويشترط فيه ايضًا حضور شاهين بالغين عاقلين كما يشترط فيه ان تكون المرأة محلاً لوقوع العقد.
وتشترط فيه اهلية الزوجين – على ما نص عليه هذا القانون – والكفاءة وقت العقد وانتفاء موانعه التي تؤدي الى فساد العقد.
المادة 59
ان كان الزواج غير مستوف لأركانه وشروطه لا يكون معترفًا به من قبل الشارع الحكيم فلا يترتب عليه حكم شرعي مجرد وجوده.
ولكن الدخول يترتب عليه آثارًا تولتها المادة 60 من هذا القانون.
اما قبل الدخول فلا يترتب عليه أي اثر وتجب فيه الفرقة، ويجب على القاضي الزام العاقدين بها.
وفسخ القاضي له معناه التفريق الاجباري بين المتزوجين بامر القاضي إن لم يتفرقا من تلقاء انفسهما.
ومعناه الحيلولة المادية لمنع استمرار الاجتماع غير المشروع وليس معناه حل العقد لأنه غير منعقد اصلاً.
ولهذا اعتبر التفريق بينهما حسبة أو واجبًا دينيًا لأنه ازالة معصية.
وهو كما ذكر في هذه المادة الزواج الذي اختلت بعض شروطه والفقهاء متفقون على ان النكاح الفاسد لا يثبت فيه شيء من الاحكام ولا يفيد الحل ولا يقع فيه طلاق وانما تثبت فيه بعض الحقوق بالدخول.
وهو غير منعقد فهو باطل كما صرح بذلك صاحب الهداية المرغنياني وشارح الهداية وابن عابدين واجمع عليه بقية الفقهاء.
وما كان متفقًا على حرمته فهو باطل.
المادة 60
نصت هذه المادة على ما يترتب على الزواج الفاسد بعد الدخول من آثار وهي ان تستحق المرأة الاقل من المهر المسمى ومهر المثل واعتبرت هذه المادة لتسمية المهر اثرًا فإن كان المسمى وهو المتفق عليه بين المتعاقدين اقل من مهر المثل استحقته بالدخول بها وإن كان اكثر من مهر المثل فلا يعتد به وتستحق عندئذ مهر مثلها لأن الدخول يوجب ذلك.
كما جعلت هذه المادة الزواج الفاسد مثبتًا للنسب ولحرمة المصاهرة واوجبت على المرأة العدة الواجبة بعد كل دخول.
وجعلت هذه المادة النفقة للمرأة متى كانت جاهلة لفساد العقد لأن جهلها الفساد يجعلها كالزوجة الشرعية في جانب استحقاق النفقة وذلك لأن المرأة الجاهلة لفساد العقد محتبسة لمصلحة الزوج فنفقتها عليه، وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
ولا خلاف بين الفقهاء بأن هذه الآثار تترتب على الدخول، ولا آثار للعقد الفاسد قبل الدخول.
المادة 61
العقد الباطل عند جمهور الفقهاء وهو الذي اختل فيه ركن فلا يعترف به من الشارع.
وهو لا ينقل العلاقة بين الرجل والمرأة من التحريم الى الحل ولا يترتب عليه حكم شرعي.
والبطلان يدل بوضوح على عدم الانعقاد شرعًا وقانونًا ويكون هذا النكاح الباطل في حكم الزنا المحض لا يترتب على الدخول به أي اثر كزواج المحارم أو زواج المسلمة بغير مسلم.
واحترازًا وضعت هذه المادة في فقرتها الثانية انه لا يترتب عليه أي اثر ما لم ينص هذا القانون على خلاف ذلك.
ومما نص عليه هذا القانون ثبوت نسب الولد اذا ادعاه الرجل بصورة مطلقة دون ان يضيفه الى النكاح الباطل وفقًا لقواعد ثبوت النسب بالاقرار كما هو مقرر في الشريعة الاسلامية تشوفًا لاثبات النسب لاهميته، كما قرر ايضًا في المادة 39 منه ثبوت النسب في الزواج بغير ولي بالرغم من النص على بطلانه وذلك تشوفًا من الشريعة لاثبات النسب لأهميته.
الباب الخامس:
آثار الزواج
احكام عامة
المادة 62
للمرأة ذمة مستقلة سواء في اهلية الوجوب ام اهلية الاداء ولذلك تكون المرأة الراشدة حرة في التصرف في اموالها عند جمهور الفقهاء خلافًا للمالكية.
ولهذا منع القانون الزوج من التصرف في اموالها دون رضاها لأن في ذلك تصرفًا في مال الغير لاستقلال ذمة المرأة ولأن ذمتها مفصولة عن ذمته اذ ليس في الزواج اتحاد ذمة بين الزوج وزوجته. ولهذا وجبت عليه النفقة في ماله للزوجة وإن كانت غنية وهذا ما اتفق عليه الفقهاء لقوله تعالى في الآية 233 من سورة البقرة: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
والمولود له هو الزوج والوالدات هن الزوجات.
وقوله جل شأنه في الآية 7 من سورة الطلاق: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" وسبب وجوبها احتباسها له ولحقوقه اذ انها في عصمته ولذلك وجبت عليه النفقة حتى لو اختلفت زوجته عنه دينًا.
وجاءت هذه المادة بنص جديد يقرر حق كل من الزوجين في الرجوع على الآخر عند الطلاق أو الوفاة، اذ ما شارك احدهما الآخر في تجارة أو بناء مسكن أو نحو ذلك، اخذا من مذهب المالكية.
واضيفت الى هذه المادة الفقرة الثانية منها، وفيها وجوب المساواة في الهبة بين الاولاد والزوجات. وترك امر تقدير المصلحة عند التفرقة بين الاولاد للقاضي، فإن وجدها أي المصلحة في التفرقة امضاها وان لم يجدها ساوى بينهم واخرج ما يحقق المساواة من التركة لتكون حصة من كانت الهبة ضررًا له.
واعتمد القانون على مذهب الشافعية والحنابلة في وجوب بالتسوية بين الاولاد استنادًا الى ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المساواة عند الهبة فيما روي عنه صلوات الله عليه أي عند الهبة للاولاد جميعًا وللزوجات وهذا بقصد المنع على التحايل على الميراث بهبة بعض الاموال بقصد حرمان البعض الآخر عند موته لانهم ورثة له وهو رد القصد السيئ، كما جاء في المادة 361 من القانون.
ولاحظ القانون في ذلك ان بعض الآباء وخاصة المتزوجين بزوجة ثانية يحصرون هداياهم الكبيرة في احب الزوجات اليهم وفي اولادها وبذلك تحرم الزوجة أو الزوجات الآخر واولادهن في كثير من املاكه التي يتركها بعد موته.
كما لاحظ ان مصلحة بعض الورثة تقتضي تمييزه في الهبة لعاهة فيه أو لعائق من الكسب كالطفولة وغيرها. اما غيره من الاولاد فقد استوى عوده وقدر على الكسب ولم يعد بحاجة ماسة الى الارث.
ويحدث ذلك من تقدير القاضي الذي منحت له سلطة التقدير في صحة تلك الهبة فهو الذي يقدرها بسلطته القضائية.
الفصل الاول
النفقة
المادة 63
النفقة على الزوجة اثر من آثار الزواج والنفقة لغة مشتقة من النفوق لأنها تستهلك فيما تقتضيه الحياة الانسانية، وهي ما يصرفه الانسان على غيره ممن تجب عليه نفقته من نقود وغيرها مما يحتاج اليه عادة من الطعام والكسوة والمسكن والدواء والركوب والخدمة حسب المتعارف عليه في مجتمع المنفق عليه لاقامة اوده وسد عوزه في غذائه وفي ملبسه ومسكنه.
والعرف يحكم بتوابع اخرى للنفقة كنفقات الولادة وما تتقوى به المرأة اثناء الحمل وبعد الولادة.
ومن اسباب وجوبها الزوجية اذ حصل الاجماع بين المسلمين على ان نفقة الزوجة على زوجها لقوله تعالى بالآية 233 من سورة البقرة: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" والمولود له هو الزوج والوالدات هن الزوجات.
وقد الزم سبحانه وتعالى في الآية 7 من سورة الطلاق الزوج بالانفاق بقوله جل شأنه: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله" كما انه سبحانه قال في الآية 6 من السورة نفسها: "اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم".
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف).
واذا وجبت النفقة للزوجة على الزوج في شريعة الله وجب عليه ان يقوم بتهيئة عناصرها اعيانًا أو ان يدفع للزوجة النقود التي تكفيها لتهيئة حاجتها بنفسها.
وسبب وجوبها احتباسها له ولحقوقه عليها اذ انها في عصمته ولذلك وجبت عليه حتى لو اختلفت زوجته عنه دينًا.
ويدخل في مفردات النفقة التطبيب وفق المعروف.
ورغم ان الزوج هو الذي تجب عليه النفقة وهو الملزم بأدائها الا ان الفقهاء لم يتفقوا على اساس تقديرها.
فالامام مالك يقول: إن النفقة تقدر بوسع الزوج الرجل وحال الزوجة وبمثل هذا الرأي تقريبًا نظر الامام احمد الى حال الزوجين معًا وبهذا قال بعض الحنفية.
ولكن الامام الشافعي وبعض الحنفية يرون ان تقدير النفقة ينظر فيه الى حال الزوج المكلف فيها وحده يسارًا واعسارًا وذلك لقوله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا الا ما آتاها".
وللدليل العقلي ان المرأة عندما رضيت بالزواج فإنما يعد رضاها ضمنًا ان يكون انفاقه عليها بما يستطيعه.
وقد اخذ القانون باعتبار سعة المنفق وحال المنفق عليه وهو قول الجمهور.
وعلى كل هذه الآراء يجب الا تقل النفقة عن حد الكفاية لتأمين ما يلزم للمنفق عليه حسب الوضع الاقتصادي زمانًا ومكانًا.
ويكتفي القضاء لاثباتها بشهادة الاستكشاف لأن الحالة المادية لا تتضح عادة بما فيه الكفاية.
المادة 64
يقتضي تغير حال المكلف بالنفقة التي اتخذت اساسًا لتقدير النفقة يسرًا أو عسرًا، أو تغير الحالة الاقتصادية وتغير الظروف المعاشية تبعًا لها، ان تعدل النفقة وفق هذا التغيير.
وهذا ما نصت عليه الفقرة الاولى من هذه المادة.
ولكي تستقر الاحكام القضائية في مجال النفقات بين الزوجين ومنع الكيد عند المتقاضين منع نص الفقرة الثانية سماع الدعوى في زيادة النفقة أو نقصانها قبل مضي سنة من وقت تقديرها من قبل القضاء.
ولاحظ القانون حدوث ظروف استثنائية قبل مضي السنة تقتضي الزيادة أو النقصان وليس من العدل اهمالها فترك للقاضي امر قبول الدعوى وسماعها قبل مضي السنة وفق سلطته التقديرية.
وتحقيقًا للعدالة ولاحتمال الخلاف في بدء سريان المدة حددت الفقرة الثالثة في هذه المادة سريان الحكم بالزيادة أو النقصان اعتبارًا من تاريخ اقامة الدعوى للمطالبة به.
المادة 65
دين النفقة دين مقدم على غيره لأنه وجب لاقامة الاولاد وهو من الضرورات الخمس التي اوجب الشرع الاسلامي حفظها ولذلك نص في هذه المادة على امتياز النفقة المستمرة.
اما النفقة الماضية المتراكمة فليس لها ما يبرر امتيازها كدين لأنها لم تعد لاقامة الاولاد ولذلك تكون دينًا ليس له امتياز على سائر الديون ذلك لأن من استحقها ترك المطالبة بها وتراخى عن المطالبة بتنفيذها فأصبحت من الديون العادية.
الفرع الاول
نفقة الزوجية
المادة 66
سبب نفقة الزوجة على زوجها عقد الزواج الذي جعلها في عصمته واعطاه القوامة عليها كما جعلها محتسبة لحقوقه عليها وان الحفاظ على كرامتها يقتضي ان تكون نفقتها في ماله حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين أو كانت في بيت اهلها، ولم يطلبها هو الى بيته وامتنعت بغير حق فاستعدادها للمطاوعة يعد التسليم الحكمي وهو قول الجمهور من الفقهاء باستثناء المالكية الذين يرون النفقة من تاريخ الدخول بتفصيل عندهم.
المادة 67
نفقة الزوجة على زوجها تثبت منذ العقد الصحيح وهي دين ثبت في ذمة الزوج من وقت امتناعه عن الانفاق ما لم يكن ثمة نشوز مسقط لها كما قال جمهور الفقهاء ولا يسقط هذا الدين الا بالوفاء أو الابراء.
ولاحظ القانون أن في اطلاق المطالبة بها ارهاقًا للزوج فمن العدل تحديد المدة السابقة على المطالبة بها بحيث لا تكون هذه المدة مدعاة للزوجة على الاسراع في المطالبة القضائية لما فيها من خطر على العلاقة الزوجية في المخاصمة القضائية وولوج باب المحاكم مما يزيد في الخلاف بين الزوجين ويعمقه.
ولهذا حددت المدة التي تطالب بها بنفقة ماضية بمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ولكي لا تتأخر عن المطالبة اكثر من ذلك.
وفي هذا موقف وسط لاحظ فيه القانون مصلحة الطرفين ومصلحة المجتمع، وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.
وحيثما وجدت المصلحة وظهر وجه العدل فثم شرع الله ويعد هذا عندما لا يكون هناك اتفاق بين الزوجين على نفقة قبل تلك المدة.
واختار القانون ان تجعل نتيجة الاهمال عدم سماع الدعوى لا سقوط الحق. اذ تبقى ذمة الزوج مشغولة في الواقع بنفقة ما قبل هذه المدة إن لم يكن قد اداها بحيث انه لو ادى النفقة عما قبل هذه المدة يعد مؤديًا حقًا كما في حكم التقادم المسقط لحق اقامة الدعوى.
المادة 68 - المذكرة الايضاحية
الحكم في هذه المادة ظاهر الحكمة لأن فيه رفقًا بالزوجة دون ضرر بالزوج وذلك بسد الحاجة الآتية اذ قد تطول مدة التقاضي فتقع المرأة في حرج لحاجتها للانفاق على نفسها.
فاذا قدر القاضي الذي ينظر دعوى النفقة بسلطته التقديرية حاجة المرأة الى النفقة قرر لها نفقة مؤقتة حتى يصدر الحكم فيها فيكون حساب النفقة وفق الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى، ويرجع احد الزوجين على الآخر بما زاد أو نقص من النفقة التقديرية.
ولكي يكون لقراره هذا تحقيق الهدف منه فإنه مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون بضمان الوفاء بالنفقة المؤقتة تحقيقًا للهدف الذي صدر الحكم من اجله.
المادة 69
نفقة العدة نفقة زوجية مقابل الاحتباس والمرأة في العدة محتبسة لزوجها وعليه فإن الزوج اذا طلق زوجته أو فرق القاضي بينهما بطلقة رجعية أو بطلاق بائن وهي حامل فمن الواجب ان ينفق الزوج عليها ما دامت في العدة نفقة الغذاء والكساء والمسكن والدواء والتطبيب لقوله سبحانه وتعالى في الآية 7 من سورة الطلاق "لينفق ذو سعة من سعته". ولقوله سبحانه في الآية 6 من سورة الطلاق " وإن كن اولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن".
اما الزوجة غير الحامل المطلقة طلاقًا بائنًا فلا تجب لها النفقة لانها لم تعد زوجة للمطلق ولكن السكنى تجب على الزوج لاحتمال ان يعيدها الى عصمته بعقد ومهر جديدين.
المادة 70
اذا توفي الزوج اعتدت زوجته اربعة اشهر وعشرة ايام.
وتنتهي مسؤولية الزوج بوفاته اذ ليس مقبولاً ان يكون الميت مسئولاً اذ لا مسؤولية الا في الحياة لانهدام ذمة الانسان بالموت ولا يخلفه ورثته بالتزامه لأنهم يرثون الحقوق فقط.
وتركته اصبحت ملكًا لورثته منذ وفاته ولا نفقة فيها لمعتدة الوفاة.
ومع ذلك لا يحق للورثة اخراج معتدة الوفاة من بيت الزوجية لأن في ذلك انتهاكًا للعدة ولذلك جاء قوله تعالى في الآية 6 من سورة الطلاق: "لا تخرجوهن من بيوتهن".
ولكنها اذا تركت بيت الزوجية وخرجت منه لأي سبب فليس لها ان تطالب بتعويض عن سكناها مدة العدة.
وقد اخذ القانون برأي الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في انه ليس لمعتدة الوفاة نفقة، وبقول الشافعي فإن لها السكنى مدة العدة.
المادة 71
لما كان سبب النفقة عقد الزواج الصحيح فمجرد العقد اذًا يوجب النفقة ولكن هذا الوجوب مشروط بالاحتباس والاستعداد له.
اما اذا نشزت المرأة ورفضت السكن مع زوجها في البيت الشرعي من غير مبرر شرعي لهذا الرفض أو اذا منعت الزوج من دخول المسكن الزوجي وليس لها في ذلك مبرر فإن النفقة تسقط مدة نشوزها، لأن النشوز جزاؤه سقوط النفقة وليس اجبار المرأة على متابعة زوجها لأن في ذلك اهدارًا لكرامتها.
فإن رجعت عن نشوزها يزول السبب في اسقاط النفقة فتعود اليها وان هذه المادة حددت الحالات التي تسقط فيها النفقة بالحالات الخمس المذكورة في هذه المادة.
كما لاحظ القانون ان امتناع الزوجة عن مرافقة زوجها يكون حقًا لها اذا لم يكن بيت الزوجية مسكنًا شرعيًا فلذلك وصف بيت الزوجية بالشرعي واكد على الا يكون لها عذر شرعي، وتسقط نفقتها اذا منعت زوجها من دخول بيت الزوجية وكذلك اذا امتنعت عن السفر مع زوجها دون عذر شرعي.
وان حبس الزوجة بقرار من محكمة مقيد لحريتها بحكم النشوز على الا يكون الحبس بسبب الزوج وحقه اذ يكون في هذه الحال هو السبب في الحبس، فلا تعد عندئذ ناشزًا لمخالفة ذلك للمودة والرحمة التي يفترض ان تلازم الحياة الزوجية ولم يحدد القانون مدة الحبس وترك ذلك لتقدير القاضي.
ولا تسقط نفقتها في غير هذه الحالات اذ قرر الفقهاء ان الزوجة لا تستحق النفقة اذا منعت نفسها منه ابتداء أو دوامًا، وتكون آثمة بعصيانها.
ولما في ذلك من مصلحة تتحقق للزوج وللمجتمع وللزوجة نفسها كي تلزم نفسها بشرع الله الحكيم.
وقد جرت هذه المادة في عمومها على مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
المادة 72
اذا خرجت الزوجة من بيت الزوجية لامر شرعي أو عرفي أو ضرورة فلا تعد ناشزًا أي لا تسقط نفقتها، ولا يشترط في ذلك اذن الزوج ولا يعد خروجها في هذه الاحوال اخلالاً بالطاعة الواجبة للزوج.
واما من تعمل خارج البيت فلا يعد خروجها للعمل نشوزًا ولكنها قيدت ذلك بكونها عاملة عند الزواج أو باشتراطها ذلك في العقد اذا كانت لا تعمل وقت العقد وتتوقعه بعده، أو رضي الزوج بالعمل بعد الزواج فخروجها للعمل لا يسقط نفقتها اذ لا يعد نشوزًا وذلك لأن عمل المرأة اليوم فيه نفع كبير للمجتمع والاسرة.
ولم يغفل القانون ما يطرأ بعد العقد مما يجعل خروجها للعمل منافيًا لمصلحة الاسرة التي رعاها المشرع وتركت ذلك لتقدير القاضي بموجب سلطته التقديرية التي فيها سعة لتقدير ذلك.
وقد جاء في فتح القدير ان من حقها ان تخرج لفروض الكفاية بإذن وبغير إذن كما اذا كانت قابلة أو تغسل الموتى النساء لأن خروجها للفروض الكفائية خروج بحق شرعي.
المادة 73
ينقضي الالتزام بالنفقة بها بأدائها نقدًا أو عينًا وبالابراء منها.
والابراء الصحيح هو ما يكون عن دين ثابت ولا تثبت النفقة دينًا الا بعد فرضها رضاءً أو قضاءً.
ويصح الابراء عما وجب في الذمة ولا يصح في ما لا يجب في الذمة ويقع لغواً.
كما لا يصح الابراء عن النفقة المستقبلة لأن ذلك اسقاط للشيء قبل وجوبه والنفقة المستقبلة غير واجبة قبل حلول اجلها.
وان الابراء يسقط بالرد وذلك لانه لا يجوز ادخال مال في ذمة انسان دون رضاء الا الميراث.
وان النفقة الزوجية عند الحنفية تسقط بموت احد الزوجين لأنها جزاء الاحتباس وصلة بين الزوجين فتسقط بموت احدهما لامتناع الاحتباس وفوات محل الصلة، ما لم تكن مفروضة قضاء أو رضاء أو ان الزوجة امرت قضاء بالاستدانة لانها في هذه الاحوال تثبت في الذمة وتكون دينًا.
وذكر الكاساني في البدائع انه لا خلاف في المذهب الحنفي في ان النفقة الماضية المتجمدة تسقط بالموت.
والذي اخذ به القانون هو مذهب الجمهور من كون الالتزام بالنفقة يسقط بالوفاة وبمذهب بعض الحنفية في عدم سقوط النفقة التي صدر بها حكم قضائي ولو توفي احد الزوجين.
المادة 74
تجب نفقة الزوجة على زوجها ومن مفردات النفقة المسكن، والسكنى من مقومات الحياة ومن ضروراتها ولذلك يجب على الزوج ان يعد لزوجته السكن المستوفي لشرائطه الشرعية.
وقد تضمنت هذه المادة شرطين يجب توافرهما في المسكن كي يكون شرعيًا وهذان الشرطان هما:
1- ان يكون المسكن معدًا في محل اقامة الزوج لتحقق القصد وهو المساكنة لتأنس به ويأنس بها وتتحقق بينهما المودة والرحمة.
اما اذا كان المسكن المعد في غير محل اقامة الزوج فيكون في اغلب الاحيان دليل الكيد والمضارة. ولقوله سبحانه وتعالى في الآية 6 من سورة الطلاق: "اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن".
2- ان يكون المسكن لائقًا بحاله وحالها بحيث يتناسب مع امثالهما سواء كان منزلاً مستقلاً أو شقة أو غرفة يمكن ان تغلقها عليها ولو كانت المرافق مشتركة حسب يسارهما أو اعسارهما عرفًا. ويشترط ان يشتمل على الاثاث اللازم الذي لا بد منه وفق العرف.
وهو ما ذهب اليه المالكية والحنفية والحنابلة.
المادة 75
اوجبت هذه المادة على الزوجة ان تسكن مع زوجها في المسكن الشرعي الذي يعد لها وفق ما سبق تقريره.
ولكن الزوج قد تضطره ظروفه الى الانتقال من المسكن الذي يسكنه مع زوجته التي رضيت به الى مسكن آخر في محل اقامته نفسها أو في محل آخر اقتضاه عمله فتلتزم الزوجة بالانتقال معه الى المسكن الجديد ما دام مستوفيًا لشروط بيت الزوجية الشرعي.
ولكن مع هذا الالزام اعطت هذه المادة الحق للزوجة في عدم الانتقال اذا كانت قد اشترطت ذلك عند العقد أو تبين لها ان انتقال الزوج الى هذا المسكن لم يقصد منه الا الاضرار بها لقوله تعالى: "اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن" اذ جعلت هذه الآية الكريمة الزامها بالسكن مع المضارة والتضييق غير ملزم لأن الضرر مدفوع بالنص على ان (لا ضرر ولا ضرار) وتقدير الضرر امر متروك لسلطة القاضي.
المادة 76
توضح هذه المادة الحدود التي يتمكن ضمنها كل من الزوجين من اسكان غيرهما في مسكن الزوجية.
فجعلت للزوج ان يسكن معه اولاده القاصرين من زوجة اخرى اذا كان مكلفاً بالانفاق عليهم كما ان له ان يسكن والديه أو احدهما واشترطت المادة الا يلحق الزوجة ضرر من ذلك وهو ما ذهب اليه المالكية.
ولها ان تسكن معها اولادها من غيره اذا لم يكن لهم حاضن غيرها أو انهما يتضررون من مفارقتها أو رضي الزوج بذلك صراحة أو ضمنًا مراعاة للصغار.
واعطت هذه المادة للزوج حق العدول متى تضرر من سكنهم معه وترك تقدير الضرر للقاضي.
كل ذلك وفقاً لمصلحة الاسرة ومبدأ التعاون على البر والتقوى.
المادة 77
اسم الضرة مشتق من المضارة المنهي عنها شرعًا وان مجرد وجود الضرة في الدار يثير في نفس المرأة عوامل الغيرة والبغضاء ويؤذيها في شعورها.
ولهذا منع الزوج من اسكان ضرة الزوجة معها لأن ذلك ضرر منهى عنه الا اذا رضيت الزوجة بذلك لأن رضاها يعد تنازلاً منها وقبولاً لما يصيبها.
واعطت هذه المادة للزوجة حق العدول اذا اصابها ضرر من ذلك.
الفرع الثاني
نفقة القرابة
المادة 78
تجب النفقة على الغير بسبب الزوجية أو القرابة.
وقد اتفق الفقهاء على مبدأ وجوب النفقة للقريب على قريبه ولكنهم اختلفوا في تحديد القرابة الموجبة للانفاق.
فالمالكية يرون انها تجب على الابوين والاولاد الصلبيين فقط.
والشافعية يرون انها تجب للأصول وإن علوا وللفروع وإن نزلوا.
والحنابلة قالوا: إن النفقة تجب على جميع الاقارب الوارثين بالقوة او بالفعل.
والحنفية قالوا: بوجوبها على كل ذي رحم محرم لدى رحمة المحتاج لها.
ومن المعلوم ان نفقة كل انسان في ماله الا الزوجة فنفقتها في مال زوجها ولا يستحق النفقة على الغير من الاقارب الا من كان محتاجًا لها اذا كان لا مال لديه وهو عاجز عن الكسب.
وقد استمد حكم هذه المادة من آراء الفقهاء وخاصة المذهب المالكي وذلك لقوله تعالى في الآية 233 من سورة البقرة: "لا تكلف نفس الا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك" والآية 75 من سورة الانفال "واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم" وإن الغنم بالغرم وذلك لوجود قرابة بين المتوارثين فيكون القريب ملزمًا بالنفقة كما انه ينال من الميراث بحكم هذه القرابة.
ولما كانت نفقة كل انسان في ماله اشترطت هذه المادة لوجوب النفقة على الوالد للولد الا يكون له مال، ولا ينتهي الزامه بالنفقة على البنت حتى تتزوج واما الابن فقد جعلت المادة سقوط نفقته مقيدًا بقدرة امثاله على الكسب واستثنت حال كونه طالبًا يواصل دراسته بنجاح معتاد وينتهي الزام الاب بنفقته حين انتهائه من الدراسة.
اما اذا كان الولد عاجزًا لعلة فيه أو عاهة تمنعه من الكسب فتستمر النفقة عليه الا اذا كان له مال، كما لاحظت هذه المادة عودة البنت الى ابيها في حالة طلاقها أو وفاة زوجها لتعود النفقة على الاب وقيدت ذلك بعدم وجود مال لها أو مكلف بالنفقة غيره لأن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا. والزمت هذه المادة الأب باكمال النفقة لمن كان ماله لا يفي بها، ممن تجب عليه نفقتهم وذلك لأن ما يطبق على الكل يطبق على الجزء.
المادة 79
للرضاعة من حيث كونها حقًا للطفل اعتباران:
1- كونها غذاء مناسبًا للرضيع في الدور الاول من حياة الانسان وانسبه هو لبن الام ولذلك كان من حق الولد على امه ان ترضعه اللبن لأن الولد لا يعيش بدونه غالبًا قال جلت حكمته في الآية 233 من سورة البقرة: "والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس الا وسعها". فإذا تعذر عليها الارضاع الزم الأب بنفقة الارضاع.
2- اتصالها بالنفقة فتكون واجبة على من تجب عليه النفقة واول مسؤول عن النفقة هو الأب لأن الطفل الرضيع منسوب اليه ولأنه جزء منه.
المادة 80
تلزم الام الموسرة بنفقة اولادها المستحقين للنفقة اذا لم يكن لهم اب ينفق عليهم بموته أو فقده ولا مال له، أو كان حاضرًا عاجزًا عن الكسب والانفاق، وذلك اخذًا من مذهب الجمهور، وعند المالكية محل الوجوب في الرضاع فقط فإذا انفقت الأم وتبين بعد ذلك يسار الأب أو كان معسرًا فأيسر أو كان الانفاق بإذنه أو إذن القاضي، فقد جعل لها القانون حق الرجوع على الأب بما انفقت.
المادة 81
نفقة الوالدين اللذين لا مال لهما واجبة على ابنهما الموسر أو القادر على الكسب لقوله تعالى في الآية 23 من سورة الاسراء: "وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانًا" وليس من الاحسان تركهما جائعين محتاجين الى النفقة كما انه مخالف للصحبة بالمعروف المأمور بها من قوله تعالى في الآية 15 من سورة لقمان: "وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا".
وفي الحديث الشريف الذي رواه النسائي من قوله صلى الله عليه وسلم: "ابدأ بمن تعول امك واباك".
وما رواه ابو داود عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن اطيب ما اكلتم من كسبكم وإن اولادكم من كسبكم فكلوا هنيئًا مريئًا".
والنفقة الواجبة للابوين تشمل المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج وتشمل الخادم إن احتاج اليه المنفق عليه وقدر عليه المنفق.
وهي اوسع من نفقة الاب على ولده لانها تشمل التزويج إن احتاج اليه كما تشمل نفقة زوج ابيه عند بعض الفقهاء.
والنفقة ان تعدد الاولاد توزع عليهم جميعًا حسب ميراثهم بشرط اليسر.
ولم تشترط المادة ان يكون الابوان غير قادرين على الكسب اذ ان في الجاء الاب الذي لا مال له على الاكتساب مع يسر ولده اساءة له وايذاء، والايذاء منهي عنه ولو بكلمة أفٍ واذا كان هذا في حق الاب فالأم اولى، وبدهي ان يلزم الابن بإكمال النفقة اذ لم يف المال.
وما ذهب اليه القانون هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
المادة 82
تبين هذه المادة ما يجب على الاولاد حين تعددهم وتفاوتهم في اليسر اذ توزع عليهم نفقة ابويهم حسب يسرهم، واذا انفق احد الاولاد على ولديه رضاء فلا رجوع له على اخوته بما انفق.
اما اذا كان الانفاق عليهما بعد الحكم عليهم بالنفقة فله الرجوع بما انفق على كل واحد منهم بما الزمه الحكم.
وهو ما قال به فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة.
المادة 83
اوجبت هذه المادة على الولد الكسوب الذي لا يزيد كسبه عن حاجته وحاجة زوجته واولاده ان يضم اليه ابويه المحتاجين للنفقة ذلك لأن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الاربعة وما جاع احد على نصف بطنه.
وسند هذه المادة النصوص الشرعية والمصلحة التي تتحقق للمنفق والمنفق عليه والمجتمع.
المادة 84
طابع النفقة في الشريعة الاسلامية انساني رحيم وهي من النظم التي جاء بها الاسلام لتحقيق التكافل الاجتماعي في الامة.
واتفق الفقهاء المسلمون على وجوب نفقة القريب المعسر العاجز عن الكسب على قريبه الموسر.
واصل هذا المبدأ الموجب للتكافل والتعاون وارد في الكتاب والسنة وعليه العمل في المجتمع الاسلامي وعني به الفقهاء وائمة الاجتهاد في المذاهب الاسلامية حتى صار جزءً اساسيًا من نظام المجتمع.
وهو مأخوذ من فقه الحنابلة مستندين فيه الى قوله تعالى: وعلى الوارث مثل ذلك".
وصح ان عمر رضي الله عنه حبس ابناء عم ولد صغير للنفقة عليه وقال لو لم اجد الا اقصى عشيرته لفرضت عليهم وبمثله حكم زيد بن ثابت رضي الله عنه. وقال ابن القيم فإن لم يكن ذلك أي الحق الواجب على القريب لقريبه "وات ذا القربى حقه" قال فإن لم يكن ذلك حق النفقة فلا ندري أي حق هو.
فالمستحق للنفقة من الاقارب غير الابوين والاولاد هو الفقير العاجز عن الكسب.
وقد يكون العجز بسبب الصغر أو الكبر أو الانوثة أو لآفة بدنية أو عقلية.
وتجب نفقته على من يرثه من اقاربه الموسرين سواء كان وارثًا بالفعل ام بالقوة مع مراعاة ما جاء في احكام المادتين 80 و81 من هذا القانون التي توجب على الام الموسرة نفقة اولادها وعلى الولد الموسر نفقة والديه أو ما يكملها.
المادة 85
نصت هذه المادة على حالة تعدد المستحقين للنفقة مع عدم قدرة من وجبت عليه لتغطية نفقاتهم جميعًا فإن نفقة الزوجة هي المقدمة وتليها نفقة الاولاد ثم نفقة الابوين ثم نفقة الاقارب وذلك على ترتيب درجاتهم في القرابة بعد الزوجة المقدمة في النفقة.
المادة 86
نصت هذه المادة على ان نفقة الاقارب غير الاولاد تسري ويقضي بها اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية.
لأن اجراءات الدعوى لا يضار بها طالب النفقة المحتاج اليها ويحكم له بها من تاريخ المطالبة القضائية، ولا يؤثر عليها تأخير الفصل في الدعوى في اجراءات قديمة أو مستحدثة ويحفظ حقه من تاريخ رفع الدعوى أو التراضي على النفقة.
وهي دين على من وجبت عليه بعد فرضها أو تقديرها قضاء أو رضاءً أو استدينت فعلاً بعد الاذن القضائي بالاستدانة، ولا تسقط الا بالاداء أو الابراء.
اما ما يتعلق بنفقة الاولاد الواجبة على آبائهم فقد جعلت لها هذه المادة استثناءً من حيث بدء سريان وجوبها اذ اجازت للقاضي الذي يحيط بظروف الدعوى ان يحكم بها عن مدة سابقة للمطالبة القضائية لا تتجاوز سنة واحدة كي لا تضطر الحاضنة لهم وخاصة اذا كانت امهم للمسارعة في اقامة الدعوى وولوج باب المحاكم التي تزيد في الخصومة والخلاف ومدة سنة كافية لذلك والتأخير اكثر من ذلك محرج للاب المطالب في اغلب الاحيان.
الفرع الثالث
نفقة من لا منفق عليه
المادة 87
تتكفل الدولة بالانفاق على من لا منفق عليه اذ انها هي ولي الامر وانها المسؤولة عن ضمان حياة رعاياها وان مصلحة المجتمع تقتضي ذلك اذ ليس معقولاً ان تهلك الفاقة العاجز عن الكسب ولا منفق عليه والدولة قائمة ومسؤولة عن التضامن الاجتماعي.
المادة 88
اللقيط مجهول الابوين الذي لا مال له يقاس على من لا منفق عليه حفظًا لحياته واقامة اوده ولهذا تكون الدولة ملزمة بالانفاق عليه إن لم يتبرع احد بذلك.
الفصل الثاني
النسب
المادة 89
اهم الآثار والحقوق المترتبة على الزواج نسب الاولاد الذين هم ثمرة الزوجية.
واول ما يثبت للولد من حق على من كان السبب في وجوده هو النسب ثم بعد ذلك ما يتعلق بخصه من رعاية وتعليم وغيره.
ونسب الولد ثابت للأم التي ولدته فعلاً بحكم ولادته ايًا كان سبب حمله.
اما نسبه الى ابيه وهو الاصل لأنه يتبع اباه في النسب فلا يثبت الا بواحد من الاسباب التي ذكرتها هذه المادة وهي الفراش أو الاقرار أو البينة، أو بالطرق العلمية اذا ثبت الفراش.
والله الخالق جلت قدرته قرر في القرآن المجيد الخالد وفي الآية الخامسة من سورة الاحزاب ان يدعى الابن لأبيه بقوله: "ادعوهم لأبائهم هو اقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم، وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا".
ولهذا كان ثبوت النسب من النظام العام فضلاً على انه من حق الولد نفسه وحق ابويه وحق القرابة والرحم.
والمراد بالفراش الذي هو اهم اسباب ثبوت النسب الفراش الشرعي المبني على العقد اذا توافرت شروطه الواردة في المادة 90 من هذا القانون.
ويثبت النسب كذلك بالاقرار وفقًا لما تبينه المواد من 92 الى 95 من هذا القانون.
كما يثبت ايضًا بالبينة الشرعية وهي كل ما يبين الحق ويظهره.
وقد نبهت هذه المادة الى ثبوت النسب بالطرق العلمية الحديثة مثل الفحوصات الجينية والبصمات الوراثية وهي من الوسائل العلمية التي تثبت العلاقة الحتمية بين الولد وابيه، غير انه منعًا من التلاعب في قضايا اثبات النسب وجعل الامر مطلقًا لمجرد ثبوت هذه العلاقة بالفحص الطبي فقد ربطت المادة الحكم بوجود فراش وفق ما نصت عليه المادة 90 من هذا القانون منعًا لما حدث في العديد من القضايا من اخذ نطاف من رجل وتلقيح انثى بها دون ان يكون بينهما رابط شرعي، ومن ثم فإن الفحص الطبي يثبت العلاقة الابوية، غير انه لا يمكن الحاق الولد بالأب نسبًا في هذه الحالة وقد تطورت هذه المسائل في زمننا فصار هناك مختبرات وبنوك للحيوانات المنوية، وقد وقع حديثاً ما نبه عليه فقهاء الاسلام في الماضي من قولهم: ولو استدخلت انثى مني رجل في فرجها، وهي ليست زوجة له ولا امة... الخ، وفي ملف القضايا الجزائية العديد من مثل هذا النوع من القضايا، فليتنبه لذلك، ولعله لا يخفي ما حدث مؤخرًا في احدى الدول من قيام زوجة بحفظ مني زوجها في احد بنوك الحيوانات المنوية، ثم بعد وفاة الزوج بمدة زرعت هذه النطاف في رحمها بعد تلقيح بويضة منها وحملت بذلك.
ولو قلنا بثبوت النسب في هذه الحالة لصار الامر مشكلاً من حيث الميراث وحرمة المصاهرة مثلاً، وربما كانت على ذمة رجل آخر فاختلط النسب وظهر الفساد، والله ينهي عن الفساد.
المادة 90
في الزواج الصحيح يتحقق الفراش الذي يثبت به نسب الولد دون حاجة الى شيء آخر، لأن الفراش يعني كون المرأة بحال لو جاءت بولد يثبت نسبه منه أي من صاحب الفراش كما نص عليه الفقهاء.
فمتى كان الولد ثمرة زواج وولد اثناء قيام الزوجية ثبت نسبه الى الزوجين اذا توافر الشرطان المنصوص عليهما في هذه المادة من غير حاجة الى بينة أو اقرار لما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم مما رواه البخاري ومسلم وابو داود والترمذي وابن ماجه (الولد للفراش وللعاهر الحجر).
ويعني ذلك ان الولد ينسب الى صاحب الفراش الذي انشئ بالعقد وقد اتفق الفقهاء ان نسب الولد في العقد الصحيح يثبت اذا ولدته الزوجة بعد ستة اشهر فأكثر من تاريخ العقد.
وقد اشترط جمهور الفقهاء امكان التلاقي وخالف بذلك الحنفية اذ لم يشترطوا امكان التلاقي تساهلاً لاثبات النسب لوجود شبهة واللجنة اخذت برأي الجمهور.
وجاءت الفقرة الثانية من هذه المادة لمعالجة ثبوت النسب بالوطء بشبهة أي في عقد غير صحيح وقد تكون الشبهة بسبب فساد العقد، أو لم يكن هناك عقد اصلاً كما هو الحال في شبهة الفعل أو شبهة المحل أو شبهة الاشتباه.
ويختلف عن الزنا انه في الحالة الاولى يعتقد الحل، وفي الحالة الثانية يعلم الحرمة.
واذا ثبتت الولادة ثبت النسب للام.
واذا ثبت النسب وفقًا لذلك شرعًا فقد منع هذا القانون نفيه بعد ثبوته.
المادة 91
حددت هذه المادة اقل مدة الحمل واكثره بالايام منعًا للخلاف الذي يحصل احتمالاً إن حددت بغير ذلك.
ولا خلاف بين الفقهاء ان اقل مدة الحمل ستة اشهر وقد استدلوا على ذلك بجمع آيتين من القرآن الكريم.
الاولى قوله عز وجل في الآية 15 من سورة الاحقاف "ووصينا الانسان بوالديه احسانًا حملته امه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا".
الثانية قوله سبحانه وتعالى في الآية 14 من سورة لقمان: "ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنًا على وهن وفصاله في عامين إن اشكر لي ولوالديك الى المصير".
فالآية الاولى ذكرت مجموع مدتي الحمل والرضاع والآية الثانية ذكرت مدة الفصال (الرضاع) وعند طرح مدة الفصال من مجموع المدتين تبقى مدة الحمل وهي ستة اشهر وعلى ذلك اتفق الفقهاء.
اما اكثر مدة الحمل فقد اختلف الفقهاء في تحديدها اذ قال الحنفية هي سنتان وقال الشافعية اربع سنوات وقال الامام مالك انها خمس سنوات وقال غيرهم بمدد اخرى.
وليس هذا الاختلاف الا دليلاً على ان المسألة اجتهادية والتقديرات بنيت على الاجتهاد الذي يتشوف لثبوت النسب اساسًا ويتسامح فيه قدر الامكان.
ورأت اللجنة لاختلاف العصر الاعتماد في ذلك على رأي بعض الفقهاء والذي اخذت به التشريعات العربية وهو ان اقصى مدة الحمل سنة واحدة شمسية وفي هذا احتياط كاف، وان كان الغالب في مدة الحمل هو تسعة اشهر على ما نص عليه الفقهاء.
الا ان القانون تحوط لامر بدأ يظهر في الآونة الاخيرة، ولعله كان موجودًا في الماضي، الا انه لم يكشف عنه النقاب، وهو ما يسمى بالسبات حيث يتم الحمل، وفي مرحلة ما يتوقف هذا الحمل عن النمو لفترة لكنه موجود حي وفق الفحوصات والاختبارات الطبية، مما يزيد في امد اقصى مدة الحمل بقدر زيادة مدة السبات، فإذا قررت لجنة طبية متخصصة تشكل لهذا الغرض وجود حمل مستكن، فإن اقصى مدة الحمل تستمر حتى الولادة، ولعل هذا من الوقائع التي حدثت في عهد الامام ابي حنيفة والامام مالك والامام الشافعي، فاختلفت الرواية عنهما لذلك في اقصى مدة الحمل فوردت عنهم روايات بأنها سنتان واربع وخمس وبعضهم قال بأكثر من ذلك، ومرجع ذلك الى المشاهدة الحسية وليس الى نص شرعي فإن تشوف الشارع لثبوت النسب مع قيامه فعلاً وراء تعدد الاقوال في اقصى مدة الحمل وقد وضع لها القانون ضابطًا عن طريق تشكيل لجنة متخصصة تحال اليها مثل هذه الحالات.
المادة 92
الاقرار في اللغة الثبوت يقال قر الشيء اذا ثبت واقره غيره اذا اثبته وفي الاصطلاح الشرعي الاقرار اخبار بما عليه من الحقوق، وهو ضد الجحود.
وشرط صحته ان يكون المقر بالغًا عاقلاً مختارًا.
وإن كان الاقرار حجة قاصرة على المقر فإنه حجة ملزمة له ما لم يتضمن الاقرار ان المقر له ثمرة الزنا.
والاقرار بالنسب نوعان:
احدهما: اقرار ليس في تحميل النسب على الغير وإنما هو اقرار على النفس بالبنوة المباشرة أو الاقرار بالابوة أو بالامومة المباشرة.
وثانيهما: اقرار فيه تحميل النسب على غير المقر وهو اقرار بقرابة فيها واسطة بين المقر والمقر له أي انها غير مباشرة كالاقرار بالاخوة أو العمومة أو الاقرار بأن المقر له ابن ابنه وهو حجة قاصرة على المقر ما لم يثبت اقراره بأدلة اخرى.
والاقرار بالنسبة للنوع الاول صحيح ونافذ ومعتبر ولو صدر في مرض الموت بالنسبة للمقر اذا توفرت شروطه المذكورة في الفقرتين أ و ب من هذه المادة، لأن كلام العاقل البالغ يحمل على الصدق ولا سيما في امر هام كالنسب الذي يجب الاحتياط به والتسامح وحمل المقر على الصلاح؛ لذلك كان الاقرار لمجهول النسب بالبنوة من بالغ عاقل مختار مقبولاً شرعًا وان ادى ذلك الى زيادة الورثة ما دام الفرق في السن بين المقر والمقر له يحتمل ذلك لتصديق الاقرار.
واشترطت هذه المادة ان يصدق المقر له المقر في اقراره إن كان المقر له اهلاً لتصديق الاقرار أي اذا كان المقر له بالغًا عاقلاً مختارًا اما إذا كان غير ذلك فإن نسبه يثبت من غير تصديق لمصلحته.
اما الفقرة الثانية من هذه المادة فقد اوضحت الاستلحاق المنصوص عليه في الفقه المالكي اذ هو نوع خاص من الاقرار بالنسب وهو خاص بالأب الذي يقر بالحاق مجهول النسب به وان كان الاب المستلحق بالغًا عاقلاً مختارًا وبلفظ الاستلحاق أو الالحاق.
المادة 93
اوضحت هذه المادة ان اقرار المرأة بالبنوة لمجهول النسب اذا كانت متزوجة أو معتدة وتوافرت شروط الاقرار يكون تصديقها في اقرارها متوقفًا على تصديق زوجها الذي لا زالت في عصمته أو معتدة له. فنصت على انه لا يثبت نسب المقر له من زوج المقرة أو المعتدة بسبب طلاقها منه الا بتصديقه لها فيما اقرت به.
واعطت للمرأة المقرة حق اثبات اقرارها بالبينة فإن اقامت تلك البينة ثبت النسب على زوجها اذ بالبينة الشرعية يثبت نسب المقر له مجهول النسب الى الزوجين.
وهي ايضًا دليل على انها ارادت بذلك تحريم التبني ومنعه، وقد بين الفقه وسائل اثبات الادعاء بالبينة الشخصية ودليل ذلك النصوص الشرعية.
المادة 94
تناولت هذه المادة اقرار مجهول النسب بالابوة أو الامومة واشترطت ان يكون المقر مجهول النسب اذ لا فائدة في اقرار يصدر عن معلوم النسب بالابوة والامومة لأنه نفي للنسب بعد ثبوته وهذا غير جائز لعدم وجود علاقة قرابة مثل هذه لأي منهما عند الاقرار.
كما اشترطت ان يكون اقراره قابلاً للتصديق بأن يولد مثله لمثله ولا يثبت بهذا الاقرار النسب الا اذا صدقه المقر عليه أو اقام المقر البينة الشرعية على صحة اقراره.
واذا ثبت النسب بهذا الاقرار بالتصديق أو البينة ترتبت عليه الآثار التي تترتب على ثبوت النسب.
المادة 95
تناولت هذه المادة النوع الثاني من الاقرار بالنسب وهو ما كان فيه تحميل النسب على الغير.
فنصت على ان الاقرار بغير البنوة والابوة والامومة لا يسري على غير المقر الا بتصديقه أو اقامة البينة الشرعية على ما اقر به.
فإن صدقه المقر عليه أو اقام البينة الشرعية المعتبرة على ذلك ثبت النسب المدعى به وترتبت عليه الحقوق والاحكام المترتبة على قرابة النسب.
وقد اخذ القانون في مسألة ثبوت النسب في هذه الحالة بما ذهب اليه الشافعية والحنابلة في قول مع مراعاة شروط ذلك الثبوت وهو عدم سريان الاقرار على غير المقر الا بتصديقه أو اقامة البينة.
المادة 96
اللعان يؤدي الى الفرقة المؤبدة بين الزوجين اذ انه يسقط الحل بينهما اذا تم وفق القواعد المقررة شرعًا، وللملاعن ان ينفي نسب ابن الملاعنة عنه.
ولذلك اشترطت هذه المادة ان يكون اللعان امام المحكمة لضمان ان يتم وفق القواعد الشرعية المقررة له بمراقبة القاضي لهذه القواعد.
ويكون اللعان عنه قذف الزوج زوجته بالزنا أو الحمل منه ولم يكن له اربعة شهود ليثبت قوله واللعان خاص بالزوج اما اذا كان القذف من غيره فلا ان يثبت بأربعة شهود.
وصورة اللعان ان يشهد الزوج الملاعن اربع شهادات بالله بصدقه فيما اتهم زوجته به ثم يردفها بالخامسة بأن تكون لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
ويتوجب على المرأة الملاعنة ان تلاعن أو يثبت عليها قول الزوج وإن لاعنت فإنها تشهد اربع شهادات بالله بأنه من الكاذبين وفي الخامسة تدعو ان يكون الله عليها إن كان من الصادقين.
فإن تحقق اللعان تثبت الحرمة المؤبدة بين المتلاعنين سواء كان بينهما ولد ام لا.
وقد جاء هذا في الآيات 6، 7، 8 من سورة النور بقوله سبحانه وتعالى: "والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم فشهادة احدهم اربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة ان لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب ان تشهد اربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين".
المادة 97
لم تترك هذه المادة للرجل ان يلاعن لينفي النسب كما شاء ومتى شاء وانما حددته بأن ينفي نسب الولد عنه خلال سبعة ايام من تاريخ العلم بالولادة لكي لا يتراخى وينفي النسب متى اعجبه ذلك. ويثبت ذلك بالبينة.
واشترطت لذلك الا يكون الرجل قد اعترف بأبوته للمولود صراحة أو ضمنًا كقبول التهنئة، ويثبت وذلك بالبينة.
وبعد ان ينفي نسب الولد امام معارفه وغيرهم عليه ان يقيم دعوى اللعان خلال ثلاثين يومًا من تاريخ علمه بالولادة.
وقد جعلت هذه المادة سريان المدد من تاريخ العلم بالولادة مراعاة للأب الذي يطلب الملاعنة وللولد والام لأن فيه علاقة مهمة في النسب الذي اهتمت الشريعة الاسلامية به.
فإذا كان الهدف من اللعان نفي نسب الولد، وحكم القاضي بذلك انتفى النسب وقد اخذ القانون في هذا بمذهب احمد في قوله وابو يوسف من فقهاء الحنفية وذلك تقريرًا لمبدأ استقرار النسب، بحيث لا ينتفي النسب في هذه الحالة الا بحكم القاضي.
وحتى لا يكون امتناع الزوجة عن حلف ايمان اللعان أو عدم حضورها أو غيابها بعد حلف الزوج ايمان اللعان، احتيالاًُ من الزوجة لاستمرار مضارة الزوج بالحاق نسب الولد به، فقد قرر القانون في هذه الحالة ان النسب ينفي لكن بحكم القاضي.
كما بينت الفقرة 4 من هذه المادة ثبوت نسب الولد المنفي نسبه باللعان بعد الحكم به اذا اكذب الرجل نفسه واقر بالنسب تسامحًا لاثبات النسب ولكنها تشددت في نفيه.
واجاز القانون للمحكمة اللجوء الى الطرق العلمية لنفي النسب لكن قيد هذا الجواز بألا يكون النسب قد ثبت قبل ذلك بطرق الثبوت ومع مراعاة الفقرات السابقة في ذات المادة.
الكتاب الثاني:
فرق الزواج
احكام عامة
المادة 98
الزواج في نظر الشريعة الاسلامية عقد ابدي وميثاق شرعي للاقتران بين الزوجين مدة الحياة غايته انشاء الاسرة على اسس مستقرة تكفل للزوجين تحمل اعبائها بمودة ورحمة وامداد المجتمع بالنسل الصالح.
ولذلك حث الله تعالى الزوجين على حسن العشرة بينهما واذا كان الاصل في الزواج التأييد فإن المشاهد ان اقتران الزوجين قد يعترضه ما يجعل جو الحياة الزوجية لا يطاق لما فيه من عذاب لكلا الزوجين ويتعذر معه رأب الصدع واصلاح ذات البين وتتعذر معه الحياة الزوجية اذ تتحول العلاقة بين الزوجين الى نقمة وشقاء.
وفي هذه الحالة إما ان تبقى العلاقة الزوجية على النفرة والبغض وهذه حال لا يمكن اختيارها، وإما ان يفترقا جسدًا مع قيام الزوجية فتصير المرأة معلقة لا هي زوجة ولا هي مسرحة بالمعروف، وإما ان يوقع الطلاق برفع قيد الزوجية.
ولا شك ان المنطق السليم يوجب ان يسلك في هذه الحال طريق الطلاق اذ يصبح ضرورة لا بد منها وإن كان الطلاق مكروهًا والاصل فيه المنع إلا ان الشريعة الاسلامية جاءت بأحكامه اذا وقع عند الضرورة.
وقد شرعه الاسلام على مرات لفسح المجال للتروي وعودة الوئام ثم جعله طلاقًا رجعيًا بحيث تصح الرجعة خلال العدة وعد عليه هذه الطلقة من الطلقات الثلاث التي له لكي لا يكون الطلاق والرجعة فيه دون حدود فيتمادى الرجل فيه.
وشرع ايضًا طلاقًا بائنًا بينونة صغرى وهو الطلاق الذي يرفع النكاح في الحال ومنه الطلاق قبل الدخول وما نص القانون على كونه بائنًا وانتهاء عدة المطلقة طلاقًا رجعيًا، ولا تحل هذه المطلقة للمطلق إلا بعد ان يعقد عليها عقدًا جديدًا بمهر جديد بموافقتها ورضاها.
كما شرع الاسلام الطلاق البائن بينونة كبرى اذا اكمل المطلق الطلاقات الثلاث فلا تحل له بعدئذ الا بعد ان تنكح زوجًا غيره ويدخل بها فيموت عنها أو يطلقها وتنتهي عدتها، ويشترط الا يكون الطلاق لاحلالها للزوج الاول والا كان كالتيس المستعار كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واذا تزوجت المرأة من غير المطلق في جميع حالات الطلاق من غيره ودخل بها الزوج الثاني انهدمت طلقات الزوج الاول، فإن عقد عليها بعد ذلك ملك بالعقد الجديد ثلاث طلقات وبطل ما كان معلقًا أو مضافًا في زواجه الاول بها، وهو ما ذهب اليه ابو حنيفة وابو يوسف.
وجاءت هذه المادة لبيان الحالات التي تقع فيها الفرقة بين الزوجين واوجبت على المحكمة التي تتولى ايقاع الطلاق بين الزوجين ان تحاول بكل جهدها اصلاح ذات البين للاقلال من الطلاق.
الباب الاول
الطلاق
المادة 99
تناولت هذه المادة الفرقة بالطلاق فعرفته وبينت أن التعبير عن إرادة الزواج فيه بماذا يحصل ، فبينت معناه في اصطلاح الفقهاء رفع قيد الزواج الصحيح في الحال أو في المال بلفظ يفيد ذلك ، والمقصود هو لفظ الطلاق أو ما اشتق منه أو ما في معناه. فاللفظ الصريح في الطلاق بحسب اللغة أو العرف وهو الذي لا يحتمل غير الطلاق فإنه يقع الطلاق من غير حاجة إلى النية . أما اللفظ الكنائي فهو الذي يحتمل إرادة الطلاق وغيره فلا يقع فيه الطلاق إلا بالنية . وهو مذهب المالكية والشافعية ولا يمكن إثبات النية إلا بتصريح المتكلم نفسه ، ويتحمل الإثم إذ كان غير صادق في تصريحه. والمراد بحل عقد الزواج رفع أحكامه وإنهاء حل العشرة فهو إذا من أحكام عقد الزواج الصحيح الذي تترتب عليه آثاره. ونصت الفقرة (2) من هذه المادة على أن الطلاق يقع باللفظ ، ويقع كذلك بالكتابة المستبينة، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ، وكما يقع باللفظ والكتابة فإنه يقع من العاجز عنهما بالأشارة المفهومة ممن أوقعه الدالة على الطلاق والتي لا تحتمل سواه وهي كاللفظ الصريح بالنسبة للقادر عليه وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
المادة 100
الاصل في الطلاق ان سلطة ايقاعه بيد الزوج متى كان اهلاً لذلك ومن القواعد الشرعية المقررة ان من ملك تصرفًا قابلاً للانابة فيه تولاه بنفسه، أو تولاه غيره بالنيابة عنه اذا انابه مالك التصرف، ولا يسقط حقه في ايقاعه اذا ناب غيره في ايقاعه، لأن الحق ثابت له.
والطلاق من التصرفات القابلة للانابة فيها.
اما الولي أو الوصي أو القيم فلا يحق له ايقاع الطلاق لأن احكام عقد الزواج كلها ترجع الى الزوجين لا الى من تولى العقد ولو كان وليًا على النفس.
وكما يملك الزوج الطلاق بنفسه يملك ان ينيب غيره وقد احتاطت هذه المادة فاشترطت ان تكون الوكالة خاصة.
وللزوج ان يفوض الزوجة في الطلاق اذا ملكها امر نفسها بعد العقد أو اشترطت ذلك في العقد.
المادة 101 - شروط المطلق واثر فقدانه العقل*
من المعروف ان ابغض الحلال الى الله الطلاق وان اثره يقع على غير الزوجين من الاولاد والاهل وان خير سبيل لاجتناب ما يمكن اجتنابه من مساوئه وعواقبه، هو اختيار الاحكام التي تضيق بها دائرة وقوع الطلاق حين تتعدد الاتجاهات في الاجتهادات الفقهية في صحة وقوع الطلاق أو عدم وقوعه ويكون الاحوط الاخذ بقول من يقول بعدم وقوعه للشك في دليل صحته.
والورع يقتضي الابقاء على الحلال الثابت بيقين وهو العقد.
ولذلك نصت هذه المادة على اشتراط العقل والاختيار في المطلق لأن من لا عقل له ولا اختيار له لا يدرك المصلحة التي شرع الطلاق من اجلها فلذلك لا يقع طلاقه اذا كان مجنونًا أو معتوهًا أو مكرهًا ومثله من فقد التمييز بأية صورة كانت وكذلك من فقد التمييز لسكره بمحرم دون اختيار.
وان الفقرة الثانية من هذه المادة استثنت فاقد العقل بالشرب باختياره (السكران) اذا شرب الخمر والمسكر باختياره عقوبة له على انتهاك الحرمة وهو قاصد لذلك. وذلك لندرة فقدان العقل كله بهذا الاختيار.
ومثل فاقد العقل من اختل عقله لكبر أو لمرض أو مصيبة مفاجئة والنائم والمغمى عليه لعدم وجود الارادة والقصد (النية).
واخذ القانون يوقع طلاق السكران لأن في ايقاعه زجرًا له ما لم يكن العقل قد فقد بدون اختياره وهو قول جمهور الفقهاء.
المادة 102
بينت هذه المادة شروط المرأة التي يقع عليها الطلاق.
وذكرت انه يقع الطلاق على الزوجة المطلق التي لم يطرأ على الزواج منها ما يرفع قيده لا في الحال ولا في المآل والتي تزوجها المطلق بعقد زواج صحيح.
اما المتزوجة بعقد غير صحيح فزواجها باطل فليست محلاً للطلاق وتجب على الزوجين المتاركة فإن لم يفعلا ذلك فرق القاضي بينهما جبرًا.
والمتزوجة بعقد فاسد لا تعد زوجة شرعية فلا توارث بينها وبين من تعاقدت معه ولا نفقة لها.
ولذلك اشترطت هذه المادة لوقوع الطلاق ان يكون الزواج صحيحًا.
وان المطلقة لا يقع عليها طلاق ثان في عدتها ولو كان طلاقًا رجعيًا تضييقًا لحالات الطلاق وتناسبًا مع اعتبار الطلاق الثالث واحدة وهو ما ذهب اليه ابن تيمية وابن المغيث من المالكية. والبينونة تمنع ايقاع الطلاق لأن البائنة ليست زوجة للمطلق فلا يقع طلاقه ولهذا تكون المعتدة من طلاق مكمل للثلاث أو اذا كان الطلاق على مال أو قبل الدخول بائنًا ولا يقع الطلاق على البائن لأنها ليست زوجة كما ذكرنا.
المادة 103 - شروط صحة وقوع الطلاق*
الطلاق المعلق بنوعيه لا يقع فيه شيء الا اذا قصد به الطلاق.
والنوعان المقصودان هما اذا كان التعليق على صفة وحصل الشرط الذي علق عليه الطلاق كان يقول الزوج إن خرجت من المنزل فأنت طالق أو اذا كان التعليق بمعنى اليمين والحث على الفعل أو الترك.
والاول يقع فيه الطلاق عند ابن تيميه والثاني لا يقع الطلاق به وانما تجب فيه الكفارة عند تحقق الشرط.
وقد اخذ القانون بالرأي القائل بالغاء اليمين بالطلاق.
كما اتفق الفقهاء على عدم وقوع الطلاق إن علق على المشيئة كقول الزوج انت طالق إن شاء الله.
اما اذا كان الشرط متحققًا قبل اشتراطه فالطلاق منجز لا معلق والاخذ بعدم وقوع الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه الا اذا قصد المطلق من ذلك الطلاق هو الاقرب الى مقاصد الشريعة وهو الملائم لحاجة الناس والمساعد على تخفيف مآسي الطلاق الناشئة من التسرع فيه وتعليقه واضافته وعليه درجت اكثر قوانين الاحوال الشخصية العربية.
واما القيد الوارد في المادة وهو الا اذا قصد به الطلاق فيعني انه اذا كان المطلق قاصدًا الطلاق حقيقة وانجازه فورًا فهو قصد ينصرف الى الطلاق المنجز.
ولاحظ القانون مشكلة ايقاع الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد مقرون بعدد أو اشارة وهي مسألة مشهورة واختلاف الآراء فيها اصبح مستفيضًا.
والمذاهب الاربعة توقع الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو بالفاظ في مجلس واحد وابن تيميه وتلميذه ابن القيم ينقضان ذلك نقضًا قويًا ويقضيان بأن الثلاث لم تشرع الا متفرقة وان جمعها باطل خلاف المشروع وينافي حكمه الشارع في فتحه باب التروي والرجعة.
وقد استقر القانون على ان الطلاق المقترن بعدد لفظًا أو اشارةً لا يقع به الا طلقة واحدة.
وهذا مؤيد بما رواه مسلم واحمد والحاكم من ان الطلاق الثلاث بلفظ واحد كان يعتبر واحدة فقط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر وصدر من خلافة عمر، حتى رأى عمر ان الناس قد تهاونوا فيه فقال إن الناس قد استعجلوا في امر كانت لهم فيه اناة فلو امضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
وهذا يدل على ان عمر رضي الله عنه امضاه من قبيل السياسة الشرعية وزجرًا للناس وانه كان قبل ذلك طلقة واحدة وانه رضي الله تعالى عنه في آخر امره همّ بالرجوع الى الواحدة لأن الرأي الاول ادى الى نتيجة معكوسة.
وما ذهب اليه ابن تيمية هو مذهب طاووس وعطاء وجابر بن زيد واحمد بن اسحق والزبير وابن عوف وابن عباس وعكرمة وهو مروي عن علي وابن مسعود وافتى به كثير من الفقهاء، وهو منقول عن كثير من فقهاء المالكية.
وبهذا اخذ القانون وعليه جاء نص المادة كما ذكر.
المادة 104
شرع الطلاق رجعيًا (اذا كان بعد الدخول) فللزوج ان يراجع زوجته المطلقة خلال عدتها، فيرتفع بالرجعة حكم الطلقة وتستمر الزوجية الا ان هذه الطلقة تنقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج.
ويكون الطلاق الرجعي بائنًا بينونة صغرى بانقضاء العدة من غير رجعة وهو الذي ينحل به عقد الزواج بالمآل لا في الحال وفي ذلك انهاء للاستعجال بالطلاق والعدة فرصة لرجعة النادم فيه.
وهو ما اتفقت عليه المذاهب ونصت عليه هذه المادة التي بينت نوعي الطلاق الرجعي والبائن بنوعيه.
ومن المعلوم ان البينونة تكون كبرى اذا كانت الطلقة مكملة للثلاث لقوله تعالى في الآية 239 من سورة البقرة "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" ثم لقوله تعالى في الآية 230 من سورة البقرة "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره".
فالطلقة الثالثة اذًا تزيل الحل ولا يملك المطلق العقد عليها الا بعد ان تنكح زوجًا غيره ويعاشره فعلاً معاشرة الازواج بالدخول بها فتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها ثم يطلقها بعد ذلك بارادته غير قاصد تحليلها للزوج الاول المطلق أو يموت عنها وتنتهي عدتها فاذا تحقق ذلك يعود الحل ويمكن للزوج الاول المطلق العقد عليها مجددًا وتهدم الطلقات الثلاث على العقد الاول وتكون له ثلاث طلقات بموجب عقد الزواج الجديد.
المادة 105
بينت هذه المادة انواعًا من الطلاق البائن بعد ذكرها الاصل وثبتت القاعدة القائلة كل طلاق يقع رجعيًا الا ما استثني.
وحصرت الاستثناء الذي يكون فيه الطلاق بائنًا في حالات ثلاث
أ- الطلاق المكمل للثلاث لأنه لا يبقي حقًا للزوج المطلق في مراجعة مطلقته.
ب- الطلاق قبل الدخول لقوله تعالى في الآية 49 من سورة الاحزاب "يا ايها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحًا جميلا" والرجعة تكون في العدة وخلالها والمطلقة قبل الدخول لا عدة عليها فلا رجعة اذا لمطلقها.
ج- ما نص هذا القانون على عده بائنًا.
وهذا يعني ان الوصف للطلاق ليس حقًا للمطلق، ومن تأمل القرآن الكريم وجده لا يحتمل غير ذلك اذ شرع الطلاق ومعه الرجعة الا اذا وجد ما يمنعها.
المادة 106
الزوج هو الذي يملك الطلاق فهو الذي يوقعه أو يصرح به امام القاضي اذا توفرت فيه شروط ايقاع الطلاق وفيمن يقع عليها أو في صيغته.
وليس بين شروط الطلاق وايقاعه ان يكون امام القاضي أو امام شاهدين عدلين الا ندبًا وذلك لأن الطلاق تعبير عن ارادة الزوج.
وعلى ذلك وباعتبار ان الطلاق مما يتعلق به حق الله تعالى اذا اوقعه الزوج خارج مجلس القضاء ثم رفع الامر الى القاضي وثبت وقوعه بتوافر شروط فالقاضي يحكم بوقوعه اعتبارًا من تاريخ حصوله لأن عدم ايقاعه يفضي الى استمرار حياة زوجية غير مشروعة يكثر فيها اولاد الحرام في المجتمع الذي تجب حمايته منهم.
اما تاريخ وقوعه فيرجع فيه الى القواعد الشرعية في الاثبات.
المادة 107
لما كانت آثار الطلاق لا تخص الزوجين وحدهما وانما تصيب الاسرة عمومًا وخاصة اولاد الزوجين القاصرين تكون اجراءات الخصومة شاملة للفصل في مقدار نفقة العدة للمطلقة وتقدير نفقة الاولاد الواجبة على ابيهم وتحديد حاضنهم وضمهم اليه وحتى زيارتهم.
كل ذلك آثار للطلاق خولت فيه هذه المادة القاضي الذي يتلقى التصريح بالطلاق أو يثبت لديه اصدار امر مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون يحدد فيه ما ذكر وعد ذلك واجبًا عليه.
واذا تضرر احد من هذا الامر فله ان يطعن به وفقًا للاصول القضائية المتبعة.
وفي هذا حماية للزوجة واولادها من اضرار الطلاق المتوقعة من آثاره وليس هذه الحماية الا تخفيف من آثار الطلاق على من صدر له الامر القضائي الذي يكون واجبًا على القاضي.
وهذا تنظيم لآثار الطلاق اقتضتها المصلحة.
المادة 108
الطلاق الرجعي ينقص الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج، ولا يمنع التوارث ما دامت العدة قائمة ولا يحل مؤجل المهر.
وللزوج ان يراجع زوجته المطلقة طلاقًا رجعيًا اثناء العدة.
والرجعة هي استدامة النكاح واعادة احكامه اثناء العدة وذلك لقوله سبحانه وتعالى في الآية 228 من سورة البقرة "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك إن ارادوا اصلاحا" وقوله سبحانه وتعالى في الآية 2 من سورة الطلاق "فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف" والامساك هو الابقاء أي الرجعة وهو استمرار الحياة الزوجية فالرجعة اذًا حق مقرر للزوج في الطلاق الرجعي اثبته الشارع الكريم له.
وما اثبته الشارع لا يسقط باسقاط من اثبت له، فلو قال الزوج بعد ايقاع الطلاق لا رجعة لي عليك تصح مراجعته خلال العدة وهو ما لا خلاف فيه بين الفقهاء. على انه اذا انتهت عدة المطلقة رجعيًا، وامتنع وليها من تزويجها من زوجها الذي طلقها وهما يرغبان في اعادة العلاقة الزوجية بينهما، فقد اعطى القانون للمحكمة سلطة ابرام عقد جديد بينهما دون الحاجة لموافقة الولي، غير ان القانون قيد هذا الجواز بأن يكون زواجها الاول من مطلقها قد تم بموافقة الولي، أو كان بامر المحكمة فإن كان زواجها الاول قد تم دون موافقة الولي أو لم تامر به المحكمة، فإنه ليس للمحكمة ان تبرم العقد الجديد دون موافقة الولي، وذلك وفقًا لما قرره هذا القانون بشأن الولي في عقد النكاح.
المادة 109
تقع الرجعية بالقول أو ما يقوم مقامه من الكتابة المستبينة والاشارة المفهومة حين العجز عن اللفظ والكتابة كما تقع بالفعل مع النية وبه قال الحنفية والحنابلة.
وجمهور الفقهاء قرر استحباب الاشهاد على الرجعة واعلام الزوجة بها في الحال اذا حصلت في غيبتها.
فقد قررت الفقرة 2 منها ضرورة توثيق الرجعة واعلام الزوجة كي لا يترتب على عدم علمها اشكالات كالزواج من آخر بعد انتهاء العدة وما اشبه ذلك، اخذًا بالمذهب الشافعي في قوله القديم ورواية عن احمد وقول عند المالكية بوجوب الاشهاد عند المراجعة.
وقد يترتب الخلاف في اصل وقوعها اذ تنكر الزوجة الرجعة بعد ادعائها من المطلق.
وقد يكون الخلاف حول انتهاء العدة اثناء الرجعة أو عدم انتهائها أو عن الصيغة التي تمت بها.
كل ذلك متروك للقاضي الذي يوثقها اذ لا يوثقها الا بعد التثبت من وقوعها فعلاً مستوفية لشروطها.
وحتى لا تبقى الزوجة مجهلة في امر يخصها، ويدعي الزوج الرجعة فيما بعد وهي آخر من يعلم، فقد اشترط القانون اعلام الزوجة بالرجعة خلال فترة العدة، وجعل الاعلام وجوبيًا، لا يقبل الادعاء بخلافه بعد انقضاء العدة، حتى لا تبقى الزوجة اسيرة للزوج دون ضابط أو قيد.
الباب الثاني
الخلع
المادة 110
اذا تنافر الزوجان واختلفا، وظن كل واحد منهما بنفسه، انه لا يؤدي لصاحبه ما تقتضيه العشرة بالمعروف، من حقوق الزوجية والتزاماتها مادية وادبية، فقد شرع الاسلام للزوجة ان تفتدي نفسها من عصمة زوجها بعوض تبذله له، ويخلعها به.
وهذه الفرقة التي تقع بين الزوجين بارادتهما معًا، تسمى حينئذ مخالصة.
والخلع في اللغة الازالة والنزاع، يقال خلع الرجل ثوبه، اذا نزعه، وخلع الزوج زوجته، اذا ازال زوجيتها.
والخلع في الاصطلاح الفقهي كما عرفته المادة هو عقد بين الزوجين يتراضيان على ازالة ملك النكاح الصحيح، وانهاء عقد الزواج بلفظ الخلع، وقد اشترط القانون في المادة 110 في الفقرة الاولى، ان تكون الفرقة بين الزوجين بارادتهما معًا بلفظ الخلع فقط.
ومصدر هذا الحكم التشريعي، ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى ((ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله، فإن خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)).
فالقرآن الكريم سمى الخلع افتداء، واباح للمرأة ان تقدم مالاً، تفتدي به نفسها، لفصم عرى الزوجية، وحل نكاحها من الزوج، واباح للرجل قبوله، في نظير تركها ومفارقتها عندما تخافان، الا يؤديا حق الزوجين، والا تكون بينهما العشرة الحسنة بالمعروف، والمودة والتآلف والرحمة.
يؤيد ذلك الاصل التشريعي، ما جاء في صحيح البخاري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال جاءت امرأة ثابت بن قيس ابن شماس الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله ما انقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا إني اخاف الكفر (كفر العشير)، فقال رسول الله افتردين عليه حديقته، قالت نعم، فردت عليه، فامره ففارقها.
والمخالعة عقد بين الزوجين، فهو تصرف مركب، ينعقد بايجاب من احد الطرفين، وقبول من الآخر، ولا حرج عليهما فيما اعطت، ولا حرج عليه ان يأخذ، ولكل منهما الرجوع عن الايجاب قبل قبول الطرف الآخر كما هو مذهب الحنابلة، من ان لكل من الطرفين الرجوع عن الايجاب قبل القبول.
وهذا الرأي، الذي سار عليه القانون، هو مذهب الائمة الاربعة من مذاهب الفقه الاسلامي، المالكية، والحنابلة، والشافعية، والحنفية. ولم يشأ القانون ان يساير بعض المدونات في الاحوال الشخصية العربية، كالقانون المصري والاردني، في اعتبار الخلع انه تصرف انفرادي من جانب الزوجة يتعين على القاضي اجابتها اليه، استنادًا الى رأي بعض الفقهاء كالامام ابن تيميه، وتلميذه ابن القيم.
هذا، ولما كان الخلع يقوم على اساس تعاقدي، فقد وجب فيه العوض، ويصح فيه ما جاز ان يكون مهرًا، وليس له نهاية صغرى، ولا حد لاعلاه.
فتلتزم الزوجة به بالغًا ما بلغ، لأنها التزمته برضاها في مقابل اسقاط حق الزوج، وانهاء عقد النكاح، يؤيد ذلك قوله تعالى (ولا جناح عليهما فيما افتدت به) وهذا الحكم الذي سار عليه القانون، هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والظاهرية، ولا سيما ان العرف في الدولة، جرى على ان الزوج يتكلف مصروفات كثيرة في الزواج، غير المهر، مثل نفقات الحفلة، واعداد منزلة الزوجية.
وقد قال الامام مالك في الموطأ (لا بأس ان تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما اعطاها).
ولما كان البدل في الخلع، هو في مقابل افتداء الزوجة نفسها من العصمة الزوجية، فانه لا يصح ان يكون متعلقًا به حق الاولاد، كنفقتهم أو حضانتهم، اذ لا يصح ان تكون مقابل نفقتهم التي تتعلق بها معيشتهم واقامة اولادهم، وقطعًا لدابر الاشكالات التي كانت تنشأ عن كون الخلع مقابل تعهد الزوجة بالانفاق على اولادها مدة معينة، أو طيلة مدة الحضانة، فقد جاءت المادة 110 في فقرتها الثانية من هذا القانون، صريحة في انه لا يجوز الخلع بالتخلي عن نفقة الاولاد أو حضانتهم. وقد اخذ القانون برأي الحنفية، وبعض فقهاء المالكية في مسألة الخلع بعدم جواز الاتفاق على اسقاط الحضانة كبدل للخلع.
هذا، واذا وقع الخلع ولم يصح البدل، كأن تعاقدا على بدل غير متقوم، أو على اسقاط الحضانة ونفقة الاولاد، فقد اعتبر القانون في المادة 110 في فقرتها الثالثة، ان الخلع صحيح، ويستحق الزوج المهر المسمى، وكذلك اذا لم يذكر بدل الخلع، لأن الخلع عقد، والعقد لا يكون الا ببدل، لأنه معاوضة.
وقد رئي انه من العدل والتيسير، ان يكون التفريق بارادة الزوجين، فسخًا محضًا، لا طلاقاً، وذلك طبقًا لمذهب الشافعية في القديم واحمد، فلا ينقض به عدد الطلقات، ولا يترتب عليه من الآثار المالية الا ما يترتب على الفسخ.
فاذا رفض الزوج الخلع بالرغم من بذل الزوجة للبدل تعنتًا ومضارة للزوجة، وخيف الا يقيم كل من الزوجين حدود الله فيما اذا استمر علاقتهما بالرغم من عدم الرغبة من الزوجين للاستمرار وتنافر طبيعتهما وتفسيتهما، فإن الامر الى القاضي في تقرير الخلع بينهما بحكم يصدره ويحدد فيه البدل المناسب، لحديث امرأة ثابت بن قيس السابق حيث ورد في احدى رواياته قوله صلى الله عليه وسلم "خذ الحديقة وطلقها تطليقة" تخريجًا على رأي ابن تيمية وابن القيم.
المادة 111
اذا كان الخلع عقدًا على عوض، فإنه يشترط لصحته توافر الشرائط الشرعية جميعًا، فيجب ان تكون الزوجة اهلاً للبذل، أي ان تكون بالغة عاقلة رشيدة أي ان يكون عمرها 21 سنة قمرية كما حددها القانون في باب الاهلية، لأن الخلع من جانبها معاوضه منها معنى التبرع، ويشترط في الزوج ان يكون اهلاً لايقاع الطلاق، أي ان يكون بالغًا عاقلاً لكن لا يشترط الرشد.
الباب الثالث
التفريق بحكم القاضي
التفريق للعلل
المادة 113
ان الحياة الزوجية قوامها المحبة والمودة، ومن مقاصدها التناسل والانجاب، لايجاد مجتمع قوي يساهم في بناء المجتمع السليم، ويمده بعوامل البقاء والاستقرار، كما ان من مقاصدها اشباع الغريزة الجنسية للزوجين في الحلال، حتى لا ينصرف افراد المجتمع نحو الفساد، والفاحشة. (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجًا لتسكنوا اليها، وجعل بينكم مودة ورحمة).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال (تناكحوا تناسلوا، تكثروا، فإني مباه بكم الامم يوم القيامة).
ولذا، اعطى القانون في المادة 112 لكل من الزوجين، ان يطلب فسخ الزواج للعلل، سواء اكانت تلك العلل موجودة قبل العقد، أو حدثت بعده، بأن وجد احد الزوجين في الآخر علة جسيمة، كالجذام، والبرص، أو علة جنسية كالعنة والجب، أو قطع الاثنين، أو قطع الحشفة، أو كالاعتراض وهو عدم انتشار الذكر لعارض، أو ان يكون الرجل غير قادر على الدخول بالمرأة مع سلامة الاعضاء ظاهرًا، وكالقرن وهو عظم يسد فتحة الفرج والرتق وهو صغر الفرج، أو علة عقلية كالجنون. وقد استهدت هذه المادة من المذاهب الفقهية الاربعة، وخاصة المالكية والشافعية والحنابلة في ان لكل من الزوجين حق فسخ النكاح اذا وجد بصاحبه عيبًا، واخذ برأي ابن القيم في ان العيوب غير محصورة، اذ ذهب الى ان معيار العلل المقصودة، هنا كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، أو يتضرر، أو يمنع حصول المتعة الجنسية، لأنه حينئذ لا يحصل مقصود الشارع من الزواج، وهي المودة والرحمة، ومن تدبر مقاصد الشرع، وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح، لم يخف عليه رجحان هذا القول، وحق الخيار يكون للسليم دون المريض وهو مذهب المالكية والشافعية.
نص القانون على ان علم احد الزوجين بعيب الآخر حين العقد، أو رضاه من صراحة أو دلالة بعد العقد، مسقط لحقه في طلب الفسخ، وهو مذهب المالكية والحنفية، وهذا لا يسقط بالتراضي، وهو مذهب الحنابلة والحنفية الزيدية. الا العيب الجنسي المانع في الرجل، فقد قرر فيه للزوجين حق الفسخ مطلقًا، ولو كانت عالمة راضية، أو كانت علة الزوج الجنسية طارئة بعد الدخول، وهو مذهب الامام ابي ثور صيانة لها.
وقد اخذ القانون بوجوب ان تنظر المحكمة دعوى فسخ الزواج للعلل الجنسية في جلسة سرية مراعاة لخصوصيات الزوجين.
والاصل في المادة 112 في الفقرة الثانية، ان المحكمة تؤجل الدعوى مدة مناسبة في العيوب القابلة للشفاء تقدرها المحكمة لكن لا تجاوز سنة، وقد ترك المشرع للمحكمة تقدير المدة اخذًا برأي عمر بن الخطاب، فإن انقضت المدة، ولم تزل العلة خلالها، واصر طالب الفسخ، قضت المحكمة بالفسخ.
واستثناءًا من حكم الفقرة الثانية من هذه المادة، اوجب القانون على المحكمة القضاء بالفسخ اذا كان العيب غير قابل للبرء والشفاء اخذًا برأي الفقيه ابراهيم النخعي وبيان ما اذا كان هذا العيب، علة منفرة أو مضرة، أو تمنع حصول المتعة الجنسية أو غير قابل للزوال، ومرجع ذلك الى الخبرة الفنية الطبية.
وقد رئي من العدل، ان يكون التفريق للعلة فسخًا محضًا لا طلافًا، طبقًا لمذهب الشافعي واحمد، فلا ينقض به عدد الطلقات، ولا يترتب عليه من الآثار المالية الا ما يترتب على الفسخ.
المادة 114
اعطت المادة 114 في الفقرة الاولى، كلاً من الزوجين حق التفريق اذا ارتكب الزوج الآخر تغريرًا ادى الى ابرام عقد الزواج أو كان هذا التغرير بعلمه.
والتغرير هو ان يخدع احد الخاطبين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها.
وقد اعتبرت المادة 114 السكوت عمدًا عن واقعة أو ملابسة تغريرًا اذا ثبت ان من غرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة.
واشترطت المادة ان يكون التغرير صادرًا من احد الخاطبين، فإن كان التغرير من الولي أو من اجنبي، فقد اشترطت ان يكون هذا التغرير أو الخداع بعلم الخاطب.
وقد استمد القانون حكم هذه المادة مما رواه ابن يسر من ان عمر بن الخطاب بعث رجلاً على بعض السعاية، فتزوج امرأة وكان عقيمًا، فقال له عمر رضي الله عنه اعلمتها انك عقيم؟ قال لا قال انطلق فأعلمها ثم خيرها.
ووجه دلالة هذا الاثر، ان عمر بن الخطاب اعتبر السكوت عن العقم تدليسًا وتغريرًا، ولهذا امره ان يذهب لزوجته ويخبرها بأنه عقيم ويخبرها.
اما الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون، فإنها اعطت للزوجين حق فسخ العقد لعدم الانجاب، ذلك ان الغاية من الزواج هو التناسل فمن الظلم ان يحرم احد الزوجين من طفل، ما دام قادراً على انجاب الولد والذرية، فمن المصلحة للمجتمع تمكين احد الزوجين من طلب الفسخ لعدم الانجاب.
ومصدر هذا الحكم الوارد في هذه الفقرة، ان الفقهاء الذين لم يحصروا العيوب قد ذكروا من العيوب التي تجيز الفسخ لأحد الزوجين ما تكون اقل في خطورتها من العقم، فهذا ابو البقاء العكبري، بيّن ان الخيار يثبت لكل عيب، حتى قال انه لو ذهب ذاهب الى ان الشيخوخة في احدهما يفسخ بها.
لكن القانون لم يعط هذا الحق مطلقًا من غير قيد، فقد قيده بعدة قيود
عدم وجود اولاد لطالب الفسخ.
2- التحقق من عقم المدعى عليه بتقرير طبي.
3- مضي خمس سنوات على الزواج.
4- اجراء العلاج والتجارب الطبية من العقيم.
5- عدم مجاوزة طالب الفسخ لسن اربعين سنة.
اما الفقرة الثالثة، فانها اعطت للزوجين حق فسخ عقد الزواج اذا ارتكب احدهما جريمة الزنى، وما في حكمها من الاغتصاب وهتك العرض بالاكراه، وثبت عليه بحكم قضائي بات.
ولم ير القانون التوسع في مناط التفريق في اعطاء كل من الزوجين حق التفريق لفسق احدهما، وانما قيدته بارتكاب احدهما لجريمة الزنى، وما في حكمها.
ذلك ان ارتكاب احد الزوجين لجريمة الزنا وما في حكمها، يجعل الحياة الزوجية بينهما مملوءة بالشك والريبة، كما انه من الضرر المعنوي الذي يجعل الحياة الزوجية مستحيلة.
اما الفقرة الرابعة من المادة 114 من القانون، فإنها نصت على اعطاء الزوجين حق طلب التفريق لاصابة الآخر بمرض معد كالايدز والهربس، وما في حكمهما، واذا كان هذا المرض يخشى انتقاله الى الزوج الآخر، أو نسلهما، كان التفريق وجوبًا، ويتعين على القاضي الحكم به.
ومصدر هذه الفقرة من المادة 114 هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة التي اعطت للطرفين حق الفسخ، لكن مصدر الفقرة في تحديد ماهية العيب كان من مذهب بعض الحنابلة، وابن القيم، ومحمد بن الحنفية، وابن رشد من المالكية، اذ جاء في بداية المجتهد (واختلف اصحاب مالك في العلة التي من اجلها قصر الرد على هذه العيوب الاربعة، فقيل لأن ذلك شرع غير معلل، وقيل لأن ذلك مما يخفى ومجمل سائر العيوب على انها مما لا تخفى، وقيل لانها يخاف سريانها الى الابناء – (2/31).
ومن هذا النص الفقهي، يمكن ان نعتبر كل مرض من الامراض التي تصيب احد الزوجين والتي يخشى هلاك الزوج الآخر منه، أو تنتقل الى الغير بوساطة العدوى، مبررًا للتفريق، وعند خشية الانتقال الى الزوج الآخر أو نسلهما، وجب التفريق على القاضي.
وهذا الخيار خاص بالسليم دون المريض، وهو مذهب المالكية والشافعية والزيدية.
المادة 115
اوجبت المادة 115 من فقرتها الاولى الاستعانة بأهل الخبرة في تحديد العيوب التي يطلب فسخ الزواج من اجلها، وفي تقدير المدة المناسبة للشفاء، مع مراعاة اسلام الطبيب لتوافر الثقات المسلمين من ذوي الاختصاص، عملاً بمذهب الامام مالك.
وقد قرر القانون تيسيرًا على الازواج، ان يكون التفريق للعلل فسخًا محضًا لا طلاقًا، طبقًا لمذهب الشافعي واحمد.
الفصل الثاني
التفريق لعدم اداء المهر الحال
المادة 116
المهر حق خالص للزوجة ويمكن ان يتفق الطرفان على تعجيله، أو تأجيله، أو تعجيل بعض وتأجيل البعض الآخر. وما اتفق على تعجيله أو تعورف تعجيله هو ما يطلق عليه (حال الصداق).
إن حق الزوج في طلب زوجته للزفاق أو المتابعة الى مسكن الزوجية، يقابله حق المرأة على زوجها في المطالبة بالمهر والنفقة، فإن لم يقدم لها الزوج حال صداقها، فليس له عليها، حق اجابته الى طلبه البناء بها، ومن حقها في هذه الحالة تقاضي النفقة مع الامتناع عن المتابعة، ولا تعتبر ناشزًا، ولكن، اذا تمادى الامر، وطال الانتظار فلم يقدم الزوج حال الصداق ولم تقبل هي من جانبها، اجابة طلبه اياها للبناء بها، فإنه لا بد من علاج، لدفع ما يمكن ان يحصل للزوجة من ضرر. والقاعدة العامة المقررة في الشريعة الاسلامية لا ضرر ولا ضرار، كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وامساك الزوج لزوجته، مع عدم اداء صداقها الحال، ضرر بها، فيزال هذا الضرر، بأن يطلقها القاضي من زوجها، إن طلبت هي ذلك وابى ان يسرحها بإحسان.
وعلى هذا فقد اخذ القانون، بجواز التفريق لعدم اداء حال الصداق استنادًا الى ما هو مقرر في الفقه المالكي، فجاءت الفقرة الاولى من المادة 116 بتقرير حق الزوجة بطلب التطليق لعدم استيفاء حال صداقها، الا ان تكون رضيت بالدخول قبل اداء ذلك الصداق الحال.
ونصت هذه الفقرة على حالتين يمكن فيهما للزوجة ان تطلب التفريق لهذا السبب
الاولى اذا لم يكن للزوج مال ظاهر يؤخذ منه الصداق الحال فيحق لها طلب الطلاق، فلو كان ثمة مال ظاهر يمكن استيفاء المهر المعجل منه، فلا مبرر لطلب التفريق بسبب المهر المعجل الواجب الاداء، وهذه الحالة تشير بأن الزوج متعنت اذ لم يدع الاعسار ولم يثبت العجز عن اداء الصداق فيفرق بينهما القاضي.
الثانية اذا كان الزوج معسرًا ظاهر الاعسار أو مجهول الحال، وفي هذه الحالة لا بد وان يعطيه القاضي مهلة مناسبة لتدارك المهر المعجل. فإما ان يؤديه خلال تلك المهلة، وإما ان يفرق بينهما اذا اصرت الزوجة على طلب التفريق.
اما الفقرة الثانية من هذه المادة فقد منعت الزوجة المدخول بها ان تطلب التفريق لعدم اداء الصداق الحال، الذي صار دينًا في ذمة الزوج، اذ تكون برضاها بالدخول، قد اسقطت حقها، في جعل مهرها ذريعة لطلب التفريق.
الفصل الثالث
التفريق للضرر والشقاق
المادة 117
التطليق للضرر والشقاق بين الزوجين، قال به الامام مالك، وهو اصح القولين عند الحنابلة، والمعمول به في قوانين الاحوال الشخصية في كثير من البلاد العربية.
ذلك ان الحياة الزوجية، تصبح بالشقاق والنزاع المستحكم، جحيمًا وبلاءً، والشقاق بين الزوجين مجلبة لاضرار كبيرة، لا يقتصر اثرها على الزوجين فقط، بل يتعداهما، الى ما خلق الله بينهما، من ذرية، والى كثيرين ممن له بهما علاقة قرابة أو مصاهرة، والضرر يزال، يقول تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من اهله وحكمًا من اهلها إن يريدا اصلاحًا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرًا).
ولقد فهم بعض الصحابة – منهم علي بن ابي طالب، وعبدالله بن عباس – رضي الله عنهم من هذه الآية الكريمة، ان حق الحكمين مطلق في الاصلاح، اذ إن الله سبحانه وتعالى سماهما حكمين، والمحكم والحاكم معناهما متقارب، فيكون لهما سلطة الحكم، ويؤيد ذلك قوله تبارك وتعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فإذا فات الامساك بالمعروف تعين التسريح بإحسان.
وبهذا اخذ القانون، فقررت الفقرة الاولى من المادة 117 انه يحق لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، الذي يتعذر معه دوام العشرة بينهما، ولئن كان الزوج يملك ايقاع الطلاق – حين الضرر – بارادته المنفردة، فإنه لا يصح ان يمنع عنه حق طلب التطليق للضرر والشقاق كي لا تتخذ الزوجة المشاكسة من اساءتها وسيلة الى اجباره على طلاقها دون مقابل، فتحمله خسارة كبيرة، من نفقة العدة، وباقي المهر، والمتعة، فضلاً عن خسارة الزوجة نفسها.
وفي فتح باب طلب التطليق للضرر امام الزوج، إمكان اعفائه من تلك التبعات المادية، المشار اليها آنفا كلها أو بعضها، اذا ثبت ان الاساءة منها، مما يحول بين الزوجة وبين تعمد الاساءة الى زوجها، وصولاً للطلاق، ولكن يتعين على القاضي، حينما يتقدم اليه احد الزوجين، طالبًا التطليق للضرر، ان يتحقق ابتداءً من ان الضرر الذي يحتج به طالب التطليق، من النوع الذي يتعذر معه دوام العشرة الزوجية أي ان الضرر قد بلغ حدًا من الجسامة والخطورة بحيث لم يعد يستطاع معه بقاء الحياة الزوجية بينهما، فليس أي ضرر يصح ان يتخذ ذريعة لطلب التطليق، وهذه ناحية هامة تصبح الحياة الزوجية بدونها، ريشة في مهب الريح.
ماهية الضرر، وانواعه
من المقرر ان لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر، متى وقع على الزوج الآخر من زوجه أي نوع من انواعه بالقول أو الفعل، ولو لم يتكرر ايقاع الايذاء، بشرط ان يكون الضرر فاحشًا، وسواء اكان هذا الضرر ماديًا ام معنويًا، وسواء طال احد الزوجين، أو والديهما، أو اسرتهما، ما دام يتعذر معه العشرة، ولا يشترط في الضرر الفاحش ان يتكرر في المشهور من المذهب المالكي.
واذا كان الضرر غير فاحش أي كان بسيطًا، فإن المذهب قد استقر على ان يكون هذا الضرر متكررًا مستمرًا، حتى يحق طلب التفريق للضرر ما دام انه يتعذر معه العشرة.
فالضرر يشمل الضرر المادي الجسماني، أو المعنوي، كالشتم والسب، والرمي بالاعراض، كما يشمل الهجر بلا مسوغ شرعي.
ومعيار الضرر الذي يصيب احد الزوجين، ويتعذر معه دوام العشرة بينهما، والذي لا يكون بين امثالهما عادة، هو معيار شخصي، يختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما، والوسط الاجتماعي الذي يحيط بهما. ولا فرق بين المدخول بها، وغير المدخول بها في طلب التطليق للضرر في المذهب المالكي، اذ مناط التطليق هو الضرر.
وقد نصت المادة 117 في فقرتها الاولى على عدم سقوط حق الزوجين في طلب التفريق للضرر الا بالتصالح.
وفي الفقه المالكي كما هو مبين في شرح البهجة ان حق الزوجة يسقط بتمكين الزوج من المعاشرة، وحتى الخلوة، اذ جاء ما نصه (فإن ادعى الزوج انها مكنته من نفسها بعد قيامه بالضرر، وصدقته سقط حقها، كانت جاهلة أو عالمة، فإن ادعت الجهل لم تعذر، قاله في المتيطية. قلت وينزل منزل التصديق ثبوت الخلوة بينهما برضاها بعد القيام، لأن القول لمدعي الوطء فيها) (ج1، ص 32) كما نص عليه العلمي في نوازله (فائدة مسائل لا يعذر فيها الجهل منها من اثبتت ان زوجها يضر بها، فتلوم له الحاكم، ثم احضره ليطلق عليه، فادعى انه وطئها، سقط حقها ولو ادعت الجهل بالحكم) (ج1 ص 28)، فادعاء الزوج تمكين الزوجة من نفسها بعد الضرر طائعة ومصادقتها على حصوله، يسقط حقها في التمسك بقيام الضرر الموجب للتطليق.
ولم يأخذ القانون بذلك فجاءت صياغة الفقرة الاولى من المادة 117 منه ان حق الزوجة أو الزوج لا يسقط بالخلوة اذ ان الزوجين يكونان دائمًا في خلوة معًا في سكن الزوجية، وان الاخذ برأي المالكية قد يؤدي الى آثار سلبية منها ان تغادر الزوجة أو الزوج مسكن الزوجية فور حصول الضرر، كما يحرم الزوجة من المسكن والنفقة ومساكنة ابنائها.
كما ان تمكين احد الزوجين الآخر من المباشرة، لا يسقط الحق في التطليق للضرر، الا اذا ثبت تصالح الزوجين بعد الضرر، ولكن التمكين من المباشرة قرينة على حصول هذا التصالح، ويجوز اثبات العكس بطرق الاثبات، اذ ان الزوجة قد تمكن زوجها من المعاشرة ارضاء لله، وخوفًا من اللعنة التي اشار اليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من امتناع الزوجة من فراش الزوجية أو خوفًا واكراهًا من الزوج.
اما الفقرة الثانية من المادة 117 من القانون، فإنها بينت ان لجنة الاصلاح الاسري تتولى الاصلاح بين الزوجين وفقًا لنص المادة 16 من القانون نفسه، وانها إن عجزت عن الاصلاح، عرض القاضي الصلح مرة اخرى، وبعد ان يعجز ويثبت الضرر، يحكم القاضي بالتفريق بين الزوجين.
المادة 121
اذا لم يثبت طالب التطليق ما يدعيه من اضرار الآخر به، واستمر الشقاق بينهما، واصر المدعي على دعواه، وتعذر على لجنة الاصلاح الاسري والقاضي التوفيق، واصلاح ذات البين، يعين القاضي حكمين من اهل الزوجين ان امكن، أو من غير الاهل ممن يتوسم فيه القدرة على الاصلاح، ولم تشترط المادة 118 تكرار الشكوى لتعيين الحكمين.
وهكذا اوضحت المادة 118 ما يقدم عليه القاضي حينما يصر طالب التطليق على ضرره، ولا يستطيع اثبات الضرر. ويتعذر على القاضي اصلاح ذات البين، ثم جاءت المادة التالية تبين ما يجب على الحكمين للقيام بمهمتهما من تفهم وتقص لاسباب الشقاق، والعمل على ازالتها، وضرورة بذل جهودهما، لاصلاح ذات البين، فلا يتسرعان في فصم عرى الزوجية، وعليهما جمع الطرفين في مجالس عائلية يحددان زمانها ومكانها، لا يحضرها الا الزوجان، ومن يقرر الحكمان ضرورة حضوره، من الاقارب أو الوكلاء، أو من يستعان بهم في الاصلاح، أو في تقصي الحقائق، ومعلوم بداهة ان تخلف احد الزوجين عن حضور تلك المجالس لا يعطلها، بعد اعلانه بالحضور، فإن لم تثمر مساعي الحكمين صلحاً، وبقي طالب التطليق مصراً على طلبه، قدما حكمهما الى القاضي متضمناً تحديد مصدر الشقاق ومن هو المسيء من الزوجين للآخر ونسبة تلك الاساءة، وهذه ناحية لا بد منها اذ انها ستكون مرتكز الحكمين الذي سيبت بالمهر حين الحكم بالتطليق ايكون كله أو بعضه من حق الزوجة اذا كانت الاساءة كلها أو اكثرها من الزوج أو العكس.
ويجب ان يشتمل حكم تعيين الحكمين على تاريخ بدء المهمة ونهايتها بما لا يجاوز تسعين يوماً ويجوز مد هذه المدة بقرار من المحكمة مع وجوب اعلان الحكمين والخصوم بحكم تعيين الحكمين مع تحليفهما.
والاصل في مهمة الحكمين انهما يقومان بالاصلاح، بعد ان يعرفا سبب النزاع فإن لم يستطيعا الاصلاح، فإنهما يحكمان بالتفريق، وقد اخذ القانون بمشهور مذهب المالكية والرواية الثانية عند الحنابلة، والقول الآخر عند الشافعية انهما حكمان يحكمان ولا يعتبران وكيلين.
وقد بينت المادة 120 حالة عجز الحكمين عن الاصلاح فإن الحكمين يقرران التطليق بطلقة بائنة اذا كان الضرر من الزوج، دون المساس بحق المرأة في حقوقها الزوجية، واذا كان الضرر من المرأة، قرر الحكمان التطليق بمقابل بدل تدفعه الزوجة.
وان كان الضرر واقعًا من كليهما، قرار التطليق بينهما ببدل يتناسب مع الاساءة أو دون بدل.
واذا لم يعرف من المسيء منهما وكانت الدعوى مرفوعة من الزوج، اقترح الحكمان رفض دعواه، فإن كانت الزوجة هي التي رفعت الدعوى أو كلاهما، قرر الحكمان التفريق بينهما دون بدل.
وهذه الاحكام استمدها القانون من مذهب الامام مالك.
هذا، وقد بينت المادة 121 ان القاضي اذا بعث حكمين فأصدرا حكمًا فإنه يصدق على حكمها، اذ الاصل المقرر عند المالكية ان حكم المحكم ملزم للقاضي، ويصدق عليه اذا كان موافقًا للاصول.
وقد اشارت هذه المادة الى تعيين حكم ثالث مرجح مع تحليفه اليمين، أو تعيين حكمين آخرين عند اختلاف الحكمين المعينين سابقًا.
المادة 122
الاصل ان دعوى التطليق للضرر تثبت بطرق الاثبات المقررة شرعًا، ومنها الشهادة والقرائن، مثل الحكم الجزائي الصادر باثبات اعتداء الزوج على زوجته لكن الضرر الموجب للتطليق يكثر وقوعه في حالات خاصة، وغير مشاهد ممن تقبل شهادتهم، فيصعب اثباته مع انه يكون ملموسًا مشهورًا، ولهذا، تيسيرًا لاظهار الحقيقة، استند القانون في المادة 122 الى مذهب الامام مالك فقبل التسامع، والمقصود به هو الشهرة في محيط الزوجين، ومن البين ان ذلك فيما اذا كان الضرر مما يخفى عادة، وهذا يختلف باختلاف الاحوال الملابسات، ويخضع لسلطة المحكمة في تقديره.
كما قضت المادة بأن درجة القرابة أو الصلة بين الشاهد والمشهود له في الدعوى، ايًا كانت، لا تمنع من الشهادة.
المادة 123
ان التفريق بسبب الضرر والشقاق، انما يكون بعد ثبوت الضرر الذي يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية، وبعد عجز القاضي عن الاصلاح، فاذا لم يثبت الضرر، كان لا بد من تعيين الحكمين، وقد تطول اجراءات التحكيم.
لذلك قرر القانون انه لا بد من مراعاة ما اذا كانت الزوجة – قبل الدخول والخلوة – قد طلبت التفريق، واودعت ما قبضته من مهر، وما انفقه الزوج من اجل التزوج بها، سواء اكانت تلك النفقات، قيمة هدايا قدمها اليها، أو قيمة تكاليف تحملها بسبب عقد زواجه عليها، ومع ذلك كله، امتنع الزوج عن اجابتها، الى ما طلبته من افتداء نفسها، اذ تكون والحال ما ذكر، قد بذلت له مهرها، وما خسره ماديًا بسبب الزواج، طالبة الخلع منه، فيأبى تعنتًا، ويعجز القاضي عن الاصلاح، فحينئذ يكون من حق القاضي، ان يحكم بالتفريق خلعًا اجباريًا.
ولما كان الطلاق – مبدئيًا – بيد الرجل، يوقعه اذا كره الحياة الزوجية، فقد جعل للمرأة الخلع، لتفتدي نفسها، بأن تعطي زوجها، ما قدمه في سبيل ذلك الزواج، من مال، حينما تنفر من العشرة الزوجية – قبل الدخول والخلوة – وهو مستمسك بها، اشد ما يكون الاستمساك، ومن المصلحة ان يحل رباط تلك الزوجية، التي بدأت معتلة، قبل ان يمتد الضرر، الى غير الزوجين، قال ابن رشد في بداية المجتهد 2/68 (والفقه ان الفداء إنما جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من الطلاق فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل اذا فرك المرأة، جعل الخلع بيد المرأة اذا فركت الرجل).
والتفريق هنا في حكم هذه المادة يعتبر فسخاً.
الفصل الرابع
التفريق لعدم الانفاق
المادة 124
يرى جمهور الفقهاء تطليق الزوجة على زوجها لعدم انفاقه، لقوله تعالى "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وليس من الامساك بالمعروف ان يمتنع عن الانفاق عليها لأن امساكه لها في هذه الحالة فيه اضرار بالغ بها يقول الله تعالى (ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا).
فإذا كان الزوج موسرًا، وامتنع عن الانفاق على زوجته، فهو بلا شك ظالم، وللزوجة طلب التطليق لعدم الانفاق، اذا امتنع عن الانفاق عليها تعنتاً، ولم يمكنها التنفيذ الجبري عليه لاستيفاء النفقة المحكوم لها بها عليه، وينبغي ان تقيد ذلك بأن لا يكون له مال ظاهر، يمكن تنفيذ حكم النفقة عليه جبراً وشرطه عدم ثبوت اعساره.
اما اذا ثبت اعساره، فإن القاضي يمهله مدة لا تزيد عن شهر، فإن امتنع أو لم ينفق طلق عليه القاضي.
المادة 125
هذه المادة تبين حالة غياب الزوج في مكان معلوم، وكان له مال ظاهر نفذ عليه حكم النفقة جبراً في ماله، فإن لم يكن له مال ظاهر، اعذره القاضي، ومنحه مهلة مناسبة يقدرها القاضي حسب الاحوال والملابسات، مع مواعيد المسافات المقررة، فإن لم ينفق، طلق عليه القاضي بعد مضي المدة التي امهله اياها.
اما اذا كان غائباً في مكان مجهول، لا يسهل اعلانه أو الوصول اليه، أو كان مفقوداً وليس له مال يمكن اخذ النفقة منه، طلق عليه القاضي.
ويسري على المحبوس حكم الغائب في مكان معلوم.
المادة 128
يستطيع الزوج ان يتوقى حكم القاضي بتطليق الزوجة طلقة رجعية، بتقديم ما يثبت يساره وقدرته على النفقة وفي هذه الحالة، يعطي القاضي المهلة المناسبة حسب احواله.
ويمكن للزوج وفقاً للمادة 127 ان يراجع زوجته في العدة، اذا ثبت يساره، واستعد للانفاق بدفعه النفقة المعتادة الى خزانة المحكمة أو تسليم الزوجة النفقة، والا كانت الرجعة غير صحيحة، بشرط الا تكون الدعوى قد رفضت اكثر من مرتين وطلبت الزوجة التطليق لعدم الاتفاق، مع ثبوت عدم الانفاق للمحكمة.
لكن اذا تكرر رفع الدعوى اكثر من مرتين من الزوجة، وطلبت الزوجة التطليق لعدم الانفاق، وتوافرت الشروط المنصوص عليها في المواد السابقة، حكم بالتطليق طلقة بائنة.
الفصل الخامس
التفريق للغيبة والفقد
المادة 130
لا شك ان الزوجة تتضرر من غياب زوجها عنها، لشعورها بالوحشة، وقد تتعرض للفتنة، والضرر حينئذ اكبر من ضرر الايذاء بالقول أو بالفعل، فيحصل الشقاق، ولا فرق هنا، بين ان يكون له مال ام لا.
والغائب قد يكون معلوم الموطن أو محل الاقامة ويعرف حاله، وقد يكون غير معلوم محل الاقامة ولا يعرف حاله، اهو حي مجيئه متوقع، ام ميت اودع اللحد البلقع، وهو في هذه الحالة – الثانية – يسمى (المفقود)، فالغياب أعم من الفقدان والمراد بالغياب ايضاً، انتقال الزوج بدون زوجته، الى موطن أو محل اقامة آخر غير الموطن أو محل الاقامة الذي كان فيه بيت الزوجية، اما الغيبة عن بيت الزوجية مع الاقامة في البلدة نفسها، فهي من الهجر، أو من حالات الضرر، وقد اعطت المادة 129، الحق للزوجة التي يغيب عنها زوجها وينتقل الى موطن ومحل اقامة معروف، ان تطلب التطليق للغياب، ولو كان له مال ظاهر يمكن استيفاء النفقة منه، ولكن لا يحكم لها بطلبها الا بعد انذاره من قبل القاضي ان يقيم مع زوجته، أو ينقلها اليه، أو يطلقها من نفسه، ويعطى مهلة لهذا الانذار، ولا تقل عن سنة، أي بدء من تاريخ ابلاغه الانذار، فإن مضت مهلة الانذار، ولم يفعل، طلقها القاضي عليه، والمقصود بالسنة هنا السنة القمرية.
والتطليق بسبب الغياب والفقدان، هو مذهب الامامين مالك واحمد، لأن تركها والاقامة في بلد آخر، وعدم الحضور اليها، أو عدم اخذها اليه، مضارة لها، ولا ضرر ولا ضرار في الاسلام، ولأن ذلك ليس امساكاً بمعروف، فيتعين التسريح باحسان، فإن لم يقم به الزوج، قام القاضي مقامه فيه.
واما المفقود، أو الغائب الذي لا يعرف محل اقامته، فانه لا تطلق زوجته عليه الا بعد مضي مدة لا تقل عن سنة، من تاريخ رفع الدعوى، وهذا ما نصت عليه المادة 130.
الفصل السادس
التفريق للحبس
المادة 131
من حق زوجة المحبوس المحكوم عليه بحكم قضائي حائز لقوة الامر المقضي فيه، بعقوبة مقيدة لحريته ثلاث سنوات فأكثر ان ترفع الدعوى امام المحكمة للمطالبة بالتفريق بطلقة بائنة بعد مرور سنة من حبس الزوج، ولو كان للزوج مال تنفق منه الزوجة، وكذلك لو كان الزوج مسجوناً لانه قياس الاولى.
واذا كانت الزوجة محبوسة ايضاً، فخرجت من السجن، جاز لها طلب التطليق للحبس بعد مضي سنة على خروجها.
ويشترط في الحالتين عدم خروج الزوج من السجن اثناء نظر الدعوى، أو الا يبقى من مدة حبسه اقل من ستة اشهر.
وهذا الحكم استمد من مذهب مالك واحمد.
الفصل السابع
التفريق للايلاء والظهار
المادة 134
الهجر الامتناع عن قربان الزوجة، اربعة اشهر فاكثر، بغير عذر وبقصد الاضرار بها، من غير حلف على عدم المسيس.
والايلاء الحلف بالله على ترك مباشرة الزوجة، اربعة اشهر فصاعداً، كقوله والله لا اقرب امرأتي خمسة اشهر، أو ابداً، ومثل الحلف بالله، تعليق قربانها، على ما يشق عادة، كقوله لله علي نذر، التصدق بعشرة الاف درهم، إن قاربت امرأتي أو لله علي نذر، صوم ثلاثة اشهر، إن عاشرتك معاشرة الازواج.
والظهار ان يشبه زوجته في التحريم باحدى محارمه على وجه التأبيد كقوله لها انت علي كظهر امي، أو اختي، أو انت علي مثل حماتي، أو مثل امي، مريدًا بالصيغتين الاخيرتين تحريمها عليه، لا انها مثل امه أو حماته في التكريم والبر، بخلاف الصيغة الاولى التي لا تحتاج الى نية.
ففي هذه الحالات جميعًا، يحق للزوحة طلب التطليق، منعًا للظلم الواقع عليها بسبب الهجر أو الايلاء أو الظهار، اذ انها تكون حينذاك، كالمعلقة، لا هي زوجة لها حقوق الزوجية، ولا هي مطلقة يغنيها الله سبحانه وتعالى من سعته، وقد كان اهل الجاهلية يكيدون لنسائهم، بالايلاء أو الظهار أو بالاصرار على عدم قربانهن فوضع الاسلام الحنيف حدًا لذلك الاضرار بالمرأة وظلمها.
يقول الله جلت حكمته (للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم* وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) سورة البقرة، الآيتان 226، 227.
ويقول تبارك وتعالى (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم إن امهاتهم الا اللائي ولدنهم وانهم ليقولون منكرًا من القول وزورًا وان الله لعفو غفور * والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسكا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل ان يتماسا فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينًا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب اليم) سورة المجادلة الآيات 2 و3 و4.
فالآية الكريمة الاولى، صريحة في ان الفرقة تكون بين الزوجين بالايلاء، اذا لم يفيء اليها الزوج في مدة اربعة اشهر، والآية الكريمة الثانية، صريحة في ان المظاهر لا يحل له ان يباشر زوجته، الا بعد ان يقوم بكفارة الظهار، وهي الآن صيام شهرين متتابعين قبل المسيس، فإن لم يستطع فعليه اطعام ستين مسكيناً، اكلتين مشبعتين قبل المسيس عند الجمهور، وقال فقهاء الحنفية له ان يمسها قبل ان يكمل الاطعام, وللزوجة منعه من قربانها قبل الكفارة لأن ذلك حرام قبل الكفارة فاذا فعل استغفر وكفر، وله ايضاً ان يدفع لكل منهم قيمة الاكلتين.
والحكمة في ايجاب الكفارة عليه قبل المسيس، هي منع العبث بالعلاقة الزوجية، التي تنظر اليها الشريعة، نظرة التكريم والتقديس والرعاية، ومنع الظلم للزوجة، فإن الذين يصنعون ذلك، إنما يقصدون الكيد لها، فجاءت هذه الاحكام لمنع ذلك التلاعب ورفع ذلك الظلم.
هذا، وقد اخذ القانون بقول العديد من اهل العلم، بأن المولي (أي من يحلف ان لا يقرب زوجته – ومثله من يهجر زوجته فعلاً -) يؤمر بالتطليق، أو الفيء، أي الرجوع عن الحلف، وعن الهجر، وكذلك يؤمر المظاهر بالكفارة، فإن لم يفعل، كان للقاضي ان يطلق عليه، بناء على طلب الزوجة وبهذا قال مالك، والشافعي في الجديد واحمد، والليث بن سعد وابو ثور، وقال الحنفية ان القاضي يجبره على الكفارة ولا يطلق عليه.
والطلاق الواقع حينذاك، طلاق رجعي، اذ الاصل، ان كل طلاق، يقع رجعياً، وضرر المرأة التي طلقت بسبب من هذه الاسباب، يزول بالمراجعة والقربان، أو بالمراجعة مع القيام بالكفارة، تمهيداً للمسيس، وهذا ما اخذت به اللجنة تيسيراً على الناس واملاً برأب الصدع.
واما ابو حنيفة واصحابه، فقد قالوا ان الطلاق يقع بحكم الشارع في حالة الايلاء فقط، اذا لم يفيء الحالف، خلال اربعة اشهر من الحلف، ويعتبر الطلاق حينئذ بائناً، وليس للقاضي عند هؤلاء ان يطلق على الزوج في حالتي الظهار والهجر.
وما اخذ به القانون يتوافق مع حكمة التشريع، والصق بالقواعد الشرعية، لئلا يفاجأ الزوجان بطلاق بائن، يكون الحالف غافلاً عن المدة فيه.
ومن المعلوم، ان الفيء الى الزوجة بعد الايلاء، انما يكون بقربانها، وحينئذ تجب على المولي، أي الحالف، كفارة اليمين، وهي اطعام عشرة مساكين، اكلتين مشبعتين، أو دفع القيمة لكل منهم، أو كسوة عشرة مساكين، فإن لم يستطع الاطعام ولا الاكساء، فعليه صيام ثلاثة ايام متتابعات.
واذا كان المولي عاجزاً عن قربان زوجته، بالفعل، فإن فيأه يكون حينئذ بالقول، بشرط استمرار العجز الى نهاية مدة الفيء، وهي اربعة اشهر من تاريخ الايلاء، ولا تجب كفارة اليمين في هذه الحالة، لعدم الحنث بالقربان المحلوف على تركه.
ويجوز للزوجة وفقاً للمادة 133 طلب التطليق للظهار، وينذر القاضي الزوج بالتكفير عن الظهار خلال اربعة اشهر من تاريخ يمينه، فإن امتنع لغير عذر، حكم القاضي بالتطليق طلقة بائنة وهو رأي الجمهور.
المادة 135
اوجبت هذه المادة على القاضي، حين ترفع اليه دعوى التطليق من احد الزوجين، ان يصدر قرارات وقتية لضمان نفقة الزوجة والاولاد، وما يتعلق بحضانتهم وزيارتهم بناء على طلب أي منهما.
الباب الرابع
آثار الفرقة
الفصل الاول
العدة
المادة 137
العدة في اللغة الاحصاء، يقال عددت الشيء عدة، أي احصيته احصاء وقد يطلق على الشيء المعدود، ومن هذا القبيل، عدة المرأة، أي ايام اقرائها، واحدادها على زوجها.
والعدة في اصطلاح الفقهاء مدة حددها الشارع تتربص المرأة خلالها، بعد الفرقة بينها وبين زوجها، بدون زواج، حتى ينقض ما بقي من آثار الزواج، أو شبهة الزواج كالوطء بشبهة.
وقد اختصرت المادة 136، التعريف الشرعي الاصطلاحي، مشيرة الى ان ركنها، هو تلك الحرمة التي تثبت اثر الفرقة حتى تنقضي مدة العدة، فالحرمة تشمل الزواج من الغير، وان تخطب للغير – الا تلميحًا في عدة الوفاة – وتشمل ايضًا خروج معتدة الطلاق الرجعي من مسكن الزوجية الذي طلقت وهي فيه، كما اشارت المادة المذكورة، الى ان العدة من النظام العام في الاسلام، فلا يملك احد اسقاطها.
وقد شرعت العدة في الاسلام لحكم كثيرة منها
1- تهيئة الفرصة لاعادة بناء الزوجية، الذي تداعى للانهيار بسبب الطلاق أو التطليق، والى هذا تشير الآية الكريمة (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امراً) سورة الطلاق، آية رقم 1، ففي الطلاق الرجعي، يمكن للزوج خلال العدة ان يعود الى مطلقته، بعد ان تكون قد هدأت حدة النزاع التي ادت الى الطلاق. وفي الطلاق البائن بينونة صغرى، يمكن للطرفين خلالها، ان يستأنفا حياة زوجية بعقد جديد، بعد ان يكون كل منهما قد ثاب الى رشده، وكثيراً ما يتفقد الانسان الشيء، بعد ان يفقده.
2- صيانة الانساب، اذ تتربص المرأة حتى تضع حملها – إن كان ثمة حمل – مقطوعًا بنسبه من ابيه، أو يحصل الاطمئنان الى براءة رحمها من وجود حمل.
3- لحفاظ على قداسة الرابطة الزوجية، والوفاء لنعمة الزوج بعد وفاته أو بعد الانفصال عنه بطلاق أو تطليق، فلا يصح للمرأة الكريمة ان تتزوج فور طلاقها، من غير مطلقها، أو اثر وفاته كما لا يحل لمعتدة الوفاة ان تتزين بحلي أو بثوب يعتبر لبسه من الزينة للمرأة، أو تترك بيت الزوجية لا لعذر، وحسن العهد من الايمان.
والفرقة التي ورد ذكرها في هذه المادة، تشمل الطلاق، والمخالفة، والتطليق بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة، كما تشمل الفسخ بعد الدخول، والمتاركة بعد الوطء بشبهة، وتشمل ايضاً الوفاة بعد العقد الصحيح، ولو قبل الدخول.
والوفاة تكون حقيقة، وتكون حكمية بأن صدر حكم قضائي بموت المفقود، فتعتد زوجته اعتباراً من تاريخ الحكم بوفاته، كأنه مات في ذلك الوقت، معاينة وحقيقة.
فابتداء العدة اذن، من لحظة وقوع الفرقة، ولو لم تعلم بها المرأة، ان كان ثمة عقد صحيح، ومن آخر وطء، في حال الوطء بشبهة، لو كان ثمة عقد فاسد، وبهذا قال زفر، لأن السبب هو الوطء مع شبهة العقد، وهو عنده كالوطء بشبهة من غير عقد، فلا تبتدئ العدة في هذه المسألة، من وقت المتاركة ولا من وقت الوفاة، وانما تبتدئ من آخر وطأة.
هذا، وقد اصطلح الفقهاء على ان العدة، خاصة بتربص المرأة، اما تربص الرجل المفروض عليه الانتظار احياناً، فلا يسمى عدة، كعدم جواز عقد نكاحه على خامسة الا بعد ان يطلق احدى زوجاته الاربعة، وتنقضي عدتها، أو عدم جواز عقد نكاحه على اخت مطلقته، أو احدى محارمها، الا بعد انقضاء عدة المطلقة، الى غير ذلك، من الصور العديدة، التي بلغت – كما عدها بعض الفقهاء – عشرين حالة، اذ ان هذا الانتظار، المفروض على الرجل، في تلك الحالات، هو من اجل التزوج من امرأة بعينها، لا من أي امرأة، الا في حالة الجمع بين الاربعة ولا يسمى عدة شرعية.
بقي ان نشير الى ان العدة لها اربعة انواع
1- عدة بالاقراء، أي ثلاثة اطهار كوامل لذوات الحيض غير الحوامل.
2- عدة بمضي زمن معين ثلاثة اشهر للصغيرة التي لم تحض والآيسة غير المتوفى عنها زوجها وممتدة الطهر التي لم تبلغ سن اليأس، واربعة اشهر وعشرة ايام للمتوفى عنها زوجها.
3- عدة بوضع الحمل، أو سقوطه مستبين الخلقة، للحوامل في حالات الفرقة بين الزوجين.
4- عدة بابعد الاجلين كما في حالة طلاق الفار، اذا مات مطلقها وهي لا تزال في العدة.
وقد اشارت المادة 137 ان عدة المرأة في الزواج الفاسد تبتدئ من تاريخ المتاركة أو حكم القاضي بالتفريق بين الزوجين، أو موت الرجل.
وقد استحدث القانون في الفقرة الثانية من المادة 137 حكماً جديداً، وهو انه في حالة القضاء بالتطليق أو بالتفريق أو بالفسخ أو بموت المفقود، تبدأ العدة من حين صيرورة الحكم القضائي باتاً، وبذلك يزيل القانون حرجاً شديداً، كانت تقع فيه المطلقات اللائي يتزوجن بعد صدور حكم الاستئناف بتطليقهن أو فرقتهن، ثم تأتي بعد ذلك محكمة النقض، وتنقض هذا الحكم.
المادة 138
تجب العدة على المرأة المتوفى عنها زوجها بعقد صحيح، سواء دخل بها أو لم يدخل، لقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجاً يتربصن بأنفسهن اربعة اشهر وعشراً).
فقد اوجبت هذه الآية الكريمة على كل زوجة توفى عنها زوجها، ان تتربص اربعة اشهر وعشرة ايام، من غير تفرقة بين المدخول بها وغير المدخول بها، وانعقد الاجماع على ان الآية وردت في الذين يتوفون من زوجات في نكاح صحيح.
والعموم الوارد في هذه الآية قد خصص بغير الحامل لقوله تعالى (واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن) فعدة الحامل المتوفي عنها زوجها، تنقضي بوضع الحمل، أو سقوطه جنيناً مستبين الخلقة، أي له اعضاء مخلقة، كالرأس واليدين وما اشبه ذلك، حتى لو كان الوضع بعد الوفاة بلحظات، اذ عرفت براءة الرحم بالولادة، وان كانت الولادة لتوأمين أو اكثر، فتنقضي العدة بولادة الاخير من التوائم، اما اذا كان السقط مضغة غير مخلقة، فلا تنتهي به العدة، ويجب حينئذ على المتوفي عنها زوجها، ان تكمل الاربعة اشهر وعشرة ايام، اذا لم تكن قد انقضت قبل الاسقاط، والاشهر هنا اشهر قمرية ان كانت الوفاة في مطلع الشهر، والا فالمجموع مائة وثلاثون يوماً.
اما المدخول بها بشبهة في عقد فاسد، أو دون عقد، فإنها تعتد عدة الفسخ، لو توفي عنها الرجل، قبل المتاركة الفعلية، طالما انها غير حامل.
وعلى معتدة الوفاة الحداد، وهو ترك الزينة والطيب مطلقاً، وعدم الخروج من بيت الزوجية الا لحاجة.
المادة 139
هذه المادة تشمل المعتدة من طلاق، أو مخالعة، أو تطليق، أو فسخ، اذا كانت المرأة غير حبلى اذ ان عدة الحوامل، كيفما كانت الفرقة، تنقضي بوضع الحمل أو سقوطه جنيناً مستبين الخلقة، حسبما مر آنفاً. وقد اخذ القانون برأي الجمهور في ان العدة تجب بالدخول أو الخلوة الصحيحة.
اما غير الحوامل في غير حالة الوفاة، فلا تخلو احداهن من ان تكون
1- من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة اطهار كاملة، لقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء)، والقرء لغة هو الحيض أو الطهر، وقد رجحت اللجنة الاخذ برأي المالكية والشافعية في هذه الناحية، فاعتبرت القرء هو الطهر.
ومعلوم بداهة، ان المرأة التي وقعت الفرقة بينها وبين زوجها، بغير الوفاة، وقبل الدخول بها حقيقة أو حكماً، لا عدة عليها اصلاً، لقوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها.
ومثل المرأة المسلمة، المرأة الكتابية، متى كان الزوج مسلماً، وتخصيص المؤمنات في الآية الكريمة، للتنبيه على ان الشأن في المؤمن – والاجدر به – ان لا يتزوج الا مؤمنة، تخيراً لأم اولاده.
2- لم تحض اصلاً، أو كانت من ذوات الحيض ولكنها بلغت سن اليأس حين الفرقة، وانقطع حيضها، فعدتها ثلاثة اشهر، لقوله تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن). أي فعدتهن كذلك، ثلاثة اشهر قمرية، أو تسعون يوماً.
اما التي لم تحض اصلاً، أو التي بلغت سن اليأس، اذا بدأت عدتها بالاشهر، ثم رأت الحيض قبل انقضاء ثلاثة اشهر، فإنها تستأنف العدة بثلاثة اطهار.
3- ممتدة الدم، أي المستحاضة التي استمر نزيفها، فهذه إما ان تكون لها عادة معروفة، في الحيض، من حيث عدد ايام الحيض، وموقعها من الشهر، في اوله مثلاً، أو اوسطه، أو اخره، وإما ان لا تكون لها عادة معروفة، أو تكون قد نسيت ما يتعلق بحيضها، فالاولى تتبع عادتها في حساب العدة، والقول قولها بيمينها، والثانية عدتها ثلاثة اشهر، أو تسعون يوماً، اذ تكون ملحقة بالآيسة، أو ممتدة الطهر، وهذا هو احد قولين في الفقه الحنفي، واحدى الروايتين عن الامام احمد، وبه قال عكرمه، وقتادة، وابو عبيد، وبقول هؤلاء اخذ القانون.
المادة 140
المتعة هي المال الذي يدفعه الزوج لزوجته التي طلقها غير المهر، وذلك لتخفيف الوحشة التي تقع في نفسها بعد فرقة الزوج.
ولفقهاء المذاهب آراء مختلفة في المتعة المالية التي تستحقها الزوجة المطلقة قبل الدخول أو بعده فيما اذا لم يكن لها مهر مسمى في العقد، أو كان لها مهر مسمى.
فجمهور الفقهاء على ان المتعة تجب للمطلقة قبل الدخول اذا لم يكن لها مهر مسمى في العقد، أو سمي تسمية فاسدة، أو نفي نفياً صريحاً وذلك استناداًُ الى الآية الكريمة (لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين.
فاذا كان لها مهر مسمى في العقد تسمية صحيحة فلا متعة لها بالطلاق قبل الدخول، بل لها نصف المهر المسمى لقوله تعالى "وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم).
اما بعد الدخول، فإن الحنفية يرون انها مستحبة.
والشافعية يرون ان المتعة تجب للمطلقة بعد الدخول.
وذهب المالكية في غير المشهور والحنابلة في رواية الى انها تجب لكل مطلقة.
ولذلك اخذ القانون برأي الشافعية والمالكية في غير المشهور والحنابلة في رواية انها تجب للمطلقة بعد الدخول، اذا طلقها الزوج بارادته المنفردة ودون طلب منها، اذ لا متعة لمختلعة ولا مصالحة ولا من فسخ نكاحها لعيب أو عارض حدث، ولا متعة ايضاً لو ماتت الزوجة أو الزوج، أو ماتا معاً، اذ ان فقهاء المالكية والشافعية، يرون ان المتعة شرعت لجبر قلب المرأة من فجيعة الطلاق، وتطييب نفسها عن الالم الذي لحقها بسبب الفراق.
ومن ثم كان هذا القيد الذي وضعه القانون ان يكون الطلاق بارادة الزوج وتصرفه الانفرادي، وان يكون دون طلب من المرأة، فان كان بطلب منها لم تجب لها المتعة.
واعتبر القانون ان المتعة هي التعويض عن الطلاق التعسفي حتى لا يجمع بين التعويض والمتعة معاً.
اما مقدار المتعة فقد صرح فقهاء الشافعية والحنابلة بأنه متروك لتقدير القاضي، ولهذا قدر القانون المتعة بما لا يجاوز نفقة سنة لامثالها بحسب حال الزوج مراعياً في ذلك ما اصاب المرأة من ضرر، اذا كان الطلاق لغير سبب مشروع.
المادة 141
عدة من يتوفى عنها زوجها في زواج صحيح هي اربعة اشهر وعشرة ايام، ولا ينتهي عقد الزواج الا بانقضاء العدة، فمعتدة الطلاق الرجعي، زوجيتها قائمة، فاذا توفى مطلقها خلال العدة، يصدق عليها انها متوفى عنها زوجها فتخضع في عدتها، لحكم من توفى عنها زوجها في زواج صحيح، وتنهدم عدة الطلاق، التي سبقت الوفاة، وتستأنف عدة الوفاة، اربعة اشهر قمرية وعشرة ايام، أو مائة وثلاثين يوماً، منذ الوفاة، وهذا ما صرحت به المادة 141.
اما المطلقة طلاقاً بائناً أو المفسوخ زواجها، اذا توفي زوجها، قبل انقضاء عدتها، فانها تكمل عدة الطلاق ولا تعتد عدة الوفاة، اذ انها لا يصدق عليها، انها زوجة وقت وفاة مطلقها، ولا تنطبق عليها الآية الكريمة (والذي يتوفون منكم) التي سبقت الاشارة اليها، لانقطاع الزوجية بينهما، بالطلاق البائن منذ الطلاق، ولذلك فلا توارث بينهما، لو حصلت الوفاة اثناء العدة، لعدم وجود سبب الارث بينهما، الذي هو الزوجية، اذ انها انتهت بالبينونة قبل الموت.
اما اذا وقع الطلاق البائن بسبب من الزوج، خلال مرض موته، فإن الطلاق في هذه الحالة، يسمى طلاق الفار، أي فيه شبهة انه اوقع البينونة، فراراً من ارثها فيرد عليه قصده، وترث منه، وتعتد في هذه الحالة بأبعد الاجلين، أي بثلاثة اطهار كاملات أو اربعة اشهر وعشرة ايام، ايهما اكثر، فاذا انقضت مائة وثلاثون يوماً، ولم تطهر من الحيضة الثالثة بعد الوفاة، فانها لا بد وان تكملها، الا اذا انقضت سنة.
الفصل الثاني
الحضانة
المادة 142
الحضانة بفتح الحاء وكسرها، مصدر لفعل حضن، والحضن هو ما بين صدر الانسان وعضديه، يقال حضنت المرأة الطفل، اذا جعلته في هذا الموضع، وكذلك اذا ضمته الى نفسها، وقامت بتربيته ورعايته.
والقيام بجميع شؤون الطفل ممن له حق الحضانة، هو المعنى الاصطلاحي للحضانة.
وما من شك، ان احكام الحضانة، مظهر من مظاهر عناية التشريع الاسلامي بالطفولة، بحيث يكفل للطفل، التربية الجسمية والصحية والخلقية على الوجه الاكمل السليم.
فالانسان في طفولته، في حاجة ماسة الى من يعتني به، ويقوم بامره حفظًا وتربية، وبكل ما يلزمه في حياته ومعاشه ورعاية مصالحه، والابوان هما اقرب الناس اليه، واكثرهم شفقة عليه، واحسنهم رعاية لمصالحه، وهما مسئولان عنه امام الخالق جل وعلا، ثم امام المجتمع الذي يعتبر الانسان اجل واهم شيء فيه (فالرجل راع في اهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) وهما المدرسة الاولى التي تدرج فيها الطفولة وتنشأ وتترعرع و(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
ولقد جعل الشارع الحكيم، امر الحضانة في مرحلة الطفولة الاولى، من شؤون النساء، لأن الطفل في ذلك الدور من حياته يحتاج الى رعايتهن، وهن ارفق به، واهدى الى حسن رعايته، حتى اذا بلغ سنًا يستغنى فيه عن الاستعانة بهن، جعل الاشراف عليه للرجال، اذ انهم بعد اجتياز تلك المرحلة من الطفولة، اقدر على حمايته وصيانته واقامة مصالحه من النساء.
فالام في المرحلة الاولى من الطفولة، اشفق وارفق بوليدها، واصبر على تحمل المشاق في سبيل حضانته من غيرها. جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (يا رسول الله، هذا ابني كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وان اباه طلقني، واراد ان ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انت احق به ما لم تتزوجي).
ويروى ان عمر بن الخطاب، كان قد طلق امرأته من الانصار، بعد ان ولدت له ولده عاصماً، فرآه في الطريق واخذه، فذهبت جدته ام امه وراءه، وتنازعا بين يدي ابي بكر الصديق، فأعطاها اياه، وقال لعمر الفاروق (ريحها ومسها ومسحها وريقها، خير له من الشهد عندك) وفي رواية اخرى ان التي خاصمته بين يدي الخليفة ابي بكر، هي امه. وعلى أي الروايتين، فالحضانة في تلك السن، يقدم فيها النساء على الرجال، وتقدم قرابة الام على قرابة الاب.
اما الولاية على نفس ذلك الطفل، والولاية على ماله، إن كان له مال، فقد جعلها الشارع الحكيم الى الاب، اذ انه بحكم رجولته، وخبرته وتجاربه في الحياة العملية، اصلح لهذه الولاية من الام، مع كمال شفقته، كما اوجب عليه نفقته في الوقت ذاته، مراعيًا في كل ذلك ما هو الاصلح والانفع، لتحقيق مصالح الطفل في توزيع هذه الحقوق الواجبة له على ابويه.
وقد جاء نص هذه المادة مراعيًا تلك النواحي كلها، وملاحظًا مصلحة الصغير ومحققًا للتوازن بين حق الحاضنة وحق الولي.
المادة 144
لما كانت الحضانة من الامور الهامة في تنشئة الطفل واعداده للحياة المستقبلة فإنه لا بد من توافر شروط معينة، كي يتحقق المقصود منها، وهو تربيته على الوجه الاكمل قدر الامكان، للقيام بشؤونه خير قيام، وقد بينت المادة 143 ما يشترط في الحاضن مطلقًا رجلاً كان أو امرأة. وبينت المادة التالية في الفقرة 1 ما يشترط في الحاضن اذا كانت امرأة، كما بينت الفقرة 2 ما يشترط في الحاضن اذا كان رجلاً، ويلاحظ ان شرط القرابة المحرمية يشمل جميع اصحاب حق الحضانة سواء اكانوا من الرجال ام كانوا من النساء، لأن القرابة المحرمية، هي التي تناط بها الحقوق والواجبات في اكثر الامور الشرعية، ولأنها اوثق واعطف. يقول الامام الكاساني (إن مبنى الحضانة على الشفقة، والرحم المحرم هي المختصة بالشفقة، فلا يثبت حق الحضانة لمحرم غير ذي رحم، كالأم من الرضاع مثلاً، ولا لقريب غير محرم كبنت العم أو بنت الخالة أو بنت العمة) وهو ما اشارت اليه الفقرة الخامسة من المادة 146.
كما يشترط فيمن يتولى الحضانة – مطلقاً – ان يتوفر فيه جميع الشروط المنصوص عليها في المادة 143 وهي العقل، والبلوغ، والامانة، والقدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته، والسلامة من الامراض المعدية، وان لا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض، ذلك ان غير العاقل أو الصغير الذي لم يبلغ الحلم، عاجز عن القيام بشؤون نفسه، فكيف يقوم بشؤون غيره، ومن ليست له امانة، كيف يؤتمن على مصلحة المحضون – نفسه، وجسمه، وادبه، وخلقه، ودينه – فمن كانت سيئة السيرة بحيث لا تؤمن على اخلاق المحضون، فلا تكون اهلاً للحضانة، اذ ان الصغير يقلد من يلازمه وينسج على منواله، ولا يفهم من هذا ان الفسق مسقط للحضانة مطلقاً، فغير المتدينة اهل في الجملة للحضانة، الا اذا ادى فسقها الى الاضرار بمصلحة الطفل، فينزع منها حينئذ، اذ ان الحضانة يراعى فيها حق المحضون قبل حق الحاضن.
اما اشتراط القدرة على التربية والصيانة والرعاية، مع السلامة من الامراض المعدية، فلا بد منه مراعاة لمصلحة الطفل، اذ ان العاجز عن ذلك لمرض أو تقدم في السن، أو انشغال عنه بغيره، لا يكون اهلاً للحضانة التي هي للحفظ والرعاية.
اما الشرط الخاص بالمرأة والذي نص عليه في الفقرة 1 من المادة 144 المشار اليها، فهو ان تكون خالية من زوج اجنبي عن المحضون دخل بها، الا اذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، فلو تزوجت من رجل ذي رحم محرم من المحضون، كعمه مثلاً، أو كانت لم تزف بعد الى الرجل الاجنبي عن المحضون، أو قدرت المحكمة ان مصلحة المحضون هي في بقائه مع امه المتزوجة من اجنبي عنه فإن زواجها لا يسقط حقها في الحضانة.
قال العلامة ابن عابدين رحمه الله – حاشية ابن عابدين ج 2 ص 639 – (وانت علمت ان سقوط الحضانة بذلك – أي بالزواج من اجنبي عن المحضون – لدفع الضرر عن الصغير، فينبغي للمفتي – ومثله القاضي – ان يكون ذا بصيرة ليراعي الاصلح للولد، فانه قد يكون له قريب مبغض يتمنى موته، ويكون زوج امه مشفقًا عليه يعز عليه فراقه، فيريد قريبه اخذه منها، ليؤذيه ويؤذيها، أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك، وقد يكون له زوجة تؤذيه اضعاف ما يؤديه زوج امه الاجنبي، وقد يكون له اولاد يخشى على البنت منهم، فاذا علم المفتي أو القاضي شيئاً من ذلك، لا يحل له نزعه من امه لأن مدار الحضانة على نفع الولد) وبهذا اخذ القانون.
واما الشرط الخاص بالرجل الذي يطالب بحق حضانة الصغير – علاوة على الشروط العامة التي سبق ذكرها – فهو ان يكون عنده من يصلح للحضانة من النساء كزوجته مثلاً أو بنته أو اخته أو خادمة أو امرأة استأجرها لخدمة الصغير فقط ممن تتوفر فيها تلك الشروط العامة من البلوغ والعقل والامانة والقدرة على صيانة المحضون صحة وخلقًا مع السلامة من الامراض المعدية.
ومعلوم ان الرجل وحده ليس له صبر على تربية الاطفال كالنساء في الاعم الاغلب فإن لم يكن عنده من يصلح للحضانة من النساء، فلا حق له في الحضانة، وهذا هو فقه المالكية وبه اخذ القانون.
وقد نصت الفقرة ج من المادة 144، على وجوب اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون، وقد اشترط فقهاء الحنابلة والشافعية اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون، لأن اختلاف الدين مانع من موانع الحضانة، اما فقهاء الحنفية والمالكية فقد نصوا على عدم اشتراط اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون، لأن مدار الحضانة الشفقة.
وقد اخذ القانون برأي الحنابلة والشافعية في وجوب اتحاد الدين بين الحاضنة والمحضون في غير الام، اما بالنسبة للام، فقد اخذ القانون برأي الحنفية والمالكية كما هو مبين في المادة 145.
المادة 145
الحضانة مبنية على الشفقة والحنان، وتوفر مصلحة المحضون، فلا يؤثر فيها اختلاف الدين بين الحاضنة والمحضون، ما لم يتبين خطر على دين المحضون، بأن يكون قد اكمل السنة الخامسة من عمره واخذ يتأثر بدين حاضنته الذي هو مخالف لدينه هو – ومعلوم ان الولد يتبع اشرف ابويه ديناً، كما هو مقرر في الفقه.
وهذه المادة تتعلق بحضانة الام، فهي تجعل سقوط حق حضانتها للولد آلياً، اذا كانت على غير دينه، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك، ومناط ذلك، ان يتحقق القاضي من مصلحة الولد في بقائه عند امه، في ضوء واقعات الدعوى، فمتى ثبت ان الحاضنة تستغل الحضانة في تنشئة الولد على غير دين الاب أو الولي، وتحاول تعويد المحضون عاداتها، فانه لا يعطيها الحضانة، اذ تصبح غير امينة على دينه. واذا رأى القاضي ان يعطي الام حضانة الولد، ولو كانت على غير دينه، فإنه لا يجوز بحال من الاحوال ابقاء المحضون عند امه التي هي على غير دينه بعد اتمامه سن الخامسة من عمره، اذ انه يعقل الاديان، ويفهمها وقد استمد هذا الحكم من مذهب المالكية والحنفية.
وقد اشهر هذا الحكم من مذهب المالكية والحنفية.
المادة 146
الحضانة حق للصغير على ابويه، وهي من واجباتهما معاً، ما دامت الزوجية قائمة بينهما، وما ظل الوئام يخيم على ذلك المجتمع الصغير، فيتعاونان في اداء هذا الواجب رعاية للمسؤولية المناطة بهما لقوله عليه صلوات الله وسلامه (والرجل راع في اهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها).
ولكن ما كل ما يجب ان يكون، كائن في واقع الحياة، فقد يفترق الابوان، بسبب من الزوجة أو اعراض من الزوج، أو طلاق أو تطليق أو فسخ، وفي هذه الحالة، تكون الام احق بالحضانة من الاب ما دامت صالحة لها، راغبة فيها.
ونصت المادة 146 على ثبوت حق الام في الحضانة ثم بعد ذلك الاب على ما ذهب اليه الامام احمد ثم للمحارم من النساء وجعلت التقديم في الترتيب لمن يدلي بالام على من يدلي بالأب، وقدمت الاقرب من الجهتين على الاقرب من جهة واحدة، وتقديم الام لا خلاف فيه مطلقًا بين الفقهاء، ثم يأتي بعد ذلك بحسب ما نصت عليه المادة ام الأم وإن علت وهو ما اتفق فيه الفقهاء من المذاهب الاربعة، وبعد ذلك ام الأب وهو ما يتفق مع مذهب الحنفية ومذهب الشافعية اذ المالكية يقدمون بعد ام الأم أم أب الأم والترتيب الذي اخذ به القانون اوفق.
ثم قدم الاخوات الشقيقات ثم لأم ثم لأب جرياً على القاعدة التي وضعت في صدر المادة بتقديم من يدلي بالأم، وبعد ذلك بنت الاخت الشقيقة ثم لأم، ثم الخالات بحسب ترتيب الاخوات ثم بنت الاخت لأب وبنات الأخ (بترتيب الاخوات) والعمات وخالات الأم وخالات الأب وعمات الأم وعمات الأب باتباع قاعدة تقديم من يدلي بالأم، وهذا الترتيب معتمد في كتب الحنفية.
وبعد ترتيب اهل الاستحقاق في الحضانة على النحو المتقدم نصت الفقرة 2 من المادة 146 على انه اذا لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء أو لم يكن منهن اهل للحضانة انتقل الحق في الحضانة الى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق في الارث مع مراعاة تقديم الجد الصحيح على الاخوة.
واخذ القانون في ذلك برأي الحنفية في ترتيب اهل الاستحقاق عند انعدام حضانة النساء فجعلها للأب ثم الجد وإن علا ثم الأخ الشقيق وهو ترتيب الميراث.
وعدل القانون في ذلك عن رأي المالكية في تقديم الوصي اذا توافرت فيه الشروط ثم الأخ ثم الجد.
ويلاحظ ان المذاهب متفقة على انتقال الحضانة للعصبات من الرجال وعلى انه يأتي بعد الأخ ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم الأعمام.
واختلفت المذاهب عند عدم وجود العصبة من الرجال في انتقال الحضانة الى ذوي الارحام، فنفى ذلك المالكية فيما عدا الجد لأم على روايتين في احقيته للحضانة بينما اجاز الحنفية انتقال الحضانة عند عدم وجود العصبة من الرجال الى ذوي الارحام واخذ القانون في الفقرة 2 بالترتيب الذي اعتمده الحنفية من تقديم الجد لأم ثم الأخ لأم ثم ابن الأخ لأم ثم العم لأم، ثم الأخوال الشقيق منهم ثم لأب ثم لأم، وما اخذ به ارفق لأن لذوي الأرحام رحمًا وقرابة يرثون بها عند عدم من هو اولى منهم فاشبهوا البعيد من العصبات، وهي حجة من رأى انتقال الحضانة اليهم من المالكية واحد قولي الحنابلة.
ونصت الفقرة 4 من المادة 203 على حكم رفض الحضانة ممن يستحقها من النساء أو الرجال، وهي مسألة خلافية في الفقه ومبنى الخلاف فيها طبيعة حق الحضانة فمن رأى انه حق الله تعالى منع اسقاطه وكذلك من رأى انه حق للمحضون أو على الاقل يشترك فيه مع الحاضن، واخذ بالاجبار على الحضانة المالكية، ورأى الحنفية انه اذا امتنعت من هي اهل للحضانة لا تجبر عليها وينتقل الحق الى من يليها في الترتيب وكذلك في الرجال، ومذهب القانون في انتقال الحضانة اقرب الى المصلحة لأنه لا رعاية للمحضون مع الاجبار والقصد من الحضانة ذاتها رعايته.
وتناولت الفقرة 5 من المادة ذاتها حكم اختلاف الجنس لمن ليسوا من محارم الطفل ذكراً أو انثى فمنعت استحقاقهم للحضانة وهذا هو المفهوم من مذهب الحنفية بحسب ترتيبهم للمحارم رجالاً أو نساء واشترط المالكية اتحاد الجنس في النساء خاصة، لأن الرجال يستحقونها لمجرد الولاية واشتراط اتحاد الجنس مطلقاً ارفق، وبه اخذ القانون.
وقد قررت الفقرتان 6 و7 ان الاصل في الحضانة انها للأم عند الخلاف بين الزوجين سواء كانت الزوجية قائمة أو منتهية واعطى القانون لكل من الام والاب طلب الحضانة وهي ضم الاولاد اليه اذا كان بينهما نزاع ولو خرجت الام من مسكن الزوجية وكانت الزوجية قائمة بينهما.
المادة 147
اذا لم يوجد مستحق للحضانة أو من يقبلها، يختار القاضي من يوثق به من الرجال أو النساء من اقارب المحضون أو غيرهم أو يضعه لدى احدى المؤسسات المؤهلة لذلك الغرض.
ومستند هذا الحكم من المذهب الحنفي.
المادة 148
ان الحضانة مظهر من مظاهر عناية التشريع الاسلامي بالطفولة، اذ إن الانسان في طفولته، بحاجة ماسة الى من يعتني به، ويعده للحياة المستقبلية.
وسبق ان اشار القانون الى ان الحضانة التي هي حفظ الطفل وتربيته ورعايته الا انه يجب ان لا تتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس.
والولاية، نوعان احدهما الولاية على النفس، وتعني العناية بكل ما له علاقة بشخص القاصر، وهذه الولاية على النفس، هي للأب، ثم للعاصب بنفسه على ترتيب الارث، مما يشمل الجد العصبي والاخ الشقيق والاخ لاب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم العم الشقيق ثم العم لأب وهكذا.
وجاء النص في المادة 148 هنا في باب الحضانة على ان القيام بما تقتضيه العناية بكل ما له علاقة بشخص المحضون – مما يندرج تحت الولاية على النفس – واجب على اب المحضون، ثم على غيره من الاولياء على النفس، ولو كان لدى حاضنته، بحيث لا يتعارض حق الحضانة مع حق الولاية، قياماً بالرعاية التي اشار اليها الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها).
ومن البديهي، انه اذا اختلفت الحاضنة وولي المحضون، في غير ما يتعلق بخدمته، فالامر للولي كما في توجيهه الى حرفة، أو نوع معين من التعليم، أو ابعاده عن رفاق السوء ومواطن الفساد ولئلا يقع التنازع بين الحاضن، وبين الولي على النفس، حين يمارس كل منهما الواجب الذي يمليه حق المحضون، وهو لا يزال في سن الحضانة، جاء النص على ان مبيت المحضون لا يكون الا عند حاضنته، ما لم تقدر المحكمة خلاف ذلك مراعاة لمصلحة المحضون ذاته.
وقد نصت الفقرة الثانية انه على من تلزمه نفقة المحضون من اب أو جد، اجرة مسكن الحاضنة، الا اذا كانت الحاضنة لها مسكن تقيم فيه أو مخصص لسكناها ومصدر هذا الحكم من مشهور مذهب المالكية.
كما أوضحت الفقرة الثالثة ان الحاضنة لا تستحق اجرة حضانة اذا كانت زوجة لأبي المحضون أو معتدة تستحق في عدتها نفقة منه، ومصدر هذا مذهب الحنفية، الذين يرون ان الحاضنة غير الأم تستحق اجرة الحضانة أو كانت اماً وانتهت العدة.
المادة 149
إن على ولي المحضون، أباً كان أو غيره ان يتعهده ويطلع على احواله، ولا يتأتى له ذلك اذا سافرت به الحاضنة الى دولة اخرى، ولذلك فقد نصت هذه المادة، على انه لا يجوز للحاضنة السفر بالمحضون خارج الدولة الا بموافقة وليه، ولقطع المنازعة حول حصول الاذن أو عدمه، اشترطت ان تكون الموافقة بشكل كتابي، فليس للحاضنة السفر بالمحضون والتذرع بأن الولي قد اذن شفاهة.
ولكن ما العمل اذا امتنع الولي عن اعطاء تلك الموافقة الكتابية؟
القضاء هو المرجع المخول للفصل في هذه الناحية، لأن مثل هذه القضية تقتضي البحث في المبررات التي تطرحها الحاضنة للسفر به، والموانع التي حملت الولي على الامتناع عن الموافقة الكتابية على السفر به، فكما يتدخل القاضي في إعطاء الأذن بتزويج الفتاة الصالحة للزواج، إذا عضلها وليها، فكذلك يتدخل في موضوع سفر المحضون مع حاضنته إذا امتنع الولي عن الموافقة على ذلك.
ويلاحظ هنا، ان النص في هذه المادة قد منع الحاضنة من السفر بالمحضون خارج الدولة مطلقاًُ، ولو كانت تريد السفر المؤقت، الذي لا يقصد به الاقامة الدائمة كسفر النزهة أو سفر المعالجة الطبية أو سفر الزيارة لقريب مثلاً، ومن باب أولى لا بد من الإذن الكتابي حينما يكون السفر بالمحضون، بقصد الاقامة به خارج الدولة.
المادة 150 - شروط سفر الام بولدها أو نقله من بيت الزوجية*
نصت هذه المادة في فقرتها الاولى على انه ليس للام حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي ان تسافر بولدها أو تنقله من بيت الزوجية إلا بإذن ابيه كتابة، وهذا الحكم سنده ان الزوجة في حالة قيام الزوجية أو عدة الطلاق الرجعي لا حق لها هي في الانتقال الا بإذن زوجها.
ونصت الفقرة الثانية على انه بعد البينونة يجوز للحاضنة ان تنتقل بالمحضون الى بلد آخر اذا لم يكن في النقل إخلال بتربية الصغير، ولم يكن مضارة للأب، ولا تكلفه مطالعة احوال المحضون مشقة أو نفقة غير عادية، ومذهب الحنفية في ذلك انه يجوز للحاضنة ان تنقل الولد اذا كانت تنتقل الى بلدها هي وان تكون قد تزوجت فيه وسندهم في ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم (من تأهل من اهل بلدة فهو منهم) وشرطوا لهذا ان تكون البلدة قريبة بحيث يتمكن الأب في نهار واحد ان يطالع احوال ابنه ويعود لمنزله، ومنعوا الانتقال بالولد من مدينة الى قرية ولو كانت قريبة، والمالكية لا يوافقون في الجملة على انتقال الحاضنة بالصغير ولو امه الا بشروط ويسقطون حقها في الحضانة عند سفرها إن لم يكن رضيعاً، وشرطوا شروطاً في سفر الحاضن أو الحاضنة تسقط الحضانة اذا لم تتحقق في السفر من ناحية المسافة والامن، والغرض من السفر. والشافعية والحنابلة على نحو ذلك.
وقد قال ابن القيم في زاد المعاد (وهذه الاقوال كما ترى لا يقوم عليها دليل يسكن القلب اليه، فالصواب النظر والاحتياط للطفل في الاصلح له، والانفع من الاقامة أو النقلة فأيهما كان انفع له واصون روعي، ولا تأثير لاقامة ولا نقلة، هذا كله ما لم يرد احدهما مضارة الآخر، وانتزاع الولد منه، فاذا اراد ذلك لم يجب اليه).
ولما كانت مقتضيات العصر واحواله تجعل العبرة مصلحة الطفل فقط وما اذا كان في سفره أو اقامته يتعارض مع ذلك، ولا يظهر بعد ذلك مكانة لشروط السفر أو الوقت الذي يستغرقه فقد اخذ المشروع بحق الحاضنة الام في الانتقال بالصغير الى بلد آخر في الدولة ولم يشترط سوى الشروط التي تتحقق معها مصلحة الطفل بألا يكون في السفر اخلال بتربية الصغير (كما لو كان فيه تعطيل لدراسته) كما شرط القانون الا يكون القصد من الانتقال مجرد مضارة الاب بإبعاد الطفل عنه ومن باب المضارة ان يكون اطلاع الأب على احوال ابنه بعد انتقاله مما يكلفه نفقة أو مشقة غير معتادة.
المادة 151
نصت هذه المادة في الفقرة 1 على انه اذا كانت الحاضنة غير الام فليس لها السفر بالولد مطلقاً داخل الدولة أو خارجها إلا بإذن وليه كتابة، والواضح ان هناك فارقاً بين الام وغيرها من الحاضنات يوجب هذه التفرقة.
وفي الفقرة 2 نصت المادة على انه ليس للولي اباً كان أو غيره ان يسافر بالولد في مدة حضانته إلا بإذن من تحضنه كتابة.
وشرط جواز السفر بالمحضون ان يكون المكان الذي يسافر اليه والطرق آمنة.
ونصت الفقرة 3 على ان انتقال الأب الى غير البلد المقيمة فيه الحاضنة لا يسقط حضانة الام المبانة، الا اذا كانت النقلة بقصد الاستقرار ولم تكن مضارة للأم، وكانت المسافة بين البلدين تحول دون رؤية المحضون والعودة في اليوم نفسه بوسائل النقل العصرية، واشتراط الاستقرار وعدم القصد الى مضارة الأم والمسافة لا يخرج في جملته عن اجتهاد المذهب المالكي والحنفي.
المادة 152
لقد سبق القول، ان الحضانة حق مقرر لمصلحة الصغير اولاً وبالذات وانها للحفظ والرعاية وهي واجب على الابوين، لا يسقط بالاسقاط وإنما يمتنع بموانع، ويعود إذا زالت تلك الموانع ولقد سبق ان ذكرت المادة 143 من هذا القانون الشروط التي يجب توفرها في الحاضن ذكراً كان أو انثى، كما ذكرت المادة 144 ما يجب توفره في كل من الحاضن الانثى والحاضن من الذكور زيادة على الشروط العامة.
ومعلوم انه اذا تخلف الشرط انتفى المشروط، فاذا اختل واحد من تلك الشروط المشار اليها في المادتين المذكورتين، كما لو جن الحاضن مثلاً، أو ثبت عدم الامانة أو انتفت القدرة على تربية المحضون، وصيانته ورعايته، أو تزوجت الحاضن بغير محرم من المحضون، ودخل بها الزوج، ما لم تقدر المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، أو لم يعد لدى الحاضن الرجل من يصلح للحضانة من النساء.
ففي جميع هذه الاحوال يسلب حق الحضانة ممن كان له هذا الحق، وكذلك يسقط حق الحاضنة في الحضانة اذا استوطنت بلداً يعسر فيه على ولي المحضون القيام بواجباته نحوه، سواء اكان ذلك البلد داخل الدولة أو خارجها اذ إن الحضانة يجب ان لا تتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس.
وقد اوجبت المادة 148 على الأب وغيره من أولياء المحضون، النظر في شؤونه وتأديبه وتعليمه الامر الذي يجب معه على الحاضنة ايضاً، ان لا تحول بين الولي وبين تمكنه من القيام بواجبه المشار اليه نحو المحضون.
وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 152، على ان سكوت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة ستة اشهر من غير عذر، يسقط حقه.
وقد مثل لذلك فقهاء المالكية، بالحاضنة اذا تزوجت بغير محرم من المحضون ودخل بها، وسقطت بذلك حضانتها، ولكن ولي الصغير سكت عن المطالبة بحضانته فإن حقه في الحضانة يسقط.
جاء في حاشية الدسوقي (ج2، ص533) ((إن الحاضنة اذا تزوجت ودخل بها زوجها ثم طلقها، أو مات عنها، قبل ان يعلم من تنتقل الحضانة اليه بتزوجها، فإنها تستمر للحاضنة، ولا مقال لمن بعدها، ومفهوم قوله قبل علمه، انه إذا علم من بعدها بزواجها، وسكت عن اخذ الولد عاماً، أو اقل ولم يقم حتى تأيمت، لم ينزعه، ولا مقال له، وما تقدم للمصنف في قوله إلا ان يعلم، ويسكت العام، أي فليس له انتزاعه منها، فإن سكت اقل من العام كان له انتزاعه، ففيما اذا لم تتأيم)).
وقد اخذ القانون بهذا الرأي، لكن جعل المدة ستة اشهر، ومعلوم ان مدة ستة اشهر تبدأ من تاريخ علمه، إلا إذا أبدى العذر الذي تقبله المحكمة.
وكذلك فإن من مسقطات الحضانة، ان تسكن الحاضنة الجديدة التي انتقل اليها حق الحضانة مع تلك الحاضنة التي سقط حقها في الحضانة لسبب غير العجز البدني، كفقدان الامانة، أو كونها على غير دين اب المحضون، وخيف على المحضون، التأثر بدينها، أو لفسقها مثلا أو زواجها من غير محرم من المحضون مع الدخول مع ملاحظة القيد المذكور اعلاه، ففي جميع هذه الأحوال وامثالها، يكون سكن الحاضنة الجديدة معها، سبباً من اسباب سقوط حق الجديدة ايضاً، اذ لا جدوى حينئذ في حماية المحضون من تلك الاسباب التي ادت الى سقوط حق الحضانة، اما في حالة العجز البدني فقط فلا خوف على الصغير، طالما ان الحاضنة الجديدة ستقوم عملياً بتلك الرعاية البدنية، مع توفر الشروط الاخرى.
المادة 153
لا جرم ان الحضانة مما يتجدد الحق فيها يومًا بعد يوم، فإذا سقط هذا الحق لسبب من الاسباب، فإنه يعود لمن سقط عنه اذا زال السبب، فالأم التي حرمت حق الحضانة، لزواجها من غير محرم عن المحضون، يعود اليها حقها في الحضانة، اذا طلقت منه وبانت، أو مات عنها زوجها مثلاً، وكذلك اذا سقط حقها بسبب مرض مانع للحضانة، ثم شفيت منه، وكذلك اذا استوطنت بلداً آخر على النحو المشروع آنفاً، ثم عادت الى حيث يتمكن الولي من القيام بواجبه نحو الصغير، وذلك كله داخل في القاعدة الشرعية المقررة (إذا زال المانع عاد الممنوع)، والقاعدة المقررة ايضًا (العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا).
وقد اخذ القانون هنا بمذهب الجمهور في عدم التفريق بين ان يكون المانع اضطراريا مراعاة لمصلحة المحضون، خلافًا للمالكية الذين يفرقون بين المانع الاضطراري كالمرض المعدي اذا حصل الشفاء منه، وبين المانع الاختياري، كالزواج من اجنبي عن المحضون، اذا طلقت منه، حيث لا يعود لها حق الحاضنة عندهم في هذه الحالة.
المادة 154
من المقرر شرعًا، انه لا يجوز للحاضنة، ان تمنع الأب من رؤية ولده المحضون اذا كان عندها، كما لا يجوز للأب ان يمنع الام من رؤية ولدها، اذا صار الولد في يده بعد سقوط حقها في حضانته، أو انتهاء مدة تلك الحضانة، لقوله تبارك وتعالى (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده) ولأنه لا بد من ان تبقى الصلة قائمة بين الولد من ناحية وبين كل من ابويه من ناحية ثانية، حتى لو افترق الابوان.
ولا جرم ان البعد جفاء، وان الانقطاع عن الزيارة يؤثر في النفس، وقد يصيب باضطراب خلقي وعاطفي ونفسي، إذا انتقل المحضون من يد احد ابويه الى الآخر لسبب ما، إذا لم يكن قد الفه من قبل نوعًا ما وهذه الحالة تغطيها الفقرة 1 من هذه المادة، وكذلك فإن من موجبات صلة الرحم حق الزيارة والاستزارة ولا سيما اذا كان احد ابوي المحضون متوفي أو غائبًا أو مفقودًا أو سجينًا أو اسيرًا وما الى ذلك فإن من حق اقارب المحضون المحارم من ناحية ذلك المتوفي أو المفقود وامثالهما زيارة المحضون والاطمئنان عليه، والقاضي هو الذي يحدد الكيفية وموعد الزيارة زمانًا ومكانًا، سواء اكان المحضون في يد الموجود من احد ابويه، أو في يد غير ابويه.
والاصل في هذه المادة ما قرره الفقهاء، ان من حق الزوجة ان تخرج لزيارة ابويها أو احدهما، ولو من غير إذن الزوج، مرة في الاسبوع، ولا يحق لزوجها منعها من ذلك وان من حقها ان تخرج لزيارة غيرهما من اقاربها المحارم مرة في السنة.
وقطعًا للمنازعات في ممارسة هذا الحق، إذ كثيرًا ما يقع الخلاف بسبب الكيد أو اساءة استعمال الحق، حول تحقق الرؤية أو الاستزارة أو اصطحاب الولد فترة من الزمن، فقد اشارت هذه المادة الى ان المحكمة هي التي تعين الموعد الدوري والمكان المناسب، والكيفية المناسبة بقولها حسبما تراه المحكمة، منعًا للضرر والضرار، ولا بد من الملاحظة هنا، ان الأم في مدة الحضانة لا تجبر على ارسال الولد الى ابيه، كما ان الأب لا يجبر على ارساله الى امه بعد انتهاء حضانته، فإن على الراغب في رؤية الولد أو زيارته أو استزارته، ان يسعى هو الى مكان وجود المحضون.
وعلى هذا، فإن رؤية المحضون خلال مدة حضانته تتم في البلد الذي تقع فيه الحضانة فعلاً والولي هو الذي يسعى الى ذلك البلد، اما بعد انتهاء مدة الحضانة، فإن الأم هي التي تسعى الى مكان وجود ابنها مع ابيه.
ونصت الفقرة الرابعة من هذه المادة على ان الحكم القضائي في الزيارة ينفذ جبرًا.
ولا بد من ملاحظة انه لا يجوز ان تكون مراكز الشرطة أو الأمن أو السجون مكانًا للرؤية، حفظًا لمشاعر الطفل، وما يخلفه التردد على تلك الدوائر من آثار نفسية، فالأصل ان تتم الرؤية في المكان الذي يتفق عليه الابوان، فإن لم يتفقا عينت المحكمة الكيفية والمكان والموعد الدوري ومن المستحسن ان يعد في دوائر التنفيذ مكان خاص تتم فيه الرؤية حين تعسر حصولها في مكان صالح آخر.
المادة 155
في حالة تعدد اصحاب الحق في الحضانة كالأخوات الشقيقات مثلاً جعل القانون في هذه المادة للقاضي اختيار الاصلح منهم، والواقع ان هذا هو ما يهدف اليه المالكية من قولهم باختيار الأكبر سنًا باعتباره اشفق واعرف بالأمور ويتفق مع رأي الحنفية في تقديم الأصلح وإن كان ينحو نحوًا مخالفًا للشافعية في الاقتراع بينهم للاختيار منهم.
المادة 156
تعددت مذاهب الفقه الاسلامي في هذه الحالة، وتشعبت تفاصيلها فمذهب الامام مالك يرى ان حضانة الذكر الى البلوغ، وان حضانة الانثى بدخول زوجها بها.
ومذهب الشافعية يرى ان حضانة الطفل تنتهي بالتمييز، ثم يخير.
ومذهب الحنفية الأم أو غيرها أحق بالابن الى أن يستغنى عن خدمة النساء، وقدروها بسبع أو تسع سنوات، اما البنت فالأم والجدة احق بها بحسب ظاهر الرواية حتى تبلغ، وغير الأم والجدة اولى بها الى ان تشتهى، وقدروا ذلك بتسع سنين أو احدى عشرة سنة.
ومذهب الحنابلة قبل السابعة الأم أحق بالولد ذكرًا أو انثى بلا تمييز، فإن بلغ سبعًا ففي الابن ثلاث روايات، الاولى أنه يخير، والثانية الأم احق به، والثالثة الاب احق به وفي البنت ثلاث روايات الاولى احق بها الى تسع، ثم الاب احق بها، والثانية الأم احق بها الى ان تبلغ، ولو تزوجت الأم، والثالثة تخير بين ابويها.
ولا يخفى انه ليست من المصلحة اعتماد رأي الطفل، بحيث يغفل حسن تقدير القضاء للواقعات، وتلغى آراء الآباء، وحجج الحاضنات، ثم نحتكم الى رأي الطفل بتخييره، ونلقي اليه بزمام الاختيار، وهو في هذه السن الغضة لا يتصور منه وزن صحيح لحاضره أو مستقبله، فتخييره في الاقامة حيث شاء ينتهي به الى ما لا خير فيه لنفسه ولوالديه، ولذلك احسن الحنفية حين قالوا (إن الطفل لقصور عقله يختار من عنده الدعة، لتخليته بينه وبين اللعب، فلا يتحقق النظر له بالخيار)، ويقول ابن القيم (إن الصبي ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك لم يلتفت الى اختياره، وكان عند من هو انفع له واخير).
وليس من العدل ان نفترض ان الأب هو صاحب القسوة البالغة والبطش المتحكم، وأن الأم دائمًا هي مثال الرحمة الكاملة والعناية الفائقة الشاملة.
وليس على المشرعين ان يلتمسوا اكثر المذاهب ملاءمة لهوى الأمهات، أو لهوى الآباء، بل الواجب النظر الى اكثرها استجابة لمصلحة التربية الاجتماعية السديدة، وحسن تنشئة الطفل.
لذلك رأى القانون انه من السداد ان تكون السن للذكر ببلوغ احدى عشرة سنة، والانثى ثلاث عشرة سنة.
فالطفل بعد هذه المرحلة يذهب الى ابيه، ليعلمه اصول الرجولة ومجالسة الرجال، وخاصة في مجتمع يعتز بالقبيلة والرجولة.
والانثى تذهب الى ابيها، في ظل احوال المجتمع التي يصعب على النساء التحكم في البنات.
واستثناءً من حكم الفقرة الاولى اعطى النساء حضانة المحضون اذا كان معتوهًا أو مريضًا مرضًا مقعدًا.
وقد قيد القانون انتقال الحضانة بمصلحة المحضون على ما نص عليه في فقرتي المادة.
المادة 157
الاصل ان الولي هو المسؤول عن الولد، وعن الاحتفاظ بمتعلقاته من جواز سفر، وما في حكمها.
والاب هو المسؤول عن حفظ الصغير وتأديبه ورعايته وحفظ امواله وممتلكاته، والحاضنة هي التي تقوم بحفظ الولد في مبيته واعداد طعامه ولباسه وسلامة بدنه.
وعليه، فإن الولي هو المسؤول عن حفظ وثائق الصغير، وامواله، ومنها جواز سفره، فيجب ان يكون في حوزته.
الا أنه من حق الحاضنة ان يكون لديها نسخة مصدقة من جواز سفر الصغير، لتلبية متطلباته العاجلة المدرسية والادارية.
وجواز السفر وثيقة شخصية تمنحها الدولة لمن يرتبط بها برباط الجنسية، الغرض منه مباشرة الشخص لحقه في التنقل والسفر الى الخارج بما يثبت هويته وشخصيته، واثره عدم حرمان الشخص من الانتفاع به في الغرض الذي اعد من اجله الا بموجب امر قضائي.
ولذلك نص القانون على ان للولي الاحتفاظ بجواز سفر المحضون، وأن للقاضي ان يامر بإبقاء جواز السفر في يد الحاضنة اذا رأى تعنتًا من الولي في تسليمه للحاضنة وقت الحاجة كالسفر الى العلاج أو الحج والعمرة، وأن للحاضنة الاحتفاظ بأصل شهادة الميلاد، واية وثائق اخرى، تخص المحضون، أو صورة منها كما لها الاحتفاظ بالبطاقة الشخصية للمحضون، والبطاقة الصحية.
المادة 158
إن العديد من مسائل الاحوال الشخصية يقتضي تنفيذها قيام الملتزم بها بأعمال معينة كالالتزام بضم الصغير وحضانته وتسليمه لأمين والفرقة بين الزوجين في حالة الحكم بها وتسليم جهاز الزوجة لها وتمكين رؤية المحضون لمن له الحق في ذلك، كل هذه الالتزامات وامثالها تنفذ الاحكام الصادرة بها قهرًا ولو ادى ذلك الى استعمال القوة ودخول المنازل، وهذه هو ما نصت عليه هذه المادة.
ولما كان هذا التنفيذ القهري يختلف اسلوبه وكيفية ممارسته بحسب احوال كل حالة، فقد نصت المادة المذكورة على ان يتبع مندوب التنفيذ التعليمات التي تعطى له من قاضي التنفيذ بالمحكمة الكائن بدائرتها المحل الذي يحصل فيه التنفيذ (ويرجع في الاحكام المتعلقة بمندوب التنفيذ وقاضي التنفيذ الى ما نص عليه في هذا الشأن قانون الاجراءات المدنية).
كذلك فإن العديد من الاحكام الصادرة في مسائل الاحوال الشخصية تقتضي تكرارًا في التنفيذ، ولذلك نصت نهاية الفقرة الاولى من المادة المشار اليها على ان يعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الامر ذلك.
ومن اهم ما تلتزم به الزوجة قبل زوجها طاعته على الوجه المشروع وان تقيم معه في منزل الزوجية فإن ابت ذلك بغير حق كان من حق الزوج ان يستصدر حكمًا بمتابعة زوجته له، وكان الأصل طبقًا للفقرة الاولى من هذه المادة ان ينفذ هذا الحكم جبرًا، إلا ان الفقرة الثانية من هذه المادة منعت ذلك لأنه لا خير في زوجة ناشز تقهر على الاقامة مع زوجها، ولا خير في حياة زوجية تقوم على هذا القهر، وزوجة هذا شأنها يكفي ان تعتبر ناشزًا ويكون من حق الزوج طلب التفريق كما يسقط حقها في النفقة مدة الامتناع.
الكتاب الثالث:
الاهلية والولاية
الباب الاول
الاهلية
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 159
الأهلية في اللغة: مؤنث الاهلي، وهو المنسوب الى الاهل، ويطلق على الأليف من الحيوان كما يطلق لفظ الأهل على الزوجة، والقرابة، والاتباع، والآل.
والاهلية في الاصطلاح الفقهي: هي صلاحية الانسان لوجوب الحقوق المشروعة له فقط أو له وعليه، فهي اذن صفة يقدرها الشارع في الشخص، تجعله محلاً صالحًا للخطاب بالأحكام الشرعية. (الحكم الشرعي: أما تكليفي وهو وصف الفعل الذي يقع من المكلف: الوجوب، الحرمة، الندب، الكراهة، الاباحة، ولا يخلو فعل ما من افعال الانسان المكلف عن حكم من هذه الخمسة أو وضعي وهو ما جعل سببًا لشيء أو شرطًا له أو مانعًا منه).
والأهلية نوعان: اهلية وجوب، واهلية أداء، وكل منهما، إما ناقصة وإما كاملة.
فالاهلية تختلف باختلاف المراحل التي يمر بها الانسان، منذ تكونه جنينًا في بطن امه، الى ان يصل الى سن الرشد.
النوع الاول: اهلية الوجوب:
يعرف الفقهاء اهلية الوجوب: بأنها كون الشخص صالحًا لثبوت الحق له، أو عليه، ومناطها: الصفة الانسانية فحسب، من غير نظر الى سن أو عقل فلكل انسان شخصية قانونية تتوافر فيها اهلية الوجوب، وهي نوعان:
أ- اهلية وجوب ناقصة: أي تؤهل صاحبها لثبوت الحق له، لا لثبوت الحق عليه، وتكون للجنين منذ تكونه في بطن امه بشرط ان يولد حيًا، فهو اهل لثبوت الارث له، أو الوصية، أو الوقف عليه، وثبوت نسبه من ابيه، وهكذا.
ب- اهلية وجوب كاملة: أي تؤهل صاحبها لثبوت الحق له، وعليه، بحيث تطالب ذمته بالالتزامات المالية، وذلك حينما يكون الانسان مستقلاً في وجوده الانساني، ولكنه فاقد الارادة من الناحية القانونية، كالصغير غير المميز، والمجنون، فكل منهما اهل للإرث، والهبة والوصية له، واهل لأن تلزمه في ماله قيمة ما اتلفه من مال الغير على سبيل الجناية، كما تلزم في اموالهما الضرائب والرسوم، ونفقة الاقارب، كما تلزم في اموالهما الزكاة في قول الجمهور خلافًا لأبي حنيفة.
النوع الثاني: اهلية الأداء:
وهي كون الشخص صالحًا لممارسة الاعمال التي تترتب عليها آثار شرعية. ومناطها: الإدراك، وهي نوعان ايضاً:
أ- اهلية اداء قاصرة: أي تؤهل صاحبها لممارسة بعض التصرفات. فالصغير المميز، تصح منه العبادات وإن كانت غير مفروضة عليه، ويصح منه ما كان محض نفع له، كقبول الهبة، وتملك الاموال المباحة، فهذه تصح منه ولو من غير اذن الولي، اما ما كان ضرراً محضا، فلا يصح منه ولا اذن الولي كهبة الصغير لغيره، ومثلها جميع عقود التبرع، وأما ما كان محتملاً للنفع والضرر، فإنه يصح بإجازة الولي.
ب- اهلية اداء كاملة: أي تؤهل الشخص لممارسة جميع التصرفات الشرعية والقانونية فهو مكلف بالعبادات منذ البلوغ الشرعي، واهل للتصرفات المالية منذ بلوغ سن الرشد.
فمراحل تطور الانسان خمسة:
الاولى: طور الاجتنان، وله اهلية وجوب ناقصة.
الثانية: طور الطفولة قبل التمييز، وله اهلية وجوب كاملة.
الثالثة: طور التمييز الى البلوغ، وله اهلية اداء ناقصة.
الرابعة: طور البلوغ الى سن الرشد المالي، وله اهلية اداء كاملة فيما عدا التصرفات المالية.
الخامسة: طور الرشد المالي، وله اهلية اداء كاملة في كل الاحكام. وهناك احوال تعترض اهلية الانسان، وتسمى عوارض الاهلية، فأحيانًا تزيل اهلية الوجوب والاداء، كالموت، واحيانًا تزيل اهلية الاداء، لفقدان الارادة، كالجنون والاغماء، واحيانًا تغير بعض الاحكام، كالنوم ومرض الموت والرق والسفه والغفلة والاكراه، ومن هذا القبيل الهزل والسكر والجهل والسفر والحيض والنفاس والخطأ وما الى ذلك.
ويقسم الفقهاء تلك العوارض الى قسمين: عوارض سماوية، وعوارض مكتسبة، فالأهلية في الأصل، معادلة للوجود الانساني الكامل، فقد خلق الله سبحانه وتعالى البشر، وجعلهم اشرف الخلائق، "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (سورة الاسراء، آية 70). وجعلهم، تباركت قدرته، بكمال حكمته، متفاوتين فيما يمتازون به عن الانعام وهو العقل، فإذا غلب العقل الهوى كان الانسان افضل من الملك، واذا غلب الهوى العقل، هبط الانسان الى درك دون مرتبة الحيوان، ويقرر القرآن الكريم في اولئك "إن هم الا كالأنعام بل هم اضل" (سورة الفرقان، آية 44). ويقول في آية اخرى "اولئك هم الغافلون". (سورة الاعراف آية 179).
واذا ابتلي شخص بشيء من اسباب الردى، أي بشيء من تلك العوارض السماوية، أو الكسبية، كانت تصرفاته موقوفة كاملة أو غير صحيحة، إذ يكون بحاجة الى من يعاونه وينظر في شؤونه وامواله نظرًا خاصًا أو عامًا، وكل ذلك رحمة من الله بعباده ولطفه بهم. ومن هذه المبادئ جميعًا، صيغت هذه المادة التي تنص على ان الشخص – مبدئيًا – كامل الاهلية لمباشرة حقوقه ما لم يقر هذا القانون خلاف ذلك، اشارة الى شرف الانسانية وكرامتها وكمالها، إلا إذا كان ثمة عارض من عوارضها، بما في ذلك الصغر الذي اعتبره علماء الاصول جميعًا عارضًا من عوارض الاهلية، اذ انه حالة غير ملازمة للانسان، فالعوارض كلها استثناءات، من كمال اهلية الانسان، يقررها القانون ضمن اطار الشريعة الخالدة.
المادة 163
القاصر في اللغة اسم فاعل من قصر عن الامر قصورًا، أي عجز عنه، وقصر السهم عن الهدف، أي لم يبلغه. وقصر بالضم، ضد طال، والمصدر قصرًا وقصارة، والقصر ايضًا خلاف المد، والقاصر من الورثة من لم يبلغ سن الرشد.
والقاصر في الاصطلاح الفقهي: هو كل انسان لم يستكمل اهليته لعارض من العوارض التي سبقت الاشارة اليها في هذه المذكرة حين بحث المادة 159، فيكون: إما فاقد الاهلية، وهو ما نصت عليه المادة 161 في الفقرتين 1، 2 وإما ناقص الاهلية، وهو ما نصت عليه المادة 162 في الفقرتين 1، 2.
والمذكورون في المادة 160 ثلاثة اصناف هم:
1- من لم يبلغ سن الرشد التي حددتها المادة 172 بإحدى وعشرين سنة قمرية فمنذ ولادة الشخص حتى بلوغ السن المذكورة يعتبر قاصرًا، ما لم يتم ترشيده، وهو قبل اتمام السابعة من عمره، يسمى صغيرًا غير مميز، وبعد اتمامها يسمى صغيرًا مميزًا، المادة 164، وبعد اتمام الثامنة عشرة من عمره يمكن ان يكون مأذونًا وفق المواد 166 – 168 الآتي بيانها.
2- المجنون والمعتوه والسفيه، وقد تضمنت المادة 174 التعريف بكل منهم.
3- المفقود والغائب، وقد تضمنت المادة 233 التعريف بهما.
ولا جرم ان هؤلاء جميعًا، محتاجون الى من يقوم على شؤونهم سواء فيما يتعلق:
أ- بالنفس مما يدخل في الولاية على النفس، وتشمل كما سيأتي العناية بشخص القاصر والاشراف عليه وحفظه وتربيته وتعليمه وتوجيهه واعداده اعدادًا صالحًا ويدخل في ذلك الموافقة على تزويجه (المادة 178 الفقرة أ).
والولي على النفس هو الأب ثم العاصب بنفسه على ترتيب الارث، المادة 181 فقرة 1 وعند تعدد المستحقين للولاية وهم في درجة واحدة وقوة قرابة واحدة واستوائهم في الرشد، فالولاية لأكبرهم، وان اختلفوا في الرشد اختارت المحكمة اصلحهم للولاية، المادة 181 فقرة 2 وإن لم يوجد مستحق عينت المحكمة وليًا على النفس من اقارب القاصر إن وجد فيهم صالح للولاية وإلا فمن غيرهم المادة 181 الفقرة 3.
ب- أو بالمال ويسمى في الاصطلاح الفقهي النائب الشرعي، وهذا النائب الشرعي، اذا كان أبًا أو جدًا لأب سمي وليًا.
واذا عين الأب شخصًا آخر يقوم بأعباء الولاية المالية سمي ذلك الشخص وصيًا أي وصيًا مختارًا – من قبل الأب – فإن لم يعين احدًا أي لم يكن ثمة وصي مختار من قبل الأب، عينت المحكمة شخصًا اطلق عليه في هذا القانون اسم وصي القاضي، يتولى شؤون الصغار، كما تعين قيمًا فيما يتعلق بالمجنون والمعتوه والسفيه، أو وكيلاً قضائيًا بالنسبة للغائب والمفقود، وعلى القاضي حينما يختار الوصي ان يراعي مصلحة القاصر فقط المادة 163.
وقد جرى القانون على ان الصغير غير المميز والمجنون المعتوه يعتبر كل منهم فاقد الاهلية وهذا ما نصت عليه المادة 161.
اما غيرهم من القاصرين كالصغير المميز، والسفيه فقد اعتبرهم القانون في المادة 162 ناقصي الاهلية، اخذًُا برأي الجمهور من الفقهاء.
الفصل الثاني
احكام الصغير
المادة 165
الصغير، في اللغة: خلاف الكبير، يقال: صغر الشيء صغرًا قل حجمه أو سنه فهو صغير والجمع صغار، اما صغر، بكسر الغين، فهي بمعنى ذل وهان، ومنه الصغار، أي الضيم والذل والهوان.
والصغير في اصطلاح الفقهاء: هو من لم يبلغ الحلم: أي من لم يبلغ سن البلوغ الشرعي أو البلوغ الطبيعي، ويكون:
أ- بظهور احدى علاماته، ففي الفتى وبعد اكمال الثانية عشرة من العمر بظهور اعراض الرجولة كنبات اللحية أو الشارب أو الاحتلام، وما الى ذلك، وفي الفتاة وبعد اكمال التاسعة من العمر، بظهور اعراض الانوثة كالحيض أو الحبل وما الى ذلك.
ب- بالسن، أي بإكمال الفتى أو الفتاة الخامسة عشرة من العمر ولو لم تظهر احدى العلامات المشار اليها سابقًا، وهذا ما قرره الجمهور، وقال ابو حنيفة: البلوغ بالسن للفتى ثماني عشرة سنة، وللفتاة سبع عشرة سنة.
اما الصغير، بالنسبة للشؤون المالية، فهو القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد، ولم يتم ترشيده، ذلك ان الانسان قبل استكمال اهليته المالية يسمى قاصرًا سواء اكان فاقدًا هذه الاهلية، ام كان ناقصها، كما في المرحلة بين التمييز والرشد.
ولا جرم، فالصغر عجز، والعقل في الصغير غير مكتمل، والتصرفات القولية اساس الالتزام فيها العقل والرضا، فإذا لم يكن العقل، أو كان غير كامل، فلا يوجد موجب الالتزام في هذه التصرفات فالصغر الذي لا يمكن معه تمييز، يكون فيه الصغير فاقد الاهلية، فلا ينعقد منه تصرف قولي. وعبارته تكون ملغاة لا اعتبار لها، وتكون باطلة الا ما استثناه الفقهاء، كإذن الصغير في دخول المنزل، وما جرى العرف بقبوله.
اما الصغر مع التمييز: فإن عبارة الصغير فيه، تكون معتبرة في الجملة، والتصرفات المالية النافعة له نفعًا محضًا، صحيحة ولو من غير اجازة الولي، كقبول الهبة، وتملك المباحات وما الى ذلك، والتصرفات المالية الضارة ضررًا محضًا، كالتبرع للغير، أو اقراض ماله للغير والطلاق والعتق، فكل هذه التصرفات باطلة ولو اجازها الولي.
واما التصرفات القابلة للنفع والضرر، كالبيع والشراء والمزارعة والمساقاة والاجارة والاستخدام وما الى ذلك، فإنها تنعقد غير نافذة وتكون موقوفة على اجازة من له الولاية المالية عليه، فهي إذن قابلة للابطال، لمصلحة الغير، ما لم يجزها هو نفسه بعد بلوغه سن الرشد، أو يجيزها من يملك التصرف في ماله من ولي أو وصي أو مقدم أو قاض وفقًا للقانون.
وواضح من نص المادة 165 انه لا عبرة للاجازة الصادرة عن المأذون نفسه قبل الترشيد أو قبل اكمال الحادية والعشرين من العمر التي هي سن الرشد، كما لا عبرة لاجازة الولي أو غيره اذا كانت مخالفة للاصول القانونية، أي يبقى حق التمسك بابطال ذلك التصرف المتردد بين النفع والضرر، قائمًا ما دامت مصلحة الصغير تقتضي التمسك بذلك الحق.
ولا بد من ملاحظة ان الفقهاء متفقون على ان التمييز لا يتصور في سن دون السابعة وقد يتجاوزها الشخص ولا يميز، ما دام لا يعرف معاني العقود ومقتضياتها في عرف الناس، ولا يعرف الغبن والكسب، لتعقد المعاملات بين الناس وكثرة المحتالين، وفساد كثير من الضمائر في هذا الزمن.
المادة 168
تبين مما سبق ان الصغير شخص لم يبلغ سن الرشد، ولم يتم ترشيده بعد. فاذا لم يكمل السابعة من عمره فهو غير مميز، وان اكملها فهو مميز، وإن تجاوز الثامنة عشرة من عمره فهو:
أ- إما مأذون: أي مأذون له بممارسة بعض التصرفات التجارية المترددة بين النفع والضرر، كادارة امواله أو جزء منها بإذن القاضي أو بما كان من صنيع التجار وعاداتهم من غير حاجة الى اجازة، لأن الإذن السابق على التصرف، كالإجازة اللاحقة بعده، فيملك مثلاً حط شيء من ثمن المبيع، اذا ظهر في المبيع عيب قديم واراد المشتري ردّه عليه، لأن الحط من الثمن في مثل هذه الحالة متعارف عليه بين التجار، وكذلك له ان يوفي ويستوفي الديون المترتبة بسبب البيع أو الشراء أو الاجارة أو الاستخدام وما الى ذلك فهذا مأذون.
ب- وإما غير مأذون فهو باق على المنع، ولا تنفذ تصرفاته المحتملة للنفع والضرر الا باجازة ممن له ولاية التصرف في ماله.
ويمكن منح الاذن للصغير بعد اكماله الثامنة عشرة من عمره، وبعد ان يؤنس منه حسن التصرف، فلا بد من توافر هذين الشرطين معًا، وإلا فإنه لا يصح إعطاء الإذن.
اما منح الإذن المشار اليه لهذا الصغير فيكون من:
1- الولي (الأب أو أب الأب) وتستمر مراقبته له بعد منحه الإذن له، ومن حقه سحب الإذن أو تقييده في أي وقت يظهر له فيه ان المصلحة لولده تقتضي ذلك.
2- الوصي الذي يعينه الأب، وهنا لا بد من موافقة القاضي على اعطاء الاذن.
3- وصي القاضي الذي تعينه المحكمة على الصغير (أي المقدم)، وهنا ايضًا لا بد من موافقة المحكمة على اعطاء الإذن كما جاء في المادة 166 الفقرة 2.
4- المحكمة نفسها، بناء على طلب الصغير، لامتناع الوصي (الوصي المختار أو وصي القاضي) عن منحه الإذن المادة 168 ومعلوم بداهة، انه لا بد في جميع هذه الحالات المذكورة آنفًا، من صدور امر من المحكمة حين منح الاذن أو تقييده والحد من مداه.
ومتى صدر الاذن للصغير وفقًا لما سبقت الاشارة اليه من شروط، اعتبر هذا الصغير المأذون اهلاً للتقاضي امام المحاكم المختصة بخصوص تلك التصرفات التي تناولها الإذن، كما يعتبر اهلاً لإقامة وكيل قانوني عنه وتنفيذ تصرفاته التي تناولها الإذن من غير حاجة الى موافقة خاصة ممن كان له الحق في التصرف في مال ذلك الصغير، ومع هذا، فإن تصرفاته الضارة ضررًا محضا مما تناولته المادة 165 تكون باطلة.
المادة 170
المراقبة بعد منح الاذن ضرورة تقتضيها مصلحة الصغير المأذون، فوجوب تقديم الحساب السنوي هو بمثابة صمام امان لسلامة تصرفاته، اذ بهذا الحساب السنوي الذي يقدمه الى المحكمة يظهر نجاحه أو فشله، ففي ضوء النتيجة، يمكن استمرار الاذن أو الغاؤه أو الحد منه وكل ذلك منوط بمصلحة الصغير نفسه.
والاصل العام الذي تندرج تحته جميع هذه الامور، قوله عز وجل: "ويسألونك عن اليتامى، قل إصلاح لهم خير" (سورة البقرة، آية، 220).
الفصل الثالث
الرشد
المادة 171
ينتهي دور القصر ونقصان الاهلية ببلوغ سن الرشد التي حددتها المادة 172 من هذا القانون وهي احدى وعشرون سنة قمرية كاملة، فإذا بلغ الفتى أو الفتاة هذه السن، فقد زال عنه القصر والعجز الذي كان هو السبب في اعتباره كذلك، فيصبح رشيدًا من دون حاجة الى حكم القاضي برفعه.
ويكون رشيدًا حكمًا، طالما لم يحجر عليه لعارض من عوارض الاهلية التي سبقت الاشارة اليها والتي سيأتي بيانها في المادة 174 من هذا القانون.
ورشد، بفتح الشين وكسرها، بمعنى اهتدى، والرشاد وضع الشيء في موضعه، والرشد: الهدى والاستقامة، والصلاح وحفظ الاموال، والرشد والرشيد في اللغة هو المستقيم على الطريق الحق مع تصلب فيه، ومنه الخلفاء الراشدون، والرشيد في اصطلاح الفقهاء: هو من كان حسن التقدير، ينفق ماله فيما يحل، ويمسكه عما يحرم ولا يعمل فيه بالتبذير والاسراف، فيكون بالتالي مصلحًا لماله محسنًا في ادارته.
والاصل ان كل من بلغ سن الرشد فهو رشيد فإذا أتم الحادية والعشرين سنة ولم يظهر في تصرفاته ما يقتضي حجره، واستمرار الولاية عليه في ماله لمن كان وليًا أو وصيًا أو مقدمًا فإنه يكون ببلوغه هذه السن رشيدًا، لا سيما وان بعض الاوصياء أو المقدمين، قد يتشدد في ممارسة مقتضيات ولايته المالية بغير وجه حق مما يسيء الى المولى عليه، الامر الذي جعل القانون تحرص على ايراد المادة 171، وهذا ما عليه فقهاء المالكية.
المادة 172
سن الرشد المالي، غير سن البلوغ الطبيعي، بدليل قوله تعالى: (وابتلوا اليتامى، حتى اذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا، فادفعوا اليهم اموالهم (سورة النساء، آية 60) فجعل سبحانه وتعالى، إمكانية دفع المال، مشروطة بشرطين، احدهما البلوغ الطبيعي، وثانيهما الرشد.
وقد فسر ابن عباس الرشد، بأنه صلاح العقل وحفظ المال، ومعلوم ان بلوغ هذه المرتبة لا يكون الا بعد نضوج قوة العقل، واكتساب الخبرة بالتجربة والمشاهدة والممارسة، حتى يؤمن الانسان على ادارة امواله بنفسه، ولما كان ذلك يختلف باختلاف الاشخاص والبيئات، وتنوع الرغبات والمطالب، وتعقد المعاملات، وتعدد النظم الاقتصادية كان لا بد من تحديد سن معينة، تكتمل فيها اهلية الوجوب واهلية الاداء، حرصًا على مصالح الناس وضرورة الامن في المعاملات، وقد رأى القانون تحديدها بإحدى وعشرين سنة قمرية كاملة، نظرًا لواقع الحياة الاجتماعية المعقدة في كثير من الجوانب المتشابكة في كثير من الحالات، مع تفنن المحتالين في سلب الاموال، ولئن كان فقهاء المسلمين قد نظروا الى الرشد نظرة تقديرية، وتركوا الى القضاء امر التقدير الذي يوجب دفع مال القاصر اليه، فقد حدد سن الرشد في العالم الاسلامي اول مرة في عام 1288 هجرية بعشرين سنة.
ثم جاء القانون المصري فجعل سن الرشد ثماني عشرة سنة، ثم رفعها بموجب القانون الصادر في 13 اكتوبر سنة 1925، الى احدى وعشرين سنة، وقد اخذت بعض التقنينات المعمول بها حاليًا في الاحوال الشخصية، بثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، اذ ان هذه السن تؤهل الانسان لتولي الوظائف العامة وتجعله مكلفًا بالخدمة العسكرية الالزامية.
مما تقدم يتضح ان جعل الرشد مرحلة بعد البلوغ، يستند الى اصل تشريعي في القرآن الكريم، واما تحديده بسن معينة، فهذا ما يتركه التشريع الاسلامي الى الفقهاء في كل عصر، بحسب ما يرونه متفقًا مع مصلحة القاصرين وضامنًا لاموالهم، وقد رجح القانون، للاسباب المنوه بها آنفًا ان تكون سن الرشد احدى وعشرين سنة قمرية كاملة كما نصت عليه هذه المادة، لا سيما وقد روي عن امير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضي عنه: "لاعبه سبعًا، ثم ادبه سبعًا ثم صاحبه سبعًا، ثم اترك حبله على غاربه".
المادة 173
إن الحرص على مصالح ناقصي الاهلية، أو فاقديها من باب اولى – الذي هو السبب في اقامة الوصي أو المقدم – يقتضي ان يكون من حق القاصر بعد رشده أو ترشيده، ان يطلب ابطال التصرفات التي مارسها الوصي المختار أو وصي القاضي (المقدم) بحكم نيابته الشرعية عنه بخلاف تصرفات الاب نفسه المتعلقة بولده القاصر، الذي تتوافر فيه الشفقة ويحرص على مال ولده، وهو من باب السياسة الشرعية والمصالح المرسلة التي تتفق مع الاحكام العامة في الشريعة الاسلامية.
الفصل الرابع
عوارض الاهلية
المادة 174
سبق ان اشارت هذه المذكرة حين الكلام على المادة 159 من هذا القانون، الى تعريف الاهلية وبيان اقسامها، وسبقت الاشارة الى ان هنالك احوالاً، تعترض اهلية الانسان أو تنافيها فتزيلها احيانًا، وتغير بعض احكامها احيانًا اخرى. وعوارض جمع عارض، وهو في اللغة الحائل، والمانع، أو ما اعترض في الافق فسده من سحاب ونحوه.
ولقد نصت هذه المادة على ثلاثة من اهم عوارض الاهلية وهي:
1- الجنون: وهو آفة تزيل العقل مع بقاء القوة في الاعضاء، أو هو اختلال القوة المميزة في الانسان بين الامور الحسنة والقبيحة، فلا يدرك العواقب، ويخرج عن النهج الطبيعي في الاعمال المعتادة، فهو مرض لا تدرك معه الامور على وجهها، ويصحبه اضطراب وهياج غالبًا، وهو إما: أصلي بأن يبلغ الشخص مجنونًا، وإما: طارئ بأن يبلغ عاقلاً ثم يطرأ عليه الجنون بعد بلوغه فالمجنون هو الذاهب العقل أو فاسده.
وفقدان العقل قد يكون مطبقًا وممتدًا يستوعب جميع الاوقات، فيسمى الشخص حينئذ مجنونًا مطبقًا، وقد لا يكون مستوعبًا جميع الاوقات، فيغيب وقتًا ويحضر وقتًا، ويسمى الشخص في هذه الحالة مجنونًا غير مطبق، اذ انه يفيق في بعض الاوقات، وفي بعضها الآخر يكون مسلوب العقل والادراك والتفكير.
والحقت المادة 174 العته بالجنون، والعته: الاختلال في العقل والنقصان في الفهم، بحيث يصير المصاب به مختلط الكلام فاسد التدبير، إلا أنه لا يضرب ولا يشتم.
أو هو طرف من الجنون، ومرض يمنع العقل من ادراك الامور ادراكًا كاملاً صحيحًا ويصحبه هدوء غالبًا فيكون المعتوه تارة يشبه المجانين وتارة يشبه العقلاء.
2- السفه: وهو خفة تبعث على العمل في المال بخلاف مقتضى العقل والشرع. أو هو الجهل والطيش والتبذير، وعدم حسن التصرف في المال، بصرفه فيما لا مصلحة فيه وتضييعه فيما يذم عليه.
والسفيه: هو المبذر المسرف الذي يصرف ماله في غير موضعه، وينفق ما يعد من مثله اسرافًا، ويبعثر ماله فيما لا فائدة فيه.
3- مرض الموت: وهو المرض الذي يعجز فيه الانسان عن متابعة اعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة ويعتبر في حكمها كل من احاط به خطر الموت، ويغلب في امثالها الهلاك ولو لم يكن مريضًا.
وهذه الحالات الثلاث المنصوص عليها في هذه المادة هي اهم العوارض التي تطرأ على الاهلية فتغير احكامها.
فمنها ما يزيلها بالكلية كالجنون المطبق الى ان يمن الله بالشفاء (الحالة الثانية من الفقرة 2 من المادة 161) ومنها ما يجعلها ناقصة كالسفه (الحالة الثانية من الفقرة 2 من المادة 162). وقد جاءت المادة 175 تبين احكام التصرفات التي تصدر عن هؤلاء الاشخاص.
المادة 175
اتفق الفقهاء على ان المجنون المطبق، محجور عليه لذاته، ويستمر الحجر ما استمر الجنون، ويكون فاقد الاهلية، فلا تنعقد بعبارته وقت جنونه العقود والتصرفات بل تكون عبارته ملغاة، فهو في الحكم كالصبي غير المميز، عقوده على اختلاف انواعها باطلة غير منعقدة اصلاً، فلا تترتب عليها آثار وإن اجازها من له الولاية عليه، وإن كان الجنون غير مطبق، فإنه في حال إفاقته، وقبل الحجر عليه، كالعقلاء الراشدين، ما دام قد اتم سن الرشد، فتصرفاته تكون صحيحة، وهذا ما نص عليه في صدر هذه المادة فقرة 1، اما بعد الحجر عليه، وبعد شهر ذلك الحجر، فتصرفاته باطلة سواء اوقعت في حال افاقته ام في حال جنونه وليس له ان يباشر شيئاً من العقود أو التصرفات، إلا ما اشارت اليه المادة 177 من ان له الحق في اقامة الدعوى بنفسه لرفع الحجر عنه اذا شفي من مرضه وزال سبب حجره.
هذا ما يتعلق بالمجنون، ومعلوم ان الحجر متى وقع من المحكمة المختصة لا يزول الا بحكم قضائي. واما السفيه وذو الغفلة، فإن تصرفاتهم الصادرة عنهم بعد الحجر عليهم، تطبق عليها القواعد المتعلقة بتصرفات الصغير المميز، وقد سبق بيانها في المادة 165 من هذا القانون وعملاً بالفقرة 2 من المادة 175. وقد اخذ القانون في الاعتبار ان المعتوه فاقد الاهلية، لا ناقصها كما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 161، وتصح تصرفات السفيه قبل الحجر عليه ما لم تكن نتيجة استغلال أو تواطؤ كما نصت عليه المادة 175 فقرة 3.
ومعلوم بداهة، ان السفيه مخاطب بالتكاليف الشرعية وموضع الحجر عليه، هو التصرفات المالية الخالصة، اما التصرفات التي لا يفسدها الهزل كالنكاح والطلاق والعتق، فهي لا تقبل النقض.
واذا كان السفيه ليس اهلاً للتبرع، فإن الفقهاء قد اجازوا له ان يوصي في وجوه الخير والبر، لأن ذلك لا ينافي المحافظة على ماله حال حياته، والشخص بعد وفاته في حاجة الى الثواب لا الى المال، وكذلك فقد اجازوا الوقف منه على النفس مدة الحياة، ثم بعد الوفاة على الذرية أو جهات البر، لأن الوقف بهذه الصورة يحقق الغاية من الحجر أي حفظ عين المال.
بقي ان نلفت النظر الى ان الحجر في اللغة معناه المنع مطلقًا سواء من التصرفات القولية أو من غيرها.
وهو في الاصطلاح الفقهي: منع شخص مخصوص عن التصرفات القولية أو عن التصرفات التعاقدية ومنع نفاذها. اما الافعال فلا تكون محلاً للحجر، ولذا فإن ما يتلفه المحجور عليه من مال غيره يكون مضمونًا في ماله هو، ويؤمر من له الولاية عليه في ماله بأداء الضمان من مال المتلف إن كان له مال، وإلا فلا يطالب بالأداء في الحال، بل ينتظر الى الميسرة والمقدرة.
المادة 176
من عوارض الاهلية مرض الموت وقد عرفه ابن عابدين بأنه: المرض الذي يعجز فيه الانسان عن متابعة اعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة – فإن امتد مرضه سنة فأكثر وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كتصرفات الصحيح، ويعتبر في حكم مرض الموت الحالات التي يحيط الانسان فيها خطر الموت ويغلب في امثالها الهلاك ولو لم يكن مريضًا، (الدر المختار ورد المختار / باب اقرار المريض 4/461) وقد اخذ قانون المعاملات المدنية بهذا التعريف في المادة 597.
وتصرفات المريض مرض الموت المالية مشوبة بالحذر، فإن باع ماله لأجنبي (غير وارث) بثمن المثل أو بغبن يسير، كان البيع نافذًا دون توقف على اجازة الورثة، واذا كان هذا البيع بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت كان البيع نافذًا في حق الورثة متى كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته، وتعتبر الزيادة وصية.
اما اذا جاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع ما لم يقره الورثة أو يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع والا كان للورثة فسخ البيع، ولا ينفذ بيع المريض لأجنبي بأقل من قيمة مثله ولو بغبن يسير في حق الدائنين اذا كانت التركة مستغرقة بالديون والمشتري دفع ثمن المثل والا جاز للدائنين فسخ البيع.
ولا يجوز فسخ بيع المريض اذا تصرف المشتري في المبيع تصرفًا اكسب من كان حسن النية حقًا في عين المبيع لقاء عوض.
وفي هذه الحالة يجوز لدائني التركة المستغرقة بالديون الرجوع على المشتري من المريض بالفرق بين الثمن وقيمة المبيع، وللورثة هذا الحق إن كان المشتري احدهم اما اذا كان اجنبيًا فعليه رد ما يكمل ثلثي قيمة المبيع للتركة (الدر المختار ورد المختار 5/435 وشرح مجلة الاحكام لعلي حيدر المواد 358 – 361. وقد نص قانون المعاملات المدنية على هذه الاحكام في المواد 597 – 601.
واذا تزوج المريض مرض الموت امرأة بمال يساوي مهر المثل ولم تقبضه، اخذته الزوجة من التركة بعد موته، وإن كان المهر زائدًا على مهر المثل اخذت الزيادة حكم الوصية.
المادة 177
جاءت هذه المادة، لقطع الجدل حول ما اذا كان من حق المحجور عليه ان يباشر الدعوى بنفسه لرفع الحجر عنه، اذا اعتقد ان السبب في حجره قد زال، ام لا بد من تعيين قيم مؤقت لاقامة الدعوى المشار اليها في مواجهة الولي أو الوصي أو المقدم؟.
فقد نصت هذه المادة صراحة على اعطاء المحجور عليه هذا الحق، وهذا مما تؤيده القواعد الشرعية.
الباب الثاني
الولاية
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 179
الولاية، بكسر الواو وفتحها، وهي في اللغة: المعونة، والمحبة، والالزام، ولفظ الولي يستوي فيه الذكر والانثى، وقد يراد بالولاية: القدرة على انشاء العقد نافذًا. والمقصود بالولاية هنا، الولاية المتعدية، وهي في اصطلاح الفقهاء: تنفيذ القول على الغير والاشراف على شؤونه، والمراد بالغير هنا القاصر، ومن في حكمه كالمجنون، والمعتوه، والسفيه.
ومن الواضح ان هذه الولاية، أي المتعدية، لا تثبت للشخص الا اذا ثبتت له الولاية على نفسه، وهي الولاية القاصرة، ومن هنا نجد الفقهاء يقولون: الولاية المتعدية فرع الولاية القاصرة.
وتنقسم الولاية المتعدية من حيث من تثبت له، الى:
1- ولاية اصلية: وهي الولاية الثابتة للشخص ابتداءً من غير ان تكون مستمدة من الغير، كولاية الأب.
2- ولاية نيابية: وهي الولاية الثابتة للشخص مستمدة من الغير، كولاية القاضي وولاية الوصي الذي يختاره الاب، وولاية المقدم، الذي يعينه القاضي على الصغير – أي وصي القاضي -، أو من يعينه على المحجور عليه بسبب الجنون أو العته أو السفه ويسمى حينئذ قيمًا أو يقيمه القاضي نائبًا عن المفقود ويسمى وكيلاً قضائيًا، كما تنقسم الولاية المتعدية من حيث موضوعها الى:
(1) ولاية على النفس فقط، وتكون في الامور المتعلقة بشخص المولى عليه، كولاية اتمام الحضانة، والتعليم، والتربية، والتوجيه في حرفة، وكولاية التزويج وتكون للأب كما تكون للعصبة بنفسه.
(2) ولاية على المال فقط، كولاية الوصي والمقدم (الوصي المختار)، وهذه تجعل من تثبت له، القدرة على انشاء العقود والتصرفات المتعلقة بالاموال أو بنفاذها واجازتها.
(3) ولاية على النفس والمال معًا، كولاية الأب على اولاده فاقدي الاهلية أو ناقصيها.
وتنقسم الولاية المتعدية ايضًا الى:
أ. ولاية عامة، وهي الثابتة لرئيس الدولة اصالة وللقضاء بطريق النيابة عنه، بصفتهم حكامًا لا بصفتهم الشخصية لقوله صلى الله عليه وسلم: "السلطان ولي من لا ولي له".
ب. ولاية خاصة، وهي الثابتة للافراد بصفتهم الشخصية، كولاية الأب، والقاعدة المقررة فقهًا ان الولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة، وتشمل الولاية على النفس، والولاية على المال.
وواضح ان عمل الولي على النفس يكون في تكميل تربية الطفل التي ابتدأت بالحضانة وتتميمها بحفظه وصونه وتوجيهه بعد بلوغه، وفي تولي عقد الزواج للفتاة.
ومعلوم بداهة، ان الطفل اذا بلغ سن الرشد مجنونًا أو معتوهًا، فإن ولاية العاصب تستمر على نفس ذلك الشخص، ويكون له حق ضمه اليه، ويجب عليه المحافظة عليه والقيام بشؤونه الشخصية، ولو كانت الولاية المالية لغيره، اما اذا بلغ سن الرشد عاقلاً ثم جن أو عته، فإن الولاية على النفس تعود الى الولي على النفس، واذا بلغ الغلام سن الرشد عاقلاً مأمونًا على نفسه، تنتهي الولاية على النفس، فليس للعاصب ان يجبره على الانضمام اليه، بخلاف ما اذا كان غير مأمون على نفسه، اذ يكون لوليه حينئذ ان يضمه اليه لحاجته الى من يحافظ عليه.
واما الفتاة غير المتزوجة، فمن حق وليها المحرم ان يضمها اليه.
واما لفظ الولي فيما يتعلق بولاية المال، فإنه بمقتضى نص المادة 188 لا يطلق الا على الاب والجد الصحيح (اب الأب) فقط، فإن لم يكن للمحجور اب، فإن الولاية على ماله تكون للوصي الذي يختاره الأب ثم للجد الصحيح ثم لوصيه إن وجد، ثم للمقدم الذي يعينه القاضي على ما سيأتي في المادة 188 من هذا القانون.
الفصل الثاني
شروط الولي
المادة 180
لا جرم ان الولاية هي للحفظ والرعاية ولتحقيق مصالح اولئك الذي يحتاجون للمساعدة بسبب نقصان اهليتهم أو فقدانها، فلا بد اذن من شروط خاصة فيمن تكون له تلك الولاية ابتداءً أو استمرارًا.
ومن هنا نصت هذه المادة على تلك الشروط، واهمها: البلوغ (والأب والجد طبعًا لا يكونان غير بالغين فهذا الشرط يتعلق بغيرهما) والعقل، والأمانة، والقدرة على القيام بمقتضيات الولاية، وكونه مسلمًا اذا كان القاصر مسلمًا.
فإذا اختل احد هذه الشروط في الولي، سلبت منه الولاية، لأنه في هذه الحالة إما ان يكون هو نفسه ممن يستحقون الحجر، أو مفسدًا لا رأي له، أو غير امين، أو عاجزًا ضعيفًا لا يستطيع القيام بمهام الولاية، ويكون زوال الولاية وسلبها ممن كانت له، بحكم من القاضي الذي له الولاية العامة.
الفصل الثالث
الولاية على النفس
المادة 181
العصبة بنفسه، هو القريب الذكر الذي لم يدل بأنثى فقط، وله خمس جهات مرتبة في تقديم بعضها على بعض، وهي باب الولاية كما يأتي:
الأب.
2- البنوة وتشمل الابن ثم ابن الابن وهكذا.
3- الجد العصبي، أي اب الأب وإن علا.
4- الإخوة، وتشمل الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب ثم ابناء هؤلاء.
5- العمومة، وتشمل العم الشقيق ثم العم لأب ثم ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب.
وما من شك في انه اذا وجد عاصبان بالنفس أو اكثر، فإن التقديم يكون بالجهة اولاً فإن اتحدت الجهة كان بالقرب، فإن اتحد القرب كان بالقوة.
فالأب مقدم على جهة البنوة على ما نص عليه القانون في مجال الولاية، وهما مقدمان على جهة الجد الإخوة، وهذه الجهات الأربع مقدمة على جهة العمومة.
ففي الجهة الواحدة يعتبر الابن مثلاً اقرب من ابن الابن، وكذلك يعتبر الأخ اقرب من ابن الأخ.
وحينما يتحد العاصبان في الجهة وفي القرب يقدم الاقوى، فالأخ الشقيق اقوى من الأخ لأب، وكذلك ابن الأخ الشقيق اقوى من ابن الأخ لأب، والعم الشقيق اقوى من العم لأب وهكذا.
فإن تعددت العصبات وكانوا متماثلين في الجهة والقرب مع استوائهم في الرشد فالولاية لأكبرهم، وإن اختلفوا في الرشد اختارت المحكمة اصلحهم للولاية، فإن لم يوجد مستحق عينت المحكمة وليًا على النفس من اقارب القاصر إن وجد فيهم صالح للولاية وإلا فمن غيرهم.
الفصل الرابع
سلب الولاية على النفس
المادة 182
نصت المادة على الحالات التي يجب ان تسلب فيها الولاية على النفس، وهي ثلاث حالات، اولاها إذا طرأ خلل في بعض شرائط الولاية التي نصت عليها المادة 180 وذلك لأن ما يمتنع انشاؤه يمتنع بقاؤه، وثانية هذه الحالات هي ان يرتكب الولي على النفس مع المولى عليه أو مع غيره أية جريمة مخلة بالشرف، كالاغتصاب، او هتك العرض، او القيادة الى الدعارة، وما في حكمها، بأن هيأ له سبلها، أو رغّبه فيها، أو شجّعه عليها، وامر هذه الحالة واضح، والحالة الثالثة: اذا صدر حكم بات على الولي بات في جناية أو جنحة عمدية اوقعها هو أو غيره على نفس المولى عليه، وايقاع الجناية من الولي ظاهر في ترتب سلب الولاية. والحالة الرابعة: اذا حكم على الولي بعقوبة مقيدة للحرية كسجن أو حبس مدة تزيد على سنة.
المادة 185
نصت المادة 183 من القانون على حالات جواز سلب الولاية كليًا أو جزئيًا دائمًا أو مؤقتًا فنصت في البند أ من الفقرة الاولى على حالة ما اذا حكم على الولي بالحبس مدة سنة فأقل، ونص البند ب على حالة ما اذا اصبح المولى عليه عرضة للخطر الجسيم في سلامته أو اخلاقه أو تعليمه بسبب سوء معاملة الولي له أو سوء القدوة نتيجة لاشتهار الولي بفساد السيرة، أو الادمان على المسكرات، أو المخدرات، أو بسبب عدم العناية، ولا يشترط في هذه الحالة ان يصدر حكم بعقوبة على الولي بسبب شيء مما ذكر، واخيرًا اجازت الفقرة 2 من المادة للمحكمة بدلاً من سلب الولاية في الاحوال المتقدمة ان تعهد بالقاصر الى ادارة احدى المؤسسات الاجتماعية المتخصصة.
كما نصت المادة 184 من القانون على انه في الحالات المذكورة في المادتين 182، 183 يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب سلطة التحقيق ان تعهد مؤقتًا بالقاصر الى شخص مؤتمن أو الى مؤسسة اجتماعية حتى يبت في موضوع الولاية.
واخيرًا نصت المادة 185 من القانون على انه اذا سلبت ولاية الولي عن بعض من تحت ولايته وجب سلبها عن باقيهم.
والحكم الوارد في المواد 183 حتى المادة 185 من القانون مأخوذ من القواعد العامة للشريعة الاسلامية، اذ انها نظمت الولاية على النفس لمصلحة المولى عليه، وبالتالي تسلب ولاية الولي اذا اعتراه احد الاسباب الواردة في هذه المواد، والتي من شأنها ان تجعله غير امين على المولى عليه، وسواء اكانت هذه الاسباب قائمة قبل ولايته ام لاحقة على الولاية.
المادة 186
نصت هذه المادة في الفقرة الاولى على انه اذا قضت المحكمة على ولي النفس بسلب ولايته أو الحد منها، أو وقفها، انتقلت الولاية الى من يليه في الترتيب إن كان اهلاً.
اما الفقرة الثانية فقد ذهبت الى انه اذا ابى، أو كان غير اهل، جاز للمحكمة ان تعهد بالولاية الى من تراه اهلاً، ولو لم يكن قريبًا للقاصر، أو ان تعهد بهذه الولاية الى ادارة احدى المؤسسات الاجتماعية المتخصصة، وهذا الحكم يتفق مع احكام الشريعة الاسلامية التي اجازت للقاضي ان يعهد بالولاية الى من يراه اهلاً اذا ابى من تجب عليه الولاية، أو كان غير اهل، رعاية لمصلحة القاصر وصيانة له.
المادة 187
نصت هذه المادة على انه في غير حالات سلب الولاية وجوبًا المنصوص عليها في المادة 182 يجوز للمحكمة ان ترد لولي النفس ولايته التي كانت سلبتها عنه، جزئيًا، أو كليًا، بناء على طلبه، وبشرط ان تكون قد مضت ستة اشهر على زوال سبب سلبها، وذلك لأن من سلبت ولايته، هو احق من غيره شرعًا، طالما ان سبب سلبها قد زال، ومضت ستة اشهر على ذلك.
الفصل الخامس
الولاية على المال
الولاية على مال القاصر
المادة 188
الولاية على مال القاصر تثبت عند المالكية، والحنابلة، للأب، ثم لوصيه، ووصي وصيه، وهكذا، ثم للحاكم أو من يقيمه (ويسميه المالكية مقدمًا)، والا فلجماعة المسلمين، وتثبت عند الحنفية، للأب، ثم لوصيه، ثم لوصي وصيه، ثم للجد الصحيح (وهو ابو الأب) وإن علا، ثم لوصيه، ثم لوصي وصيه، ثم للقاضي ثم لوصي القاضي.
اما عند الشافعية، فإن الولاية على مال القاصر، تثبت للأب، ثم للجد، ثم لوصي من تأخر موته منهما، ثم للحاكم ثم لمن يقيمه الحاكم.
ومن هذا يتضح ان الأب مقدم على غيره باتفاق الفقهاء، بحكم انه اوفر شفقة على اولاده، واقدر على النظر في امورهم، وعلى ذلك تكون المادة 188 من القانون متفقة مع جميع المذاهب الفقهية في احقية الأب وتقديمه على غيره حيث قضت بأن تكون الولاية على مال القاصر للأب، ونظرًا لاختلاف الفقهاء فيمن يلي الأب في هذه الولاية، فقد اختار القانون حكمًا اخذًا من مجموع المذاهب الفقهية السابقة حيث قضى بأن يكون وصي الاب هو التالي مباشرة للأب في الولاية على مال القاصر وهو يتفق مع رأي الحنفية والمالكية والحنابلة، ولم يفضل القانون الجد على وصي الاب، لأن الأب اذا اختار وصيًا على ولده مع وجود الجد كان ذلك دليلاً على ان الأب يرى في الوصي الذي اختاره، صلاحية وقدرة، لا يلمسها في الجد، فوجب ان يعتد بارادة الأب في شئون ولده، بعد وفاته، كما يعتد بها في حياته.
فإذا لم يوجد الأب ولم يكن قد اختار وصيًا، انعقدت الولاية للجد الصحيح، وهو يتفق مع رأي الحنفية وبذلك يكون القانون قد انتهج منهجًا وسطًا بين المذاهب، فهو لم يلغ ولاية الجد كما ذهب المالكية والحنابلة، ولم يقدم ولاية الجد على وصي الأب كما ذهب الشافعية.
وولاية الأب، أو الجد الصحيح إن لم يكن الأب قد اختار وصيًا، ثابتة لهما بحكم الشرع فلا يملك أي منهما التخلي عنها بمحض ارادته، على انه إذا كانت ثمة ظروف تجعل من المصلحة ان يتخلى الولي عن ولايته، فله ان يرفع الامر للمحكمة لتقدر هذه الظروف، فإذا ارتأت ان مصلحة الصغير تقتضي قبول التخلي اذنت المحكمة في ذلك، كأن يكون الولي طاعنًا في السن، أو مريضًا مرضًا يحول بينه وبين رعاية مصلحة الصغير على الوجه الأكمل، فإذا قبلت المحكمة تخلي الولي خلفه في الولاية على مال الصغير من يلي الولي في ترتيب الولاية بحسب احكام هذا القانون.
المادة 189
نصت هذه المادة على استبعاد المال المتبرع به من نطاق الولاية اذا اشترط المتبرع ذلك، وقد راعى القانون في هذا الحكم، احترام ارادة المتبرع الذي قد يرى لسبب أو لآخر عدم دخول الاموال التي تبرع بها في نطاق ولاية الولي، فأبقى القانون على التبرع وعلى الشرط كذلك، والقانون اذ ينتهج هذا المنهج يراعي مصلحة الصغير فلا يحرمه من هذا التبرع، وفي الوقت ذاته يراعي ارادة المتبرع فلا يهدر الشرط الذي اشترطه، وفي مثل هذه الحالة تقيم المحكمة وصياً خاصاً لادارة المال المتبرع به، وفقًا لما نصت عليه المادة 214، ويلاحظ ان من حق المتبرع ان يختار وصيًا لادارة المال الذي تبرع به للقاصر، وذلك وفقًا لحكم الفقرة الاولى من المادة 213 من هذا القانون.
المادة 191
نصت المادة 190 على ان الولي يقوم على رعاية اموال القاصر، وله ادارتها، وولاية التصرف فيها، مع مراعاة الاحكام المقررة في هذا القانون، ووفقًا للشريعة الاسلامية فإنه اذا كان الأب معروفًا بالامانة، وحسن التصرف، فإنه يملك كل التصرفات الشرعية التي يكون فيها حفظ مال القاصر، وتنميته، واستثماره، ولكن ليس له ان يتبرع بمال القاصر لان التبرع من الاعمال الضارة ضررًا محضًا.
ولذلك لم تخول المادة 191 للولي سلطة التبرع بمال القاصر أو بمنافعه، فاذا تبرع بشيء من ذلك كان تبرعه باطلاً، وموجبًا لضمانه، ومسئوليته. جاء في المجموع شرح المهذب ج 13 ص 346، 347 ان الناظر لا يتصرف في مال القاصر الا على النظر والاحتياط وفيما فيه حظ واغتباط وانه لا تجوز له الهبة والمحاباة لقوله تعالى "ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن" ولقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" وفي هذه التصرفات اضرار بالصبي فوجب ان لا يملكه. وورد في الجزء الثاني من الشرح الصغير للدردير ص 142 ان الولي يتصرف على المحجور (يشمل لفظ المحجور في الشريعة القاصر) وجوبًا بالمصلحة العائدة على محجور حالاً أو مآلاً. وفي الجزء الثاني من جواهر الاكليل ص 100 ان ولي القاصر لا يعفو مجانًا عن جان على محجوره عمدًا أو خطأً الا ان يعوض الولي محجوره من ماله نظير ما فوته بعفوه.
المادة 192
قيدت هذه المادة سلطة الولي في الاقتراض لمصلحة الصغير بأن يكون ذلك بإذن المحكمة، وذلك رعاية لمصلحة الصغير حفاظًا على ماله وثروته، وهذا القيد يجد اساسه في الفقه الاسلامي، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في حاشية ابن عابدين 6/712 "(ليس للوصي في هذا الزمان اخذ مال اليتيم مضاربة، ولا اقراض ماله، ولو اقترض لا يعد خيانة، فلا يعزل بها، وفي الخانية ولا يملك اقراض مال اليتيم فإن اقرض ضمن، والقاضي يملكه والصحيح ان الأب كالوصي) وجاء في الفتاوى الهندية 7/92 (لا يجوز للوصي اقراض مال الصغير ولو اقرضه ضمن لكن لا يعد ذلك خيانة حتى لا يستحق به العزل ففي ادب الاوصياء والعدة والولوالجية: (لا يقترض الأب ولا وصيه مال اليتيم).
المادة 194
احاط القانون بعض اعمال الادارة الهامة ببعض القيود، فلم ترخص المادة 193 للولي في ان يؤجر عقار القاصر لمدة تمتد الى سنة بعد بلوغه سن الرشد الا بإذن المحكمة.
كذلك لم تجز المادة 194 للولي ان يستمر في تجارة آلت للقاصر الا بإذن المحكمة. وفي حدود هذا الاذن، وذلك لما للتجارة من اهمية خاصة، قد تترتب عليها التزامات في مال القاصر، كما ان التجارة تتطلب خبرة معينة، ودراية خاصة، قد لا تتوافر في الولي، وتبحث المحكمة عندما يطلب منها الاذن في الاستمرار في التجارة فيما اذا كانت التجارة التي آلت الى القاصر تدر ربحا معقولا يتناسب مع مخاطر الاتجار، وهل يستطيع الولي مباشرة هذه التجارة على نحو يجعلها مفيدة للقاصر، وما الى ذلك من ظروف موضوعية تخضع لتقدير المحكمة، بحسب ما تراه محققًا لمصلحة القاصر، وحق الولي في التجارة في مال القاصر ثابت بالسنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ولي يتيمًا وله مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" (أي الزكاة)، غير ان الاتجار لا يكون إلا عن طريق مأمون وهذا ما حدا بالقانون الى ان يجعل للمحكمة رقابة في هذا الشأن حتى يتسنى لها التحقق من ان اتجار الولي في مال القاصر يكون عن طريق مأمون.
وتجدر الاشارة الى ان القيود التي فرضها القانون على سلطة الولي سواء في اعمال التصرف ام في اعمال الادارة لا تعدو ان تكون مجرد اجراءات وتدابير وقائية، المقصود منها توفير اكبر قسط من الضمانات لرعاية مصلحة القصر، وهذا امر لا تأباه الشريعة الاسلامية التي تحيط القاصر بكل ضروب الحيطة، ونهت عن الاقتراب من ماله الا بالتي هي احسن، وفي ذات الوقت فإن هذه القيود لا تحد من سلطة الاب في التصرفات، ووجوه الادارة العادية، فلا تغل يده في هذا الخصوص، وانما احتاط القانون فقط لوجوه التصرف والادارة التي تتسم بأهمية خاصة بالنظر الى نوعها أو قيمتها.
المادة 195
لا شك في ان للولي ان يقبل الهبات والوصايا للقاصر، لأنها اعمال نافعة نفعًا محضًا، الا انه اذا كانت الهبة أو الوصية محملة بالتزامات، فإنها في هذه الحالة لا تكون نافعة نفعًا محضًا، وقد تكون الالتزامات غير متكافئة مع النفع الذي سيعود على القاصر من الهبة أو الوصية، ولذلك رأى القانون ان يكون قبول الولي للهبة أو الوصية في هذه الحالة بإذن المحكمة.
المادة 196
يتضح من احكام هذه المادة ان الولي (أبًا كان أو جدًا) يلتزم بتحرير قائمة سواء بالنسبة لما يكون للقاصر من اموال عند بدء الولاية. ويتعين على الولي ان يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه خلال شهرين من بدء الولاية، وكذا بالنسبة لما يؤول الى القاصر من اموال اثناء الولاية، ويلتزم الولي بايداع القائمة خلال شهرين من تاريخ ايلولة المال للقاصر، ومن الواضح ان التزام الولي بتحرير القائمة وايداعها، مصدره القانون، ولا يتطلب تكليفًا من المحكمة. والحكمة من هذه المادة هو تمكين المحكمة من بسط رقابتها واشرافها على ما يباشره الولي من سلطات ازاء اموال القاصر، لأن ثمة مسائل يتعين فيها الحصول على اذن المحكمة، فلزم ان يكون لدى المحكمة بيانًا بأموال القاصر، وقد اوضحت المادة الجزاء على التخلف عن ايداع القائمة أو التأخير في ايداعها، فأجازت للمحكمة اعتبار ذلك تعريضًا لمال القاصر للخطر، مما يخولها عندئذ سلب ولاية الولي أو الحد منها وفقًا للمادة 183، من هذا القانون، وهو امر يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة.
المادة 197
اذا كانت نفقة الولي واجبة على الصغير، كان للولي الحصول على هذه النفقة من مال الصغير، وكذلك اذا كان الصغير ملتزمًا بالانفاق على غير الولي كان للولي ان يحصل على هذه النفقة من مال الصغير، ويعطيها لمستحقها، على انه لما كان هذا الامر يتطلب التحقق من التزام الصغير بالنفقة، ومن مقدارها، فقد جعلت سلطة الولي في استيفاء النفقة في الحالتين (سواء اكانت مستحقة للولي ام لغيره) مقيدة بالحصول على اذن من المحكمة بذلك.
الفصل السادس
سلب الولاية على المال
المادة 198
ثمة التزام عام يهيمن على جميع تصرفات الولي، وهو الالتزام برعاية اموال القاصر فاذا اصبحت اموال القاصر عرضة للضياع أو التلف أو الخسارة بسبب سوء تصرف الولي – ابًا كان أو جدًا – أو لأي سبب آخر فعلى المحكمة ان تسلب ولايته أو تحد منها فتقيدها عملاً بهذه المادة ولكن القانون فرق بين مسئولية الأب والجد ومسئولية الوصي حيث لا يسأل الأب إلا عن خطئه الجسيم وذلك للروابط الوثيقة التي تربط الاب بابنه عملاً بالمادة 207 واجرى القانون الحكم نفسه على الجد لنفس العلة عملاً بمذهب الشافعية فلا يسأل الجد الا عن خطئه الجسيم كذلك عملاً بالمادة 209 من هذا القانون، واما الوصي فإنه يجب عليه ان يبذل من العناية ما يبذل في ذلك من العناية والحفظ للاموال وذلك عملاً بالمادة 223 من هذا القانون.
المادة 200
اذا اعتبر الولي غائبًا أو حبس تنفيذًا لحكم بعقوبة مقيدة للحرية مدة تزيد على سنة فأقل، فإنه يجب على المحكمة ان تحكم بوقف الولاية على المال، لأن الغائب والمحبوس في الحالات المذكورة لا يتسنى لهما مباشرة مهام الولاية، ولما كانت تلك حالات عارضة، فقد اكتفى القانون بوقف الولاية فقط دون سلبها وهذا ما نصت عليه المادة 199 من هذا القانون.
ويترتب على سلب الولاية عن النفس سقوطها أو وقفها بالنسبة الى المال اذا كان وليًا على المال لأن من لا يؤتمن على النفس لا يؤتمن على المال، وهذا ما نصت عليه المادة 200 من هذا القانون.
المادة 202
اذا سلبت الولاية أو حد منها أو اوقفت في أي من الحالات سالفة الذكر، فإن الولاية لا تعود الى بحكم من المحكمة، وقد قصد من ذلك رعاية مصلحة الصغير، وحتى تتحقق الحكمة من زوال الاسباب التي دعت الى سلبها أو الحد منها أو وقفها. وهذا ما نصت عليه المادة 201 من هذا القانون.
على انه رغبة في عدم تكرار طلب الولاية خلال مدد قصيرة مما يزيد من الخصومات المتعلقة بالولاية، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة المذكورة على عدم قبول طلب استرداد الولاية الذي سبق رفضه الا بعد انقضاء سنة من تاريخ الحكم النهائي بالرفض، وذلك حتى تتاح فترة زمنية معقولة يمكن ان تكشف عن مدى جدارة الولي في استعادة الولاية، وهذا ما نصت عليه المادة 202 من هذا القانون.
والاحكام السابقة مستمدة من مقصد الشارع في حفظ الصغير والعناية به، ومن باب السياسة الشرعية في الحيطة وتوقي الحذر في عودة الولاية بعد ان سلبها أو وقفها أو الحد منها الا بعد مرور مدة زمنية كافية تكشف عن جدارة الولي في استعادة الولاية.
الفصل السابع
تصرفات الاب والجد
المادة 203
إن ولاية الاب على ولده القاصر ولاية اصلية ذاتية اثبتها الشارع له بسبب الابوة فهي حق له، وبالوقت ذاته واجب عليه، فليس له ان يتنحى عنها، الا اذا وجد مانع يحول دون القيام بها، وهذا مقتضى الرعاية التي استرعاه الله اياها، واشار اليها الحديث الشريف: "والرجل راع في اهل ومسؤول عن رعيته".
اما التبرع من مال القاصر أو اقراضه للغير، وما يعتبر ضررًا محضًا فليس من حقه القيام به ولم يجزه احد الفقهاء وسبقت الاشارة الى ذلك في المواد 190 – 195 من هذا القانون.
اما زكاة القاصر فهي واجبة على ماله، ويخرجها وليه، وهو قول اكثر الفقهاء، ومثلها الرسوم المالية، وقد جرى الخلاف الفقهي في رهن الأب مال ولده القاصر في دينه هو أي الأب، فأجازه ابو حنيفة ومحمد ومنعه ابو يوسف، كما جرى الخلاف ايضًا حول اداء الأب دينه من مال ولده القاصر على ان يكون ضامنًا لأدائه.
واما الحوالة فيجوز له قبولها اذا كانت على املأ، وهذا كله ما لم يأذن به القاضي، اذ ان الوصي يملك ذلك بإذن القاضي فيكون ذلك من حق الأب ايضًا من باب اولى. وقد جاء النص في هذه المادة مبينًا سلطته على مال ولده القاصر، فهي تشمل الحفظ والتصرف والاستثمار فله ان يقوم بجميع ما يلزم لحفظ ذلك المال وصيانته، وله ان يقوم بجميع التصرفات المتعلقة بادارته كالبيع والتأجير والترميم والوديعة والاتجار والاستثمار، وكل ذلك ضمن القيود الواردة في القانون.
وقد اقتبست هذه المادة من الفقه المالكي.
المادة 204
اذا كان الابن نفسه محجورًا عليه لسبب من اسباب الحجر كجنون أو عته أو سفه الخ، وكانت ولاية ابيه عليه تشمل النفس والمال وهو ملتزم القيام بها، فإن هذه الولاية تشمل بداهة الاولاد القاصرين لهذا الابن المحجور عليه، اذ ان التابع تابع ولا يفرد بالحكم كما تقرر القاعدة الفقهية، والجد العصبي أب في اللغة، ففي القرآن الكريم: "ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما اتمها على ابويك من قبل ابراهيم واسحق" يوسف -6- ومعلوم ان كلاً من ابراهيم واسحق جد عصبي ليوسف عليهم جميعًا وعلى نبينا السلام.
المادة 206
متى كان الأب مستوفيًا لشروط الولاية المنصوص عليها في المادة 180 فإنه تثبت له الولاية على اولاده القاصرين الصغار ومن في حكمهم وتستمر هذه الولاية ما لم يكن الأب مبذرًا لماله مستحقًا هو نفسه للحجر عليه، على انه لا بد من ملاحظة ان تصرفات الأب تنقسم الى قسمين:
1- تصرفات محمولة على السداد والاصل فيها الصحة والنفاذ وتكون سارية نافذة ما لم يثبت ان الأب قد اساء في أي منها الى مصلحة ولده، وهي التصرفات المذكورة في المادة 205.
2- تصرفات محمولة على عدم السداد فالأصل فيها عدم الصحة والنفاذ ولا بد من اثبات ان مصلحة القاصر قد تحققت في كل منها لكي يكون تصرف الأب نافذًا، وهذه الحالات هي المذكورة في المادة 206:
أ- اذا اشترى ملك ولده لنفسه فلا يكون تصرفه في هذه الحالة نافذًا الا اذا ثبت للمحكمة ان مصلحة القاصر متحققة في هذا التصرف، وذلك سدًا لذريعة ان يكون الأب قد راعى مصلحة نفسه.
ب- اذا باع ملكه أو ملك زوجته أو سائر اولاده لولده، فلا يكون هذا التصرف ايضًا نافذًا الا اذا ثبت للمحكمة ان مصلحة القاصر متحققة، وذلك سدًا لذريعة ان يكون الأب قد باع ملكه أو ملك زوجته أو أي واحد من اولاده أو كلهم ولم يلاحظ مصلحة القاصر وانما لاحظ مصلحة نفسه اذا باع ملكه للقاصر، أو راعى مصلحة زوجته اذا باع ملكها للقاصر، أو مصلحة اولاده اذا باع ملكهم أو ملك احدهم ل.
ج- اذا باع ملك ولده ليستثمر ثمنه لنفسه فلا بد من تحقق مصلحة القاصر في هذا التصرف ايضًا سدًا لذريعة ان يكون الأب قد لاحظ مصلحة نفسه ولم يلاحظ مصلحة القاصر.
المادة 207
تقضي الفقرة 1 من هذه المادة ببطلان تصرفات الأب متى ثبت سوء تصرفه وعدم وجود مصلحة فيها للقاصر سواء في ذلك التصرفات المحمولة على السداد أو المحمولة على عدمه وتحقق القاضي من سوء تصرفه فيها وعدم وجود مصلحة للقاصر.
اما الفقرة 2 من المادة فتتناول مسؤولية الأب في ماله عن أي خطأ جسيم ينتج ضررًا للولد. والخطأ الجسيم هو ما يتجنبه الرجل الحريص عادة فإن لم يكن الخطأ جسيمًا وكان مما يقع فيه الرجل الحريص احيانًا فإنه لا يكون موجبًا للتعويض عن الضرر الذي لحق بالقاصر.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الفقهاء قد نظروا الى تصرفات الولي نظرة شخصية اذ قسموا الآباء الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول: أب أمين غير مبذر ولا متلف وهو حسن الرأي والتدبير أو هو من حيث النظر والتدبير مستور الحال، وهذا تطلق يده في مال ولده فكل تصرف يملكه في ماله الخاص يملكه في مال ولده منقولاً كان ام عقارًا إلا ما يكون تبرعًا بعين المال، فولاية هذا القسم من الآباء لا يحدها الا ما يثبت انه ضرر محض، فمن حقه البيع والشراء والاجازة والاستئجار من نفسه ومن الغير ما دام من غير غبن فاحش، وله رهن مال ولده في دين على الولد نفسه، وله الايداع والاعارة الا اذا كان فيها تعطيل للاجارة كإعارة اداة زراعية غير معدة للاستئجار اذ انها في هذه الحالة داخلة فيما تعورف استعارته.
القسم الثاني: اب غير امين مبذر لماله يستحق هو ان يحجر عليه، وهذا لا ولاية له على مال ولده القاصر مطلقًا، اذ انه لم تتوفر فيه شروط الولاية، وهذا ينزع مال القاصر من يده.
القسم الثالث: اب امين ولكنه سيء التدبير وهذا تثبت له الولاية على مال القاصر ولكن لنقص تدبيره وفساد رأيه قيدت صحة تصرفاته بالمصلحة الظاهرة، ومن المصلحة الظاهرة ان يبيع مال ولده بضعف قيمته مثلاً فلكونه امينًا تبقى يده حافظة لمال ولده، ولفساد رأيه يمنع من اخراج الاعيان من مالك الولد الا في الاحوال الخيرية الواضحة التي لا تحتاج الى اثبات.
المادة 208
تقرر هذه المادة ان ولاية الأب وعلى المال تسلب منه كلما ثبت ان اموال ولده قد اصبحت في خطر نتيجة تصرفاته، ومن هذا القبيل اذا ثبتت خيانته أو خيف على مال القاصر منه لأي سبب آخر وما من شك في ان ولاية الأب تعتبر موقوفة حكمًا اذا اعتبر مفقودًا أو حبس وتعرضت مصالح القاصر للضياع، أو حجر عليه لأي سبب كان، ومتى زال السبب الذي ادى الى وقف الولاية فإنها تعود اليه بشكل حكمي كما كانت من قبل، وبديهي انه حينما تسلب ولاية الأب أو حينما تعتبر موقوفة لأي سبب فإن المحكمة تعين مقدمًا – أي وصيًا (مقدمًا)، وكذلك حينما تتعارض مصلحة القاصر مع مصلحة الولي أو حينما تتعارض مصالح القاصرين الذين هم تحت ولايته بعضها مع بعض.
اما ما يتعلق بالولاية على النفس فإنه يباشرها – حينما تسلب أو توقف ولاية الأب – العاصب بنفسه على ترتيب الوارد في المادة 181.
المادة 209
تقرر هذه المادة ان كل الاحكام المقررة في هذا الباب للأب تسري على الجد وهي الولاية على اموال ولد ولده حفظًا وادارة واستثمارًا، وان ولايته تشمل اولاد ابن ابنه القاصرين اذا كان ابوهم محجورًا عليه، وان تصرفاته تحمل على السداد في الحالات التي نص على ان تصرفات الأب فيها تحمل على السداد، ولا تحمل على السداد في الحالات التي نص القانون على عدم حمل تصرفات الاب فيها على السداد، كما ان تصرفاته تبطل كلما ثبت سوء تصرفه وعدم وجود مصلحة فيها للقاصر، ويعتبر مسؤولاً في ماله عن الخطأ الجسيم الذي نتج عنه ضرر لولد ولده وان ولايته تسلب أو يحد منها كلما ثبت للقاضي ان اموال القاصر اصبحت نتيجة تصرف جده في خطر.
وهذه المادة تجعل الجد في حكم الأب من حيث التصرفات والمساءلة.
الفصل الثامن
انتهاء الولاية
المادة 210
اذا بلغ القاصر راشدًا فإن الولاية عليه تنتهي بحكم القانون بمنطوق هذه المادة ما لم تحكم المحكمة باستمرار الولاية عليه لسبب من الاسباب كجنونه مثلاً وفي هذه الحالة لا يسوغ رفع الولاية عنه لبقاء موجبها.
ومرد هذا الحكم ان اساس فرض الولاية على مال القاصر هو قصور عقله، ونقص تجربته، ودرايته، وقد اعتبر القانون في المادة 172 ان إتمام القاصر احدى وعشرين سنة قمرية، دليل على نضجه العقلي، وتمام درايته الذي يسمح بتسليم امواله اليه ليباشر ما يراه بشأنها من انواع التصرفات المشروعة، ويجد هذا الحكم اساسه في قول الله تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا اليهم اموالهم" سورة النساء: 6.
جاء في بداية المجتهد لابن رشد المالكي: فأما الذكور الصغار ذوو الآباء فاتفقوا على انهم لا يخرجون من الحجر الا ببلوغ سن التكليف، وإيناس الرشد منهم، وإن كانوا قد اختلفوا على الرشد ما هو؟ واختلفوا في الاناث فذهب الجمهور الى ان حكمهن في ذلك حكم الذكور، اعني بلوغ المحيض وإيناس الرشد، وقال مالك هي في ولاية ابيها في المشهور عنه حتى تتزوج ويدخل بها زوجها ويؤنس رشدها، وروي عنه مثل قول الجمهور (بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 2/280، 281). بالاضافة الى ان صدور حكم حكم على القاصر باستمرار الولاية عليه قبل بلوغه سن الرشد حماية لمصالح القاصر حتى يكون قيدًا عليه فلا يمارس تصرفات الرشيد فور بلوغه سن الرشد اذ يحول الحكم الصادر باستمرار الولاية عليه بينه وبين ذلك، وكما يكون في هذا الحكم ايضًا حماية مصلحة الغير فلا يبادرون الى التعامل مع القاصر فور بلوغه سن الرشد اذ يحول بينهم وبين ذلك صدور الحكم باستمرار الولاية على ماله.
المادة 211
اذا انتهت الولاية على القاصر فلا تعود – بعد ذلك – الا اذا قام به سبب من الاسباب التي تستدعي الحجر عليه كجنونه أو عتهه أو سفهه أو غفلته.
وعودة الولاية عند قيام سبب من اسبابها هو ما اخذت به المادة المذكورة وهو القول الراجح في مذهب الحنفية، وهو مبني على الاستحسان ووجه الاستحسان هو وفور الشفقة في الأب والحد، ولأنه ليس من المعقول ان يعين القاضي احدًا مع وجود الاب الوافر الشفقة الحسن التدبير، وهناك قول آخر بأن الولاية تكون للقاضي ولا تعود لمن كانت له من اب أو جد لأن ولايته سقطت ببلوغ الصغير رشيدًا والساقط لا يعود، وهذا القول هو الذي يوجبه القياس.
ومذهب المالكية والحنابلة ان الولاية تكون للقاضي ولا تعود للولي، وفي مذهب الشافعي قولان كالحنفية والاصح عدم عودها.
المادة 212
يلتزم الولي بأن يسلم القاصر امواله عند انتهاء الولاية، وهذا امر بدهي لأن ولاية الولي تنتهي – كأصل عام – ببلوغ القاصر سن الرشد ما لم يحكم باستمرارها طبقًا للمادة 210 وهذا الالتزام مصدره الاساسي النص القرآني الكريم "وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا اليهم اموالهم" النساء -6-، فاذا مات الولي قد مات، فإن الالتزام بتسليم الاموال الى القاصر يكون على اتق ورثة الولي عن طريق المحكمة المختصة.
الفصل التاسع
الوصي
المادة 213
الوصي: هو من يوصى اليه للقيام على شؤون الصغير ويستوي في هذا اللفظ الذكر والانثى يقال فلان اوصى فلانًا أي جعله وصيًا يتصرف بعد موته فيما كان له من حق يتصرف فيه من الولاية على اولاده القاصرين والنظر في اموالهم والتصرف فيها بما ينميها ويحفظها لهم من الضياع والنقصان.
والايصاء: مصدر من اوصى أو من وصي، ومعناه الاستخلاف بعد الموت، ويأتي بمعنى "اثبات تصرف مضاف الى ما بعد الموت.
وما من شك ان الأب اعلم من غيره بمن يصلح للوصاية على ولده فهو اوفر الناس شفقة عليه وحرصًا على مصالحه فله اختيار من يخلفه بعد وفاته في الولاية على القاصرين الذين هم في ولايته، سواء كانوا من اولاده الصلبيين أو اولاد ابنه المحجور عليه لأي سبب كان، ومثل هؤلاء الولد المرتقب (الحمل المستكن) الفقرة 1 من المادة، وكما تجيز هذه الفقرة ذلك تجيز للمتبرع بمال القاصر ان يعين الوصي عليه في شأن المال الذي تبرع به خاصة كما تشترط هذه الفقرة عرض الوصاية ايًا كانت على المحكمة لتثبيتها والتصديق عليها.
والايصاء في الحقيقة عقد بين الموصي وبين الوصي يكون الايجاب من الموصي والقبول من الوصي ولكن القبول في هذا العقد لا يشترط ان يكون فور الايجاب بل يكون متراخيًا الى ما بعد الوفاة، لأن الايجاب هنا مضاف الى ما بعد الموت، ولأن ثمرات هذا العقد لا تظهر الا بعد الوفاة، وسيأتي في المادة 219 ان نفاذ الايصاء يتوقف على قبول الوصي، فإذا ردّ الوصي الايصاء في حياة الموصي وفي حضرته بطل الايجاب وكذلك اذا ردّ في غير حضرته واعلمه بالرد، والايصاء عقد غير لازم فما دام الموصي حيًا فله ان يرجع عن ايصائه في أي وقت شاء لأنه يشبه التوكيل ما دام حيًا، وكذلك فإن للوصي أي الموصى اليه ان يرد الايصاء في أي وقت شاء وبشرط اعلام الموصي برده، وهذا ما قررته الفقرة 2 من المادة المذكورة.
ولا بد من الاشارة هنا الى ما ذكره الفقهاء من انه يشترط لاستمرار الايصاء صحيحًا الى وقت موت الموصي، ان يستمر الموصي عاقلاً الى وقت موته، فإذا جن الموصي أو عته ولو بعد قبول الموصى اليه فإن الايصاء يبطل فإذا شفي من مرضه وافاق من جنونه فإنه لا بد من ايجاب جديد لأن الايصاء تصرف غير لازم، والتصرفات غير اللازمة يشترط في ابقائها ما يشترط في انشائها من الاهلية الكاملة لمنشئها.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الجد له تعيين الوصي المختار عملاً بالمادة 209 التي نصت على: "تسري على الجد الاحكام المقررة للأب في هذا الباب"، اخذًا بمذهب الحنفية الذين قالوا ان الولاية على المال هي للأب ثم لوصيه ثم للجد العصبي ثم لوصيه.
والشافعية يقولون إن الجد العصبي ينزل منزلة الأب ويقدمونه على وصي الأب فله حق تعيين الوصي، اما المالكية والحنابلة فلا يعطون الجد حق تعيين الوصي المختار لأن الولاية عندهم للأب ثم وصيه ووصي وصيه، فالحاكم او من يقيمه وهو المقدم، وفي كل الاحوال فقد نصت الفقرة 1 من المادة اثبات الاختيار أو العدول بورقة رسمية أو بورقة عرفية مصدق على توقيع الأب أو المتبرع عليها أو مكتوبة بخط أي واحد منهما وموقعة بامضائه.
اما الفقرة 4 فقد جعلت تعيين الوصي موكولاً للمحكمة اذا لم يكن للقاصر أو للحمل المستكن وصي مختار أو جد صحيح كما قررت الفقرة 5 ان الوصي لا يجوز له ان يتصرف في مال الحمل المستكن خاصة الى ان يولد حيًا لأن حياته كانت احتمالية حال الوصاية فلا بد من ان يولد حيًا ويسلم ماله لوليه حتى يتسنى للوصي التصرف فيه.
المادة 214
تقرر هذه المادة ان القاضي يعين وصيًا خاصًا أو مؤقتًا في الحالات التي تقتضي مصلحة القاصر ذلك، ويسمى مقدمًا، وهذا اللفظ هو الشائع في الفقه المالكي، ويقابله عند الفقهاء الآخرين وصي القاضي أو القيّم الذي يعينه القاضي على المحجور عليهم لجنون أو عته أو سفه أو غفلة أو الوكيل القضائي الذي ينصبه القاضي عن المفقود.
والحالات التي تقتضي مصلحة القاصر فيها تعيين هذا الوصي هي حالات سلب الولاية أو وقفها التي سبقت الاشارة اليها في المادة 208 وحالات تعارض مصلحة الولي مع مصلحة القاصر، أو تعارض مصالح القاصرين الذين هم تحت ولاية الأب بعضهم مع بعض، ومعنى انه وصي خاص ان ولايته مخصصة بممارسة بعض الصلاحيات أو بعض التصرفات، ومعنى انه مؤقت انه ينصب لممارسة جميع الصلاحيات المخولة للوصي على ان يكون ذلك خلال فترة معينة من الزمن.
المادة 215
الوصاية خلف عن الولاية، فإذا كان لا بد ان تتوافر في الولي شروط معينة، فأولى ان تشترط فيمن يكون وصيًا مختارًا أو مقدمًا أي وصيًا معينًا تلك الشروط مع شروط اخرى يستدعيها المقام، وذلك لأن الولي له من قرابته القريبة وصلته النسبية بالمولى عليه ما يوفر الشفقة على ذلك القاصر والحرص على مصالحه، ولهذا فقد نصت هذه المادة على الشروط التي يجب توافرها فيمن يكون وصيًا سواء كان وصيًا مختارًا ام كان وصي القاضي، وهي إما ايجابية يجب ان تتوافر في الوصي أو المقدم، أو سلبية يجب ان يخلو منهما الوصي، بالايجابية:
1- العدالة: هي ما يعبر عنها في الوقت الحاضر بحسن السيرة والسمعة بمعنى ان يكون الشخص لم يعرف عنه الخروج على احكام الدين أو ارتكاب الكبائر مثل الزنا أو شرب الخمر أو لعب الميسر أو نحو ذلك.
2- الكفاءة: وهي المعرفة بادارة شئون القاصر بكفاءة وحسن اختيار.
3- الامانة: لأن الوصاية للحفظ والرعاية فلا يصح ان يكون الخائن وصيًا ولا مقدمًا.
4- الاهلية: ويتضمن هذا الشرط العقل واكمال سن الرشد وانتفاء ما يوجب الحجر.
5- اتحاد الدين: وذلك لأن الوصاية ولاية، والولاية لا بد فيها من اتحاد الدين.
6- القدرة على القيام بمقتضيات الوصاية: فمن كان عاجزًا عنها كان جديرًا هو بمن يعاونه فكيف يعاون غيره، ويلي شؤون القاصرين، وبدهي ان فاقد الشيء لا يعطيه، وهذه الشروط كلها تتفق مع ما ذهب اليه جمهور الفقهاء في هذا خصوص.
واما السلبية فاذا وجد بالوصي واحدًا منها، امتنع عليه ان يكون وصيًا أو مقدمًا، وهي:
1- من قرر الأب حرمانه من التعيين شريطة ان يكون حرمان الأب مبنيًا على اسباب قوية وعلى ان تتحقق المحكمة من قوة تلك الاسباب وانها مبررة للحرمان من التعيين مع اثبات الحرمان بورقة رسمية، أو عرفية مكتوبة بيده وموقعة بامضائه أو مشهود عليها، وحكمة ذلك ان الأب ادرى بمصلحة اولاده، وقد يعلم بأن ثمة اعتبارات تقتضي حرمان شخص معين من الولاية عليهم، وان التوثق من الحرمان الغرض منه التيقن من ان حرمان شخص ما من الوصاية هو رغبة الأب حقيقة دفعًا لاستغلال اسم الاب في حرمان الاشخاص الاكفاء والصالحين من الوصاية، وللمحكمة الا تعول على رغبة الأب اذا كانت مبنية على دوافع لا يقصد منها مصلحة القاصر كأن يكون المقصود منها مجرد الانتقام الشخصي.
2- من كان بينه هو أو احد اصوله أو فروعه أو زوجه وبين القاصر نزاع قضائي، أو بينه وبين القاصر أو عائلته عداوة، اذا كان يخشى من ذلك على مصلحة القاصر.
3- المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة من الجرائم المخلة بالآداب أو الماسة بالشرف أو النزاهة ومع ذلك اذا انقضت مدة تزيد على خمس سنوات جاز عند الضرر التجاوز عن هذا الشرط.
4- من ليس له وسيلة مشروعة للعيش.
5- من سبق ان سلبت ولايته أو عزل عن الوصاية على قاصر آخر.
وفي الجملة فإن علة الحرمان كما هو واضح هي الاشفاق على القاصرين من ان تتعرض مصالحهم للخطر.
واخيرًا فإن مقتضى تلك الشروط ان من تخلف فيه شرط منها يخرجه القاضي من الوصاية ولا يمكنه من ممارسة شيء من صلاحيات الاوصياء، ويعين بدلاً عنه.
المادة 216
الوصاية كالوكالة تقبل التقييد والتخصيص، وبهذا قال جمهور الفقهاء وبه اخذ القانون فاشترط في المادة المذكورة تقيد الوصي بالشروط والمهام المسندة اليه بموجب وثيقة الايصاء، وهنا توجب المادة عن طريق دلالة الاشارة ان الايصاء لا يكون الا بوثيقة كتابية حسمًا للمنازعات الخاصة بالاثبات، ولا بد ايضًا ان تكون الوثيقة الصادرة بذلك موافقة لأحكام القانون، وقد سبق في المادة 213 ان الوصاية بعد الوفاة تعرض على المحكمة لتثبيتها، اذ ان المحكمة هي التي تملك صلاحية البت في كون وثيقة الايصاء موافقة للقانون أو مخالفة له.
المادة 217
يجوز ان يكون الشخص الذي اختاره الأب أو الجد للوصاية على القاصرين رجلاً أو امرأة، شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا، منفردًا أو متعددًا، مستقلاً أو معه مشرف: أي ناظر، لأنهما ادرى بمصالح اولادهما القاصرين واعرف بما تقتضيه تلك المصالح، فقد تتعدد المصالح، ومنها ما يحتاج الى خبرات خاصة، ومنها ما يكون موقعه في اماكن نائية. ومنها ما يتطلب تعدد القائمين عليها.
المادة 218
اجازت الفقرة 1 من هذه المادة تعيين اكثر من وصي واحد اذا كان ثمة ضرورة لذلك عند تعدد وتنوع المصالح التي يراد حمايتها مما قد لا يحسن وصي واحد القيام عليها، أو تكون اموال القاصر كثيرة ومختلفة الانواع وتتطلب خبرات متعددة في نواح مختلفة، واذا تعدد الاوصياء فلا يجوز لواحد منهم التصرف دون الرجوع للاوصياء الآخرين ما لم يكن الموصي قد حدد اختصاصًا لكل منهم، فهنا يمكن ان ينفرد كل منهم بالتصرف وحده في دائرة اختصاصه، وعدم انفراد الوصي الواحد بالتصرف اذا كان وصيًا ضمن آخرين مقيد ايضًا بغير الحالات الضرورية أو المستعجلة أو حالات التصرف فيما يخشى تلفه من التأخير أو التصرف فيما لا اختلاف فيه اصلاً كرد الودائع الثابتة للقاصر فمثل هذه الاحوال يجوز ان يتصرف فيها كل واحد من الاوصياء.
اما الفقرة 2 فقد بينت حكم اختلاف الاوصياء وجعلت المرجع في الفصل في هذا الاختلاف الى المحكمة المختصة.
المادة 219
الايصاء في الحقيقة عقد بين الموصي وبين الوصي غير ان القبول في هذا العقد لا يشترط ان يكون فور الايجاب، لأن الايجاب الذي يكون من الموصي هو تصرف مضاف لما بعد الموت فيجوز ان يمتد القبول أو عدمه الى ذلك الوقت ايضًا، ولأن ثمرات هذا العقد لا تظهر الا بعد الوفاة، فإن حق القبول يمتد الى ما بعدها.
وبدهي انه اذا ردّ الوصي الايصاء في حياة الموصي، وفي حضرته بطل الايجاب وكذلك اذا ردّ في غير حضرته واعلمه بالرد، اما إذا لم يعلم بالرد فإن الايجاب لا يبطل حتى لا يموت الموصي مغرورًا، زاعمًا انه قد اوصى والحقيقة ان الايصاء قد بطل.
فاذا لم يقبل الوصي الايصاء ولم يرده في حياة الموصي، فإنه يكون له القبول والرد بعد الوفاة لأنه ليس هنالك ما يلزمه بالوصاية، ومثل ذلك اذ ردّ ولم يعلم الموصي بالرد حتى مات ولكن متى قبل الوصي الوصاية بعد وفاة الموصي الذي مات مصرًا عليها فإن الايصاء يلزم وليس للوصي ان يرد الوصاية بعد ذلك سواء في ذلك قبلها صراحة أو دلالة بمباشرته لمهمته فعلاً بعد وفاة الموصي.
والسبب في ذلك واضح وهو انه التزم القيام بمقتضيات ذلك الواجب، أي بمقتضيات عقد الايصاء فعلاً كالكفيل اذا التزم بأداء الدين ليس له بعد ذلك ان يرجع في التزامه.
واذا ردّ الوصي الوصاية بعد قبولها صراحة أو دلالة لا يعتبر ذلك الرد، ولا يحل له التخلي عن مهمات الوصاية الا لعذر طارئ وبموافقة المحكمة، وهذا هو قول الجمهور من الفقهاء، والحجة في ذلك ظاهرة وهي ان الموصي مات معتمدًا عليه، فلو اعتبرنا رده من غير موافقة المحكمة كان في ذلك ضرر بالميت وضرر بالقاصر، اذ يكون مال القاصر من غير والِ عليه حتى يعيّن القاضي من يتولاه.
وضرر الاجبار الى ان يرى القاضي الموضوع ويعيّن الاخف اخف من ضرر الضياع، والضرر الاخف يحتمل لدفع الضرر الاشد كما هي القاعدة الشرعية المقررة.
المادة 220
المشرف أو الناظر هو الشخص الذي يعين لمراقبة الوصي وتصرفاته المتعلقة بالوصاية، من دون ان يشترك معه في تلك الاعمال والتصرفات.
فإذا اوصى الأب الى رجل وجعل شخصًا آخر مشرفًا عليه كان للوصي الولاية على المال والتصرف فيه وفقًا لما هو مقرر في هذا القانون. اما المشرف فإنه يراقب الوصي في ادارة شؤون القاصر ويبلغ المحكمة عن كل امر تقتضي مصلحة القاصر رفعه اليها، وعلى الوصي اجابة طلب المشرف "الناظر" الى كل ما يطلبه من ايضاح عن ادارة اموال القاصر، وتمكينه من فحص الاوراق والمستندات الخاصة بتلك الاموال.
واذا شغرت الوصاية قام المشرف (الناظر) بابلاغ المحكمة فورًا لاقامة وصي جديد، والى ان يباشر الوصي الجديد (المقدم) اعماله المتعلقة بالقاصر يقوم المشرف من تلقاء نفسه بالاعمال التي يكون في تأجيلها ضرر، كالطعن في الاحكام في المواعيد القانونية للطعن فيها، وبيع ما يخشى عليه التلف أو الفساد من اموال القاصر، ويكون المشرف مسؤولاً امام المحكمة عن كل ما يتعلق بمهمته والتصرفات المترتبة عليها.
هذا وقد جعلت هذه المادة تعيين المشرف من حق الأب وحده وانه على سبيل الجواز، وفقهاء الحنفية جعلوا ذلك من حق القاضي ايضًا، فله تعيين المشرف على المقدم، ونصوا على ان الوصي سواء كان وصيًا مختارًا أو وصيًا معينًا من قبل القاضي (أي مقدم القاضي). لا يتصرف الا بعلم الناظر (المشرف).
المادة 221
تسري على المشرف الشروط المقررة في الوصي والمنصوص عليها في المادة 215.
المادة 222
تقرر هذه المادة انه يسري على المشرف ما يسري على الوصي من حيث تعيينه وعزله وقبول استقالته واجرته عن عمله ومسؤوليته عن تقصيره كما تقرر في الفقرة 2 ان المحكمة هي التي تقرر انتهاء الاشراف عند زوال دواعيه كانتهاء الوصاية.
المادة 223
الوصي الذي يعينه الأب على ولده القاصر أو المقدم الذي يعينه القاضي على القاصر نائب شرعي عنه، والاصل العام ان تصرفات هذا النائب الشرعي في مال القاصر مقيدة دائمًا بمصلحة ذلك القاصر، وعلى هذا تدور جميع تصرفات الوصي والمقدم.
ولا غرو فالدين النصيحة وكل راع مسؤول عن رعيته حفظ ام ضيع، والله سبحانه وتعالى يوجّه الاوصياء باسلوب بالغ في قوله: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا" (سورة النساء: 1).
قال الحافظ ابن كثير: "المراد والله تعالى اعلم أي كما تجب ان تعامل ذريتك الضعفاء من بعدك فعامل الناس في دراريهم اذا وليتهم فليتق الله اولئك الذين يتولون شؤون القاصرين".
ومن هذه المنطلقات حرص القانون على ايراد هذه المادة لاثارة انتباه الاولياء والمقدمين حين يباشرون التصرفات المتعلقة بالقاصرين، فعلى كل منهم ان يبذل في ذلك من العناية والحرص ما يبذله الأب الحريص الأمين الرؤوم في ادارة اموال اولاده.
ونشير هنا الى ما قرره الفقهاء: ان كلاً من الوصي والمقدم امين عام على ما تحت يده من مال القاصر، فما هلك منه من غير تعد ولا تقصير في المحافظة عليه لا يكون مضمونًا، ومع مراعاة ان معيار التفرقة بين ما يعتبر من اعمال التصرف، وما يعتبر من اعمال الادارة هو المساس برأس المال، ويقصد برأس المال، اصل المال الذي آل الى القاصر، وما اضيف اليه نماء أو غلة أو ثمرة فكل ما ينطوي على اخراج جزء من ذلك المال في ذمة القاصر أو يرتب عليه حقًا عينيًا يعتبر من اعمال التصرف وما عدا ذلك يعتبر من اعمال الادارة ما لم يقض القانون أو العرف بغير ذلك.
المادة 224
تبين هذه المادة ان جميع تصرفات الوصي أو المقدم خاضعة الى رقابة القضاء، الامر الذي يقتضي تكليف كل منهما بتقديم حسابات دورية عن التصرفات المتعلقة بأموال القاصر الى المحكمة المختصة، وكذلك ما يتعلق بادارة تلك الاموال ولا بد من ان يكون الحساب المقدم مؤيدًا بالمستندات الاصولية.
والحسابات الدورية تكون سنوية أو نصف سنوية بحسبما تقرره المحكمة، والحكمة في ذلك واضحة اذ كل من خوّل صلاحية ما، اذا لم يسأل عنها يكون مسوقًا وبالتدريج الى الاهمال فيها. فالاحتياط الوارد في هذه المادة امر لا بد منه، مراعاة لمصلحة القاصر.
المادة 225
تركز هذه المادة على اعمال معينة منعت الوصي والمقدم من القيام بها الا بعد الحصول على اذن خاص من القاضي، ومن غير الاذن المسبق تكون باطلة، وذلك لخطورتها واهميتها أو لوجود الشبهة في بعضها، ولضمان عدم التلاعب في اموال القاصرين، اذ ان اشتراط الحصول على اذن القاضي يحقق ويسهل الاشراف على تلك التصرفات، ولئن كان الاقرار حجة ملزمة فإنها قاصرة على المقر، فإذا تبين للقاضي ان في قبول اقرار الوصي بعمل مارسه نيابة عن القاصر ما يحقق مصلحة القاصر نفسه ويدفع عنه مغارم أو مصاريف ورسوم دعوى خاسرة (مثلاً) اذن له بالاقرار عنه.
فمن مصلحة القاصر الا ينفرد بها الوصي من دون اذن مسبق لتبقى رقابة القضاء مستمرة، وجاء النص فيها على سبعة عشر نوعًا من اعمال التصرف والادارة، وفي هذا احتياط لا تأباه الشريعة، ولا سيما في زمن ضعفت فيه كثير من الذمم، وتعقدت فيه الامور وتشابكت المصالح.
هذا وتجدر الاشارة الى ان الوصي المختار يختلف عن الأب في تصرفاته عند الفقهاء.
ومع وجوب الحصول على الاذن المسبق من المحكمة، والذي نصت عليه هذه المادة فقد نص الفقهاء ايضًا: على انه لا يجوز للوصي ومثله المقدم من باب اولى بيع عقار القاصر الا في احوال ثلاثة:
اولاً: ان تتعلق بالتركة التي آلت للقاصر حقوق لا يمكن استيفاؤها الا ببيع العقار كما لو كانت على مورث القاصر ديون تعلقت بالتركة ولا يمكن وفاؤها الا ببيع بعض عقاراتها، وكذلك لو كان للموّرث وصية لا يمكن تنفيذها الا ببيع العقار، اما لو كان في التركة مال منقول، يمكن اداء الدين منه أو تنفيذًا الوصية منه فلا يجوز للوصي بيع العقار لأنه ابقى واضمن من المنقول.
ثانيًا: ان يكون بيع العقار خيرًا للقاصر من بقائه، وذلك في مثل الحالات الآتية:
ان يباع بضعف قيمته أو اكثر.
2- ان تكون نفقات العقار تساوي ريعه أو تزيد.
3- ان يكون العقار معرضًا للخراب أو النقصان كما لو كان مجاورًا للبحر مثلاً والامواج تنقصه من اطرافه.
4- ان يكون العقار في يد متغلب ظالم لا امل في استخلاصه منه، أو كان يخشى عليه من متغلب ظالم.
ثالثًا: ان تكون حاجة القاصر ملزمة لبيع العقار، وذلك:
1- ان يحتاج القاصر الى نفقة عاجلة من مأكل أو ملبس أو تعلم وما الى ذلك وليس له مال منقول يمكن بيعه من اجل تلك النفقة اذ انه مكلف بالانفاق عليه من ماله أي مال القاصر من غير اسراف ولا تقتير مراعيًا وضعه المالي والاجتماعي، اما اذا لم يكن للقاصر مال اصلاً أو كان له مال غائب فإنه يجوز للوصي ان ينفق عليه من ماله أي الوصي وان يرجع عليه اذا اشهد انه انفق ليرجع فإن لم يشهد على ذلك كان متبرعًا بما انفقه.
2- ان يحتاج الوصي الى تجهيز القاصر وتكفينه، وكذا تجهيز من تلزمه نفقته كالزوجة، وليس في التركة مال سوى العقار.
ويلحق بذلك دفع الضرائب المترتبة للدولة، اذا كان يخشى من تأخيرها الحجر على عقارات القاصر.
وواضح ان الفقهاء يحتاطون في بيع العقار غاية الاحتياط، اذ انه اضمن لمصلحة القاصر وابقى من المنقولات التي تكون في كثير من الاحيان عرضة للسرقة أو التلف أو الفساد أو الضياع أو التلاعب وما الى ذلك.
المادة 226
المقصود من المنع الوارد في هذه المادة هو توفير اكبر قسط من الضمان لمصلحة القاصرين المشمولين برعاية القاضي المكلف بشؤونهم وكذا أي مسؤول آخر مختص بذلك، وفي الوقت ذاته ابعاد التهمة والشبهة التي قد تحوم حولهم بسبب أي من تلك التصرفات المتعلقة بشخصه أو زوجه أو احد اصولهما أو فروعهما طالما ان الطرف الآخر فيها هو القاصر.
وهذا المنع لا تأباه الشريعة الاسلامية التي تحيط القاصر بكل ضروب الحيطة واشكال الرعاية، وتنهي عن قربان ماله الا بالتي هي احسن.
ولقد سبق النص في المادة 36 من هذا القانون على انه: ليس للقاضي ان يزوج من له الولاية عليها – أي بحكم ولايته العامة – من نفسه ولا من اصله ولا من فرعه، وقد لوحظ في هذا الحكم ابعاد القاضي عن الشبهات، وفي التصرف المشار اليه شبهة، والاليق به الترفع عنها، ومعلوم ان الشريعة الغراء لا تجيز التصرفات التي يكون احتمال التهمة فيها قائمًا، ولهذا منعت قبول شهادة الاصول للفروع، وشهادة الفروع للأصول، وكذلك شهادة احد الزوجين للآخر عند الجمهور، لقيام تهمة المحاباة.
المادة 227
الوصاية من اعمال الحسبة التي يبتغى بها ثواب الله عز وجل ويقوم بها الوصي لاعانة القاصرين العاجزين عن تدبير شؤونهم، وادارة اموالهم بأنفسهم، ويكون في الغالب متبرعًا، ولكن اذا ابى ان يعمل دون اجر فإن القاضي يقدّر له اجر المثل على عمله ولا سبيل الى اجباره على التبرع، فالأصل في هذه المادة قوله جل شأنه في الوصاية على اليتامى "ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف" النساء -6-.
ولكن الفقهاء المتأخرين افتوا بأن للوصي ان يطالب بالاجرة من مال القاصر الذي هو تحت ولايته سواء كان غنيًا أو فقيرًا رعاية لمصلحة القاصر نفسه، اذ ان حرمانه من الاجر الذي يطلبه قد يجعله متساهلاً ومتهاوناً في رعاية مصالح القاصر الذي هو تحت ولايته.
الفصل العاشر
انتهاء الوصاية
المادة 228
تنتهي مهمة الوصي في الحالات الآتية: موت القاصر نفسه أو موت الوصي أو المقدم ينهي الوصاية بالضرورة، وكذلك اذا فقد الوصي أو المقدم الاهلية أو نقصت اهليته هو نفسه لعارض من العوارض احتاج هو ذاته الى من يقوم برعاية مصالحه فهل يسوغ اذن ان يبقى له حق التصرف عن غيره... وفاقد الشيء لا يعطيه.
ومثل ذلك اذا غاب، أو لم يعد له موطن معروف ولا محل اقامة، أو اضحى مفقودًا لا تعرف حياته ولا موته. اذ ينصب عنه هو حينئذ وكيل قضائي.
وكذلك اذا طلب الوصي أو المقدم التخلي عن مهمته، أي استقال وقبلت المحكمة استقالته وطلبه التخلي وكذا اعزله. وهكذا الامر اذا تعذر على الوصي القيام بواجبات الوصاية أو التقديم لأي سبب من الاسباب التي يعود تقديرها الى المحكمة كما لو سافر لمدة طويلة أو اسر أو حبس فتعطلت بذلك مصالح القاصر المولى عليه.
وكذلك حينما يزول السبب الذي من اجله اقيم الوصي والمقدم كما لو استرد الأب ولايته على ولده القاصر، أو بلغ الصغير سن الرشد رشيدًا أو حكم بترشيده اصولاً، أو حكمت المحكمة بفك الحجر عمن حجر عليه لجنون أو عته أو سفه أو غفلة، أو انتهت الغيبة والفقدان.
ومن الحالات التي تنتهي فيها مهمة الوصي ايضًا وفاة القاصر أو المحجور لأن محل الوصاية قد ارتفع فتغدو الوصاية غير ذات موضوع لانه لا مكان لها، أو انتهى العمل الذي اقيم الوصي لمباشرته اذا كان الوصي مخصصاً بعمل معين، وكذلك اذا انتهت المدة التي اقتت وصايته لها.
ومن المعلوم انه يصح عزل الوصي أو المقدم اذا اختل في واحد منهما شرط من الشروط الواجب توافرها فيهما والتي سبق الحديث عنها، واذا تعرضت مصلحة القاصر للخطر بسبب سوء ادارته أو اعماله أو أي سبب آخر تراه المحكمة مسوغًا لعزله بعد تثبتها من ذلك، وهنا تنتهي الوصاية على ما قررته هذه.
المادة 229
تنتهي الولاية على القاصر ببلوغه راشدًا ما لم تحكم المحكمة قبل ذلك باستمرار الولاية عليه.
وهذه المادة تنبه الوصي بل وتوجب عليه انه اذا بلغ القاصر وهو في حالة توجب استمرار الوصاية عليه فعلى ذلك الوصي ابلاغ المحكمة للنظر في استمرار الولاية على القاصر بعد بلوغه، حماية لمصالح ذلك القاصر حتى لا يمارس تصرفات الرشيد فور بلوغه سن الرشد، اذ يحول الحكم اذا صدر باسترداد الولاية عليه بينه وبين ذلك.
المادة 230
يعزل الوصي اذا تبين انه غير عدل، أو غير كفء، أو غير امين، أو ناقص الاهلية، أو كان دينه غير متحد مع الموصى عليه، أو كان عاجزًا عن القيام بمقتضيات الوصاية، أو قرر الأب قبل وفاته حرمانه من التعيين بشرط ثبوت ذلك امام المحكمة وبالمستندات المنصوص عليها في المادة 215 أو اذا كان بينه هو أو احد اصوله أو فروعه أو زوجه وبين القاصر نزاع قضائي، أو كان بينه وبين القاصر أو عائلته عداوة يخشى منها على مصلحة ذلك القاصر.
ويتم العزل للاسباب المذكورة حتى لو كان السبب الذي عزل من اجله قائمًا فيه وقت تعيينه.
ويعزل ايضًا اذا اساء في ادارته أو قصر فيها أو اهمل بطريقة شكلت خطورة على مصالح القاصر، وذلك لأن الوصي الغرض منه اعانة القاصر وتسديد تصرفاته، واعانته، فإذا اساء أو قصر فقد فات ذلك المقصود، وبفوات المقصود تكون وصايته غير ذات جدوى بل تكون ضارة فيعزل.
المادة 231
تبين الفقرة 1 انه في حال انتهاء مهمة الوصي لوجود حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة 228، أو انهاء ولايته بالعزل وفقًا لاحكام المادة 230 فيجب عليه تسليم اموال القاصر التي كانت تحت يده، وجميع ما يتعلق بها من وثائق وحسابات الى من يعنيه الامر حسب الحال:
- المولى عليه نفسه اذا رشد أو حكم بترشيده أو فك الحجر عنه، أو عاد حيًا بعد الغيبة والفقدان.
- ورثة المولى عليه، اذا كان انتهاء الولاية بسبب وفاته، اذ ان الوارث خلف عام عن مورثه، وقد آلت التركة حكمًا الى الورثة منذ وفاة المورث، بعد اداء الحقوق المتعلقة بها.
- الولي حينما يسترد الأب ولايته على ولده القاصر بعد ان كانت قد اوقفت أو سلبت منه.
- النائب الشرعي الجديد أي المقدم الذي تنصبه المحكمة مجددًا بعد عزل الوصي أو المقدم.
على ان يتم ذلك كله تحت اشراف المحكمة وان يكون خلال مدة اقصاها ثلاثون يومًا من انتهاء مهمته، وهذان الشرطان تنظيم تقتضيه مصلحة القاصر ولا تأباه قواعد الشريعة الغراء، لانه اذا ترك التسليم الى الشخص نفسه فربما يتغاضى عن ذلك لغاية في نفسه، ولو نفذ فقد يسيء الكيفية التي يتم بها التنفيذ.
اما الفقرة 2 فتقضي ببطلان كل تعهد أو ابراء أو مخالصة يحصل عليها الوصي القاصر الذي بلغ سن الرشد اذا كان أي من تلك الامور أو كلها قد تم خلال سنة من بلوغ القاصر سن الرشد، وهذا الحكم مبني على ان من اتم سن الرشد يكون عادة متلهفًا على وضع يده على امواله، وقد يخضع لتأثير الوصي السابق ويتصالح معه في شئون الوصاية مما قد يؤدي الى ان يوقع على تعهد أو مخالصة للوصي لا تتفق مع واقع الحال مما يلحق الضرر بمن اتم سن الرشد، ونص القانون على انه من الواجب ان تتاح له مدة سنة من تاريخ تقديم الوصي للحساب وذلك لدراسة موقفه من الوصي والاطلاع على الحساب والاسترشاد بذوي الخبرة اذا اقتضى الامر بحيث اذا ما تبين له خلال هذه المدة انه غبن فيما اصدره من تعهد أو مخالصة كان له ان يطالب ابطال التعهد أو المخالصة، وهذا حكم استصلاحي تقتضيه اعتبارات الحفاظ على اموال من بلغ سن الرشد مما يتفق مع المقاصد العامة للشريعة الاسلامية.
المادة 232
في حالة وفاة الوصي أو المقدم فإن الوارث له أو من يضع يده على تركته ملزم بموجب هذه المادة باخبار المحكمة فورًا بالوفاة لتتخذ بدورها جميع الاجراءات الكفيلة بحماية حقوق القاصر الذي كان المتوفي يتولاها بالنيابة عنه، وذلك بحكم كونها صاحبة الولاية العامة، فإن لم يقم الوارث بذلك أو لم يتم واضع اليد تركة المتوفي الذي كان وصيًا أو مقدمًا بالاخبار المتوجب عليه كان عرضة للمساءلة باساءة الامانة.
المادة 233
الغائب في اللغة: هو ما غاب عن النظر، وهو عكس الحاضر المشاهد والغياب مشتق من الغيب الذي هو غير مرئي ثم اطلق على ما يختص علمه بالله عز وجل، ومنه قوله "عالم الغيب والشهادة" الحشر -22- وقد عرفت هذه المادة بفقرتها الاولى بأنه الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل اقامته، وواضح ان المراد بـ "الشخص" الوارد ذكره في هذه الفقرة من اكتملت اهليته قبل الفقد اذ لو كان فاقد الاهلية في الاصل كالصغير غير المميز أو المعتوه أو ذوي الغفلة ممن يشملهم اسم القاصر لكان حكمه بموجب المواد السابقة الخاصة بالقاصرين، ولا يحتاج ان يفرد بأحكام خاصة.
والمراد بالموطن المحل الذي يقيم فيه الشخص عادة، ويمارس فيه اعماله المعتادة، واقامته فيه على وجه الاستقرار والاستمرار، ويأوي اليه بشكل معتاد، وقد يكون للشخص الواحد اكثر من موطن.
اما محل الاقامة فهو مكان وجود الشخص وجودًا فعليًا.
فالغائب اذن في الاصطلاح هو من لا يعرف موطنه ولا مكان اقامته الفعلي، سواء اكانت حياته معروفة ام غير معروفة.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الشخص الكامل الاهلية الذي استحال عليه ان يتولى شئونه المالية بنفسه أو ان يشرف على من انابه في ادارتها بسبب ظرف قاهر كالأسر أو الحبس حتى تعطلت مصالحه، فإنه يعتبر في حكم الغائب ايضًا ولو كانت اقامته معروفة لدى الجهة التي اسرته أو حبسته.
واما المفقود فقد عرفته الفقرة الثانية من هذه المادة بأنه الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته، أي الشخص الذي كان قبل الفقدان كامل الاهلية ثم غاب وانقطعت اخباره، فلم يعد يعرف اهو حي ام ميت، فصار مجهول الحال من حيث الحياة أو الموت ومجهول المكان من حيث الموطن والاقامة، فهو والحال ما ذكر اكثر مجهولية من الغائب، فهو عدا انه غير معروف الموطن ولا محل الاقامة لا تعرف حياته ولا موته لانقطاع اخباره.
وقد قرر الفقهاء ان المفقود يعتبر حيًا باستصحاب الحال التي كان عليها قبل فقده أي اننا ابقينا ما كان على ما كان حتى يقوم الدليل على تغييره، وفق القاعدة الفقهية ما ثبت في زمان يحكم ببقائه ما لم يقم الدليل على خلافه، فالمفقود – اذن – قبل ان ينتهي فقدانه باحدى الحالتين اللتين سيأتي بيانهما في المادة 236 معتبر حيًا فتبقى زوجته على عصمته كما تبقى امواله على ملكه.
كما يقرر الفقهاء ان حياة المفقود مدة فقده حالة اعتبارية بالاستصحاب اذ ابقينا ما كان معروفًا من حياته قبل فقدانه على ما كان عليه ولكنه اضحى ناقص الاهلية بسبب ذلك الفقدان.
المادة 234
اذا كان للغائب أو المفقود وكيل قانوني قبل الغياب والفقدان بقيت وكالته قائمة فيمارس بحكم تلك الوكالة جميع التصرفات التي يقتضيها حفظ اموال موكله وادارتها، وتنميتها، طالما هو مستوفٍ للشروط المطلوبة في الوصي أو المقدم.
وان لم يكن للغائب أو المفقود وكيل أو تبين ان ذلك الوكيل غير مستوف للشروط المطلوبة في الوصي والمقدم، فإن المحكمة تعين له مقدمًا، أي تنصب وكيلاً قضائيًا، يتولى ادارة امواله نيابة عنه، ويرعى مصالحه المالية ممن تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
المادة 235
لا جرم ان حسن رعاية مصالح الغائب أو المفقود تقتضي احصاء امواله حين تعيين المقدم الذي سيتولى شئونه المالية، ليتمكن من المحافظة عليها، واستثمارها، وادارتها، وتنميتها وفقًا للاحكام التي سبق بيانها عند الكلام على ادارة اموال القاصرين، وقد سبق القول ان مقدم القاضي هو من ينصبه القاضي على القاصر الذي لا ولي له ولا وصي، فيعم بحسب الاصطلاح المعروف لدى الفقهاء من الخير المالكية – وصي القاضي والقيم، والوكيل القضائي.
المادة 236
بينت هذه المادة بفقرتيها حالات انتهاء الفقدان وهي:
1- ان يعود المفقود حيًا، وبديهي ان عودته حيًا كامل الاهلية تنهي فقدانه وبذلك ينتهي نقصان اهليته الذي كان بسبب الفقدان، فيمارس في هذه الحالة مصالحه بنفسه، وتنتهي وكالة الوكيل القضائي – المقدم – الذي نصبته المحكمة نائبًا عنه حينما كان مفقودًا.
2- ان يثبت لدى المحكمة وفاته حقيقة في وقت معيّن، ومكان مبين، وبدليل قاطع وفي هذه الحالة ايضًا ينتهي الفقدان الذي كان بسبب جهالة حالته اهو حي ام ميت فقد ثبتت الوفاة وبها انهدمت الذمة المالية له وانتقلت تركته الى الورثة.
3- ان يحكم باعتبار المفقود ميتّا أي ان وفاته في هذه الحالة تعتبر وفاة حكمية لا وفاة حقيقية، فيعتبر المفقود ميتّا وقت صدور الحكم ويرثه من كان حيًا من ورثته حين صدور الحكم لا من مات قبل صدور الحكم ولو بعد الفقدان، وتعتد زوجته من تاريخ صدور الحكم الذي يعتبر منشئًا للوفاة الحكمية.
المادة 238
اوجبت على المحكمة، في جميع الاحوال ان تبحث عن المفقود بكل الوسائل، للوصول الى معرفة ما اذا كان ذلك المفقود حيًا أو ميتًا قبل ان تصدر الحكم باعتباره ميتًا كما هو نص المادة 201 وفي هذا احتياط نبيه وتوجيه وجيه.
ولقد بينت ان تاريخ صدور الحكم باعتبار المفقود ميتًا، وهو التاريخ المعتبر لوفاته، ويحسن ان نشير هنا الى ان تنفيذ الحكم المذكور انما يكون بعد استنفاد طرف الطعن فيه، وبمقتضى العموم الوارد فيها، فانه كان يعتبر حيًا قبل الحكم سواء فيما يتعلق بماله هو ام بمال غيره، أي سواء فيما ينفعه هو ويضر غيره كميراثه ممن مات بعد الفقدان وقبل صدور الحكم باعتباره ميتًا، أو فيما يضره هو وينفع غيره، أي ميراث غيره منه، فمن مات من اقاربه بعد الفقدان وقبل صدور الحكم باعتباره ميتًا، ولو اثناء نظر الدعوى فانه لا يرث منه، وانما يقسم الميراث بين الورثة الاحياء حين صدور الحكم بالوفاة، اعمالاً لشرط استحقاق الارث، وهو تحقق حياة الوارث حين موت المورث مع قيام السبب الشرعي للميراث وهو رابطة القرابة أو الزوجية، ولا بد من الاشارة هنا الى ان القانون قد اخذ في هذه المسألة بقول الشافعية والحنابلة القائلين بأن استصحاب الحال التي كانت قائمة قبل الفقدان، يمنع من انتقال مال المفقود، قبل الحكم بموته، الى ورثته، كما يثبت له الحق في ان يرث من غيره الذي مات قبل الحكم بموته فما دمنا قد قلنا بأن حياة المفقود قائمة باستصحاب الحال السابقة، ابقاء لما كان على ما كان، فلا فرق اذن بين ماله هو، وبين مال غيره، ولا بين ما ينفعه هو ويضر غيره أو العكس.
بينما فرق فقهاء الحنفية، بين ماله ومال غيره، اذ قالوا ان استصحاب الحال السابقة للمفقود قبل صدور الحكم بموته، يقتصر على ابقاء الحقوق الثابتة، ولا يأتي بحقوق لم تكن سابقة، ومن هنا يقررون انه لا يرث ممن مات بعد فقدان المفقود. وانما توقف له حصته في ميراثه الى ظهور الحال، فإن عاد حيًا اخذ تلك الحصة الموقوفة له، وان حكم باعتباره ميتًا عادت تلك الحصة الموقوفة الى باقي ورثته، أي بقية ورثة ذلك الشخص الذي توفي بعد فقدان المفقود. وكذلك فإن المفقود لا يستحق ما اوصى به اليه، عند السادة الحنفية، الا اذا عاد حيًا اما اذا حكم باعتباره ميتًا، وكان الوصي قد مات بعد الفقدان، وقبل صدور الحكم بالوفاة فإن الموصى به يكون ميراثًا لورثة الموصي وتكون الوصية قد بطلت.
وقد حددت هذه المادة امدًا للحكم بموت المفقود، ففي احوال يطلب فيها هلاكه تكون المدة سنة بعد اعلان فقده بناءً على طلب ذوي الشأن، وفي الاحوال العادية اربع سنوات.
واحترازًا من ظهور المفقود حيًا قررت الفقرة 4 من القانون ابقاء اموال المفقود وعدم توزيعها بالرغم من الحكم بموته حتى تنقضي خمس عشرة سنة من تاريخ اعلان الفقد.
واضافت المادة 238 قيدًا يحدد تاريخ وفاة المفقود فقررت ان يوم صدور الحكم بموت المفقود هو التاريخ المعتبر لوفاته.
المادة 239
هذه المادة تعالج حالة ممكنة الوقوع ولو كانت نادرة الحصول، وهي ما اذا عاد المفقود حيًا بعد ان يحكم باعتباره ميتًا.
1- بالنسبة لزوجة هذا المفقود الذي حكم باعتباره ميتًا فانها تعتد عدة الوفاة اعتبارًا من تاريخ صدور الحكم، فإذا تزوجت بعد انقضاء العدة من زوج آخر وحصل الدخول بينهما، فإنها تبقى على عصمة الزوج الثاني. ولا يفسخ عقد زواجها بظهور زوجها السابق الذي كان مفقودًا والذي صدر الحكم القضائي بوفاته، أي لو عاد الاول حيًا فلا ترجع اليه بحكم العقد السابق للفقدان، اذ انه ارتفع بالوفاة الحكمية، وهي حكم المحكمة باعتباره ميتًا، اما اذا لم تتزوج من غيره أو تزوجت ولم يدخل بها الثاني في نكاح صحيح أو كان زوجها الثاني يعلم بحياة زوجها الاول أو كان زوجها الثاني قد تزوجها في اثناء عدتها من زوجها الاول فإنها تعود للأول، اذ لا مانع والحال ما ذكر من ان يعتبر عقدها على الثاني عقدًا فاسدًا لا سيما وانه لم يتأكد بالدخول الشرعي. وقد اخذ القانون في هذه المسألة بقول.
2- بالنسبة لامواله التي قسمت ميراثًا بين ورثته بنتيجة صدور الحكم باعتباره ميتًا، فإنه لا يأخذ منها الا ما بقي بعينه في ايدي اولئك الورثة – أي الذين كنا اعتبرناهم وارثين له حين صدور الحكم – اما ما تصرفوا به أو هلك أو استهلك فإنه لا يطالبهم بضمان شيء منه، لأن الضمان، كما هو مقرر يكون بأحد امرين:
1- العقد، كضمان المرتهن للعين المرهونة، ولا عقد في مسألتنا المشار اليها.
2- التعدي، ولا تعدي هنا من الورثة فيما اخذوه بحكم الارث الشرعي استنادًا الى صدور الحكم القضائي بالوفاة.
الكتاب الرابع:
الوصية
الباب الاول
احكام عامة
المادة 240
عرف بعض الفقهاء الوصية بأنها تمليك مضاف الى ما بعد الموت وعرفها آخرون بأنها تبرع مضاف الى ما بعد الموت. وقد اختار القانون تعريفًا اشمل من بقية التعريفات حيث ان كلمة تصرف تشمل الوصايا بالاعيان والمنافع والابراء من الديون كما انها تشمل الوصايا بأداء الحج والزكاة ورد الودائع وقسمة التركة بعد وفاة الموصي حسب الانصبة الشرعية.
المادة 242
وقد تقترن بشرط صحيح فيه منفعة للموصي، أو للموصى له، أو الموصى به، فيعد شرطًا ملزمًا، اما اذا اقترنت بشرط محرم، كان باطلاً، والوصية صحيحة اذا امكن فصل الشرط عن الوصية.
اما اذا اقترنت الوصية بشرط يخالف احكام الشريعة بطل الشرط وصحت الوصية كما لو قال اوصيت لك بعشرين زجاجة من الخمر أو أي شرط آخر محرم ويراعى وجود الشرط الصحيح ما دامت المصلحة التي شرط لها موجودة.
وقد تكون الوصية معلقة على شرط كما لو قال اذا شفى الله مريضي فوصيتي 5000 درهم للفقراء بعد وفاتي فهذا شرط صحيح تنشأ الوصية إثر حدوثه أي بعد تحقق الشفاء اما لو علق الوصية على امر محرم فتبطل الوصية لأن التعليق على الشرط يختلف عن الاقتران به حيث لا تظهر الوصية الا بعد ظهور الشرط المعلق عليه كما لو قال له اذا قتلت فلانًا فوصيتي كذا... فهذه وصية باطلة.
المادة 243
إن مقدار الوصية المشروعة هو ثلث تركة الموصي، وهذا محل اتفاق جميع الفقهاء وذلك لحديث سعد بن ابي وقاص حين زاره النبي صلى الله عليه وسلم وقال له سعد: اريد ان اوصي بجميع مالي يا رسول الله فأجابه: (هذا كثير) فقال سعد فبنصف مالي فقال له عليه الصلاة والسلام: (هذا كثير) فقال سعد فبثلث مالي فأجابه عليه الصلاة والسلام: (الثلث والثلث كثير).
اما ما زاد على الثلث فقد ذهب جمهور الفقهاء الى انه موقوف على اجازة الورثة الراشدين لأن المنع كان لمصلحتهم فإن اجازوه فكأنهم تبرعوا بهذه الزيادة. وقال الظاهرية لا تجوز الاجازة لأن الوصية بما زاد على الثلث منهي عنها.
ويشترط في الوارث المجيز الذي يملك اهلية التبرع ان تكون اجازته بعد وفاة الموصي وهو وقت تملك الموصى له الموصى به فإذا اجاز قبل ذلك أي في حياة الموصي فلا عبرة لهذه الاجازة لأنه لا يعرف بعد من الوارث ثم ان الملكية ما تزال في الموصى به على ملك صاحبها ولا يجوز لأحد ان يجيز تصرفًا في ملك غيره.
وقال بعض المالكية اذا كان الموصي في مرض الموت واجاز الورثة صحت الاجازة لأن حق الوارث يتعلق بتركة المورث المريض منذ بدء مرض الموت فإن اجاز فكأنه اجاز فيما يملكه.
اما إذا لم يكن للموصي وارث فقد اجاز الحنفية والحنابلة الوصية بجميع التركة لأن تحديد الوصية بالثلث كان لمصلحة الورثة بدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى سعد: (إنك إن تترك ورثتك اغنياء خير من ان تتركهم فقراء) وفي هذه الحالة لا يوجد ورثة يراعى لأجلهم حفظ ثلثي التركة.
اما المالكية والشافعية فقالوا لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث ولو لم يكن هناك وارث لأن بيت مال المسلمين يعد وارثًا لمن لا وارث له.
وقد اخذ القانون برأيهم غير انه جعل الباقي من التركة وقفًا على ما نصت عليه المادة 360 من القانون.
المادة 244
للمريض مرض الموت احكام خاصة تتعلق بتصرفاته سواء مع الاجنبي أو مع الوارث وتكون هذه التصرفات في حدود الثلث حيث يملك الايصاء بهذا المبلغ مضافًا الى ما بعد وفاته.
ويراعى احكام تصرفات المريض في بيوعه وشرائه واقراره وما هو من حاجاته الاصلية سواء بالنسبة للدائن أو الوارث أو أي شخص اجنبي آخر.
الباب الثاني
اركان الوصية وشروطها
الفصل الاول
الاركان
المادة 247
للوصية اركان لا تقوم الا بها وهي الصيغة والموصي والموصى له والموصى به، وتنعقد الوصية بالعبارة الدالة عليها لغة أو عرفًا على ان يراعى تسجيلها واثباتها حسب القوانين النافذة فإن عجز الموصي عن ذلك لمرض او غياب قامت الكتابة مقام العبارة، فإن عجز عنهما أي إن كان الموصي لا ينطبق ولا يكتب فتعد اشارته المعهودة وسيلة للتعبير عن ارادته، وهذا خلافًا للمذهب الحنفي الذي سوى بين الكتابة والاشارة من العاجز عن النطق، اما المالكية واكثر الحنابلة والقوانين المدنية المعمول بها فجعلت الكتابة مقدمة على الاشارة بحيث لا تصح الاشارة اذا كان الموصي يجيد الكتابة لأنها اقوى تعبيرًا عن ارادته.
وترد دعوى الوصية عند انكار الورثة أو ادعاء الرجوع عنها ما لم يثبتها المدعي بطرق الاثبات المقررة شرعًا.
المادة 248
يشترط لصحة الوصية اهلية الموصي للتبرع، فإذا كان محجورًا عليه لسفه أو غفلة فتصبح وصيته بالقربات بإذن المحكمة.
ولما كانت الوصية من العقود غير اللازمة، فللموصي الحق في الرجوع عنها ما دام حيًا وبكامل اهليته، واذا كان الموصي يملك الرجوع عن وصيته فأولى ان يملك حق التعديل في مقدارها أو اوصافها ضمن الحدود المشروعة بأن لا تجاوز ثلث التركة وان تكون مشروعة ولا تخالف احكام الشريعة وغير مقترنة بشرط يبطلها.
وكذلك يملك انقاص الموصى به أو زيادته ما دام يملك حق الرجوع عنه سواء تمت هذه الامور صراحة ام دلالة فإذا هلك الموصى به أو خرج عن ملكيته فقد بطلت الوصية ويعتبر ذلك رجوعًا وقد ذكر الفقهاء انه اذا اوصى بدار ثم باعها فتعد الوصية باطلة حتى لو عادت اليه ملكية الدار عن طريق الفسخ أو الشراء أو الميراث فلا بد من انشاء عقد جديد للوصية وهذا بخلاف ما لو قال اوصيت بربع تركتي بعد وفاتي وكانت قيمتها 50 الف درهم ثم نقصت القيمة الى خمسة آلاف فتبقى الوصية صحيحة بحدودها الاولى ما دامت اقل من الثلث. اذا كان يملك مع الدار اموالاً اخرى أي اذا كان ربع تركته يمثل رقمًا عاليًا بالنسبة لثروتة الطائلة ثم نقصت ثروته فتبقى وصيته صحيحة ما دامت في حدود الثلث وإن قل مقدارها نقدًا من خمسين الف الى خمسة آلاف لأن الوصية كانت محدودة بالنسبة لا بالارقام.
المادة 249
تصح الوصية لكل من له اهلية تملك الموصى به ولو مع اختلاف الدين فتصح وصية غير المسلم للمسلم شريطة ان تكون الوصية جائزة في الشريعة الاسلامية. فلا تصح الوصية بالمحرمات كالخمور واندية الفسق والفجور اما الوصية للفقراء والمساكين ودور العلم وبيوت الايتام وغير ذلك مما تجيزه الشريعة الاسلامية فتصح.
المادة 250
اتفقت المذاهب الاربعة على ان الوصية لوارث لا تجوز الا باجازة بقية الورثة، وقال بعض الفقهاء لا تجوز الوصية لقوله وخالف الظاهرية وقالوا لا تجوز الوصية لوارث ولو اجازها الورثة لأنها باطلة والباطل لا يقبل الاجازة.
واستدل الذي قالوا بالجواز بقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: (لا وصية لوارث الا ان يشاء الورثة).
يقول الامام الشافعي إن هذا الحديث بلغ درجة التواتر المعنوي ومثل ذلك قال الامام السيوطي في الازهار المتناثر في الاحاديث المتواترة: إن الحديث إذا رواه عشرة من الصحابة كان متواترًا، وهذا الحديث رواه اكثر من هذا العدد فقد روي عن ابي امامة، وعمر بن خارجة، وأنس، وابن عباس، وعمرو بن شعيب عن ابيه عن جده، وجابر بن عبدالله، وزيد بن ارقم، والبراء بن عازب وعلي بن ابي طالب، وخارجة بن عمر الجمحي، وابن عمر، ومعقل بن يسار.
يقول الامام الشافعي في الرسالة ص/139/ ... ووجدنا اهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من اهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: لا وصية لوارث.
ويقول: فكان هذا نقل عامة عن عامة وكان اقوى في بعض الامور من نقل واحد عن واحد وكذلك وجدنا اهل العلم عليه مجمعين.
ويؤكد الشافعي هذا بقوله: ولم ار بين الناس في ذلك اختلافًا. الأم ص /36/ج/4/.
ويقول الجصاص في احكام القرآن ج/1/ص/165/: وهو عندنا في حيز المتواتر لاستفاضته وشهرته في الامة وتلقي الفقهاء اياه بالقبول واستعمالهم له وجائز عندنا نسخ القرآن بمثله.
وعليه فيجوز للورثة اجازة الوصية كل في حدود حصته من الميراث ومن لم يوافق اخذ حصته كاملة من الميراث على انه لا بد لمن يجيز الوصية لوارث من الورثة ان يكون اهلاً للتبرع فالقاصر لا تصح منه الاجازة لأنه لا يملك التبرع ولا يملك احد التبرع نيابة عنه.
والمعتبر في اجازة الوصية لوارث ان تكون بعد وفاة الموصي لأنه الوقت الذي تنتقل فيه الوصية الى الورثة اما قبل ذلك فلا صحة للاجازة لأن الوصية ما تزال في ملك الموصي.
فلا يعد الشخص وارثًا إلا حين موت الموصي فالاجازة حال حياة الموصي باطلة لأن وقت تنفيذ الوصية لم يأت بعد وبالتالي لا يعرف من هم الورثة.
والحكمة من منع الوصية الوارث ما تخلفه من حقد بين الورثة للتفاوت في توزيع تركة المورث الموصي لأن نظام الميراث من النظام العام لا يجوز تعديله ولا التلاعب فيه عن طريق الوصية لأحد الورثة حيث تزاد حصته عن امثاله فيكون الحقد والحسد من الميراث جنبًا الى جنب بسبب ما جناه المورث من التفاوت بين الاشقاء أو بين الورثة ويختل بذلك نصاب الميراث ومقدار الاسهم الشرعية اذا اضفنا الى بعض الاسهم لأحد الورثة وصية معينة.
الفصل الثاني
شروط صحة الوصية
المادة 252
اذا كانت الوصية لقوم محصورين وكان بعضهم غير اهل للوصية وقت وفاة الموصي استحق الآخرون الموصى به.
اما اذا كانت الوصية لأشخاص معينين وتبين بعد الوفاة عدم اهليتهم لتملك.
اما الوصية للجنين فيراعى في تنفيذها ما يأتي:
1- اذا اقر الموصي بوجود الحمل وقت الوصية وولد حيًا لأكثر مدة الحمل من وقت الوصية فالوصية تصح له وتنفذ.
2- وتصح الوصية ايضًا اذا لم يقر الموصي بوجود الحمل وولد لأقل مدة الحمل من وقت الوصية ما لم تكن الحامل وقت الوصية معتدة لوفاة أو عدة بائنة فتصح الوصية اذا ولد حيًا لأكثر مدة الحمل من وقت الموت أو الفرقة البائنة.
واذا كانت الوصية لحمل من معين بشترط زيادة على ما تقدم ثبوت نسبه من ذلك الشخص. وتوقف غلة الموصى به منذ وفاة الموصي الى ان ينفصل الحمل حيًا فتكون له.
ويشترط لصحة الوصية للحمل ان يولد اكثره حيًا عند الحنفية وجميعه عند جمهور الفقهاء، ويقوم الولي أو الوصي أو الامين الذي يعهد اليه بحفظ اموال الجنبين الموقوف له بقبول الوصية.
اما الوصايا للفقراء والمساكين فلا تحتاج الى قبول ولا ترتد برد أحد، ويكون القبول عن الجهات الرسمية والشخصيات الاعتبارية الى من يمثلها قانونًا ويجوز الرد في هذه الحالات بموافقة القاضي.
المادة 255
لا بد لصحة الوصية من قبول الموصى له الوصية بعد وفاة الموصي، وقال الحنفية يكفي عدم الرد كما يعد السكوت قبولاً.
ونص القانون على ان سكوت الموصى له ثلاثين يومًا بعد علمه بالوصية يعد قبولاً لها، اما إذا كانت الوصية محملة بالتزامات فتمتد المدة الى خمسين يومًا وذلك ما لم يكن هناك مانع من رده.
واذا مات الموصى له دون قبول أو رد انتقلت الوصية الى ورثته وفق ما ذهب اليه فقهاء الحنفية.
ويجوز للموصى له قبول بعض الوصية ورد بعضها الآخر اذا كانت هذه التجزئة لا تضر بالموصى به أو اشتراط الموصي قبولها أو ردها كلها، واذا تعدد الموصى لهم فتلزم الوصية بحق من قبلها وتبطل في حق من ردها.
اما اذا قبل الموصى له الوصية فلا يجوز له ردها ويعد ذلك هبة. وقال الحنفية اذا قبل ورثة الموصي الرد بعد القبول انفسخت الوصية.
المادة 256
تنتقل ملكية الموصى به الى الموصى له المعين من تاريخ وفاة الموصي بشرط القبول اذا لم يفد نص الوصية استحقاق الموصى له الوصية في وقت معين بعد موت الموصي.
وتكون زوائد الموصى به للموصى له من تاريخ استحقاقه للوصية كما تكون نفقات الموصى به في تلك المدة على الموصى له.
واذا جاءت الحامل بولدين حيين أو اكثر في وقت واحد أو في وقتين يقرر الاطباء فيه انهما توأمان كانت الوصية بينهم بالتساوي الا اذا نصت الوصية على خلاف ذلك كما لو قال للذكر مثل حظر الانثيين مثلاً وإن انفصل احدهم غير حي استحق الحي منهم كل الوصية.
وإن مات احد الاولاد بعد الولادة ففي الوصية بالأعيان تكون حصته بين ورثته وفي الوصية بالمنافع تكون حصته من بدل المنفعة الى حين موته بين ورثته، اما بعد موته فترد الى ورثة الموصي.
المادة 262
1- اذا اوصى بسهم شائع لشخص اوصى بمثل نصيب وارث لموصى له آخر، قدرت الوصية بمثل نصيب وارث اولاً ثم قدرت الوصية بالسهم الشائع ضمن حدود ثلث التركة للوصيتين معًا.
2- واذا كانت الوصية بسهم شائع في التركة وكانت بعض اموال التركة غائبة غير موجودة اثناء تقسيم التركة كديون غير حالة للتركة على الغير، استحق الموصى له بالسهم الشائع في المال الحاضر ثم يأخذ من الديون كلما استحق دين شيئًا حتى يستوفي المقدار الموصى به.
3- واذا كانت الوصية بحصة شائعة في شيء معين فهلك أو استحقه الغير كما لو كانت عينًا مملوكة للموصي فلا يستحق الموصى له شيئًا.
4- وان كانت الوصية جزءً شائعًا من مجموع ما يملكه الموصي كربع أو خمس امواله مثلاً فيحسب هذا المقدار حسب ثروته يوم وفاته لا يوم الايصاء لأنه وقت تنفيذ الوصية فإذا كان مقدار الوصية بربع التركة اثناء الوصية خمسة آلاف مثلاً فأصبح عشرين الف حال وفاته فالعبرة لو لمقدارها عند الوفاة لدى جمهور الفقهاء مع خلاف يسير لدى المالكية.
5- اما الجزء الشائع في عين معينة فلا خلاف فيه كما لو قال اوصيت بريع عمارتي ذات طبقات كذا فالموصى به وإن كان شائعًا لكنه لا يتغير لأن العين ثابتة والربع لم يطرأ عليه تغيير في نسبته وإن تغيرت قيمته زيادة أو نقصانًا.
الفصل الثالث
الوصية بالمنافع والاقراض
المادة 265
اجاز جمهور الفقهاء الوصية بالمنافع على الا تتجاوز قيمة المنفعة ثلث التركة الا اذا اجاز الورثة هذه الزيادة. وخالف المالكية في ذلك فقالوا: اذا زادت الوصية بالمنفعة على ثلث التركة يخير الورثة بين اجازة ما زاد على ثلث التركة أو بدفع ثلث قيمة التركة للموصى له بالمنفعة.
ويرى المالكية حساب الوصية بالمنفعة بالنظر الى قيمة العين فاذا كانت الوصية اقل من قيمة العين الموصى بمنفعتها نفذت الوصية دون النظر الى قيمة المنفعة. وهذا ما يراه جمهور الحنفية في حساب الثلث وذلك لأن الموصى له حبس العين لمصلحته فوجب مراعاة ذلك بالنسبة لورثة الموصي على الرغم من ان العين ستعود الى ورثة الموصي.
اما فقهاء الحنابلة والشافعية ففرقوا بين حالتين:
1- اذا كانت الوصية بالمنفعة مطلقة أو مدى حياة الموصى له فيحسب الثلث من قيمة العين لا من قيمة المنفعة.
2- اما اذا كانت الوصية بالمنفعة محددة المدة أي مؤقتة فتحسب قيمة المنفعة فقط دون النظر الى قيمة العين حيث ترد بعد انتهاء المنفعة الى ورثة الموصي، ولا توارث في الوصية بالمنافع الا بنص خاص، ويلاحظ ان القانون لم يتقيد بمذهب معين في حساب المقدار في الوصية بالمنفعة بل اضاف اعتبار المنفعة لمدة تعادل الوصية المطلقة بقيمة العين لا بقيمة المنفعة.
الوصية بالاقراض:
من صور الايصاء بالمنفعة اجاز الفقهاء الوصية بالاقراض، فإذا مات الموصي، وذكر في وصيته اقراض شخص ما مبلغًا محددًا من المال لمدة معينة فيجب ان يحدد الاجل من تاريخ وفاته، وعلى الورثة أو الوصي أو المكلف بتنفيذ الوصية اجراء عقد مع الموصى له لأن وصية الموصي قبل وفاته تعد ايجابًا وقبول الموصى له بعد وفاة الموصي يعد قبولاً للايجاب.
اما اذا لم يحدد الموصي اجلاً معينًا قام القاضي بتحديد الاجل لأن هذا الأجل لازم لا بد منه خلافًا للقرض العادي حيث يعد غير ملزم الا عند فقهاء المالكية. وللقاضي الامر بتحديد الاجل بالعرف والعادة والقرائن كما لو كان الموصى له مزارعًا أو صاحب مصنع أو طالبًا سيتخرج بعد فترة فيراعى ذلك في تحديد الاجل.
ويجب الا يجاوز القرض ثلث التركة فإن زاد على ذلك احتاج الى اجازة الورثة في القدر الزائد وعلى الموصى له بعد انتهاء اجل القرض رده الى ورثة الموصي حيث يتم توزيعه على الورثة الذين كانوا موجودين حال وفاة الموصي أو ورثتهم إن مات احدهم.
وبما ان الوصية بالاقراض تعد من الوصايا بالمنافع فأنها تقدر في حسابات التركة بكاملها لصعوبة تحديد قيمة منفعة النقود في القرض دفعًا للشبهات.
المادة 266
اعطى القانون للموصى له بمنفعة مال معين حق استعماله أو استقلاله ولو كان ذلك على خلاف ما نص عليه الوصية بشرط عدم الاضرار بالعين ويدخل في الاضرار بالعين الانتفاع بالموصي به لغير ما اعد له كما لو كان للسكنى فلا يجوز اتخاذه للصناعة أو التجارة لأن ذلك يؤثر في العين التي يتعين على الموصى له ان يردها لورثة الموصي بعد انتهاء المدة المحددة للوصية.
وتنتهي الوصية بالمنفعة في الحالات الآتية:
1- اذا توفي الموصى له قبل استيفاء المنفعة، أو انتهت المدة المحددة للانتفاع في الوصية قبل وفاة الموصي، واذا انقضى بعضها استحق الموصى له المنفعة في باقيها.
2- اذا تنازل الموصى له عن العين التي اوصى له بمنفعتها الى ورثة الموصي.
3- اذا ظهر مستحق للعين الموصي بمنفعتها وتبين انها ليست للموصي.
4- اذا اشترى الموصى له العين الموصى بمنفعتها من ورثة الموصي أو قام ورثة الموصي بهبة العين الى الموصى له فيصبح الموصى له مالكًا للعين والمنفعة.
5- اذا هلكت العين الموصى بمنفعتها خلال حياة الموصي أي قبل تنفيذ الوصية.
6- اذا رجع الموصي عن وصيته بالمنفعة.
الفصل الرابع
الوصية بمثل نصيب وارث
المادة 269
لم يفرق القانون كما فعل الفقهاء بين الوصية بمثل نصيب وارث والوصية بنصيب وارث لأنهما بمعنى واحد فلا ضرورة للتمييز بينهما.
والوصية بنصيب وارث تأخذ احدى ثلاث حالات:
1- إما ان تكون بمثل نصيب وارث معين كأب أو أخ أو زوجة مثلاً.
2- وإما ان تكون بمثل نصيب وارث وجميع الورثة يتساوون في الميراث كما لو كانوا كلهم عصبات.
3- وإما ان تكون بمثل نصيب وارث والورثة يتفاوتون في اسهم الميراث فيما بينهم.
ولقسمة التركة: نقسم الميراث على الورثة الموجودين إن كانت الوصية لمعين ونضيف حصة هذا الشخص الى مجموع الاسهم ثم نعطي لكل واحد حصة من الميراث فمثلاً لو مات عن ابن وبنتين واوصى لشقيقه بمثل نصيب ابنه توزع التركة على الاولاد الورثة اربعة اسهم ثم نضيف سهمين فتصبح التركة ستة اسهم نعطي الابن سهمين وكل بنت سهمًا واحدًا ونعطي الموصى له سهمين وهكذا اخذ الموصى له مقدار نصيب الوارث المعين بالوصية.
وإن كان الورثة متساوين في الاسهم اضيفت حصة احدهم الى التركة ثم وزعت على الورثة والموصى له كوارث منهم.
وإن كان الورثة متفاوتين في الاسهم قدرت حصة الموصى له بأقل وارث ثم توزع التركة ويضاف اليها اسهم اقل الورثة وتوزع على الجميع.
الفصل الخامس
بطلان الوصية
المادة 270
1- الرجوع عن الوصية صراحة أو دلالة يلغي الوصية لأن الوصايا من العقود غير اللازمة، الا اذا كانت وصية واجبة اوصى بها الجد لأحفاده المحرومين من الميراث حسب احكام الوصية الواجبة قانونًا.
ولا يعد جحود الوصية رجوعًا عنها عند محمد بن الحسن الشيباني الا اذا قامت قرائن على الرجوع فتبطل الوصية باتفاق الحنفية. وكذلك لا يعتبر انكار الوصية رجوعًا عنها ما لم يصرح الموصي بذلك.
اما رجوع الوارث عن اجازته للوصية اذا زادت عن ثلث التركة بعد وفاة الموصي فامر جائز عند جمهور الفقهاء عدا الامام مالك والليث بن سعد. ويعد رجوعًا عن الوصية اذا خرج الموصى به عن ملكية الموصي ولو عاد اليه.
2- اذا توفي الموصى له حال حياة الموصي بطلت الوصية سواء علم الموصي بموته ام لم يعلم.
3- اذا رد الموصى له الوصية حال حياة الموصي أو بعد وفاته بطلت الوصية، واشترط جمهور الفقهاء ان يكون رد الموصى له بعد وفاة الموصي لأنه وقت تنفيذ الوصية. اما زفر من الحنفية فقد ذهب الى صحة رد الوصية وقبولها حال حياة الموصي.
وقد اختار القانون صحة رد الوصية فقط حال حياة الموصي لما يترتب على ذلك من نتائج وفوائد عملية للمجتمع حيث يتمكن الموصي في حال الرد من الايصاء لجهة خيرية اخرى فيعم النفع ويحصل الاجر والثواب ولا يترتب على ذلك أي ضرر. (راجع الاهلية والوصية للدكتور عبدالرحمن الصابوني).
4- القتل يبطل الوصية اذا اقدم الموصى له على قتل الموصي مطلقًا أي ولو اجاز الورثة ذلك وفق ما ذهب اليه المالكية والحنابلة وابو يوسف خلافًا لأبي حنيفة ومحمد بن الحسن حيث ذهبا الى صحة اجازة ورثة الموصي القتيل لأنه يعد تبرعًا منهم بالوصية. اما إذا حصل القتل عمدًا فتبطل الوصية عند الجمهور خلافًا للشافعية ولا تصح فيها الاجازة، وكذلك لو حصلت الوفاة بعد الوصية فإنها تبطل بالقتل خلافًا للامام مالك.
ويأخذ حكم القاتل في بطلان الوصية له والشريك والمتسبب كمن شهد شهادة زور ادت الى الموت والقتل بالتسبب مذهب الامام احمد.
وعند الشافعية فإن القتل لا يمنع الوصية في الاضرار من مذهبهم.
وعند الامام مالك يمنع الموصى له القاتل من الوصية اذا كان القتل عمدًا وكان بعد الوصية.
ولا يمنع نفاذ الوصية اذا كان القتل قصاصًا أو دفاعًا عن النفس أو القتل حدًا وكذلك اذا كان هناك عذر كمن يقتل آخر دفاعًا عن شرفه.
5- اذا هلك الموصى به المعين قبل وفاة الموصي بطلت الوصية وكذلك اذا تبين انه غير مملوك للموصي.
6- وتبطل الوصية اذا ارتد الموصي أو الموصى له الا اذا تاب المرتد وعاد الى الاسلام وتعد التوبة صحيحة سواء حصلت في حياة الموصي أو عند موته وقت تنفيذ الوصية. وقال ابو حنيفة: إن وصية المرتدة جائزة لأنها لا تقتل في المذهب الحنفي لردتها الا اذا كانت تشكل خطرًا على المجتمع بل تسجن حتى تتوب أو تموت.
اما الزيادة في الموصى به فهل تعد رجوعًا عن الوصية وتبطل الوصية ام تبقى صحيحة؟. فبالرجوع للمذهب المالكي في هذه المسألة يمكن تلخيص ما ذهب اليه فيما يلي:
1- اذا غير الموصي معالم العين الموصى بها أو زاد في عمارتها شيئاً جديدًا مما لا يستقل بنفسه كالترميم والصيانة والدهان كانت كلها وصية.
اما إن كانت الزيادة مما يستقل بنفسه كالغراس والبناء كما لو كانت الدار ثلاث غرف فبنى فيها جناحًا بثلاث غرف اخرى شارك الورثة الموصى له في العين الموصى بها بقيمة ما اخذته من زيادات.
2- اما اذا هدم الموصي المعين الموصى بها ثم اعاد بناءها من جديد كانت العين بحالتها الجديدة وصية ما دامت تحمل اسم البناء ولم تتغير معالمها الاولى.
اما اذا اعاد بناءها على وجه آخر كما لو كانت دارًا للسكن أو ارضًا للبناء فجعلها مصنعًا أو مدرسة اصبحت العين الموصى بها شركة بين الموصى له وورثة الموصي بنسبة قيمة الارض وقيمة ما بني عليها، وكذلك اذا كانت الوصية دارًا فهدمها فأصبحت ارضًا لا بناء فيها.
3- اذا جمع الموصي بناء العين الموصى بها مع بناء عين اخرى مملوكة له وجعل منهما وحدة سكنية كفندق مثلاً لا يمكن تسليم الموصى به منفردًا، اشترك الموصى له مع الورثة بقيمة وصيته.
وكذلك كل فعل احدث زيادة في الموصى به ولا يمكن تسليمه الا بها لا يعتبر رجوعًا عن الوصية.
المادة 271
بينت هذه المادة وقت اكتساب الموصى له صفة الوارث وهو وقت وفاة الموصي. وهذا ما ذهب اليه جمهور الفقهاء وبه اخذ القانون.
اذا اوصى لأخيه ولم يكن وارثًا وقت الايصاء ولكنه اصبح وارثًا وقت وفاة الموصى كما لو كان له زوجة وابن توفى خلال ذلك اصبحت الوصية هنا للأخ وصية لوارث لا تنفذ الا باجازة الورثة.
الفصل السادس
الوصية الواجبة
المادة 272
الوصية الواجبة الاصل فيها آية: (كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقًا على المتقين). وجمهور الفقهاء على ان هذه الآية منسوخة بآيات المواريث.
وذهب جمع عظيم من فقهاء التابعين ومن بعدهم الى ان المنسوخ هو وجوب الوصية للوارث من الاقربين عملاً بالآيتين معًا ومن قال بذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس واحمد بن حنبل وداود الظاهري والطبري وابن راهوية وابن حزم.
والقول باعطاء جزء من مال المتوفي للأقربين غير الوارثين على انه وصية وجبت في ماله اذا لم يوصي لهم هو مذهب ابن حزم ويؤخذ ايضًا من اقوال بعض فقهاء التابعين ورواية في مذهب الامام احمد.
ويؤخذ ايضًا من قاعدة ان امر الامام بالمندوب أو المباح يجعله واجبًا.
ويراعى في تطبيق احكام الوصية الواجبة الامور الآتية:
1- تقدم الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية اذا ضاق ثلث التركة عنها.
2- لا وصية واجبة مع اختلاف الدين بين الاصل والفرع وكذلك يأخذ المرتد نفس الحكم.
3- لا يستحق الوصية الواجبة القاتل حسب ما ورد وصفه في هذا المشروع أي لا يستحق الفرع عن اصله من الوصية الواجبة ويصرف لمن يليه اذا كان له اخوة أو ابناء عم يستحقون هذه الوصية.
الكتاب الخامس:
التركات والمواريث
الباب الاول
احكام عامة في التركات
المادة 273
تزاحم الوصايا، تعددها مع عدم اتساع ثلث التركة لها كلها وعدم اجازة الورثة للزائد على الثلث أو عدم اتساع التركة لتنفيذها كلها في حالة اجازة الورثة للزائد على الثلث، وكذلك في حالة ما اذا لم يكن ثمة وارث اصلاً، ففي هذه الاحوال جميعًا يكون تزاحم الوصايا.
اما اذا اتسع ثلث التركة لتنفيذ الوصايا المتعددة، أو اذا اتسعت التركة لتنفيذ تلك الوصايا ولا وارث اصلاً للموصي، أو كانوا جميعًا راشدين واجازوا تلك الوصايا، فلا تزاحم.
فإذا تزاحمت الوصايا تقدم دائمًا الوصية الواجبة على الوصية أو تتزاحم الوصايا تقدم دائمًا الوصية الواجبة على الوصية أو الوصايا الاختيارية، وهذا التقديم مأخوذ مما نقله ابن مفلح عن الامام احمد وما روي عن طاووس فإن فضل شيء من ثلث التركة بعد تنفيذ الوصية الواجبة نفذت منه الوصية أو الوصايا الاختيارية، وإن لم يبق شيء من الثلث بعد تنفيذ الوصية الواجبة لا تنفذ تلك الوصايا الاختيارية الا اذا اجازها الورثة الراشدون، وفي حدود حصص من اجازها منهم.
المادة 274
عرفت هذه المادة التركة، بأنها ما يتركه المتوفي من اموال وحقوق مالية.
فلفظ التركة في اللغة يرادف الميراث، جاء في القاموس المحيط تركة الرجل، ميراثه. فهي اذن: الحق المخلّف عن الميت، مما يشمل الاموال والحقوق المالية، كحق الدية، وحق الرهن، وحق الكفالة، وحق الرد بالعيب، وحق الانتفاع، وحق المرور والشرب والتعلي وما الى ذلك.
اما الحقوق غير المالية، كالوظيفة، والوكالة، والولاية، والحضانة، والمطالبة بحد القذف، وما الى ذلك، فإنها لا تدخل في مفهوم التركة.
وقد اخذ القانون بقول الجمهور فيما يتعلق بالحقوق استنادًا الى قوله صلى الله عليه وسلم من ترك حقًا أو مالاً فهو لورثته بعد موته (رواه الامام احمد وابوداود)).
فلفظ الاموال الوارد في هذه المادة يشمل جميع انواع الاموال، منقولة كانت أو غير منقولة نقودًا أو اعيانًا اخرى سواء كانت في يده حين الوفاة أو في يد غيره، كالوكيل أو المغتصب، أو غلة الوقف التي لم يتسلمها بعد.
ولفظ الحقوق المالية لدى جمهور الفقهاء يشمل كل ما كان ثابتًا للميت من حق له صلة بالمال كديونه على الغير، وحق الانتفاع كالاجارة والاعارة وحق الشفعة والخيارات التي تتعلق بالعقود المالية والحقوق العينية التي تقوم بمال كحق الشرب، والمرور والمسيل والعلو ما الى ذلك.
اما فقهاء الحنفية فإنهم لم يدخلوا في التركة الخيارات الشخصية، كخيار الشرط وخيار الرؤية، ولا المنافع كالاجارة ولا الرهن.
وتنتقل ملكية التركة الى الورثة بمجرد الوفاة ولو كانت محملة بحقوق الدائنين، ولكن لا تخلص هذه الملكية اليهم الا بانقضاء الدين اخذًا برأي المالكية والشافعية والحنابلة.
المادة 275
بينت هذه المادة ما يؤدي من تركة الانسان بعد تحقق وفاته، فنصت على انه يتعلق بالتركة حقوق مقدم بعضها على بعض، أي في اخراجها من التركة حينما تضيق عن استيعابها جميعها، فذكرت ان اول ما يجب اخراجه من التركة، وانفاقه منها هو:
اولاً: نفقات تجهيز المتوفي بالمعروف، أي ما يلزم للميت منذ وفاته الى ان يوارى في قبره من ثمن كفن، وحنوط، وماء للغسيل، واجرة غاسل، وحمل وحفر ودفن، اذا لم يوجد من يقوم بذلك حسبة، اذ ان ذلك من الواجبات الكفائية على جماعة المسلمين، ومعنى المعروف، أي ما يليق بأمثاله، من غير اسراف ولا تقتير، وفي حدود كفن السنة مع مراعاة حال الورثة، ومن غير ان يصل الامر الى ما هو مكروه في الشرع، أو ما كان من البدع، فذلك لا يؤخذ من التركة، وللغرماء الدائنين، حق الاعتراض عليه، والقاصر من الورثة لا يتحمل منه شيئًا وكذا من لم يرض به من الراشدين.
ويلحق بتجهيز المتوفي نفسه، تجهيز من تلزمه نفقته لو كان حيًا، كولده الفقير، أو ابيه الفقير العاجز عن الكسب، أو زوجته – ولو كانت موسرة – إذا كانت وفاة هؤلاء أو احدهم قبل وفاته هو بدقائق مثلاً أو معه، فإن نفقة تجهيز وتكفين هؤلاء يتعلق بتركة المتوفي ايضًا، فيكون مقدمًا بالترتيب والاخراج منها على الحقوق الاخرى.
فكما ان نفقة هؤلاء واجبة عليه في حال حياته وحياتهم، فكذلك مؤونة تجهيزهم وتكفينهم تكون واجبة في تركته، اذا كانت وفاتهم قبيل وفاته أو معه.
وقد رأى القانون تقديم هذا الحق، على الحقوق المتعلقة بأعيان التركة، اخذًا برأي الامام احمد رحمه الله، وعدلت عن رأي الجمهور وهم المذاهب الثلاثة، وذلك لأن التجهيز والتكفين من الحاجات الاساسية للانسان، فكما تقدم حاجات الانسان الاساسية في حال حياته على وفاء سائر ديونه، ولو كانت متعلقة بعين مما يملكه – كنفقة طعامه وكسائه ومسكنه الذي لا بد له منه فكل ذلك مقدم على ديونه في حال افلاسه، ولا تباع العين التي تعلق بها حق الغير لوفاء دين مع احتياجه هو اليها لستر عورته أو اقامة أوَدِهِ، فكذلك الحال بعد وفاته.
وقد ثبت في الحديث ان مصعب بن عمير رضي الله عنه، حينما استشهد يوم احد، قد كفن في نمرة له – أي ثوب واحد – لم يوجد له غيرها، اذ ستر بها رأسه بدت رجلاه، واذا سترت رجلاه بدا رأسه، فامر الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم، ان يستر بها الرأس ويوضع على رجليه الإذخر، ومثل ذلك ورد حينما استشهد حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الرجل المحرم الذي وقصته ناقته فمات "كفنوه في ثوبيه" ولم يسأل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في هذه الوقائع، هل عليه دين ام لا، فدل على ان مؤونة التكفين والتجهيز مقدمة على الديون بجميع انواعها وسائر الحقوق الاخرى، واخذ القانون برأي الجمهور في تجهيز الزوجة التي ماتت قبيل وفاة زوجها.
ثانياً: قضاء ديون المتوفي. وهو الحق الثاني المتعلق بالتركة – بعد نفقات تجهيز وسواء كان الدين للعباد، أي له مطالب من جهتهم كوفاء القرض، وثمن المبيع وبدل الاجرة، ومهر الزوجة، وما الى ذلك، أو كان حقًا لله تعالى، كالزكاة، والكفارات، ووفاء النذور، ونفقة حج الفرض، وما الى ذلك، وسواء كان دين العباد، قد تعلق بعين معينة في التركة، ام كان متعلقًا بالذمة، وسواء لزم في حال الصحة أو في حال المرض، فجميع هذه الديون مؤخرة في الاخراج من التركة عن نفقات التجهيز والتكفين، ومقدمة على الوصايا وعلى الارث، فأما تأخيرها عن مؤونة التجهيز والتكفين فكما تقدم آنفًا.
واما تقديمها على الوصايا وعلى الارث، فلقوله تعالى: "من بعد وصية يوصي بها أو دين" (سورة النساء، آية 11) فالآية صريحة في ان الإرث بعد الوصية والدين، ولقد ثبت في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدّين قبل الوصية"، وعن الامام علي رضي الله عنه وكرم وجهه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالدّين قبل الوصية (رواه احمد والترمذي وابن ماجه)، وانعقد على ذلك اجماع الأمة.
وإنما قدم ذكر الوصية في الآية على الدّين للاهتمام بشأنها، وعدم اهمالها من قبل الورثة اذ ان النفوس تشح بها عادة.
اخذ القانون في هذه المسألة بقول الجمهور من الفقهاء في عدم التفريق بين انواع الديون، خلافًا لما قرره فقهاء الحنفية، من ان المراد بالديون ما له مطالب من جهة العباد، لأن ديون الله كالزكاة والكفارات والنذور وحج الفرض لا تتعلق بالتركة ولا تؤدي الا بالنية، فإذا اوصى بها الميت وجبت بالوصية، وكانت متأخرة عن حقوق العباد.
وفرق فقهاء الحنفية بين دين الصحة – وهو ما لزم لسبب حصل في حال صحة الانسان – ودين المرض، وهو ما لزم الانسان بسبب حال مرضه مرض الموت، اذ قالوا: ان دين الصحة مقدم على دين المرض، كما قدموا الدّين المتعلق بعين من التركة، كالعين المرهونة مقابل دين ما، على سائر الحقوق الاخرى حتى على نفقات التجهيز والتكفين.
ولكن القانون اخذ هنا بقول الجمهور الذي هو اقرب الى حكمة التشريع لعموم قوله تعالى: "من بعد وصية يوصي بها أو دين" ولما ورد في الحديث "فدين الله احق بالقضاء".
ثالثاً: تنفيذ الوصية الواجبة، وهو الحق الثالث الواجب اخراجه من التركة، وفقًا لأحكام المادة 272 من هذا القانون.
رابعًا: تنفيذ الوصية الاختيارية: أي وفقًا لما نصت عليه مواد القانون (240–269) وضمن القيود والشروط الواردة فيها، إن وجدت الوصية الاختيارية.
خامسًا: إعطاء الباقي من التركة الى الورثة، أي ان استحقاق الورثة للارث بعد ان قامت اسباب الارث وتحققت شروطه وانتفت موانعه، وهو الحق الخامس المتعلق بتركة المتوفي وفقًا للاحكام التي سيأتي بيانها في المواد التالية.
وقد تضمنت المادة 320 اصناف الورثة وترتيبهم في الاستحقاق، فاذا لم يوجد وارث لا من اصحاب الفروض ولا من العصبات ولا من ذوي الرحم الذين سيرد ذكرهم في المادة 349 من هذا القانون، وبقي شيء في التركة ليس له مستحق ممن ورد ذكرهم آنفًا وبعد اخراج جميع الحقوق المتعلقة بها آل الباقي وقفًا باسم الميت للفقراء والمساكين وطلبة العلم بنظارة الهيئة العامة للأوقاف كما جاء في المادة 360.
وقد رتب القانون توزيع التركة على اصحاب الفروض، والعصبات، والرد على اصحاب الفروض والزوجين، والمقر له بنسب محمول على الغير وذوي الارحام، ثم الوقف.
تحقيق الوفاة والوراثة
المادة 278
من المعروف فقهًا انه اذا سبق للمورث قبل وفاته ان عين وصيًا فإن هذا الوصي مقدم على غيره، واذا لم يعين المورث وصيًا لتركته طبقًا لأحكام الشريعة الاسلامية جاز لكل ذي شأن من وارث أو موصى له أو دائن ان يطلب من المحكمة المختصة تعيينه وللمحكمة ان تعين هذا الوصي اذا رأت موجبًا لذلك فإن رأت وجوب تعيينه واجمع الورثة على شخص آخر عينته المحكمة، فاذا لم يجمع الورثة على احد تولى القاضي اختياره من بينهم أو من غيرهم بعد سماع اقوالهم، هذا وتراعى الاحكام الخاصة في هذا القانون بالحمل المستكن أو عديم الاهلية أو ناقصها أو الغائب إن كانوا من بين الورثة. وهاتان المادتان وغيرهما من احكام تعيين وصي التركة قد استمدت من باب الوصي في رد المحتار على الدر المختار ج5 ص 447 – 457 ومن تكملة رد المحتار جـ 1 ص 32 وما بعدها والمادة 974 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
المادة 279
إن وصي التركة له شبه بالوكيل في بعض الاحكام ولذلك فإن له ان يرفض هذه المهمة وله ان يتنحى عنها كما ان القاضي هو الذي يعين وصي التركة فهو الذي يملك عزله بناء على طلب ذوي الشأن أو دون طلب سواء اكان وصي التركة معينًا باجماع الورثة أو من قبل المحكمة، اما الوصي المختار فإنما يعزل اذا ثبتت خيانته أو وجد مبرر لذلك. واذا عزل الوصي لأي سبب فللقاضي تعيين غيره باجماع الورثة أو باختياره هو.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار اليها عند شرح المادة 1220.
المادة 280
تقوم المحكمة بقيد امر تعيين الوصي في سجل خاص في اليوم الذي يصدر فيه هذا الامر، كما يقيد في هذا السجل كل ما يصدر بشأن وصي التركة من العزل والتنحي، ويفيد الامر الصادر بتعيين وصي التركة اثره بأنه وسيلة اعلان ان التركة خضعت لاجراءات التصفية.
المادة 281
مهمة وصي التركة هي ان يتسلم اموال التركة ويتولى تصفيتها برقابة القاضي، وللوصي ان يطلب من القاضي تحديد اجر عادل لقيامه بمهمته حسب العرف، وتتحمل التركة نفقات التصفية ولهذه النفقات امتياز المصروفات القضائية.
المادة 283
يتخذ القاضي قبل التصفية جميع ما يلزم من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة عند الاقتضاء كأن يامر بايداع النقود والاوراق المالية والاشياء ذات القيمة خزينة المحكمة الكائن في دائرتها اموال التركة كلها أو جلها، كما يقوم وصي التركة بالانفاق على تجهيز الميت ان ادركه قبل الدفن أو يصرف لمن تولى الانفاق كل ما انفقه على تجهيز الميت إن تراخى تعيينه الى ما بعد ذلك، وله ان يصرف الى الوارث المحتاج نفقة مؤقتة بالقدر المقبول حتى تنتهي التصفية وذلك بعد ان يستصدر من المحكمة امرا بصرفها وتخصم هذه النفقة من نصيب الوارث في التركة، كما يفصل القاضي في كل نزاع يتعلق بهذا الخصوص. من رد المحتار جـ5 ص449، 450 كتاب الاحوال الشخصية في الاهلية والوصية والتركات للدكتور مصطفى السباعي والدكتور عبد الرحمن الصابوني ص411.
المادة 285
بمجرد صدور الامر بتعيين وصي التركة وقيده يمتنع على الدائنين ان يتخذوا أي اجراء على التركة، ولا يجوز لهم الاستمرار في أي اجراء اتخذوه الا في مواجهة وصي التركة، اذ يتعين عليهم اعلانه، كما تقف جميع الاجراءات التي اتخذت ضد المورث حتى تتم تسوية جميع ديون التركة اذا طلب احد ذوي الشأن ذلك.
وكذلك ليس لأحد من الورثة ان يتصرف في مال التركة قبل ان يسلم اليه اشهاد ببيان نصيبه في صافيها، وذلك لتأكيد مبدأ (لا تركة الا بعد سداد الدين) وحتى يصبح هذا المبدأ عمليًا، وكما يمتنع على الوارث التصرف كذلك يمتنع عليه طلب استيفاء ما للتركة من ديون، وان يجعل دينًا عليه مقاصة بدين للتركة، وذلك لأن وصي التركة هو صاحب الصفة في قبض حقوق التركة حتى يتمكن من تسوية ديونها، وانه وإن كان يصح ان يكون احد الورثة خصمًا في الدعوى التي تقام على الميت أو له، الا انه في حالة ما اذا كان هناك مبررات لطلب تصفية التركة أو كان عليها ديون واقتضت المصلحة تعيين وصي يكون نائبًا عن الكبار والصغار من الورثة، فإن المصلحة تقضي بأنه لا يحق للدائنين ان يستمروا في أي اجراء يتعلق بالتركة الا في مواجهة ذلك الوصي. وعلى هذا الاساس وضعت المادتان المذكورتان رعاية للمصلحة.
المادة 286
على وصي التركة ان يتخذ اجراءات المحافظة على التركة كقيد رهن أو تجديد قيد أو ايقاع حجز تحفظي أو قطع تقادم، ويقوم بأعمال الادارة كقبض الغلة وجني المحصول وبيعه والايجار لمدد قصيرة وتجديد الايجار كما يستوفي ما للتركة من ديون كما تقدم، وينوب عن التركة في الدعاوى التي ترفع منها أو عليها، كما يظل عمله تحت رقابة القاضي الذي له ان يطالبه بتقديم حساب عن ادارته في مواعيد يحددها له.
وإن ما تضمنته هذه المادة والمواد التالية يرجع في اغلبيته الى وسائل تنظيمية تتعلق ببيان الاجراءات التي يتخذها وصي التركة حتى يتمكن من تصفيتها وتحقيق ما لها من ديون، وكل هذه الامور تنظمها المصالح المرسلة.
المادة 287
على وصي التركة ان يوجه تكليفًا لدائني التركة ومدينيها يدعوهم فيها الى تقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون،. وتبسط مواد القانون اجراءات جرد التركة، واولها التكليف الذي يوجهه وصي التركة الى دائنيها ومدينيها لتقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون خلال شهرين من تاريخ التكليف، والاعلان عن هذا التكليف في احدى الصحف اليومية، ولصقه على لوحة المحكمة الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث وللمحكمة التي تقع في دائرتها اعيان التركة كلها أو جلها.
المادة 288
يجب على وصي التركة ان يقوم بإعداد قائمة جرد ما للتركة وما عليها خلال ثلاثة اشهر من تاريخ تعيينه، واخطار ذوي الشأن يايداع هذا البيان في قلم كتاب المحكمة التي صدر منها قرار تعيينه، وذلك بكتاب مضمون، كما اجازت المادة لوصي التركة ان يطلب من القاضي مد هذا الميعاد متى ثبت ان هنالك ما يبرر ذلك.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار اليها عند شرح المادة 285.
المادة 289
اجازت هذه المادة لوصي التركة ان يستعين بخبير في تقدير اموال التركة وان يثبت ما تكشف عنه اوراق المورث وما يصل الى علمه عنها، وان يسأل الورثة عنها، وعليهم ان يدلوا بمعلوماتهم عن التركة.
المادة 290
تنص هذه المادة على توقيع عقوبة على كل من يستولي غشًا على شيء من مال التركة ولو كان وارثًا وذلك حفاظًا على اموال التركة.
والعقوبة المقررة في هذه الحالة هي تلك العقوبة المحددة في قانون العقوبات والتي توقع على كل من يختلس أو يبدد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر اضرارًا بأصحاب الحق عليه.
المادة 291
متى تم اعداد البيان المشار اليه في المادة 288 وتم ايداعه قلم كتاب المحكمة واخطار ذوي الشأن بهذا الايداع فإن لكل معترض على صحة هذه البيانات ان يرفع الدعوى بذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ايداعها.
الفصل الثاني
تسوية ديون التركة
المادة 293
بعد انقضاء الميعاد المحدد للمنازعة في قائمة الجرد فإن كانت التركة مفلسة أو محتملة الافلاس اوقف تسوية الديون حتى يتم الفصل النهائي في جميع المنازعات ثم يقوم وصي التركة بتسوية الديون كل بنسبة حقه، اما اذا كانت التركة محققة اليسار فلا مجال لتأخير سداد الديون التي لم يقم بشأنها نزاع، ويستأذن وصي التركة القاضي في وفائها، وتسوى الديون التي توزع فيها بعد الفصل نهائيًا في النزاع.
المادة 294
يدفع وصي التركة ما على التركة من ديون مما لها من حقوق في ذمة الغير بعد قبضها وما تشتمل عليه من نقود ومنقولات بعد بيعها، فإن لم يكف ذلك كله بدأ ببيع العقارات وتباع المنقولات والعقارات طبقًا لأحكام البيوع الجبرية المنصوص عليها في قانون الاجراءات المدنية والتجارية الا اذا اتفق الورثة على غير ذلك، فإن كانت التركة مفلسة فيجب موافقة جميع الدائنين على الطريقة التي اتفق عليها الورثة، وللورثة وللدائنين ان يدخلوا المزاد.
المادة 296
من المقرر انه بعد تمام جرد التركة تسوى ما عليها من ديون مؤجلة مضمونة بتأمين وذلك تيسيرًا لتصفية التركة دون انتظار مواعيد حلول هذه الديون.
اما الديون غير المضمونة بتأمين عيني فإنها تحل بالوفاة، وقد نص القانون على احقية الورثة في اللجوء الى القاضي ليحكم بحلول الدين المؤجل المضمون بتأمين عيني وتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن كما اجاز لكل وارث بعد توزيع الديون ان يدفع القدر الذي اختص به قبل حلول الاجل.
المادة 297
من المحتمل ان احد الدائنين الذين ليس لهم تأمين خاص على عين من اعيان التركة لم يعلم بالتكليف الذي وجهه وصي التركة للدائنين ولهذا لم يثبت دينه في قائمة الجرد حتى تمت التصفية واستولى كل وارث على نصيبه في التركة خالصًا من الديون، وقد اجاز له المشرع الرجوع على اموال التركة ما بقيت في ايدي الورثة، فإذا كان الوارث قد تصرف للغير في مال التركة فقد وجبت حماية هذا الغير متى كان حسن النية، وليس للدائن الا ان يرجع على الوارث في حدود ما اخذه مقابلاً لأموال التركة.
المادة 298
بعد تسوية جميع الديون يلجأ الوصي الى تنفيذ الوصايا المتحققة على التركة وفقًا للوجه الشرعي كما يتبين من جـ 5 من رد المحتار ص 482 – 485.
الفصل الثالث
تسليم اموال التركة وقسمتها
المادة 299
بعد سداد الديون والوصايا والتكاليف يكون ما بقي من التركة ملكًا خالصًا للورثة يسلمه وصي التركة لهم كل بحسب نصيبه في الارث، وتعتبر هذه الاموال مملوكة للورثة من وقت وفاة المورث لا من وقت التسليم.
المادة 300
يسلم وصي التركة الى الورثة ما آل اليهم من اموالها، وتجيز هذه المادة للورثة بمجرد انقضاء الميعاد المحدد للمنازعات المتعلقة بجرد التركة المطالبة باستلام الاشياء والنقود التي لا تستلزمها التصفية أو بعضها وذلك بصفة مؤقتة مقابل تقديم كفالة أو بدونها.
المادة 301
كي يكون لدى الوارث سند بملكيته للاموال الموروثة نصت هذه المادة على ان تصدر المحكمة حجة بحصر الورثة وبيان نصيب كل منهم في ارثه الشرعي.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار اليها عند شرح المادة 298.
المادة 302
يسلم وصي التركة اموالها الى الورثة شائعة فيما بينهم، ولكن يجوز لكل وارث ان يطلب من وصي التركة تسليم نصيبه مفرزًا، الا اذا كان مجبرًا على البقاء في الشيوع باتفاق مع الورثة كما في ملكية الاسرة، أو بنص في القانون كما في الشيوع الاجباري، أو وفقًا لتقدير القاضي اذا كانت القسمة العاجلة من شأنها ان تؤدي الى نقص محسوس في قيمة المال.
المادة 303
لا مانع من قسمة التركة التي عليها ديون غير مستغرقة قبل وفاء هذه الديون بشرط ان يعين جزء من التركة لأداء الديون المذكورة حتى لو كان في التركة ديون مضمونة بتأمين عيني.
اذا لم يوجد ما يمنع من اجابة الوارث الى طلب تسليم نصيبه مفرزًا تولى وصي التركة تسليمه حصته مفرزة بالاتفاق مع جميع الورثة، فإذا لم يتفقوا جميعًا اقاموا دعوى القسمة وتكون نفقاتها على التركة وتسري على هذه الدعوى احكام دعاوى القسمة.
المادة 304
اذا كان بين اموال التركة ما يعتبر وحدة اقتصادية ولم يتفق الورثة على استمرار العمل فيها وجب تخصيصه بكامله لمن يطلبه من الورثة بثمن المثل.
المادة 305
اذا اختص احد الورثة بدين فلا يضمن الورثة المدين اذا افلس الا اذا اتفق على غير ذلك.
المادة 307
قد يرى المورث قسمة تركته بوصية قبل وفاته وحينئذ يجب ان تتم الوصية في شكلها الشرعي والقانوني، وان تراعى فيها القواعد المتعلقة بتحديد القدر الذي تجوز فيه الوصية، فإن زادت قيمة ما عين لوارث على استحقاقه في التركة كانت الزيادة وصية، واذا تمت قسمة المورث بطريق الوصية فإنه يجوز له الرجوع فيها ويكون الرجوع كالانشاء.
المادة 308
اذا لم تدخل في القسمة اموال تركها المورث عند وفاته بقيت هذه الاموال شائعة بين الورثة، وان كان المورث قد تصرف قبل موته في اموال سبق ان دخلت في القسمة فإن القسمة تبطل ويجب اجراء قسمة جديدة.
المادة 309
اذا زاد الورثة وقت الموت عما كانوا عليه وقت الوصية فإن القسمة تصبح باطلة، وإذا نقصوا بوفاة احدهم قبل وفاة المورث فإن الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب من مات تؤول شائعة لبقية الورثة بنسبة حصص كل منهم في الميراث، وإن حجب احد منهم بوارث وجد بعد القسمة وتغيرت الانصبة بهذا الحجب بطلت القسمة.
ومن المفهوم ان الحكم المتقدم لا يخل بأحكام الوصية الواجبة.
المادة 311
اذا قسمت ديون التركة في قسمة المورث وجبت موافقة الدائنين على ذلك، فاذا لم يتفقوا جاز لأحد الورثة ان يطلب القسمة وتسوية الديون، وعندئذ يجوز للمحكمة ان ترتب لكل دائن تأميناً على اموال التركة أو أي عقار أو منقول منها مع مراعاة القسمة التي اوصى بها المورث بقدر الامكان والاعتبارات التي بنيت عليها.
الفصل الرابع
احكام التركات التي لم تصف
المادة 312
يجوز لدائني التركة التي لم تصف ان ينفذوا على أي مال فيها سواء بقي في ايدي الورثة أو انتقل الى الغير اذا قام بتوقيع الحجز لقاء دينه قبل تسجيل التصرف فيها أو الحق العيني الذي رتب عليها، وذلك لانه ثبت لهؤلاء الدائنين الحق بسبب تسجيلهم لديونها بالحجز قبل تسجيل التصرف.
الباب الثاني:
المواريث
الفصل الاول
احكام عامة
المادة 313
الارث في اللغة: البقاء، ففي الحديث الشريف (إنكم على إرث من إرث ابيكم ابراهيم) أي على بقية من بقايا شريعته.
والارث، والارث، والميراث، بمعنى واحد، وهو ايضًا انتقال ملكية الشيء، وفي التنزيل: "والله ميراث السموات والارض" (سورة آل عمران، آية 130) أي ان ملكيتهما تصير وتؤول الى الله وحده سبحانه لا شريك له، ومنه: اسم الله تعالى "الوارث" بمعنى الباقي بعد فناء خلقه.
وهو في الاصطلاح الشرعي: انتقال مال المتوفي الى الغير، على سبيل الخلافة، فالوارث يخلف المتوفي المورث في ملك امواله، وقد اختار القانون التعريف الوارد في هذه المادة لوضوحه وشموله.
والارث بمعنى المال المخلف أو الحق المخلف عن الميت، يرادف الميراث والموروث والتراث والورث والتركة، وجميع هذه الالفاظ معناها واحد وهو: ما ثبت لمستحقه حين موت المورث – أي من كان له ذلك المال أو الحق – لقرابة بينهما أو نحوها، من زوجية أو غيره، فهو اذن: انتقال جبري للتركة من ميت الى حي، بموت ذلك الميت.
والميراث يجمع على مواريث وقد يراد بكل من اللفظين، هذا العلم الذي يطلق عليه ايضًا: علم الفرائض. وقد صار كل من لفظي الفرائض والمواريث، علمًا على هذا الفن الذي هو: علم بقواعد، من فقه وحساب، يعرف بها نصيب كل وارث من تركة مورثه.
والفرائض: جمع فريضة، بمعنى مفروضة، أو مقدرة، أو مبينة، فبعد ان بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم سهام الورثة قال: "فريضة من الله" (سورة النساء، آية 11).
وفي الحديث الشريف: "تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإنها نصف العلم وهو ينسي، وهو اول شيء ينزع من امتي" (رواه ابن ماجه والدار قطني)، "تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها، فإني امرؤ مقبوض، والعلم مرفوع، ويوشك ان يختلف اثنان في الفريضة والمسألة فلا يجدان احدًا يخبرهما" (رواه الامام احمد والدار قطني والنسائي).
المادة 319
تضمنت هذه المواد اركان الارث واسبابه، وشروطه، وموانعه.
اولاً: الاركان، ومفردها ركن وهو في اللغة: الجانب الاقوى، وفي الاصطلاح: الجزء الذاتي الذي تتركب الماهية منه، أو منه ومن غيره، وبعبارة اخرى: هو ما به قوام الشيء ولا يتصور الا به.
ولما كان الارث هو انتقال المال وما في حكمه، من ميت الى حي بسبب الموت، كانت اركان الارث ثلاثة كما نصت المادة 314 وهي:
1- المورث، وهو المتوفي الذي انتقل ماله الى غيره بسبب الوفاة، أي هو الميت حقيقة، كمن شوهدت وفاته، أو حكمًا كالمفقود الذي حكمه بموته.
2- الوارث: وهو الشخص الذي استحق ميراث ذلك المتوفي أو جزءًا منه، أو كان اهلاً لذلك.
3- الميراث: وهو مال المتوفي المنتقل الى الوارث.
ثانيًا: الاسباب، ومفردها سبب وهو في اللغة: الحبل أو هو ما يتوصل به الى غيره، في الاصطلاح: هو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.
وقد نصت المادة 315 على سببين فقط من اسباب الارث هما:
1- الزوجية، أي عقد النكاح الصحيح ولو قبل الدخول والخلوة.
2- القرابة، وهي الصلة النسبية بين المورث والوارث وتشمل:
الفروع كالأولاد واولاد الابن.
والاصول كالابوين والاجداد العصبيين والجدات.
والحواشي كالاخوة وابناء الاخوة الاشقاء أو لأب والاعمال الاشقاء أو لأب وبنيهم، وذوي الارحام وهم الاقارب غير من ذكر أي من ليس بذي فرض ولا عصبة.
ويذكر الفقهاء والفرضيون سببًا ثالثًا للارث، وهو الولاء الذي هو علاقة حكمية بين المعتق وعتيقه ولم يذكره القانون، لعدم وجوده في الحياة الواقعية بسبب انقضاء عهد الرق ومنعه دوليًا.
وانما اعتبر الاسلام هذه الامور الثلاثة اسبابًا للميراث، لأنه خلافة عن الميت كما سبقت الاشارة الى ذلك.
والخلافة لا تكون الا لمن يحفظ المجد والحسب والنسب ويكون امتدادًا معنويًا له كالفروع، أو كان يعطف عليه ويود له الخير ويرجوه له ويؤثره به على نفسه كالأصول، أو لمن كان يناصره ويشاركه السراء والضراء من بقية اقاربه وذوي رحمه واهله وزوجه، أو لمن اجرى الله خيره على يديه فأحياه به أدبيًا ومعنويًا ومنحه نعمة الحرية كمولى العتاقة، فإن لم يكن احد من هؤلاء، فبيت المال الذي يقوم بمصالح الجماعة والامة التي ينضوي الميت تحت لوائها.
هذا وتحسن الاشارة هنا الى ان الاسلام – بل وجميع الشرائع السماوية، وجميع المذاهب الاجتماعية – يعتبر الارث حقًا ثابتًا مقررًا، لأنه مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي، والتعاطف بين افراد الاسرة التي هي اللبنة الاساسية في البنيان الاجتماعي، ولانه في الغالب يؤدي الى تفتيت الثروات الضخمة بتقسيمها على عدد من اقرباء المتوفي.
فما جاز للفرد ان يتملكه – ضمن الحدود والمبادئ والقواعد التي وضعها الاسلام للتملك والتصرف في الاموال – جاز ان يورث عنه بعد ان كان وصل اليه بطريق مشروع لا ظلم فيه ولا غش، وانفق منه على نفسه واهله بالمعروف، وادى منه حق الدولة والمجتمع وبقيت منه بقية في حيازته حينما مات، وهذا هو العدل والمنطق والصواب، ونظام التوارث في الاسلام لايدانيه في عدالته نظام آخر، لا في القديم ولا في الحديث.
ثالثاً: الشروط – أي التي لا بد من توافرها ليكون ثمة ميراث.
فالشرط في اللغة: العلامة، وفي الاصطلاح: هو ما يتوقف الشيء على وجوده وهو خارج عن ماهيته، أي ما يلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.
وقد نصت المادة 316 على اثنين منها لوضوحهما واهميتهما، ثم ذكرت الشرط الثالث الذي يذكره الفقهاء عادة في مؤلفاتهم لكونه معلومًا بالضرورة، وهو العلم بجهة الارث، وبعض الفقهاء يذكر شرطًا رابعًا وهو انتفاء المانع من الارث، وسيأتي ذكر الموانع من الارث.
1- فالشرط الاول، موت المورث حقيقة أو حكمًا.
فالموت الحقيقي هو فقد الحياة وانعدامها بعد وجودها، وتحققه برؤية أو شهادة اتصل بها القضاء، والموت الحكمي، هو ما ثبت بحكم القاضي فقط، كالمفقود الذي حكم القاضي بموته طبقًا لما هو مبين في المواد (233- 239)، فالحكم هنا يعتبر موتًا حكميًا ومنشئًا للوفاة مع احتمال ان يكون المفقود حيًا في واقع الحال.
وانما اشترط هذا الشرطٍ، لأن الميراث خلافة يخلف فيها الوارث المورث في تركته، ويحل محله فيما كان يملكه حال حياته من اموال وحقوق، ولا يجتمع مالكان عامان لشيء واحد في وقت واحد.
2- والشرط الثاني، حياة الوارث، حقيقة أو تقديرًا حين موت مورثه، فالحياة الحقيقية له، هي الثابتة بمشاهدته حيًا حياة مستقرة حين موت مورثه، وحياته التقديرية، كحياة الحمل في بطن امه فإنه يعتبر من الورثة، طالما ولد حيًا، ومن هنا، فإنه لا توارث بين الغرقى والهدمى والحرقى، ومن ماتوا في حادث واحد أو اكثر من حادث ولم تعلم وفاة السابق من اللاحق كما نصت على ذلك المادة 319. وما ذلك الا لانتفاء الشرط المشار اليه آنفًا، وهو تحقق حياة الوارث حين موت مورثه.
رابعًا: الموانع من الميراث، المانع في اللغة: هو الحائل، وفي الاصطلاح: هو ما تفوت به اهلية الارث مع قيام سببه، أو هو ما يلزم من وجوده عدم الحكم، مع قيام السبب، لأن الاسباب الشرعية لا تترتب عليها مسبباتها الا اذا وجدت شروطها وانتفت موانعها. فالممنوع من الميراث، يعتبر كالمعدوم اصلاً، فلا يحجب غيره لا حجب حرمان ولا حجب نقصان، اذ انه بالمانع خرج عن كونه اهلاً للميراث، بخلاف المحجوب، فإنه يحجب غيره كالاخوة مثلاً مع الأب، فإنهم محجوبون عن ميراث اخيهم بسبب وجود الاب، ومع ذلك فإنهم يحجبون الام من الثلث الى السدس.
وقد اقتصر القانون على ايراد ما تعين فقط من موانع الارث، فنصت المادة 317 على القتل المانع من الارث، وهو القتل العمد العدوان، سواء اكان القاتل فاعلاً اصليًا، ام شريكًا، ام متسببًا، اذا كان حين ارتكاب الفعل عاقلاً بالغًا حد المسؤولية الجزائية، وقد اقتبس هذا الحكم من مذهب المالكية اخذًا بالحديث الشريف "ليس لقاتل شيء" وفي رواية اخرى"ليس لقاتل ميراث" (رواه الامام مالك في الموطأ ورواه الامام احمد في مسنده). وبقوله عليه الصلاة والسلام ايضًا، "لا يرث القاتل شيئًا" (رواه ابو داود).
ولأن هذا القاتل قد تعجل ميراثه ممن قتله، فجزاؤه ان يعاقب بالحرمان، عملاً بالقاعدة الفقهية: من تعجّل بالشيء قبل اوانه عوقب بحرمانه، ولأن القتل جريمة فلا يكون سببًا للنعمة التي هي الميراث.
هذا وإن قيد العمد العدوان، الوارد في نص المادة المذكورة، يخرج القتل غير العدوان، كالقتل حدًا، أو قصاصًا، أو دفاعًا عن النفس أو المال، وكذا القتل الخطأ.
وكذلك لو وقع القتل من صبي أو مجنون، فإن القتل في مثل تلك الحالات لا يعتبر مانعًا من الارث.
اما المانع الثاني من موانع الارث، فهو ما نصت عليه المادة 318 لا توارث مع اختلاف الدين.
فلا يرث الكافر من المسلم بإجماع الفقهاء، ولا يرث المسلم من غير المسلم، على ما قاله الجمهور، وبقولهم اخذ القانون.
ولا توارث بين اهل ملتين مختلفتين من غير المسلمين، اخذًا بما قاله المالكية والحنابلة وبهذا اخذ القانون، لما ورد في الحديث الصحيح "لا يتوارث اهل ملتين شتى" (رواه الامام احمد في المسند وابو داود في السنن).
فالاسلام يعامل الناس بالقسطاس المستقيم ويامر بالعدل حتى مع غير اهله.
اما المرتد فإنه لا يرث من غيره باجماع العلماء لأنه في حكم الميت، والميت لا يرث، ولأن الاسلام دين يتعلق بالعقيدة وبالاخلاق الاجتماعية وبالنظام العام للجماعة، فالمرتد الذي ينكر نظامه صراحة، ويعلن ذلك ويصر عليه، يعتبر خارجًا على النظام الاجتماعي للامة، ساعيًا في تهديم كيان المجتمع.
وإن النظم الدولية الآن، اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية، لا تبيح لفرد من ابناء امتها ان يخرج عليها ويهدد مصالحها ويقوض بنيانها، وكثيرًا ما تجعل جزاء من يفعل ذلك، الحكم بالاعدام أو بالسجن المؤبد على حسب ما ينتج عن عمله من خطر على كيان الدولة ومصلحة الامة.
والراجح فقهًا واجتهادًا، ان مال المرتد يكون ميراثًا عنه لوارثه المسلم سواء اكتسبه قبل الردة أو بعدها وهو قول الامام ابي يوسف ومحمد من اصحاب ابي حنيفة وقول الزيدية، وقد صح ان الامام علي رضي الله عنه وكرم وجهه، قتل المستورد العجلي حين ارتد وجعل ميراثه لورثته المسلمين ولم يفصل (يراجع البحر الزخار الجزء الخامس صفحة 369).
هذا ولم يتعرض القانون للنص على ان الرق بجميع انواعه، مانع من موانع الميراث، اذ ان ذلك قد بقي حكمًا تاريخيًا فقط، كما لم تتعرض لاختلاف الدار، إذ ان المسلمين، مهما تباينت اوطانهم، وتميزت حدود دولهم بعضها عن بعض، فِإنهم امة واحدة بنص القرآن الكريم "إن هذه امتكم امة واحدة" (سورة الأنبياء، آية 92). "وان هذه امتكم امة واحدة" (سورة المؤمنون، آية 52)، "إنما المؤمنون اخوة" (سورة الحجرات، آية 10).
اما التوارث بين غير المسلمين من ملة واحدة ومن دارين مختلفتين، فإنه يتبع شرط التعامل بالمثل.
وهذا وتحسن الاشارة الى الموانع الاخرى التبعية، وهي في الحقيقة ترجع الى فقدان سبب من اسباب الارث أو شرط من شروطه، كجهالة تاريخ الموت في نحو الغرقى والهدمى والحرقى كما جاء في المادة 319، وجهالة الوارث كما لو ارضعت صبيًا مع ولدها وماتت وجهل ايهما هو ولدها، فلا يرثها واحد منهما، وولد الزنى يرث من امه ومن قرابتها، ولا يرث من الزاني الذي كان سببًا للحمل به.
وولد اللعان الذي حكم القاضي بنفي نسبه عن ابيه نتيجة دعوى اللعان فإنه يرث من امه ومن قرابتها، ولا يرث من ابيه الملاعن ولا من قرابته طبقًا لاحكام المادة 358 من هذا القانون، ويجدر التنويه، بأن صياغة المادتين 317-318 المتعلقتين بموانع الارث قد لوحظ فيها ان لا تكون مفيدة الحصر، لكيلا يظن تغير الحكم الشرعي الذي اجمع عليه المسلمون من اعتبار الرق مانعًا من موانع الارث.
واخذ القانون برأي جمهور الفقهاء في المذاهب الثلاثة في عدم التوارث بين الغرقى والهدمى والحرقى ومن ماثلهم كالموت بحوادث السيارات، أو الطائرات، خلافًا لرأي الحنابلة في ذلك الذين فصلوا في الحالات.
المادة 320
بينت هذه المادة اصناف الورثة وانواع الميراث، فهو إما ان يكون:
- بالفرض فقط، كميراث الزوجين، والأم، والجدة، والاخوة لأم.
- أو بالتعصيب فقط، كميراث الابناء، والاخوة الاشقاء أو لأب، والاعمام كذلك.
- أو بهما معًا، كميراث الاب والجد لأب، (وهؤلاء الاصناف متفق على توريثهم).
- أو بالرحم، كميراث اولاد البنات، واولاد بنات الابن، والجد الرحمي، والجدة الرحمية، واولاد الاخوات، وبنات الاخوة، والعمات والخالات والاخوال واولادهم (وهؤلاء مختلف في توريثهم).
- فاذا اجتمع عدد من الورثة، اصحاب فروض، وعصبات، وذوو رحم، فيبدأ بأصحاب الفروض اولاً، وما ابقته الفروض فللعصبات، لقوله عليه الصلاة والسلام "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" (رواه البخاري ومسلم) فإن لم يكن صاحب فرض، ولا عاصب، ولا من يرد عليه، ورث ذوو الارحام وفقًُا لما سيأتي في المواد 349 – 352.
الفصل الثاني
الفروض واصحابها
المادة 321
عرفت الفقرة 1 من هذه المادة الفرض التعريف المصطلح عليه عند العلماء بأنه الحصة المقدرة للوارث في التركة، أي انه سهم مقدر للوارث في التركة كالنصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس، فيكون ذلك السهم نسبيًا فلا يزيد الا بالرد ولا ينقص الا بالعول وسيأتي بيانهما حين بحث المواد 343 – 345.
الفرض في اللغة: يأتي بمعنى التقدير كما في قوله تعالى "فنصف ما فرضتم" وبمعنى التوقيت كما في قوله تعالى: "فمن فرض فيهن الحج" وبمعنى الانزال كما في قوله تعالى "إن الذي فرض عليك القرآن" وبمعنى الاحلال كما في قوله تعالى "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له" وبمعنى البيان كما في قوله تعالى "قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم".
والفرض فقهًا: هو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
وجاءت الفقرة 2 منها تبين الفروض الواردة في القرآن الكريم، وهي ستة: النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس، فقد قال تعالى "يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين، فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا مات ترك، وإن كانت واحدة فلها النصف، ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه ابواه فلأمه الثلث، فإن كان له اخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين، آباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا، فريضة من الله، إن الله كان عليما حكيما" (سورة النساء، آية 11) وقوله تعالى "ولكم نصف ما ترك ازواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن، من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم، من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله اخ أو اخت فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، من بعد وصية يوصى بها أو دين" (سورة النساء، آية 12) وقال تعالى "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد، وله اخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك، وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين" (سورة النساء، آية 176).
وتصنف الفروض الواردة في هذه الآيات في قسمين:
القسم الاول: النصف والربع والثمن.
القسم الثاني: الثلثان والثلث والسدس.
فكل واحد من القسمين يعادل ضعف ما بعده، فالنصف ضعف الربع، والربع ضعف الثمن، وكذلك الثلثان ضعف الثلث، والثلث ضعف السدس، ولهذا التقسيم اهمية حين تأصيل المسألة الارثية، أي معرفة اصلها، والفرض السابع الذي هو ثلث ما يبقى بعد فرض احد الزوجين ثلث الباقي (لقضاء عمر بذلك وتبعه عليه عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت، وعليه الجمهور من الفقهاء) ثلث الباقي.
ثم جاءت الفقرة 3 منها تبين الوارثين بالفرض، وهم اثنا عشر: الأب والأم، والزوج والزوجة، والجد لأب وإن علا، والجدة الثابتة (وهي من لا يدخل في نسبتها الى الميت جد رحمي أي أب أم) سواء اكانت من ناحية الأب ام من ناحية الأم والبنت، وبنت الابن وإن نزل ابوها، والأخت الشقيقة والأخت لأب، والأخت لأم والأخ لأم (وهكذا نجدهم اربعة من الرجال، وثمانية من النساء).
ونذكر فيما يلي احوال كل منهم:
1 - الأب: وله ثلاث حالات:
أ- يستحق السدس فقط اذا وجد مع الابن أو ابن الابن، مثاله توفى رجل عن: زوجته وابيه، وابنه، فللزوجة الثمن، وللأب السدس، وللابن الباقي بالتعصيب، واصل المسألة 24 سهمًا يراجع الشكل رقم 1.
ب- يستحق السدس فرضًا والباقي (بعد اصحاب الفروض) بالتعصيب مع البنت أو بنت الابن، مثاله: مات عن زوجته وبنته وابيه وام امه، فللزوجة الثمن فرضًا وللبنت النصف فرضًا وللأب السدس فرضًا وللجدة ام الأم السدس فرضًا، فأصل المسألة 24 سهمًا تأخذ منها الزوجة فرضها ثلاثة اسهم، وتأخذ البنت فرضها اثني عشر سهمًا، ويأخذ الأب فرضه اربعة اسهم وتأخذ ام الأم فرضها اربعة اسهم، فيبقى سهم واحد يأخذه الأب ايضًا بالتعصيب. يراجع الشكل رقم 3.
ج- يستحق الباقي بالتعصيب فقط، اذا لم يكن للمتوفي فرع وارث، مثاله: ماتت عن زوجها وابيها واخوتها، فللزوج النصف فرضًا وللأب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخوة لكونهم محجوبين بالأب، يراجع الشكل رقم 2.
2- الأم: ولها ثلاث حالات:
أ- تستحق ثلث التركة، اذا لم يكن للمتوفي فرع وارث ولا عدد من الاخوة والاخوات مطلقًا، كما لو ماتت عن زوجها وامها واختها الشقيقة، فللزوج النصف وللام الثلث وللشقيقة النصف، واصل المسألة ستة وتعول الى ثمانية، ففي هذه الحالة لم يوجد مع الأم فرع وارث ولا عدد من الاخوة، والمراد بالعدد من الاخوة، اكثر من واحد، مثل اخوين أو اختين أو اخ واخت أو اكثر من ذلك، يراجع الشكل رقم 4.
ب- تستحق السدس، اذا كان معها في المسألة فرع وارث (أي ولد، أو ولد ابن)، أو عدد من الاخوة والاخوات مطلقًا، مثاله: مات عن امه وابيه وابن ابنه، فللأم السدس وللأب السدس والباقي لابن الابن بالتعصيب، والمسألة من ستة، سهم واحد للأم، وسهم واحد للأب، والباقي اربعة اسهم لابن الابن، يراجع الشكل رقم 5. وكذا لو مات عن امه وابيه واخوته الثلاثة، فللأم السدس، والباقي للأب بالتعصيب، ولا شيء للإخوة، لكونهم محجوبين بالأب، ومع هذا فقد حجبوا الأم من الثلث الى السدس، يراجع الشكل رقم 6.
ج- تستحق ثلث الباقي اذا كانت مع احد الزوجين والأب، ولم يكن للمتوفي فرع وارث ولا عدد من الاخوة والاخوات، كما لو مات عن زوجته وامه وابيه، يراجع الشكل رقم 7. أو ماتت عن زوجها وامها وابيها، يراجع الشكل رقم 8، فالأم في كل من هاتين المسألتين تأخذ ثلث الباقي بعد فرض احد الزوجين، والأب يأخذ الباقي، وتسمى هاتان المسألتان الغراوين، أو العمريتين، تشبيهًا لكل منهما بالنجمة الغراء لوضوحهما، أو لأن سيدنا عمر قضى بذلك في محضر من الصحابة ولم يخالفه احد (سوى ابن عباس رضي الله عنهما فيما بعد، فكان في حكم الاجماع).
3- الزوج، وله حالتان:
أ- يستحق النصف، عند عدم الفرع الوارث للزوجة، كما لو ماتت امرأة عن زوجها وعمها الشقيق، فللزوج النصف فرضًا، وللعم الباقي بالتعصيب، والمسألة من اثنين لكل منهما سهم واحد، يراجع الشكل رقم 9.
ب- يستحق الربع، حين وجود الفرع الوارث للزوجة، كما لو ماتت عن زوجها وبنت ابنها واخيها لأبيها، فللزوج الربع، ولبنت الابن النصف، وللأخ لأب الباقي، واصل المسألة اربعة واحد للزوج واثنان لبنت الابن، وواحد للأخ لأب، يراجع الشكل رقم 10.

4- الزوجة الواحدة – أو الزوجات حتى الاربع – ولها حالتان:
أ- الربع، عند عدم الفرع الوارث للزوج، كما لو مات عن زوجة – وكذا لو كان له اكثر من زوجة – وعن إخوة اشقاء وإخوة لأب، فللزوجة – أو للزوجات – الربع والباقي للاخوة الاشقاء بالتعصيب، ولا شيء للاخوة لاب، لكونهم محجوبين بالاخوة الاشقاء والمسألة من اربعة، للزوجة – أو الزوجات – سهم واحد، والباقي ثلاثة اسهم للاخوة الاشقاء، يراجع الشكل رقم 11.
ب- الثمن، حين وجود الفرع الوارث للزوج المتوفي، كما لو مات عن زوجة أو اكثر من زوجة – وعن عدد من الاولاد بنين وبنات، فللزوجة – أو للزوجات – الثمن فرضًا، والمسألة من ثمانية، واحد للزوجة – أو للزوجات – والسبعة الباقية للاولاد تقسم عليهم للذكر مثل حظ الانثيين، أي للذكر ضعف الانثى، يراجع الشكل رقم 12.
5- الجد لأب وإن علا، وله ست حالات:
أ- يحجب بالأب حجب حرمان، وكل جد اعلى يحجب بمن هو ادنى منه.
ب- يأخذ السدس فقط فرضًا، اذا اجتمع مع الابن أو ابن لابن، كما لو مات عن زوجة، وابن وجد لأب، للزوجة الثمن، وللجد لأب السدس، والابن يأخذ الباقي بالتعصيب، والمسألة من 24 للزوجة ثلاثة اسهم، وللجد اربعة اسهم، والباقي سبعة عشر سهمًا للابن، يراجع الشكل رقم 13.
ج- يأخذ الباقي بالتعصيب، عند عدم الفرع الوارث للمتوفي، كما لو مات عن: زوجة وجد لأب وأم، فللزوجة الربع فرضًا، وللأم الثلث فرضًا، وللجد الباقي بالتعصيب، والمسألة من 12، للزوجة ثلاثة اسهم، وللأم اربعة اسهم، وللجد الباقي خمسة الاسهم، يراجع الشكل رقم 14.
د- يأخذ السدس فرضًا والباقي تعصيبًا، مع الاناث من الفرع الوارث، كما لو مات عن، زوجة وبنت ابن وجد لأب، فللزوجة الثمن، ولبنت الابن النصف، وللجد السدس فرضًا والباقي تعصيبًا، والمسألة من 24، للزوجة ثلاثة اسهم، ولبنت الابن اثنا عشر سهمًا، وللجد اربعة اسهم بالفرض ويبقى خمسة اسهم يأخذها بالتعصيب، فتصير حصته تسعة اسهم، يراجع الشكل رقم 15. ولا يقال لماذا لم نعطه التعصيب رأسًا مع الفرع الوارث الانثى، لأنا نقول، قد تنقص حصته عن السدس مع الفرع الوارث المؤنث، كما لو ماتت عن، زوج وبنتين وجد عصبي، اذ يأخذ الزوج الربع ثلاثة اسهم من اثنى عشر سهمًا، وتأخذ البنتان الثلثين 8 اسهم من اثنى عشر سهمًا، فلا يبقى للجد الا سهم واحد من اثني عشر سهمًا، وهذا لا يصح ولا يجوز، اما إذا اعطيناه فرضه السدس ويعادل في المسألة المذكورة سهمين فتعول المسألة الى ثلاثة عشر سهمًا، يراحع الشكل رقم 16.
كما انه بالتعصيب قد لا يبقى له شيء البتة، وذلك غير جائز ايضًا، كما لو كان في المسألة السابقة ام ايضًا، فإذا اخذ الزوج الربع 12/3 سهمًا، واخذت البنتان 12/8 سهمًا، واخذت الام السدس 12/2 سهمًا، لا يبقى للجد شيء، فإذا اعطيناه فرضه الذي هو السدس 12/2 سهمًا، عالت المسألة الى 15، ودخل النقص على الجميع بنسبة فروضهم، يراجع الشكل رقم 17.
هـ- المقاسمة مع الاخوة: في حالة اجتماعه مع الاخوة الاشقاء أو لأب تطبق المادة 333 أي يقاسم الاخوة الاشقاء أو الأب كواحد منهم اذا كانت المقاسمة خيرًا له من ثلث الباقي مع صاحب فرض غير البنت أو بنت الابن.
وله ايضًا الاكثر من المقاسمة أو من ثلث المال اذا لم يكن معه صاحب فرض اصلاً.
كما جاء في الفقرة الثانية من المادة 327 وله المقاسمة إن كانت خيرًا له من السدس مع البنت أو بنت الابن، كما لو توفي عن زوجة وجد واخ شقيق، للزوجة الربع سهم واحد من اربعة اسهم والباقي وهو ثلاثة اسهم تقسم بين الجد والشقيق، يراجع الشكل رقم 18.







وكما لو ماتت عن بنت وجد واختين شقيقتين، فتأخذ البنت النصف، ويقسم الباقي بين الجد والشقيقتين، فيكون بمثابة الأخ الشقيق، والمقاسمة هنا خير له من السدس، يراجع الشكل رقم 19،. ولو كان في المثال الأول: ثلاثة إخوة لكان ثلث الباقي خيرًا له، من المقاسمة، يراجع الشكل رقم 20، وكذلك لوكان في المثال الثاني: خمس شقيقات لكان السدس خيرًا له من المقاسمة، يراجع الشكل رقم 21.
اما لو توفي عن: جد وثلاثة اشقاء فقط، فإن ثلث المال خير من المقاسمة يراجع الشكل رقم 22.
ملاحظة: المسألة الاكدرية الآتي بيانها في المادة 346، استثناء من المسائل الخاصة بالجد مع الاخوة وصورتها: زوج، أم، جد لأب، أخت شقيقة (أو أخت لأب) اذا لو قاسم الأخت من دون ان نفرض له السدس ولها النصف لنقص نصيبه عن السدس وهو لا ينقص عنه بحال الا ان يكون محجوبًا بالأب فنطبق في هذه المسألة قاعدتي اعطاء الفروض لأصحابها جميعًا، ثم نجمع سهام الأخت مع سهام الجد، ثم نقسم المجموع عليهما للذكر مثل حظ الانثيين، والجد هنا بمثابة اخ ذكر فيأخذ ضعف الأخت، يراجع الشكل رقم 23.
6- الجدة الثابتة، ولها حالتان: (ونعني بالثابتة غير الرحمية، وهي التي يدخل في نسبتها الى الميت جد رحمي، وهو اب الأم للميت ذاته، أو لأحد اصوله سواء كانت من ناحية الأب أو من ناحية الأم) مثل أم أب أم الأب، ومثل أم أب أم الأم، وهكذا، فالجدة الرحمية ليست بذات فرض وهي من ذوي الأرحام – يراجع الشكل رقم 24 ولها حالات:
أ- السدس للواحدة فأكثر، اذا كنّ متساويات في الدرجة، كما لو مات عن: زوجته، وأم أم أمه، وأم أم أبيه، وأم أب أبيه، وعن عمه الشقيق، فللزوجة الربع فرضًا، وللجدات الثلاث السدس فرضًا، وللعم الشقيق الباقي بالتعصيب والمسألة من 12 سهمًا، للزوجة ثلاثة اسهم، وللجدات سهمان، وللعم الباقي سبعة اسهم، يراجع الشكل رقم 25.
ب- تحجب الجدات جميعًا بالأم، وبكل جدة اقرب للميت، وبمن تدلي به من أب أو جد عاصب، فلا شيء لأي جدة سواء كانت من ناحية الأب أو من ناحية الأم، إذا وجدت الأم، وكذلك فإن الجدة القربى من جهة الأم، تحجب البعدى مطلقًا، والأب يجب الجدات اللاتي من جهته، وكذا الجد العاصب، فلو مات عن بنت وعن أب وعن أم لأم وعن أم لأب، كان للبنت النصف، وللأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، ولأم الأم السدس، ولا شيء لأم الأب، لكونها محجوبة به، والمسألة من ستة نصفها ثلاثة للبنت، وسدسها واحدة للجدة ام الأم، والباقي للأب فرضًا وتعصيبًا يراجع الشكل رقم 26.
7- البنت أو البنات الصلبيات، ولهن ثلاث حالات:
أ- النصف للواحدة، بشرط عدم وجود المعصب لها وهو الابن، وعدم وجود ابنة اخرى.
ب- الثلثان للبنتين فأكثر، بشرط عدم وجود معصب.
ج- التعصيب مع الابن، فلا يكون للبنات مع الابن فرض، وإنما يأخذ الاولاد ما يبقى بعد الفروض بالتعصيب للذكر مثل حظ الانثيين.
فلو توفي عن: بنت وعم شقيق، كان للبنت النصف فرضًا، والباقي للعم تعصيبًا، يراجع الشكل رقم 27.
ولو توفي عن: بنتين أو ثلاثة أو اكثر وعن ابن اخ لأب، كان للبنات الثلثان، والباقي للعصبة، وهو في المثال المذكور ابن الأخ لأب، يراجع الشكل رقم 28.
ولو توفي عن: زوجتين وابوين وعن بناته الخمس وابنين، لكان للزوجتين الثمن، ولكل من ابويه السدس، ولأولاده الذكور والاناث بالتعصيب للذكر مثل حظ الانثيين، فالمسألة من اربعة وعشرين سهمًا، ثلاثة منها للزوجتين، واربعة منها للأب، ومثلها للأم، والباقي ثلاثة عشر سهمًا للاولاد جميعًا، وتحسب البنت برأس واحد ويحسب الابن برأسين، فيكون عدد الرؤوس في المثال المذكور تسعة، وتصح المسألة من 432، لكل من الزوجتين 27، ولك من الابوين 72، ولكل بنت 26، ولكل ابن 52، يراجع الشكل رقم 29.
ولو ماتت عن: زوج، واب، وجدة أم الأم، وبنت، واربعة ابناء، لكان للزوج الربع فرضًا، وللأب السدس، وللجدة ام الأم السدس، والباقي للأولاد جميعًا والمسألة من 12 وتصح من 108، وللزوج 27، وللأب 18، وللجدة 18، وللبنت 5، ولكل ابن عشرة، يراجع الشكل رقم 30.
8- بنت الابن (ولو نزل ابوها)، ولها خمس حالات:
أ- النصف للواحدة، بشرط عدم وجود الولد، وعدم وجود ولد ابن اعلا منها، وعدم وجود ابنة ابن اخرى مساوية لها في الدرجة.
ب- الثلثان للاثنتين فأكثر، بالشروط الثلاثة السابقة المذكورة آنفًا.
ج- تصير عصبة بكل ابن ابن مساو لها في الدرجة أو انزل منها اذا احتاجت اليه.
د- تحجب بالابن الصلبي وبكل ابن اعلا منها.
هـ- تستحق السدس، واحدة كانت فأكثر مع البنت الصلبية الواحدة، أو مع بنت ابن اعلا منها (اذا لم يكن ثمة بنت صلبية)، ومتى استوفت البنات الصلبيات أو بنات الابن الاعلى فرض الثلثين سقطت، الا ان يكون معها من يعصبها وفقًا للحالة المذكورة آنفًا.






فلو مات عن: بنت ابن، وأخت لأب، وجدة، كان لبنت الابن النصف، وللجدة السدس، وللأخت لأب الباقي بالتعصيب، والمسألة من 6، لبنت الابن ثلاثة، وللجدة واحدة، وللأخت للأب اثنان، يراجع الشكل رقم 31.
ولو ماتت عن: ثلاث بنات ابن، وام، وعم، لكان لبنان الابن الثلثان، وللأم السدس، وللعم الباقي بالتعصيب، والمسألة من 6، ايضًا لبنات الابن 4، وللأم 1، وللعم 1، يراجع الشكل رقم 32.
ولو مات عن: زوجتين، وبنات ابن (أو اكثر)، وابن ابن، واب، لكان للزوجتين الثمن، وللأب السدس، ولبنات الابن مع ابن الابن الباقي بالتعصيب، المسألة من 24، للزوجة 3، وللأب 4، والباقي 17 لأولاد الابن، للذكر مثل حظ الانثيين، يراجع الشكل رقم 33.
ولو ماتت عن: زوج، وابن، وبنت ابن، واب، وام الأم، لكان للزوج الربع وللأب السدس، وللجدة السدس، والباقي للابن تعصيبًا، ولا شيء لبنت الابن لكونها بحجوبة بالابن، والمسألة من 12، للزوج ثلاثة، وللأب اثنان، وللجدة اثنان، والباقي خمسة للابن، يراجع الشكل رقم 34.



ولو مات عن: بنت، وثلاثة بنات ابن، وزوجة، وابن ابن ابن، لكان للبنت النصف، ولبنات الابن السدس (تكملة الثلثين)، وللزوجة الثمن، والباقي لابن ابن الابن بالتعصيب.
والمسألة من 24، للبنت 12، ولبنات الابن 4، وللزوجة 3، والباقي 5 يأخذها ابن ابن الابن، يراجع الشكل رقم 35.
ولو مات عن: اربع بنات، وبنت ابن، واخت لأب، وجدة، لكان للبنات الثلثان، ولا شيء لبنت الابن اذ انها سقطت باستيفاء البنات الثلثين، وللجدة السدس، وللأخت لأب الباقي بالتعصيب، يراجع الشكل رقم 36.
اما لو كان مع بنت الابن، ابن ابن في درجتها أو انزل منها، فإنها تصير به عصبة، وحينئذ لا شيء للأخت لأب اذ تحجب بابن الابن ولو نزل، كما سيأتي، والمسألة من 6، للبنات اربعة، وللجدة واحد، والباقي لبنت الابن مع العصبة المشار اليه، ولا شيء للأخت لأب، على ما ذكر آنفًا، يراجع الشكل رقم 37.
ولو مات عن: بنت ابن، وثلاث بنات ابن ابن، وعن ام، واخيه لابيه، لكان لبنت الابن (الاقرب) النصف – اذ انها اخذت حكم البنت الصلبية هنا – ولبنات ابن الابن السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، وللأخ لأب الباقي بالتعصيب، والمسألة من 6، وتصح من 18، يراجع الشكل رقم 38.
9- الاخت الشقيقة، ولها خمس حالات:
أ- النصف للواحدة، بشرط عدم وجود الفرع الوارث أي الولد وولد الابن وعدم وجود المعصب لها (وهو الأخ الشقيق أو الجد العصبي) وعدم وجود الأب، وعدم وجود شقيقة اخرى.
ب- الثلثان للاثنين فأكثر، بالشروط الثلاثة السابقة المذكورة آنفًا.
ج- تصير عصبة بالأخ الشقيق، ومثله الجد العصبي، فيأخذ الاخوة الاشقاء الباقي بعد اصحاب الفروض، ويقسم عليهم للذكر ضعف الانثى.
د- تصير عصبة مع الغير، اذا وجدت البنات أو بنات الابن، واحدة أو اكثر، فتأخذ أو يأخذن الباقي بعد ذوي الفروض.
هـ- تحجب بالابن، وابن الابن مهما نزل، وبالأب.
وفيما يلي مثال على كل حالة من الحالات المذكورة.
فلو مات عن: أخت شقيقة، وأم، وعم، لكان للشقيقة النصف، وللأم الثلث، والباقي للعم، والمسألة من ستة، ثلاثة منها للشقيقة، واثنان للأم، وواحد للعم، يراجع الشكل رقم 39.
ولو مات عن: شقيقتين أو اكثر، وعن جدة، وابن اخ لأب، لكان للشقيقات الثلثان، وللجدة السدس، والباقي لابن الأخ، والمسألة من ستة، اربعة للشقيقات، وواحد للجدة، وواحد لابن الاخ، يراجع الشكل رقم 40.






ولو مات: عن زوجة، وثلاث شقيقات، واخ شقيق، وأم، وأخت لأم، لكان للزوجة الربع، وللأم السدس، وللأخت لأم السدس، والباقي للإخوة الاشقاء، ويقسم عليهم للذكر مثل حظ الانثيين، والمسألة من 12، ثلاثة للزوجة، واثنان للأم واثنان للأخت لأم، والباقي خمسة للإخوة الاشقاء، يراجع الشكل رقم 41.
ولو مات: عن بنت، وابنتي ابن، واخت شقيقة (أو اكثر)، وعن زوجة (أو اكثر)، وجدة ام الأب، لكان للبنت النصف، ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين، وللزوجة الثمن، وللجدة ام الأب السدس، والباقي للشقيقة أو الشقيقات، والمسألة من 24، للبنت 12، ولبنات الابن 4، وللزوجة 3، وللجدة 4، وللشقيقة (أو الشقيقات) الباقي وهو هنا سهم واحد، يراجع الشكل رقم 42.
ولو ماتت: عن زوج، وأم وأب، وأخت شقيقة، وجدة لأب، لكان للزوج النصف وللأم ثلث الباقي بعد فرض الزوج، وللأب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للشقيقة لكونها حجبت بالأب، وكذلك لا شيء للجدة ام الأب لكونها محجوبة به وبالأم ايضًا، والمسألة من ستة، ثلاثة للزوج، وواحد للأم – لأن الباقي بعد فرض الزوج ثلاثة فثلثها واحد، والباقي هو هنا اثنان يأخذها الأب بالتعصيب، يراجع الشكل رقم 43.
وكذا لو مات عن: زوج، وابن ابن ابن، وشقيقة (أو اكثر)، وأم، لكان للزوج الربع، وللأم السدس، والباقي لابن ابن الابن، ولا شيء للشقيقة، إذ انها حجبت بابن ابن الابن، (وكذا لو كان بدل الحفيد المذكور ابن أو ابن ابن من باب اولى)، والمسألة من 12، ثلاثة للزوج، واثنان للأم، والباقي للعصبة، ولا شيء للشقيقة، يراجع الشكل رقم 44.




10- الأخت لاب، ولها ست حالات:
أ- النصف للواحدة، بشرط عدم وجود الفرع الوارث أي الولد وولد الابن، وعدم وجود المعصب لها (وهو الأخ لأب أو الجد لأب) وعدم وجود الأب، وعدم وجود الشقيق أو الشقيقة، وعدم وجود اخت لأب اخرى.
ب- الثلثان للاثنتين فأكثر، بالشروط الاربعة السابقة المذكورة آنفًا.
ج- تصير عصبة بالأخ لأب، ومثله الجد العصبي، فيأخذ الاخوة الباقي بعد اصحاب الفروض، ويقسم عليهم للذكر ضعف الانثى.
د- تصير عصبة مع الغير، اذا وجدت البنات أو بنات الابن، واحدة أو اكثر، فتأخذ أو يأخذن الباقي بعد ذوي الفروض.
هـ- تحجب بالابن، وابن الابن مهما نزل وبالأب وبالأخ الشقيق، وبالأخت الشقيقة اذا صارت عصبة مع الغير (وبالجد لأب عند ابي حنيفة).
و- تأخذ السدس (واحدة كانت أو اكثر) مع الأخت الشقيقة الواحدة تكملة الثلثين.
فالامثلة السابق ذكرها لحالات الاخت الشقيقة، تصح هنا ايضًا بتبديل الشقيقة الى اخت لأب مع تبديل الشقيق الى اخ لأب، وتكون المسائل بالنسبة لأصولها وسهامها كما هي عليه، ونزيد الأمثلة التالية:
ماتت عن: أم، وأخت شقيق، وأخت لأب (واحدة أو اكثر)، فللزوج النصف، وللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين، واصل المسألة ستة وتعول الى سبعة، فيأخذ الزوج ثلاثة، والشقيقة تأخذ ثلاثة، وللأخت لأب (وكذا لو كن متعددات) واحد، يراجع الشكل رقم 45.
ماتت عن: أم، وأخ شقيق، وأخت لأب، فللأم السدس، وللشقيق الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخت لأب، لكونها محجوبة بالأخ الشقيق، والمسألة من ستة، واحد للأم، وخمسة للشقيق، يراجع الشكل رقم 46.
ماتت عن: جدة، وبنت، وأخت شقيقة، وأخت لأب، للجدة السدس، وللبنت النصف، وللشقيقة الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخت لأب اذ انها حجبت بالشقيقة التي صارت عصبة مع البنت، والمسألة من ستة، واحد للجدة، وثلاثة للبنت، والباقي اثنان للشقيقة، يراجع الشكل رقم 47.



11 و12: أولاد الأم، أي الأخت لأم والأخ لأم، ولهم ثلاث حالات:
أ- السدس للواحد، بشرط عدم وجود الفرع الوارث، وعدم وجود الأب أو الجد العصبي.
ب- الثلث للاثنين فأكثر، بالشرطين المذكورين اعلاه، ويقسم عليهم للذكر مثل الانثى مهما بلغ عددهم.
ح- يحجبون بالفرع الوارث، أي الولد وولد الابن، وبالاصل العصبي أي الأب أو الجد لأب وإن علا.
- فلو مات عن: زوجتين، واختين شقيقتين، وأخ لأم (أو أخت لأم) لكان للزوجتين الربع، وللشقيقتين الثلثان، ولولد الأم السدس، والمسألة من 12 وتعول الى 13، للزوجتين ثلاثة اسهم، وللشقيقتين ثمانية اسهم، وللأخ لأم (ومثله الأخب لأم) سهمان، يراجع الشكل رقم 48.
- ولو مات عن زوج، وأخ لأب، وثلاث اخوات لأب، واخوين لأم (وكذا لو كانوا أكثر)، لكان للزوج النصف، وللأخوة الثلث، والباقي بالتعصيب للاخوة لأب للذكر ضعف الانثى، والمسألة من ستة، للزوج ثلاثة، وللاخوة لأم اثنان يقسم عليهم للذكر مثل الانثى، وللاخوة لأب الباقي، وهو هنا سهم واحد، يراجع الشكل رقم 49.
- ولو ماتت عن زوج، وام واخوين لأم، وثلاث اخوات لأم، لكانت المسألة من ستة، للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وللاخوة والاخوات لأم اثنان يقسم عليهم بالتساوي، يراجع الشكل رقم 50.



المادة 322
بعد ان بينت المادة السابقة الارث بطريق الفرض، وعرفت الفرض المقصود في هذا العلم – علم الفرائض والمواريث – وبعد ان بينت انواع الفروض ومستحقيها اجمالاً، وبعد ان بينت هذه المذكرة احوال كل واحد من اصحاب الفروض في الميراث مع الامثلة وطريقة حل المسائل، جاءت هذه المادة تعدد اصحاب فرض النصف، وهنا لا بد من ملاحظة هامة هي: ان كل واحد من مستحقي فرض النصف، (وكذلك اصحاب الفروض الاخرى الآتي ذكرهم في المواد التالية)، قد يكون له في الميراث حالات اخرى، كما سبق ايضاح تلك الحالات في شرح الفقرة 3 من المادة السابقة، فحينما نجد في المسألة زوجًا، أو بنتًا، أو غيرهما من اصحاب فرض النصف، لا يصح ان نعطيه الفرض المذكور، الا بعد ملاحظة وتذكر الحالات الاخرى، والا بعد معرفة توفر الشروط التي نصت عليها هذه المادة، وسبق ان عرفنا ان الشرط هو ما يتوقف الشيء على وجوده، مع انه خارج عن ماهيته، ويلزم من عدم الشرط عدم الحكم.
واصحاب فرض النصف خمسة من الورثة لا غير: (فغير هؤلاء لا يمكن ان يكون له فرض النصف).
1- الزوج: بشرط ان لا يكون لزوجته المتوفاة فرع وارث، سواء أكان منه ام من غيره، اذ لو كان لها فرع وارث لكان فرضه الربع.
والمراد بالفرع الوارث، الولد وولد الابن ولو نزل، كالابن والبنت وابن الابن وبنت الابن، واحدًا كان أو متعددًا، فالمراد اذن بقولنا وارث، أي بالفرض أو بالتعصيب، ويخرج بذلك ولد البنت أو ولد بنت الابن، فمع كونه فرعًا للميت، الا ان ميراثه بطريق الرحم (أو يأخذ حصته من التركة بطريق الوصية الواجبة، كما سبق بيان ذلك في موضعه من كتاب الوصية) فولد البنت، وولد بنت الابن فرع غير وارث اصطلاحًا، ولا يؤثر وجوده على ميراث الزوج، ولا على ميراث الزوجة، أو الأب، أو الأم، أو الجد أو الاخوة.
2- البنت الصلبية الواحدة، بشرط ان لا يكون معها ابن آخر، ولا بنت اخرى للمتوفي، اذ لو كان معها ابن أو ابناء لصارت عصبة بالغير، ولا يكون لها فرض، ولو كان معها بنت اخرى أو بنات فقط من غير ذكور لأخذن جميعًا فرض الثلثين.
3- بنت الابن الواحدة – ولو نزل ابوها – وتستحق هذا الفرض الذي هو النصف بثلاثة شروط:
أ- ان لا يكون للمتوفي ولد، أي ابن أو بنت، لا واحدًا ولا اكثر، اذ لو وجدت مع الابن لكانت محجوبة به، ولو كانت مع البنت الواحدة لأخذت السدس تكملة الثلثين، ولو كانت مع بنتين أو اكثر لسقطت من الميراث الا ان يكون معها من يعصبها وفق الفقرة ب من المادة 334.
ب- ان لا يكون للمتوفي ولد ابن مساوٍ لها، فإن كان ثمة ابن ابن أو اكثر مساوية لها صارت عصبة بالغير، وإن كان ثمة بنت ابن فأكثر مساوٍ لها، صار فرضهن جميعًا الثلثين، كما سيأتي في الفقرة 2 من المادة 325.
ج- ان لا يكون للمتوفي ولد ابن اعلا منها، اذ ان الذكر يحجبها حجب حرمان، والانثى الواحدة تحجبها حجب نقصان الى السدس، والمتعددات يسقطنها من الميراث الا ان يكون معها من يعصبها الفقرة ب من المادة 334.
4- الاخت الشقيقة الواحدة، تستحق فرض النصف بثلاثة شروط:
أ- ان لا يكون ثمة مساوٍ لها، وهو أخ شقيق فأكثر، اذ تصير صعبة بالغير، أو شقيقة اخرى فأكثر، إذ يصير فرضهن جميعًا الثلثين الفقرة 3 من المادة 325.
ب- ان لا يكون للمتوفي أب ولا جد عاصب، إذ ان الاخوة جميعًا يحجبون بالأب حجب حرمان، والجد العصبي يعتبر بمثابة الأخ، على ما سيأتي في المادة 327، والمادة 333.
ج- ان لا يكون للمتوفي فرع وارث، فالفرع الوارث الذكر كالابن وابن الابن يحجب الاخوة جميعًا، وتصير الاخت أو الاخوات مع الفرع الوارث الانثى، كالبنت وبنت الابن، عصبة مع الغير، المادة 335.
5- الأخت لأب الواحدة، تستحق فرض النصف الا بخمسة شروط:
أ- ان لا يكون ثمة مساوٍ لها، وهو الأخ لأب فأكثر، إذ تصير عصبة بالغير، أو أخت لاب اخر فأكثر، إذ يصير فرضهن الثلثين الفقرة 4 من المادة 325.
ب- ان لا يكون معها اخت شقيقة للمتوفي، اذ انها مع الشقيقة الواحدة تأخذ السدس تكملة للثلثين، وتسقط مع الشقيقتين إلا ان يكون معها أخ لأب إذ تصير عصبة به.
ج- ان لا يكون معها أي الأخت لأب، من ورد ذكرهم في الفقرة 4 آنفة الذكر المتعلقة بالأخت الشقيقة، إذ انها تحجب بالأخ الشقيق، وبالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة مع الغير المادة 335، وبالأب، أو بالابن، وابن الابن مهما نزل وتصير عصبة بالجد العصبي، وتصير عصبة مع الغير اذا كان ثمة بنت للمتوفي أو بنت ابن ولو نزل.
المادة 323
بينت هذه المادة اصحاب فرض الربع، وهما اثنان من الورثة، ولا يمكن ان يجتمعا في مسألة ارثية واحدة ابدًا، ذلك ان المتوفي إما ان يكون رجلاً فتكون له زوجة أو زوجات، وإما ان يكون امرأة، فيكون لها زوج، ولا يجتمع في تركة واحدة زوج وزوجة معًا لمتوفي واحد.
فيستحق الربع:
أ- الزوج، إذا كان لزوجته المتوفاة فرع وارث، سواء اكان منه ام من غيره، وسبق ان قلنا: إن الفرع الوارث هو الولد أو ولد الابن ولو نزل، كالابن وبنت الابن، اما ولد البنت فهو فرع غير وارث لا بالغرض ولا بالتعصيب، اما اذا لم يكن للزوجة المتوفاة فرع وارث فميراث زوجها منها النصف كما مر آنفًا.
ب- الزوجة واحدة فأكثر، إذا لم يكن للزوج المتوفي فرع وارث مطلقًا، أي لا منهن ولا من غيرهن، اما إذا كان للمتوفي فرع وارث، فميراث الزوجة أو الزوجات حتى الاربع هو الثمن.
المادة 324
لا يستحق الثمن فرضًا، احد من الورثة الا الزوجة أو الزوجات حتى الاربع اذا كان للمتوفي أي الزوج، فرع وارث سواء كان فرعه من هذه الزوجات ام من غيرهن، "فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم".
فالولد يشمل الابن والبنت وابن الابن وبنت الابن مهما نزل، ولا يشمل اولاد البنت كما مر آنفًا.
المادة 325
بينت هذه المادة اصحاب فرض الثلثين من الورثة، وواضح منها انه لا يستحق الثلثين الا اربعة اصناف من الورثة الاناث اللاتي ورد ذكرهن جميعًا في المادة 322، التي عددت اصحاب فرض النصف، ولكن النصف في حالة الانفراد، والثلثين في حالة التعدد، وبالترتيب نفسه، فمتى وجدت السابقة لا يمكن ان يكون لأي من اللواحق للفرض المذكور، وهذه الاصناف الاربعة هي:
1- البنتان فأكثر، بشرط ان لا يكون ثمة ابن للمتوفي اذ يصرن عصبة به.
2- بنتا الابن فأكثر، بشرط ان لا يكون ثمة ابن في درجتهن أو اعلا منهن، اذ ان الذي في درجتهن يعصبهن، والذي هو اعلا منهن يحجبهن حجب حرمان، واذا كان ثمة بنت ابن اخرى في درجتهن فإنها تشاركهن، وبنت الابن الاعلى منهن تحجبهن عن استحقاق الثلثين، فيأخذن السدس مع الواحدة، ويسقطن مع الاكثر من الواحدة الا ان يكون معهن من يعصبهن.
3- الاختان الشقيقتان فأكثر، يأخذن الثلثين بشرطين:
أ- ان لا يكون معهن اخ شقيق ولا جد عصبي، اذ يصرن عصبة بالغير.
ب- ان لا يكون معهن فرع وارث للمتوفي ولا اب، اذ يحجبن بالابن وابن الابن مهما نزل وبالأب، ويصرن مع البنات أو بنات الابن – واحدة أو اكثر – عصبة مع الغير.
4- الاختان لأب فأكثر، بثلاثة شروط:
وهي: الشرطان المذكوران في البند 3، والثالث، ان لا يكون ثمة اخ لأب اذ يصرن عصبة به، ولا اخت شقيقة فأكثر، إذ يأخذن السدس مع الشقيقة الواحدة، ويحجبن بها اذا صارت عصبة مع الغير، ويسقطن مع الشقيقتين فأكثر الا ان يعصبهن اخ لأب وفق الفقرة د من المادة 334.
المادة 326
عددت هذه المادة من يستحق الثلث من الورثة فهم ثلاثة:
1- الأم: بشرط ان لا يكون للمتوفي فرع وارث ولا عدد من الاخوة والاخوات مطلقًا، اذ يكون لها مع أي ممن ذكر فرض السدس، وان لا تكون مع احد الزوجين والاب، اذ يكون لها ثلث الباقي.
2- الاثنان فأكثر من الاخوة لأم "أي العدد من اولاد الام" بشرط ان لا يكون للمتوفي فرع وارث ولا أب ولا جد لأب، اذ انهم – أي اولاد الأم – يحجبون بأي واحد ممن ذكر حجب حرمان.
3- الجد لأب في بعض احواله مع الاخوة الاشقاء أو لأب، وهي الحالة التي لا يكون فيها وارث بالفرض اصلاً، ويزيد المجموع من الاخوة على اثنين أو ما يعادلها كأخوين، أو اخ واختين أو اربع اخوات، اذ لو كان الاخوة اقل من ذلك لكانت المقاسمة خيرًا له، كما لو ترك المتوفي اخًا واحدًا وجدًا، فإن الجد هنا يأخذ نصف التركة بالمقاسمة، يراجع الشكل رقم 51.
وإن كان عدد الاخوة اقل من اثنين فالمقاسمة خير للجد ايضًا، يراجع الشكل رقم 52.


أما لو كان معه اخوان اثنان أو اربع اخوات أو اخ واختان فقط، فإن الثلث يعادل نصيبه بالمقاسمة، يراجع الشكل رقم 53+ الشكل 53 مكرر.
هذا ولا بد ان نشير هنا الى ملاحظتين فيما يتعلق بالجد لأب مع الاخوة:
الاولى: ان مقاسمة الجد للإخوة هو قول الجمهور من الفقهاء، لأن كلاً من الجد العصبي والاخوة الاشقاء أو لأب يدلون للمتوفي بواسطة الأب، فهم في الرتبة سواء.
وقال ابو حنيفة: رحمه الله، إن الجد بمنزلة الأب، حينما لا يكون الأب موجودًا، فهو يحجب الاخوة جميعًا، كما ان الأب يحجب الاخوة جميعًا.
الثانية: اذا اجتمع مع الجد لأب اخوة اشقاء واخوة لأب، فإننا نحسب عليه الاخوة لأب ثم نعاملهم كأن الجد غير موجود، فيأخذ الاخوة الاشقاء الباقي عن الجد، الا مع الاخت الشقيقة الواحدة، فيأخذ الاخوة لأب الباقي.
قال ابن الرحبي:
والحكم على الاخوة بعد العد
حكمك فيهم عند فقد الجد.
فقد يحجبهم الاخوة الاشقاء، كما لو ترك جدًا لأب واخًا شقيقا واختا لأب، فإننا في هذه المسألة نحسب الاخت لأب، وتكون المقاسمة مع ذلك خيرًا للجد من ثلث التركة، فيأخذ سهمين من خمسة اسهم، ثم نعطي الباقي جميعه وهو ثلاثة اسهم لأخ الشقيق ولا شيء للأخب لأب، لكونها محجوبة بالأخ الشقيق يراجع الشكل رقم 54.


ولو اننا لم نحسبها عليه، لأخذ الجد نصف التركة، والنصف الآخر للشقيق، ولكننا عمليًا، وحسب القواعد التي سبق ان ذكرناها، نحسبها عليه، ويكون كل من الجد والأخ الشقيق برأسين، والأخت لأب برأس – اذ ان للذكر ضعف الانثى – والجد هنا بمثابة اخ، فتصير الرؤوس خمسة، وهو اصل المسألة، فيأخذ الجد سهمين، والثلاثة الباقية جميعها للأخ الشقيق الذي حجبت به الأخت لأب، يراجع الشكل رقم 55.

وقد نعطيهم الباقي بعد فرض الاخت الشقيقة، كما لو ترك جداً واخاً لأب واختاً لأب، يراجع الشكل رقم 65.
وكذا لو ترك امًا وجدًا واختًا شقيقة واخوين لأب، يراجع الشكل رقم 57.


المادة 327
المستحقون لفرض السدس من الورثة سبعة ذكرتهم هذه المادة، وهم:
1- الأب: في حالة وجود فرع وارث للمتوفي، والفرع الوارث كما تقدم هو الولد أو ولد الابن، فإن كان الفرع الوارث ذكرًا استحق الأب السدس فقط، وإن كان الفرع الوارث انثى، استحق الأب السدس فرضًا واخذ الباقي بالتعصيب إن فضل بعد سهام ذوي الفروض شيء.
2- الجد لأب مع الفرع الوارث، أي في حالة عدم وجود الأب اذ انه يقوم مقامه في استحقاق السدس على النحو المذكور آنفًا، فلو نقص نصيبه عن السدس أو لم يفضل له شيء فنعطيه السدس فرضًا ويكون في المسألة عول، كما لو ماتت عن: زوج وأم وبنت وجد وشقيقة، فالمسألة من 12 وتعول الى 13، يأخذ الزوج ثلاثة، وتأخذ البنت ستة، ويأخذ الجد اثنين – أي السدس عائلا – ولا شيء للشقيقة، ولو انه قاسم الاخت الشقيقة لأخذ اقل من السدس، يراجع الشكل رقم 59.
ولو ماتت عن زوج وام وبنتين وجد، فالمسألة من 12 وتعول الى 15، فلو لم نعطه السدس العائل لسقط من الميراث، يراجع الشكل رقم 58.
ولكنه مع الاخوة وبعض ذوي الفروض، سواء وجد فرع وارث انثى ام لا، يأخذ الحظ الاوفر من:
أ- ثلث الباقي بعد اصحاب الفروض، كما لو مات عن زوجة وام وجد وست شقيقات.
ب- مقاسمة الاخوة في استحقاق الباقي بعد اصحاب الفروض، كزوجة وبنت وجد وشقيقة.
ج- سدس جميع المال، كما لو ماتت عن زوج وام وجد وثلاث شقيقات.
هذا ولا بد من لفت النظر الى الملاحظة التي اوردناها في نهاية التعليق على المادة السابقة.
3- الأم، وتستحق السدس في حالتين:
أ- مع الفرع الوارث للمتوفي، ذكرًا كان الفرع أو انثى، مثل أم وابن، أو أم وبنت، وعم.
ب- مع اثنين فأكثر من الاخوة والاخوات مطلقًا ولو كانوا محجوبين أو كان بعضهم محجوبًا ببعض، مثل أم وأب وأخوين شقيقين أو لأب، وكذلك أم وأخ شقيق وأخت لأب وهكذا.
4- الجدة الثابتة، مطلقًا واحدة كانت أو اكثر اذا كن وارثات، فالثابتة هي غير الرحمية، والرحمية هي التي يكون في نسبتها الى الميت جد رحمي وهو أب الأم وبقولنا مطلقًا تدخل الجدات من ناحية الأب أو من ناحية الأم، بشرط عدم الحاجب، فالأم تحجب الجدات مطلقًا، والاب وكذلك الجد العاصب، يحجب كل منهما من تدلي به، والقربى من جهة الأم، تحجب البعدى مطلقًا.
والجمهور على ان السدس يمكن ان يكون لجدة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاث أو اربع، وهكذا متى كن ثابتات متساويات وبقول الجمهور اخذ القانون، وقال مالك رحمه الله لا يرث السدس اكثر من جدتين.
وعند الحنابلة لا يرث السدس اكثر من ثلاث جدات.
5- بنت الابن، واحدة فأكثر اذا كان للمتوفي بنت صلبية واحدة بشرطين لما روى البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه، انه قال "وقد سئل بنت عن بنت وبنت ابن وأخت" لأقضين فيها بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت، وقد انعقد على هذا الاجماع:


أ- عدم العاصب، وهو ابن ابن في درجتها أو انزل منها اذا احتاجت اليه.
ب- عدم الحاجب، وهو الابن الصلبي، وكل ابن ابن اعلا، والبنتان الصلبيتان، كما لو مات عن: زوجة وبنت ابن (واحدة واكثر) وعم، للزوجة الثمن، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وللعم الباقي، والمسألة من 24، فتأخذ الزوجة ثلاثة، وتأخذ البنت اثني عشر، وتأخذ بنت الابن أو بنات الابن اربعة، ويأخذ العم الباقي، وهو خمسة بالتعصيب، يراجع الشكل رقم 60.
فلو كان في المسألة السابقة ابن ابن لكانت بنت الابن عصبة به ويأخذان الباقي، ولا شيء للعم اذ انه محجوب، يراجع الشكل رقم 60.


ولو مات عن بنت وابن وبنت ابن، لكانت محجوبة بالابن ولا شيء لها، يراجع الشكل رقم 62.
وكذا لو مات عن بنتين وعن بنت ابن وشقيقة، يراجع الشكل رقم 63.


اذاً لا شيء لها في هذه الحالة الا ان يكون معها ابن ابن في درجتها أو انزل منها، ويسمى الولد الميمون، فتأخذ البنتان الثلثين، ويكون الباقي لبنت الابن وابن الابن مهما نزل لأنها محتاجة اليه، يراجع الشكل رقم 64.
ولا بد ان نلاحظ هنا ان بنت ابن الابن مع بنت الابن الواحدة ينطبق عليها الحكم المذكور ذاته، فبنت الابن الاعلى تأخذ النصف، وبنت الابن الانزل (واحدة فأكثر) تأخذ السدس تكملة الثلثين وبالشروط المذكورة اياها، يراجع الشكل رقم 65.


6- الأخت لأب، واحدة فأكثر، اذا كان للمتوفي اخت شقيقة واحدة بالاجماع بشرطين هما:
أ- عدم العاصب، وهو الأخ لأب واحد كان أو اكثر، والجد لأب، والفرع الوارث الانثى كالبنت وبنت الابن.
ب- عدم الحاجب، وهو الفرع الوارث الذكر، والأب، والأخ الشقيق، والأخت الشقيقة اذا صارت عصبة مع الغير، وتسقط الاخوات لأب من الميراث اذا كان للمتوفي اختان شقيقتان فأكثر ما لم يكن ثمة أخ لأب إذ انه يعصب الاخوات لأب، فيأخذن معه الباقي بعد ذوي الفروض بالتعصيب للذكر مثل حظ الانثيين، ويسمى الاخ المبارك.
كما لو مات عن: زوجة (أو اكثر) وعن اخت شقيقة، وعن اخت لأب (واحدة أو اكثر) وعن ابن عم شقيق، فللزوجة أو الزوجات الربع، وللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين، ولابن العم الشقيق الباقي، يراجع الشكل رقم 66.
ولو مات عن زوجة وام وشقيقة واحدة واخت لأب، واخ لأب، لكان للزوجة الربع، وللأم السدس، وللشقيقة النصف، وللأخت والأخ لأب الباقي بالتعصيب، يراجع الشكل رقم 67.


ولو ماتت عن زوج، وبنت ابن، واخت لأب، وعم لأب، لكان للزوج الربع، ولبنت الابن النصف، وللأخت لأب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للعم اذ انه محجوب هنا بالأخت التي صارت عصبة مع الغير، يراجع الشكل رقم 68.
ولو مات عن: زوجتيه وامه وابيه واخته لأبيه، لكان للزوجتين الربع وللأم ثلث الباقي، وللاب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخت لأب لكونها محجوبة بالأب، يراجع الشكل رقم 69.


ولو ماتت عن: زوجها وابن ابنها واختها لأبيها وأم أم أمها، لكان للزوج الربع، وللجدة السدس، ولابن الابن الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخت لأب لكونها محجوبة بالفرع الوارث الذكر وهو هنا ابن الابن، يراجع الشكل رقم 70.
ولو ماتت عن شقيقتين، واخت لأب، وام، وابن اخ لأب، لكان للشقيقتين الثلثان، وللأم السدس، ولابن الاخ لأب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخت لأب لسقوطها مع الاختين الشقيقتين وعدم المعصب لها وهو الأخ لأب، يراجع الشكل رقم 71.
اما ابن الأخ لأب فلا يعصب احدًا، لا اخته أي بنت الأخ لأب، ولا عمته التي هي الأخت لأب.
وكذلك ابن الاخ الشقيق لا يعصب احدًا، كما سبق.


7- الواحد من ولد الأم، ذكراً أو انثى، أي الأخ الواحد أو الأخت لأم الواحدة بشرط عدم وجود الحاجب، وهو الفرع الوارث ذكرًا كان أو انثى والاصل الذكر أي الأب والجد لأب وإن علا.
اما اذا تعدد الاخوة لأم فإن فرضهم الثلث، كما مر في المادة 326/2، ويقسم عليهم بالتساوي للذكر كالأنثى.
فلو ماتت عن زوجها وامها واختها لأم، كان للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت لأم السدس، يراجع الشكل رقم 72.
ولو مات عن زوجة وأم وأخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأم، كان للزوجة الربع، وللأم السدس، وللشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين، وللأخ لأم السدس، والمسألة من 12 وتعول الى 15، للزوجة ثلاثة، وللأم اثنان، وللشقيقة 6، وللأخت لأب اثنان، وللأخ لأم اثنان، يراجع الشكل رقم 73.


ولو مات عن ثلاث زوجات، وثلاث بنات ابن، واختين للأب، واخوين لأم، لكان للزوجات الثمن، ولبنات الابن الثلثان، والباقي للاختين لأب إذ انهما صارتا عصبة مع الغير لاجتماعهما مع بنات الابن، ولا شيء للاخوين لأم، لكونهما محجوبين بالفرع الوارث، أي ببنات الابن في هذه المسألة.
ولو ماتت عن زوجها وابويها، واخوتها لأمها الثلاثة، لكان للزوج النصف، وللأم السدس، وللأب الباقي بالتعصيب، ولا شيء للاخوة لأم لكونهم محجوبين بالأب، وكذلك لو كان في المسألة نفسها جد عصبي بدل الأب. يراجع الشكل 74 والشكل 75.


ولو ماتت عن: زوج، وأم، وشقيقة، وثلاث اخوات للأب، واختين لأم، لكان للزوج النصف، وللأم السدس، وللشقيقة النصف، وللأخوات لأب السدس تكملة الثلثين، وللأختين لأم الثلث، والمسألة من ستة، وتعول الى عشرة، وتصح من ثلاثين، للزوج تسعة، وللأم ثلاثة، وللشقيقة تسعة، ولكل اخت للأب واحد، ولكل اخت لأم ثلاثة، يراجع الشكل رقم 76.
المادة 328
بينت هذه المادة اصحاب الفرض السابع، من الفروض المقدرة في الميراث، وهو ثلث ما بقي بعد سهام ذوي الفروض الاخرى في المسألة الارثية، ويستحق ثلث الباقي اثنان فقط من الورثة.
1- الأم مع احد الزوجين والاب، بشرط ان لا يكون ثمة فرع وارث ولا عدد من الاخوة والاخوات مطلقًا، فهي تأخذ ثلث الباقي، بعد فرض الزوج أو بعد فرض الزوجة، ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب وذلك في مسألتين فقط تسميان الغراوين أو العمريتين. فلو توفيت عن زوج وأم وأب، كانت المسألة من ستة للزوج ثلاثة، وللأم ثلث الباقي، ويعادل سهمًا واحدًا، وللأب الباقي سهمان، يراجع الشكل رقم 77.
ولو ماتت عن زوجة (أو عدة زوجات) وعن أم وأب، لكانت المسألة من اربعة، للزوجة واحد، وللأم ثلث الباقي وهو واحد ايضًا، وللأب الباقي وهو اثنان، يراجع الشكل رقم 78.
قال ابن الرحبي:
وإن يكن زوج وأم وأب
فثلث الباقي لها مرتب.
أما لو كان معها فرع وارث فلا تأخذ ثلث الباقي، كما في الشكل رقم 79.
2- الجد لأب – وإن علا – مع الاخوة أو الاخوات اشقاء أو لأب.
اذا كان ثلث الباقي بعد سهام ذوي الفروض، خيرًا له من المقاسمة ومن سدس جميع المال. كما مر في هذه المذكرة بصدد توضيحها للمادة 327/2 فقرة ج.




كما لو مات رجل عن زوجة، وجد لأب، وثلاثة اخوة اشقاء أو لأب، فثلث الباقي خير له من السدس ومن المقاسمة، اذ ان اصل المسألة 4، للزوجة الربع واحد، وللجد ثلث الباقي ويعادل واحدًا ايضًا، وللاخوة الباقي، وهو اثنان، وتصح المسألة من 120 انظر الشكل رقم 80.

الفصل الثالث:
العصبات
المادة 329
بينت هذه المادة بفقرتها الاولى معنى التعصيب في علم المواريث، بأنه استحقاق في التركة، غير محدد ولا مقدر، فهو اذن يقابل استحقاق الميراث بالفرض الذي هو سهم مقدر في التركة، وسبق بيان الفروض ومستحقيها بالتفصيل.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "الحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فللأولى رجل ذكر" (رواه البخاري ومسلم).
فما يستحقه العاصب، من تركة قريبه المتوفي اذن، غير محدد المقدار كالنصف أو الربع أو الثلثين أو الثلث ونحو ذلك، وغير مستقر على وضع معين، فقد يكون نصيب العصبة من التركة كبيراً أو ضئيلاً أو يسقط من الميراث بالكلية، ولكننا نسارع هنا الى القول: بأن بعض انواع العصبة بالنفس، لا يمكن ان يسقط بحال من الاحوال، كالابن الصلبي والاب، اما غيرهما فقد يسقط من الميراث، وقد يكون محجوبًا بغيره على ما سيأتي بيانه في المادتين 327 و342.
والتعصيب في اللغة مصدر عصب، أي احاط بالشيء واستدار حوله ومنه العصائب أي العمائم.
والعصبة في اللغة: قرابة الرجل لأبيه سمّوا بذلك لأنهم عصبوا به أي احاطوا، ولتقوي بعضهم ببعض.
اما الفقرة الثانية من هذه المادة فقد بينت ان العصبة ثلاثة انواع:
1- العصبة بنفسه، ويعرفه الفقهاء بأنه كل ذي ولاء أو ذكر نسيب – أي – قريب للميت – لم يدل اليه بأنثى فقط، فذو الولاء المعتق والمعتقة، ولم يعد له وجود لانتهاء عهد الرق.
والذكر القريب يشمل جميع الورثة الذكور عدا الزوج – الذي هو مستحق بالفرض فقط – الا ان يكون ابن عم للزوجة.
والقيد الاخير من التعريف اخرج الأخ لأم، كما اخرج الجد الرحمي، وابن البنت، لأن الواسطة بينهم وبين الميت هي الانثى فقط، فولد الأم ذو فرض فقط، والجد الرحمي وابن البنت من ذوي الارحام.
2- العصبة بغيره: كل انثى ذات فرض لو كانت وحدها، ثم صارت عصبة باجتماعها مع الذكر المساوي لها، كالبنت مع الابن، وبنت الابن مع ابن الابن، والاخت الشقيقة مع الاخ الشقيق أو الجد العصبي، والاخت لاب مع الاخ لأب أو الجد العصبي، اذ يصير العصبة بنفسه والعصبة بغيره فريقًا واحدًا يستحق سهامه من الميراث للذكر مثل حظ الانثيين – الا الجد لاب فقد يقاسم الاخوة، وقد يأخذ حظه الاوفر كثلث جميع المال، أو ثلث الباقي، أو السدس، وحينئذ يكون للاخوة الباقي، عدا المسألة الاكدرية التي سيأتي بيانها في المادة 346.
3- العصبة مع غيره، وهو كل انثى تصير عصبة باجتماعها مع الانثى الاخرى، وقد اوضحت المادة 335 الآتية المراد من التعريف المذكور فأي من الاخوات الشقيقات أو لأب متى اجتمعت مع الفرع الوارث الانثى أي مع البنت أو بنت الابن ولو نزل ابوها، تصير عصبة مع الغير.
ووضع العلماء القاعدة الفقهية: "اجعلوا الاخوات مع البنات عصبة" وعن الاسود النخعي أن معاذ بن جبل ورث اختًا وابنة، جعل لكل واحدة منها النصف وهو باليمن، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حي (رواه ابو داود والبخاري بمعناه).
فتأخذ البنت أو البنات أو بنت الابن أو بنات الابن فروضهن، ويكون الباقي للأخت أو الأخوات بالتعصيب. ومتى صارت الشقيقة عصبة مع الغير، فإنها تأخذ حكم الأخ الشقيق في حجب الاخوة لأب أو ابناء الاخوة أو الاعمام أو بني الاعمام، وكذلك الاخت لأب متى صارت عصبة مع الغير فإنها تأخذ حكم الأخ لأب في حجب ابناء الاخوة أو الاعمام أو بني الاعمام.
المادة 332
بينت هذه المواد حكم العاصب بنفسه وجهات العصوبة بالنفس ودرجات استحقاقهم فيما اذا اجتمع عاصبان بالنفس أو اكثر.
فحكم العصبة بنفسه انه اذا انفرد حاز كل التركة، واذا اجتمع مع غيره من ذوي الفروض اخذ الباقي بعد سهام ذوي الفروض، حتى اذا لم تبق الفروض شيئاً فلا شيء للعصبة، ولكن سبق ان قلنا: إن الابن الصلبي والأب لا يمكن ولا يتصور ان يسقط أي منهما بحال.
وقد ثبت الارث بالتعصيب بالكتاب والسنة والاجماع، فقال تعالى: "يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين" (سورة النساء، آية 11) وقال: "وإن كانوا اخوة رجالاً ونساء، فللذكر مثل حظ الانثيين" بعد ان قال سبحانه في الآية نفسها "وهو يرثها إن لم يكن لها ولد" (سورة النساء، آية 176).
دلت هاتان الآيتان على ان كلاً من الاولاد والاخوة، ليس لهم نصيب مقدر كالبنت أو البنات، والاخت أو الاختين وحدهن، أو الأم، أو الأب مع الولد، ويفهم من قوله تعالى: "وورثه ابواه فلأمه الثلث" (سورة النساء، آية 11) أي إن لأبيه الباقي.
وفي الحديث الصحيح، "الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" متفق عليه.
وفي الصحيح ايضًا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مؤمن إلا أنا اولى به في الدنيا والآخرة، واقرؤوا إن شئتم: "النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم" فأيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فيأتيني فأنا مولاه. (رواه البخاري ومسلم).
وعن علي رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وإن اعيان بني الأم – أي الإخوة الاشقاء – يتوارثون دون بني العلات – أي الاخوة لأب – الرجل يرث اخاه لأبيه وامه دون اخيه لأبيه. (رواه احمد والترمذي وابن ماجه).
وبينت هذه المواد ايضًا جهات العصبة بالنفس وانها مرتبة ومقدم بعضها على بعض، فأي عاصب من الجهة الاولى جهة البنوة، يحجب أي عاصب آخر من الجهات التالية، عدا الأب والجد: فالأب يحجب أي عاصب آخر من جهة الاخوة أو العمومة، والجد لاب يشارك الاخوة فقط من جهة الاخوة، ويحجب ابناء الاخوة، وكل عاصب من جهة الاخوة يحجب أي عاصب من جهة العمومة.
فإن كان ثمة عاصبان أو اكثر من جهة واحدة فإن الاقرب يحجب الابعد، فالابناء يحجبون ابناء الابناء وهكذا، والأب يحجب الجد وهكذا، والاخ يحجب ابن الأخ وهكذا، والعم يحجب ابناء العم وهكذا، وهنا نلاحظ ان عم الميت الشقيق لأب وفروعه جميعًا يقدمون على عم أب الميت وابناء عم ابيه جميعًا، وهؤلاء يقدمون على عم جد الميت وابناء عم جده جميعًا، كما ينبغي ان نلاحظ ان الاخوة لأم، أو الأعمام لأم، ليسوا من العصبات اصلاً، وكذلك بنوهم من باب اولى.
واذا تساوى عاصبان أو اكثر بالجهة وفي الدرجة فإن التقديم يكون بالقوة فمن كان لأبوين أي شقيقا يحجب من كان لأب، فالأخ الشقيق يحجب الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق يحجب ابن الأخ لأب، والعم الشقيق يحجب العم لأب، وابن العم الشقيق يحجب ابن العم لأب.
واذا تساوى عاصبان أو اكثر من الجهة والدرجة والقوة اشتركوا في الميراث يتلقونه عن الميت مباشرة لا عن اصولهم، فإذا مات عن اربعة ابناء ابن واحد منهم ابن ابنه زيد، وثلاثة منهم ابناء ابنه عمرو، كان ميراثهم بالتساوي، ولا نعطي ابن زيد حصة ابيه وابناء عمرو حصة ابيهم، يراجع الشكل رقم 80.
وذلك لو كان له ابناء متعددون، وفي درجة واحدة، وقوة واحدة كان ميراثهم بينهم بالتساوي من غير نظر الى الاخوة انفسهم، فقد يكون لأحد الاخوة ابن
واحد وللأخ الآخر ولدان أو ثلاثة وهكذا، وكذلك ابناء العمومة يراجع الشكل
رقم 81.
هذا وإن حكم المادة 330 المشار اليها فيما تقدم، يتلخص في بيت من الشعر قاله الجعبري من علماء الفرائض:
فبالجهة التقديمُ ثم بقربه
وبعدَها التقديمُ بالقوة اجعلا


المادة 333
سبق ان اشارت هذه المذكرة في توضيحها للفقرة 4 من المادة 322 والبند الخامس من المادة 322 والبند الثالث والرابع من المادة 325 ان الجد لأب في حال اجتماعه مع الاخوة الاشقاء أو لأب، يعتبر – على المعتمد – كواحد منهم، وانه يرث بالتعصيب ما لم تنقص حصته عن ثلث جميع المال اذا لم يكن ثمة صاحب فرض، أو ما لم يكن ثلث الباقي أو السدس خيرًا له من اعتباره عصبة، فإذا كان في المسألة اصحاب فروض يقل مجموعها عن النصف وعدد الاخوة اكثر من اثنين أو ما يعادلهما، كأخ وأختين أو اربع اخوات، كان ثلث الباقي خيرًا للجد من السدس ومن المقاسمة، كما لو مات عن زوجتين، وجدة ام الأم، وجد لأب، وأخ شقيق واخوين لأب، فللزوجتين الربع فرضًا، وللجدة السدس فرضًا – ومجموع هذين الفرضين اقل من النصف – وللجد العاصب ثلث الباقي، وللأخ الشقيق بقية السهام، ولا شيء للاخوين لأب، لأنهما محجوبان بالأخ الشقيق، ومع ذلك حسبناهما على الجد، حينما عددنا الاخوة الذين هم معه في المسألة الارثية وسبق بيان هذه الناحية في التعليق على المادة 326. وتكون المسألة من 12 وتصح من 72 لكل من الزوجتين تسعة اسهم، وللجدة ام الام اثنا عشر سهمًا، وللجد لأب اربعة عشر سهمًا، وللشقيق الباقي كله ثمانية وعشرون سهمًا، يراجع الشكل رقم 83.
ولو ان الجد في هذه المسألة قاسم الاخوة واعتبرناه عصبة مع الاخذ بعين الاعتبار وجود الاخوين لأب والأخ الشقيق لكان نصيبه 10.5 سهمًا فقط ولو اعطيناه السدس لكان نصيبه 12 سهمًا فقط.

المادة 334
اوضحت هذه المذكرة في تعليقها على الفقرة 5-2 من المادة 322، الاناث اللائي يصرن عصبة بالغير حين اجتماعهن مع من يساويهن من الذكور، وبالمقارنة بين المواد 322 و325 وهذه المادة التي نحن بصددها 334 يبدو واضحًا ان اربعة اصناف من الورثة الاناث وعلى الترتيب نفسه، الواحدة المنفردة منهن تستحق النصف، والاثنتان فأكثر فرضهن الثلثان، ومع الذكر المساوي يصرن عصبة بالغير، وحينئذ يكون الباقي للعصبة بنفسه مع العصبة بالغير، للذكر مثل حظ الانثيين، وهذا ما نصت عليه الفقرة 2 من هذه المادة.
فلو مات عن زوجاته الثلاث، وعن اولاده (منهن جميعًا) بنتين واربعة ابناء، وعن ابويه، لكانت المسألة من 24 وتصح من 240، لأن جزء السهم هو 10 عدد رؤوس الاولاد جميعًا، باعتبار ان الذكر برأسين والانثى برأس واحد فيكون لكل زوجة عشرة اسهم، ولكل من الابوين اربعون سهمًا، ولكل ابن ست وعشرون سهمًا، يراجع الشكل رقم 84.
ولو مات عن زوجتين، وجدتين ام ام وام اب، وثلاث اخوات لاب واخوين لأب، لكانت المسألة من 12 وتصح من 24، لكل زوجة ثلاثة، ولكل جدة اثنان، ولكل اخت اثنان، ولكل اخ لأب اربعة، يراجع الشكل رقم 85.


لكل زوجة ثلاثة
لكل اخت لأب اثنان
لكل اخ لأب اربعة
ولو مات عن زوجة وام وبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن، لكانت المسألة من 24 وتصح من 72، للزوجة تسعة، وللأم اثنا عشر، ولكل بنت اربعة وعشرون، ولبنت الابن واحد، ولابن ابن الابن اثنان، يراجع الشكل رقم 86.

المادة 335
هذه المادة، تظهر بوضوح احدى الحالات في الميراث، ولكل من الاخت الشقيقة أو الاخت لأب، وسبق ان بينت هذه المذكرة في شرح المادة 327 ان كلا منهما تصير عصبة مع البنت أو بنت الابن، واحدة كانت الاخت أو اكثر، وسواء كانت البنت أو بنت الابن واحدة أو اكثر، فكل من البنت أو البنات أو بنت الابن أو بنات الابن، تأخذ فرضها الذي هو النصف للواحدة، والثلثان للاثنتين فأكثر، وما بقي بعد اصحاب الفروض جميعًا تأخذه العصبات.
فالأخت الشقيقة التي صارت عصبة مع الغير، تصير في حكم الأخ الشقيق، فتحجب الاخوة لأب، الذكور منهم والاناث، كما تحجب ابناء الاخوة جميعًا، والاعمام وابناء الاعمام.
والاخت لأب التي صارت عصبة مع الغير، تحجب ابناء الاخوة الاشقاء، أو لأب من باب اولى، كما تحجب الاعمام جميعًا وابناءهم، وهذا ما نصت عليه العبارة الاخيرة من هذه المادة.
فلو مات عن زوجتين، وبنت، واخت شقيقة، واخ لأب، كان للزوجتين الثمن، وللبنت النصف، والباقي للشقيقة بالتعصيب، ولا شيء للأخ لاب لكونه قد حجب بالأخت الشقيقة التي صارت عصبة مع الغير، يراجع الشكل رقم 87.
ولو ماتت عن زوج وثلاث بنات واختين لأب وعم شقيق، كان لزوج الربع، وللبنات الثلثان، والباقي للاختين لأب بالتعصيب، ولا شيء للعم اذ انه محجوب بالاخت لاب، التي صارت عصبة مع الغير، يراجع الشكل رقم 88.


الفصل الرابع :
الوارثون بالفرض والتعصيب
المادة 336
سبق ان بينت المادة 320 ان الميراث قد يكون بالفرض – فقط – أو بالتعصيب – فقط – أو بهما معًا، وهنا جاء التفصيل والايضاح للنوع الاخير فالورثة الذين يمكن ان يكون لهم ميراث بالفرض والتعصيب معًا، ثلاثة اصناف فقط، أي لا يكون لغيرهم تلك الميزة، وهم:
اولاً: الأب أو الجد لأب وإن علا – حين فقد الاب – اذا كان للمتوفي فرع وارث انثى، كالبنت أو بنت الابن مهما نزل ابوها، فيأخذ أي منهما فرض السدس اولاً، ثم إن فضل شيء من السهام بعد ذوي الفروض اخذه بالتعصيب ايضًا، كما لو مات عن: زوجة وبنت واب، للزوجة الثمن، وللبنت النصف، وللاب السدس فرضًا والباقي تعصيبًا، والمسألة من 24 للزوجة ثلاثة، وللبنت اثنا عشر، وللأب اربعة اسهم بالفرض، والباقي الذي هو خمسة اسهم يأخذه بالتعصيب، فتصير سهامه جميعًا تسعة اسهم يراجع الشكل رقم 89.
وكذا لو كان بدل الأب جد لأب، يراجع الشكل رقم 90.
ثانيًا: الزوج، إذا كان ابن عم للمتوفاة، وليس ثمة عصبة مقدمة عليه في الجهة أو القرب أو القوة.
فلو ماتت: عن زوجها الذي هو ابن عمها، وعن بنتها، وامها، كان للزوج الربع فرضًا، وللبنت النصف فرضًا، وللأم السدس فرضًا، والمسألة من 12 ويبقى واحد من السهام بعد ذوي الفروض يأخذه الزوج الذي هو ابن عم المتوفاة بالتعصيب، فتصير سهامه جميعًا اربعة، يراجع الشكل رقم 91.



ثالثاً: الأخ لأم واحدًا كان أو اكثر، اذا كان المتوفي ابن عم لأولاد امه، ويحصل هذا اذا تزوجت المرأة اخًا لزوجها بعد وفاته، فصار لها اولاد، من كلا الزوجين الاخوين، فهؤلاء الاولاد إخوة لأم اذ ان امهم واحدة، وهم في الوقت ذاته ابناء عم.
فلو توفي رجل عن زوجة وجدة وعن اربعة اخوة لأم، هم في الوقت ذاته ابناء عمه، كان للزوجة الربع فرضًا، وللجدة السدس فرضًا، وللاخوة لأم الثلث فرضًا يقسم عليهم بالتساوي، وما زاد بعد ذوي الفروض يأخذه الذكور فقط بحكم انهم ابناء عم المتوفي بالتعصيب.
اما الاخوات لأم فلا يمكن ان يكون لهن ميراث بالتعصيب ولو كن بنات عم للمتوفي، لأن ابن العم لا يعصب بنت العم، التي هي من ذوي الارحام، يراجع الشكل رقم 92.

الفصل الخامس:
الحجب والحرمان
المادة 342
عرفت المادة 337 الحجب المقصود في علم الفرائض، وبينت نوع الحجب وحكم المحجوب، والفرق بينه وبين الممنوع من الارث.
فالحجب لغة: المنع، جاء في القاموس حجبه أي منعه من الدخول، ومنه الحجاب اسم لما يستر به الشيء.
وهو في الاصطلاح: منع شخص معين قام به سبب الارث من الميراث كله أو بعضه لوجود وارث آخر اقوى منه، وقد اختار القانون هنا لفظ الحرمان بدل المنع، للتمييز بين المحجوب وبين الممنوع من الميراث لمانع من الموانع التي سبق ذكرها في المواد 317 – 319 من هذا القانون، فالممنوع من الميراث كقاتل مورثه مثلاً يعتبر كالمعدوم اصلاً ولا يحجب غيره لا حجب حرمان ولا حجب نقصان.
فلو توفي رجل عن: ابن قاتل وعن زوجة وام واخ شقيق، لما كان للابن شيء البتة، ولما حجب الزوجة من الربع الى الثمن، ولا الأم من الثلث الى السدس، ولا الأخ الشقيق اصلاً، ولو كان الابن في هذه المسألة غير ممنوع من الميراث لأخذت الزوجة الثمن، والام السدس، ولما كان للشقيق شيء، لأنه يكون محجوبًا به، يراجع الشكل رقم 93.
اما في مثالنا على المنع فتكون المسألة من 12 للزوجة ربعها، ثلاثة اسهم، وللأم ثلثها اربعة اسهم، والباقي خمسة اسهم للأخ الشقيق بالتعصيب، ولا شيء للابن القاتل، يراجع الشكل رقم 94.


اما المحجوب، كالاخوة المتعددين الذين حجبوا بالأب فانهم يحجبون الام حجب نقصان من الثلث الى السدس كما مرت الاشارة الى ذلك حين ذكر احوال الام في الميراث في المواد 326، 327، 328.
وهذا ولا بد من ان نشير هنا في هذه المذكرة التوضيحية الى نوعي الحجب وبيان الورثة الذين لا يمكن ان يدخل عليهم حجب الحرمان، والورثة الذين يمكن ان يدخل عليهم حجب النقصان، والورثة الذين يمكن ان يدخل عليهم حجب الحرمان.
فالحجب نوعان:
1- حجب حرمان، وهو ان يحرم الوارث من الميراث بالكلية كالأخ مع وجود الابن.
2- حجب نقصان، وهو ان يحرم الوارث من اوفر حظيه في الميراث، فيأخذ الفرض الاقل، كالزوج مع الفرع الوارث، يحجب حجب نقصان من النصف الى الربع كما تقدم حين بحث المادتين 322 – 323.
والورثة الذين لا يمكن ان يدخل عليهم حجب الحرمان هم: الابوان والزوجان، والابن والبنت (أي الولد الصلبي).
والورثة الذين يمكن ان يدخل عليهم حجب النقصان هم: الزوجان مع الفرع الوارث، والام مع الفرع الوارث أو العدد من الاخوة والاخوات مطلقًا وبنت الابن مع البنت الصلبية الواحدة، والاخت لأب مع الاخت الشقيقة.
اما الورثة الذين يمكن ان يدخل عليهم حجب الحرمان فهم:
1- اولاد الابن جميعًا، يحجبون بالابن وبكل ابن ابن اعلى منهم، كما تحجب بنات الابن بوجود البنتين الا ان يكون ثمة من يعصبهن.
2- الجد لأب، يحجب بالأب وبكل جد عاصب اقرب منه الى الميت المادة 338/1.
3- الجدات مطلقًا يحجبن بالأم، والبعدى من الجدات مطلقًا تحجب بالقربى الا اذا كانت الجدة القربى من جهة الأب فلا تحجب البعدى من جهة الأم، المادة 338/2 اخذًا بمذهب المالكية والشافعية، وذلك لمكانة الامومة، ولأن الأب نفسه لا يحجب أم الأم وإن علت، فكذلك أم الاب لا تحجب أم أم الأم، خلافًا للمذهب الحنفي والحنبلي اللذين يقرران ان الجدة القربى، تحجب البعدى مطلقًا، حسب القواعد العامة. ومن ادلت بالأب أو بالجد العاصب تحجب به (الفقرة الثانية من المادة 338).
4- الاخوة الاشقاء والاخوات الشقيقات، يحجبون بالابن، وابن الابن مهما نزل وبالاب، المادة 341 وبالجد عند ابي حنيفة.
5- الاخوة لأب يحجبون بمن ذكر آنفًا – أي بالذين يحجبون الاخوة الاشقاء – وبالأخ الشقيق وبالأختين الشقيقتين، وبالأخت الشقيقة اذا صارت عصبة مع الغير.
6- الاخوات لأب يحجبن بمن ذكر في البند السابق 5 وبالاختين الشقيقتين ما لم يكن معهن من يعصبهن.
7- الاخوة لأم يحجبون بالفرع الوارث مطلقًا، وبالأصل الذكر أي الأب العاصب وإن علا، المادة 339.
8- العصبات يحجب بعضهم بعضًا حسب القاعدة السابقة، أي تراعى الجهة ثم القرب ثم القوة (تراجع المواد 330 – 332).
9- بنت الابن وإن نزل تحجب بالابن وابن الابن الاعلى منها، وبالبنتين، أو بنتي الابن الاعلى منها درجة ما لم يكن معها من يعصبها، وهو الابن المبارك، المادة 340.
الفصل السادس:
الرد والعول
المادة 343
عرّفت هذه المادة 343 الرد: بأنه زيادة في انصبة ذوي الفروض بنسبة فروضهم لزيادة اصل المسألة على مجموع سهامها، فحينما يكون في المسألة صاحب فرض واحد فقط، أو اصحاب فروض، وليس فيها عصبة، ومجموع سهام ذوي الفروض اقل من اصل المسألة، يكون في المسألة رد، فهو إذن عكس العول، ويعرفه الفقهاء بأنه: نقص في السهام زيادة في الانصباء، فالرد اذن: يأتي في الدرجة الثالثة من درجات الميراث، ذلك اننا نبدأ باعطاء ذوي الفروض فروضهم، فإن فضل شيء من التركة اعطيناه للعصبة، فإن لم يكن عصبة رددنا الزائد على ذوي الفروض بنسبة فروضهم.
المادة 344
بينت هذه المادة كيفية الرد ومن يرد عليهم حسب الراجح الذي اخذت به اكثر قوانين الاحوال الشخصية المعمول بها في البلاد العربية، وهو الرد على اصحاب الفروض غير الزوجين، اذا لم يوجد عصبة، ثم الرد على الزوجين اذا لم يوجد قريب صاحب فرض ولا عصبة ولا ذو رحم.
وقد قال بالرد على اصحاب الفروض عدا الزوجين، سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، وسيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وكثير من الصحابة، واخذ بقولهم المذهب الحنفي والحنابلة والمتأخرون من الشافعية والمالكية، لقوله تعالى "وأولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله" (الانفال، آية 75).
فإعطاء الزائد عن ذوي الفروض، الى ذوي الفروض انفسهم، اولى من اعطائه الى غيرهم من الارحام الآخرين، لأن ذوي الفروض اشد قربًا الى الميت والصق به رحمًا، وجاء في السنة الشريفة ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، إن تصدقت على امي بجارية، فماتت وبقيت الجارية، فقال عليه الصلاة والسلام: "وجب اجرك، ورجعت اليك الجارية في الميراث" فجعل حقها في الجارية كلها بطريق الارث، ولولا الرد، لكان لها نصفها فقط.
وذهب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، الى الرد على اصحاب الفروض جميعًا بما فيهم الزوجان.
وذهب سيدنا زيد بن ثابت الانصاري رضي الله عنه، الى انه لا يرد على احد من ذوي الفروض، لأن الله قدّر لكل وارث من ذوي الفروض نصيبه، والرد زيادة على ما قدر الله فلا يجوز، ويعطى الباقي الى بيت المال.
وبقوله اخذ مالك والشافعي رحمهما الله، وقالوا اذا لم يوجد عصبة يستحق الباقي بعد سهام ذوي الفروض، وضع الزائد ببيت المال.
ونشير هنا الى ان الرد على الزوجين بعد ذوي الارحام، هو الاتجاه الذي سارت فيه كثير من قوانين الاحوال الشخصية في بلادنا العربية وهو منسجم مع روح الشريعة، وموافق لمذهب سيدنا عثمان في الجملة، فصلة الزوجين في الحياة وما بينهما من مودة ورحمة، تقتضي بأن يكون لكل منهما الحق في مال الآخر بعد الوفاة اذا لم يوجد صاحب فرض ولا عصبة ولا ذو رحم.
وطبقًا لهذا القول المعتمد، تقسم مسائل الرد الى اربعة انواع:
النوع الاول: ان لا يكون في المسألة زوج ولا زوجة، وفيها فريق واحد فقط ممن يرد عليهم، كأن يكون للمتوفي بنات فقط، أو بنات ابن فقط، أو اخوات شقيقات أو لأب أو لأم أو اخوة لأم أو جدات ثابتات متساويات فقط، وحينئذ يكون اصل المسألة عدد رؤوس هذا الفريق.
فلو مات عن خمس بنات فقط، فأصل المسألة خمسة لكل واحدة سهم، مع ان فرضهن الثلثان، ولكن رددنا عليهن الزيادة، فاخذن جميع التركة، يراجع الشكل رقم 95.
وكذا لو مات عن سبع شقيقات أو ثلاث اخوات لأب، أو تسع اخوة لأم، أو ثلاث جدات ثابتات متساويات، اذ يكون اصل كل مسألة من هذه المسائل هو عدد رؤوس هذا الفريق الوحيد، وتؤول التركة جميعها لهؤلاء فرضًا وردًا، يراجع الشكل رقم 96.


النوع الثاني: ان يكون في المسألة فريقان أو ثلاثة ممن يرد عليهم وليس فيها احد الزوجين، وحينئذ نرجع اصل المسألة الى مجموع عدد السهام كما لو مات عن بنت وأم، أو ثلاث اخوات متفرقات، واحدة شقيقة وواحدة لأب وواحدة لأم، أو ماتت عن بنت وبنتي ابن وجدة ففي هذه المسائل يرد الاصل فيها الى مجموع السهام، ففي الاولى كان اصلها ستة، وردت الى اربعة، اذ ان للبنت النصف ثلاثة من ستة وللأم السدس واحد من ستة، فالمجموع اربعة، وتكون حصة البنت 3 من اربعة فرضًا وردًا، وحصة الام 1 من اربعة فرضًا وردًا، يراجع الشكل رقم 97.
وفي المسائل الاخرى يرد الاصل الى خمسة، وهي مجموع السهام، لأن النصف ثلاثة من ستة، والسدس واحد من ستة، وكذلك السدس الآخر واحد، فزادت بالرد انصباء الجميع بنسبة واحدة يراجع الشكل رقم 98، 99، 100.
ولو مات عن: خمس اخوة لأم، وعن جدتين، لصار اصلها بعد الرد ثلاثة فقط، لأن فرض الاخوة لأم هو الثلث اثنان من ستة، وفرض الجدات هو السدس واحد من ستة، فالمجموع ثلاثة وتصح من ثلاثين، يراجع الشكل رقم 101.





النوع الثالث: أن يكون في المسألة فريق واحد يرد عليهم، مع وجود احد الزوجين، وحينئذ نجعل اصل المسألة هو مخرج فرض الموجود من الزوجين، فنعطيه فرضه من اقل مخارجه، ثم نعطي الباقي جميعه لمن يرد عليهم، يراجع الاشكال ارقام: 102 ورقم 103 ورقم 104 ورقم 105.
النوع الرابع: ان يكون في المسألة فريقان أو ثلاثة ممن يرد عليهم، مع وجود احد الزوجين، وحينئذ نتبع في حال المسألة المراحل التالية:
1- نعطي احد الزوجين فرضه من اقل مخارجه الذي نعتبره اصل المسألة الاولى، والباقي لجميع ذوي الفروض الذين يرد عليهم.
2- نعتبر ذوي الفروض الذين يرد عليهم هم الورثة وحدهم في مسألة ثانية ردية وفقًا لما مر آنفًا في مسائل النوع الثاني.
3- نوحد الجامعة بين المسألتين بضرب اصل الثانية في الباقي من المسألة الاولى بوضعه فوقها، والناتج هو اصل مسألة ثالثة هي الجامعة.
4- نضرب سهم احد الزوجين، بأصل الثانية، وسهام كل فريق ممن يرد عليهم من المسألة الثانية في الباقي من السهام في المسألة الاولى، يراجع الشكل رقم 106 ورقم 107 ورقم 108.







ملاحظة: اذا وقع في أي مسألة من مسائل الميراث كسر في سهام أي فرد من افراد الورثة، صححنا المسألة بضربها بجزء السهم، الذي هو حاصل ضرب الاعداد المتحصلة لدينا من الفرقاء الذين وقع في افرادهم الانكسار، وذلك بأخذ جميع عدد الرؤوس المباين للسهام، ووفق عدد الرؤوس، الموافق للسهام، ثم اختصار ما تحصل لدينا، بحذف العدد المتماثل مع غيره، وضرب الوفق بالموافق، وضرب المباين بالمباين – ثم نضرب الناتج بالمسألة كلها، يراجع الشكل رقم 109 ورقم 110 ورقم 111 ورقم 112 ورقم 113 ورقم 114.

هنا وقع الانكسار في فريق الاخوة لأم، وبين عدد الرؤوس وعدد السهام تباين، اخذنا جميع عدد الرؤوس واعتبرناه جزء سهم وضربنا به المسألة.

هنا وقع الانكسار في فريق الاعمام، وبين عدد الرؤوس وعدد السهام توافقا. اخذنا وفق عدد الرؤوس، أي حاصل قسمة عدد الرؤوس على القاسم المشترك 3، فالناتج هو العدد 2 وهو جزء السهم في هذه المسألة

هنا وقع الانكسار في فريقين، اخذنا عدد رؤوس الفريق الاول لأنه يباين عدد السهام، وكذلك عدد رؤوس الفريق الثاني، لأنه يباين عدد السهام ايضًا، والعددان المحصلان لدينا متباينان ضربناها ببعضها، والناتج هو جزء سهم من هذه المسألة.

الانكسار هنا في جميع الفرقاء فمن الفريق الاول العدد 4 للتباين، ومن الفريق الثاني عدد 3 للتوافق، وفي الفريق الثالث العدد 3 للتباين، وفي الفريق الرابع العدد 5 للتباين، اخذت من العددين المتماثلين احدهما ثم ضربنا الاعداد 4×3×5 = 60 والناتج هو جزء السهم.

الانكسار هنا في جميع الفرق واعداد الرؤوس جميعًا تباين اعداد السهام في كل فريق، فتأخذ اعداد الرؤوس ولتحصل منها اربع اعداد تباين بضربها بعض في بعض فيحصل جزء السهم.

الانكسار هنا في جميع الفرقاء واعداد الرؤوس فيها جميعًا تباين اعداد السهام. ولكن نلاحظ ان الثلاثة داخلة في التسعة، تستغني عنها وتحصل منها ثلاثة اعداد تضربها لبعضها في بعض فالناتج هو جزء السهم.
ونشير هنا الى ان العلاقة بين العددين قد تكون: تماثلاً، مثل 2 مع 2، و3 مع 3، و7 مع 7 وهكذا، وقد تكون:
تداخلاً: بأن يقسم العدد الاصغر العدد الاكبر قسمة صحيحة من دون باق مثل 3 مع 6 أو مع 9، ومثل 2 مع 4 أو مع 6، ومثل 4 مع ثمانية أو 12، وقد تكون:
توافقاً: بأن يكون القاسم المشترك بينهما عدد ثالث غير الرقم 1 مثل 4 مع 6 يقسمهما العدد 2، ومثل 6 مع 9 يقسمهما العدد 3، ومثل 8 مع 12 يقسمهما العدد 4، وقد يكون:
تباينًا: بأن لا يكون للعددين قاسم مشترك، مثل 2 مع 3، أو 4 مع 5، أو 7 مع 9 وهكذا.
المادة 345
عرفت هذه المادة العول الذي هو عكس الرد، فهو زيادة في مجموع سهام ذوي الفروض على اصل المسألة، ويلزم من ذلك دخول النقص على الجميع بنسبة فروضهم، يراجع الشكل رقم 114.
وأول ما وقع العول في زمن سيدنا عمر رضي الله عنه، اذ رفعت اليه مسألة فيها زوج واختان، فقال: إن بدأت بالزوج أو بالاختين، لم يبق للآخر حقه، فأشيروا علي، وكان عنده من الصحابة زيد وعلي والعباس رضي الله عنهم، فاتفقوا على العول.
واصول المسائل التي تعول هي: الستة، والاثنا عشر، والاربع وعشرون والاصول التي لا تعول ابدًا هي: الاثنان، والثلاثة، والاربعة، والثمانية (ذلك ان اصل المسألة هو المخرج المشترك للفروض التي فيها، فأصل المسألة التي فيها نصف فقط أو نصفان هو العدد 2، واصل المسألة التي فيها ثلث فقط ان ثلثان فقط او ثلث وثلثان هو العدد 3، واصل المسألة التي فيها ربع فقط أو ربع ونصف فقط هو العدد 4، واصل المسألة التي فيها ثمن فقط أو ثمن ونصف هو العدد 8 واذا اجتمع النصف مع الثلث أو الثلثين أو السدس أو معها جميعًا فأصل المسألة هو العدد 6، واذا اجتمع الربع مع الثلث أو الثلثين أو السدس أو معها جميعًا فأصل المسألة هو العدد 12، واذا اجتمع الثمن مع الثلث أو الثلثين أو السدس أو معها جميعًا فأصل المسألة هو العدد 24).
أ- للستة اربع عولات، فهي تعول الى: سبعة، والى ثمانية، والى تسعة، والى عشرة. يراجع الاشكال ارقام 116 ورقم 117 و118 و119 وتسمى ام الفروخ كما سيأتي.





ب- الاثنا عشر لها ثلاث عولات، فهي تعول الى: 13 و15 و17، كما في الشكل رقم 115 ورقم 120 ورقم 121.
ج- الاربعة وعشرون: ولها عولة واحدة فقط، فهي تعول الى 27، كما في الشكل رقم 122، وتسمى المسألة المنبرية، لأن عليًا كرم الله وجهه اجاب سائلاً عليها وهو على المنبر يخطب ومضى في خطبته كما، سيأتي.



الفصل السابع:
مسائل خاصة
الفرع الاول
الاكدرية
المادة 346
المسائل الخاصة أو الملقبة (أي التي اطلق علماء الفرائض على كل منها اسمًا خاصًا أو لقبًا معينًا)، نوعان:
أ- النوع الاول: مسائله مستثناة من الاحكام العامة التي سبق بيانها فيما تقدم، اذ ان المفتى به لدى جمهور الفقهاء، هو ان لكل منها حكمًا خاصًا وهذا النوع يشمل ثلاث مسائل نصت عليها المواد 346 و347 و348 وفيما يلي تفصيلها:
المسألة الاكدرية، وقد تناولتها المادة 346 وسميت بهذا الاسم، لأن الجد العاصب فيها كدّر على الاخت الشقيقة أو لأب فرضها الذي هو النصف، أو لأن هذه المسألة كدّرت على سيدنا زيد بن ثابت مذهبه، أو لأن المرأة المتوفاة في المسألة المذكورة كانت من قبيلة اكدر.
فقد ماتت عن: زوج، وأم، وجد عاصب، وأخت شقيقة أو لأب، فأصل المسألة ستة، وقد عالت الى تسعة، للزوج النصف ثلاثة اسهم، وللأم الثلث سهمان، ويأخذ فيها الجد مبدئيًا السدس سهمًا واحدًا، وتأخذ الأخت فيها مبدئيًا النصف ثلاثة اسهم، ثم نجمع سهم الجد مع سهام الأخت فتكون سهامهما معًا اربعة اسهم، تقسم عليهما اثلاثًا، إذ ان الجد برأسين والاخت برأس، وتصح المسألة من 27، يراجع الشكل رقم 123.

وقد مرت الاشارة اليها في الحاشية لهذه المذكرة حين تعليقها على المادة 327 اثناء ذكر احوال الجد العاصب، ورسمت في الشكل رقم 23.
الفرع الثاني
المشتركة
المادة 347
المسألة المشتركة: وتسمى ايضًا بالمشرّكة، واليميّة، والحجرية، إذ ان الاخوة الاشقاء فيها قد شاركوا الاخوة لأم في ثلث التركة الذي كان فرضًا لأولاد الام فقط، ثم قسم على الاخوة جميعًا (اشقاء ام لأم بالتساوي الذكور مثل الاناث) وقد وقعت هذه المسألة في العام الثاني من خلافة الفاروق عمر بن الخطاب، فجاء الاخوة الاشقاء اليه، فقالوا له: هب أبانا كان حجرًا في اليم، اليست امنا واحدة؟ فأشركهم رضي الله عنه في الثلث من تركة اختهم المتوفاة مع باقي اخوتها من امها واعتبرهم جميعًا كأنهم اخوة لأم، وفي رواية اخرى، قال الاخوة الاشقاء للفاروق، هب أبانا كان حمارًا اليست امنا واحدة؟ فلقبت هذه المسألة ايضًا "الحمارية".
وصورتها كما ذكرتها المادة 347: زوج، وأم (أو جدة أم أم) واخوان لأم (اثنان أو اكثر) واخ شقيق (واحد أو اكثر). فالمسألة من 6، للزوج النصف ثلاثة اسهم، وللأم أو الجدة السدس سهم واحد، والثلث سهمان يقسم بين الاخوة جميعًا بالتساوي الذكور كالاناث، وجزء السهم وهو عدد رؤوس الاخوة، كما في الشكل رقم 124.

الفرع الثالث
المالكية وشبهها
المادة 348
المالكية وشبهها، وهما مسألتان في فقه الامام مالك رحمه الله، على سبيل الاستثناء، وفيهما يوافق ابا حنيفة واحمد رحمهما الله، ففي كل منهما يحجب الجد العاصب الأخ سواء اكان لأب أو لأبوين كما حجب الاخوة لأم بالاجماع.
وصورة الاولى كما ذكرتها المادة 348: زوج، وأم، وجد عاصب، واخوة لأم، واخ لأب.
وصورة الثانية كما ذكرتها المادة المذكورة: زوج، وأم، وجد عاصب، واخوة لأم، واخ شقيق.
ففي هاتين المسألتين يأخذ الزوج النصف ثلاثة اسهم، وتأخذ الأم السدس سهمًا واحدًا، ويأخذ الجد الباقي بالتعصيب، ولا شيء للأخ الشقيق ولا للأخ لأب يراجع الشكل رقم 125. والشكل رقم 126.


ب- النوع الثاني من المسائل الخاصة، هو مسائل اشتهرت عند الفرضيين بالقاب خاصة، وليس فيها ما يخالف القواعد العامة السابق بيانها، وفيما يلي اشهر تلك المسائل الملقبة:
1- المسألتان الفراويتان، أو العمريتان وهما: زوج، وأم، وأب، أو زوجة، وأم، وأب، فللام في كل منهما ثلث الباقي بعد فرض احد الزوجين (وقد سبق بيانهما في هذه المذكرة حين التعليق على المادة 328 يراجع الشكل رقم 77 والشكل رقم 78.
وسميتا بذلك لوضوحهما كالنجمة الغراء، ولأن سيدنا عمر افتى بذلك في محضر من كبار الصحابة فلم ينكر عليه احد فكان اجماعًا.
2- المنبرية: وصورتها، زوجة، بنتان، ام، أب، فالمسألة من 24 وعالت الى 27، يراجع الشكل رقم 127.

لقبت بالمنبرية، لأن الامام عليا كرم الله وجهه، كان يخطب مرة على المنبر وبدأ خطابه بقوله: الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعًا، واليه المآب والرجعي، ويجزي كل نفس بما تسعى، فقام واحد من الناس وسأله عن هذه المسألة فقال على الفور: وصار ثمن الزوجة تسعًا، ومضى في خطبته كأن شيئاً لم يكن، مشيرًا رضي الله عنه الى ان المسألة كانت من اربع وعشرين، للزوجة الثمن ثلاثة اسهم، وبالعول صارت الى 27، وصارت سهام الزوجة تعادل 9/1 فقط، فكان ذلك من بلاغته وحضور بديهته ونباهته رضي الله عنه.
3- الدينارية: وصورتها، زوجة، وأم، بنتان، واثنا عشر اخًا شقيقًا، واخت شقيقة واحدة، وكانت تركة المتوفي 600 دينار، فكان نصيب الأخت من هذه التركة كلها دينارًا واحدًا، يراجع الشكل رقم 128.

سميت بهذا الاسم، اذ يلغز فيها على النحو التالي، رجل مات وترك 17 وارثًا ذكورًا واناثًا، و600 دينارًا، فأصاب احد الورثة دينارًا واحدًا.
وتسمى هذه المسألة نفسها، الداوودية، لأن داوود الطائي قسمها كما تقدم، فجاءت الاخت الى ابي حنيفة رحمه الله فقالت: إن اخي مات وترك 600 دينار، فلم اعط من ميراثه سوى دينار واحد، فقال: إنه لم يظلمك، هل ترك اخوك امًا؟ فقالت نعم، قال: هل ترك بنتين؟ قالت نعم، قال: هل ترك زوجة؟ قالت: نعم، قال هل معك اثنا عشر اخًا؟ قالت: نعم، فقال: اذن حقك في الميراث دينار واحد. وكان ذلك من حدة ذكاء الامام الاعظم رحمه الله تعالى.
3- ام الفروخ: وصورتها ماتت امرأة عن: زوج، وأم، واربع اخوات لأم، واختين شقيقتين، يراجع الشكل رقم 129. فأصل المسألة من 6 وعالت الى 10، وسميت بهذا الاسم لانها اكثر المسائل عولاً، والنقص الذي دخل على الفروض بسبب العول هو اعظم ما يكون، فشبهت السهام الزائدة الاربعة بالفروخ، وسميت بالاسم المذكور.
وسميت ايضًا الشريحية لأن شريحًا القاضي اول من قضى فيها.

5- ام الارامل: وصورتها، مات رجل عن: ثلاث زوجات، وجدتين (ثابتتين متساويتين)، واربع اخوات لأم، و8 اخوات شقيقات، يراجع الشكل رقم 130 فأصل المسألة 12، وعالت الى 17، وسميت بهذا الاسم لان الورثة كلهن من النساء وتسمى ايضًا ام الفروج، ويلغز فيها ايضًا فيقال: مات رجل وترك 17 دينارًا و17 امرأة، فأصاب كل امرأة منهن دينار واحد، وتسمى ايضًا بالدينارية الصغرى وبالسبع عشرية.

6- الخرقاء، وصورتها، مات رجل عن: أم، وجد عاصب، واخت شقيقة أو لأب، واختلف فيها الصحابة على سبعة اقوال، وسميت بذلك لأن الاقوال المتعددة فيها خرقتها، وتسمى ايضًا المسدّسة، لأن الاقوال فيها ترجع الى ستة في الحقيقة، وتسمى ايضًا مثلثة عثمان، ومربعة ابن مسعود، ومخمسة الشعبي، ومسدسة الصديق.
قال فيها ابو بكر وموافقوه: للأم الثلث، وللجد الباقي، ولا شيء للأخت، وبهذا قال ابو حنيفة وأحمد.
وقال زيد بن ثابت وموافقوه: للأم الثلث، والباقي بين الجد والأخت، هو برأسين وهي برأس واحد، وبهذا قال الشافعية والمالكية وهذا هو الذي اخذت به القانون.
وقال علي رضي الله عنه: للأم الثلث، وللجد السدس، وللأخت النصف.
وقال عمر وابنه عبدالله: للأخت النصف، وللأم ثلث ما يبقى، وللجد الباقي.
وقال ابن مسعود: في احدى روايتين عنه: للأم الثلث والباقي بين الجد والاخت مناصفة.
وقال عثمان: المال بينهم اثلاثًا لكل واحد منهم ثلث، ولذا سميت المثلثة.
7- اليتيمتان: وصورتهما، زوج، واخت لأبوين، أو زوج، واخت لأب.
ففي كل من المسألتين تورث التركة بفريضتين متساويتين، اذ للزوج النصف، وللأخت النصف، وليس في مسائل الفرائض كلها مسألة فيها نصفان فقط الا هاتان المسألتان ولذا سميتا اليتيمتين.
8- المباهلة: وصورتها، زوج، وام، واخت لابوين، للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت النصف، فأصل المسألة من ستة وتعول الى ثمانية، وهي اول مسألة عالت في الاسلام، ووقعت في صدر خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستشار الصحابة فيها، وقسم بالعول ولم يخالفه احد، فلما ولي الخلافة عثمان رضي الله عنه، اظهر ابن عباس المخالفة لما فعل عمر، وقال: لو قدموا من قدمه الله، واخروا من اخره الله ما عالت فريضة قط، فقيل له: من قدمه الله ومن اخره الله؟، قال الزوج والزوجة والام والجدة ممن قدمه الله، واما من اخره الله فالبنات وبنات الابن، والاخوات لأبوين أو لأب، فتارة يفرض لهن، وتارة يكّن عصبة – أي بالغير – فيدخل النقص على هؤلاء الاربعة. فلما ناقشوه في هذا الرأي قال: من شاء باهلته، إن الذي احصى رمل عالج، لم يجعل في المال نصفًا ونصفًا وثلثًا، فقيل له: هلا ذكرت ذلك في زمن عمر؟ فقال: كان مهيبًا فهبته.
وقوله باهلته، مأخوذ من قول الله تبارك وتعالى: "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" (سورة آل عمران، آية 61 ومن هنا سميت هذه المسألة بالمباهلة.
9- المروانية: وصورتها: زوج وست اخوات متفرقات – أي اثنتان شقيقتان، واثنتان لاب، واثنتان لأم – فللزوج النصف، وللشقيقتين الثلثان، وللأختين للأم الثلث، ولا شيئ للاختين لأب، واصل المسألة ستة، وتعول الى تسعة، وسميت مروانية لوقوعها في زمن مروان بن الحكم، يراجع الشكل رقم 131.

10- المأمونية: وصورتها: أب وأم وبنتان، فماتت احدى البنتين وخلفت بقية هؤلاء الورثة، فهذه يختلف الجواب فيها بين ان يكون الميت الاول ذكرًا، يراجع الشكل رقم 132، وبين ان يكون الميت الأول انثى، يراجع الشكل رقم 133.

عن تقدير الميت الأول ذكرًا
وفيها مناسخة، وصار الجد العاصب مع الشقيقة يستحقان الباقي بالتعصيب بعد فرض الجدة الذي هو السدس.

عن تقدير الميت الأول انثى
وفيها مناسخة، بالمسألة الثانية ردّية ولا يرث فيها الجد الرحمي شيئاً.
وسميت هذه المسألة بالمأمونية، لأن الخليفة المأمون، اراد ان يولي قضاء البصرة احدًا، فأحضر بين يديه يحيى بن اكثم فاستحقره، فسأله عن هذه المسألة، فقال: يا امير المؤمنين، اخبرني عن الميت الأول، ذكرًا كان ام انثى؟ فعرف المأمون انه عالم ويعرف المسألة، فأعطاه العهد وولاه القضاء، ذلك ان الميت الاول إن كان ذكرًا يكون ابًا. للمتوفاة الثانية التي هي احدى بنتيه، فيكون ابوه جدًا لها، وهو وارث بالتعصيب للمتوفاة الثانية التي هي بنت ابنه، ولو كان الميت الاول انثى فإنها تكون امًا للمتوفاة الثانية التي هي بنتها، فيكون ابوها جدًا رحميًا للمتوفاة الثانية وهو من ذوي الارحام. فلا يرث من بنت ابنته، وفي كلا المسألتين مناسخة، نحل فيها مسألة المتوفي الاول في المرحلة الاولى، ثم نحل مسألة المتوفي الثاني بعد معرفة نسبة الورثة الاحياء اليه، ثم نبحث عن المسألة الجامعة للمسألتين وفق ما سبقت الاشارة اليه في مسائل الرد من النوع الرابع تراجع هذه المذكرة في توضيحها للمادة 344، والمسائل المرسومة في الاشكال ذوي الارقام 106 و107 و108.
الفصل الثامن:
ميراث ذوي الارحام
المادة 349
سبق ان بينت المادة 320، ان الميراث يكون بالفرض، أو بالتعصيب، أو بهما معًا، أو بالرحم.
وسبق ان اشارت هذه المذكرة الى ان ذوي الارحام هم اقارب الميت الذين ليسوا اصحاب فروض ولا عصبة، وسبق ايضاح ترتيب هؤلاء في استحقاق الميراث.
فمرتبة ذوي الارحام، تأتي بعد الرد على ذوي الفروض النسبيين – أي غير الزوجين – وقبل الرد على الزوجين.
وقد اوضحت هذه المادة اصناف ذوي الارحام، وان هذه الاصناف مقدم بعضها على بعض في استحقاق الميراث، فكل صنف منها يحجب الاصناف الاخرى التي تأتي بعده.
فالصنف الاول: هم من فروع المتوفي، وهم اولاد البنات مهما نزلوا، واولاد بنات الابن مهما نزلوا.
والصنف الثاني: هم من اصول المتوفي وهم الاجداد الرحميون الذين يدلون بالأم مثل أب الأم، والجدات الرحميات مثل ام اب الأم، مهما علا هؤلاء.
والصنف الثالث: هم من فروع احد ابوي المتوفي، وهم اولاد الاخوات مطلقًا، وبنات الاخوة مطلقًا، وبنات اولاد الاخوة مطلقًا، وابناء الاخوة لأم، وفروع هؤلاء المذكورين مهما نزلوا.
والصنف الرابع: هم فروع احد اجداد المتوفي، أو جداته، ففروع جديه الاولين من ناحية الاب هم الاعمام لأم، والعمات مطلقًا أي اشقاء أو لأب أو لأم، وبنات الاعمام مطلقًا، وفروع هؤلاء، ومن ناحية الأم، الاخوال والخالات مطلقًا اشقاء أو لأب أو لأم، وفروع هؤلاء، ثم فروع جدي أو جدتي ابويه، وهم اعمام اب المتوفي لأم، وعمات ابويه مطلقًا، وبنات اعمام ابيه، واخوال وخالات امه مطلقًا، وفروع هؤلاء جميعًا، ثم فروع جدي أو جدتي جديه أو جدتيه كذلك وهكذا. صعودًا، وفروع كل واحد ممن ذكر نزولاً، وجميع هذه الاصناف تناولتهم هذه المادة بالتفصيل.
ولا بد ان نشير هنا الى ان توريث ذوي الارحام موضع خلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم، وبناء على ذلك اختلف الفقهاء ايضًا في توريثهم، فقد ذهب الامام علي وعمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود وغيرهم من كبار الصحابة رضوان الله عليهم الى توريثهم، وتابعهم على ذلك الاحناف والحنابلة ومتأخرو المالكية والشافعية، مستدلين بقوله تعالى: "وأولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله" (سورة الآنقال، آية 75). مما يدخل فيه جميع الاقارب ولو كانوا غير اصحاب فروض ولا عصبات فهم اولى بميراث بعضهم من بيت المال.
ولما ورد في الحديث الشريف "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له" (رواه احمد وابن ماجه والترمذي مرفوعا، وفي سنن ابي داود قريب من لفظه).
وحينما مات ثابت بن الدحداح في حياة الرسول الله صلى الله عليه وسلم، كان غريبًا لا يعرف ممن هو، دعا النبي صلى الله عليه وسلم ابن اخته لبابة بن المنذر فاعطاه ميراثه (يراجع المغني لابن قدامة الجزء السابع ص 82).
وفي رواية اخرى ان ثابت بن دحداح لم يخالف الا ابنة اخيه، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه لابنة اخيه.
وعن عمر رضي الله عنه، قضى في رجل مات وترك عمًا لأم، وخالاً، فأعطى العم الثلثين، واعطى الخال الثلث.
وكذلك فقد قضى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، فيمن ترك عمة وخالة بأن للعمة الثلثين وللخالة الثلث.
ولقد رجح القانون النص على توريث ذوي الارحام عملاً بما ذكر آنفًا، ولأن اكثر القوانين المعمول بها في البلاد العربية قد اخذت بذلك، وإن كان للقائلين بعدم توريثهم، مثل سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه والمتقدمين من المالكية والشافعية دليلهم ايضًا.
اما ابن حزم فقد وقف موقفًا وسطًا بين الرأيين، فقال إن ذوي الارحام لا يرثون، غير انهم إن كانوا فقراء اعطوا من التركة على قدر فقرهم، ثم يرد الباقي الى مصالح المسلمين (يراجع المجلى لابن حزم، الجزء التاسع، ص 312).
هذا وان الصنف الرابع من ذوي الارحام يشمل ست طوائف مقدم بعضها على بعض في الارث حسب النص الوارد في هذه المادة، وسيأتي التفصيل وقواعد توريث كل طائفة في المواد 350 – 352.
كيفية ميراث ذوي الارحام
المادة 352
بينت هذه المواد كيفية توريث كل صنف من الاصناف الاربعة من ذوي الارحام، فكما سبق ان نصت المادة السابقة على ان تلك الاصناف مقدم بعضها على بعض، فأي واحد من افراد الصنف الاول مهما نزل يحجب أي واحد من افراد الاصناف التالية، واي واحد من افراد الصنف الثاني مهما علا يحجب افراد الصنفين الثالث والرابع، واي واحد من افراد الصنف الثالث مهما نزل يحجب جميع افراد الصنف الرابع.
جاءت المادة 350 لبيان كيفية توريث افراد الصنف الاول اذا وجد منهم في المسألة الواحدة اكثر من واحد.
وجاءت الفقرة الثانية لبيان كيفية توريث افراد الصنف الثاني اذا وجد عدد منهم في المسألة.
ثم بينت الفقرة الثالثة كيفية توريث افراد الصنف الثالث.
ثم جاءت المادة 351 توضح كيفية توريث افراد الصنف الرابع، بعد ان سبق ايضاح الطوائف الستة التي يشملها الصنف الرابع المذكور.
ولقد اخذ القانون هنا في توريث ذوي الارحام، بطريقة ابي يوسف من فقهاء الحنفية التي اخذت بها اكثر القوانين المعمول بها حاليًا، وهي طريقة اهل القرابة أي ترتيب ذوي الارحام حسب صنف مراتبهم اولاً، ثم حسب درجة القرب في الصنف الواحد، ثم حسب القوة في تلك الاولوية، قياسًا على الميراث بالتعصيب، كما جعلوا حصة الذكر ضعف حصة الانثى حين التساوي في الصنف والقرب والقوة، قياسًا على التعصيب ايضًا حسب المادة 352. (قال الحنابلة والمتأخرون من المالكية والشافعية بمذهب اهل التنزيل بأن ينزل ذوو الارحام منزلة اصلهم، أو منزلة من يدلون به الى الميت، ويقومون مقامهم، ويعطى الموجود من الارحام نصيب اصله أو من ادلى به، سواء اكان فرضًا أو تعصيبًا، فبنت البنت تنزل منزلة البنت، والعمة منزلة الأب، والخالة منزلة الأم، وخالف الامام محمد صاحبه ابا يوسف في بعض التفصيلات لكن رأي ابي يوسف اوضح واسهل وايسر).
فعلى طريقة ابي يوسف اذا اجتمعت قرابة الأب وقرابة الام، يكون لقرابة الأب الثلثان ولقرابة الأم الثلث، وفقًا لما مر آنفًا من قضاء كل من سيدنا عمر في العم لأم والخال، وسيدنا عبدالله بن مسعود في العمة والخالة، ولما ورد عن سيدنا علي كرم الله وجهه انه قضى فيمن ترك بنت بنت، وبنت اخت، بأن المال كله لبنت البنت.
فلو ترك الميت قريبًا واحدًا فقط من ذوي الارحام، استحق الميراث كله، من أي صنف كان، وسواء اكان رجلاً ام امرأة.
واذا وجد الواحد من ذوي الارحام مع احد الزوجين، اخذ الباقي بعد فرض احدهما.
فمن ماتت عن زوجها وبنت ابنة عمها فقط، كان للزوج النصف فرضًا، ولبنت بنت العم الباقي بطريق الرحم، يراجع الشكل رقم 134.

ومن مات عن زوجتين وابن بنت اخيه، تأخذ زوجتاه الربع فرضًا، والباقي كله لابن بنت الاخ، يراجع الشكل رقم 135.

وحين وجود اثنين أو اكثر من ذوي الارحام، تطبق القواعد التي اشرنا اليها آنفًا، وكما سيأتي في التفاصيل.
وحين التساوي في الصنف والجهة والقرب والقوة يكون للذكر مثل حظ الانثيين، الا اذا كانوا اولاد اخ لأم، فيكون الذكر كالأنثى، وهذا ما دلت عليه المادة 352، والاستثناء من مذهب الحنابلة والمالكية والشافعية.
فلو مات عن بنت بنت، وجد أب لأم، كان الميراث كله لبنت البنت لأنها من الصنف الاول اما الجد الرحمي فهو من الصنف الثاني، يراجع الشكل رقم 136.

ولو مات عن أم أب أم أمه، وعن ابن اخته كان الميراث للجدة الرحمية، ولا شيء لابن الأخت، لأن الجدة الرحمية من الصنف الثاني وابن الاخت من الصنف الثالث، يراجع الشكل رقم 137.

ولو مات عن بنت بنت ابن اخيه لأمه، وعن خاله الشقيق، كان الميراث لبنت بنت ابن اخيه لأمه، ولا شيء للخال، لأن بنت بنت ابن الأخ، من الصنف الثالث، اما الخال فهو من الصنف الرابع يراجع الشكل رقم 138.

وكذا لو مات عن بنت ابن ابن اخت، وعمة شقيقة، فالأولى هي من فروع احد ابويه أو كليهما، والثاني من فروع جده، وفروع احد الابوين يقدمون على فروع احد الاجداد أو الجدات مطلقًا كما مر، يراجع الشكل رقم 139.

هذا وقد بينت المادة 350/1 قواعد توريث افراد الصنف الاول من ذوي الارحام وهم من فروعه حين التعدد:
أ- اولاهم بالميراث اقربهم درجة الى المتوفي، فلو مات عن بنت بنت، وابن بنت ابن، كان المال كله لبنت البنت لكونها اقرب درجة الى المتوفي، يراجع الشكل رقم 140.

ب- اذا تساووا في الدرجة، وكان بعضهم يدلي بصاحب فرض، والبعض الآخر يدلي بذي رحم، فإن ولد صاحب الفرض اولى بالميراث من الذي يدلي بذي الرحم.
فلو مات عن ابن بنت ابن، وعن ابن ابن بنت، فالمال كله للأول لأنه يدلي بصاحبة فرض (وهي بنت الابن) ولا شيء للثاني لأنه يدلي بذي رحم (وهو ابن البنت) مع استوائهما في الصنف وقرب الدرجة، يراجع الشكل رقم 141.

ج- اذا تساووا في الدرجة والادلاء، بأن كانوا جميعًا يدلون بصاحب فرض، أو كانوا جميعًا يدلون بذوي الرحم، اشتركوا في الميراث للذكر ضعف الانثى.
فلو مات عن بنتي بنت ابن بنت، وعن ابن بنت بنت بنت، وعن ابن بنت بنت الابن، كان الميراث بينهم جميعًا كما هو في الشكل رقم 142 لاستوائهم في الدرجة وجميعهم ادلوا بذوات ارحام.

اما لو مات عن ثلاث بنات بنت ابن ابن، وعن ابن بنت ابن ابن (آخر) فإن الميراث بينهم اخماسًا، لكونهم جميعًا في درجة واحدة وجميعهم ادلوا بذوات فرض وللذكر مثل حظ الانثيين، يراجع الشكل رقم 143.

ثم بينت المادة 350/2 قواعد توريث افراد الصنف الثاني من ذوي الارحام، وهم من اصوله، حين التعدد:
أ- اولادهم بالميراث اقربهم درجة الى المتوفي، فمن مات عن أب أم أب، وأب أم، كان الميراث كله للثاني لأنه اقرب درجة الى المتوفي، يراجع الشكل رقم 144.

ب- اذا تساووا في الدرجة، قدم من يدلي بصاحبة فرض، فمن مات عن أب أم أم الأم وعن أب أم أب الأم، كان الميراث كله للأول لكونه يدلي بصاحبة فرض (وهي أم أم الأم) مع استوائهما في القرب الى الميت. يراجع الشكل رقم 145س.

ج- اذا تساووا في القرب والادلاء وكانوا جميعًا من ناحية الاب أو كانوا جميعًُا من ناحية الام، اشتركوا في الميراث للذكر ضعف الانثى، مثال الحالة الاولى:
مات عن أب أم أب الأب، وعن أب أم أم الأب فالميراث بينهما مناصفة، لاستوائهما في القرب والادلاء، وكلاهما من جهة الأب، يراجع الشكل رقم 146.

ومثال الحالة الثانية:
مات عن أم اب الأم، وعن أب أب الأم، فالميراث بينهما اثلاثًا، لاستوائهما في الدرجة والادلاء، وكلاهما من جهة الأم، فالجدة أم أب الأم تحسب برأس واحد والجد أب أب الأم يحسب برأسين، للذكر مثل حظ الانثيين، يراجع الشكل رقم 147.

د- اذا تساووا في القرب والادلاء، واختلفت جهتهم فكان بعضهم من ناحية الاب، وبعضهم من ناحية الأم، فلقرابة الأب الثلثان ولقرابة الأم الثلث، كما لو مات عن أم أب أم الأب، وعن أم أب أب الأم، يراجع الشكل رقم 148.

وكذلك لو مات عن أب أم الأم، وعن اب أم الأب، فللأول الثلث لكونه من ناحية الأم، وللثاني الثلثان لكونه من ناحية الأب، مع استوائهما في القرب والادلاء، فكل منهما ادلى بصاحبة فرض يراجع الشكل 149.

ثم بينت المادة 350/3 قواعد توريث الصنف الثالث، وهم من فروع احد ابوي الميت. حين تعددهم:
أ- اولاهم بالميراث، اقربهم درجة الى المتوفي، فمن مات عن: بنت أخت لأم، وبنت ابن أخ شقيق، فالميراث كله للأولى، لأنها اقرب درجة الى المتوفي، يراجع الشكل رقم 150.

ب- اذا تساووا في الدرجة قدم ولد العصبة على ولد ذي الرحم، فمن مات عن بنت ابن اخ لأب، وعن ابن بنت أخ شقيق، فالميراث كله للأولى، لأنها ادلت بعصبة وهو ابن الأخ لأب، اما الثاني فقد ادلى بذات رحم وهي بنت الأخ الشقيق (مع ان الأخ الشقيق اقوى من الأخ لأب) يراجع الشكل رقم 151.

ج- ان تساووا في الدرجة والادلاء – بأن كانوا جميعًا اولاد وارث (عاصب أو ذات فرض)، أو كانوا جميعًا اولاد ذوي رحم – قدم الاقوى قرابة، فمن اصله الأبوين، حجب من كان اصله لأحدهما (أي لأب فقط، أو لأم فقط) ومن كان اصله لأب حجب من كان اصله لأم.
فمن مات عن بنت ابن اخ شقيق، وبنت ابن أخ لأب، فالميراث كله للأولى، لأنها اقوى، يراجع الشكل رقم 152.

وكذلك من مات عن بنت أخ لأب، وبنت أخ لأم، فالميراث للاولى فقط، يراجع الشكل رقم 153.

د- ان تساووا في الدرجة، والادلاء وقوة القرابة اشتركوا جميعًا في الميراث للذكر ضعف الانثى، الا اذا كانوا اولاد اخوة لأم، لأن الاخوة لأم ذكورهم كإناثهم كما مر في المادتين 327/7 و352، لأن الاصل في المواريث ان يكون للذكر ضعف ما للانثى المساوية له، ولكن ورد النص – استثناء – على ان لكل من الاخ أو الاخت – أي لأم، وهو ميراث الكلالة – السدس "فإن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث" سورة النساء" آية رقم 12.
فمن مات عن بنتي أخ لأم، وابن أخ لأم كان الميراث بينهم بالتساوي، لكل واحد الثلث، يراجع الشكل رقم 154.

ومن مات عن: ابن بنت أخ لأب، وبنت ابن أخت لأب، كان للأول الثلثان، وللثانية الثلث، للذكر مثل حظ الانثيين، يراجع الشكل رقم 155.

ومن مات عن: بنتي ابن اخت شقيقة، وعن ابني بنت اخ شقيق، كان لكل واحدة من الاوليين السدس، ولكل من الآخرين الثلث يراجع الشكل رقم 156.

ومن مات: عن ثلاثة ابناء ابن أخ لأم، وبنتي بنت أخت لأم، كانت المسألة من خمسة اسهم، لكل واحد من الذكور، ولكل واحدة من الاناث سهم بالتساوي، يراجع الشكل رقم 157.

ومن مات عن: بنت بنت اخت شقيقة، وابن بنت اخ شقيق، وابن ابن اخ لأم، وابن بنت اخ لأب، كان الميراث للاولى والثاني اثلاثًا، ولا شيء للثالث والرابع، لكونهما محجوبين بالاقوى قرابة – وهو من كان اصله لأبوين – يراجع الشكل رقم 158.

اما قواعد توريث افراد الصنف الرابع – وهم من فروع احد اجداد أو جدات المتوفي – حين تعددهم، فقد سبق ان بينت المادة 349 ان الصنف الرابع هذا يشمل ست طوائف مقدم بعضها على بعض في الميراث.
ثم جاءت المادة 351 تبين ان المتعددين من افراد الطائفة الاولى من الصنف المذكور:
أ- إما ان يكونوا من جهة احد الابوين فقط، أي انهم جميعًا من جهة ابيه فقط، أو انهم جميعًا من جهة امه فقط.
ب- وإما ان يكونوا من الجانبين معًا، أي اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأم.
فإن كانوا من جانب واحد قدم الاقوى قرابة، فمن كان لأبويه حجب من كان لاحدهما، ومن كان لاب حجب من كان لأم.
فلو مات عن عمته الشقيقة وعمه لأمه، كان ميراثه للاولى، ولا شيء للثاني، يراجع الشكل رقم 159.

ومن مات عن: عمتيه لأبيه، وعمته لأمه، كان الميراث للأوليين، ولا شيء للثالثة. يراجع الشكل رقم 160.

ومن مات عن: خاله الشقيق وخالته لأب وخاله لأم، كان ميراثه للأول فقط، ولا شيء للآخرين، يراجع الشكل رقم 161.

ومن مات عن خال لأب وخالة لأم، كان ميراثه للأول فقط، يراجع الشكل رقم 162.

وإن تساوى افراد القرابة الواحدة في القوة، اشتركوا في الميراث للذكر ضعف الانثى.
فلو مات عن عمين لام، وثلاث عمات لأم، كان الميراث بينهم اسباعًا لكل عم 7/2، ولكل عمة 7/1، يراجع الشكل رقم 163.

ومن مات عن خال شقيق واربع خالات لأبوين كذلك، كان الميراث بينهم اسداسًا، للخال 6/2، ولكل خالة 6/1، يراجع الشكل رقم 164.

ومن مات عن: خالتين لأب واربع اخوال لأب، كان ميراثه بينهم اعشارًا، لكل خالة 10/1 ولكل خال 10/2، يراجع الشكل رقم 165، وهكذا...

وإن كان المتعددون من افراد الطائفة الاولى من الجانبين معًا، بعضهم من قرابة الاب وبعضهم من قرابة الام، اخذ قرابة الاب الثلثين، واخذ قرابة الام الثلث، ثم نقسم حصة كل فريق على افراده وفقًا لما تقدم آنفًا، أي نلاحظ الاقوى قرابة ضمن الفريق الواحد فمن كان لأبوين حجب من كان لاحدهما فقط، ومن كان لأب حجب من كان لأم، وحين التساوي في القوة يشتركون في اقتسام تلك الحصة للذكر ضعف الانثى.
فلو مات عن: عم لأم وعمتين لأم، وعن خالة شقيقة وخالين شقيقين، وخال لأب، كانت مسألته من 3، الثلثان لفريق الأب، والثلث لفريق الأم، وتصح من ثلاثين، يراجع الشكل رقم 166.

ومن مات عن زوجة وثلاث عمات لاب وعمين لأم، وعن اربع خالات شقيقات وخال لأم وخالة لأب، كانت مسألته من اربعة، ربعها للزوجة فرضًا وثلثا الباقي لفريق الاب، وثلثه لفريق الأم، وتصح من 48 يراجع الشكل رقم 167.

ثم نصت المادة 351/1 في نهايتها على ان الاحكام الواردة فيها المتعلقة بالطائفة الاولى تطبق ايضاً على الطائفتين الثالثة والخامسة. فلو ماتت عن زوج، وعم ابيها لأم، وعن عمتي ابيها لأم، وخال ابيها لأم، اشتركوا في الميراث الباقي بعد فرض الزوج، للذكر ضعف الانثى، يراجع الشكل رقم 168.

ومن مات عن: زوجته، وخالتي امه لأبوين، وعمة امه لأب، وعم امه الشقيق، كان الميراث بعد فرض الزوجة، لخالتي الام الشقيقتين وعم الأم الشقيق، ولا شيء لعمة الأم لأب، اذ ان الاوليين اقوى قرابة، ولو كانوا جميعهم متساويين في الصنف والطائفة ومتحدين في كونهم من ناحية أم المتوفي، يراجع الشكل رقم 169.

ومن مات عن: زوجة، وعمي ابيه لأم، وخال ابيه لأم، وعمي أمه لأب، وخالتي امه لأم وخالتي امه لأبوين، كان الميراث مبدئياً بعد فرض الزوجة، لفريق الأب الثلثان، ولفريق الأم الثلث، ثم نجد افراد فريق الأب متساويين في القوة وهم جميعاً من الذكور فيأخذون تلك الحصة أي الثلثين بالتساوي، ونجد فريق الأم متفاوتين في القوة فتأخذ تلك الحصة أي الثلث خالتا الأم لأبوين ولا شيء لعمي الأم لأب، ولا لخالته لأم يراجع الشكل رقم 170.

ولو ماتت عن: زوج، وعمتي جدها العاصب (أب الأب) لأبوين، وخال جدها العاصب الشقيق، وخالة جدها العاصب لأم، وعن عمي جدها الرحمي (أب الأم) لأبوين، وخالتي جدتها ام أمها لأبوين، كان الباقي بعد فرض الزوج لفريق الأب الثلثان، يقسم بين عمتي وخال الجد العاصب، للذكر ضعف الانثى، ولا شيء لخالة الجد العاصب لكونها الأم، ويقسم الثلث بين افراد فريق الام، وهما عما الجد الرحمي وخالتا الجدة أم الأم. يراجع الشكل رقم 171.

ولو مات عن زوجين، وعن ابني بنت اخت لأم، وعن بنتي ابن اخ لأم، وعن بنت عم لأبوين، وابن خالة لأبوين، كان الميراث بعد فرض الزوجتين، لابني بنت الاخت، وبنتي ابن الأخ لأم، لأنهم من الصنف الثالث، ولا شيء لابنة العم الشقيق ولا لابن الخالة الشقيقة، لكونهما من الصنف الرابع المحجوب بالصنف الثالث، وبما انهما من اولاد الأم فالذكر كالأنثى، يراجع الشكل رقم 172.

ثم جاءت المادة 351/2 تبين قواعد توريث افراد الطائفة الثانية من الصنف الرابع من ذوي الارحام حين التعدد، مع ملاحظة انهم جميعاً يحجبون بأي واحد من افراد الطائفة الاولى:
أ- يقدم الاقرب درجة الى المتوفي مطلقاً، ( أي سواء أكان من جهة الأب ام من جهة الأم) على الابعد درجة الى المتوفي، فمن كان من الطبقة الاولى ضمن هذه الطائفة يقدم على من كان من الطبقة الثانية مطلقاً.
فلو مات عن: ابن عمة المتوفي لأم، وعن ابن بنت عم المتوفي الشقيق، وابن ابن خال المتوفي الشقيق، كان ميراثه للأول فقط لكونه اقرب درجة الى المتوفي، ولا شيء للآخرين، يراجع الشكل رقم 173.

ب- حين التساوي في الدرجة مع اتحاد الدرجة – أي جميعهم من جهة الأب أو جميعهم من جهة الأم – مع التساوي في الادلاء (أي جميعهم ادلوا بعاصب أو جميعهم ادلوا بذي رحم) يقدم الاقوى. يراجع الشكل رقم 174.

ج- فإن اختلفوا في الادلاء, قدم ولد العاصب على ولد ذي الرحم – ولو كان الاول لأب فقط، والثاني لأبوين، يراجع الشكل رقم 175.

د- وحين الاختلاف في الجهة، مع التساوي في الدرجة يكون لفريق الأب الثلثان ولفريق الأم الثلث، ثم نقسم حصة كل فريق بين افراده حسب القواعد المذكورة آنفاً، يراجع الشكل رقم 176.

فلو ماتت عن: زوج وثلاث بنات عم لأب وبنت عمة لأبوين، وعن ابني خالة لأب، وبنتي خالة لأم، كان الثلثان من الباقي بعد فرض الزوج لبنات العم لأب – لكونهن ادلين بعاصب – ولا شيء لبنت العمة الشقيقة، لكونها ادلت بذات رحم، ثم نعطي الثلث من الباقي لابنتي الخالة لأب، لكونها اقوى من ابنتي الخالة لأم، يراجع الشكل رقم 177.

ثم إن هذه القواعد المتعلقة بالطائفة الثانية تطبق كلها على الطائفتين الرابعة والسادسة، مع ملاحظة ان الطوائف الستة جميعها مرتب بعضها على بعض، فأي فرد من افراد الطائفة الاولى يحجب جميع افراد الطوائف الاخرى، الثانية والثالثة وهكذا، وأي فرد من افراد الطائفة الثانية يحجب جميع افراد الطوائف التالية أي الثالثة والرابعة وهكذا، واي فرد من افراد الطائفة الثالثة يحجب جميع افراد الطوائف التالية، وهكذا دواليك.
وبعد ان عرفنا قواعد توريث كل طائفة على حدة فإن حل مسائل توريث الصنف الرابع من ذوي الارحام يحتاج الى الدقة مع الانتباه، وبالله المستعان.
اما المادة 351/3 فقد نبهت على انه لو تعددت جهة القرابة في وارث واحد من ذوي الارحام هو في الوقت ذاته من فريق الأب أو من فريق الأم فإن الميراث بطريق الرحم (أي لهذا الوارث) الذي تعددت جهة قرابته لا يتعدد، الا عند اختلاف جانب الميراث أي جهته.
فلو مات عن: زوجة هي في الوقت ذاته بنت بنت عمه الشقيق، وهي ذاتها بنت ابن عمته الشقيقة، وعن ابن بنت عمه الشقيق، وجميع هؤلاء في قوة واحدة فإن الزوجة ترث فرضها الذي هو الربع وتعتبر واحدة من ناحية الرحم، يراجع الشكل رقم 178.

وكذلك لو مات عن: زوجة، وعن ابن بنت خال لأب، هو في الوقت ذاته ابن ابن خالة لأب، وعن بنت ابن خالة لأب، فهذا يرث على انه واحد، يراجع الشكل رقم 179.

اما لو مات عن: ابني خاله الشقيق وعن بنت ابن خالته الشقيقة التي هي في الوقت ذاته بنت بنت عمه لأب، وعن ابن بنت عمته لأب، فهذه التي تعددت جهة قرابتها تحسب مع افراد فريق الأب، وتحسب ايضاً مع افراد فريق الأم، وتأخذ نصيبها من حصة الفريقين، مع ملاحظة قواعد الميراث والحجب المتقدمة، يراجع الشكل رقم 180.

وميراث ذوي الارحام بشكل عام حين التساوي في الصنف والدرجة والطائفة، وفي جميع ما مر من قواعد التقديم في الارث (مما سبقت الاشارة اليه آنفًا) يحسب للذكر مثل حظ الانثيين الا اولاد الاخوة والاخوات لأم، وهو ما نصت عليه المادة 352 صراحة، لزيادة الايضاح.
الفصل التاسع:
الارث بالتقدير
مسائل متنوعة
تضمن هذا الفصل والفصل الذي يليه المسائل التي فيها مفقود، أو حمل، أو مقر له بالنسب، أو ولد زنى، أو خنثى مشكل.
ونلاحظ تشابهًا في مسائل المفقود والحمل والخنثى المشكل، من حيث إننا نفترض في كل منها احدى حالتين، الى ان يتبين الحال، فنقف كل من المفقود والحمل اوفر النصيبين، ونعطي كلاً من الورثة الآخرين اوكس النصيبين، كما سيأتي تفصيل ذلك في حينه، ونعطي الخنثى المشكل متوسط النصيبين، ونعطي باقي الورثة متوسط النصيبين حسب مذهب مالك.
المادة 353
بعد ان عرفت الفقرة الثانية من المادة 233 من هذا القانون، المفقود بأنه: هو الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته (فلا عبرة اذن بمعرفة المكان أو الجهل به، اذا كان مجهول الحياة أو الموت) وبعد ان جاءت المواد (234 – 239) تبين الاحكام المتعلقة بشخصه واهليته وزوجته وذمته المالية، ومتى ينتهي الفقدان، جاءت المادة 353 هذه تبين ما يتعلق بميراثه من غيره، أي ممن يموت بعد الفقدان اثناء غيابه قبل ان يعرف حاله. ذلك انه يشترط لاستحقاق الميراث تحقق حياة الوارث حين موت المورث كما مر في المادة 316.
فإن مات مورث المفقود، كان لا بد من عمل مسألتين لتركة ذلك المتوفي، احداهما على تقدير حياة المفقود، والاخرى على تقدير موته، اذ ان الورثة الآخرين قد تختلف انصبتهم في احد التقديرين عن الآخر، وقد يحجب بعضهم حجب حرمان أو حجب نقصان لو ظهر المفقود حيًا.
فأما نصيب المفقود من تركة مورثه، فإننا نقفه له على تقدير انه حي، فإذا تبين وفاة المفقود قبل وفاة الشخص الموجود فيرد ما وقف للمفقود الى الورثة الآخرين للميت الحاضر، واذا ظهر حيًا اخذه، فإن لم تعرف حياته وموته وحكم بفقده وموته ردّ نصيبه الموقوف الى ورثته مع سائر تركته.
واما ما يتعلق بانصباء الورثة الآخرين فإننا لا نعطيهم الا النصيب الاقل على أي من تقديري حياة المفقود أو موته.
فلو ماتت عن: زوج وأم وأخ لأب وأخ شقيق مفقود، لكانت المسألة على تقدير حياة الشقيق المفقود كما هو الشكل رقم 181، للزوج النصف، وللأم السدس، والباقي بوقف للمفقود، ولا شيء للأخ لأب، وتكون المسألة ذاتها على تقدير وفاة هذا الشقيق المفقود كما هو في الشكل رقم 182 للزوج النصف، وللأم الثلث، والباقي للأخ لأب، فالزوج اذاً لم يتأثر نصيبه، فنعطيه حصته من التركة، وتعطى الأم السدس فقط الى ان يتبين حال المفقود، ولا نعطي شيئًا للأخ للاب حتى يتبين الحال.


فإن حكم بموت المفقود وفقًا للمادة 236/2 من هذا القانون، اعطينا ما كنا قد وقفناه الى ورثته، وإن عاد المفقود حيًا اخذ نصيبه الذي كنا وقفناه له وهو في مسألتنا 6/2 أي الباقي بعد فرض الزوج والأم لكونه عصبة.
ولو ماتت عن اختين شقيقتين وعم لأب وزوج مفقود، فعلى تقدير حياة الزوج يكون له النصف، وللأختين الثلثان، ولا شيء للعم لكونه عصبة وقد سقط وعالت المسألة الى سبعة، يراجع الشكل رقم 183.
وعلى تقدير وفاته، يكون للأختين الثلثان 6/4، وللعم الباقي بالتعصيب، يراجع الشكل رقم 184.


فلا نعطي الاختين اذن الا 7/4، ولا نعطي العم شيئاً، ونقف للمفقود سهامه وهي 7/3 الى ان تتبين الحال.
ولو مات عن: زوجة، وأم، وأب، وبنت، وابن مفقود، فعلى تقدير الحياة تكون المسألة كما هو في الشكل رقم 185.
وعلى تقدير الوفاة تكون المسألة كما هو موضح في الشكل رقم 186.


فنصيب كل من الزوجة والأم لم يتبدل، وأما الاب والبنت، فالأقل من نصيبهما هو على تقدير الحياة، فنعطي كلاً ما يستحقه بناءً على ذلك التقدير ونقف للمفقود نصيبه الى ان يتبين الحال.
ولو مات عن زوجتين، وابوين، وبنتين، وابن مفقود، لكانت المسألة على تقدير الحياة كما هو موضح في الشكل رقم 187، فأصلها من 24 وليس فيها عول، وعلى تقدير الوفاة تكون المسألة كما هو موضح في الشكل رقم 188. ففيها عول الى 27، وتنقص سهام الزوجتين والابوين، فنعطيهم سهامهم على تقدير الوفاة لأنها هي الأقل، ونعطي الشقيقتين ما تستحقانه على تقدير الحياة، لأنه الأقل، ونقف للمفقود ما يستحقه على تقدير حياته الى ان يتبين الحال.


ولكي يتبين الفرق واضحًا بين التقديرين، نوحد المخرج المشترك بين المسألتين السابقتين كما هو موضح في الشكل رقم 189.

تقدير الحياة تقدير الوفاة
توحيد اصلي المسألتين أي المخرج المشترك لهما وهو 864
واذا ظهر المفقود حيًا بعد الحكم بموته فيرجع على ورثته بما بقي من تركته عدا ما هلك منها، كما سبق في المادة 239 فقرة 2، ولا يطالبهم بضمان ما هلك أو
استهلك وهذا ما صرحت به المادة 239 فقرة 2.
بقي أن نشير هنا الى ان القاضي اذا حكم بموت المفقود وفقًا لاحكام المادتين 237 و238، فإنه يعتبر ميتًا بتاريخ الحكم بوفاته، سواء فيما يتعلق بماله هو أو بمال غيره، فيرث عنه ماله من كان موجودًا من ورثته عند صدور الحكم بوفاته، لا من مات قبل ذلك – ولو بعد رفع الدعوى من اجل الحكم بذلك، كما يرث المفقود ممن مات قبل صدور الحكم بوفاته، اذ ان القانون اخذ في هذه المسألة بمذهب المالكية والشافعية والحنابلة خلافًا للحنفية.
المادة 355
لا خلاف بين الفقهاء، في انه اذا كان من ورثة المتوفي حمل في بطن امه، يحسب حسابه في تقسيم التركة بشرطين:
أ- ان يثبت وجوده حيًا عند موت مورثه، ويستدل على ذلك بوقت ولادته.
ب- ان ينفصل عن امه حيًا، ولو مات بعد دقائق.
ففيما يتعلق بالشرط الاول نلاحظ حالتين:
1- فإن كانت الحامل زوجة للمورث المتوفي أو كانت معتدته من طلاق أو فرقة – فلا بد ان تأتي به خلال سنة من تاريخ الوفاة أو الطلاق أو الفرقة، اذ ان ميراث الحمل في هذه الحالة نتيجة لثبوت نسبه من المتوفي، والنسب يثبت متى ولد خلال ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا، لأن اكثر مدة الحمل ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا كما نصت على ذلك المادة 91.
2- وإن كانت الحامل زوجة لغير المتوفي، كأمه مثلاً أو زوجة ابنه، أو زوجة اخيه، أو زوجة ابيه أو جده، والزوجية قائمة فعلاً بين الحامل وزوجها صاحب الحمل حين وفاة المورث، فلا بد لثبوت ارثه منه ان يكون علوقه في بطن امه متيقنًا حين الوفاة بان تكون ولادته لأقل من مائة وثمانين يومًا من تاريخ الوفاة، اذ ان المادة 91 قد نصت على ان اقل مدة الحمل مائة وثمانين يومًا، اخذًا بقول جمهور الفقهاء (يراجع تعليق هذه المذكرة على المادة المشار اليها).
اما لو كانت ولادته بعد اكثر من مائة وثمانين يومًا، فإن وجوده في بطن امه حين وفاة مورثه غير متيقن، لاحتمال ان الحمل به حدث بعد الوفاة، طالما ان امه الحامل على عصمة زوجها صاحب الحمل وهو غير المورث الذي نحن بصدد قسمة تركته، وسبق ان نصت المادة 316 على ان من شروط الارث حياة الوارث حين موت المورث حقيقة أو تقديرًا.
اما اذا توفي المورث – في هذه الحالة الثانية – والمرأة الحامل معتدة من زوجها الذي توفي عنها أو طلقها بائنًا، فالحمل يرث اذا كانت ولادته خلال سنة من تاريخ بدء العدة، ما لم تكن الحامل قد اقرت بانقضاء عدتها.
وفيما يتعلق بالشرط الثاني، فجمهور من الفقهاء، على انه لا بد من ان يولد الحمل كله حيًا، فلو خرج اكثره حيًا ثم مات قبل ان يكتمل خروجه لم يرث، خلافًا للحنفية الذين قالوا يكفي ان يولد اكثره حيًا.
وعلامة الحياة عند الجمهور، هي البكاء والتثاؤب والعطاس ومد اليدين وقبضهما.
وجمهور الفقهاء على ان التركة تقسم ولو كان الحمل مستحقًا فيها، لأن الانتظار قد يكون فيه اضرار بباقي الورثة، وذلك غير جائز، والاحتياط ممكن، بأن يقف للحمل اوفر النصيبين على تقدير الذكورة والانوثة، ونعطي الباقين من الورثة اوكس النصيبين على تقدير الذكورة والانوثة.
واخذ القانون بتقدير الحمل اثنين احتياطًا، لكن المفتى به عند الحنفية بالنسبة لتقدير الحمل، ان تقديره بواحد فقط، وهو قول ابي يوسف، لأن ذلك هو: الكثير الغالب، وهو المعتبر عندهم مع انه يمكن ان تلد المرأة توأمين أو ثلاث توائم.
وما من شك في انه اذا رضي الورثة بوقف قسمة التركة حتى يولد الحمل، توقف القسمة، ولا حاجة حينئذ لتقدير ذكورة ولا انوثة ولا عدد، وكذلك لا حاجة للانتظار اذا كان الحمل محجوبًا على كل حال، ولا يؤثر على الورثة، وهو المقرر عند المالكية.
كما لو مات عن: أب وابن وأم حامل، فحمل امه أخ محجوب بالابن وبالأب في جميع الاحوال.
ولكل من ابوي الميت السدس، وللابن الباقي، ولا تتأثر هذه الحصص بالحمل كيفما كان.
ولو كان الحمل يحجب الموجودين من الورثة على كلا تقدير الذكورة والانوثة فإننا لا نعطي الورثة شيئًا، كما لو مات عن زوجة كتابية حامل وعن اخوة لأم، فإن الاخوة لأم يحجبون بهذا الحمل سواء اكان ذكرًا ام انثى، لأنه فرع وارث للمتوفي، والاخوة لأم يحجبون به كيفما كان.
واذا كان الحمل مشاركًا للموجودين من الورثة، ويختلف نصيبه بين الذكورة والانوثة فإننا نطبق حكم المادة 354 فنقف له من تركة مورثه اوفر النصيبين على تقدير انه ذكر أو انثى، ونعطي كلا من الورثة الآخرين، أوكس النصيبين، حتى اذا تمت الولادة وتبين الحال اخذ كل ما كان قد وقف له.
وفي هذه الحالة نحل المسألة اولاً على تقدير الذكورة، ثم نحلها ثانية على تقدير الانوثة، كما مر معنا في مسائل المفقود، فنحتفظ للحمل بأحسن النصيبين ونعطي كلا من الورثة الآخرين اوكس النصيبين.
فلو مات عن: أب، وأم، وبنت، وزوجة حامل، كانت المسألة على تقدير الذكورة من 24، لكل من الابوين 24/2، وللزوجة 24/3، وللبنت ثلث الباقي الذي هو 24/13، لأنها تكون عصبة مع اخيها الحمل الذي افترضناه ذكرًا، وتصح المسألة من 72، كما هو واضح في الشكل رقم 190، فنحفظ للحمل 72/26، فاذا جاء الحمل انثى رددنا الزائد على مستحقيه وهذا على رأي الحنفية.
وعلى تقدير الانوثة، فإن المسألة تعول الى 27، ويكون لكل من الابوين السدس عائلاً 27/4، وللزوجة الثمن عائلاً 27/3، وللبنت 27/8 كما هو واضح في الشكل رقم 191.
فنعطي الزوجة وكلا الابوين على تقدير الانوثة، ونعطي البنت على تقدير الذكورة، حسب المذهب الحنفي.


ونحفظ الفرق لكل من هؤلاء الورثة لدى امين حتى ينكشف الحال بالولادة.
ولكي نتبين الفرق واضحًا بين التقديرين، نوحد المخرج المشترك بين المسألتين، وذلك بضرب كل منهما بوفق اصل الاخرى، فنجد بين اصلي المسألة قاسمًا مشتركًا اعظم هو العدد 9، فوفق الـ 27 هو العدد 8 نضعه فوق اصل الاولى، ووفق 72 هو العدد 3 نضعه فوق اصل الثانية (الوفق هو حاصل قسمة كل من العددين المتوافقين على القاسم المشترك الاعظم) يراجع الشكل رقم 192.
ولو ماتت عن: زوج، وأم وأب وبنت، وزوجة ابن حامل، فعلى تقدير الحمل ذكرًا يكون ابن ابن، وهو عصبة، لا يبقى له شيء من الميراث اذ ان اصل المسألة بعد العول 13، يراجع الشكل رقم 193.


وعلى تقدير الحمل انثى يكون بنت ابن، تستحق السدس فرضًا وتعول المسألة الى 15، يراجع الشكل رقم 194.
فنعطي كل من الورثة الموجودين سهامه على تقدير الانوثة، ونقف للحمل فرضه على تقدير الانوثة وهو السدس عائلاً أي 15/²، فاذا جاء الحمل ذكرًا رددنا الزائد على مستحقيه، وكل ذلك حسب رأي الحنفية.
فلو جاءت الزوجة الحامل بتوأمين من الذكور في المثال الوارد في الشكلين ذوي الرقمين 190 و191، لصارت المسألة كما في الشكل رقم 195، فيرجع كل من التوأمين بالباقي من حصته على البنت التي دخلت الزيادة في حصتها، وهذا ما صرحت به الجملة الاخيرة من المادة 354.


مع توحيد المسألتين في مخرج مشترك حسب رأي الحنفية
مسألة الحمل توأمين
اخذ القانون برأي الحنابلة باعتبار الحمل توأمين، ذكرين أو انثيين أو ذكر وانثى لان ولادة التوأمين كثير معتاد، وما زاد عليهما فنادر، وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية، وتحل المسألة كالتالي (الاشكال 196، 197، 86).

ملاحظات:
1- واذا كان الحمل التوأمين ذكرًا وانثى فيطبق عليه حالة الذكورة، لأن الانثى تكون عصبة مع الذكر، ويقسم الموقوف بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.
2- وان كان الحمل التوأمين اخوة لأم فلا يختلف الامر بين الذكورة والانوثة.
ويكتفي بمسألة واحدة، ويأخذ الحمل التوأمين الثلث بشروط، ويقسم بينهما بالتساوي، الذكر كالانثى.
3- لا فرق بين الحمل الواحد والاثنين احيانًا، ولكن يظهر الفرق بين حالة الذكورة والانوثة، كما لو كان الحمل ابن ابن وبنت ابن فهما عصبة، ولا يبقى لهما شيء، وهو الأخ المشؤوم الذي كان سببًا في حجب بنت الابن فأكثر من السدس، يراجع الشكل رقم 197.

لا فرق بين الحمل الواحد والاثنين ولكن يظهر الفرق بين الذكورة والانوثة وإن كان الحمل ابن ابن وبنت ابن فهما عصبة ولا يبقى لهما شيء، وهو الابن المشؤوم الذي كان سببًا في حجب بنت الابن فأكثر من السدس.
وهنا نعطي الورثة الأقل، وهو نصيبهم في المسألة الثانية، ويوقف للحمل 15/2.

هنا نعطي الحمل بنتين (انثيين) اكثر من كونهما ابنين (ذكرين) ونعطي بقية الورثة الاقل من المسألتين، والباقي موقوف للحمل.
الشكل رقم (198)
الفصل العاشر:
التخارج
المادة 356
التخارج في اللغة: على وزن تفاعل من الخروج، وعند الفقهاء: هو ان يصطلح الورثة على اخراج بعضهم من الميراث بمال معلوم.
وعرفته هذه المادة في فقرتها الاولى بأنه اتفاق بين الورثة على ترك بعضهم نصيبه من التركة مقابل شيء معلوم، فالتخارج اذن عقد معاوضة ثنائي الطرف، يشبه القسمة أو البيع، وفيه تسهيل على ذوي العلاقة، سواء الدوائر الرسمية أو الناس اصحاب المصالح.
وقد نصت الفقرة 2 من المادة المذكورة على احدى حالات التخارج حينما تكون المخارجة بين احد الورثة ووارث آخر يدفع بدل التخارج من ماله الخاص، وفي هذه الحالة يستحق دافع البدل حصة المتخارج فيأخذ سهامه من التركة.
ونصت الفقرة 3 من المادة اياها، على حالتين اخريين يكون فيهما التخارج بين واحد من الورثة من جانب وبين الباقين من جانب آخر، ولكن البدل في الحالة الاولى هو بعض اعيان التركة، وهذه الحالة، هي بيت القصيد في بحث التخارج لدى الفقهاء، وهي المقصودة في علم الفرائض.
فاذا توفيت امرأة عن زوج وام وعم، ثم تصالحوا على ان يخرج الزوج من القسمة مقابل عين أو اعيان يأخذها من التركة، فاننا نطرح سهامه من اصل المسألة، وتبقى سهام الباقين على حالها، لقد كان اصل المسألة ستة، ثلاثة للزوج واثنان للأم، وواحد للعم، فلو طرحنا سهام الزوج من اصل المسألة صارت المسألة بعد التخارج من ثلاثة، اثنان منها للأم وواحد للعم، ولا نقول هنا: لماذا لم نقسم التركة على الام والعم فقط؟ وكأن الزوج لم يكن اصلاًُ، لأننا لو فعلنا ذلك لأخذت الأم الثلث فقط وهو واحد من ثلاثة واخذ العم الباقي وهو اثنان من ثلاثة، وهذا غير جائز في مسألتنا التي فيها الزوج ايضًا، ولكن تخارج مع الباقين لقاء بدل مدفوع له من التركة، يراجع الشكل رقم 199.
ولو خرجت الام في المثال المذكور فاننا نطرح سهامها من اصل المسألة فيبقى اصل المسألة 4، للزوج ثلاثة، وللعم واحد، يراجع الشكل رقم 200.


ولو خرج العم في المثال المذكور ذاته، فاننا نطرح سهامه من اصل المسألة فيبقى اصلها 5، للزوج ثلاثة، وللأم اثنان، يراجع الشكل رقم 201.
ولو مات عن: زوجة وام واب وبنت وبنت ابن، ثم اتفق الورثة مع الزوجة على ان تخرج من التركة مقابل بدل مدفوع من التركة، فإننا نحل المسألة على حالها وفقًا للقواعد التي مرت في ابحاث الفرائض، ثم نطرح سهام الزوجة من اصل المسألة، ويأخذ كل من الورثة الآخرين سهامه نفسها، ولكن من الاصل الباقي بعد الطرح، يراجع الشكل رقم 202.


ولو خرجت البنت لطرحنا سهامها كما في الشكل رقم 203.

اما الحالة الاخيرة التي نصت عليها هذه المادة فإن البدل المدفوع للمتخارج هو مال من الورثة جميعًا، ولكن من غير التركة، فاذا عرفت نسبة ما دفعه كل منهم من ذلك البدل فإن سهام المتخارج تقسم عليهم بنسبة المدفوع من كل منهم، أو حسبما يتفقون، فاذا لم يتفقوا ولم تعرف نسبة المدفوع من كل منهم، قسمت سهام المتخارج، على بقية الورثة بالتساوي، لأن الشركة التي لم ينص فيها على حصة كل من الشركاء فيها، تكون بينهم بالتساوي.
الفصل الحادي عشر:
مسائل متنوعة
المادة 357
سبق ان بينت هذه المذكرة حين توضيحها للمادتين: 92 و93 ان الاقرار لآخر بنسب محمول على النفس يصح من الانسان الكامل الاهلية بثلاثة شروط:
1- ان يكون المقر له بالبنوة أو المقر بالابوة أو بالامومة، مجهول النسب.
2- ان يكون فارق السن بينهما يحتمل صدق الاقرار.
3- ان يصدقه المقر له متى كان بالغًا عاقلاً.
فمتى توفرت الشروط المذكورة آنفًا، ثبت النسب وترتبت عليه نتائجه الشرعية ومنها حق الارث، فقد يحجب المقر له بالنسب، غيره من اقارب المقر حجب حرمان أو حجب نقصان.
أي ان الاقرار بالنسب على النفس المستوفي شروط صحته، يتعدى الى الورثة الآخرين.
وهذا ما نصت عليه الفقرة 1 من هذه المادة المشروحة 357، اما الفقرة 2 من هذه المادة اياها فقد اوضحت ان الاقرار بالنسب على الغير، كقوله لمجهول النسب، انت اخي، ولم يثبت بينة شرعية، ولم يصدقه المقر عليه بالنسب، أي ابوه في مثالنا المذكور، يكون له اثر في ميراث المقر طالما لم يرجع المقر عن اقراره حتى وفاته، فإن لم يكن للمقر ورثة آخرون من ذوي الفروض أو العصبات أو ذوي الارحام، استحق المقر له بنسب على الغير، تركة المقر، ما لم يقم به مانع من موانع الارث السابق بيانها في المواد 317 – 318.
ثم جاءت الفقرة 3 من هذه المادة تبين حالة اخيرة من حالات الاقرار بنسب محمول على الغير لآخر مجهول النسب.
وهي ما اذا كان الاقرار صادرًا من بعض الورثة، في تركة لم تجر قسمتها بعد، بأن يقول احد اخوة الميت زيد: إن فلانًا يرث معنا من اخينا زيد المتوفي، لأنه اخوه ايضًا، فالمقر له بالنسب على الغير في هذه الحالة يشارك المقر فقط في حصته الارثية، طالما لم يثبت النسب بذلك الاقرار الى المقر عليه، وما لم يكن المقر له ايضًا ممنوعًا من الميراث، اما اذا كان محجوبًا كأن يقول: فلان عم اخي زيد، فالاقرار في هذه الصورة لا يفيد المقر له شيئًا لأن العم يحجب بالأخ، حتى على فرض صحة النسب وصحة الاقرار.
المادة 358
سبق ان بينت هذه المذكرة في بحث النسب ان ولد الزنا لا يثبت نسبه من ابيه الزاني الا باقراره بأنه ابنه، وما لم يصرح انه ابنه من الزنا، اما نسبه من امه التي ولدته فثابت قطعًا فهو يرث منها ومن اقاربها، وترث هي واقاربها منه، فأولادها اخوته من امه، وهو نفسه اخوهم من امهم، واخوتها اخواله وهو ابن اختهم.
فما لم يكن ثمة وارث له لا بالفرض ولا بالتعصيب ورثه ذوو الارحام من اقاربها وفقًا لما مر.
اما الزاني الذي كان سببًا للحمل بهذا الولد – أي الأب الطبيعي، إن صح القول – واقاربه فلا يرثون من ولد الزنا كما لا يرث هو منهم.
ومثل ولد الزنا ولد اللعان الذي قطع نسبه عن ابيه الذي لاعن امه بحكم القاضي، فإنه يرث من امه ومن قرابتها، كما ترثه امه وقرابتها على النحو المذكور آنفًا، وهذا ما صرحت به هذه المادة 358 وفقًا لما قرره جمهور الفقهاء.
المادة 359
الخنثى: هو في اللغة، من خنث الرجل اذا تثنى وتكسر واسترخى وفعل فعل النساء، أو من خنث الطعام، اذا فسد طعمه.
وهو في الاصطلاح: من له آلتا الذكورة والانوثة، أو ليس له واحدة منهما، وانما له ثقب يخرج منه البول، وهو نوعان:
الاول: غير مشكل، وهو من ترجحت ذكورته فحكمه حكم الذكور، أو من ترجحت انوثته فحكمه حكم النساء.
والثاني: هو المشكل، وهو المقصود بهذه المادة، وله احكام معروفة في ابواب الفقه.
وبعد ان تقدم الطب، ا ضحى بقاء انسان خنثى مشكل من اندر النادر، فعلى افتراض ان الطب عجز ايضًا عن كشف حاله، فإن حكمه في الميراث هو ما نصت عليه هذه المادة، انه يعطى متوسط النصيبين حسب المذهب المالكي وباقي الورثة لهم المتوسط.
وقال الحنفية والشافعية يعطى الخنثى اقل النصيبين على تقدير الذكورة والانوثة لأنه هو المتيقن، أي عكس ما يوقف للحمل تمامًا، وهذا هو المذهب الحنفي والشافعي.
ولكن افترق المذهبان المذكوران فيما يتعلق بباقي الورثة اذ ان الحنفية يعطون باقي الورثة احسن النصيبين، والشافعية يعطونهم اقل النصيبين ايضًا، ويوقف الفرق الى ان ينكشف حال الخنثى.
اما المالكية فإنهم يعطونه نصف مجموع النصيبين على تقدير الذكورة والانوثة ووافقهم الحنابلة في حالة ما اذا لم يعد يرجى كشف حاله، اما اذا كان ثمة امل بانكشاف حاله فيعطى عندهم اقل النصيبين ويوقف الباقي كالشافعية.
فلو مات رجل عن: زوجة وام واب واربع بنات وولد آخر هو خنثى، فإننا نحل المسألة اولاً على تقدير الذكورة، كما في الشكل رقم 42، ثم نحلها ثانية على تقدير الانوثة، كما في الشكل رقم 205.


ولنتبين الفرق واضحًا، نوحد مخرج المسألتين كما مر في مسائل المفقود والحمل، ثم نعطيه اقل النصيبين كما هو في الشكل رقم 206.

نعطيه الأقل حسب المذهب الحنفي والشافعي ولكن القانون أخذ برأي المالكية، كما سنبينه.
تفصيل مذهب المالكية في الخنثى المشكل:
يعطى الخنثى المشكل عند المالكية متوسط النصيبين للذكر والأنثى، فيعطى نصف نصيب الذكر، ونصف نصيب الأنثى، ويعطى سائر الورثة متوسط النصيبين، ولا يوقف شيء من التركة.
ويطبق هذا المبدأ على كلا الحالين، سواء أكان الخنثى المشكل وارثا بأحد الاعتبارين، أم غير وارث في الاعتبار الثاني، أو كان الخنثى المشكل وارثا في الاعتبارين، ولكن يختلف نصيبه باعتباره ذكراً أم أنثى.
واستدل المالكية على ذلك أنه حلّ وسط يراعى فيه الاعتباران، ولا نحتاج الى وقف حصة من الميراث، وهذا ما أفتى به الإمام أبو يوسف أخيرا من الحنفية وهو قول ابن عباس والشعبي رضي الله عنهما (حاشية الدسوقي "4/489").
والتطبيق العملي أن نعمل مسألتين، الأولى باعتبار الخنثى المشكل ذكراً، والثانية باعتبار الخنثى المشكل أنثى، ثم نعمل مسألة جامعة لإعطاء متوسط النصيبين للخنثى المشكل وسائر الورثة، وبما أن الحاصل سينتج فيه كسر (وهو النصف) فنضرب المسألة الجامعة باثنين، فتكون السهام صحيحة، كما في الأشكال (207، 208) و(209، 210).
ونطبق ذلك على المثالين السابقين:
مات شخص عن زوجة، وأختين شقيقتين، وخنثى مشكل لأبوين، ولا تحتاج للضرب باثنين:

يعطى الخنثى المشكل وسار الورثة متوسط النصيبين حسب المذهب المالكي.

يعطى الخنثى المشكل وسائر الورثة متوسط النصيبين حسب المذهب المالكي مات شخص عن: زوجة، أب، أم، ولد خنثى مشكل:


أصل المسألتين واحد، فيكون هو الجامعة، ونضرب أصل المسألتين باثنين لاستخراج متوسط النصيبين لكل من الورثة والخنثى المشكل حسب المذهب المالكي.
المادة 360
إذا مات شخص ولم يترك أحداً من الورثة من أصحاب الفروض، والعصبات، وذوي الأرحام، والمقر له بنسب على الغير، فإن الفقهاء أعطوا هذه التركة الى بيت المال.
وقد رأى القانون أن يجعل تركة هذا الميت – الذي لا وارث له – وقفاً خيرياً باسمه، إحياء لذكراه، وليكون له الثواب الدائم بحسب أصله ملكا لله تعالى ويوزع ريعه وثمرته على الفقراء والمساكين وطلبة العلم الشرعي، وهذه الأصناف موجودة في المجتمع، وتحتاج لمد يد العون والمساعدة.
وتتولى الهيئة العامة للأوقاف النظارة والإشراف على هذا الوقف.
المادة 361
إن الميراث فريضة من الله تعالى، وقد تولى قسمته، ولم يتركه لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لحاكم، ولا للمالك نفسه.
ولكن بعض الناس من ضعاف الإيمان بالله الخالق الرازق، وممن يطمع بالمال، أو تسيطر عليه بعض الأهواء يلجأ الى التحايل على أحكام الميراث لحرمان الورثة أو بعضهم حقه الذي أعطاه الله تعالى، وذلك بالبيع الصوري لأحد الورثة أو غيره، أو بالهبة، أو بالوصية وغيرها من الأساليب.
لذلك قرر القانون حماية الورثة، والحرص على تطبيق أحكام الميراث، والمحافظة على الفرائض، فاعتبر كل تصرف مما سبق تحايلاً على الميراث، ويقع باطلاً.
المادة 362
يطبق هذا القانون على جميع الوقائع والأشخاص الذين يشملهم بما ورد فيه من أحكام بنصه وفهمه، وتلغى جميع الأحكام التي تخالفه أو تتعارض معه مهما كان مصدرها.

TempFile001.gif